ALL-UP
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ALL-UP


 
أحدث الصورأحدث الصور  الرئيسيةالرئيسية  س .و .جس .و .ج  بحـثبحـث  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
خادم Discord

 

 : الرجل الذى غَنَّيَ.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد منسى
المدير العام™
المدير العام™
محمد منسى


نشاط العضو نشاط العضو : 5914

:   الرجل الذى غَنَّيَ. Empty
مُساهمةموضوع: : الرجل الذى غَنَّيَ.   :   الرجل الذى غَنَّيَ. Emptyالإثنين 3 ديسمبر 2018 - 21:46

 الرجل الذى غَنَّيَ.


فى وقتٍ كان فيه العالم خاليًا من الشوارع والبيوت.. يبنى البشر شوارعهم وبيوتهم معًا طوال اليوم، ليلاً ونهارًا، يأكلون ويشربون ويضحكون معًا، يتعبون فيستلقون على الأرض بجوار بعضهم بعضًا كأنهم جسد واحد بلا نهاية، تتفرَّع منه أذرع، رؤوس، سيقان، وتنبض فيه قلوب كثيرة، تستلقى مشاعرهم أيضًا إلى جوارهم، كأن الإنسانية كفكرة طيِّبة بطبيعتها قد تجسَّدَتْ واسترخَتْ هناك، لتعيش واحدة من أجمل لحظات وجودها.


ينهضون من جديد لبناء عالمهم، يريدون مواصلة العمل لوقت أطول، لكنهم ربما يحتاجون إلى تفصيلة صغيرة، شيئًا صغيرًا عبقريًّا يُنسيهم التعب، ويُحلِّق بأجسادهم وأرواحهم.


وفى ليلة، بينما يبنون شارعًا طويلاً، توقف أحدهم عن العمل، تطلَّع إلى الخَطّ البشريّ الممتد، ابتسمَ لهذا المشهد العبقرى، سَمِع صوتًا يأتيه من بعيد، وفى الوقت نفسه يصعد من داخله، كان مثل غناءٍ بطريقة خاصة، حماسيّ، قويّ، حنون، مُبْهِج، وبه لمسة من شجن.


«كل هذه المشاعر؟»، هَمَسَ الرجل لنفسه، ظَلَّ الصوت المُغنِّيِ يقترب منه، ويتصاعد بداخله حتى شَعَرَ أن قلبه امتلأ به، ثم وَجَدَ نفسه يُغَنِّى.


سَمِعَه الجميع من أول كلمة، توقفوا وتطلَّعوا إليه، استمرَّ فى غنائه وهو ينقل عينيه بينهم، كلماته مشتعلة، مُبْتَسِمة، وإنسانيَّة، تخرج كل كلمة من روحه وقلبه، وتلمس وترًا إنسانيًّا داخل كل واحد منهم، فترتعش قلوبهم، حتى اكتَمَلَتْ رَعْشَتَهم، وامتلأتْ أرواحهم بالنَغَم الإنسانى.


ابتسموا لهذا الشعور العبقرى الذى ملأهم، وعادوا إلى عملهم: بِناء العالم.


بدأ الرجل يتحرك بينهم وهو يُغنِّيِ بإيقاعٍ معين، يُكرِّر كلمات، يعلو ويهبط بصوته، يضرب الأرض بقدمه مرة، أو يُصفِّق مرة، حتى بدؤوا يتجاوبون معه، فيكرِّرون كلمة معينة وسط كلمات أغانيه، أو يهتفون بمفردات ربما تكون حرفًا أو اثنين، وليست كلمات بالمعنى بالمعروف، لكنها ملأى بالمشاعر، خاصة عندما تُنطَق بطريقة معينة، «ها، هه، ها، هه»، وغيرها، كان إيقاعه يُحَمِّسُ الأرض والسماء للعمل معهم.


بمرور الوقت يعرف أسماءهم، فيذكُرُها ضِمْن أغانيه، يُشْعِل هذا أرواحهم، لم يكن يتوقف ليأكل أو يشرب، فقط يُغنِّى، تأتيه الأغانى من قلبه، والروح الإنسانية التى يراها حوله فى كل واحدٍ منهم، صاروا يحفظون أغانيه، حتى لو أنهم يسمعونها للمرة الأولى، ويعرفون بشكل تلقائى الكلمة الخاصة التى سيردِّدونها معه أو خلفه.


يمشى الرجل فى العالم بين بشر يبنون، يزرعون، يحصدون، يُغنِّىِ لهم، صار يعرف أسماءهم بمجرد النظر إليهم، فقط يُمرِّر عينيه على المئات فيعرف أسماءهم دفعة واحدة، ثم لم يَعُد فى حاجة لأن يُمرِّر عينيه على أحد ليعرف اسمه، الجميع يسمعون صوته، حتى لو بينهم وبينه بِحار وصحارى، يُسعده أن يرى ذلك الوَهَج فى عيونهم وأجسادهم، يَشُمُّ رائحتهم الإنسانية، ويتأمَّلها بحب وإعجاب.


يتأمَّلُ الرائحة الإنسانية وهى تتصاعد منهم، شفَّافة، ومرئية، يُمرِّر يده خلالها، ويشعر بملمسها النقيّ، كأنها روح أرواحهم.


الرائحة الإنسانية، وأفضل أوقات ظهورها هى التجمُّعات البشرية الكبيرة، بشر يشتركون جميعًا فى عمل طيِّب، لا يهتمون بأن يعرفوا أسماء بعضهم بعضًا، ولا من أين جاء أيّ واحد منهم، لا يهتم أحدهم بمعرفة شىء عن أخيه، «أخيه»، هكذا لا بد أن يشعروا تجاه بعضهم بعضًا كى تظهر رائحتهم الإنسانية، يتفانون فى ذلك الشيء الطيِّب، وكلٌ منهم يفعله بالأساس لأجل «أخيه»، فتبقى الروح حيَّة كما هو مُتَوقَّعٌ منها، يتجاوز الجسد فكرة الفناء، يكون كل شيء نقيًّا، مرئيًّا، وملموسًا لكن لا يمكن القبض عليه، يمكن للبشر وقتها أن يروا رائحتهم الإنسانية وهى تتصاعد منهم، مثلما يتصاعد البخار الرهيف من النباتات فى الصباح الباكر، دون أن يكون معروفًا أيّ نَفَسٍ يتصاعد من أيّ نبات، تُغطِّيهم هذه السحابة الكبيرة بغطاء شفاف يجمعهم معًا، الرائحة الإنسانية، يشعر بها كلٌ منهم وهى تتصاعد منه ومن الجميع فى اللحظة ذاتها، كأنهم إنسان واحد، عندها يكون الكون فى واحدة من أرقى حالات الحب والنقاء.


أَطلقوا على الرجل لقب «الرجل الذى غنَّيَ»، يُغنِّيِ لهم جميعًا، فيشعر كل واحدٍ منهم أنه قادر على أن يبنى العالم وحده، يزرعه وحده، يُلوِّنه وحده، فى الوقت نفسه يشعر أن كل البشر يبنون معه، يزرعون معه، ويُلوِّنون معه.


صار ما فَعَلَه «الرجل الذى غنَّيَ» شيئًا أساسيًا فى روح العالم، هناك مَنْ يُغنِّيِ للصيَّادين فى البحار والأنهار، للبنَّائين البُسَطاء، عُمَّال السكك الحديدية الذين يَمدُّون المسافات الطويلة للقطارات، مَنْ يحفرون الأرض للحصول على الماء، ومَنْ يُكَسِّرون الجبال، عُمَّال المناجم، والأنفاق، الزرَّاعون، الحَصَّادون، وكل الأعمال التى تُعَمِّر العالم، وتعتمد بالأساس على الجوهَر الإنسانى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
: الرجل الذى غَنَّيَ.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» إلى الذى سأل أين الله
» الرجل صالح
» تاريخ اللاعب الذى حصل على انذار واحد طوال تاريخه وجميع اهدافه..محمود الخطيب
» حصريا عملاق ضغط الملفات الذى يستخدمه الملايين WinRAR 3.90 Beta 5 كامل مع كيجين التفعيل
» علي مزيكا ايجي انفراد تام مع القاموس الاسطورى الذى يقوم بترجمه جمل كامله من و الى 41 لغه مختلفه Ace Translator +الكراك

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ALL-UP ::  القسم العام :: المنتدى المفتوح :: المنتدى الكتابى-
انتقل الى: