تعالى اشطفها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تاريخ ابن خلدون

صفحة 19 من اصل 20 الصفحة السابقة  1 ... 11 ... 18, 19, 20  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 4 مايو 2008 - 0:04

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

بسم الله الرحمن الرحيم



تمهيـــد
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه الغني بلطفه عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي وفقه الله تعالى‏:‏ الحمد لله الذي له العزة والجبروت وبيده الملك والملكوت وله الأسماء الحسنى والنعوت العالم فلا يعزب عنه ما تظهره النجوى أو يخفيه السكوت القادر فلا يعجزه شي في السماوات والأرض ولا يفوت‏.‏ أنشأنا من الأرض نسماً واستعمرنا فيها أجيالاً وأمماً ويسر لنا منها أرزاقاً وقسماً‏.‏ تكنفنا الأرحام والبيوت ويكفلنا الرزق والقوت وتبلينا الأيام والوقوت وتعتورنا الآجال التي خط علينا كتابها الموقوت وله البقاء والثبوت وهو الحي الذي لا يموت والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد النبي الأمي العربي المكتوب في التوراة والإنجيل المنعوت الذي تمخض لفصاله الكون قبل ان تتعاقب الآحاد والسبوت ويتباين زحل واليهموت وشهد بصدقه الحمائم والعنكبوت وعلى آله وأصحابه الذين لهم في محبته واتباعه الأثر البعيد والصيت والشمل الجميع في مظاهرته ولعدوهم الشمل الشتيت صلى الله عليه وعليهم ما اتصل بالإسلام جده المبخوت وانقطع بالكفر حبله المبتوت وسلم كثيراً‏.‏ أما بعد فإن فن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم والأجيال وتشد إليه الركائب والرحال وتسمو إلى معرفته السوقة والأغفال وتتنافس فيه الملوك والأقيال ويتساوى في فهمه العلماء والجهال إذ هو في ظاهره لا يزيد على إخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأول تنمو فيها الأقوال وتضرب فيها الأمثال وتطرف بها الأندية إذا غصها الاختفال وتؤدي إلينا شأن الخليقة كيف تقلبت بها ألاحوال واتسع للدول فيها النطاق والمجال وعمروا الأرض حتى نادى بهم الارتحال وحان منهم الزوال وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومباديها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق وجدير بأن يعد في علومها وخليق‏.‏ وإن فحول المؤرخين في الإسلام قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها وسطروها في صفحات الدفاتر وأودعوها وخلطها المتطفلون بدسائس من الباطل وهموا فيها أو ابتدعوها وزخارف من الروايات المضعفة لفقوها ووضعوها واقتفى تلك الآثار الكثير ممن بعدهم واتبعوها‏.‏ وأدوها إلينا كما سمعوها ولم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها ولا رفضوا ترهات الأحاديث ولا دفعوها فالتحقيق قليل وطرف التنقيح في الغالب كليل والغلط والوهم نسيب للأخبار وخليل والتقليد عريق في الآدميين وسليل والتطفل على الفنون عريض وطويل ومرعى الجهل بين الأنام وخيم وبيل‏.‏ والحق لا يقاوم سلطانه والباطل يقذف بشهاب النظر شيطانه والناقل إنما هو يملي وينقل والبصيرة تنقد الصحيح إذا تمقل والعلم يجلو لها صفحات الصواب ويصقل‏.‏ هذا وقد دون الناس في الأخبار وأكثروا وجمعوا تواريخ الأمم والدول في العالم وسطروا‏.‏ والذين ذهبوا بفضل الشهرة والأمانة المعتبرة واستفرغوا دواوين من قبلهم في صحفهم المتأخرة هم قليلون لا يكادون يجاوزون عدد الأنامل ولا حركات العوامل مثل ابن إسحاق والطبري وابن الكلبي ومحمد بن عمر الواقدي وسيف بن عمر الأسدي والمسعودي وغيرهم من المشاهير المتميزين عن الجماهير وإن كان فى كتب المسعودي والواقدي من المطعن والمغمز ما هو معروف عند الأثبات ومشهور بين الحفظة الثقات إلا أن الكافة اختصتهم بقبول أخبارهم واقتفاء سننهم في التصنيف واتباع آثارهم والناقد البصير قسطاس نفسه في تزييفهم فيما ينقلون‏.‏ أو اعتبارهم فللعمران طبائع في أحواله ترجع إليها الأخبار وتحمل عليها الروايات والآثار‏.‏ ثم إن أكثر التواريخ لهؤلاء عامة المناهج والمسالك لعموم الدولتين صدر الإسلام في الآفاق والممالك وتناولها البعيد من الغايات في المآخذ والمتارك‏.‏ ومن هؤلاء من استوعب ما قبل الملة هن الدول والأمم والأمر العمم كالمسعودي ومن نحا منحاه‏.‏ وجاء من بعدهم من عدل عن الإطلاق إلي التقييد ووقف في العموم والإحاطة عن الشأو البعيد فقيد شوارد عصره واستوعب أخبار أفقه وقطره واقتصر على أحاديث دولته ومصره‏.‏ كما فعل أبوحيان مؤرخ الأندلس والدولة الأموية بها وابن الرفيق مؤرخ إفريقية والدول التي كانت بالقيروان‏.‏ شم لم يأت من بعد هؤلاء إلا مقلد وبليد الطبع والعقل أو متبلد ينسج على ذلك المنوال ويحتذي منه بالمثال ويذهل عما أحالته الأيام من الأحوال واستبدلت به من عوائد الأمم والأجيال‏.‏ فيجلبون الأخبار عن الدول وحكايات الوقائع في العصور الأول صوراً قد تجردت عن موادها وصفاحاً انتضيت من أغمادها ومعارف تستنكر للجهل بطارفها وتلادها إنما هي حوادث لم تعلم أصولها وأنواع لم تعتبر أجناسها ولا تحققت فصولها يكررون في موضوعاتهم الأخبار المتداولة بأعيانها اتباعاً لمن عني من المتقدمين بشأنها ويغفلون أمر الأجيال الناشئة في ديوانها بما أعوز عليهم من ترجمانها فتستعجم صحفهم عن بيانها‏.‏ ثم إذا تعرضوا لذكر الدولة نسقوا أخبارها نسقاً محافظين على نقلها وهماً أو صدقاً لا يتعرضون لبدايتها ولا يذكرون السبب الذي رفع من رايتها وأظهر من آيتها ولا علة الوقوف عند غايتها فيبقى الناظر متطلعاً بعد إلى افتقاد أحوال مبادىء الدول ومراتبها مفتشاً عن أسباب تزاحمها أو تعاقبها باحثاً عن المقنع في تباينها أوتناسبها حسبما نذكر ذلك كله في مقدمة الكتاب‏.‏ ثم جاء آخرون بإفراط الاختصار وذهبوا إلى الاكتفاء بأسماء الملوك والاقتصار مقطوعة عن الأنساب والأخبار موضوعة عليها أعداد أيامهم بحروف الغبار كما فعله ابن رشيق في ميزان العمل ومن اقتفى هذا الأثر من الهمل‏.‏ وليس يعتبر لهؤلاء مقال ولا يعد لهم ثبوت ولا انتقال لما أذهبوا من الفوائد وأخلوا بالمذاهب المعروفة للمؤرخين والعوائد‏.‏ ولما طالعت كتب القوم وسبرت غور الأمس واليوم نبهت عين القريحة من سنة الغفلة والنوم وسمت التصنيف من نفسي وأنا المفلس أحسن السوم‏.‏ فأنشأت في التاريخ كتاباً رفعت به عن أحوال الناشئة من الأجيال حجاباً وفصلته في الأخبار والاعتبار باباً باباً وأبديت فيه لأولية الدول والعمران عللاً وأسباباً وبنيته على أخبار الأمم الذين عمروا المغرب في هذه الأعصار وملؤوا أكناف النواحي منه والأمصار وما كان لهم من الدول الطوال أو القصار ومن سلف من الملوك والأنصار وهم العرب البربر إذ هما الجيلان اللذان عرف بالمغرب مأواهما وطال فيه على الأحقاب مثواهما حتى لا يكاد يتصور فيه ما عداهما ولا يعرف أهله من أجيال الآدميين سواهما‏.‏ فهذبت مناحيه تهذيباً وقربته لأفهام العلماء والخاصة تقريباً وسلكت في ترتيبه وتبويبه مسلكاً غريباً واخترعته من بين المناحي مذهباً عجيباً وطريقة مبتدعة وأسلوباً‏.‏ وشرحت فيه من أحوال العمران والتمدن وما يعرض في الاجتماع الإنساني من العوارض الذاتية ما يمتعك بعلل الكوائن وأسبابها ويعرفك كيف دخل اهل الدول من أبوابها حتى تنزع من التقليد يدك وتقف على أحوال ما قبلك من الأيام والأجيال ما بعدك‏.‏ ورتبتة على مقدمة وثلاثة كتب‏:‏ المقدمة‏:‏ في فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه والإلماع بمغالط المؤرخين‏.‏ الكتاب الأول‏:‏ في العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الفلك والسلطان والكسب والمعاش والصنائع والعلوم وما لذلك من العلل والأسباب‏.‏ الكتاب الثاني‏:‏ في أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدإ الخليقة إلى هذا العهد وفيه الإلماع ببعض من عاصرهم من الأمم المشاهير ودولهم مثل النبط والسريانيين والفرس وبني إسرائيل والقبط واليونان والروم والترك والإفرنجة‏.‏ الكتاب الثالث‏:‏ في أخبار البربر ومن إليهم من زناتة وذكر أوليتهم وأجيالهم وما كان لهم بديار المغرب خاصة من الملك والدول‏.‏ ثم كانت الرحلة إلى المشرق لاجتلاء أنواره وقضاء الفرض والسنة في مطافه ومزاره والوقوف على آثاره في دواوينه وأسفاره فأفدت ما نقص من أخبار ملوك العجم بتلك الديار ودول الترك فيما ملكوه من الأقطار وأتبعت بها ما كتبته فى تلك
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:06

دولة بني حَمْدَان ابتداء دولة بني حمدان
وفي سنة اثنتيـن وتسعيـن عقـد المُكْتفـي علـى الموصـل وأعمالهـا لأبـي الهيجـاء عبد اللهّ بن حَمْدان بن حَمْدون العَدْوِيِّ الثعْلَبِيّ فقلمها أول المحرِّم وجاء الصريخ مـن نينـوى بـأن الأكـراد الهَدْبانِيـة ومقدمهم محمد بن سلال قد أغاروا على البلاد وعاثوا فخرج في العساكر وعبر الجسر إلى الجانب الشرقي‏.‏ ولقيهم على الحارد فقاتلهم وقتل من قواد سليمان الحمداني ورجع عنهم وبعـث إلـى الخليفـة يستمده فأبطأ عليه المدد إلى ربيع من سنة أربع فلما جاءه المدد سار إلى الهَدبانِيَّـة وهـم مجتمعـون فـي خمسـة آلـاف بيـت فارتحلـوا أمامـه واعتصمـوا بجبـل السَلَقِ المشرف على الزاب فحاصرهم وعرفوا حقه فخذله أميرهم محمد بن سلال بالمراسلة فيِ الطاعة والرهـن وحـث أصحابـه خلـال ذلك المسير إلى أذرَبَيْجان وأتبعهم أبو الهيجاء فلحقهم صاعداً إلى جبل القِنْديل فنال منهم وامتنعوا بفروته‏.‏ ورجع أبو الهيجاء عنهم فلحقوا بأذْرَبَيْجان ووفد أبو الهَيْجاء على المُكْتَفي فأنجده بالعسكر وعـاد إلـى الموصـل‏.‏ ثـم سـار إلـى الأكراد بجبل السلف فدخله وحاصرهم بقنته وطال حصارهم واشتد البرد وعدمت الأقوات وطلب محمد بن سلال النجاة بأهله وولده فنجا واستولى ابن حمدان على أموالهم وأهليهم وأمنهم‏.‏ ثم استأمن محمد بن سلال فأمنه وحضر عنده وأقام بالموصل وتتابع الأكراد الحميديًة مستأمنين واستقام أمر أبي الهيجاء بالموصل‏.‏ ثمِ انتقض سنة إحدى وثلثمائة فبعث إليه المقتدر مؤنساً الخادم فجاء بنفسه مستأمناً ورجع به إلى بغداد فقبلـه المقتـدر وأكرمـه‏.‏ وبقـي ببغـداد إلـى أن انتقض أخوه الحسَيْن بديار ربيعة سنة ثلاث وثلثمائة وسـارت العساكـر فجـاؤوا

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:06

أخبار ابن الليث بفارس
قـد تقـم لنـا استقلـال طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث ببلاد فارس وأن المكتفي عقد له عليها سنـة تسعيـن ثـم إنـه تشاغـل باللهـو والصيد وأعرض عن أمور ملكه‏.‏ ومضى في بعض الأيام إلى سِجِسْتَانَ فوثب على فـارِس الليـث بـن علـي بـن الليـث وسيكـرى مولـى عمـرو بـن الليـث فاستوحش منهما أحد قوادهما يعرف بأبي قابوس وفارقهما إلى بغداد‏.‏ المُكْتَفي إليه‏.‏ ثم كتـب إليـه طاهـر فـي ردّ أبـي قابـوس إليـه ويحتسـب لـه مـا معـه مـن أمـوال الجباية فأعرض الخليفة عن ذلك‏.‏ الصوائف

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:06

وفي سنة إحـدى وتسعيـن
خـرج الـروم إلـى الثغـور في مائة ألف وقصد جماعة منهم الحدث‏.‏ ثم غزا بالصائفة من طرسوس القائد المعروف غلام زرافة ففتح مدينة أنطاكية وفتحها عنوة فقتل خمسة آلاف من مُقَاتِلَتِهِم وأسر مثلها‏.‏ واستنقذ من أسرى المسلمين مثلها وغنم ستين مـن مراكب الروم بما فيها من المال والمتاع والرقيق فقسمها مع غنائم أنطاكية فكـان السهـم ألـف دينار

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:07

وفي سنة اثنتين وتسعين
أغار الروم على مرعش ونواحيها فخرج أهل المصيصة وأهل طرسوس فأصيب منهم جماعة فعزل المكتفي أبا العشائر على الثغور وولى رستم بن بُرْد فكان على يديه الفداء وفودي ألف من المسلمين‏.‏ ثم أغارت الروم سنة ثلاث وتسعين على موارس من أعمال حلب وقاتلهم أهلها فانهزموا وقتل منهم خلق ودخلها الروم فأحرقوا جامعها وأخذوا من بقي فيها‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:07

وفي سنة أربع وتسعين
غزا ابن كيغلغ من طرسوس فأصاب من الروم أربعة آلـاف سبيَـاً واستأمن بطريق من الروم فأسلم‏.‏ ثم عاود ابن كيغلغ الغزو وبلغ سَكَنْد وافتتحها وسار إلى الليس فبلغ خمسين ألف رأس وقتل من الروم خلقاً ثم استأمن البطريق المتولي الثغور من جهة الـروم إلـى المكتفي وخرج بمائتي أسير من المسلمين‏.‏ وكان ملك الروم قد شعر بأمره وبعث من يقبـض عليـه فقتـل الأسـرى المسلمـون من جاء للقبض عليه وغنموا عسكرهم‏.‏ واجتمع الروم على محاربة البطريق انذوقس وزحف المسلمون لخلاصه وخلاص من معه من الأسرى فبلغوا قونية وخربوهـا وانصـرف الـروم ومرَّ المسلمون في طريقهم بحصن أندوس فخرج معهم بأهله وسار إلى بغـداد‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:07

وفي سنة إحـدى وتسعيـن
خـرِج التـرك إلـى مـا وراء النهـر فـي خلق لا يحصون فبعث إليهم إسماعيـل عسكـراً عظيمـاً مـن الجنـد والمتطوِّعـة فكبسوهـم واستباحوهـم‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:07

وفي سنة ثلاث وتسعين
افتتح إسماعيل مدائن كثيرة من بلاد الترك والديلم‏.‏ الولايات بالنواحي قد ذكرنا ولايات خاقان المفلحي على الريّ ثم إسماعيل بن أحمد بـن سامـان بعـده وولايـة عيسـى النَوْشـرِيّ علـى مصـرَ بعـد انتزاعهـا مـن بنـي طولون وولاية أبي العشائر أحمد بن نصر على طرسوس وعزل مُظَفَّر بن حاج عنها سنة تسعين ثم عزل أبي العشائر وولاية رستم بن برد سنـة اثنتيـن وتسعيـن‏.‏ وانتـزاع الليث بن علي بن الليث بلاد فارس من يد طاهر بن محمد سنة ثلـاث وتسعيـن بعـد أن كان المُكْتفي عقد له عليها سنة تسعين وولاية أبي الهَيجاء عبد الله بن حمـدان علـى الموصـل سنـة ثلـاث وتسعيـن‏.‏ وفـي هـذه السنـة ثـار داعيَـةُ القَرامطَـة باليمن إلى صنعاء فملكهـا واستباحهـا وتغلَـب علـى كثيـر مـن مدن اليمن‏.‏ وبعث المُكْتَفي المُظَفَّر بن الحاج في شوّال مـن هـذه السنـة إلـى عملـه باليمـن فأقـام بـه‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:08

وفي سنة إحدى وتسعين
توفي الوزير أبو القاسم بن عبيد الله واستوزر مكانه العباس بن الحسن‏.‏ وفاة المكتفي وبيعة المقتدر ثـم توفـي المكتفـي باللهّ أبو محمد علي بن المعتضد في شهر جمادى سنة خمس وتسعين لست سنيـن ونصـف مـن ولايتـه ودفـن بـدار محمـد بـن طاهر بعد أن عهد بالأمر إلى أخيه جعفر‏.‏ وكان الوزيـر العبـاس بـن الحسـن قـد استشـار أصحابه فيمن يوليه فأشار محمد بن داود بن الجرَّاح بعبد اللّـه بـن المُعْتَزَّ ووصفه بالعقل والرأي والأدب وأبو الحُسَيْن بن محمد بن الفُرات بجعفر بن المُعْتَضِد بعـد أن أطـال فـي مفاوضتـه وقـال له‏:‏ اتق اللّه ولا تولّ إِلَّا من خبرته ولا توَلّ البخيل فيضيِّق على الناس في الأرزاق ولا الطمَاع فيشره إلى أموال الناس ولا المُتَهاون بالدين فلا يجتنب المآثم ولا يطلب الثواب‏.‏ ولا تُوَلِ من خبر الناس وعاملِهم واطلع على أحوالهم فيستكثـر علـى النـاس نِعمهُم وأصلح الموجودين مع ذلك جَعْفرُ بن المعتضد‏.‏ قال ويحك وهو صبي فقال وما حاجتنا بمـن لا يحتـاج إلينـا ويستبد علينا‏!‏ ثم استشار علي بن عيسى فقال اتق الله وانظر من يصلح‏.‏ فمالت نفس الوزير إلى جعفر كما أشار ابن الفرات وكما أوصى أخوه فبعث صائفاً الخدمي فأتى به من داره بالجانب الغربي ثم خشي عليه غائلة الوزير فتركه في الحراقة وجاء إلى دار الخلافة فأخذ له البيعة على الحاشية‏.‏ ثم جاء الحراقة وأقعده على الأريكة‏.‏ وجاء الوزير والقُـواد فبايعـوه ولقـب المُقْتَدر بالله وأطلق يد الوزير في المال وكان خمسة عشر ألف ألف دينار فأخرج منه حق البيعة واستقام الأمر‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:09

خلع المقتدر بابن المعتز وإعادته
ولمـا بويع المقتدر وكان عمره ثلاث عشرة سنة استصغره الناس واجمع الوزير خلعه والبيعة لأبي عبد الله محمد بن المُعْتَزّ وراسله في ذلك فأجاب وانتظر قدوم نارس حاجب إسماعيل بن سامان كان قد انتقض إلى مولاه وسار عنه فاستأذن في القدوم إلى بغداد وأذن له‏.‏ وقصد الاستعانـة بـه علـى موالـي المعتضـد‏.‏ وأبطـأ نـارس عليه وهلك أبو عبد الله بن المقتدر خلال ذلك فصـرف الوزيـر وجهه لأبي الحسين بن الموكل فمات فأقرّ المقتدر ثم بدا له وأجمع عزله واجتمع لذلك مع القواد والقضاة والكتّاب فراسلوا عبد الله بن المُعْتَز فأجابهم على أن لا يكون قتال‏.‏ فأخبروه باتفاقهم وأن لا منازع لهم‏.‏ وكان المتولون لذلك الوزير العباس بن الحُسَيْن ومحمد بن داود بن الجرّاح وأبا المثنى أحمد بن يعقـوب القاضـي ومـن القـواد الحسيـن بـن حَـمْدان وبحـر الأعْجَمِي ووصيف بن صوارتكين‏.‏ ثـم رأى الوزيـر أمـره صالحـاً مـع المقتـدر فبدا له في ذلك فأجمع الآخرون أمرهم واعترضه الحسين بـن حمـدان وبـدر الأعجمـي ووصيـف فـي طريـق لستانـة فقتلـوه لعشـر بقيـن مـن ربيـع الـأول سنـة سـت وتسعين وخلعوا المقتدر من الغد وبايعوا لابن المعتز‏.‏ وكان المقتدر في الحلبة يلعب الأكْرَةَ فلما بلغه قتل الوزير دخل الدار وأغلق الأبواب وجاء الحسين بن حمدان إلى الحلبة ليفتك به فلم يجده فقدم وأحضروا ابن المعتزّ فبايعـوه وحضـر النـاس والقُـوّاد وأربـاب الدواويـن سـوى أبـي الحسن بن الفرات وخواص المقتدر فلم يحضروا‏.‏ ولُقِبَ ابنُ المُعْتَزِّ المُرْتَضَى بالله واستـوزر محمـد بـن داود بـن الجَـراح وقَلـدَ علـي بـن موسـى الدواوين وبعث إلى المُقْتَدر بالخروج من دار الخلافة فطلب الإمهال إلى الليـل‏.‏ وفـال مؤنـس الخادم ومؤنس الخازن وعربت الحال وسائر الحاشية لا بد أن يبدي عذراً فيما أصابنا‏.‏ وباكر الحُسَيْنُ بن حَمْدان من الغَدِ دار الخلاقة فقاتله الغلمان والخدم من وراء السور وانصرف‏.‏ فلما جاء الليل سار إلى الموصل بأهله وأجمع رأي أصحاب المُقْتَدِرِ على قصد ابن المعتز في داره فتسلَّحـوا وركبوا في دجلة فلما رآهم أصحاب ابن المعتز اضطربوا وهربوا واتهموا الحسين بن حمدان أنه قد واطأ المقتدر عليهم وركب ابن المعتز وزيره محمد بن داود بن الجَرَّاح وخرجوا إلى الصحراء ظناً منهم أن الجند الذين بايعوهم يخرجون معهم وانهم يلحقون بسامرا فيمتنعون فلمـا تفـردوا بالصحـراء رجعـوا إلـى البلد وتسربوا في الدصر واختفى ابن الجرَاح في داره ودخل ابن المعتز ومولاه دار أبي عبد الله بن الجصَّاص مستجيراً به‏.‏ وثار العيارون والسُفْلُ ينتهبون‏.‏ وفشا القتل وركب ابن عَمْرَوَيْه صاحب الشرطة وكان ممـن بايع ابن المُعْتَز فنادى بثأر المقتدر مغالطاً فقاتله فهرب واستتر وأمر المقتدر مؤنساً الخـازن فزحـف فـي العسكـر وقبـض علـى وصيـف بـن صوارتكيـن فقتلـه وقبـض علـى أبـي القاضـي أبـي عمـر علـي بـن عيسـى والقاضـي

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:09

محمـد بـن خَلَـف‏.‏ ثـم أطلقهـم وقبـض على القاضي أبي المُثنى أحمد بن يعقـوب قـال لـه بايع المقتدر‏!‏ قال هو صبيّ فقتله وبعث المقتدر إِلى أبي الحسن بن الفرات كان مختفياً فأحضره واستوزره‏.‏ وجاء سَوْسَنُ خادم ابن الجصاص فأخبر صافيـاً الخُرمـي مولـى المقتدر بمكانه عندهم فكبست الدار وأخذ ابن المعتز وحبس إلى الليل ثم خصيت خصيتاه فمات وسُلِم إلى أهله وأخذ ابن الجصاص وصودر على مال كثير وأخذ محمد بن داود وزير ابن المُعْتز وكان مستتراً فقتل‏.‏ ونفـي علـي بـن عيسى بن عليّ إلى واسط واستأذن من ابن الفرات في المسير إلى مكة فسار إِليها على طريق البصرة وأقام بها وصودر القاضي أبو عمر على مائة ألف دينار وسارت العساكـر فـي طلـب الحُسَـيْن بـن حَـمْدان إلـى الموصـل فلـم يظفـروا به وشفع وزير ابن الفرات في ابن عمرويـه صاحـب الشرطـة وإبراهيـم بـن كيغلـغ وغيرهم‏.‏ وبسط ابن الفرات الإحسان وأدر الأرزاق للعباسيين والطالبيين وأرضى القواد بالأموال ففرق معظم ما كان في بيت المال وبعث المقتدر القاسم بن سيما وجماعة من القواد في طلب الحسين بن حمدان فبلغوا قَرْقيسيا والرَحْبَةِ ولم يظفـروا بـه وكتب المقتدر إلى أخيه أبي الهيجاء وهو عامل الموصل بطلبه فسار مع القاسم بن سيما والقواد ولقوه عند تكريت فهزموه وبعث مع أخيه إبراهيم يستامن فأمنوه وجاؤوا به إلى بغـداد فخلـع عليـه المقتـدر وعقـد لـه علـى قـم وقاشان وعزل عنها العباس بن عمر الغَنَوِفي فسار إليها الحسين ووصل نارس مولى إسماعيل بن سامان فقلده المقتدر ديار ربيعة‏.‏ نسبة هؤلاء العُبَيْدِين إلى أول خُلفائهم وهو عُبَيْدُ الله المهدي بن محمد بن جعفر المُصَدق ابن محمد المكتوم ابن إسماعيل الإمام ابن جعفر الصادق ولا يلتفت لإنكار هذا النسب فكتـاب المعتضـد إلـى ابـن الأغلـب بالقَـيْرَوَان وابن مدرار يغريهم بالقبض عليه لما سار إلى المغرب شاهد بصحًة نسبهم وشعر الشريف الرضي‏:‏ ألبـس الـذُلَّ فـي بلـاد الأعـادي وَبِمِصْرَ الخَليفَـةُ العَلَـوِيُ مَنْ أبوهُ أبي وَمَوْلاه مَـوْلا ي إِذَا ضَامَني البَعِيـدُ القصـي لـفً عِرقـي بِعِرْقِه سَيِّدُ النَّا س جَمِيعاً محمَّدٌ وَعَلي وأمّا المحضر الذي ثبت ببغداد أيام القـادر بالقـدح فـي نسبهـم وشـد فيـه أعلـام الأئمـة مثـل القُدوري والصهَيْريّ وأبي العباس الأبيوردي وأبي حامد الأسفَراينيّ وأبي الفَضْل النسَوِيٌ وأبي جعفـر النًسْفـيّ ومن العَلَوِّيَةِ المُرْتَضى وابن البَطْخاوي وابن الأزرق زعيم الشيعة أبو عبد اللّه بن النعْمـان فهـي شهادة على السماع‏.‏ وكان ذلك متَصلاً في دولة العباسِيِّةِ منذ مائتين من السنين فاشيـاً فـي أمصارهـم وأعصارهـم‏.‏ والشهـادة علـى السمـاع فـيِ مثلـه جائـزة علـى أنَّها شهادة نفي ولا تُعارضُ ما ثبت في كتاب المُعتَضِد مع أن طبيعة الوجود في الانقياد لهم وظهور كلمتهم أدل شيء على صدق نسبهم‏.‏ وأمّا من جعل نسبهم في اليَهودية أو النصْرَانِية كميمون القَدّاح وغيره فكفاه إِثماً تَعَرُّضُه لذلك‏.‏ وأما دعوتهم التي كانوا يدعون لها فقد تقدم ذكرها في مذاهب الشيعة من مقدمة الكتاب‏.‏ وانقسمـت مذاهـب الشيعة مع اتفاقهم على تفضيّل عليّ على جميع الصحابة إلى الزَيْديةِ القائلين بِصِحةِ إمامَةِ الشَيْخَيْنِ مـع فضـل علـيّ ويجـوِّزون إمامـة المفضـول وهـو مذهـب زيـد الشهيـد وأتباعـه والرافضـة ويدعـون بالإماميـة المتبرئين من الشيْخَيْن بإهمالهما وصيَّة النبي صلى الله عليه وسلـم بخلافـة علـيّ‏.‏ مـع أنّ هـذه الوصيَّـة لـم تنقـل مـن طريـق صحيـح قـال بهـا أحـد من السلف الذين يقتدي بهم وإنما هي من أوضاع الرافِضَةِ‏.‏ وانقسم الرافِضَـة بعـد ذلـك إلـى اثنـي عَشَرِيـة نقلـوا الخلافـة مـن جعفـر بعـد الحسـن والحسيـن وعلـي زيـن العابديـن ومحمـد الباقـر وجعفـر الصـادق إلـى ابنـه موسـى الكاظـم وولـده علـى سلسلـة واحدة إلى تمام الاثني عشر وهو محمد المهدي وزعموا أنه دخل سردا‏.‏ وهم في انتظاره إلى الآن‏.‏ وإلى الإِسماعيلية نقلوا


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:10

الخلافة من جَعْفر الصادق إلى ابنه إسماعيل ثم ساقوها في عقبه فمنهم من انتهـى بهـا إلـى عبيـد اللـه هـذا المهـدي وهـم العُبَيْدِيُّـون ومنهـم مـن ساقها إلى يحيى بن عبيد اللّه بن محمد المكتوم‏.‏ وهؤلاء طائفة من القرامِطَة وهي من كذباتهم ولا يعرف لمحمد بن إسماعيل ولد اسمـه عبيد اللّه‏.‏ وكان شيعة هؤلاء العُبَيْدِيين بالمشرق واليمن وإفريقية‏.‏ وسار بها إلى إفريقية رجلان يعرف أحدهما بالحُلْوَانِي والآخر بالسفيَاني أنفذهما الشيعة إلى هنالك وقالوا لهما إن العرب أرض بور فاذهبا واحرثاها في يحيا صاحب البذر وسارا لذلك ونـزلا أرض كتامـة أحدهما ببلد يسمى سوق حمار‏.‏ وفشـت هـذه الدعـوة منهمـا فـي أهـل تلـك النواحـي من البربر وخصوصاً في كتَامة‏.‏ وكانوا يزعمون أن النبـي صلـى اللـه عليـه وسلـم أوصى إلى عليّ بالخلافة بالنصوص الجليُّةِ وعدل عنها الصحابة إلـى غيره فوجب البراءة ممن عدل عنها‏.‏ ثم أوصى علي إلى ابنه الحسن ثم الحسن إلى أخيه الحسيـن ثـم الحسيـن إلى ابنه عليّ زَيْنِ العابدين ثم زين العابدين إلى محمد الباقر ثم محمد الباقر إلـى ابنـه جعفـر الصـادق ثم جعفر الصادق إلى ابنه إسماعيل الإمام ومنه إلى ابنه محمد ويسمونه المكتوم لأنهم كانوا يكتمون اسمه حذراً عليه ثم أوصى محمد المكتوم إلى ابنه جعفر المصدق وجعفـر المصـدق إلـى ابنـه محمـد الحبيـب ومحمـد الحبيـب إلـى ابنـه عُبَـيْدِ اللّـه المهـديّ الني دعا له أبو عبد الله الشيعي وكانت شيعهم منتشرين في الأرض من اليمن إلى الحجاز والبَحْرَيْن والطرق وخراسان والكوفة والبصرة والطالقان‏.‏ وكان محمد الحبيب ينزل سَلَمْيَةَ من أرض حمص وكان عادتهم في كل ناحية يدعون للرضا من آل محمد ويرومون إظهار الدعوة بحسب ما عليهم‏.‏ وكان الشيعة من النواحي يعلمون مكيهم فىِ أكبر الأوقات لزيارة قبر الحسين ثم يعرجون على سلميـة لزيـارة الأئمـة مـن ولـد إسماعيـل - وكان باليمن - من شيعتهم - ثم بعده لأئمة قوم يعرفون ببنـي موسـى ورجـل آخـر يعـرف بمحمـد بـن الفضل أصله من جَند‏.‏ وجاء محمد إلى زيارة الإمام محمد الحبيب فبعث معه أصحابه رستم بن الحسين بن حوشب بن داود النجار وهو كوفي الأصل وأمره بإقامة الدعوة وأن المهدي خارج في هذا الوقت فسار إلى اليمن ونزل على بني موسى وأظهر الدعوة هنالك للمهدي من آل محمد الذي ينعتونه بالنعوت المعروفة عندهم فاتبعه واستولى على كثير من نواحي اليمن‏.‏ وكان أبو عبد اللّه الحسن بن أحمد بن محمد بن زَكَريا المعـروف بالمُحْتَسِـب وكـان محتسبـاً بالبصرة‏.‏ وقيل إنما المحتسب أخوه أبو العباس المخطوم وأبو عبد الله يعرف بالعلم لأنه كان يعرف مذهب الإمامية الباطنية قَد اتصل بالإمام محمد الحبيب وخبر أهليته فأرسله إلى أبي حوشـب‏!‏ لـزم مجالستـه وأفـاد علمـه‏.‏ ثـم بعثه مع الحاج اليمني إلى مكة وبعث معه عبد الله بن أبي ملا فأتى الموسم ولقي به رجالات كتامة مثل حريث الحميلي وموسى بن مكاد فاختلط بهـم وعكفـوا عليـه لمـا رأوا عنـده مـن العبـادة والزهـد ووجـه إليهـم بـدراً مـن ذلـك المذهـب فاغتبـط واغتبطـوا وارتحـل معهـم إلـى بلدهـم ونـزل بهـا منتصف ربيع سنة ثمان وثلاثين وعين لهم مكان منزله بفتح الأحار وأن النص عنده من المهدي بذلك ولجهره بالمهدي وأن أنصاره الأخيار من أهل زمانه وان اسم أنصاره مشتق من الكتمان ولم يعينه واجتمع لمناظرته كثير من أهل كتامة فأبى ثم أطاعوه بعد فِتَنٍ وحروب‏.‏ واجتمعوا على دعوته وكانوا يسمونه أبا عبد الله المشرفـي والشيعـي‏.‏ ولمـا اختلـف كتامـة عليـه واجتمـع كثير منهم على قتله قام بنصرته الحسن بن هـارون وسـار بـه إلـى جبـل ايكجان وأنزله مدينة تاصروت من بلد زرارَة وقاتل من لم يتبعه بمن تبعـه حتـى استقامـوا جميعاً على طاعته‏.‏ وبلغ خبره إبراهيم بن أحمد بن الأغلب عامل إفريقية بالقيروان فأرسل إلى عامل ميلة يسأله عن أمره فحقره وذكر أنه رجل يلبـس الخشـن ويأمـر بالعبـادة والخيـر فأعـرض عنـه حتـى إذا اجتمـع لأبـي عبـد الله أمره زحف في قبائل كتامة إلى بلد ميلة فملكها على الأمان بعد الحصار فبعث إبراهيم بن أحمد بن الأغلب ابنه الأحول في عسكرهم يجاوز عشرين ألفاً فهزم كتامة وامتنع أبو عبد الله بجبل ايكجان وأحرق الأحـول مدينة تاصروت ومدينة ميلة وعاد إلى إفريقية وبنى أبو عبد الله بجبل ايكجان مدينة سماها دار الهجـرة‏.‏ ثـم توفي إبراهيم ابن الأغلب صاحب إفريقية وولى ابنه أبو العباس وقتل واستقرّ الأمر لزيادة الله وكان الأحول حمل العساكر لحضوره فاستقدمه زيادة الله وقتله‏.‏ وفاة الحبيب وإيصاؤه لابنه عبيد الله ولما توفي محمد الحبيب وأوصى لابنه عبيد الله وقال له أنت المهدي وتهاجر بعدي هجرةً بعيدة وترى مِحَناً شديدةً‏.‏ فقام عُبَيْدُ الله بالأمر وانتشرت دعوته‏.‏ وأرسل إليه أبو عبد الله الشيعي رجالاً من كتامة يخبرونه بما فتح الله عليهم وأنهم في انتظاره‏.‏ وشاع خبره وطلبه المكتفـي فهرب هو وولده نزار الذي ولي بعده وتلقب بالقائم‏.‏ وخرج معه خاصته ومواليه يريد المغـرب‏.‏ وانتهـى إلـى مِـصْرَ وعليهـا يومئـذ عيسـى النَوْشَـرِي فلبـس عُبَـيْد اللـه زي التجار يتستر به‏.‏ وجـاء كتـاب المكتفـي للنوشري بالقبض عليه وفيه صفته وحليته فبعث العيون في طلبه‏.‏ ونمي الخبر بذلك إلى عبيد الله من بعض خواص النوشري فخرج في رفقة ورآه النوشري وأحضره ودعاه للمؤاكلة فاعتذر بالصوم‏.‏ ثم امتحنه فلم تشهد له أحواله بشيء مما ذكر له عنه‏.‏ وقارن ذلك رجوع ابنه أبي القاسم يسأل عن كلب للصيد ضاع له فلما رآه النوشري وأخبر أنـه ولـد


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:10

عبـد اللـه علـم أنَّ هـذه الدالـة في طلب الضائع منافية للرقْبَةِ والخوف فخلى سبيله وجد المهدي في السير وكان له كتب من الملاحم ورثها منقولة عن أبيه سرقت من رحله في تلك الطريـق‏.‏ ويقـال‏:‏ إن ابنـه أبـا القاسـم لمـا زحف إلى مصر أخذها من بلاد برقة‏.‏ ولما انتهى المهدي وابنه إلى طرابلـس وفارقـه التجـار أهـل الرفقـة قـدم أبـا العبـاس أخـا أبـي عبيـد اللـه الشيعـي إلـى أخيـه بكتامة ومر بالقيروان وقد سبق خبرهم إلى زيادة الله وهو يسأل عنهـم فقبـض علـى أبـي العبـاس وسألـه فأنكـر فحبسـه وكتـب إلـى طرابلـس بالقبـض علـى المهدي ففاته وسار إلى قسَنْطِينَةَ فعـدل عنهـا خشيـة علـى أبـي العباس أخي الشيعيّ المعتقل بالقيروان وذهب إلى سجلماسة وبها إليشع بن مدرار فأكرمه‏.‏ ثـم جـاءه كتـاب زيـادة اللـه ويقال كتاب المكتفي بأنه المهدي الذي داعيه في كتامة فحبسه وبعث زيـادة اللـه العساكـر إلـى كتامـة مع قريبه إبراهيم بن حيش وكانوا أربعين ألفاً فانتهى إلى قسَنْطِينَةَ فأقـام بهـا وهـم متحصِّنـون بخيلهم ستة أشهر‏.‏ ثم زحف إليهم ودافعهم عند مدينة بلزمة فانهزم إلـى القيـروان‏.‏ وكتـب أبـو عبـد اللـه بالفتـح إلـى المهـدي وهـو فـي محبسـه‏.‏ ثـم زحـف إلـى مدينـة طبنـة فحاصرهـا وملكهـا بالأمـان ثـم إلـى مدينة بلزمة عنوَةً فبعث زيادة الله العساكر مع هارون الطبني فانتهوا إلى مدينة دار ملوك وكانوا قد أطاعوا الشيعي فهدمها هارون وقتل أهلها وسار إلى الشيعي فانهزم من غير قتال وقتل‏.‏ وفتـح الشيعـي مدينـة عيسـى فزحـف - زيـادة اللـه في العساكر سنة خمس وتسعين ونزل الأربس ثـم أشـار عليـه أصحابـه بالرجـوع إلـى القيـروان ليكـون ردءاً للعساكـر‏.‏ فبعـث الجيـوش مـع إبراهيم بن أبي الأغلب من قرابته‏.‏ ورجع وزحف أبو عبد الله إلى باغاية فهرب عاملها وملكها ثم إلى مدينة مرماجنة فافتتحها عنوة وقتل عاملها ثم إلى مدينة تيفاش فملكها على الأمان واستأمن إليه القبائل من كل جهة فأمنهم وسار بنفسه إلى مسلبابة ثم إلى تبسة ثم إلى مجانة ففتحها على الأمان‏.‏ ثم سار إلى القصرين من قمودة وأمن أهلها وسار يريد رقادة‏.‏ وبلغ الخبر إلى إبراهيم بن أبي الأغلب وهو بالأربس أميراً على الجيش فخشي على زيادة الله برقادة لقلة عسكـره وارتحـل ذاهبـاً إليـه‏.‏ وسـار أبـو عبـد اللـه إلـى قسنطينـة فحاصرهـا وافتتحها على الأمان‏.‏ ورجـع إلـى باغايـة فأنـزل بهـا عسكـراً‏.‏ وعـاد إلـى أيكجـان فسـار إبراهيـم بـن أبـي الأغلـب إلى باغاية وحاصـر أصحـاب أبـي عبـد اللـه بهـا‏.‏ فبعـث أبـو عبـد اللـه عساكـره إلـى مـرج العرعـار فألفوا إبراهيم قد عاد عنهـا إلـى الأربـس‏.‏ ثـم زحـف أبـو عبـد اللـه إلـى إبراهيـم سنـة سـت وتسعيـن فـي مائـة ألـف مقاتل‏.‏ وبعث من عسكره من يأتي إبراهيم من خلفه وسار إليه فانهزم وأثخن فيهم أبو عبد الله بالقتل والأسر وغنم أموالهم وخيلهم وظهرهم‏.‏ ودخل الأريس فاستباحها ثم سار فنزل قمودة وبلغ الخبر إلى زيادة الله فهرب إلى مصر‏.‏ وافتـرق أهـل مدينـة رقـادة إلـى القيـروان وسوسـة ونهـب قصـور بنـي الأغلـب ووصل إبراهيم بن أبي الأغلـب إلـى القيـروان فنزل قصر الإمارة وجمع الناس ووعدهم الحماية وطلب المساعدة بطاعتهم وأموالهم فاعتذروا وخرجوا إلى الناس فأخبروهم فثاروا به وأخرجـوه‏.‏ وبلـغ أبـا عبـد اللـه الشيعـي هـربُ زيـادة اللـه وهـو يشبـه فدخـل إلـى رقـادة وقـدم بيـن يديـه عروبـة بـن يوسف وحسن بن أبي خنزير فساروا وأمنوا الناس‏.‏ وخرج


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:11

أهل القيروان للقاء أبي عبد اللّه فأكرمهـم وأمنهـم ودخل رقادة في رجب سنة ست وتسعين ونزل قصورها وفرّق دورها على كتامة وناس بالأمان‏.‏ وتراجع الناس فأخرج العمال وطلب أهل الشر فهربوا وجمع أموال زيادة اللّه وسلاحه وأمر بحفظها وبحفظ جواريه واستأذنه الخطباء لمن يخطبون فلم يعين لهم أحد ونقـش علـى السِكَّة من أحد الوجهين بلغت حجة اللّه ومن الآخر تفرق أعداء الله وعلى السلاح عدّة في سبيل الله ووسم أفخاذ الخيل بالملك لله‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:11

بيعة المهدي بسجلماسة
ولما ملك أبو عبد اللّه إفريقية لقيه أخوه أبو العباس منطلقاً من اعتقاله فاستخلفه عليها وترك معـه أبـا زاكـي تمـام بـن معـارك مـن قوّاد كَتامة‏.‏ وسار إلى المغرب ففرق القبائل من طريقه وخافته زَناتـة فدخلـوا فـي طاعتـه‏.‏ ولمـا قـرب مـن سجلماسـة إلـى المهـدي بمحبسـه يسألـه عـن خالـه فأنكـر ثم سأل ولده كذلك فأنكر وضرب رجاله فأنكروا ونمي الخبر إلى أبي عبد اللهّ فخشي عليهم وأرسـل إلـى اليسـع يتلطفـه فقتـل الرسل فأغذ آبو عبد الله السير وحاصره يوماً وهرب أليسع من الليل هو وأصحابه وبنو عمه‏.‏ وخرج أهل البلد إلى أبي عبد اللهّ فجاء إلى مجلس المهدي فأخرجه هو وابنه أبا القاسم واركبهما ومشى مع رؤساء القبائل بين يديهما وهو يقول‏:‏ هذا مولاكم ويبكي من شدة الفرح ثمِ أنزله بالمُخَيم وبعث في أثر اليسع فجيء به فجلد ثم قتل وأقام بسجلماسة أربعين يوماً ورجع إلى إفريقية ووصل إلى رقادة في ربيع من سنة ست وتسعيـن وجـدّد البيعـة للمهـدي واستولـى علـى ملـك بنـي الأغلـب بإفريقيـة‏.‏ وملـك مدرار سجلماسة ونزل برقادة وتلقب بالمهدي أمير المؤمنين‏.‏ وبعث دعاته في الناس فحملوهم على مذهبهم فأجابوا إلا قليلاً عـرض عليهـم السيـف وقسـم الأمـوال والجـواري فـي رجـال كتامـة وأقطعهم الأموال والأعمال ودوّن الدواوين وجبى الأموال وبعث العمال على البلاد‏.‏ فبعث على صقيلية الحسن بن أحمـد بـن أبـي خنزيـر فوصـل إلـى مـازر فـي عيـد الأضحـى مـن سنـة تسـع وتسعيـن فاستقضى بها إسحاق بن المنهال وأجاز البحر سنة ثمان وتسعين إلى بسط قلورية فأثخن فيهـا وعـاد وثـار به أهل صقلية سنة تسع وتسعين فحبسوه واعتذروا إلى المهدي لسوء سيرته فعذرهم وولى عليهم علي بن عمر البلوي فوصل إليهم خاتمة السنة المذكورة‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:11

أخبار ابن الليث بفارس
قـد ذكرنـا مـن قبـل استيـلاء الليث بن علي بن الليث وسيكري مولى عمر بن الليث على فارس مـن يـد طاهـر بـن محمـد‏.‏ ثـم أخـرج سيكـري بعـد ذلـك الليث وانفرد بها وسار بن محمد بن عمرو فواقعه وانهزم طاهر وأسر سيكرى وأسر أخاه يعقوب وبعث بهًما إلى المقتدر مع كاتبه عبد الرحمـن بن جعفر الشيرازي وقد أمّره على ما يحمله وذلك سنة ست وتسعين - ثم سار إليه الليـث بـن علـي مـن سجستـان سنـة سبـع وتسعيـن فغلبـه وملـك فارس وهرب سيكرى إلى أرَّجان وأملَّـى المقتـدر بمؤنـس الخـادم فـي العساكـر فجـاء إلى أرجان وجاء الحسين بن حمدان من قُم إلى البيضـاء فـي إعانتـه لملاقاتـه وأضـل الطريق إلى مسالك صعبة أشرف على عسكر مؤنس‏.‏ وكان سيكري قد بعث أخاه إلى شيراز ليحفظها فلما أشرف على العسكر ظنه عسكر أخيه فثاروا إليه وانهزم عسكر الليث وأخذ أسيراً‏.‏ وأشار عليه أصحابه أن يقبض على سيكري ويطلب من المقتدر ولاية فارس مكانه فوافقهم طاهر ودس إليه فلحق بشيراز وعاد مؤنـس إلى بغداد بالليث أسيراً والحسين بن حمدان إلى عمله بقم‏.‏ ثـم أن عبـد الرحمـن بـن جعفر كاتب سيكري استولى على أمره وحسد أصحابه وأكثروا السعاية فيه عند سيكري فحبسه واستكتب مكانه إسماعيل بن إبراهيم اليمن فحمله على العصيان ومنع الحمل ودس عبد الرحمن بن جعفر من محبسه إلى الوزير ابن الفرات بذلك فكتب إلى مؤنـس وهـو بواسـط يأمـره بالعـود إلـى فـارس فسـار وأرسلـه سيكـري أنسه وسأل منه الوساطة في أمـره وشعـر ابـن الفرات بميل مؤنس إلى بغداد وسار محمد بن جعفر فهزم سيكري على شيراز فخلص إلى قم وتحصن بها وحاصره محمد بن جعفر‏.‏ ثم خرج إليه فهزمه ثانية ودخل مغارة خراسـان فلقيتـه عساكـر إسماعيـل إلـى بغـداد فحبسـا هنالك‏.‏ واستولى محمد بن جعفر من القواد علـى فارس وولى عليها قبيحاً خادم الأفشين‏.‏ ثم صارت ولايتها لبدر ابن عبد الله الحمامي وفي آخر سنة تسع وتسعين ومائتين قبض حرمه وقامت الهيعة ببغداد ثلاثة أيام ثم سكنت وذلـك لثلـاث سنيـن وثلاثـة أشهـر مـن وزارتـه‏.‏ فاستوزر مكانه أبا علي محمد بن يحيى بن عبيد الله بن يحيى فرتب الأمور وولي على الدواوين‏.‏ ثم زاد قرشه لضيق صدره وطيشه وعدوله عن مذاهب الرياسة إلى الوضاعة ومراجعة أصحاب الحاجات والحقوق إلى ما يريد قضاءه منها وكثرة التولية والعزل وتبجـح أصحابـه عليـه فـي إطلـاق الأمـوال وانبسـاط الجـاه بإفسـاد الأحوال‏.‏ واعتزم المقتدر على عزله بأبي الحسين بن أبي الفضل فاستدعاه من أصبهان‏.‏ ثم قبض عليه وعلى أبي الحسن ببغداد وأهمل رأي الوزراء وصار يرجع إلى قول النساء والخدم فطمـع العمـال فـي الأطـراف ثـم أخـرج ابن الفرات من محبسه وجعله في بعض الحجر وأحسن إليه وصار يعرض عليه مطالعات العمال وأراد أن يستوزره‏.‏ ثم بدا له واستدير علي بن عيسى مـن مكـة فاستـوزره لـأول سنـة إحـدى وثلثمائـة وقبـض علـى الخاقاني وحبسه وعين حرسياً عليه‏.‏ وقام علي بن عيسى بالوزارة وأصلح ما أفسده الخاقاني واستقامت الأمور‏.‏ قيام أهل صقلية بدعوة المقتدر ثم رجوعهم إلي طاعة المهدي قد ذكرنا ولاية علي بن عمر على صقلية من عبد الله المهدي سنة تسع وتسعين‏.‏ ثم أن أهل صقلية انتقضوا عليه وولوا عليهم أحمد بن وهب‏.‏ ثم انتقضوا عليه وأرادوا قتله فدعا إلى طاعة المقتدر وخطب له بصقلية وقطع خطبة المهدي وبعث اسطولاً إلى ناحية ساحـل إفريقيـة فلقـوا أسطـول المهـدي وعليـه الحسـن بـن أبـي خنزيـر فأحرقـوه وقتلـوا الحسـن ووصلـت خلـع السـواد وألويتـه لابـن وهـب مـن بغـداد‏.‏ ثـم جاءت أساطيل المهدي في البحر وفسد أمـر ابـن وهـب‏.‏ ثـم ثـارت أهـل صقليـة بـه سنـة ثلثمائـة وأسـروه وبعثـوا بـه إلـى المهدي مع جماعة من أصحابه فأمرهم بقتلهم على قبر ابن أبي خنزير‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:12

ولاية العهد
وفي سنة إحـدى وثلثمائـة ولـى المقتـدر ابنه أبا العباس العهد وهو الذي ولي الخلافة بعد القاهر وسمي بالرافضي فولاه أبوه المقتدر العهد وهو ابن سنين وقلده مصر والمغرب واستخف له ظهور الأطروش وملكه خراسان كـان هـذا الأطـروش مـن ولـد عمـر بـن علـي زيـن العابديـن وهو الحسن بن علي بن الحسين بن علي بـن عمـر وكـان قـد دخـل إلـى الديلـم بعـد قتـل محمـد بـن زيد ولبث فيهم ثلاث عشرة سنة يدعوهم إلى الإسلام ويأخذ منهم العشر ويدافع عنهم ملكهم ابن حسان فأسلم على يديه منهم خلق كثير وبنى لهم المساجد وزحف بهم إلى ثغور المسلمين أراهم مثل قزوين وسالوس فأطاعوه وهـدم حصـن سالـوس‏.‏ ثـم دعاهـم إلـى غـزو طبرستـان وهـي فـي طاعـة ابـن سامـان وكان إسماعيل بـن أحمـد لمـا انتقـض بهـا محمـد بـن هـارون وقبـض عليـه إسماعيـل ولـى عليها أبا العباس عبد الله بن محمد بن نوح فأحسن السيرة وأظهر العدل وبالغ في الإحسان إلى العلوية الذين بها واستمال الديلم بالمهاداة والإحسان فاشتمل الناس عليه‏.‏ فمـا دعاهـم الحسن إلى غزو طبرستان‏.‏ لم يجيبوه من أجل ابن نوح‏.‏ ثم إن أحمد بن إسماعيل عزل ابن نوح عنها وولى عليها سلاماً فأساء السيرة ولم يحسن سياسة الديلم فهاجوا عليه فقاتلهم وهزمهم واستعفى من ولايتها‏.‏ فعاد إليها ابن نوح وصلحت الحال كما كانت إلى أن مـات فولـى عليهـا محمد بن إبراهيم بن صعلوك فأساء السيرة وتنكر للديلم فصادف الحسن منها الغرة ودعاهم إلى غزو طبرستان فأجابوه وسار إليه ابن صعلوك على من يرحله من سالوس بشاطئ البحر فانهزم وقتل من أصحابه أربعة آلـاف ولجـأ الباقـون إلـى سالـوس فحاصرهـم الأطروش حتى استأمنوا ورجع عنهم إلى آمد‏.‏ ثـم جـاء الحسـن بـن القاسـم العلوي الداعي صهر الأطروش إلى أولئك المستأمنين فقتلهم واستولى الأطـروش علـى طبرستـان ولحق ابن صعلوك بالري سنة إحدى وثلثمائة وسار منها إلى بغداد‏.‏ وكـان الأطـروش زيـدي المذهـب وجميـع الذيـن أسلمـوا علـى يـده فيما وراء اسعيد ‏"‏ ولى ‏"‏ إلى آمد كلهم على مذهب الشيعة‏.‏ ثم أن الأطروش العلوي تنحى عن آمد إلى سالوس بعد أن غلب عليها فبعث إليه صعلوك الري من قبل ابن سامان جيشاً فهزمهم وعاد إلى آمد‏.‏ ثم زحفت إليه عساكر السعيد صاحب خراسان سنة أربع وثلثمائة فقتلوه‏.‏ وكـان هـذا الأطـروش عـادلاً حسـن السيـرة لـم يـر مثلـه فـي أيامـه وأصابـه الصمـم من ضربة في رأسه بالسيف فـي الحـرب‏.‏ وقـال ابـن مسكويـه فـي كتـاب تجـارب الأمـم ويقـال فيـه الحسـن بـن علـي الداعـي وليس به وإنما الداعي الحسن بن القاسم صهره وسنذكره فيما بعد‏.‏ وكان له من الولد أبو الحسن وكان قواده من الديلم جماعة منهم ابن النعمان وكانت له ولاية جرجان وما كان بن كالـي وكـان علـى استرابـاذ ومعـرا‏.‏ ثـم كـان مـن قـواد ولـده من الديلم جماعة آخرون منهم أسفار بن شيرويه من أصحاب ما كان ابن كالي ومرداويج بن زياد من أصحاب أسفار وأسكري من أصحابه أيضاً وبنو بويه من أصحاب مرداوشج وسيأتي الخبر عن جميعهم إن شاء الله تعالى‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:12

غلب المهدي علي الإسكندرية ومسير مؤنس إلي مصر
وفي سنة اثنتيـن وثلاثمائـة بعث عبيد الله المهدي عساكره من إفريقية إلى الإسكندرية مع قائمه خفاشة الكتابي فغلب عليها وسار إلى مصر وبلغ المقتدر فبعث مؤنساً الخادم في العساكر لمحاربته وأمده بالأموال والسلاح‏.‏ وسار إليهم وقاتلهم فهزمهم بعد وقائع متعددة قتل فيها من الفريقين وبلغ القتل والأسر من المغاربة سبعة آلاف ورجعوا إلى المغرب‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:13

انتقاض الحسين على ابن حمدان بديار ربيعة وأسره
كان الحسين بن حمدان والياً على ديار ربيعة وطالبه الوزير علي بن عيسى بالمال فدافعه وأمره بتسليم البلاد إلى عمال السلطان فامتنع وكان مؤنس الخادم بمصر في محاربة عساكر المهدي صاحب إفريقية فجهز الوزير إلـى ابـن حمـدان رائقـاً الكبيـر فـي عسكـر سنـة ثلـاث وثلاثمائـة وكتـب إلـى مؤنـس أن يسيـر إلـى الجزيـرة لقتالـه بعـد فراغه من أصحاب العلوي بمصر فسار رائـق أولاً وهزمـه الحسيـن ولحـق بمؤنـس فأمره بالمقام بالموصل‏.‏ وسار نحو الحسين وتبعه أحمد بن كيغلـغ وانتهـى إلـى جزيـرة ابن عمر والحسين بأرمينية‏.‏ ورجع الكثير من عسكره إلى مؤنس‏.‏ ثم بعـث مؤنـس عسكـراً في أثره عليهم بليق ومعه سيما الجزري‏.‏ وجاء الصفواني واتبعوه فأدركوه وقاتلـوه فهزمـوه وجـاؤوا بـه أسيـراً ومعـه ابنه عبد الوهاب وأهله وكثير من أصحابه‏.‏ وعاد مؤنس إلى بغداد على الموصل فحبسه المقتدر وأغار على أبي الهيجاء بن حمدان وجميع أخوته وحبسهـم‏.‏ ثـم أطلـق أبـا الهيجـاء سنـة خمـس وقتـل الحسيـن سنـة سـت تقريبـاً كمـا نذكـر إن شـاء الله تعالى‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:13

وزارة ابن الفران الثانية
كان الوزير أبو الحسن بن الفرات محبوساً كما ذكرنا وكـان المقتـدر يشـاوره ويرجـع إلـى رأيـه ويبغي بعض أصحاب المقتدر إعادته‏.‏ وبلغ ذلك الوزير علي بـن عيسـى فاستغفـى ومنعـه المقتدر‏.‏ ثم جاءت في بعض الأيام قهرمانة القصر تناظره في نفقات الحرم والحاشية وكسوتهم فألفتـه نائمـاً فلـم يوقظـه لهـا أحد‏.‏ فرجعت وشكت إلى المقتدر وأمه فقبض عليه في ذي القعدة من سنة أربع وثلاثمائة وأعاد ابن الفرات على أن يحمل إلى بيت المال ألف دينار وخمسمائة دينـار فـي كـل يـوم‏.‏ وقبـض علـى الوزيـر مـن قبلـه علـي بن عيسى والخاقاني وأصحابهما وصادرهم خبر ابن أبي الساج بأذربيجان قـد ذكرنـا استقرار يوسف بن أبي الساج على أرمينية وأذربيجان منذ مهلك أخيه محمد سنة ثمان وثمانين ومائتين وكان على الحرب والصلاة والأحكام وكان عليـه مـال يؤذيـه‏.‏ فلمـا ولـي الخاقاني وعلي بن عيسى الوزارة والتأمـت أمـور يوسـف فـي الاستبـداد وأخـر بعـض المـال واجتمع له ما يريده لذلك وبلغته نكبة الوزير علي بن عيسى فأظهر أن العهد وصل إليه بولاية الرقـي علـى يـد علـي بـن عيسـى‏.‏ وكـان حميـد بـن صعلـوك مـن قـواد بـن سامان قد بعث على الري وما يليها وقاطع عليها بمال يحمله فسار إليه يوسف سنة أربع وثلاثمائة فهرب إلى خراسان واستولى يوسف على الري وقزوين وزنجان وكتب إلى الوزير ابن الفرات بالفتح ويعتذر بأنه طرد المتغلبين ويذكر كثرة ما أنفق من ذلك وأنه كان بأمر الوزير علي بن عيسى وعهده إليه بذلك فاستعظم المقتدر ذلك وسئل علي بن عيسى فأنكر وقال سلموا الكتاب والحاشيـة والعهد واللواء اللذين كان يسير بهما مع بعض القواد والخدام‏.‏ فكتب ابن الفرات بالنكير على يوسف وجهز العساكر لحربه مع خاقان المفلحي ومعه أحمد بـن مسـرور البلخـي وسيمـا الخـزري ونحريـر الصغيـر وسـاروا سنـة خمـس وثلاثمائة فهزمهم يوسف وأسر منهم جماعة‏.‏ فبعث المقتدر مؤنساً الخادم في جيش كثيف لمحاربته‏.‏ وعزل خاقان المفلحي عن أعمال الجبل وولاها نحريراً الصغير‏.‏ وسار مؤنس واستأمن له أحمد بن علي أخو صعلوك فأمنه وأكرمه وبعث ابن أبي الساج في المقاطعة على أعمال الري بسبعمائة ألـف دينـار سـوى أرزاق الجنـد والخـدم فأبـى له المقتدر من ذلك عقوبة على ما أقدم عليه وولي علـى ذلـك العمل وصيفاً البهتمري وطلب ابن أبي الساج أن يقاطعه على ما كان بيده قبل الري من أذربيجان وأرمينية فأبى المقتدر إلا أن يحضر في خدمته‏.‏ فلما يئس ابن أبي الساج إلى مؤنس وقاتله فانهزم مؤنس إلى زنجان وقتل من قواده جماعة وأسر هلال بن بدر وغيره فحبسهم يوسف في أردبيل وأقام مؤنس بزنجان بجميع العساكر يستمد من المقتدر وابن أبي الساج يراسله في الصلح والمقتدر لا يجيب إلى ذلك‏.‏ ثم قاتله مؤنـس فـي فاتـح سنـة سبـع وثلاثمائـة عنـد أردبيـل فهزمـه وأسـره وعـاد بـه إلى بغداد أسيراً فحبسه المقتـدر وولـى مؤنس على الري ودنباوند وقزوين وأبهر وزنجان علي بن وهشودان وجعل أموالها لرجاله وولى مؤنس على أصبهان وقم وقاشان أحمد بن علي بن صعلوك وسارعن أذربيجان فوثـب سبـك مولـى يوسـف بـن أبـي الساج فملكها واجتمع عليه عسكر فولى مؤنس بن محمد بن عبيد الفارقي وسار بمحاربة سبك فانهزم وعاد إلى بغداد‏.‏ وتمكـن سبك في أذربيجان وسأل المقاطعة على مائتي ألف وعشرين ألف دينار في كل سنة فأجيب وعقد له عليها وكان مقيماً بقزوين فقتله على مراسة ولحق ببلده فولى المقتدر وصيفاً البكتمـري مكانـه علـى أعمال الري وولى محمد بن سليمان صاحب الجيش على الخوارج بها ثم وثب أحمد بن علي بن صعلوك صاحب أصبهان وقم على الري فملكها وكتب إليه المقتدر بالنكير وأن يعـود إلـى قـم فعـاد ثـم أظهـر الخلـاف وأجمـع المسيـر إلـى الـري وسـار وصيـف البكتمري لحربه‏.‏ وأمر نحرير الصغير أن يسير مدداً لبكتمري فسبقهم أحمد بن صعلوك إلى الري‏.‏ وملكها وقتل محمد بن سليمان صاحب الخوارج وبعث إلى نصر الحاجب ليصلح أمره بالمقاطعة على أعمال الري بمائة وستين ألف دينار وينزل عن قم فكتب له بذلك وولى غيره على قم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:13

خبر سجستان وكرمان
وكانـت سجستـان قـد صـارت لابن سامان منذ سنة ثمان وتسعين ومائتين ثم تغلب عليها كثير بـن أحمـد بـن صهفـود مـن يـده فكتـب المقتدر إلى عامل فارس وهو بدر بن عبد الله الحمامي أن يرسل العساكر لمحاربته ويؤمر عليهم دركاً ويجعل على الخراج بها زيد بن إبراهيم‏.‏ فسارت العساكر وحاربوا أهل سجستان فهزموهم وأسروا زيد بن إبراهيم وكتب كثير إلى المقتدر بالبراءة من ذلك وطوية أهل سجستان‏.‏ وأرسل المقتدر أن يسير لقتاله بنفسه فخاف كثير وطلـب المقاطعـة علـى خمسمائـة ألـف دينـار فـي كـل سنـة فأجيـب وقررت البلاد عليه‏.‏ وذلك سنة أربع وثلاثمائة‏.‏ وانتقض في هذه السنة بكرمان صاحب الخوارج بها أبو زيد خالد بن محمد المارداني وسار منها إلى شيراز يروم التغلب على فارس فسار إليه بـدر الحمامـي العامـل وحاربه فقتله وحمل رأسه إلى بغداد‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:14

وزارة حامد بن العباس
وفي سنة سـت وثلاثمائـة قبض المقتدر على وزيره أبي الحسن بن الفرات بسبب شكوى الجند بمطله أرزاقهم واعتذر بضيق الأموال للنفقة في حروب ابن أبي الساج ونقص الارتياع بخروج الري عن ملكه‏.‏ فشغب الجند وركبوا وطلب ابن الفرات من الخليفة إطلاق مائتي ألف دينار من خاصته يستعين بها فنكر ذلك عليه لأنه كان ضمن القيام بأرزاق الأحشاد وجميع النفقات المرتبة‏:‏ فاحتج بنقص الارتياع وبالنفقة في الحرب كما تقدم فلم يقبل‏.‏ ويقال‏:‏ سعى فيه عند المقتـدر بأنـه يـروم إرسـال الحسين بن حمدان إلى أبي الساج فيحاربه وإذا سار عنده اتفقا على المقتدر فقتل المقتدر ابن حمدان وقبض على ابن الفرات في جمادى الآخرة وكان حامد بن العباس على الأعمال بواسط وكان منافراً لابن الفرات وسعى به عنده بزيادة ارتياعه على ضمانه فخشيه حامد على نفسه‏.‏ وكتب إلى نصر الحاجب والي والده المقتدر سعة نفسه وكثرة أتباعه وذلك عند استيحاشه مـن ابـن الفـرات‏.‏ فاستقدمـه مـن واسـط وقبـض على ابن الفرات وابنه المحسن وأتباعهما واستـوزر حامـداً فلـم يصـف حقـوق الـوزارة ولا سياستهـا وتحاشـى عليه الدواوين فأطلق المقتـدر علـي بـن عيسـى وأقامـه علـى الدواويـن كالنائب عن حامد‏.‏ فكان يزاحمه واستبد بالأمور دونه ولم يبق لحامد أمر عليه‏.‏ فأجابه ابن الفرات بأسفه منه‏.‏ وقال لشفيع اللؤلؤي‏:‏ قل لأمير المؤمنين حامد إنما حمله على طلب الوزارة أني طالبته بأكثر من ألفي ألف دينار من فضل ضمانه فاستشاط حامد وزاد في السفه فأنفذ المقتدر من رد ابن الفرات إلـى محبسـه شـم صودر وضرب ابنه المحسن وأصحابه وأخذت منهم الأموال‏.‏ ثم إن حامداً لما رأى استطالة علي بن عيسى عليه وكثرة تصرفه في الوزارة دونه ضمن للمقتدر أعمال الخوارج والضياع الخاصـة والمستحدثـة والقراريـة بسـواد بغـداد والكوفـة وواسط والبصرة والأهواز وأصبهان واستأذنه في الانحدار إلى واسط لاستخراج ذلك فانحدر واسم الوزارة له وأقام علي بن عيسـى يدبـر الأمـور فأظهـر حامـد سـوء تصرف في الأموال وبسط المقتدر يده حتى خافه علي بن عيسى‏.‏ ثم تحرك السعر ببغداد فشغبت العامة ونهبوا الغلال لأن حامداً وغيره من القواد كان يخزنون الغلال‏.‏ وأحضر حامد لمنعهم خضر فقاتلوه وفتقوا السجون ونهبوا دار الشرطة‏.‏ وأنفذ المقتـدر غريـب الحـال فـي العسكـر فسكـن الفتنـة وعاقـب المتصديـن للشـر وأمـر بفتـح المخازن التي للحنطة وببيعها فرخص السعر وسكن إلى منع الناس من بيع الغلال في البيادر وخزنها فرفع الضمان عن حامد وصرف عماله عن السواد ورد ذلك لعلي بن عيسى وسكن الناس‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 13 مايو 2008 - 1:15

وصول ابن المهدي وهو أبو القاسم إلى ابنه
وفي سنة سبـع وثلاثمائـة بعث المهدي صاحب إفريقية أبا القاسم في العساكر إلى مصر فوصل إلـى الإسكندريـة فـي ربيـع الآخـر وملكهـا ثم سار إلى مصر ونزل بالجيزة واستولى على الصعيد وكتب إلى أهل مكة في طاعته فلم يجيبوا‏.‏ وبعث المقتدر مؤنساً الخادم إلى مصر لمدافعته فكانت بينهم حروب كثر فيها القتلى من الجانبين وكان الظهور لمؤنس ولقب يومئذ بالمظفر‏.‏ ووصل من إفريقية أسطول من ثمانين مركباً للقائهم وعليهم سليمان الخادم ويعقوب الكتامي وأمر المقتدر بأن يسير إليهم أسطول طرسوس فسار في خمسة وعشرين مركباً وعليهم أبو اليمن ومعهـم المـدد والأنفـاط فغلبـوا أسطـول إفريقية وأحرقوا أكثر مراكبه‏.‏ وأسر سليمان الخادم ويعقوب الكتامـي فـي جماعـة قتـل أكثرهـم وحبـس سليمـان بمصـر وحمـل يعقـوب إلـى بغداد‏.‏ ثم هرب وعاد إلى إفريقية وانقطع المدد عن عسكر المغاربة فوقع الغـلاء عندهـم وكثـر الموتـان فـي النـاس والخيل فارتحلوا راجعين إلى بلادهم وسار عساكر مصر في أثرهم حتى أبعدوا‏.‏ بقية خبر ابن أبي الساج قد تقدم لنا أن مؤنساً حارب يوسف بن أبي الساج عامل أذربيجان فأسره وحمله إلى بغداد فحبس بها واستقر بعده في عمله سبك مولاه‏.‏ ثم إن مؤنساً شفع فيه سنة عشر فأطلقه المقتدر وخلع عليه‏.‏ ثم عقد له على أذربيجان وعلى الـري وقزويـن وأبهـر وزنجـان وعلـى خمسمائة ألف دينار في كل سنة سوى أرزاق العساكر‏.‏ وسار يوسف إلى أذربيجان ومعه وصيف البكتمري في العساكر ومر بالموصل فنظر في أعمالها وأعمال ديار ربيعة‏.‏ وقد كان المقتـدر تقـدم إليـه بذلـك‏.‏ ثـم سـار إلـى أذربيجان وقد مات مولاه سبك فاستولى عليها‏.‏ وسار سنـة إحـدى عشـرة إلى الري وكان عليها أحمد بن علي أخو صعلوك وقد اقتطعها كما قدمنا‏.‏ ثـم انتقـض علـى المقتـدر وهـادن ما كان بن كالي من قواد الديلم القائم بدعوة أولاد الأطروش في طبرستان وجرجان‏.‏ فلما جاء يوسف إلى الري حاربه أحمد فقتله يوسف وأنفذ رأسه إلى بغداد واستولى على الري في ذي الحجة وأقام بها مدة ثم سار عنها إلى همذان فاتح ثلاث عشرة واستخلف بها مولاه مفلحاً وأخرجه أهل الري عنهم فعاد يوسف إليهم في جمادى من سنته واستولى عليها ثانية‏.‏ ثم قلده المقتدر سنة أربع عشرة نواحي المشرق وأذن له في صرف أموالها في قواده وأجنـاده وأمره بالمسير إلى واسط ثم منها إلى هجر لمحاربة أبي طاهر القرمطي فسار يوسف إلـى أبي طاهر وكان بها مؤنس المظفر فرجع إلى بغداد وجعل له أموال الخراج بنواحي همذان وساوة وقم وقاشان وماه البصرة وماه الكوفة وماسبذان لينفقها في عسكره وتسعين بها على حرب القرامطة‏.‏ ولما سار من الري كتب المقتدر إلى السعيد نصر بن سامان بولاية الري وأمره بالمسير إليها وأخذها من فاتك مولى يوسف فسار إليها فاتح أربع عشرة فلما انتهى إلى جبل قارن منعه أبـو نصـر الطبـري من العبور وبذل له ثلاثين ألف دينار فترك سبيله وسار إلى الري فملكها من يد فاتك وأقام بها شهرين وولى عليها سيمجور الدواني وعاد إلى بخارى‏.‏ ثم استعمل على الـري محمـد بـن أبـي صعلـوك فأقـام بهـا إلـى شعبان سنة ست عشرة وأصابه مرض وكاتب الحسن بن القاسم الداعي وما كان بن كالي أميري الديلم في تسليم الري إليهما فقدما وسار عنها ومات في طريقه واستولى الداعي والديلم عليها‏.‏ بقية الخبران وزراء المقتدر قـد تقـدم الكلـام فـي وزارة حامد بن العباس وان علي بن عيسى كان مستبداً عليه في وزارته وكـان كثيـراً مـا يطـرح جانبـه وشـيء فـي توقعاتـه علـى عمالـه‏.‏ وإذا اشتكـى إليه أحد من نوابه يوقع علـى القصـة إنمـا عقـد الضمان على الحقوق الواجبة فليكف الظالم عن الرعية‏.‏ فأنف حامد من ذلك واستأذن في المسير إلى واسط للنظر في ضمانة فأذن له‏.‏ ثم كثرت استغاثة الخدم والحاشية في تأخر أرزاقهم وفسادها فإن علي بن عيسى كان يؤخرها وإذا اجتمعت عدة شهور أسقطوا بعضها وكثرت السعاية واستغاث العمال وجميع أصحاب الأرزاق بأنه حط من أرزاقهم شهرين من كل سنة فكثرت الفتنة على حامد‏.‏ وكان الحسن ابن الوزير ابن الفرات متعلقـاً بمفلـح الأسـود خالصة الخليفة المقتدر وكان شقيقه لأبيه وجرى بينه وبين حامد يوماً كلام فأساء عليه حامد وحقد له‏.‏ وكتب ابن الفرات إلى المقتدر وضمن له أموالاً فأطلقه واستوزره وقبض على علي بن عيسى وحبسه في مكانه وذلك سنة إحدى عشرة وجاء حامد من واسط فبعث ابن الفرات من يقبـض عليـه فهـرب مـن طريقـه واختفـى ببغـداد‏.‏ ثـم مضـى إلـى نصـر بـن الحاجب سراً وسأل إيصاله إلى المقتدر وأن يحبسه بدار الخلافة ولا يمكـن ابـن الفـرات منـه‏.‏ فاستدعـى نصـر الحاجـب مفلحـاً الخـادم حتى وقفه على أمره وشفع له في رفع المؤاخذة بما كان منه فمضى إلى المقتدر وفاوضه بما أحب وأمر المقتدر بإسلامه لابن الفـرات فحبسـه مـدة ثـم أحضـره وأحضـر لـه القضاة والعمال وناظره فيما وصل إليه من الجهات فأقر بنحو ألف ألف دينار‏.‏ وضمنه المحسن بن الفرات بخمسمائة ألف دينار فسلم إليه وعذبه أنواعاً من العذاب وبعثه إلى واسط ليبيع أمواله هناك فهلك في طريقه بإسهال أصابه‏.‏ ثـم صـودر علـي بـن عيسـى علـى ثلثمائة ألف دينار وعذبه المحسن بعد ذلك عليها فلم يستخرج منـه شيئـاً وسيره ابن الفرات أيام عطلته وحبسه بعد أن كان رباه وأحس إليه فقبض عليه مدة ثـم أطلقـه وقبـض علـى ابـن الجـوزي وسلمـه إلـى ابنـه المحسـن فعذبـه ثم بعثه إلى الأهواز لاستخراج الأمـوال فضربـه الموكـل بـه حتـى مـات‏.‏ وقبـض ابنـه على الحسين بن أحمد وكان تولى مصر والشام وعلى محمد بن علي المارداني وصادرهما علـى ألـف ألـف وسبعمائـة ألـف دينـار وصـادر جماعة من الكتاب سواهم ونكبهم‏.‏ وجاء مؤنس من غزاته فأنهى إليه أفعال ابن الفرات وما يعتمده من المصادرات والنكايات وتعذيب ابنه للناس فخافه ابن الفرات وخوف المقتدر منه‏.‏ وأشار بسيره إلى الشام ليقيم هنالك بالثغر فبعثه المقتدر وأبعده‏.‏ ثـم سعـى ابـن الفـرات بنصـر الحاجب وأغراه به وأطمعه في ماله وكان مكثراً واستجار نصر بأم المقتدر‏.‏ ثم كثر الأرجاف بابن الفرات فخاف وأنهى إلى المقتدر بأن الناس عادوه لنصحه للسلطـان واستيفـاء حقوقـه وركـب هـو وابنـه المحسـن إلـى المقتـدر فأوصلهمـا إليـه وأسهمهمـا وخرجا من عنده فمنعهما نصر الحاجب ودخل مفلح على المقتدر وأشار إليه بعزله فأسر إليه وفاقه على ذلك وأمر بتخلية سبيلهما‏.‏ واختفى المحسن من يومه‏.‏ وجاء نازوك وبليق من الغـد فـي جماعـة مـن الجنـد إلـى دار ابن الفرات فأخرجوه حافياً حاسراً‏.‏ وحمل إلى مؤنس المظفر ومعه هلال بن بدر ثم سلم إلى شفيع اللؤلؤي فحبس عنده وصودر على ألف ألف دينار وذلك سنة اثنتي عشرة‏.‏ وكـان عبـد اللـه أبـو القاسـم بـن علـي بـن محمـد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان لما تغير حال ابن الفـرات سعـى فـي الـوزارة وضمـن فـي ابـن الفـرات وأصحابـه ألفـي ألف دينار على يد مؤنس الخادم وهارون بن غريب الحال ونصر الحاجب فاستوزره المقتدر على كراهية فيه ومات أبوه علي علـى وزارتـه‏.‏ وشفـع إليـه مؤنـس الخـادم فـي إعـادة علـي بـن عيسـى مـن صنعـاء فكتـب لـه في العود وبمشارفة أعمال مصر والشام وأقام المحسن بن الفرات مختفياً مدة‏.‏ ثم جاءت امرأة إلى دار المقتـدر تنادي بالنصيحة فأحضرها نصر الحاجب فدلت على المحسن فأحضره نازوك صاحب الشرطة فسلم للوزير وعذب بأنواع العذاب فلم يستخرج منه شيء فأمـر المقتـدر بحمله إلى أبيه بدار الخلافة وجـاء الوزيـر أبـو القاسـم الخاقانـي إلـى مؤنـس وهـارون ونصـر فحذرهـم شـأن ابـن الفـرات وعائلتـه بدار الخلافة وأغراهم به فوضعوا القواد والجند وقالوا لا بد من قتل ابن الفرات وولده‏.‏ ووافق هؤلاء على ذلك فأمر نازوك بقتلهما فذبحهما‏.‏ وجاء هارون إلى الوزير الخاقاني يهنئه بذلك فأغمي عليه ثم أفاق وأخذ منه ألفي دينار وشفـع مؤنـس المظفـر فـي أبنيـه عبـد اللـه وأبـي نصـر فأطلقهمـا ووصلهمـا بعشريـن ألـف دينـار‏.‏ ثـم عـزل الخاقانـي سنـة ثلـاث عشـرة لأنـه أصابـه المرض وطال به وشغب الجند في طلب أرزاقهم فوقفت بـه الأحـوال وعزلـه المقتـدر وولى مكانه أبا العباس الخصي وكان كاتباً لأمه فقام بالأمر وأقر علي بـن عيسـى على أعمال مصر والشام فكان يتردد إليهما من مكة ثم إن الخصي اضطربت أموره وضاقـت الجبايـة وكـان مدمنـاً للسكـر مهمـلاً للأمـور ووكل من يقوم عنه فآثروا مصالحهم وأضاعوا مصلحته‏.‏ وأشار مؤنس المظفر بعزله وولاية ابن عيسى فعزل لسنة وشهرين‏.‏ واستقـدم علـي بن عيسى من دمشق وأبو القاسم عبد الله بن محمد الكلواذي بالنيابة عنه إلى أن يحضـر فحضـر أول سنـة خمـس عشرة واستقل بأمر الوزارة وطلب كفالات المصادرين والعمال وما ضمن من الأمـوال بالسـواد والأهـواز وفـارس والمغـرب فاستحضرهـا شيئـاً بعـد شـيء وأدر الـأرزاق وبسـط العطـاء وأسقـط أرزاق المغنيـن والمسامـرة والندمـان والصفاعنة‏.‏ وأسقط من الجند أصاغر الأولاد ومن ليس له سلاح والهرمى والزمني وباشر الأمور بنفسه واستعمل الكفاة‏.‏ وطلب أبا العباس الخصي في المناظرة واحضر له الفقهاء والقضاة والكتاب وسأله عن أموال الخوارج والنواحي والمصادرات وكفالاتها وما حصـل مـن ذلـك ومـا الواصـل والبواقـي فقـال لا أعلـم‏.‏ فسألـه عـن المـال الـذي سلمه لابن أبي الساج كيف سلمه بلا مصرف ولا منفق وكيف سلم إليه أعمال المشرق وكيف بعثه لبلاد الصحراء بهجر هو وأصحابه من أهل الغلول والخصب فقال ظننت منهم القدرة على ذلك‏.‏ وامتنع ابن أبي الساج من المنفق فقال‏:‏ وكيف استجزت ضرب حرم المصادرين فسكت ثم سئـل عـن الخـراج فخلـط فقـال أنـت غـررت أميـر المؤمنيـن من نفسك فهلا استعذرت بعدم المعرفة‏.‏ ثـم أعيـد إلـى محبسـه واستمـر علـي بن عيسى في ولايته‏.‏ ثم اضطربت عليه الأحوال واختلفت الأعمـال ونقـص الارتيـاع نقصـاً فاحشاً وزادت النفقات وزاد المقتدر تلك الأيام في نفقات الخدم والحرم ما لا يحصى وعاد الجند من الأنبار فزادهم في أرزاقهم مائتين وأربعين ألف دينار‏.‏ فلما رأى ذلك علي بن عيسى ويئس من انقطاعه أو توقفه وخشي من نصر الحاجب فقـد كـان انحـرف عنـه لميـل مؤنـس إليـه ومـا بينهمـا مـن المنافرة في الدولة فاستعفى من الوزارة وألح في ذلك وسكنه مؤنس فقال له أنت سائر إلى الرقة وأخشى على نفسي بعدك‏.‏ ثـم فـاوض المقتـدر نصراً الحاجب بعد مسير مؤنس فأشار بوزارة أبي علي بن مقلة فاستوزره المقتدر سنة ست عشرة وقبض على علي بن عيسى وأخيه عبد الرحمن وأقام ابن مقلة بالوزارة وأعانه فيها أبو عبد الله البريدي لمودة كانت بينهما واستمرت حاله على ذلك‏.‏ ثم عزله المقتدر ونكبه بعد سنتين وأربعة أشهر حين استوحش من مؤنس كما نذكره وكان ابن مقلـة متهمـا بالميـل إليـه فاتفـق مغيبه في بعض الوجوه فقبض عليه المقتدر‏.‏ فلما جاء مؤنس سأل فـي إعادتـه فلـم يجبـه المقتـدر أراد قتلـه فمنعـه واستوزر المقتدر سليمان بن الحسن وأمر علي بن عيسى بمشاركته في الاطلاع على الدواوين وصودر ابن مقلة على مائتي ألف دينار وأقام سليمـان فـي وزارتـه سنـة وشهريـن وعلـي بـن عيسـى يشاركـه فـي الدواويـن‏.‏ وضاقـت عليـه الأحوال إضاقة شديدة وكثرت المطالبات ووقفت وظائف السلطان‏.‏ ثم أفرد السواد بالولايـة فانقطعـت مـواد الوزيـر لأنـه كـان يقيـم مـن قبلـه مـن يشتـري توقعـات الأرزاق ممن لا يقدر على السعي في تحصيلها من العمال والفقهـاء وأربـاب البيـوت فيشتريهـا بنصـف المبلـغ فيتعـرض بعـض من كان ينتمي لمفلح الخادم لتحصيل ذلك للخليفة وتوسط له مفلح فدافع لذلك وجاهر في تحصيله من العمال فاختلت الأحوال بذلك وفضح الديوان ودفعـت الأحوال لقطع منافع الوزراء والعمال التي كانوا يرتفقون بها وإهمالهم أمور الناس بسبب ذلك‏.‏ وعاد الخلل على الدولة وتحرك المرشحون للوزارة في السعاية وضمان القيام بالوظائف وأرزاق الجنـد‏.‏ وأشـار مؤنـس بـوزارة أبي القاسم الكلواذي فاستوزره المقتدر في رجب من سنة تسع عشرة وأقام في وزارته شهرين‏.‏ وكان ببغداد رجل من المخرفين يسمى الدانيالي وكان وراقاً ذكياً محتالاً يكتب الخطوط في الورق ويداويها حتى تتم بالبلى وقد أودعها ذكر من يراه من أهل الدولة برمـوز وإشـارات ويقسم له فيها من حظوظ الملك والجاه والتمكين قسمة من عالم الغيب يوهم أنها من الحدثان القديم المأثور عن دانيال وغيره وأنها من الملاحم المتوارثة عن آبائه ففعل مثـل ذلـك بمفلـح‏.‏ وكتب له في الأوراق م م م بأن يكون له كذا وكذا وسأله مفلح عن الميم فقال هو كناية عنك لأنـك مفلـح مولـى المقتـدر‏.‏ وناسـب بينـه وبيـن علامـات مذكـورة فـي تلـك الأوراق حتى طبقها عليه فشغـف بـه مؤنـس وأغنـاه‏.‏ وكـان يداخـل الحسيـن بـن القاسـم بـن عبـد اللـه بن وهب فرمز اسمه في كتـاب وذكـر بعض علاماته المنطبقة عليه وذكر انه يستوزره الخليفة الثامن عشر من بني العباس وتستقيـم الأمـور علـى يديـه ويقهـر الأعـادي وتعمـر الدنيـا فـي أيامـه‏.‏ وخلـط ذلـك في الكتاب بحدثان كثير وقع بعضه ولم يقع الآخر‏.‏ وقرأ الكتاب على مفلح فأعجبه وجاء بالكتاب إلى المقتدر فأعجب به الآخر وقال لمفلح من تعلم بهذه القصة فقال لا أراه إلا الحسين بن القاسم‏.‏ قال صدقت وإني لأميل إليه وقد كان المقتـدر أراد ولايتـه قبل ابن مقلة وقبل الكلواذي فامتنع مؤنس‏.‏ ثم قال المقتدر لمفلح إن جاءتك رقعـة منـه بالسعـي في الوزارة فأعرضها علي‏.‏ ثم سأل مفلح الدانيالي من أين لك الكتاب قال وراثة من آبائي وهو من ملاحم دانيال‏.‏ فأنهى ذلك إلى المقتدر واغتبطوا بالحسين وبلغ الخبر إليه فكتب إلى مفلح بالسعي في الوزارة فعرض كتابه على المقتدر فأمره بإصلاح مؤنس‏.‏ واتفـق أن الكلـواذي عمـل حسابـاً بمـا يحتـاج إليـه مـن النفقـات الزائدة على الحاصل فكانت سبعمائة ألف دينار وكتب عليه أهل الديوان خطوطهم وقال‏:‏ ليس لهذه جهة إلا ما يطلقـه أمير المؤمنين‏.‏ فعظم ذلك على المقتدر وأمر الحسين بن القاسم أن يضمن جميع النفقات وزيادة ألف ألف دينار لبيت المال‏.‏ وعرض كتابه على الكلواذي فاستقال وأذن للكلواذي لشهرين من وزارته وولى الحسين بن القاسم واشترط أن لا يشاركه علي بن عيسى في شيء من أموره وإخراجه الصافية‏.‏ واختص به الحسين بن اليزيدي وابن الفرات‏.‏ ولما ولي واطلع على نقصان الارتياع وكثره الإنفاق وضاف عليه الأمر فتعجل الجباية المستقبلة وصرفها في الماضية‏.‏ وبلغ ذلـك هـارون بـن غريـب الحـال فأنهاه إلى المقتدر فرتب معه الخصي واطلع على حسابه فألقى له حسبة ليس فيها رمزه‏.‏ فأظهـر ذلـك المقتـدر وجميـع الكتـاب واطلعـوا عليهـا وقابلـوا الوزيـر بتصديـق الخصـي فيمـا قالـه وقبـض علـى الحسيـن بـن القاسـم فـي شهـر ربيـع مـن سنة عشرين لسبعة أشهـر مـن ولايتـه‏.‏ واستـوزر أبـا الـروح الفضـل بـن جعفـر وسلـم إليـه الحسيـن فلـم يؤاخـذه بإساءته ولم يزل على وزارته‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:19

أخبار القرامطة في البصرة والكوفة
كـان القرامطـة قـد استبـد طائفة منهم بالبحرين وعليهم أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجناني ورث ذلك عن أبيه واقتطعوا ذلك العمل بأسره عن الدولة كما يذكر في أخبار دولتهم عند إفرادها بالذكر‏.‏ فقد أبو طاهر البصرة سنة إحدى عشرة ومائتين وبها سبط مفلح فكبسها ليلاً في ألفين وسبعمائة وتسنموا الأسوار بالحبال وركب سبك فقتلوه ووضعوا السيف في الناس فأفحشوا في القتل وغرق كثير في الماء وأقام أبو طاهر بها سبعة عشر يوماً وحمل ما قدر عليه من الأموال والأمتعة والنساء والصبيان وعاد إلى هجر‏.‏ وولى المقتدر على البصرة محمـد بـن عبـد اللـه الفارقـي فانحـدر إليهـا بعد انصرافهم عنها‏.‏ ثم سار أبو طاهر القرمطي سنة اثنتـي عشـرة معترضـاً للحـاج فـي رجوعهـم مـن مكـة فاعتـرض أوائلهم ونهبهم وجاء الخبر إلى الحاج وهـم بعيـد وقد فنيت أزوادهم وكان معهم أبو الهيجاء بن حمدان صاحب طريق الكوفة‏.‏ ثم أغار عليهم أبو طاهر فأوقع بهم وأسر أبا الهيجاء أحمد بن بدر من أخوال المقتدر ونهب الأمتعة وسبي النساء والصبيان ورجع إلى هجر‏.‏ وبقـي الحجـاج ضاهيـن فـي الفقـر إلـى أن هلكوا ورجع كثير من الحرم إلى بغداد وأشغبوا واجتمع معهـم حـرم المنكوبيـن أيـام ابن الفرات فكان ذلك من أسباب نكبته‏.‏ ثم أطلق أبو طاهر الأسرى الذي عنده ابن حمدان وأصحابه وأرسل إلى المقتدر يطلب البصرة والأهواز فلم يجبه وسار من هجر لاعتراض الحاج وقد سار بين أيديهم جعفر بن ورقاء الشيباني في ألف رجل من قومه وكان صاحب أعمال الكوفة وعلى الحاج بمثل صاحب البحر وجنا الصفواني وطريف اليشكري وغيرهم في ستة آلاف رجل فقاتل جعفر الشيباني أولاً وهزمه‏.‏ ثم اتبع الحاج إلى الكوفة فهزم عسكرهم وفتك فيهم وأسرجنا الصفواني وهرب الباقون‏.‏ وملك الكوفة وأقام بظاهرها ستة أيـام يقيـم فـي المسجـد إلـى الليـل ويبيـت فـي عسكـره‏.‏ وحمـل مـا قـدر عليـه مـن الأمـوال والمتاع ورجع إلى هجر‏.‏ ووصل المنهزمون إلى بغداد فتقدم المقتدر إلى مؤنس بالخروج إلى الكوفة فسار إليهـا بعـد خروجهـم عنهـا واستخلـف عليها ياقوتاً ومضى إلى واسط ليمانع أبا طاهر دونها ولم يحج أحد هـذه السنـة وبعـث المقتـدر سنـة أربـع عشـرة عن يوسف بن أبي الساج من أذربيجان وسيره إلى واسـط لحـرب أبـي طاهـر‏.‏ ورجع مؤنس إلى بغداد وخرج أبو طاهر سنة خمس عشرة وقصد الكوفة وجاء الخبر إلى ابن أبي الساج فخرج من واسط آخر رمضان يسابق أبا طاهر إليها فسبقـه أبـو طاهـر وهرب العمال عنها واستولى على الأتراك والعلوفات التي أعدت بها‏.‏ ووصل ابـن أبـي السـاج ثامـن شـوال بعـد وصـول أبـي طاهر بيوم وبعث يدعوه إلى الطاعة للمقتدر فقال لا طاعة إلا لله فآذنه بالحرب وتزاحفوا يوماً إلى الليل‏.‏ ثـم انهـزم أصحـاب ابـن أبـي السـاج وأسروا ووكل أبو طاهر طبيباً يعالج جراحته ووصل المنهزمون ببغداد فأرجفوا بالهرب وبرز مؤنس المظفر لقصد الكوفة‏.‏ وقد سار القرامطة إلى عين التمر فبعث مؤنس من بغداد خمسمائة سرية ليمنعهم من عبور الفرات‏.‏ ثم قصد القرامطة الأنبار ونزلوا غربـي الفـرات وجـاؤوا بالسفـن مـن الحديثـة فأجـاز فيهـم ثلثمائـة منهـم وقاتلـوا عسكـر الخليفـة فهزموهـم واستولـوا علـى مدينـة الأنبـار‏.‏ وجـاء الخبـر إلـى بغـداد فخـرج الحاجـب فـي العساكر ولحـق بمؤنـس المظفـر واجتمعـوا فـي نيـف وأربعيـن ألـف مقاتـل إلـى عسكـر القرامطـة ليخلصـوا ابن أبي السـاج فقاتلهـم القرامطة وهزموهم‏.‏ وكان أبو طاهر قد نظر إلى ابن أبي الساج وهو يستشرف إلى الخلاص وأصحابه يشيرونه فأحضره وقتله وقتل جميع الأسرى من أصحابـه وكثـر الهـرج ببغداد واتخذوا السفن بالانحدار إلى واسط ومنهم من نقل متاعه إلى حلوان‏.‏ وكان نازوك صاحب الشرطة فأكثر التطواف بالليل والنهار وقتل بعض الدعار فاقصروا عن‏.‏ثـم سـار القرامطـة عـن الأنبار فاتحة سنة ست عشرة ورجع مؤنس إلى بغداد وسار أبو طاهر إلى الرحبة فملكها واستباحها واستأمن إليه أهل قرقيسيا فأمنهم وبعث السرايا إلى الأعراب بالجزيـرة فنهبوهـم وهربـوا بيـن يديـه وقـدر إليهـم الأتـاوة فـي كـل سنـة يحملونهـا إلـى هجـر‏.‏ ثـم سـار أبـو طاهر إلى الرقة وقاتلها ثلاثاً وبعث السرايا إلى رأس عين وكفر توثا وسنجار فاستأمنوا إليهم وخرج مؤنس المظفر من بغداد في العسكر وقصد الرقة فسار أبو طاهر عنها إلى الرحبة ووصلها مؤنس وسار القرامطة إلى هيت فامتنعت عليهم فساروا إلى الكوفة‏.‏ وخـرج مـن بغـداد نصـر الحاجـب وهـارون بـن غريـب وبنـي بـن قيـس فـي العساكر إليها ووصلت جند القرامطة إلى قصر ابن هبيرة‏.‏ ثم مرض نصر الحاجب واستخلف على عسكره أحمد بن كيغلغ وعاد فمـات فـي طريقـه وولـى مكانـه علـى عسكـره هـارون بـن غريـب وولـى مكانـه فـي الحجة ابنه أحمد‏.‏ ثم انصرف القرامطة إلـى بلادهـم ورجـع هـارون إلـى بغـداد فـي شـوال مـن السنـة‏.‏ ثـم اجتمـع بالسـواد جماعات من أهل هذا المذهب بواسط وعين التمر وولى كل جماعة عليهم رجلاً منهم فولى جماعـة واسـط حريث بن مسعود وجماعة عين التمر عيسى بن موسى وسار إلى الكوفة ونزل بظاهرها وصرف العمال عن السواد وجبي الخراج‏.‏ وسار حريث إلى أعمال الموفق وبنى بها داراً سماها دار الهجرة واستولى على تلك الناحية وكان صاحـب الحـرب بواسـط بنـي بـن قيس فهزموه فبعث إليه المقتدر هارون بن غريب في العساكر وإلى قرامطة الكوفة صافيا البصري فهزموهم من كل جانب وجاؤوا بأعلامهم بيضاء عليها مكتوب‏:‏ ‏"‏ ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فـي الـأرض ‏"‏ الآيـة وأدخلـت إلـى بغـداد منكوسـة واضمحـل أمـر القرامطـة بالسواد‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:19

استيلاء القرامطة على مكة وقلعهم الحجر الأسود
ثـم سار أبو طاهر القرمطي سنة تسع عشرة إلى مكة وحج بالناس منصور الديلمي فلما كان يوم التروية نهب أبو طاهر أموال الحجاج وفتك فيهم بالقتل حتى في المسجد والكعبة واقتلع الحجـر الأسـود وحملـه إلـى هجـر وخـرج إليه أبو مخلب أمير مكة في جماعة من الأشراف وسألوه فلم يسعفهم وقاتلوه فقتلهم وقلع باب البيت وأصعد رجلاً يقتلع الميزاب فسقط فمات وطرح القتلى في زمزم ودفن الباقين في المسجد حيث قتلوا ولم يغسلوا ولا صلي عليهم ولا كفنوا‏.‏ وقسم كسوة البيت على أصحابه ونهب بيوت أهل مكة وبلغ الخبر إلى المهدي عبيـد اللـه بإفريقية وكانوا يظهرون الدعاء له فكتب إليه بالنكير واللعن ويتهدده على الحجر الأسود فرده وما أمكنه من أموال الناس واعتذر عن بقية ما أخذوه بافتراقه في الناس‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:20

خلع المقتدر وعوده
كـان مـن أول الأسبـاب الداعيـة لذلـك أن فتنـة وقعـت بين ماجوريه هارون الحال ونازوك صاحب الشرطة في بعض مذاهب الفواحش فحبس نازوك ماجوريه هارون وجاء أصحابه إلـى محبس الشرطة ووثبوا بنائبه وأخذوا أصحابهم من الحبس‏.‏ ورفع نازوك الأمر إلى المقتدر فلم يعد أحداً منهما لمكانهما منه فعاد الأمر بينهما إلى المقاتلة‏.‏ وبعث المقتدر إليهما بالنكير فاقصـرا واستوحـش هـارون وخرج بأصحابه ونزل البستان النجمي وبعث إليه المقتدر يسترضيه فأرجف الناس أن المقتدر جعله أمير الأمـراء فشـق ذلـك علـى أصحـاب مؤنـس‏.‏ وكـان بالرقـة فكتبـوا إليـه فأسـرع العـود إلى بغداد ونزل بالشماسية مستوحشاً من المقتدر ولم يلقه وبعث ابنه أبا العباس ووزيره ابن مقلة لتلقيـه وإيناسـه فلـم يقبـل وتمكنـت الوحشـة وأسكـن المقتدر ابن خاله هارون معه في داره فازداد نفور مؤنس‏.‏ وجاء أبو العباس بن حمدان من بلاده في عسكر كبير فنزل عند مؤنس وتردد الأمراء بين المقتدر ومؤنس وسار إليه نازوك صاحب الشرطة وجاءه بني بن قيس‏.‏ وكان المقتدر قد أخـذ منه الدينور وأعادها إليه مؤنس واشتمل عليه‏.‏ وجمع المقتدر في داره هارون بن غريب وأحمد بن كيغلغ والغلمان الحجرية والرجال المصافية‏.‏ ثم انتقض أصحاب المقتدر وجاؤوا إلى مؤنـس وذلـك فـي فتـح سنـة سبـع عشـرة‏.‏ فكتـب مؤنـس إلـى المقتـدر بـأن النـاس ينكـرون سرقـه فيما أقطع الحرم والخدم من الأموال والضياع ورجوعه إليهم في تدبير ملكه ويطالبه بإخراجهم من الدار وإخراج هارون بن غريب معهم وانتزاع ما في أيديهـم مـن الأمـوال والأملـاك‏.‏ فأجـاب المقتـدر إلـى ذلـك وكتـب يستعطفـه ويذكره البيعة ويخوفه عاقبة النكث وأخرج هارون إلى الثغور الشامية والجزرية فسكن مؤنس ودخل إلى بغداد ومعه ابن حمدان ونازوك والناس يرجفون بأنه خلع المقتدر‏.‏ فلمـا كـان عشـر محـرم مـن هـذه السنة ركب مؤنس إلى باب الشماسية وتشاور مع أصحابه قليلاً ثم رجعوا إلى دار الخليفة بأسرهم وكان المقتدر قد صرف أحمد بن نصـر القسـوري عـن الحجابة وقلدها ياقوتاً وكان على حرب فارس فاستخلف مكانه ابنه أبا الفتح المظفر‏.‏ فلما جاء مؤنس إلى الدار هرب ابن ياقوت وسائر الحجبة والخدم والوزير وكل من بالدار ودخل مؤنس فأخرج المقتدر وأمه وولده وخواص جواريه فنقلهم إلى داره واعتقلهم بهـا وبلـغ الخبـر هارون بن غريب بقطربل فدخل إلى بغداد واستتر ومضى ابن حمدان إلى دار ابن طاهر فأحضر محمد بن المعتضد وبايعوه ولقبوه القاهر بالله‏.‏ وأحضروا القاضي أبا عمر المالكي عند المقتـدر للشهـادة عليـه بالخلـع وقـام ابـن حمـدان يتأسـف لـه ويبكـي ويقول‏:‏ ‏"‏ كنت أخشى عليك مثل هذا ونصحتك فلم تقبـل وآثـرت قـول الخـدم والنسـاء علـى قولـي ومـع هـذا فنحـن عبيـدك وخدمك ‏"‏‏.‏ وأودع كتاب الخلع عند القاضي أبي عمر ولم يظهر عليه أحداً حتى سلمه إلى المقتـدر بعـد عـوده فحسـن موقـع ذلك منه وولاه القضاء ولما تم الخلع عمد مؤنس إلى دار الخليفة فنهبها ومضى ابن نفيس إلى تربة أم المقتدر فاستخرج من بعض قبورها ستمائة ألف دينار وحملها إلى القاهر‏.‏ وأخـرج مؤنـس علـي بـن عيسـى الوزيـر من الحبس وولى علي بن مقلة الوزارة وأضاف إلى نازوك الحجابة مع الشرطة وأقطع ابن حمدان حلوان والدينور وهمـذان وكرمـان والصيـدرة ونهاونـد وشيراز وماسبذان مضافاً إلى ما بيده من أعمال طريق خراسان وكان ذلك منتصف المحرم‏.‏ ولما تقلد نازوك الحجابة أمر الرجالة بتقويض خيامهم من الدار وأدالهم ابن جالة من أصحابه فأسفهم بذلك وتقدموا إلى خلفاء الحجاب بأن يمنعوا الناس من الدخول إلا أصحاب المراتب فاضطربت الحجرية لذلك فلما كان سابع عشر المحرم وهو يوم الاثنين بكر الناس إلى الخليفة لحضور الموكب وامتلأت الرحاب وشاطئ دجلة بالناس وجاء الرجالة المصافية شاكي السلاح يطالبون بحق البيعة ورزق سنة وقد بلغ منهم الحنق على نازوك مبالغه‏.‏ وقعد مؤنس عن الحضور ذلك اليوم وزعق الرجالة المصافية فنهى نازوك أصحابه أن يعرضوا لهم فزاد شغبهم وهجموا على الصحن المنيعي ودخل معهم من كان على الشط من العامة بالسلـاح والقاهـر جالس وعنده علي بن مقلة الوزير ونازوك‏.‏ فقال لنازوك‏:‏ اخرج إليهم فسكنهم فخرج وهو متحامل من الخمار فتقدم إلى الرجالة للشكوى بحالهم ورأى السيوف في أيديهم فهرب فحدث لهم الطمع فيه وفي الدولة واتبعوه فقتلوه وخادمه عجيفاً ونادوا بشعار المقتدر‏.‏ وهرب كل من في الديار من سائر الطبقات وصلبوا نازوك وعجيفاً على شاطىء دجلة‏.‏ ثم ساروا إلى دار مؤنـس يطلبـون المقتـدر وأغلـق الخـادم أبـواب دار الخليفـة وكانـوا كلهـم صنائـع المقتـدر‏.‏ وقصـد أبـو الهيجـاء حمـدان الفـرات فتعلـق بـه القاهـر واستقـدم به فقال له اخرج معي إلى عشيرتـي أقتـل دونـك فوجـد الأبـواب مغلقـة فقال له ابن حمدان‏:‏ قف حتى أعود إليك ونزع ثيابه ولبس بعض الخلقان وجاء إلى الباب فوجده مغلقاً والناس من ورائه فرجع إلى القاهر وتمالأ بعض الخدام على قتله فقاتلهم حتى كشفهم ودخل في بعض مسارب البستان فجاؤوه فخرج إليهم فقتلوه وحملوا رأسه‏.‏ وانتهى الرجالة إلى دار مؤنس يطلبون المقتدر فسلمه إليهم وحملوه على رقابهم إلى دار الخلافة فلما توسط الصحن المنيعي اطمأن وسأل عن أخيه القاهر وابن حمدان وكتب لهما الأمان بخطه وبعث فيهما فقيل له أن ابن حمدان قد قتل فعظم عليه وقال واللـه مـا كـان أحمد بسيف في هذه الأيام غيره وأحضر القاهر فاستدناه وقبل رأسه وقال له لا ذنـب لـك ولـو لقبـوك المقهـور لكـان أولى من القاهر وهو يبكي ويتطارح عليه حتى حلف له على الأمان فانبسط وسكن‏.‏ وطيف برأس نازوك وابن حمدان وخرج أبو نفيس هارباً من مكان استتاره إلى الموصل ثم إلى أرمينية ولحق بالقسطنطينية فتنصر وهرب أبو السرايا أخو أبي الهيجاء إلى الموصل وأعـاد المقتـدر أبـا علـي بـن مقلـة إلـى الـوزارة وأطلـق للجنـد أرزاقهـم وزادهـم‏.‏ وبيـع مـا فـي الخزائـن بأرخـص الأثمـان وأذن فـي بيع الأملاك لتتمة الأعطيات وأعاد مؤنساً إلـى محلـه مـن تدبيـر الدولـة والتعويـل عليـه فـي أمـوره‏.‏ ويقال إنه كان مقاطعاً للمقتدر وإنه الذي دس إلـى المصافيـة والحجريـة بمـا فعلـوه ولذلـك قعـد عـن الحضور إلى القاهر‏.‏ ثم إن المقتدر حبس أخاه أخبار قواد الديلم وتغلبهم على أعمال الخليفة قـد تقـدم لنـا الخبـر عـن الديلـم فـي غيـر موضع من الكتاب وخبر افتتاح بلادهم بالجبال والأمصار التي تليها أمثل طبرستان وجرجان وسارية وآمد واستراباذ وخبر إسلامهم على يد الأطروش وأنه جمعهم وملك بهم بلاد طبرستان سنة إحدى وثلثمائة وملك من بعده أولاد والحسن بن القاسم الداعي صهره واستعمل منهم القواد على ثغورها‏.‏ فكان منهم ليلى بن النعمان كانت إليـه ولايـة جرجـان عـن الحسـن بـن القاسـم الداعـي سنـة ثمـان وثلاثيـن‏.‏ وكانـت بيـن


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:20

بنـي سامـان وبين بنـي الأطـروش والحسـن بـن القاسم الداعي وقواد الديلم حروب هلك فيها ليلى بن النعمان سنة تسـع وثلاثمائـة لـأن أمر الخلفاء كان قد انقطع عن خراسان وولوها لبني سامان‏.‏ فكانت بسبب ذلك بينهم وبين أهل طبرستان من الحروب ما أشرنا إليه‏.‏ ثـم كانـت بعـد ذلك حرب مع بني سامان فولاها من قواد الديلم شرخاب بن بهبودان وهو ابن عـم ماكـان بـن كالـي وصاحـب جيـش أبي الحسن الأطروش وقاتله سيمجور صاحب جيش بني سامـان فهزمـه وهلـك شرخـاب وولـى ابـن الأطـروش ما كان ابن كالي على استراباذ‏.‏ فاجتمع إليه الديلـم وقدمـوه علـى أنفسهم واستولى على جرجان كما يذكر ذلك كله في أخبار العلوية‏.‏ وكان مـن أصحـاب مـا كـان هـذا أسفـار ابـن شيرويـه من قواد الديلم عن ما كان إلى قواد بني سامان‏.‏ فاتصـل ببكـر بـن محمـد بـن اليسع بنيسابور وبعثه في الجنود لافتتاح جرجان وبها أبو الحسن بن كالـي نائبـاً عـن أخيـه ماكـان وهـو بطبرستـان‏.‏ فقتـل أبـو الحسـن وقـام بأمـر جرجـان علـي بـن خرشيـد‏.‏ وعلى أسفار ابن شيرويه إلى حمايتها من ما كان فزحف إليهم من طبرستان فهزموه وغلبوه عليها ونصبوا أبا الحسن وعلي بن خرشيد‏.‏ فزحف ماكان إلى أسفار وهزمه وغلبه على طبرستان ورجع إلى بكر بن محمد بن اليسع بجرجان‏.‏ ثـم توفـي بكـر سنة خمس عشرة فولى نصر بن أحمد بن سامان أسفار بن شيرويه مكانه على جرجان وبعث أسفار عن مرداوبج بن زيار الجبلي وقدمه على جيشه وقصدوا طبرستان فملكوها‏.‏ وكان الحسن بن القاسم الداعي قد استولى على الري وأعمالها من يد نصر بن سامان ومعه قائده ماكان بن كالي‏.‏ فلما غلب أسفار على طبرستان زحف إليه الداعـي وقائـده ماكـان فانهزمـا وقتـل الداعـي ورجـع ماكـان الـري واستولـى أسفـار بـن شيرويـه على طبرستان وجرجان‏.‏ ودعا لنصر بن أحمد بن سامان ونزل سارية واستعمل على آمد هارون بـن بهـرام‏.‏ ثـم سـار أسفـار إلـى الري فأخذها من يد ماكان بن كالي وسار ماكان إلى طبرستان واستولى أسفار على سائر أعمال الري وقزوين وزنجان وأبهروقم والكرخ وعظمت جيوشـه وحدثته نفسه بالملك فانتقض على نصـر بـن سامـان صاحـب خراسـان واعتـزم علـى حربـه وحرب الخليفة‏.‏ وبعـث المقتـدر هـارون بـن غريـب الحـال في عسكر إلى قزوين فحاربه أسفار وهزمه وقتل كثيراً مـن أصحابـه‏.‏ ثـم زحـف إليـه نصـر بـن سامـان مـن بخـارى فراسله في الصلح وضمان أموال الجباية فأجابه وولاه ورجع إلى بخارى فعظـم أمـر أسفـار وكثـر عيثـه وعسـف جنـده وكـان قائـده مرداويج من أكبر قواده قد بعثه أسفار إلى سلار صاحب سميرم والطرم يدعوه إلى طاعته‏.‏ فاتفـق مـع سلار على الوثوب بأسفار


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:21

وقد باطن في ذلك جماعة من قواد أسفار ووزيره محمد بـن مطـرف الجرجانـي‏.‏ ونمـي الخبـر إلـى أسفـار وثـار بـه الجنـد فهـرب إلى بيهق‏.‏ وبراء مرداويج من قزويـن إلى الري وكتب إلى ماكان بن كالي يستدعيه من طبرستان ليظاهره على أسفار فقصد ما كان أسفار فهرب أسفار إلى الري ليتصل بأهله وماله وقد كان أنزلهم بقلعة المرت وركب المفازة إليها ونمي الخبر إلى مرداويج فسار لاعتراضه‏.‏ وقدم بعض قواده أمامه فلحقه القائد وجـاء بـه إلـى مرداويـح فقتلـه ورجع إلى الري ثم إلى قزوين وتمكن في الملك وافتتح البلاد وأخذ همـذان والدينـور وقـم وقاشـان وأصبهـان وأساء السيرة في أهل أصبهان وصنع سريراً من ذهب لجلوسه‏.‏ فلما قوي أمره نازع ماكان في طبرستان فغلبه عليها‏.‏ ثم سار إلى جرجان فملكها وسار ما كان على الديلم مستنجداً بأبي الفضل الثائر بها وسار معه إلى طبرستان فقاتلهم عاملها من قبل مرداويح بالقسم ابن بايحين وهزمهم ورجع الثائر إلى الديلم وسار ماكان إلى نيسابور ثم سار إلى الدامغان فصده عنها القسم فعاد إلى خراسان‏.‏ وعظم أمر مرداويج واستولـى علـى بلـد الـري والجبـل واجتمع إليه الديلم وكثرت جموعه وعظم خرجه‏.‏ فلم يكف ما في يده من الأعمال فسما إلى التغلب على النواحي فبث إلى همذان الجيوش مع ابن أخته وكانت بها عساكر الخليفة مع محمد بن خلف فحاربهم وهزمهم وقتل ابن أخت مرداويـج‏.‏ فسار من الري إلى همذان وهرب عسكر الخليفة عنها وملكها مرداويج عنوة واستباحها‏.‏ ثم أمن بقيتهم‏.‏ وأنفذ المقتدر هارون بن غريب الحال في العساكر فلقيه مرداويج وهزمهم واستولى على بلاد الجبل وما وراء همذان وبعث قائده إلى الدينور ففتحها عنـوة وانتهـت عساكـره إلـى حلـوان فقتل وسبى‏.‏ وسار هارون إلى قرقيسيا فأقام بها واستمد المقتدر وكان معه اليشكري من قـواد أسفـار وكـان قـد استأمن بعد أسفار إلى الخليفة وسار في جملته‏.‏ وجاء مع هارون في هـذه الغـزاة إلـى نهاونـد لحمـل المـال إليـه منهـا‏.‏ فلمـا دخلها استمدت عينه إلى ثروة أهلها فصادرهم علـى ثلاثـة آلاف ألف دينار واستخرجها في مدة أسبوع وجند بها جنداً ومضى إلى أصبهان وبها يومئذ ابن كيغلغ قبل استيلاء مرداويج عليها فقاتله أحمد وانهزم وملك اليشكري أصبهان ودخل إليها أصحابه وقام بظاهرها‏.‏ وسـار أحمـد بـن كيغلـغ فـي ثلاثيـن فارسـاً إلـى بعـض قـرى أصبهان وركب اليشكري ليتطوف على السـور فنظـر إليهم فسار نحوهم فقاتلوه وضربه أحمد بن كيغلغ على رأسه بالسيف فقد المغفر وتجـاوزه إلـى دماغـه فسقـط ميتاً‏.‏ وقصد أحمد المدينة ففر أصحاب اليشكري ودخل أحمد إلى أصبهـان وذلـك قبـل استيـلاء عسكـر مرداويـج عليها فاستولى عليها وجمدوا له فيها مساكن أحمد بـن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي وبساتينه وجاء مرداويح في أربعين أو خمسين ألفاً فنزلها وبعث جمعاً إلى الأهواز فاستولوا عليها والي خوزستان كذلك وجبى أموالها وقسم الكثير منها في أصحابه وادخر الباقي وبعث إلى المقتدر يطلب ولاية هذه الأعمال وإضافة همذان وماه الكوفة إليها على مائتي ألف دينار كل سنـة فأجابـه وقاطعـه وولـاه وذلـك سنـة تسـع عشـرة‏.‏ ثم دعا مرداويح سنة عشرين أخاه وشكمير من بلاد كيلان فجاء إليه بدوياً حافياً بما كـان يعانـي مـن أحـوال البـداوة والتبـذل فـي المعـاش ينكـر كل ما يراه من أحوال الترف ورقة العيش‏.‏ ثـم صـار إلـى ترف الملك وأحوال الرياسة فرقت حاشيته وعظم ترفه وأصبح من عظماء الملوك وأعرفهم بالتدبير والسياسة‏.‏ كان بداية أمره عاملاً على الأهواز وضبط ابن ماكرلان هذا الاسم بالموحـدة والـراء المهملـة نسبـة إلـى البريـد‏.‏ وضبطـه ابـن مسكويـه باليـاء المثنـاة التحتانيـة والـزاي نسبـة إلـى يزيـد بـن عبـد اللـه بـن المنصور الحميري كان جده يخدمه ولما ولي علي بن عيسى الوزارة واستعمل العمال وكان أبو عبد الله قد ضمن الخاصة بالأهواز وأخوه أبو يوسف على سوق فائق من الاقتصارية وأخوه على هذا‏.‏ فلما وزر أبو علي بن مقلة بذل له عشرين ألف دينار على أن يقلده أعمالاً فائقة فقلده الأهواز جميعها غيـر السـوس وجناسبـور وقلـد أخـاه أبـا الحسـن القرآنيـة وأخاهمـا أبـا يوسف الخاصة والأسافل وضمن المال أبا يوسف السمسار وجعل الحسين بن محمد المارداني مشرفـاً علـى أبي عبد الله فلم يلتفت إليه وكتب إليه الوزير ابن مقلة بالقبض على بعض العمال ومصادرته‏.‏ فأخذ منه عشرة آلاف دينار واستأثر بها على الوزير فلما نكب ابن مقلة كتب المقتـدر بخطه إلى الحاجب أحمد بن نصر القسوري بالقبض على أولاد البريدي وأن لا يطلقهم إلا بكتابـه فقبـض عليهـم وجـاء أبـو عبـد اللـه بكتـاب المقتـدر بخطـه بإطلاقهـم‏.‏ وظهـر تزويره فأحضرهم إلى بغداد وصودروا على أربعمائة ألف دينار فأعطوها‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:21

الصوائف أيام المقتدر
سار مؤنس المظفر سنة ست وتسعين في العساكر من بغداد إلى الفرات ودخل من ناحية ملطيـة ومعـه أبـو الأغـر السلمـي فظفـر وغنـم وأسـر جماعـة‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:21

وفي سنة سبع وتسعين
بعث المقتدر أبا القاسم بن سيما لغـزو الصائفـة سنـة ثمـان وتسعيـن‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:22

وفي سنة تسـع وتسعيـن
غـزا بالصائفـة رستـم أمير الثغور ودخل من ناحية طرسـوس ومعـه دميانـة وحاصـر حصـن مليـح الأرمنـي ففتحـه وأحرقـه‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:22

وفي سنة ثلاثمائـة
مـات اسكنـدروس بـن لـاور ملـك الـروم وملـك بعـده ابنه قسطنطين ابن اثنتـي عشـرة سنـة‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:22

وفي سنة اثنتيـن وثلاثمائـة
سـار علـي بـن عيسى الوزير في ألف فارس لغزو الصائفـة لبسـر الخـادم عامـل طرسـوس ولـم يتيسـر لهـم الدخـول فـي المصيـف فدخلـوا شاتية في كلب البرد وشدته وغنموا وسبوا‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:22

وفي سنة اثنتيـن وثلاثمائـة
غـزا بسـر الخـادم والـي طرسـوس بلـاد الـروم ففتـح وغنـم وسبـى وأسـر مائـة وخمسين وكان السبي نحواً من ألفي راس‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:23

وفي سنة ثلاث وثلاثمائة
أغارت الروم على ثغور الجزيرة ونهبوا حصن منصور وسبوا أهله بتشاغل عسكر الجزيرة بطلب الحسين بن حمدان مع مؤنس حتى قبض عليه كما مر‏.‏ وفي هذه السنة خرج الروم إلى ناحية طرسوس والفرات‏.‏ فقاتلـوا وقتلـوا نحـواً مـن ستمائـة فـارس‏.‏ وجاء مليح الأرمني إلى مرعش فعاث في نواحيها‏.‏ ولم يكن للمسلمين في هذه السنة صائفة‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:23

وفي سنة أربع
بعدها سار مؤنس المظفر بالصائفة ومر بالموصل فقلد سبكا المفلحي باريدي وقردي من أعمال الفرات وقلد عثمان العبودي مدينة بلد وسنجار ووصيفاً البكتمري باقي بلاد ربيعة وسار إلى ملطية فدخل منها وكتب إلى أبي القاسم علي بن أحمد بن بسطام أن يدخـل مـن طرسـوس فـي أهلها ففتح مؤنس حصوناً كثيرة وغنم وسبى ورجع إلى بغداد فأكرمه المعتضد وخلع عليه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:23

وفي سنة خمس وثلاثمائة
وصل رسولان من ملك الروم إلى المقتدر في المهادنة والفداء فتلقيا بالإكرام وجلس لهما الوزير في الأبهة وصف الأجناد بالسلاح العظيم الشأن والزينـة الكاملـة فأديـا إليـه الرسالـة وأدخلهمـا مـن الغـد على المقتدر وقد احتفل في الأبهة ما شاء‏.‏ فأجابهما إلى مـا طلـب ملكهـم‏.‏ وبعـث مؤنسـاً الخـادم للفداء وجعله أميراً على كل بلد يدخله إلى أن ينصرف‏.‏ وأطلق الأرزاق الواسعة لمن سار معه من الجنود وأنفذ معه مائة وعشرين ألف دينار للفدية‏.‏ وفيهـا غـزا الصائفـة جنـا الصفوانـي فغنـم وغـزا وسيـر نمالـي الخادم في الأسطول فغنم‏.‏ وفي السنة بعدها غزا نمالي في البحر كذلك وجنا الصفواني فظفر وفتح وعاد وغزا بشر الأفشين بلاد الروم ففتح عدة حصون وغنم وسبى‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:24

وفي سنة سبع
غزا نمالي في البحر فلقي مراكب المهدي صاحب إفريقية فغلبهم وقتل جماعة منهم وأسر خادماً للمهدي‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:24

وفي سنة عشر وثلاثمائة
غزا محمد بن نصر الحاجب من الموصل على قاليقلا فأصاب من الروم‏.‏ وسار أهل طرسوس من ملطية فظفروا واستباحوا وعاثوا‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:24

وفي سنة إحـدى عشـرة
غـزا مؤنـس المظفـر بلـاد الروم فغنم وفتح حصوناً‏.‏ وغزا نمالي في البحر فغنـم ألـف رأس مـن السبي وثمانية آلاف من الظهر ومائة ألف من الغنم وشيئاً كثيراً من الذهب والفضة‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:24

وفي سنة اثنتي عشرة
جاء رسول ملك الروم بالهدايا ومعه أبو عمر بن عبد الباقي يطلبان الهدنة وتقرير الفداء فأجيبا إلى ذلك‏.‏ ثم غدروا بالصائفة فدخل المسلمون بلاد الروم فأثخنوا ورجعـوا‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:25

وفي سنة أربـع عشـرة
خرجـت الروم إلى ملطية ونواحيها من الدمستق ومليح الأرمني صاحـب الـدروب وحاصـروا ملطيـة وهربـوا إلـى بغـداد واستغاثـوا فلم يغاثوا‏.‏ وغزا أهل طرسوس بالصائفة فغنموا ورجعوا‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:25

وفي سنة خمس عشرة
دخلت سرية من طرسوس إلى بلاد الروم فأوقـع بهـم الـروم وقتلـوا أربعمائة رجل صبراً وجاء الدمستق في عساكر من الروم إلى مدينة دبيل وبها نصر السبكي فحاصرها وضيق مخنقها واشتد في قتالها حتى نقـب سورهـا ودخـل الـروم إليهـا ودفعهـم المسلمـون فأخرجوهـم وقتلـوا منهـم بعـد أن غنمـوا مـا لا يحصـى وعاثوا في أنعامهم فغنموا من الغنم ثلاثمائـة ألـف رأس فأكلوهـا‏.‏ وكـان رجـل مـن رؤساء الأكراد يعرف بالضحاك في حصن له يعرف بالجعبـري فتنصـر وخـدم ملـك الـروم فلعيـه المسلمون في سنة الغزاة فأسروه وقتلوا من معه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:25

وفي سنة ست عشرة وثلاثمائة
خرج الدمستق في عساكر الروم فحاصر خلاط وملكها صلحـاً وجعل الصليب في جامعها ورحل إلى تدنيس ففعل بها كذلك‏.‏ وهرب أهل أردن إلى بغداد واستغاثوا فلم يغاثوا‏.‏ وفيهـا ظهـر أهل ملطية على سبعمائة رجل من الروم والأرمن دخلوا بلدهم خفية وقدمهم مليح الأرمنـي ليكونـوا لهـم عونـاً إذا حاصروهـا فقاتلهـم أهل ملطية عن آخرهم‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:25

وفي سنة سبع عشرة
بعث أهل الثغور الجزرية مثل ملطية وفارقين وآمد وارزا يستمدون المقتدر في العساكر وإلا فيعطوا الأتاوة للروم فلم يمدهم فصالحوا الروم وملكوا البلاد‏.‏ وفيها دخل مفلح الساجي بلاد الـروم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:26

وفي سنة عشريـن
غـزا نمالـي بلـاد الـروم مـن طرسـوس ولقي الروم فهزمهم وقتل منهم ثلثمائة وأسـر ثلاثـة آلـاف وغنـم مـن الفضـة والذهـب شيئـاً كثيـراً وعـاد بالصائفـة فـي سنته في حشد كثير وبلغ عمورية فهرب عنها من كان تجمع إليها من الروم ودخلها المسلمون فوجدوا من الأمتعة والأطعمة كثيراً فغنموا وأحرقوا وتوغلوا في بلاد الروم يقتلون ويكتسحون ويخربون حتى بلغوا انكموريـة التـي مصرهـا أهـده وعادوا سالمين‏.‏ وبلغت قيمة السبي مائة ألف وستة وثلاثين ألف دينار‏.‏ وفي هذه السنة راسل ابن الريداني وغيره من الأرمن في نواحي أرمينية وحثوا الروم على قصد بلاد الإسلام فساروا وخربوا نواحي خلاط وقتلوا وأسروا فسار إليهم مفلح غلام يوسـف بـن أبـي السـاج من أذربيجان في جموع من الجند والمتطوعة فأثخن في بلاد الروم حتى يقـال إن القتلـى بلغـوا مائـة ألف وخرب بلاد ابن الريداني ومن وافقه وقتل ونهب‏.‏ ثم جاءت الروم إلى سميساط فحصروها وأمدهم سعيد بن حمدان وكان المقتدر ولاه الموصل وديار ربيعة على أن يسترجع ملطية من الروم‏.‏ فلما جاء‏.‏ رسول أهل سميساط إليهم فأجفل الروم عنها فسار إلى ملطية وبها عساكر الروم ومليح الأرمني صاحب الثغور الرومية وبني ابن قيس صاحب المقتدر الذي تنصر‏.‏ فلما أحسوا بإقبال سعيد هربوا وتركوها خشية أن يثب بهم أهلها وملكها سعيد فاستخلف عليها وعاد إلى الموصل‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:26

الولايات على النواحي أيام المقتدر
كان بأصبهان عبد الله بن إبراهيم السمعي عاملاً عليها خالف لأول ولاية المقتدر وجمع من الأكـراد عشـرة آلـاف وأمـر المقتـدر بمـرا الحمامـي عامل أصبهان بالمسير إليه‏.‏ فسار إليه في خمسة آلاف من الجند وأرسل من يخوفه عاقبة المعصية فراجع الطاعة وسار إلى بغداد واستخلف علـى أصبهـان‏.‏ وكـان علـى اليمـن المظفر بن هاج‏.‏ ففتح ما كان غلب عليه الحرثي باليمن وأخذ الحاتمـي مـن أصحابـه‏.‏ وكـان علـى الموصـل أبو الهيجاء بن حمدان وسار أخوه الحسين بن حمدان وأوقـع بأعـراب كلـب وطـيء وأسـر سنـة أربـع وتسعيـن‏.‏ ثـم سـار إلـى الأكراد المتغلبين على نواحي الموصـل سنـة خمـس وتسعيـن فاستباحهـم وهربـوا إلـى رؤوس الجبـال‏.‏ وخرج بالحاج في سنة أربع وتسعين رصيف بن سوارتكين فحصره أعراب طيء بالقتال وأوقعهم فهزمهـم ومضـى إلـى وجهه‏.‏ ثم أوقع بهم هنالك الحسن بن موسى فأثخن فيهم‏.‏ وكان على فارس سنة ست وتسعين اليشكري غلام عمرو بن الليث فلما تغلب وكان على الثغور الشامية أحمد بن كيغلغ في سنة سبع وتسعين ملك الليث فارس من يد اليشكري ثم جـاءه مؤنـس فغلبـه وأسـره ورجـع اليشكـري إلـى عملـه كمـا مـر فـي خبـره‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:26

وفي سنة ست وتسعين
وصـل ناسـر موسى بن سامان وقلد ديار ربيعة وقد مر ذكره‏.‏ وفيها رجع الحسين بن حمدان من الخلاف وعقد له على قم وقاشان فسار إليها ونزل عنها العباس بن عمر الغنوي‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:27

وفي سنة سبـع وتسعيـن
توفـي عيسـى النوشـري عامـل مصـر وولـى المقتـدر مكانـه تكيـن الخـادم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:27

وفي سنة ثمـان وتسعيـن
توفـي منيـح خـادم الأفشيـن وهـو علـى فـارس وكـان معـه محمد بن جعفر الفريابي فماتـا معـاً وولـى علـى فـارس عبـد اللـه بن إبراهيم المسمعي وأضيفت إليه كرمان‏.‏ وفيها وليت أم موسى الهاشمية قهرمة دار المقتدر وكانت تؤدي الرسائل عن المقتدر وأمه إلى الوزراء وعن الوزراء إليهما‏.‏ وفي سنه تسع وتسعين كان على البصرة محمد بن إسحاق بن كنداج وجاء إليه القرامطة فقاتلهم فهربـوا‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:27

وفي سنة ثلاثمائـة
عـزل إبراهيـم بـن عبـد اللـه المسمعـي عـن فـارس وكرمـان ونقـل إليهـا بـدر الحمامـي عامـل أصبهان وولى على أصبهان علي بن وهشودان‏.‏ وفيها ولي بشير الأفشين طرسوس وفيها قلد أبو العباس بن المقتدر مصر والمغرب وهو ابن أربع سنين واستخلف له على مصر مؤنس المظفر وقلد معين الطولوني المعونة بالموصل‏.‏ ثم عزل واستعمل مكانه نحرير الصغيـر‏.‏ وفيهـا خالـف أبـو الهيجـاء عبـد اللـه بـن حمـدان بالموصل فسار إليه مؤنس وجاء به على الأمان‏.‏ ثم قلد الموصل سنة اثنتين وثلاثمائة فاستخلف عليها وهو ببغداد‏.‏ ثم خالف أخوه الحسيـن سنـة ثلثمائـة وسـار إليـه مؤنـس وجـاء بـه أسيـراً فحبـس‏.‏ وقبـض المقتـدر علـى أبي الهيجاء وأخوته جميعاً فحبسـوا‏.‏ وفيهـا ولـى الحسيـن بـن محمـد بـن عينونـة عامـل الخـراج والضيـاع بديـار ربيعـة بعد وفاة أبيه محمد بن أبي بكر‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:27

وفي سنة أربـع
عـزل علـي بـن وهشـودان صاحـب الحـرب بأصبهـان بمنافـرة وقعت بينه وبين أحمد بن شاه صاحب الخراج وولى مكانه أحمد بن مسرور البلخي‏.‏ وأقام ابن وهشودان بنواحي الجبل‏.‏ ثم تغلب يوسف بن أبي الساج عليها كما مر وسار إليه مؤنس سنة سبع فهزمه وأسره وولى على أصبهان وقم وقاشان وساوة أحمد بن علي بل صعلوك وعلى الري ودنباوند وقزوين وأبهر وزنجان علي بن وهشودان اسمط عاه من الجبل فولـاه ووثـب بـه عمـه أحمـد بن مسافر صاحب الكرم فقتله بقزوين‏.‏ فاستعمل مكانه على الحرب وصيفاً البكتمري وعلى الخراج محمد بن سليمان‏.‏ ثـم سـار أحمـد بـن صعلـوك إليهـا فقتـل محمـد بـن سليمـان وطرد وصيفاً ثم قاطع على الأعمال بمال معلوم كما مر‏.‏ وكان على أعمال سجستان كثير بن أحمد مقهور متغلباً عليها فسار إليه أبو الحمامي عامل فارس فخافه كثيراً وقاطع على البلاد وعقد له عليها‏.‏ وكان على كرمان سنة أربـع وثلاثمائة أبو زيد خالد بن محمد المارداني فانتقض وسار إلى شيراز فقاتله بدر الحمامي وقتلـه‏.‏ وفـي هـذه السنـة قتـل مؤنـس المظفـر عنـد مسيـره إلـى الصائفـة وانتهائـه إلـى الموصل فولوا على بلـد باريـدي وقردى سبكاً المفلحي وعلى مدينة بلد وسنجار وباكري عثمان العبودي صاحب الحرب بديار مصر فولى مكانه وصيف البكتمري فعجز عن القيام بها فعزل وولى مكانه جنا الصفواني‏.‏ وكان علـى البصـرة فـي هـذه السنـة الحسـن بـن الخليـل تولاهـا منـذ سنيـن ووقعـت فتـن بينـه وبين العامة في مضر وربيعة واتصلت وقتل منهم خلق‏.‏ ثم اضطروه إلى الالتحاق بواسط فاستعمـل عليهـا أبـا دلـف هاشـم بـن محمـد الخزاعي ثم عزل لسنة وولى سبكاً المفلحي نيابة عن


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:28

وفي سنة ست وثلاثمائة
عزل عن الشرطة نزار وجعل فيها نجيح الطولوني فأقام في الأرباع فقهاء يعمل أهل الشرطة بفتواهم فضعفت الهيبـة بذلـك وكثـر اللصـوص والعيـارون وكبسـت دور التجار واختطفت ثياب الناس‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:28

وفي سنة سبع وثلثمائة
ولي إبراهيم بن حمدان ديار ربيعة وولي بني بن قيس بلاد شهرزور واتسعت عليه فاستمد المقتدر وحاصرها‏.‏ ثم قلد الحرب بالموصل وأعمالها وكان على الموصل قبله محمد بن إسحاق بن كنداج وكان قد سار لإصلاح البلاد فوقعت فتنة بالموصل فرجع إليها فمنعوه الدخول فحاصرهم‏.‏ وعزلـه المقتـدر سنة ثلاث وثلاثمائة وولي مكانه عبد الله بن محمد الغساني‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:28

وفي سنة ثمان وثلاثمائة
ولى المقتدر أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان على طريق خراسان والدينور وفيها ولى على دقوقا وعكبرا وطريق الموصل بدراً الشرابي‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:28

وفي سنة تسع
ولى المقتدر على حرب الموصل ومعونتها محمد بن نصر الحاجب فسار إليها وأوقع بالمخالفين من الأكراد المادرانيـة‏.‏ وفيهـا ولـى داود بـن حمـدان علـى ديـار ربيعـة‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:29

وفي سنة عشـر
عقـد ليوسـف بـن أبـي السـاج على الري وقزوين وأبهر وزنجان وأذربيجان على تقدير العلوية كما مر‏.‏ وفيها قبض المقتدر على أم موسى القهرمانة لأنها كانت كثيرة المال وزوجت بنت أختهـا مـن بعـض ولـد المتوكـل كـان مرشحـاً للخلافـة وكـان محسنـاً‏.‏ فلمـا صاهرتـه أوسعـت في الشوار واليسار والعرس وسعى بها إلى المقتدر أنها استخلصت كالقواد فقبض عليها وصادرها على أموال عظيمة وجواهر نفيسة‏.‏ وفيها قتل خليفة نصر بن محمد الحاجب بالموصل قتله العامة فجهز العساكر من بغداد وسار إليها‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:29

وفي سنة إحدى عشرة
ملك يوسف بن أبي الساج الري من يد أحمد بن علي صعلوك وقتله المقتدر وقد مر خبره‏.‏ وفيها ولى المقتدر بنى بن قيس على حرب أصبهان وولى محمد بن بدر المعتضدي على فارس مكان ابنه بدر عندما هلك‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:29

وفي سنة اثنتي عشرة
ولى على أصبهـان يحيـى الطولونـي وعلـى المعاون والحرب بنهاوند سعيد بن حمدان‏.‏ وفيها توفي محمد بن نصـر الحاجـب صاحـب الموصـل وتوفـي شفيع اللؤلؤي صاحب البريد فولى مكانه شفيع المقتدري‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 19 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:30

وفي سنة ثلـاث عشـرة
فتـح إبراهيم المسمعي عامل فارس ناحية القفص من حدود كرمان وأسر منهـم خمسـة آلـاف‏.‏ وكـان فـي هـذه السنـة ولـي علـى الموصـل أبـا الهيجـاء عبـد الله بن حمدان وابنه ناصر الدولة خليفة فيها فأفسد الأكراد والعرب بأرض الموصل وطريق خراسان وكانت إليه فكتب إليه ابنه ناصر الدولة سنة أربع عشرة بالانحدار إلى تكريت للقائه فجاءه في الحشد وأوقـع بالعرب والأكراد الخلالية وحسم علتهم‏.‏ وفيها قلد المقتدر يوسف بن أبي الساج أعمال الشرق وعزله عن أذربيجان وولاه واسط وأمده بالسير إليها لحرب القرامطة وأقطعه همذان وساوة وقم وقاشان وماه البصرة وماه الكوفة‏.‏ للنفقة في الحرب وجعل على الري من أعماله نصر بن سامان فوليها وصار من عماله كما مر‏.‏ وفيها ولى أعمال الجزيرة والضياع بالموصل أبـا الهيجـاء عبـد اللـه بـن حمـدان وأضيـف إليـه باريدي وقردي وما إليهما‏.‏ وفيها قتل ابن أبي الساج كما مر‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 19 من اصل 20 الصفحة السابقة  1 ... 11 ... 18, 19, 20  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى