مسألة ابن الهيثمابن الهيثم الملقب باسم Alhazen.
ضم المجلد الخامس من كتابه المناظر مناقشة ما هو يعرف الآن "بمسألة ابن الهيثم"، التي صاغها بطليموس للمرة الأولى عام 150م، وهي تتألف من رسم خطّين من نقطتين على سطح دائرة ليجتمعا في نقطة على محيط الدائرة، ويصنعان زاويتين متساويتين مع المستوى العمودي على السطح
عند تلك النقطة، وهو ما يشبه العثور على نقطة على حافة طاولة بلياردو
دائرية التي تستهدفها الكرة الضاربة لضرب كرة أخرى في نقطة أخرى. وبالتالي،
فإن التطبيق الرئيسي لهذه المسألة في علم البصريات هو "إذا كان لدينا مصدر
ضوء ومرآة كروية، هو كيف نحدد النقطة على المرآة التي ينعكس عليها الضوء
لعين الناظر"، وهو ما قاده إلى معادلة من الدرجة الرابعة.[14][56] قاد ذلك مصادفةً ابن الهيثم لصياغة صيغة رياضية لجمع متوالية من القوة الرابعة، باستخدام طريقة بدائية من البرهان الرياضي بالاستقراء الرياضي، فاستنتج في النهاية طريقة يمكن استخدامها بسهولة للحصول على مجموع أي متواليات من قوى أكبر.
استخدم ابن الهيثم طريقته في إيجاد مجموع متواليات القوى، لتحديد حجم سطح مكافئ من خلال التكامل. وبالتالي، تمكن من إجراء التكامل على كثيرات الحدود حتى الدرجة الرابعة، واقترب من التوصل إلى صيغة عامة للتكامل أي من كثيرات الحدود. كان ذلك أساسًا لتطوير علم تفاضل وتكامل متناهيات الصغر.[57] كما حل ابن الهيثم مسألته باستخدام الأقطاع المخروطية والإثباتات الهندسية، وعلى الرغم من أن العديد من بعده حاولوا إيجاد حلول جبرية لتلك المسائل،[58] إلا أنه لم يتم الوصول إلى الحل إلا في عام 1997 على يدي عالم الرياضيات في جامعة أكسفورد بيتر نيومان.[59]
أعمال فيزيائية أخرى الأبحاث البصريةفي كتاب المناظر، كان ابن الهيثم أول عالم يقول بأن الرؤية تحدث في
الدماغ بدلاً من العينين. وأشار إلى أن التجارب الشخصية لها تأثير على ما
يراه الناس وكيف يرونه، وأن الرؤية والتخيل أمور نسبية.[60]
إضافة إلى كتاب المناظر، كتب ابن الهيثم العديد من الأطروحات الأخرى في علم البصريات. أطروحته رسالة في الضوء كان بمثابة استكمال لكتابه المناظر، احتوت تلك الأطروحة على تحقيقات حول خصائص الإنارة والإشعاعية المشتتة خلال مختلف الوسائط الشفافة. قام ابن الهيثم أيضًا بالعديد من الفحوص التشريحية على عين الإنسان ودراسة الزيغ البصري، كما صنع أول كاميرا مظلمة والكاميرا ذات الثقب،[46] وأيضًا درس خصائص قوس قزح وكثافة الغلاف الجوي، وبحث في الظواهر السماوية المختلفة (بما في ذلك كسوف الشمس والشفق وضوء القمر). درس ابن الهيثم أيضًا الانكسار والمرايا المقعرة والكروية والعدسات المكبرة.[61]
لابن الهيثم أيضًا نظرية لشرح وهم القمر،
التي لعبت دورًا هامًا في التقاليد العلمية في أوروبا في القرون الوسطى.
كان يحاول تفسير ظاهرة ظهور القمر في الأفق القريب أكبر منه في السماء، وهو
النقاش الذي لم يتم حله حتى يومنا هذا. اعترض ابن الهيثم على نظرية
بطليموس حول الانكسار، وقال أن صورة القمر زائفة وليست حقيقية. وقال أن
الحكم على مسافة كائن يعتمد على ماهية ما هو موجود بين الكائن والرائي. وفي
حالة القمر،
لا يوجد أشياء وسيطة، لذلك، وحيث أن حجم الكائن يعتمد على بعد من يراه
عنه، وهو في هذه الحالة مسافة غير محددة، لذا يبدو القمر أكبر في الأفق.
اعتمدت أعمال من روجر باكون وجون بيكهام وويتلو على تفسير ابن الهيثم، وبدأ تقبل فكرة وهم القمر تدريجيًا كظاهرة نفسية، مع رفض نظرية بطليموس في القرن السابع عشر.[62]
في مخطوطته ميزان الحكمة ، ناقش ابن الهيثم كثافة الغلاف الجوي للأرض وربط بينه وبين الارتفاع، ودرس أيضًا الانكسار في الغلاف الجوي. اكتشف أن الشفق يبدأ أو ينتهي، عندما تكون الشمس تحت الأفق بتسع عشرة درجة، وحاول قياس ارتفاع الغلاف الجوي على هذا الأساس.[7]
الفيزياء الفلكيةفي مجال الفيزياء الفلكية والميكانيكا السماوية، ذكر ابن الهيثم في أطروحته الخلاصة في علم الفلك أن الأجرام السماوية يمكن تفسير ظواهرها قوانين الفيزياء.[63] وضم كتابه ميزان الحكمة نقااشات في الاستاتيكا والفيزياء الفلكية والميكانيكا السماوية. كما ناقش نظرية تجاذب الكتل، وكان على دراية بمقادير التسارع من مسافة ما الناتج عن الجاذبية.[61] وفي مخطوطة مقالة في قرسطون هي أطروحه حول مراكز الثقل. لا يعرف الكثير عن هذا العمل، باستثناء ما نقله عنه عبد الرحمن الخازني في القرن الثاني عشر الميلادي. في هذه المخطوطة، وضع ابن الهيثم نظرية حول أن ثقل الأجسام يختلف بحسب المسافة التي تفصلها عن مركز الأرض.[64]
وفي مخطوطة آخرى مقالة في ضوء القمر التي كتبها قبل كتابه
المناظر، كانت أول محاولة ناجحة للجمع بين علم الفلك الرياضي والفيزياء،
وفيها أقدم محاولة تطبيق المنهج التجريبي في علم الفلك والفيزياء الفلكية.
وفيها فنّد الفكرة الشائعة بأن القمر يعكس ضوء الشمس
كالمرآه، وصحح ذلك بأن "القمر يعكس الضوء من تلك الأجزاء من سطحه التي
يسقط عليها أشعة الشمس". وليثبت أن "الضوء ينبعث من كل نقطة على سطح القمر
المضيء"، صنع جهاز تجارب مبتكر.[65] وفقًا لمتياس شرام:
| وضع ابن الهيثم تصور واضح للعلاقة بين النموذج الرياضي المثالي ومنظومة الظواهر الملحوظة. فقد كان ابن الهيثم أول من استخدم طريقة تثبيت أحد المتغيرات، وتغيير باقي المتغيرات بانتظام، وذلك في تجربته لتوضيح أن كثافة بقعة الضوء التي يشكلها سقوط ضوء القمر من خلال فتحتين صغيرتين على شاشة، تقل عند حجب أحدها تدريجيًا.[65] |
|
أعماله في علم الفلك تشكيكه في نظريات بطليموسانتقد ابن الهيثم في مخطوطته شكوك على بطليموس التي نشرها بين عامي 416 هـ و419 هـ، العديد من أعمال بطليموس بما في ذلك كتبه المجسطي والكواكب المفترضة والبصريات،
مشيرًا إلى الكثير من المتناقضات التي وجدها في هذه الأعمال. اعتبر ابن
الهيثم أن بعض الأجهزة الرياضية التي استخدمها بطليموس في علم الفلك، وخاصة
الإيكوانت،
فشلت في الخصائص الفيزيائية للحركة الدائرية المنتظمة، وكتب نقدًا لاذعًا
حول الواقع المادي لنظام بطليموس الفلكي، مشيرًا إلى عبثية اقتراحه بالربط
بين الحركات الفيزيائية، والنقاط والخطوط والدوائر الرياضية الوهمية.[66]
| افترض بطليموس نظامًا لا يمكن أن يتواجد، والحقيقة أن هذا النظام الذي تخيله حول حركة الكواكب، لا يعفيه من الخطأ الذي افترضه في هذا النظام، فحركة الكواكب الموجودة لا يمكن أن تنتج وفق هذا النظام المفترض... فتصور الرجل لدائرة في السماء يدور فيها الكوكب ليست هي الدافع لحركة الكوكب.[67][68]
|
|
وجّه ابن الهيثم المزيد من الانتقادات لأعمال بطليموس سواءً بالتجربة أو الملاحظة أو الاستنباط،[69] لاستخدام بطليموس للحدس في نظرياته بدلاً من تسجيله لملاحظات حول الظواهر،
وهو ما لم يرض عنه ابن الهيثم بسبب اصراره على استخدام التجارب العلمية.
وخلافًا لبعض علماء الفلك الذين انتقدوا في وقت لاحق نظام بطليموس على أساس
كونه يتعارض مع فلسفة الفيزياء الأرسطية، كان ابن الهيثم يعارضه بملاحظاته التجاربية والتناقضات الداخلية في أعمال بطليموس.[70] وقد قال ابن الهيثم في مخطوطته، معلقًا ابن الهيثم على صعوبة تحقيق المعرفة العلمية:
| الحقيقة ذاتها تبحث عن الحقائق، المغمورة في الشكوك (مثل أعمال بطليموس الذي قال أنه يحترمه كثيرًا) وليست بمنأى عن الخطأ...[21] |
|
وقال أن نقد تلك النظريات التي تسيطر على كتاب المجسطي، سيكون لها دورًا كبيرًا في نمو المعرفة العلمية :
| إن الباحث عن الحقيقة ليس هو من يدرس كتابات القدماء، على حالتها ويضع ثقته فيها، بل هو من يُعلّق إيمانه بهم ويتساءل ما الذي جناه منهم. هو الذي يبحث عن الحجة، ولا يعتمد على أقوال إنسان طبيعته يملأها كل أنواع النقص والقصور. وبالتالي فإن من الواجب على من يحقق في كتابات العلماء، إذا كان البحث عن الحقيقة هدفه، هو أن يستنكر جميع ما يقرأه، ويستخدم عقله حتى النخاع لبحث تلك الأفكار من كل جانب. وعليه أن يتشكك في نتائج دراسته أيضًا، حتى يتجنب الوقوع في أي تحيز أو تساهل.[21] |
|
مخطوطة تكوين العالمفي مخطوطته تكوين العالم، على الرغم من انتقاداته الموجهة إلى بطليموس، تقبّل ابن الهيثم حول نظرية بطليموس حول كون الأرض مركز الكون،[71] وقدّم وصفا تفصيليا للمجالات السماوية في تلك المخطوطة :
| الأرض ككل كرة مركزها هو مركز العالم، وتتمركز في وسطه، وهي ثابتة لا تتحرك في أي إتجاه بأي نوع من الحركات، فهي دائمًا ساكنة.[72] |
|
في الوقت الذي كان فيه ابن الهيثم يحاول دراسة نظرية بطليموس تلك
رياضياتيًا، قال بأن كل من كواكب بطليموس لها فلكها الخاص بها. تُرجم هذا
العمل إلى العبرية واللاتينية في القرنين الثالث والرابع عشر الميلاديين، وكان له تأثير على علماء فلك مثل جورج فون بيورباخ[2] في أوروبا العصور الوسطى وعصر النهضة.[73][74]
نماذج حركات الكواكب السبعةكانت مخطوطته نماذج حركات الكواكب السبعة التي كتبها عام 428 هـ
عن علم الفلك. احتوت النسخة التي لا تزال باقية من هذه المخطوطة، والتي تم
اكتشافها مؤخرًا رغم فقد معظمها، لذلك لم تنشر، وكما فعل في مخطوطة شكوكه
على أعمال بطليموس. وصف ابن الهيثم أول نموذج بعد نموذج بطليموس حول حركة
الكواكب. لم تكن المخطوطة متعلقة بعلم الكون، حيث وضع فيها دراسة هندسية منهجية حول ميكانيكية الحركة، وهو ما أدى بدوره إلى تطورات مبتكرة في هندسة متناهيات الصغر.[75]
كان تجربته لنموذجه أول رفض لأفكار الإيكوانت[76] والدوائر الفلكية،[77] والفلسفة الطبيعية في علم الفلك. طرح نموذج أيضًا فكرة دوران الأرض حول محورها،[78] وأن مراكز الحركة نقاط هندسية دون دلالات مادية، مثلما أثبت يوهانس كيبلر ذلك بعد قرون.[79] وفي المخطوطة، وصف ابن الهيثم أيضًا تصوّرا مبكرا لشفرة أوكام،
حيث افترض وجود بعض الخصائص التي تميز الحركات الفلكية في حدها الأدنى، في
محاولة منه في نموذجه للكواكب لتجاهل الفرضيات الكونية التي لا يمكن
ملاحظتها من الأرض.[80]
أعمال فلكية أخرىفرّق ابن الهيثم بين علم التنجيم وعلم الفلك، وفنّد دراسة التنجيم، وذلك بسبب الأساليب التي يستخدمها المنجمون التي تعتمد على التخمين بدلاً من التجربة، ولتعارض التنجيم مع الإسلام.[81]
في كتاب المناظر، كان ابن الهيثم أول من اكتشف أن المجالات السماوية لا تتكون من أجسام صلبة. اكتشف أيضًا أن الفضاء أقل كثافة من الهواء، وهو ما أثبته بعد ذلك ويتلو، وكان لها تأثير كبير على أعمال كوبرنيكس وتيخو براهي في علم الفلك.[82]
كتب ابن الهيثم أيضًا أطروحة بعنوان في درب التبانة،[83] والذي حل فيها المسائل المتعلقة بالمجرة وتزيح درب التبانة.[75] قديمًا، اعتقد أرسطو
أن درب التبانة تكوّن نتيجة ألسنة نيران بعض النجوم الكثيرة الكبيرة
المتقاربة من بعضها البعض، وأن هذه النيران تشتعل في الجزء العلوي من
الغلاف الجوي في مجالات أقمار تلك النجوم.[84] استنكر ابن الهيثم ذلك لأنه ليس لمجرة درب التبانة تزيح، وهي بعيدة جدًا عن الأرض ولا تنتمي لغلاف الأرض الجوي.[85] وكتب أنه إذا كانت مجرة درب اللبانة تقع حول الغلاف الجوي للأرض،
"يجب على المرء أن يجد فرقًا في الموقع بالنسبة للنجوم الثابتة." ووصف
طريقتين لوصف تزيح مجرة درب اللبانة : "إما عندما يلاحظ المرء درب التبانة
في مناسبتين مختلفتين من نفس البقعة من الأرض، أو عندما ينظر أحد إليها في
وقت واحد من مكانين متباعدين فوق سطح الأرض." وقدم أول محاولة لمراقبة
وقياس تزيح مجرة درب اللبانة، وأثبت أنه ما دام ليس هناك تزيح لمجرة درب
التبانة، فهي لا تنتمي إلى الغلاف الجوي.[86]
في عام 1858م،
إدعى محمد والي بن محمد جعفر في كتابه "شجراف نامه"، أن ابن الهيثم كتب
مخطوطة مراتب السماء تصوّر فيها نموذجا للكواكب مشابه لنموذج تيخو براهي،
حيث تدور الكواكب حول الشمس والتي بدورها تدور حول الأرض. ومع ذلك، لكن
هذا التحقق من هذا الادعاء يبدو مستحيلاً، حيث لم يتم سرد مخطوطته تلك في
قائمة كتب ابن الهيثم المعروفة.[87]
أعماله في الرياضياتفي الرياضيات، اعتمد ابن الهيثم في عمله على أعمال إقليدس وثابت بن قرة. فقد وضع نظامًا للقطع المخروطي ونظرية الأعداد، والتي تعتبر من أقدم أعمال الهندسة التحليلية، وربط بين الجبر والهندسة، وهو ما استفاد منه رينيه ديكارت في تطوير الهندسة التحليلية وإسحاق نيوتن في التفاضل والتكامل.[88]
الميكانيكافي مجالات الديناميكا وعلم الحركة، ناقش ابن الهيثم مخطوطته رسالة في المكان نظريات حركة الأجسام. وأكد أن الأجسام في حركة دائمة ما لم يوقفها قوة خارجية أو يتغير اتجاهها.[61] كان هذا مماثلا لمفهوم القصور الذاتي، ولكنه لم يحقق تلك الفرضية بالتجربة. كانت إضافته الرئيسية في الميكانيكا التقليدية، تعريفه لقوة الاحتكاك، التي أثبتها جاليليو جاليلي بعد عدة قرون، وصيغت بعد ذلك في قانون نيوتن الأول للحركة. وفي نفس المخطوطة، عارض فكرة أرسطو بأن الطبيعة تمقت فراغ، واستخدم الهندسة لإثبات أن المكان هو فراغ ثلاثي الأبعاد بين الأسطح الداخلية للجسم الذي يحتويه.[89] كما اكتشف ابن الهيثم أيضًا مفهوم القوة الدافعة الذي أصبح جزءً من قانون نيوتن الثاني للحركة، في نفس الوقت تقريبًا الذي اكتشف فيه ابن سينا ذلك.[90]
وفي كتاب المناظر، وضع العديد من ملاحظات ابن الهيثم التجاربية في الميكانيكا،
وكيف استخدم نتائج تجاربه لتفسير ظواهر ضوئية معينة باستخدام القياس
الميكانيكي. أجرى ابن الهيثم تجارب باستخدام قذائف، وخلُص إلى أنه "وحدها
القذائف العمودية
القوية بما يكفي لها القدرة على اختراق الأسطح، في حين أن التي تسقط
بزاويا مائلة تحيد. فعلى سبيل المثال، لشرح الانكسار من وسط قليل الكثافة
إلى آخر أكثر كثافة وباستخدام القياس الميكانيكي، ألقى ابن الهيثم كرة حديد
على لوح صخري رقيق يغطي حفرة واسعة في صفيحة معدنية عموديًا فكسرته
واخترقت، في حين عندما ألقاها بزاوية مائلة بنفس القوة ومن نفس الارتفاع لم
تخترق". فأوضح بذلك الفارق بين الاصطدام المرن،
وغير المرن، واستخدم ابن الهيثم هذه النتيجة لشرح كيف أن الضوء الكثيف
المباشر يؤذي العينين : "بتطبيقه للقياس الميكانيكي ليبين تأثير أشعة الضوء
على العين، استخدم ابن الهيثم أشعة ضوئية قوية عمودية وأخرى ضعيفة مائلة،
ليثبت أنه وحدها الأشعة القوية التي تخرج عموديًا من كل نقطة على سطح
الكائنات المضيئة، هي القادرة على اختراق العين."[91]
الهندسةفي الهندسة، طوّر ابن الهيثم علم الهندسة التحليلية وربط بين الجبر والهندسة. كما اكتشف ابن الهيثم صيغة إضافة أول 100 عدد طبيعي، واستخدم ابن الهيثم برهانًا هندسيًا لإثبات تلك الصيغة.[92]
كانت أول محاولة لابن الهيثم لإثبات مسلمة التوازي الإقليدية والمسلمة الخامسة في كتاب العناصر لإقليدس، باستخدام البرهان بنقض الفرض،[93] حيث قدم مفهومي الحركة والتحويل في الهندسة.[94] كما اكتشف رباعي أضلاع لامبرت، الذي سماه بوريس إبراموفيتش روزنفيلد بـ "رباعي أضلاع ابن الهيثم-لامبرت"،[95] وحاول أيضًا إثبات أوجه تشابهها مع مسلمة بلاي فير.[58] كانت نظرياته حول رباعيات الأضلاع بما في ذلك رباعية لامبرت، أولى النظريات في الهندسة الإهليجية والهندسة الزائدية. هذه النظريات، إضافة إلى بدائلها المسلم بها مثل مسلمة بلاي فير، يمكن اعتبارها أول بداية للهندسة اللا إقليدية. كان لأعماله تأثيرًا كبيرًا على علماء الهندسة الفرس كعمر الخيام ونصير الدين الطوسي والأوروبيين كويتلو وجرسونيدس وجون واليس وساتشيري[96] وكريستوفر كالفوس.[97]
في الهندسة الأولية، حاول ابن الهيثم في مخطوطته مقالة في تربيع الدائرة حل مسألة تربيع الدائرة باستخدام الأشكال الهلالية، ولكنه توقف حينما وجدها مهمة مستحيلة.[14] تناول ابن الهيثم أيضًا مشاكل أخرى هندسية أولية (إقليدية) ومتقدمة (أبولونية وأرخميدية)، وكان أول من حلّ بعضها.[21]
نظرية الأعدادتضمنت اسهاماته في نظرية الأعداد أعماله حول الأعداد المثالية. وفي مخطوطته مقالة في التحليل والتركيب، كان ابن الهيثم أول من يدرك أن كل عدد مثالي له الصيغة 2ن−1(2ن − 1) حيث 2ن − 1 هو عدد أولي، لكنه لم يتمكن من إثبات هذه النتيجة بنجاح (أثبت أويلر ذلك في القرن الثامن عشر).[14]
حلّ ابن الهيثم مسائل تتضمن حالات التطابق (en) باستخدام ما يسمى الآن مبرهنة ويلسون.
وفي كتابه المناظر، قال ابن الهيثم أنه لحل نظام من التطابقات، هناك
طريقتين، "الأولى" الطريقة الكنسية مثلما ذكر ويلسون، و"الثانية" تشبه مبرهنة الباقي الصيني.[14]
أعمال أخرى علم النفسفي علم النفس والموسيقى،
كان لابن الهيثم مخطوطة حول تأثير الأنغام على أرواح الحيوانات، والتي تعد
أقدم مخطوطة تتعامل مع تأثير الموسيقى على الحيوانات. في تلك المخطوطة،
قال سرعة الجمل تزداد وتقل مع استخدام الحداء، وضرب أمثلة أخرى حول كيفية تأثير الموسيقى على سلوك الحيوان وسيكولوجيته،
وقد أجرى تجاربه على الطيور والخيول والزواحف. وحتى القرن التاسع عشر،
اعتقد معظم علماء الغرب بأن الموسيقى لها تأثير واضح على ظاهر الإنسان،
ولكن التجارب أثبتت وجهة نظر ابن الهيثم بأن الموسيقى لها تأثير على
الحيوانات أيضًا.[98] كما أكد العالم النفسي السوداني عمر خليفة أنه ينبغي اعتبار ابن الهيثم "مؤسس علم النفس التجريبي"، لعمله الرائد في علم نفس الإدراك البصري والخدع البصرية،[99] وهو أيضًا مؤسس علم النفس الفيزيقي (en)، أحد مقدمات لعلم النفس الحديث.
الهندسة المدنيةفي مجال الهندسة المدنية، يعد أهم أعماله المدنية استدعاء الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله له لتنظيم فيضان النيل في مصر. أعد ابن الهيثم دراسة علمية مفصلة حول الفيضان السنوي لنهر النيل، ورسم ابن الهيثم خطة لبناء سد، في موقع سد أسوان في العصر الحديث. وأثناء معاينته العملية للموقع لاحقًا، تبين له عدم جدوى هذا المخطط، ثم إدعى الجنون ليفلت من عقاب الخليفة.[100] كما ذكر عبد الرحمن الخازني، أن ابن الهيثم كتب أيضًا مخطوطة تُقدّم وصفًا لعمل ساعة مائية.[101]
الفلسفةفي الفلسفة، انتقد ابن الهيثم في مخطوطة رسالة في المكان مفهوم التوبوس عند أرسطو. ففي فيزياء أرسطو، ذكر أرسطو أن المكان هو الشئ ثنائي الأبعاد الساكن الذي يحتوي الجسم ويتصل به. اختلف ابن الهيثم مع ذلك، وأثبت أن المكان هو فراغ ثلاثي الأبعاد بين الأسطح الداخلية للجسم الذي يحتويه. وأوضح أن المكان أقرب إلى فضاء، مما ألقى الضوء على مفهوم المكان عند رينيه ديكارت
في القرن السابع عشر. بعد رسالة في المكان، كتب ابن الهيثم مخطوطته قول في
المكان، والتي قدّم فيها إثباتًا هندسيًا حول هندسية المكان، يعارض مفهوم
أرسطو الفلسفي حول المكان. وقد كتب عبد اللطيف البغدادي المؤيد لرأي أرسطو الفلسفي حول المكان، ردًا على تلك الفكرة بكتابه "الرد على ابن الهيثم في المكان".[89]
ناقش ابن الهيثم أيضًا تخيل الفضاء وآثاره المعرفية في كتاب المناظر. كما أدى إثباته بالتجربة لنموذج ولوج الرؤية إلى تغييرات في فهم طريقة الإدراك البصري للفضاء، على النقيض من نظرية انبعاث الرؤية السابقة التي أيدها إقليدس وبطليموس.[102]
يعتقد البعض أن نظريات ابن الهيثم حول الألم والإحساس متأثرة بالفلسفة البوذية، فقد كتب أن كل إحساس هو شكل من أشكال المعاناة، وأن ما يدعوه الناس بالألم هو مجرد مبالغة في التخيل؛ إذ لا يوجد فرق نوعي ولكن فقط فرق كمّي بين الألم والإحساس العادي.[103]
العلوم الدينيةكتب ابن الهيثم عملاً دينيًا، تطرق فيه للنبوة ووضع نظامًا ذا معايير فلسفية لمقارعة المكذبين في زمنه.[104] كما كتب مخطوطة حول "العثور على إتجاه القبلة بالحساب".[83]
وقد كتب في مخطوطته حول شكوكه فيما يتعلق ببطليموس :
| البحث عن الحقيقة في حد ذاتها أمر صعب، والطريق إلى ذلك وعر. فالحقائق يكتنفها الغموض.... الله لم يعصم العلماء من الخطأ، ولم يحم العلم من القصور والنقص. لو كان هذا هو الحال، لما اختلف العلماء على أي من مسائل العلم...[105] |
|
في مخطوطة الحركة المتعرجة ، كتب ابن الهيثم :
| مما قاله الشيخ الجليل، فمن الواضح أنه يعتقد في كل ما يقول بطليموس، دون الاعتماد على إثبات أو دليل، ولكن عن طريق التقليد الخالص. وهو ما لا يجوز إلا في إتباع سنن الأنبياء عليهم السلام، لا مع المختصين بالرياضيات.[106] |
|
وصف ابن الهيثم منهجه، فقال:
| سعيت دومًا نحو المعرفة والحقيقة، وآمنت بأني لكي أتقرب إلى الله، ليس هناك طريقة أفضل من ذلك من البحث عن المعرفة والحقيقة.[107] |
|
مؤلفاتهوفقًا لمؤرخي العصور الوسطى، كتب ابن الهيثم أكثر من 200 كتاب، وعمل على
طائفة واسعة من الموضوعات، منها ما لا يقل عن 96 عمل علمي معروف. الآن
فقدت معظم أعماله، ولكن ما زال باقيًا أكثر من 50 عمل منها، منها وخاصة في
علم البصريات ما لم يصل إلينا سوى من خلال النسخ اللاتينية. كما ترجمت كتبه
في علم الكون خلال العصور الوسطى، إلى اللاتينية والعبرية
وغيرها من اللغات. بقيت نحو نصف أعماله في الرياضيات، ونحو 23 عملا في علم
الفلك، و 14 في علم البصريات، وأعمال قليلة في موضوعات أخرى.[108]
من أعماله :[109]
- كتاب المناظر.
- مقالة في التحليل والتركيب.
- ميزان الحكمة.
- تصويبات على المجسطي.
- مقالة في المكان.
- التحديد الدقيق للقطب.
- رسالة في الشفق.
- كيفية حساب اتجاه القبلة.
- المزولة الأفقية.
- شكوك على بطليموس.
- مقالة في قرسطون.
- إكمال المخاريط.
- رؤية الكواكب.
- مقالة فی تربیع الدائرة.
- المرايا المحرقة بالدوائر.
|
- تكوين العالم.
- مقالة فی صورة ال?سوف
- مقالة في ضوء النجوم.
- مقالة في ضوء القمر.
- مقالة في درب التبانة.
- كيفيات الإظلال.
- مقالة في قوس قزح.
- الشكوك في الحركة المتعرجة.
- التنبيه على ما في الرصد من الغلط
- ارتفاعات الكواكب.
- اتجاه القبلة.
- نماذج حركات الكواكب السبعة.
[*:bf9
|
|