(( لإسلام .. والدولة المِصرية الوَليدة ))
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
- محمد منسىVIP™
- المشاركات : 3296
الحمد لله والصلاة والسلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
في سياق الحديث عن مصر المستقبل، استوقفتنى آية الأحزاب "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلْكَـٰفِرِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقِينَ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًۭا" الأحزاب 1. تأمّلت الآية الكريمة، وتوجيه الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم بالحذر من طاعة الكافرين والمنافقين. وما شدّني إلى هذه الآية هو ذلك التحذير الذي أتي في وقت ميلاد الدولة الإسلامية في المدينة، حيث انتشر فيها اليهود من أهل الكتاب، والمنافقين المناوئين لدولة الإسلام وحكم الإسلام وشرائع الإسلام.
ففي السنة الخامسة من الهجرة الشريفة، والتي تمثل إنفصالا بين قوى الشرك الخالص، وقوى الإسلام الوليد، وجد المسلمون أنفسهم في وسط معمعة تتضارب فيها العقائد والأفكار أشدّ مما تتقارع السيوف والرماح. كانت اليهود من أهل الكتاب تعيش في وسط الغالبية المسلمة، بما تحمله من كره وحقد على النبي صلى الله عليه وسلم الذي بعث من غيرهم، وعلى المسلمين الذين وضعوهم في مَكانتهم، رغم الحِرص على الوفاء لهم بعهدهم. ثم ما عدد من المشركين من عباد الإصنام والوثنيين، سواء من خارج المدينة، حيث أحاطت بهم جحافل الكفر، أو من داخلها ممن نافق وتخفّى بكفره.
كانت المدينة آنذاك تضْطَرم بالمؤامرات التي تحيكها كلّ هذه القوى المتعَاضدة ضد الإسلام. يقول سيد قطب رحمه الله في الظّلال تعليقاً على هذه الفترة: "ولهذه الفترة التي تتناولها السورة من حياة الجماعة المُسلمة سمة خاصة، فهي الفترة التي بدأ فيها بروز ملامح الشخصية المُسلمة في حياة الجماعة وفي حياة الدولة، ولم يتم استقرارها بعد ولا سيطرتها الكاملة. كالذي تم بعد فتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجا، واستتباب الأمر للدولة الإسلامية، وللنظام الإسلامي .
والسورة تتولى جانبا من إعادة تنظيم الجماعة المسلمة , وإبراز تلك الملامح وتثبيتها في حياة الأسرة والجماعة ، وبيان أصولها من العقيدة والتشريع ، كما تتولى تعديل الأوضاع والتقاليد أو إبطالها ، وإخضاعها في هذا كله للتصوّر الإسلامي الجديد. وفي ثنايا الحديث عن تلك الأوضاع والنظم يرد الحديث عن غزوة الأحزاب , وغزوة بني قريظة , ومواقف الكفار والمنافقين واليهود فيهما , ودسائسهم في وسط الجماعة المسلمة، وما وقع من خلخلة وأذى بسبب هذه الدسائس وتلك المواقف. كما تعرض بعدها دسائسهم وكيدهم للمسلمين في أخلاقهم وآدابهم وبيوتهم ونسائهم."
ومن هنا برزت أهمية التأكيد على عدم الإلتفات إلى ما يشيعه الكفار، من أهل الكتاب، والمنافقين من مُشوّشات للفِكرة الإسلامية الصّافية، ومُعكراتٍ للتطبيق الإسلاميّ الصحيح، وإلى مداومة السير على السنة النبوية في الحذر من إختلاط المفاهيم وتدليس الأسماء والمسميات، فإن في السمع لهؤلاء جرمٌ مضاعف، جرم السماع، ثم جرم الإتباع إن حصل.
وقد يهيأ للبعض أن هناك مسافة من السماح يمكن للمُسلم أن يتحرك فيها تقارباٌ مع "الكافرين والمنافقين"، خاصة في دولة ضعيفة وليدة، تأمل أن تجد المساعدة من أي جهة كانت ، ومن أى طريق جاءت، لكن أمر الإسلام، أمرٌ مخالف لمثل هذا التحسس والتدسس. فكان أمر الله سبحانه بالثبات على المفارقة التامة في المفاهيم والأفكار والمُصطلحات، التي تشبّه عليهم الطُرق، وتطبب الموازين، وتشوش على الحق بالباطل، وتخلط صفاء الصالح بالعاطل.
تلك الزوائد الدودية الفكرية، التي تنعت نفسها بالفكر، تدليساً وإغتصاباً، هى نتاج طبيعيّ لقوى الشر التي تتربص بالخير القادم، وتنشط لصدّ الحق الزاحِف، في أي مُجتمع ساد فيه الباطل وعشّش، ثم إذا بالنور يأتي وينتشر. فكما حدث ذلك في دولة المدينة الوليدة، نراه يتكرر في دولة مصر، التي ما أن رفع ابناؤها الغشاء عن البلاء، بالثورة عليه، حتى تمغصت حياة قوى الظلام من الكافرين، سواءً العلمانيين اللادينيين، أو أهل الكتاب من العملاء للقوى الخارجية الذين يهيجون الغرب على مصر، أو المنافقين الذين يتدسّسون الآن بين المسلمين، يحاولون أن يغيروا "لغة الخطاب" للعامة، حتى يكون كفرهم أكثر قبولاً وأنقع سمّاً.
ليس عجباً أن الميلاد يختلط فرحه بالدم والبكاء، وببقايا الفساد المتراكم في الباطن، تزحف خارجة من وكرها، تلطخ وجه الوليد، وتكسيه الدماء والمخاط، وكأنها المحاولة الأخيرة لإفساد الفرح بقدوم الوليد، الذي ما أن يتطهر من هذا القَذر الملمّ، تجلى لأهله ما فيه من بديع صنع الله.
وعلى المسلمين اليوم أن يطهروا وليدهم، ويحذَروا من هؤلاء الكفار والمنافقين، فإنهم من الخطر بمكانٍ أن أنزل الله في خطرهم وحياً يُتلى، يُرجع اليه في كلّ عصر، فطبيعة هؤلاء لا تتبدل ولا تتحول، إنما ما يتبدل ويتحول هو رد فعل المسلمين على التدسس والتحسس والخداع والتدليس والنفاق، منهم من يخيل عليهم فيستمعوا، بل ويجاروا، ومنهم من يرى الباطل عارياً مجرداً من الحياء، فيقف له بالمرصاد.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاّ، وإن تشبه بالحق، وارزقنا اجتنابه.
في سياق الحديث عن مصر المستقبل، استوقفتنى آية الأحزاب "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلْكَـٰفِرِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقِينَ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًۭا" الأحزاب 1. تأمّلت الآية الكريمة، وتوجيه الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم بالحذر من طاعة الكافرين والمنافقين. وما شدّني إلى هذه الآية هو ذلك التحذير الذي أتي في وقت ميلاد الدولة الإسلامية في المدينة، حيث انتشر فيها اليهود من أهل الكتاب، والمنافقين المناوئين لدولة الإسلام وحكم الإسلام وشرائع الإسلام.
ففي السنة الخامسة من الهجرة الشريفة، والتي تمثل إنفصالا بين قوى الشرك الخالص، وقوى الإسلام الوليد، وجد المسلمون أنفسهم في وسط معمعة تتضارب فيها العقائد والأفكار أشدّ مما تتقارع السيوف والرماح. كانت اليهود من أهل الكتاب تعيش في وسط الغالبية المسلمة، بما تحمله من كره وحقد على النبي صلى الله عليه وسلم الذي بعث من غيرهم، وعلى المسلمين الذين وضعوهم في مَكانتهم، رغم الحِرص على الوفاء لهم بعهدهم. ثم ما عدد من المشركين من عباد الإصنام والوثنيين، سواء من خارج المدينة، حيث أحاطت بهم جحافل الكفر، أو من داخلها ممن نافق وتخفّى بكفره.
كانت المدينة آنذاك تضْطَرم بالمؤامرات التي تحيكها كلّ هذه القوى المتعَاضدة ضد الإسلام. يقول سيد قطب رحمه الله في الظّلال تعليقاً على هذه الفترة: "ولهذه الفترة التي تتناولها السورة من حياة الجماعة المُسلمة سمة خاصة، فهي الفترة التي بدأ فيها بروز ملامح الشخصية المُسلمة في حياة الجماعة وفي حياة الدولة، ولم يتم استقرارها بعد ولا سيطرتها الكاملة. كالذي تم بعد فتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجا، واستتباب الأمر للدولة الإسلامية، وللنظام الإسلامي .
والسورة تتولى جانبا من إعادة تنظيم الجماعة المسلمة , وإبراز تلك الملامح وتثبيتها في حياة الأسرة والجماعة ، وبيان أصولها من العقيدة والتشريع ، كما تتولى تعديل الأوضاع والتقاليد أو إبطالها ، وإخضاعها في هذا كله للتصوّر الإسلامي الجديد. وفي ثنايا الحديث عن تلك الأوضاع والنظم يرد الحديث عن غزوة الأحزاب , وغزوة بني قريظة , ومواقف الكفار والمنافقين واليهود فيهما , ودسائسهم في وسط الجماعة المسلمة، وما وقع من خلخلة وأذى بسبب هذه الدسائس وتلك المواقف. كما تعرض بعدها دسائسهم وكيدهم للمسلمين في أخلاقهم وآدابهم وبيوتهم ونسائهم."
ومن هنا برزت أهمية التأكيد على عدم الإلتفات إلى ما يشيعه الكفار، من أهل الكتاب، والمنافقين من مُشوّشات للفِكرة الإسلامية الصّافية، ومُعكراتٍ للتطبيق الإسلاميّ الصحيح، وإلى مداومة السير على السنة النبوية في الحذر من إختلاط المفاهيم وتدليس الأسماء والمسميات، فإن في السمع لهؤلاء جرمٌ مضاعف، جرم السماع، ثم جرم الإتباع إن حصل.
وقد يهيأ للبعض أن هناك مسافة من السماح يمكن للمُسلم أن يتحرك فيها تقارباٌ مع "الكافرين والمنافقين"، خاصة في دولة ضعيفة وليدة، تأمل أن تجد المساعدة من أي جهة كانت ، ومن أى طريق جاءت، لكن أمر الإسلام، أمرٌ مخالف لمثل هذا التحسس والتدسس. فكان أمر الله سبحانه بالثبات على المفارقة التامة في المفاهيم والأفكار والمُصطلحات، التي تشبّه عليهم الطُرق، وتطبب الموازين، وتشوش على الحق بالباطل، وتخلط صفاء الصالح بالعاطل.
تلك الزوائد الدودية الفكرية، التي تنعت نفسها بالفكر، تدليساً وإغتصاباً، هى نتاج طبيعيّ لقوى الشر التي تتربص بالخير القادم، وتنشط لصدّ الحق الزاحِف، في أي مُجتمع ساد فيه الباطل وعشّش، ثم إذا بالنور يأتي وينتشر. فكما حدث ذلك في دولة المدينة الوليدة، نراه يتكرر في دولة مصر، التي ما أن رفع ابناؤها الغشاء عن البلاء، بالثورة عليه، حتى تمغصت حياة قوى الظلام من الكافرين، سواءً العلمانيين اللادينيين، أو أهل الكتاب من العملاء للقوى الخارجية الذين يهيجون الغرب على مصر، أو المنافقين الذين يتدسّسون الآن بين المسلمين، يحاولون أن يغيروا "لغة الخطاب" للعامة، حتى يكون كفرهم أكثر قبولاً وأنقع سمّاً.
ليس عجباً أن الميلاد يختلط فرحه بالدم والبكاء، وببقايا الفساد المتراكم في الباطن، تزحف خارجة من وكرها، تلطخ وجه الوليد، وتكسيه الدماء والمخاط، وكأنها المحاولة الأخيرة لإفساد الفرح بقدوم الوليد، الذي ما أن يتطهر من هذا القَذر الملمّ، تجلى لأهله ما فيه من بديع صنع الله.
وعلى المسلمين اليوم أن يطهروا وليدهم، ويحذَروا من هؤلاء الكفار والمنافقين، فإنهم من الخطر بمكانٍ أن أنزل الله في خطرهم وحياً يُتلى، يُرجع اليه في كلّ عصر، فطبيعة هؤلاء لا تتبدل ولا تتحول، إنما ما يتبدل ويتحول هو رد فعل المسلمين على التدسس والتحسس والخداع والتدليس والنفاق، منهم من يخيل عليهم فيستمعوا، بل ويجاروا، ومنهم من يرى الباطل عارياً مجرداً من الحياء، فيقف له بالمرصاد.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاّ، وإن تشبه بالحق، وارزقنا اجتنابه.
(( إن لم يكن شعري كعهدي به
فحسنك الشعر الذي أهوي ))
م . منسي
فحسنك الشعر الذي أهوي ))
م . منسي
- Torky
عضو مجتهد
- المشاركات : 82
جميل جدا يا باشا تسلم ايدك
- زائرزائر
جزاك الله خيرا مشكووور على المعلومات القيمة
للمشاركة انت بحاجه الى تسجيل الدخول او التسجيل
يجب ان تعرف نفسك بتسجيل الدخول او بالاشتراك معنا للمشاركة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى