اغتصاب مصر..
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
- محمد منسىVIP™
- المشاركات : 3296
اغتصاب مصر..
ذُهلت، كما ذُهل الكثير، عندما سمعت ما خرج من مجلس الشورى عن «مسؤولية» بعض نساء مصر عن الجريمة التى لحقت بهن. كان المنطق المعكوس- بصرف النظر عن المعنى القانونى الذى يجب أن يعيه أى مجلس يسمى بـ«التشريعى»- فعلاً مذهلاً.. الضحية أصبحت متهمة، و«الفضيحة» مضاعة، واتضح قطعياً أن الأفكار المتصلبة، عند استيطانها طفيلياً صلب النخاع، تُعمى الشخص المصاب عن أبسط الاستنتاجات السببية، وتسلبه أى حس أخلاقى فطرى.
كيف صار هؤلاء «أغلبية»؟ لأن «الصناديق» انبهجت ببريق الشعارات ولم تنتبه لطاقتها المدمرة حين تصبح جزءاً من غاية، ويوجد من يستخدمها مضللاً أداة تعطى معنى لحياته، فيسخّرها منفعياً على حساب من اختاره، ويدخل هو ومن انتخبه فى حلقة مفرغة تنتهى- عند استنزاف إمكانية الالتفاف- بنبذ أبسط بديهيات المنطق الذى توج الله به الإنسان، حتى إذا تمسك ظاهرياً بأنه موكل بفرض حكمة الله فى الكون، وموكل بتطبيق «شرع الله» على بقية البشر.. فإذا اعتقد ذلك فإن رغبته فى تطبيق اعتقاده «الإصلاحى» المطلق تفرض عليه إقصاء وتجريم ما هو مغاير، ومن ثم النزعة الإجرامية المصاحبة حتمياً.
هكذا كان الحال بالنسبة للنواب البؤساء ممن يتبنون هذا النهج.. ففى نظرهم «نساء الثورة» لم يكنَّ رمزاً لـ«الثورة» إنما لكل ما هو مغاير ومنحرف عن صحيح الحياة.. لذلك هناك طريقة ساطعة فى بساطتها لفهم منطلق ذلك المجلس فى إعادة توجيه الجرم نحو الضحية فى حالات الاغتصاب الجماعى؛ فالمجلس يريد تجريد هذا الجزء المهم من «الثورة» من قوته الدافعة، متآمراً هكذا ضمنياً مع من قاموا بالاعتداء، ليس لأن المجلس «ضد الثورة»، لكن- وبكل بساطة- لأن معظم أعضائه يتبنون نظرة «شمولية» للعالم، ينتج عنها عنف فكرى ولفظى وفعلى.
ولأن «نساء التحرير» لا يمتثلن لمقومات هذه النظرة الأيديولوجية الجامدة القاسية، والقيم والأخلاقيات المجتمعية والسياسية المرجاة منها والنابعة منها، فهؤلاء النساء يقعن خارج «الإجماع» ولذلك يُحلُّ «شرع الله» اغتصابهن.. هكذا صار منطق معظم أعضاء مجلس الشورى، فخرجت عنهم تلقائياً تلك التصريحات الصادمة، تصريحات نابعة من منطق مغلوط ومريب.
هذا «المنطق» الإقصائى لا يهاجم «النساء الثوريات» فحسب، فهن لسن وحدهن المهددات بالعرى دون حماية، بل يهاجم أيضاً أجزاء شاسعة من المجتمع، ولذلك قد تستحق فى نظر مجلس الشورى ورفاقه تحمّل «حد الإقصاء» مستقبلياً.. وبقوة القانون، إذا تمكن المشرع المسيطر حالياً على المجلس المشؤوم من مقاليد الدولة أكثر.. فهناك فئات عدة ستقع خارج نطاق «المقبول»، وسأترك للقارئ تخيل نوعيتها، هناك فئات كثيرة ستتحول لمجاميع «فاجرة ومجرمة ومنحلة».. لأن طرق التهميش معروفة تاريخياً، وسأترك للقارئ سرد الأمثلة، وخطر إبادة الملايين باسم «أفكار نبيلة»، لا تخشى تخطى الأخلاقيات فى سبيل تحقيق هدفها الأسمى، أساسه السيطرة، فى إطار مريض يمزج المثالية بحب التملك، ويدفع نحو «تنقية المجتمع» من كل ما هو مخالف.
لكن هل سبيل مصر الحالى يذهب حتمياً فى هذا الاتجاه؟ لا أعتقد.. لأن انعدام مصداقية الجماعة الحاكمة، حتى مع نفسها، وفقرها الفكرى المفزع يؤديان لطغيان الشق النفعى من معادلة النهج الشمولى، فيندرج التخبط والضعف العملى.. فالجماعة الحاكمة الآن فى مصر متصلبة كالمومياء الأثرية، لأنها تخطت مرحلتها الثورية قبل الوصول للحكم بعقود، وتحاول حالياً فرض الحكم الراكد، الذى يلى الشمولية الثورية.. أى أنها قفزت مرة واحدة لمرحلة التسلطية البيروقراطية التى تخلف الحكم الشمولى الثورى.
للتوضيح، إذا أردنا المقارنة بالأنظمة الشمولية كالشيوعية سنجد أننا قفزنا فوراً فى مصر لعهد «بريجنيف» المتحجر العاجز، وتخطينا- لحسن الحظ!- عهد «ستالين» الثورى المذبحى.. بل روسيا بريجنيف نفسها غائبة عن المنظر المصرى،، ولا أجد سماتها من جمود ويأس منظم، بل أجد حراكاً رهيباً يصعب إسكاته فى مصر الآن.. يبدو إذن أن هناك قوة دافعة كافية لصد المد الشمولى.. لكن هل سيكون التحول المصرى نحو روسيا بوتين، أم للأسوأ من ذلك؟
الفوضى أنواع: منها النابع من أهواء الحاكم وجماعته، ومنها الناتج عن فشل سيطرة تيار شمولى فى ظل غياب بديل منظم. فى ظل عجز الجماعة الحاكمة ستظل مصر غارقة فى عمق «الشمولية المجهضة» ومسار الدولة الفاشلة، حتى ظهور بديل مقنع سياسياً واجتماعياً، ومتبنٍ لنهج أخلاقى مجدٍ.
كيف صار هؤلاء «أغلبية»؟ لأن «الصناديق» انبهجت ببريق الشعارات ولم تنتبه لطاقتها المدمرة حين تصبح جزءاً من غاية، ويوجد من يستخدمها مضللاً أداة تعطى معنى لحياته، فيسخّرها منفعياً على حساب من اختاره، ويدخل هو ومن انتخبه فى حلقة مفرغة تنتهى- عند استنزاف إمكانية الالتفاف- بنبذ أبسط بديهيات المنطق الذى توج الله به الإنسان، حتى إذا تمسك ظاهرياً بأنه موكل بفرض حكمة الله فى الكون، وموكل بتطبيق «شرع الله» على بقية البشر.. فإذا اعتقد ذلك فإن رغبته فى تطبيق اعتقاده «الإصلاحى» المطلق تفرض عليه إقصاء وتجريم ما هو مغاير، ومن ثم النزعة الإجرامية المصاحبة حتمياً.
هكذا كان الحال بالنسبة للنواب البؤساء ممن يتبنون هذا النهج.. ففى نظرهم «نساء الثورة» لم يكنَّ رمزاً لـ«الثورة» إنما لكل ما هو مغاير ومنحرف عن صحيح الحياة.. لذلك هناك طريقة ساطعة فى بساطتها لفهم منطلق ذلك المجلس فى إعادة توجيه الجرم نحو الضحية فى حالات الاغتصاب الجماعى؛ فالمجلس يريد تجريد هذا الجزء المهم من «الثورة» من قوته الدافعة، متآمراً هكذا ضمنياً مع من قاموا بالاعتداء، ليس لأن المجلس «ضد الثورة»، لكن- وبكل بساطة- لأن معظم أعضائه يتبنون نظرة «شمولية» للعالم، ينتج عنها عنف فكرى ولفظى وفعلى.
ولأن «نساء التحرير» لا يمتثلن لمقومات هذه النظرة الأيديولوجية الجامدة القاسية، والقيم والأخلاقيات المجتمعية والسياسية المرجاة منها والنابعة منها، فهؤلاء النساء يقعن خارج «الإجماع» ولذلك يُحلُّ «شرع الله» اغتصابهن.. هكذا صار منطق معظم أعضاء مجلس الشورى، فخرجت عنهم تلقائياً تلك التصريحات الصادمة، تصريحات نابعة من منطق مغلوط ومريب.
هذا «المنطق» الإقصائى لا يهاجم «النساء الثوريات» فحسب، فهن لسن وحدهن المهددات بالعرى دون حماية، بل يهاجم أيضاً أجزاء شاسعة من المجتمع، ولذلك قد تستحق فى نظر مجلس الشورى ورفاقه تحمّل «حد الإقصاء» مستقبلياً.. وبقوة القانون، إذا تمكن المشرع المسيطر حالياً على المجلس المشؤوم من مقاليد الدولة أكثر.. فهناك فئات عدة ستقع خارج نطاق «المقبول»، وسأترك للقارئ تخيل نوعيتها، هناك فئات كثيرة ستتحول لمجاميع «فاجرة ومجرمة ومنحلة».. لأن طرق التهميش معروفة تاريخياً، وسأترك للقارئ سرد الأمثلة، وخطر إبادة الملايين باسم «أفكار نبيلة»، لا تخشى تخطى الأخلاقيات فى سبيل تحقيق هدفها الأسمى، أساسه السيطرة، فى إطار مريض يمزج المثالية بحب التملك، ويدفع نحو «تنقية المجتمع» من كل ما هو مخالف.
لكن هل سبيل مصر الحالى يذهب حتمياً فى هذا الاتجاه؟ لا أعتقد.. لأن انعدام مصداقية الجماعة الحاكمة، حتى مع نفسها، وفقرها الفكرى المفزع يؤديان لطغيان الشق النفعى من معادلة النهج الشمولى، فيندرج التخبط والضعف العملى.. فالجماعة الحاكمة الآن فى مصر متصلبة كالمومياء الأثرية، لأنها تخطت مرحلتها الثورية قبل الوصول للحكم بعقود، وتحاول حالياً فرض الحكم الراكد، الذى يلى الشمولية الثورية.. أى أنها قفزت مرة واحدة لمرحلة التسلطية البيروقراطية التى تخلف الحكم الشمولى الثورى.
للتوضيح، إذا أردنا المقارنة بالأنظمة الشمولية كالشيوعية سنجد أننا قفزنا فوراً فى مصر لعهد «بريجنيف» المتحجر العاجز، وتخطينا- لحسن الحظ!- عهد «ستالين» الثورى المذبحى.. بل روسيا بريجنيف نفسها غائبة عن المنظر المصرى،، ولا أجد سماتها من جمود ويأس منظم، بل أجد حراكاً رهيباً يصعب إسكاته فى مصر الآن.. يبدو إذن أن هناك قوة دافعة كافية لصد المد الشمولى.. لكن هل سيكون التحول المصرى نحو روسيا بوتين، أم للأسوأ من ذلك؟
الفوضى أنواع: منها النابع من أهواء الحاكم وجماعته، ومنها الناتج عن فشل سيطرة تيار شمولى فى ظل غياب بديل منظم. فى ظل عجز الجماعة الحاكمة ستظل مصر غارقة فى عمق «الشمولية المجهضة» ومسار الدولة الفاشلة، حتى ظهور بديل مقنع سياسياً واجتماعياً، ومتبنٍ لنهج أخلاقى مجدٍ.
(( إن لم يكن شعري كعهدي به
فحسنك الشعر الذي أهوي ))
م . منسي
فحسنك الشعر الذي أهوي ))
م . منسي
مواضيع مماثلة
للمشاركة انت بحاجه الى تسجيل الدخول او التسجيل
يجب ان تعرف نفسك بتسجيل الدخول او بالاشتراك معنا للمشاركة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى