جفاف الدموع
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
- so fashel
عضو مجتهد
- المشاركات : 181
الوظيفة : موظف فى مزيكا ايجى
>> جفاف الدموع <<
دارٌ متسعة نسبياً من الطين اللبن ، أسرةٌ تتكون من أب و أم و ولد و فتاة ،حقلٌ يحصد منه رزقه ، و القليل من المواشى التى تساعده على عمله و يحصل منها على بعض الخيرات و بعض الكسب من بيع منتجاتها .. هكذا كانت أحـلام ( شحاتة ) ؛ الشاب الريفى البسيط .. ها هو قد تجاوز الثلاثين عاماً بشهورٍ قليلة ، و مازالت تلك الأحـلام تراوده ما بين الحين و الآخر لتترك إحساسـاً بالحزن فى أعماق قلبه ، كوحشٍ ضارٍ لا يترك فريسته حتى تأخذ أنيابه طريقهـا نحو عنقه لتذيب أى أثر من أثـار الأمل . وكيف له أن يحققها و هو يحمل مسؤلية أمه و إخوته فوق عاتقه .
لم يعرفْ ( شحاتة ) طعماً للراحة قَطْ ؛ فهو من أسرةٍ أقرب للفقر منه إلى الغنى . منذ نعومة أظافره ؛ كان يذهب إلى العمل فى إحدى مخابز القرية ، يرى الأطفال فى عمره يلعبون و يضحكون فى الطرقـات ، يظل ينظر إليهم و هو يتجه إلى العمل فى بطىء كأنَّ قدميه يريدان العبث قليلاً بين هؤلاء الأطفال ، و لكنَّ نفسه تحدثه عن بعض الجنيهات التى سيأخذها اليوم من صاحب المخبز ليذهب بهنَّ إلى أمه و يبذر فى قلبها الفرحة . تدور عجلة الأيام ، و يودِّع ( شحاتة ) أيام طفولته - التى لم يقضِ فيها يوماً كبقية الأطفال - و يصبح شاباً فى ريعان شبابه و قد ضحَّى بحقه فى التعليم من أجل توفير متطلبات أمه و إخوته بعد أن رحل عنهم رب الأسرة ليتزوج بامرأةٍ أخرى تاركاً خلفه – دون مبالاة - أربعة أفواه و زوجة يعتصرها الحزن على ما آلت إليهـا حياتها و حياة أبناءها .
تمر السنون تِباعاً و تزداد الحياة صعوبةً بتضاعف متطلبات الأسرة و تزداد بدورها أعباء( شحاتة ) مما اضطره إلى أن يقتسم جزءاً من وقت راحته ليبدأ فى عملٍ آخر يساعده على مقاومة أمواج الحياة العاتية .. يعود من عمله الثانى متأخراً فى الليل ليجد أمه و قد ملأ الحزن كل ثنايا وجهها شفقةً على ابنها و ما يعانيه ، يبتسم ( شحاتة ) ليزيح بعضاً من الأحزان المتراكمة على قلب أمه و يطبع قبلة حنانٍ على جبينها ، و لا يكاد أن يختلى بنفسه فى غرفته حتى يُلقى بنفسه على سريره المتهالك كجسده ، يحترق بداخله و يتألم .. لا من الإجهاد .. بل من وجع نظرات أمه الحزينة و نظرات إخوته عندما يطلبون شيئاً و يكون جوابه " ليس الآن " ، فهو لا يجنى من عمله ما يكفى متطلبات أسرته .. يُخرِج زفرةً محترقةً من بركان صدره لا يستطيع معها منع قطـرات الدمع من التساقط ، كطفلٍ أحس بضعفه و قلة حيلته ، يفتقد أبويه فينزوى وحيداً و يجهش بالبكاء .
لم يكن لـ ( شحاتة ) صديقاً مقرَّباً يبثُّ إليه همه و نجواه غير وسادته التى تبتلع كل يـومٍ قطرات الأسى التى تفرُّ من قبضات جفونه الملتهبة لتتخذ من الوسادة مَجْرًا لها .. يستيقظ فى صباح كل يومٍ و يزيل أثار البكاء حتى لا تراها أمه فيزداد عناؤها .
كثيراً ما كان يتمسك ( شحاتة ) بأحلامه البسيطة برغم علمه أنه لا سبيل أمامه لتحقيقها ، و لا يعلم ما الذى يدفعه للحُلم ؛ ربما رغبته فى ترك الواقع و الخروج من دائرة الهموم ، أو ربما أراد أن يحتفظ بحقه فى أن يحلم .. لكنْ سريعاً كانت تنقضى لحظات الخيال و يعود ( شحاتة ) إلى أرض الواقع الجرداء و قد ملأ الحزن و الأسى جميع أركانه.
فى صباح أحد الأيام ، و بعد أن قام ( شحاتة ) بإزالة أحزانه من فوق وسادة الأحلام ، ألقى التحية على أمه فردت عليه بإبتسامة هادئة أثارت بداخله شعوراً بالحيرة أكثر منه بالطمأنينة و لكن ما كان منه إلا أن قابلها بإبتسامة تعبر عن حيرته .. جلسوا لتناول الإفطار ، لم يستطع كتم فضوله فبادر أمه بالسؤال فى لطف ، و لم تستطع هى الأخرى كتم فرحتها و أجابته بأن جارتهم أخبرتها اليوم أن ولدها سيذهب للعمل بأحدى المصانع الكبرى بالقاهرة و أن المصنع يحتاج إلى الكثير من الأيدى العاملة بمرتبات كبيرة و طلب إليها أن تذهب إلى ( شحاتة ) لتخبره بأن يتقدم للعمل هناك .. و كأنما أشرقت الشمس - و لأول مرة - فى سماء حياته المظلمة ، لمع بريق الأمل فى عينيه و اتسعت إبتسامته ، احتضن أمه و قبَّل يديها و جبينها و ترقرقت عينـاه بالدموع ، و أخذت الفرحة تنساب بين عروقه .
و فجأة .. جفت إبتسامته و انطفأ الأمل فى عينيه ؛ كيف يغادر قريته و يترك أسرته ؟؟ من سيراعى أسرته فى غيابه ؟؟ .. و قبل أن يذهب بعقله إلى العديد من التساؤلات لاحظت أمه نظرة القلق فى عينيه و قد قرأت ما يدور بذهنه ، فأخذت تطمئنه و تُذْهِب عنه ما يجول بخاطره من قلق.. اطمئن ( شحاتة ) لحديث أمه و علت إبتسامة الأمل وجهه.
ذهب ( شحاتة ) إلى عمله و قدماه تحملهما الرياح لا الأرض .. يعود من عمله مبكراً و مازالت تلك الإبتسامة تعلو ملامح وجهه ، يعد نفسه للسفر فى الصباح ، يدخل غرفته لينام و قد أصبح لليل مذاقٌ آخر ، يفكر فى الحياة الجديدة ، يتذكر أحلامه و قد حان الوقت لتحقيقها .. ينقضى الليل شيئاً فشيئاً و مازال (شحاتة ) غارق فى أفكاره و أحلامه إلى أن يغلبه النعاس ، يستقيظ فى الصباح ليجد أن دموعه قد جفت .
لم يعرفْ ( شحاتة ) طعماً للراحة قَطْ ؛ فهو من أسرةٍ أقرب للفقر منه إلى الغنى . منذ نعومة أظافره ؛ كان يذهب إلى العمل فى إحدى مخابز القرية ، يرى الأطفال فى عمره يلعبون و يضحكون فى الطرقـات ، يظل ينظر إليهم و هو يتجه إلى العمل فى بطىء كأنَّ قدميه يريدان العبث قليلاً بين هؤلاء الأطفال ، و لكنَّ نفسه تحدثه عن بعض الجنيهات التى سيأخذها اليوم من صاحب المخبز ليذهب بهنَّ إلى أمه و يبذر فى قلبها الفرحة . تدور عجلة الأيام ، و يودِّع ( شحاتة ) أيام طفولته - التى لم يقضِ فيها يوماً كبقية الأطفال - و يصبح شاباً فى ريعان شبابه و قد ضحَّى بحقه فى التعليم من أجل توفير متطلبات أمه و إخوته بعد أن رحل عنهم رب الأسرة ليتزوج بامرأةٍ أخرى تاركاً خلفه – دون مبالاة - أربعة أفواه و زوجة يعتصرها الحزن على ما آلت إليهـا حياتها و حياة أبناءها .
تمر السنون تِباعاً و تزداد الحياة صعوبةً بتضاعف متطلبات الأسرة و تزداد بدورها أعباء( شحاتة ) مما اضطره إلى أن يقتسم جزءاً من وقت راحته ليبدأ فى عملٍ آخر يساعده على مقاومة أمواج الحياة العاتية .. يعود من عمله الثانى متأخراً فى الليل ليجد أمه و قد ملأ الحزن كل ثنايا وجهها شفقةً على ابنها و ما يعانيه ، يبتسم ( شحاتة ) ليزيح بعضاً من الأحزان المتراكمة على قلب أمه و يطبع قبلة حنانٍ على جبينها ، و لا يكاد أن يختلى بنفسه فى غرفته حتى يُلقى بنفسه على سريره المتهالك كجسده ، يحترق بداخله و يتألم .. لا من الإجهاد .. بل من وجع نظرات أمه الحزينة و نظرات إخوته عندما يطلبون شيئاً و يكون جوابه " ليس الآن " ، فهو لا يجنى من عمله ما يكفى متطلبات أسرته .. يُخرِج زفرةً محترقةً من بركان صدره لا يستطيع معها منع قطـرات الدمع من التساقط ، كطفلٍ أحس بضعفه و قلة حيلته ، يفتقد أبويه فينزوى وحيداً و يجهش بالبكاء .
لم يكن لـ ( شحاتة ) صديقاً مقرَّباً يبثُّ إليه همه و نجواه غير وسادته التى تبتلع كل يـومٍ قطرات الأسى التى تفرُّ من قبضات جفونه الملتهبة لتتخذ من الوسادة مَجْرًا لها .. يستيقظ فى صباح كل يومٍ و يزيل أثار البكاء حتى لا تراها أمه فيزداد عناؤها .
كثيراً ما كان يتمسك ( شحاتة ) بأحلامه البسيطة برغم علمه أنه لا سبيل أمامه لتحقيقها ، و لا يعلم ما الذى يدفعه للحُلم ؛ ربما رغبته فى ترك الواقع و الخروج من دائرة الهموم ، أو ربما أراد أن يحتفظ بحقه فى أن يحلم .. لكنْ سريعاً كانت تنقضى لحظات الخيال و يعود ( شحاتة ) إلى أرض الواقع الجرداء و قد ملأ الحزن و الأسى جميع أركانه.
فى صباح أحد الأيام ، و بعد أن قام ( شحاتة ) بإزالة أحزانه من فوق وسادة الأحلام ، ألقى التحية على أمه فردت عليه بإبتسامة هادئة أثارت بداخله شعوراً بالحيرة أكثر منه بالطمأنينة و لكن ما كان منه إلا أن قابلها بإبتسامة تعبر عن حيرته .. جلسوا لتناول الإفطار ، لم يستطع كتم فضوله فبادر أمه بالسؤال فى لطف ، و لم تستطع هى الأخرى كتم فرحتها و أجابته بأن جارتهم أخبرتها اليوم أن ولدها سيذهب للعمل بأحدى المصانع الكبرى بالقاهرة و أن المصنع يحتاج إلى الكثير من الأيدى العاملة بمرتبات كبيرة و طلب إليها أن تذهب إلى ( شحاتة ) لتخبره بأن يتقدم للعمل هناك .. و كأنما أشرقت الشمس - و لأول مرة - فى سماء حياته المظلمة ، لمع بريق الأمل فى عينيه و اتسعت إبتسامته ، احتضن أمه و قبَّل يديها و جبينها و ترقرقت عينـاه بالدموع ، و أخذت الفرحة تنساب بين عروقه .
و فجأة .. جفت إبتسامته و انطفأ الأمل فى عينيه ؛ كيف يغادر قريته و يترك أسرته ؟؟ من سيراعى أسرته فى غيابه ؟؟ .. و قبل أن يذهب بعقله إلى العديد من التساؤلات لاحظت أمه نظرة القلق فى عينيه و قد قرأت ما يدور بذهنه ، فأخذت تطمئنه و تُذْهِب عنه ما يجول بخاطره من قلق.. اطمئن ( شحاتة ) لحديث أمه و علت إبتسامة الأمل وجهه.
ذهب ( شحاتة ) إلى عمله و قدماه تحملهما الرياح لا الأرض .. يعود من عمله مبكراً و مازالت تلك الإبتسامة تعلو ملامح وجهه ، يعد نفسه للسفر فى الصباح ، يدخل غرفته لينام و قد أصبح لليل مذاقٌ آخر ، يفكر فى الحياة الجديدة ، يتذكر أحلامه و قد حان الوقت لتحقيقها .. ينقضى الليل شيئاً فشيئاً و مازال (شحاتة ) غارق فى أفكاره و أحلامه إلى أن يغلبه النعاس ، يستقيظ فى الصباح ليجد أن دموعه قد جفت .
- الشاذلي الاماش
عضو مجتهد
- المشاركات : 78
السلامو عليكم ورحمة الله وبركاتة
بجد روعة تسلم ايدك
تحباتى لك
الشاذلى الاماش
بجد روعة تسلم ايدك
تحباتى لك
الشاذلى الاماش
مواضيع مماثلة
للمشاركة انت بحاجه الى تسجيل الدخول او التسجيل
يجب ان تعرف نفسك بتسجيل الدخول او بالاشتراك معنا للمشاركة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى