تعالى اشطفها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جفاف الدموع

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

جفاف الدموع Empty جفاف الدموع

مُساهمة من طرف so fashel الخميس 8 أكتوبر 2009 - 20:53

>> جفاف الدموع <<
جفاف الدموع 44485753
دارٌ متسعة نسبياً من الطين اللبن ، أسرةٌ تتكون من أب و أم و ولد و فتاة ،حقلٌ يحصد منه رزقه ، و القليل من المواشى التى تساعده على عمله و يحصل منها على بعض الخيرات و بعض الكسب من بيع منتجاتها .. هكذا كانت أحـلام ( شحاتة ) ؛ الشاب الريفى البسيط .. ها هو قد تجاوز الثلاثين عاماً بشهورٍ قليلة ، و مازالت تلك الأحـلام تراوده ما بين الحين و الآخر لتترك إحساسـاً بالحزن فى أعماق قلبه ، كوحشٍ ضارٍ لا يترك فريسته حتى تأخذ أنيابه طريقهـا نحو عنقه لتذيب أى أثر من أثـار الأمل . وكيف له أن يحققها و هو يحمل مسؤلية أمه و إخوته فوق عاتقه .
لم يعرفْ ( شحاتة ) طعماً للراحة قَطْ ؛ فهو من أسرةٍ أقرب للفقر منه إلى الغنى . منذ نعومة أظافره ؛ كان يذهب إلى العمل فى إحدى مخابز القرية ، يرى الأطفال فى عمره يلعبون و يضحكون فى الطرقـات ، يظل ينظر إليهم و هو يتجه إلى العمل فى بطىء كأنَّ قدميه يريدان العبث قليلاً بين هؤلاء الأطفال ، و لكنَّ نفسه تحدثه عن بعض الجنيهات التى سيأخذها اليوم من صاحب المخبز ليذهب بهنَّ إلى أمه و يبذر فى قلبها الفرحة . تدور عجلة الأيام ، و يودِّع ( شحاتة ) أيام طفولته - التى لم يقضِ فيها يوماً كبقية الأطفال - و يصبح شاباً فى ريعان شبابه و قد ضحَّى بحقه فى التعليم من أجل توفير متطلبات أمه و إخوته بعد أن رحل عنهم رب الأسرة ليتزوج بامرأةٍ أخرى تاركاً خلفه – دون مبالاة - أربعة أفواه و زوجة يعتصرها الحزن على ما آلت إليهـا حياتها و حياة أبناءها .
تمر السنون تِباعاً و تزداد الحياة صعوبةً بتضاعف متطلبات الأسرة و تزداد بدورها أعباء( شحاتة ) مما اضطره إلى أن يقتسم جزءاً من وقت راحته ليبدأ فى عملٍ آخر يساعده على مقاومة أمواج الحياة العاتية .. يعود من عمله الثانى متأخراً فى الليل ليجد أمه و قد ملأ الحزن كل ثنايا وجهها شفقةً على ابنها و ما يعانيه ، يبتسم ( شحاتة ) ليزيح بعضاً من الأحزان المتراكمة على قلب أمه و يطبع قبلة حنانٍ على جبينها ، و لا يكاد أن يختلى بنفسه فى غرفته حتى يُلقى بنفسه على سريره المتهالك كجسده ، يحترق بداخله و يتألم .. لا من الإجهاد .. بل من وجع نظرات أمه الحزينة و نظرات إخوته عندما يطلبون شيئاً و يكون جوابه " ليس الآن " ، فهو لا يجنى من عمله ما يكفى متطلبات أسرته .. يُخرِج زفرةً محترقةً من بركان صدره لا يستطيع معها منع قطـرات الدمع من التساقط ، كطفلٍ أحس بضعفه و قلة حيلته ، يفتقد أبويه فينزوى وحيداً و يجهش بالبكاء .
لم يكن لـ ( شحاتة ) صديقاً مقرَّباً يبثُّ إليه همه و نجواه غير وسادته التى تبتلع كل يـومٍ قطرات الأسى التى تفرُّ من قبضات جفونه الملتهبة لتتخذ من الوسادة مَجْرًا لها .. يستيقظ فى صباح كل يومٍ و يزيل أثار البكاء حتى لا تراها أمه فيزداد عناؤها .
كثيراً ما كان يتمسك ( شحاتة ) بأحلامه البسيطة برغم علمه أنه لا سبيل أمامه لتحقيقها ، و لا يعلم ما الذى يدفعه للحُلم ؛ ربما رغبته فى ترك الواقع و الخروج من دائرة الهموم ، أو ربما أراد أن يحتفظ بحقه فى أن يحلم .. لكنْ سريعاً كانت تنقضى لحظات الخيال و يعود ( شحاتة ) إلى أرض الواقع الجرداء و قد ملأ الحزن و الأسى جميع أركانه.
فى صباح أحد الأيام ، و بعد أن قام ( شحاتة ) بإزالة أحزانه من فوق وسادة الأحلام ، ألقى التحية على أمه فردت عليه بإبتسامة هادئة أثارت بداخله شعوراً بالحيرة أكثر منه بالطمأنينة و لكن ما كان منه إلا أن قابلها بإبتسامة تعبر عن حيرته .. جلسوا لتناول الإفطار ، لم يستطع كتم فضوله فبادر أمه بالسؤال فى لطف ، و لم تستطع هى الأخرى كتم فرحتها و أجابته بأن جارتهم أخبرتها اليوم أن ولدها سيذهب للعمل بأحدى المصانع الكبرى بالقاهرة و أن المصنع يحتاج إلى الكثير من الأيدى العاملة بمرتبات كبيرة و طلب إليها أن تذهب إلى ( شحاتة ) لتخبره بأن يتقدم للعمل هناك .. و كأنما أشرقت الشمس - و لأول مرة - فى سماء حياته المظلمة ، لمع بريق الأمل فى عينيه و اتسعت إبتسامته ، احتضن أمه و قبَّل يديها و جبينها و ترقرقت عينـاه بالدموع ، و أخذت الفرحة تنساب بين عروقه .
و فجأة .. جفت إبتسامته و انطفأ الأمل فى عينيه ؛ كيف يغادر قريته و يترك أسرته ؟؟ من سيراعى أسرته فى غيابه ؟؟ .. و قبل أن يذهب بعقله إلى العديد من التساؤلات لاحظت أمه نظرة القلق فى عينيه و قد قرأت ما يدور بذهنه ، فأخذت تطمئنه و تُذْهِب عنه ما يجول بخاطره من قلق.. اطمئن ( شحاتة ) لحديث أمه و علت إبتسامة الأمل وجهه.
ذهب ( شحاتة ) إلى عمله و قدماه تحملهما الرياح لا الأرض .. يعود من عمله مبكراً و مازالت تلك الإبتسامة تعلو ملامح وجهه ، يعد نفسه للسفر فى الصباح ، يدخل غرفته لينام و قد أصبح لليل مذاقٌ آخر ، يفكر فى الحياة الجديدة ، يتذكر أحلامه و قد حان الوقت لتحقيقها .. ينقضى الليل شيئاً فشيئاً و مازال (شحاتة ) غارق فى أفكاره و أحلامه إلى أن يغلبه النعاس ، يستقيظ فى الصباح ليجد أن دموعه قد جفت .

جفاف الدموع 44485753
so fashel
so fashel

عضو مجتهد
عضو مجتهد


المشاركات المشاركات : 182
الوظيفة الوظيفة : موظف فى مزيكا ايجى

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

جفاف الدموع Empty رد: جفاف الدموع

مُساهمة من طرف الشاذلي الاماش الأربعاء 14 أكتوبر 2009 - 12:34

السلامو عليكم ورحمة الله وبركاتة

بجد روعة تسلم ايدك

جفاف الدموع V4miif

تحباتى لك

الشاذلى الاماش


جفاف الدموع Ephnaf
الشاذلي الاماش
الشاذلي الاماش

عضو مجتهد
عضو مجتهد


المشاركات المشاركات : 78

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى