تعالى اشطفها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تاريخ ابن خلدون

4 مشترك

صفحة 2 من اصل 3 الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:44

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

وفاة تورون وإمارة ابن شيرزاد
وفي المحرم من سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة مات تورون ببغداد لست سنين وخمسة أشهر من إمارته وكان ابن شيرزاد كاتبه أيامه كلها وبعثه قبل موته لاستخلاص الأموال من هيت‏.‏ فلما بلغـه خبـر الوفـاة عـزم على عقد الإمارة لناصر الدولة بن حمدان فأبى الجند من ذلك واضطربوا وعقدوا له الرياسة عليهم واجتمعوا عليه وحلفوا وبعـث إلـى المستكفـي ليحلـف لـه فأجابـه وحلـف له بحضرة القضاة والعدول‏.‏ ودخل إليه ابن شيرزاد فولاه أمير الأمراء وزاد في الأرزاق زيـادة متسعـة فضاقـت عليـه الأموال فبعث أبا عبد الله بن أبي موسى الهاشمي إلى ابن حمدان يطالبه بالمحال ويعده بإمارة الأمراء فأنفذ إليه خمسمائة ألف درهم وطعاماً‏.‏ وفرقها في الجند فلم تكف ففرض الأموال على العمال والكتاب والتجار لأرزاق الجند ومدت الأيدي إلى أموال الناس وفشا الظلم وظهرت اللصوص وكبسوا المنازل وأخذ الناس في الخلاص من بغداد‏.‏ ثم استعمـل على واسط نيال كوشه وعلى تكريت الفتح السيكري فسار إلى ابن حمدان ودعا له شكراً فولاه عليها من قبله‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:58

الفتنة بين سلطان الدولة وأخيه أبي الفوارس
قـد ذكرنـا أن سلطـان الدولـة لمـا ملـك بعـد أبيه بهاء الدولة ولى أخاه أبا الفوارس على كرمان فلما سـار إليهـا اجتمـع إليـه الديلـم وحملـوه علـى الانتقـاض وانتـزاع الملـك مـن يـد أخيه فسار سنة ثمان إلى شيراز‏.‏ ثم سار منها ولقيه سلطان الدولة فهزمه وعاد إلى كرمـان واتبعـه سلطـان الدولـة فخـرج هاربـاً مـن كرمـان ولحق محمود بن سبكتكين مستنجداً به فأكرمه وأمده بالعساكر وعليهم أبـو سعيـد الطائـي مـن أعيـان قواده فسار إلى كرمان وملكها ثم إلى شيراز كذلك وعاد سلطان الدولة لحربه فهزمه وأخرجه من بلاد فارس إلى كرمان وبعث الجيوش في أثره فانتزعوا كرمان منه‏.‏ ولحق بشمس الدولة بن فخر الدولة بن بويه صاحب همذان وترك ابن سبكتكين لأنه أساء معاملة قائده أبي سعيد الطائي‏.‏ ثم فارق شمس الدولة إلى مهذب الدولة صاحب البطيحة فأكرمه وبعث إليه أخوه جلال الدولة من البصرة مالاً وثياباً وعرض عليه المسير إليه فأبى وأرسل أخاه سلطان الدولة في المراجعة وأعاده إلى ولاية كرمان وقبض سلطان الدولة سنة تسع على وزير بن فانجس وإخوته وولى مكانه أبا غالب الحسن بن منصور‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 14 مايو 2008 - 11:59

خروج الترك من الصين
وفي سنة ثمـان وأربعيـن خرجـت مـن المفـازة التـي بين الصين وما وراء النهر أمم عظيمة من الترك تزيـد على ثلاثمائة ألف خيمة ويسمون الخيمة جذكان ويتخذونها من الجلود‏.‏ وكان معظمهم من الخطـا قـد ظهـروا فـي ملـك تركستـان فمـرض ملكهـا طغـان فسـاروا إليهـا وعاثـوا فيهـا‏.‏ ثم أبل طغان واستنفر المسلمين من جميع النواحي وسار إليهم في مائة وعشرين ألفاً فهزموا أمامه واتبعهم مسيـرة ثلاثـة أشهـر ثـم كبسهم فقتل منهم نحواً من مائتي ألف وأسر مائة ألف وغنم من الدواب والبيوت وأواني الذهب والفضة من معمول الصين ما لا يعبر عنه‏.‏ ملك مشرف الدولة وغلبه على سلطان الدولة لـم يـزل سلطـان الدولـة ثابـت القـدم فـي ملكـه بالعـراق إلـى سنـة إحـدى عشـرة وأربعمائـة فشغـب عليـه الجنـد ونـادوا بشعـار أخيـه مشـرف الدولـة فأشير عليه بحبسه فعف عن ذلك وأراد الانحدار إلى واسط فطلبه الجند في الاستخلاف فاستخلف أخاه مشرف الدولة على العراق وسار إلى الأهواز فلما بلغ تستر استوزر سهلان وقد كان اتفق مع أخيه مشرف أول الدولة الوزير ابن سهلـان أن لا يستـوزره فاستوحـش لذلـك مشـرف الدولـة وبعث سلطان الدولة الوزير ابن سهلان ليخرجه من العراق فجمع أتراك واسط وأبا الأغردبيس بن علي بن مزيد ولقي ابن سهلان عند واسط فهزمه وحاصره بها حتى اشتد حصاره وجهده الحصار فصالحه ونـزل وسار الديلم الذين بواسط في خدمته وسار أخوه جلال الدولة أبو طاهر صاحب بصرة إلى وفاقه وخطب له ببغداد وقبض على ابن سهلان وكحله‏.‏ وسار سلطان الدولة إلى أزجان‏.‏ ثـم رجـع إلـى الأهـواز وثار عليه الأتراك الذين هنالك ودعوا بشعار مشرف الدولة وخرجوا إلى السابلـة فأفسدوهـا‏.‏ وعـاد مشـرف الدولـة إلـى بغـداد فخطـب لـه بهـا سنـة اثنتـي عشـرة وطلب منه الديلـم أن ينحدروا إلى بيوتهم بخوزستان فبعث معهم وزيره أبا غالب فلما وصلوا إلى الأهواز انتقضوا ونادوا بشعار سلطان الدولة وقتلوا أبا غالب لسنة ونصف من وزارته‏.‏ ولحق الأتراك الذين كانوا معه اطراد بن دبيس بالجزيرة‏.‏ وبلغ سلطان الدولة قتل أبي غالب وافتراق الديلم فأنفذ ابنه أبا كاليجار إلى الأهواز وملكها‏.‏ ثم وقع الصلح بينهما على يد أبي محمد بن أبي مكرم ومؤيد الملك الرخجي علـى أن تكـون العـراق لمشـرف الدولـة وفـارس وكرمـان لسلطـان الدولة‏.‏ واستوزر مشرف الدولة أبا الحسين بن الحسن الرخجي ولقبه مؤيد الملك بعد قتل أبي غالب ومصـادرة ابنـه أبـي العبـاس‏.‏ ثـم قبـض عليـه سنة أربع عشرة بعد حول من وزارته بسعاية الأثير الخـادم فيـه واستـوزر مكانـه أبـا القاسـم الحسيـن بن علي بن الحسن المغربي كان أبوه من أصحاب سيـف الدولـة بـن حمدان وهرب إلى مصر وخدم الحاكم فقتله وهرب ابنه أبو القاسم هذا إلى الشام وحمل حسان بن الفرج بن الجراح الطائي على نقض طاعة الحاكم والبيعة لأبي الفتوح الحسـن بـن جعفـر العلـوي أميـر مكـة فاستقدمـه إلـى الرملة وبايعه‏.‏ ثم خالفه وعاد إلى مكة وقصد أبو القاسم العراق واتصل بالوزير فخر الملك وأمره القادر بإبعاده فلحق قرواش أمير الموصل وكتـب لـه ثـم عـاد إلـى العـراق وتنقلـت بـه الحال إلى أن وزر بعد مؤيد الملك الرخجي وكان خبيثاً محتـالاً حسوداً‏.‏ ثم قدم مشرف الدولة إلى بغداد سنة أربع عشرة ولقيه القادر ولم يلق أحداً قبله‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 3:57

الخبر عن وحشة الأكراد وفتنة الكوفة
كان الأثيـر عنبـر الخـادم مستوليـاً فـي دولـة مشـرف الدولـة الوزيـر أبـي القاسـم المغربـي عديلـه فـي حملهـا فنقم الأتراك عليهما وطلب من مشرف الدولة الخراج من بغداد خوفاً على أنفسهما فخـرج معهمـا غضبـاً علـى الأتـراك ونزلـوا علـى قـرواش بالسندية‏.‏ واستعظم الأتراك ذلك وبعثوا بالاعتـذار والرغبـة‏.‏ وقـال أبـو القاسـم المغربـي دخل بغداد إنما هو أربعمائة ألف وخرجها ستمائة فاتركوا مائة واحتمل مائة فأجابوه إلى ذلك خداعاً‏.‏ وشعر بوصولهم فهرب لعشرة أشهر من وزارته‏.‏ ثـم كانـت فتنـة بالكوفـة بيـن العلويـة والعباسيـة وكـان لأبـي القاسم المغربي صهر وصداقة في العلوية فاستدعى العباسيون المغربي عليهم فلم يعدهم لمكان المغربي‏.‏ وأمرهم بالصلح فرجعوا إلى الكوفة واستمد كل واحد منهم خفاجة فأمدوهـم وافترقـوا عليهـم واقتتـل العلويـة والعباسيـة فغلبهم العلوية ولحقوا ببغداد ومنعوا الخطبة يوم الجمعة وقتلوا بعض قرابة العلوية الذين بالكوفة فعهد القادر للمرتضي أن يصرف أبا الحسن علي بن أبي طالب ابن عمر عن نقابة الكوفة ويردهـا إلـى المختـار صاحـب العباسية‏.‏ وبلغ ذلك المغربي عند قرواش بسر من رأى فشرع في إرغام القادر‏.‏ وبعث القادر إلى قرواش يطرده فلحق بابن مروان في ديار بكر‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 3:57

وفاة شرف الدولة وولاية أخيه جلال الدولة
ثم توفي مشـرف الدولـة أبـو علـي بـن بهـاء الدولـة سنـة سـت عشـرة فـي ربيـع لخمـس سنيـن مـن ملكـه وولي مكانه بالعراق أخوه أبو طاهر جلال الدولة صاحب البصرة وخطب له ببغداد واستقدم فبلغ واسط‏.‏ ثم عاد إلى البصرة فقطعت خطبته وخطب ببغداد في شوال لابن أخيه أبي كاليجار بن سلطان الدولة وهو بخوزستان يحارب عمه أبا الفوارس صاحب كرمان‏.‏ وسمع جلال الدولة بذلك فبادر إلى بغداد ومعه وزيره أبو سعد بن ماكولا‏.‏ ولقيه عسكرها فردوه أقبـح رد ونهبـوا خزائنـه فعـاد إلى البصرة واستحثوا أبا كاليجار فتباطأ لشغله بحرب عمه وسار إلـى كرمـان لقتـال عمـه فملكهـا واعتصم عمه بالجبال‏.‏ ثم تراسلا واصطلحا على أن تبقى كرمان لأبي الفوارس وتكون بلاد فارس لأبي كاليجار‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 3:58

قدوم جلال الدولة إلى بغداد
ولما رأى الأتراك اختلال الأحوال وضعف الدولة بفتنة العامة وتسلط العرب والأكراد بحصـار بغداد وطمعهم فيها وأنهم بقوا فوضى وندموا على ما كان منهم في رد جلال الدولة اجتمعوا إلـى الخليفـة يرغبـون إليـه أن يحضـر جلـال الدولـة من البصرة ليقيم أمر الدولة فبعث إليه القاضي أبا جعفـر السمنانـي بالعهـد عليـه وعلـى القـواد فسـار جلـال الدولـة إلـى بغداد في جمادى من سنة ثمان عشرة‏.‏ وركب الخليفة في الطيار لتلقيه فدخل ونزل التجيبي وأمر بضرب الطبل في أوقات الصلوات‏.‏ ومنعه الخليفة من ذلك فقطعه مغاضباً‏.‏ ثم أذن له الخليفة فيه فأعاده وأرسل مؤيد الملك أبا علي الرخجي إلى الأثير عنبر الخادم عند قرواش يستدعيه يعتذر عن الأتراك‏.‏ ثم شغب الأتراك عليه سنة تسع عشرة وحاصروه بداره وطلبوا من الوزير أبي علي بن ماكولا أرزاقهم ونهبوا دوره ودور الكتاب والحواشي‏.‏ وبعث القادر من أصلح بينهـم وبينـه فسكـن شغبهـم‏.‏ ثم خالفوا أبا كاليجار بن سلطان الدولة إلى البصرة فملكها ثم ملك كرمان بعد وفاة صاحبهـا قـوام الدولـة أبـي الفـوارس ابـن بهـاء الدولـة كمـا نذكـر فـي أخبارهـم فـي دولتهـم عنـد إفرادها بالذكر فنستوفي أخبارهم ودول سائـر بنـي بويـه وبنـي وشمكيـر وبنـي المرزبـان وغيرهـم مـن الديلـم فـي النواحي‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 3:58

مسير جلال الدولة إلى الأهواز
كـان نور الدولة دبيس بن علي بن مزيد صاحب الحلة ولم تكن الحلة يومئذ بمدينة قد خطب لأبي كاليجار لمضايقة المقلد بن أبي الأغر الحسن بن مزيد وجمع عليه منيعاً أمير بني خفاجة وعساكر بغداد فخطب هو لأبي كاليجار واستدعاه لملك واسط وبها الملك العزيز ابن جلال الدولة فلحق بالنعمانية وتركها وضيق عليه نور الدولة من كل جهة فتفرق ناس من أصحابه وهلـك الكثيـر مـن أثقالـه‏.‏ واستولى أبو كاليجار على واسط ثم خطب له في البطيحة وأرسل إلـى قـرواش صاحـب الموصـل وعنـده الأثيـر عنبـر يستدعيهمـا إلـى بغداد فانحدر عنبر إلى الكحيل ومـات بـه‏.‏ وقعـد قـرواش وجمـع جلـال الدولـة عساكـره ببغـداد واستمد أبا الشوك وغيره وانحدر إلى واسط وأقام هنالك من غير قتال وضاقت عليه الأحوال‏.‏ واعتزم أبو كاليجار علـى مخالفتـه إلـى بغـداد وجـاءه كتـاب أبـي الشـوك بزحف عساكر محمود بن سبكتكين إلى العراق ويشير بالصلح والاجتماع لمدافعتهم فأنفذ أبو كاليجار الكتاب‏.‏ لجلـال الدولـة فلـم ينتـه عـن قصـده ودخـل الأهـواز فنهبهـا وأخـذ مـن دار الإمـارة مائتي ألف دينار‏.‏ واستباح العرب والأكراد سائر البلد وحمل حريم كاليجار إلى بغداد سبياً فماتت أمه في الطريق‏.‏ وسار أبو كاليجار لاعتراض جلـال الدولـة وتخلـف عنـه دبيـس لدفـع خفاجـة عـن أصحابـه واقتتلوا في ربيع سنة إحدى وعشرين ثلاثة أيام فانهزم أبو كاليجار وقتل من أصحابه ألفان‏.‏ ودبيس لما فارق أبا كاليجار وصل إلى بلده وجمع إليه جماعة من قومه وكانوا منتقضين عليه بالجامعيـن فأوقـع بهـم وحبـس منهـم وردهـم إلـى وفاقـه‏.‏ ثـم لقـي المقلـد بـن أبي الأغر وعساكر جلال الدولة فانهزم أمامهم وأسر جماعة من أصحابه وسار منهزماً إلى أبي سنان غريب ابن مكين فأصلح حاله مع جلال الدولة وأعاده إلى ولايته على ضمان عشرة آلاف دينار وسمع بذلك المقلـد فجمـع خفاجـة ونهبـوا النيـل وسـورا وأحرقـوا منازلهـا‏.‏ ثم عبر المقلد إلى أبي الشوك فأصلح أمـره مـع جلـال الدولـة‏.‏ ثـم بعـث جلـال الدولة سنة إحدى وعشرين عسكره إلى المدار فملكها من يد أصحاب أبي كاليجار واستباحوها وبعث أبو كاليجار عسكره لمدافعتهم فهزموهم وثار أهل البلد بهم فقتلوهم ولحق من نجا منهم بواسط وعادت المدار إلى أبي كاليجار‏.‏ لما استولى جلال الدولة على واسط نزل بها ولده وبعث وزيره أبا علي بن ماكولا إلى البطائح فملكهـا‏.‏ ثـم بعثـه إلى البصرة وبها أبو منصور بختيار بن علي من قبل أبي كاليجار فسار في السفـن وعليهـم أبـو عبـد اللـه الشرابي صاحب البطيحة فلقي بختيار وهزمه‏.‏ ثم سار الوزير أبو علـي فـي أثـره فـي السفـن فهزمه بختيار‏.‏ وسيق إليه أسيراً فأكرمه وبعثه إلى أبي كاليجار فأقام عنـده وقتله غلمانه خوفاً منه لقبيح منه اطلع عليه‏.‏ وكان قد أحدث في ولايته رسوماً جائرةً ومكوساً فاضحةً‏.‏ ولما أصيب الوزير أبو علي بعث جلال الدولة من كان عنده من جنـد البصـرة فقاتلوا عسكر أبي كاليجار وهزموهم وملكوا البصرة ونجا من كان بها إلى أبي منصور بختيار بالابلة‏.‏ وبعث السفن لقتاله من بالبصرة فظفر بهم أصحاب جلال الدولة فسار بختيار بنفسه وقاتلهم وانهزم وقتل وأخذ كثير من السفهاء‏.‏ وعزم الأتراك بالبصرة على المسير إلى الابلة وطلبوا المال من العامل فاختلفوا وتنازعوا وافترقوا ورجع صاحب البطيحة واستأمن آخرون إلى أبي الفرج بن مسافجس وزير أبي كاليجار‏.‏ وجـاء إلـى البصـرة فملكهـا‏.‏ ثـم توفـي بختيـار نائـب الملـك أبـي كاليجار في البصرة وقام بعده صهره أبـو القاسـم بطاعـة أبي كاليجار في البصرة‏.‏ ثم استوحش وانتقض وبعث بالطاعة لجلال الدولة وخطب له وبعث إلى ابنه العزيز بواسط يستدعيه فسار إليه وأخرج عساكر أبي كاليجار وأقام معه إلى سنة خمس وعشرين حكم لأبي القاسم‏.‏ ثم أغراه الديلم به وأنه يتغلب عليه فأخرجه العزيز وامتنع بالابلة وحاربهم أياماً وأخرج العزيز عن البصرة ولحق بواسط وعاد أبو القاسم إلى طاعة أبي كاليجار‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 3:59

وفاة القادر ونصب القائم
ثم توفي القادر بالله سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة لإحدى وعشرين سنة وأربعة أشهر من خلافته وكانت الخلافة قبلها قد ذهب رونقها بجسارة الديلم والأتراك عليها فأعاد إليها أبهتها وجـدد ناموسهـا وكـان لـه فـي قلـوب النـاس هيبـة‏.‏ ولمـا توفـي نصـب للخلافـة ابنـه أبـو جعفـر عبد الله وقد كان أبوه بايع له بالعهد في السنة قبلها لمرض طرقه وأرجف الناس بموتـه فبويـع الـآن واستقرت له الخلافة ولقب القائم بأمر الله‏.‏ وأول من بايعه الشريف المرتضى‏.‏ وبعث القاضي أبا الحسن الماوردي إلى أبي كاليجار ليأخذ يه البيعة ويخطب له في بلاده فأجاب وبعث بالهدايا ووقعت لأول بيعته فتنة بين أهل السنة والشيعة وعظم الهرج والنهب والقتل وخربت فيها أسواق وقتل كثير من جباة المكوس‏.‏ وأصيب أهل الكرخ وتطـرق الدعـار إلـى كبـس المنازل ليلاً وتنادى الجند بكراهية جلال الدولة وقطع خطبته‏.‏ ولم يجبهم القائـم إلـى ذلـك وفـرق جلـال الدولـة فيهـم الأمـوال فسكنـوا وقعـد في بيته وأخرج دوابه من الاصطبل وأطلقها بغير سائس ولا حافظ لقلة العلف‏.‏ وطلب الأتراك منه أن يحملهم في كل وقت فأطلقهـا وكانـت خمسة عشر وفقد الجاري فطرد الطواشي والحواشي والأتباع وأغلق باب داره والفتنة تتزايد إلى آخر السنة‏.‏ وثوب الجند بجلال الدولة وخروجه من بغداد ثم جاء الأتراك سنة ست وعشرين إلى جلال الدولة فنهبوا داره وكتبه ودواوينه وطلبوا الوزير أبا إسحاق السهيلي فهرب إلى حلة غريب بن مكين وخرج جلال الدولة إلى عكبرا وخطبوا ببغداد لأبي كاليجار وهو بالأهواز واستقدموه فأشار عليه بعض أصحابه بالامتناع فاعتذر إليهـم فأعادوا جلال الدولة‏.‏ وساروا إليه معتذرين وأعادوه بعد ثلاثة وأربعين يوماً‏.‏ واستوزر أبـا القاسـم بـن ماكولا ثم عزله واستوزر عميد الملك أبا سعيد عبد الرحيم‏.‏ ثم أمره بمصادرة أبـي المعمـر بـن الحسيـن البساسيـري فاعتقلـه فـي داره وجـاء الأتـراك لمنعـه فضربـوا الوزيـر ومزقوا ثيابه وأدموه‏.‏ وركب جلال الدولة فأطفأ الفتنة وأخذ من البساسيري ألف دينار وأطلقه واختفى الوزير‏.‏ ثم شغب الجند ثانياً في رمضان أنكروا تقديم الوزير أبي القاسم من غير علمهم وأنه يريد التعرض لأموالهم فوثبوا به ونهبوا داره وأخرجوه إلى مسجد هالك فوكلوا به فوثب العامة مع بعض القواد من أصحابه فأطلقوه وأعادوه إلى داره وذهب هو في الليـل إلـى الكـرخ بحرمـه ووزيـره أبـو القاسـم معه‏.‏ واختلف الجند في أمره وأرسلوا إليه بأن يملكوا بعض أولاده الأصاغر وينحدر هو إلى واسط وهو في خلال ذلك يستميلهم حتى فرق جماعتهم وجاء الكثير إليه فأعادوه إلى داره واستخلف البساسيـري فـي جماعـة للجانـب الغربـي سنـة خمـس وعشريـن لاشتداد أمر العيارين ببغداد وكثرة الهرج وكفايته هو ونهضته‏.‏ ثـم عـاد أمـر الخلافـة والسلطنـة إلـى أن اضمحـل وتلاشـى وخـرج بعض الجند إلى قرية فلقيهم أكراد وأخذوا دوابهم وجاؤوا إلى بستان القائم فتعللوا على عماله بأنهم لا يدافعوا عنهم ونهبوا ثمرة البستان وعجز جلال الدولة من عتاب الأكراد وعقاب الجند وسخط القائم أمره وتقدم إلى القضاة والشهود والفقهاء بتعطيل المراتب الدينية فرغب جلال الدولة من الجند أن يحملهم إلى ديوان الخلافة فحملوا وأطلقوا وعظم أمر العيارين وصاروا في حماية الجند وانتشر العرب في النواحي فنهبوها وافسدوا السابلة وبلغوا جامع المنصور من البلد وسلبوا النساء في المقبرة‏.‏ ولحق الوزير أبو سعيد وزير جلال الدولة بأبي الشوك مفارقاً للوزارة ووزر بعده أبا القاسم فكثـرت مطالبـات الجنـد عليـه فهرب وأخذه الجند وجاؤوا به إلى دار الملك حاسراً عارياً إلا من قميـص خلـق وذلـك لشهريـن مـن وزارتـه‏.‏ وعـاد سعيـد بـن عبـد الرحيـم إلى الوزارة‏.‏ ثم ثار الجند سنة سبع وعشرين بجلـال الدولـة وأخرجـوه مـن بغـداد بعـد أن استمهلهـم ثلاثـاً فأبـوا ورمـوه بالحجـارة فأصابـوه ومضى إلى دار المرتضى بالكرخ‏.‏ وسار منها إلى رافع بن الحسين بن مكن بتكريت ونهب الأتراك داره وقلعوا أبوابها ثم أصلح القائم شأنه مع الجند وأعاده وقبض على وزيره أبي سعيد بن عبد الرحيم وهي وزارته السادسة‏.‏ وفي هذه السنة نهى القائم عن التعامل بالدنانير المعزية وتقدم إلى الشهود أن لا يذكروها في كتب التعامل‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 3:59

الصلح بين جلال الدولة وأبي كاليجار
ترددت الرسل سنة ثمان وعشرين بين جلال الدولة وابن أخيه أبي كاليجار حتى انعقد بينهما الصلح على يد القاضي أبي الحسن الماوردي وأبي عبد الله المردوسني واستحلف كل واحد منهمـا للآخـر وأظهـر جلـال الدولـة سنة تسع وعشرين من القائم الخطاب بملك الملوك فرد ذلك إلى الفتيـا وأجـازه القاضـي أبـو الطيـب الطبـري والقاضـي أبـو عبـد اللـه الصهيـري والقاضـي ابـن البيضاوي وأبو القاسـم الكرخـي ومنـع منـه القاضـي أبـو الحسـن المـاوردي ورد عليهـم فأخـذ بفتواهم وخطب له بملك الملوك‏.‏ وكان الماوردي أخص الناس بجلال الدولة وكان يتردد إليه‏.‏ ثم انقطع عنه بهذه الفتيا ولزم بيته من رمضان إلى النحر فاستدعاه جلـال الدولـة وحضـر خائفاً وشكره على القول بالحق وعدم المحاباة وقد عدت إلى ما تحب فشكره ودعا له وأذن للحاضرين بالانصراف معه وكان الإذن لهم تبعاً له‏.

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 3:59

استيلاء أبي كاليجار على البصرة
وفي سنة إحدى وثلاثين بعث أبو كاليجار عساكره إلى البصرة مع العادل أبي منصور ابن مسافنة وكانت في ولاية الظهير أبي القاسم وليها بعد بختيار انتقض عليه مرة ثم عاد وكان يحمـل إلـى أبـي كاليجـار كـل سنـة سبعين ألف دينار وكثرت أمواله ودامت دولته‏.‏ ثم تعرض ملا الحسيـن بـن أبـي القاسـم بـن مكـرم صاحـب عمـان فكاتب أبا كاليجار وضمن البصرة بزيادة ثلاثين ألف دينار وبعث أبو كاليجار العساكر مع ابن مسافية كما ذكرنا‏.‏ وجاء المدد من عمان إلى البصرة وملكوها وقبض على الظهير أبي القاسم وأخـذت أموالـه وصـودر علـى مائتـي ألـف دينـار فأعطاهـا‏.‏ وجـاء الملك أبو كاليجار البصرة فأقام بها أياماً وولى فيها ابنه عز الملوك ومعه الوزير أبو الفرج بن فسانجس ثم عاد إلى الأهواز وحمل معه الظهر‏.‏ ثم شغب الأتراك على جلال الدولة سنة اثنتيـن وثلاثيـن وخيمـوا بظاهـر البلـد ونهبـوا منهـا مواضع‏.‏ وخيم جلال الدولة بالجانب الغربي وأراد الرحيل عن بغداد فمنعه أصحابه فاستمد دبيس بن مزيد وقرواشاً صاحب الموصل فأمدوه بالعساكر‏.‏ ثم صلحت الأحوال بينهم وعاد إلى داره وطمع الأتراك وكثر نهبهم وتعديهم وفسدت الأمور بالكلية‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:00

دولة السلجوقية
ابتداء دولة السلجوقية قـد تقـدم لنـا أن أمـم التـرك فـي الربـع الشرقـي الشمالـي مـن المعمـور‏:‏ مـا بين الصين إلى تركستان إلى خوارزم والشاش وفرغانة وما وراء النهر بخارى وسمرقند وترمذ وإن المسلمين أزاحوهـم أول الملة عن بلاد ما وراء النهر وغلبوهم عليها وبقيت تركستان وكاشغر والشاش وفرغانة بأيديهم يؤدون عليها الجزاء‏.‏ ثم أسلموا عليها فكان لهم بتركستان ملك ودولة نذكرها فيما بعد فإن استفحالهـا كـان فـي دولـة بنـي سامـان جيرانهـم فيمـا وراء النهـر وكـان فـي المفازة بين تركستان وبلاد الصين أمم من الترك لا يحصيهم إلا خالقهم لاتساع هذه المفازة وبعد أقطارها فإنها فيما يقال مسيرة شهر من كل جهة فكان هنالك أحياء بادون منتجعون رجالة غذاؤهم اللحوم والألبان والـذرة فـي بعـض الأحيـان ومراكبهـم الخيـل ومنهـا كسبهـم وعليهـا قيامهم وعلى الشاء والبقر من بين وكان من أممهم الغز والخطا والتتر وقد تقدم ذكر هؤلاء الشعوب‏.‏ فلما انتهت دولة ملوك تركستان وكان شغر إلى غايتها وأخذت في الاضمحلال والتلاشي كما هو شأن الدول وطبيعتهـا تقـدم هـؤلاء إلـى بلـاد تركستـان فأجلبـوا عليها بما كان غالب معاشهم في تخطف الناس من السبل وتناول الرزق بالرماح شأن أهل القفر البادين وأقاموا بمفازة بخارى‏.‏ ثم انقرضت دولة بني سامان ودولة أهل تركستان‏.‏ واستولى محمود بن سبكتكين من قواد بني سامان وصنائعهم على ذلك كله‏.‏ وعبر بعض الأيام إلى بخارى فحضر عنده أرسلـان بـن سلجـوق فقبـض عليـه وبعـث بـه إلـى بلـاد الهنـد فحبسه وسار إلى أحيائه فاستباحها ولحق بخراسان وسارت العساكر في اتباعهم فلحقوا بأصبهان وهم صاحبها علاء الدولة ابن كالويه بالغدر بهم وشعروا بذلك فقاتلوه بأصبهان فغلبهم فانصرفوا إلى أذربيجان فقاتلهم صاحبها وهشودان من بني المرزبان‏.‏ وكانوا لما قصدوا أصبهان بقي فلهم بنواحـي خـوارزم فعاثـوا فـي البلـاد وخـرج إليهـم صاحـب طـوس وقاتلهـم‏.‏ وجـاء محمود بن سبكتكين فسار فـي اتباعهـم مـن رستـاق إلـى جرجـان ورجع عنهم ثم استأمنوا فاستخدمهم وتقدمهم يغمر وأنزل ابنه بالري‏.‏ ثم مات محمود وولي أخوه مسعـود وشغـل بحـروب الهنـد فانتقضـوا وبعـث إليهـم قائـداً فـي العساكر وكانوا يسمون العراقية وأمراؤهم يومئذ كوكاش ومرقاوكول ويغمر وباصعكي ووصلـوا إلى الدامغان فاستباحوها ثم سمنان ثم عاثوا في أعمال الري واجتمع صاحـب طبرستـان وصاحب الري مع قائد مسعود وقاتلوهم فهزمهم الغـز وفتكـوا فيهـم وقصـدوا الـري فملكـوه وهرب صاحبه إلى بعض قلاعه فتحصن بها وذلك سنة ست وعشرين وأربعمائة‏.‏ واستألفهـم عـلاء الدولـة بن كالويه ليدافع بهم ابن سبكتكين فأجابوه أولاً ثم انتقضوا‏.‏ وأما الذين قصدوا أذربيجان منهم ومقدموهم بوقا وكوكباش ومنصور ودانا فاستألفهم وهشودان ليستظهر بهـم فلـم يحصـل علـى بغيتـه مـن ذلك‏.‏ وساروا إلى مراغة سنة تسع وعشرين فاستباحوها ونالوا من الأكراد الهديانية فحاربوهم وغلبوهم وافترقوا فرقتين فرجع بوقا إلى أصحابهم الذين بالري وسـار منصـور وكوكبـاش إلـى همـدان وبها أبو كاليجار بن علاء الدولة بن كالويه فظاهرهم على حصاره متى خسرو بن مجد الدولة‏.‏ فلما جهد الحصار لحق بأصبهان وترك البلد فدخلوها واستباحوها وفعلوا في الكرخ مثل ذلك وحاصروا قزوين حتى أطاعوهم وبذلوا لهم سبعة آلاف دينار‏.‏ وسار طائفة منهم إلى بلد الأرمن فاستباحوها وأثخنوا فيها ورجعوا إلى أرمينية‏.‏ ثم رجعوا من الري إلى حصار همذان فتركها أبو كاليجار وملكوها سنة ثلاثين ومعهم متى خسـرو المذكـور فاستباحـوا تلك النواحي إلى استراباذ وقاتلهم أبو الفتح بن أبي الشوك صاحب الدينور فهزمهم وأسر منهم وصالحوه على إطلاق أسراهم‏.‏ ثم مكروا بأبي كاليجار أن يكون معهم ويدبر أمرهم وغدروا به ونهبوه‏.‏ وخر علاء الدولة من أصبهان فلقي طائفة منهم فأوقع بهـم وأثخن فيهم وأوقع وهشودان بمن كان منهم في أذربيجان وظفر بهم الأكراد وأثخنوا فيهم وفرقوا جماعتهم‏.‏ ثم توفي كول أمير الفرق التي بالري وكانوا لما أجازوا من وراء النهر إلى خراسان بقي بمواطنهم الأولى هنالك طغرلبك بن ميكاييل بن سلجـوق وإخوتـه داود وسعـدان ونيـال وهمفـري فخرجـوا إلـى خراسـان من بعدهم وكانوا أشد منهم شوكة وأقوى عليهم سلطاناً فسار نيـال أخـو طغرلبـك إلـى الـري فهربـوا إلـى أذربيجـان ثم إلى جزيرة ابن عمر وفي ديار بكر‏.‏ ومكر سليمان بن نصير الدولة بن مروان صاحب الجزيرة بمنصور بن عز ير علي فحبسه وافترق أصحابه وبعث قرواش صاحب الموصل إليهم جيشه فطردهم وافترقت جموعهم ولحق الغز بديـار بكـر وأثخنـوا فيهـا وأطلـق نصيـر الدولة أميرهم منصوراً من يد ابنه فلم ينتفع منهم بذلك‏.‏ وقاتلهم صاحب الموصل فحاصروه ثم ركب في السفين ونجا إلى السند وملكوا البلد وعاثوا فيها‏.‏ وبعث قرواش إلى الملك جلال الدولة يستنجده وإلى دبيس بن مزيد وأمراء العرب‏.‏ وفرض الغز على أهل الموصل عشرين ألف دينار فثار الناس بهم وكان كوكباش قد فارق الموصل فرجع ودخلها عنوة في رجب سنة خمس وثلاثين وأفحش في القتل والنهب‏.‏ وكانوا يخطبون للخليفة ولطغرلبك بعده فكتب الملك جلال الدولة إلى طغرلبك يشكو لـه بأحوالهـم فكتـب إليـه أن هـؤلاء الغـز كانـوا فـي خدمتنـا وطاعتنـا حتـى حـدث بيننـا وبيـن محمـود بـن سبكتكين مـا علمتـم ونهضنـا إليـه وسـاروا فـي خدمتنـا فـي نواحي خراسان فتجاوزوا حدود الطاعة وملكة الهيبة ولا بد من إنزال العقوبة بهم وبعث إلى نصير الدولة بعده يكفهم عنه‏.‏ وسار دبيس بن مزيد وبنو عقيل إلى قرواش صاحب الموصل وقعد جلال الدولة عن إنجاده لما نزل به من الأتراك وسمع الغر بجموع قرواش فبعثوا إلى من كان بديار بكر منهم واجتمعوا إليهـم واقتتـل الفريقـان فانهـزم العـرب أول النهـار ثـم أتيحت لهم الكرة على الغز فهزموهم واستباحوهم وأثخنوا فيهم قتلاً وأسراً واتبعهم قرواش إلى نصيبين ورجع عنهم فساروا إلى ديـار بكـر وبلـاد الأرمن والروم وكثر عيثهم فيها‏.‏ وكان طغرلبك وإخوته لما جاؤوا إلى خراسان طالت الحروب بينهم وبين عساكر بني سبكتكين حتى غلبوهم وحصل لهم الظفر وهزموا سياوشي حاجب مسعود آخر هزائمهم وملكوا هراة فهرب عنها سياوشي الحاجـب ولحـق بغزنة وزحف إليهم مسعود ودخلوا البرية ولم يزل في اتباعهم ثلاث سنين‏.‏ ثـم انتهـزوا فيـه الفرصـة باختلـاف عسكـره يومـاً علـى المـاء فانهزمـوا وغنمـوا عسكـره وسـار طغرلبـك إلـى نيسابـور سنـة إحـدى وثلاثيـن فملكهـا وسكـن السادياج وخطب له بالسلطان الأعظم العمال في النواحي‏.‏ وكان الدعار قد اشتد ضررهم بنيسابور فسد أمرهم وحسم عللهم واستولى السلجوقية على جميع البلاد‏.‏ وسار بيقو إلى هراة فملكها وسار داود إلى بلخ وبها القوتيـاق حاجـب مسعـود فحاصـره وعجـز مسعـود عـن إمـداده فسلـم البلـد لداود واستقل السلجوقيـة بملـك البلـاد أجمـع‏.‏ ثـم ملـك طغرلبـك طبرستـان وجرجـان من يد أنو شروان بن متوجهر قابـوس وضمنهـا أنـو شـروان بثلاثيـن ألـف دينـار وولـى على جرجان مرداويج في أصحابه بخمسين ألـف دينـار وبعث القائم القاضي أبو الحسن الماوردي إلى طغرلبك فقرر الصلح بينه وبين جلال الدولة القائم بدولته ورجع بطاعته‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:00

فتنة قرواش مع جلال الدولة
كان قرواش قد أنفذ عسكره سنة إحدى وثلاثين لحصار خميس بن ثعلب بتكريت واستغاث بجلال الدولة وأمر قرواشاً بالكف عنه فلم يفعل وسار لحصاره بنفسه‏.‏ وبعث إلى الأتراك ببغـداد يستفسدهـم علـى جلـال الدولـة فاطلـع علـى ذلـك فبعـث أبـا الحـارث أرسلـان البساسيـري في صفر سنة اثنتين وثلاثين للقبض على نائب قرواش بالسندسية واعترضه العرب فمنعوه ورجع وأقامـوا بين صرصر وبغداد يفسدون السابلة وجمع جلال الدولة العساكر وخرج إلى الأنبار وبها قرواش فحاصرها‏.‏ ثم اختلفت عقيل على قرواش فرجع إلى مصالحة جلال الدولة‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:01

وفاة جلال الدولة وملك أبي كاليجار
لما قلت الجبايات ببغداد مد جلال الدولة يده إلى الجوالي فأخذها وكانت خاصة بالخليفة ثم توفـي جلـال الدولـة أبـو طاهـر بـن بهـاء الدولـة فـي شعبـان سنـة خمـس وثلاثيـن وأربعمائـة لسبـع عشرة مـن ملكـه‏.‏ ولمـا مـات خـاف حاشيته من الأتراك والعامة فانتقل الوزير كمال الملك بن عبد الرحيم وأصحابه الأكابر إلى حرم دار الخلافة واجتمع القواد للمدافعة عنهم وكاتبوا الملك العزيز أبا منصور بن جلال الدولة في واسط بالطاعة واستقدموه وطلبـوا حـق البيعـة فراوضهـم فيهـا فكاتبهم أبو كاليجار عنها فعدلوا إليه‏.‏ وجاء العزيز من واسط وانتهى إلى النعمانية فغدر به عسكـره ورجعوا إلى واسط وخطبوا لأبي كاليجار‏.‏ وسار العزيز إلى دبيس بن مزيد ثم إلى قـرواش بـن المقلـد ثم فارقه إلى أبي الشوك فغدر به فسار إلى نيال أخي طغرلبك فأقام عنده مدة ثم قصد بغداد مختفياً فظهر على بعض أصحابه فقتله ولحق هو بنصير الدولة بن مروان فتوفي عنده بميافارقين سنة إحدى وأربعين‏.‏ وأما أبـو كاليجـار فخطـب لـه ببغـداد فـي صفـر سنـة سـت وثلاثيـن‏.‏ وبعـث إلـى الخليفـة بعشـرة آلـاف دينـار وبأمـوال أخـرى فرقـت إلـى الجنـد ولقبـه القائـم بمحيـي الدين وخطب له أبو الشوك ودبيس بن مزيـد ونصيـر الدولـة بـن مـروان بأعمالهم‏.‏ وسار إلى بغداد ومعه وزيره أبو الفرج محمد بن جعفر بن محمد بن فسانجس‏.‏ وهم القائم لاستقباله فاستعفى من ذلك وخلع على أرباب الجيوش وهم البساسيري والنساوري والهمام أبو اللقاء‏.‏ وأخرج عميد الدولة أبا سعيـد مـن بغـداد فمضى إلى تكريت وعاد أبو منصور بن علاء الدولة بن كالويه صاحب أصبهان إلى طاعته وخطب له على منبره انحرافاً عن طغرلبك‏.‏ ثـم راجعـه بعـد الحصـار واصطلحـا علـى مـال يحملـه وبعـث أبو كاليجار إلى السلطان طغرلبك في الصلح وزوجه ابنته فأجاب وتم بينهما سنة تسع وثلاثين‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:01

وفاة أبي كاليجار وملك ابنه الملك الرحيم
كان أبو كاليجار والمرزبان بن سلطان الدولة قد سارا سنة أربعين إلى نواحي كرمان وكان صاحبها بهرام بن لشكرستان من وجوه الديلم قد منع الحمل فتنكر له أبو كاليجار وبعث إلى أبي كاليجار يحتمي به وهو بقلعة بردشير فملكها من يده وقتل بهرام بعض الجند الذين ظهر منهـم علـى الميـل لأبـي كاليجـار فسـار إليـه ومرض في طريقه ومات بمدينة جنايا في سنة أربعين لأربع سنين وثلاثة أشهر من ملكه‏.‏ ولما توفي نهب الأتراك معسكره وانتقل ولده أبو منصور فلاستون إلى مخيم الوزير أبي منصور وأرادوا نهبه فمنعهم الديلم وساروا إلى شيراز فملكها أبو منصور واستوحش الوزير منه فلحق ببعـض قلاعـه وامتنـع بهـا ووصـل خبـر وفـاة أبـي كاليجار إلى بغداد وبها ولده الملك الرحيم أبو نصر خسرو فيروز فبايع له الجند وبعث إلى الخليفـة فـي الخطبـة والتلقـب بالملـك الرحيـم فأجابـه إلـى مـا سـأل إلا اللقـب بالرحيـم للمانـع الشرعـي من ذلك‏.‏ واستقر ملكه بالعراق وخوزستان والبصرة وكان بها أخوه أبو علي واستولى أخوه أبو منصور كما ذكرنا على شيراز فبعث الملك الرحيم أخاه أبا سعد في العساكر فملكها وقبض علـى أخيـه أبي منصور وسار العزيز جلال الدولة من عند قرواش إلى البصرة فدافعه أبو علي بن كاليجار عنها‏.‏ ثم سار الملك الرحيم إلى خوزستان وأطاعه من بها من الجند وكثرت الفتنة ببغداد بين أهل السنة والشيعة‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:02

مسير الملك الرحيم إلى فارس
ثم سار الملك الرحيم من الأهواز إلى فارس سنـة إحـدى وأربعيـن وخيـم بظاهـر شيـراز ووقعت فتنة بين أتراك شيراز وبغداد فرحل أتراك بغداد إلى العراق وتبعهم الملك الرحيم لانحرافه عن أتراك شيراز‏.‏ وكان أيضا منحرفاً عن الديلم بفارس لميلهم إلى أخيه فلاستون باصطخـر وانتهـى إلـى الأهواز فأقام بها واستخلف بارجان أخويه أبا سعد وأبا طالب فزحف إليهما أخوهما فلاستون وخرج الملك الرحيم من الأهواز إلى رامهز للقائهم فلقيهم وانهزم إلى البصرة ثم إلى واسط وسارت عساكر فارس إلى الأهواز فملكوها وخيموا بظاهرها‏.‏ ثم شغبـوا علـى أبـي منصـور وجاء بعضهم إلى الملك الرحيم فبعث إلى بغداد واستقر الجند الذين بها وسار إلى الأهواز فملكها وأقام ينتظر عسكر بغداد‏.‏ ثم سار إلى عسكر مكرم فملكها سنة اثنتين وأربعين‏.‏ ثـم تقـدم سنـة ثلـاث وأربعين ومعه دبيس بن مزيد والبساسيري وغيرهما‏.‏ وسار هزارشب بن تنكيـر ومنصـور بـن الحسيـن الأسـدي فيمـن معهمـا مـن الديلـم والأكـراد من أرجان إلى تستر فسبقهم الملـك الرحيـم إليهـا وغلبهـم عليهـا‏.‏ ثـم زحـف فـي عسكـر هزارسـب فوافـاه أميـره أبـو منصور بمدينة شيراز فاضطربوا ورجعوا ولحق منهم جماعة بالملك الرحيم فبعث عساكر إلى رامهرمز وبها أصحاب أبي منصور فحاصرها وملكها في ربيـع سنـة ثلـاث وأربعيـن‏.‏ ثـم بعـث أخـاه أبـا سعـد فـي العساكـر إلـى بلـاد فـارس لـأن أخـاه أبـا نصـر خسـرو كان باصطخر وضجر من تغلب هزارشب بن تنكير صاحب أخيه أبي منصور فكتب إلى أخيه الملك الرحيم بالطاعة فبعث إليه أخاه أبا سعد فأدخله اصطخر وملكه‏.‏ ثم اجتمع أبو منصور فلاستون وهزارسب ومنصور بن الحسين الأسدي وساروا للقاء الملك الرحيم بالأهواز واستمدوا السلطان طغرلبك وأبو إطاعته فبعث إليهم عسكراً وكان قد ملك أصبهـان واستطـال وافتـرق كثيـر مـن أصحـاب الملـك الرحيم عنه مثل البساسيري ودبيس بن مزيد والعـرب والأكـراد وبقي في الديلم الأهوازية وبعض الأتراك من بغداد‏.‏ ورأى أن يعود من عسكر مكـرم إلـى الأهـواز ليتحصن بها وينتظر عسكر بغداد‏.‏ ثم بعث أخاه أبا سعد إلى فارس كما ذكرنـا ليشعل أبا منصور وهزراسب ومن معهما عن قصده فلم يعرجوا على ذلك وساروا إليه بالأهـواز وقاتلهـم فانهـزم إلـى واسـط ونهب الأهواز وفقد في الواقعة الوزير كمال الملك أبو المعالي عبد الرحيم فلم يوقف له على خبر‏.‏ وسار أبو منصور وأصحابه إلى شيراز لأجل أبي سعد وأصحابه فلقيهم قريباً منها وهزمهم مرات واستأمن إليه الكثير منهم واعتصم أبو منصور ببعض القلاع وأعيدت الخطبة بالأهواز للملـك الرحيـم واستدعـاه الجنـد بهـا وعظمـت الفتنـة ببغـداد بيـن أهـل السنـة والشيعـة فـي غيبة الملك الرحيـم واقتتلـوا وبعـث القائـم نقيـب العلوييـن ونقيـب العباسييـن لكشـف الأمر بينهما فلم يوقف على يقين في ذلك‏.‏ وزاد الأمر وأحرقت مشاهد العظماء من أهل البيت وبلغ الخبر إلى دبيس بن مزيد فاتهم القائم بالمداهنة في ذلك فقطع الخطبة له ثم عوتب فاستعتب وعاد إلى حاله‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:02

مهادنة طغرلبك للقائم
قـد تقم لنا شأن الغز واستيلائهم على خراسان من يد بني سبكتكين عام اثنتين وثلاثين ثم استيلاء طغرلبـك علـى أصبهـان مـن يـد ابـن كالويـه سنـة اثنتيـن وأربعيـن‏.‏ ثـم بعـث السلطـان طغرلبـك أرسلـان ابـن أخيـه داود إلـى بلاد فارس فافتتحها سنة اثنتين وأربعين واستلحم من كان بها من الديلم ونزل مدينة نسا وبعث إليه القائم بأمر الله بالخلع والألقاب وولاه على ما غلب عليه فبعث إليه طغرلبك بعشرة آلـاف دينـار وأعلـاق نفيسـة مـن الجواهـر والثيـاب والطيـب وإلـى الحاشية بخمسة آلاف دينار وللوزير رئيس الرؤسـاء بألفيـن وحضـروا العيـد فـي سنـة ثلـاث وأربعين ببغداد فأمر الخليفة بالاحتفال في الزينة والمراكب والسلاح‏.‏ ثم سار الغز سنة أربع وأربعين إلى شيراز وبها الأمير أبو سعد أخو الملك الرحيم فقاتلهم وهزمهم كما نذكر في أخبارهم‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:02

استيلاء الملك الرحيم على البصرة من يد أخيه
ثـم بعث الملك الرحيم سنة أربع وأربعين جيوشه إلى البصرة مع بصيرة البساسيري فحاصروا بهـا أخـاه أبا علي وقاتلوا عسكره في السفن فهزموهم وملكوا عليهم دجلة والأنهر‏.‏ وجاء الملك الرحيم بالعسكر في البر واستأمن إليه قبائل ربيعة ومضر فأمنهم وملك البصرة وجاءته رسل الديلـم بخوزستـان بطاعتهـم‏.‏ ومضـى أخوه أبو علي إلى شط عمان وتحصن به فسار إليه الملك الرحيم وملك عليه شط عمان ولحق بعبادان وسار منها إلى أرجان‏.‏ ثـم لحـق بالسلطـان طغرلبك بأصبهان فأكرمه وأصهر إليه وأقطع له وأنزله بقلعة من أعمال جرباذقان‏.‏ وولى الملك الرحيـم وزيـره البساسيـري علـى البصـرة وسار إلى الأهواز وأرسل منصور بن الحسين وهزارشب في تسليم أرجان وتستر فتسلمها واصطلحا‏.‏ وكان المقدم على أرجان فولاد بن خسرو من الديلم فرجع إلى طاعة الملك الرحيم سنة خمس وأربعين‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:02

فتنة ابن أبي الشوك ثم طاعته
كـان سعـدي بـن أبـي شـوك قـد أعطـى طاعته للسلطان طغرلبك بنواحي الري وسار في خدمته وبعثـه سنـة أربـع وأربعيـن فـي العساكـر إلـى نواحـي العـراق فبلـغ النعمانيـة وكثـر عيثـه وراسلـه ملـد من بنـي عقيـل قرابـة قريـش بـن بـدران فـي الاستظهـار له على قريش ومهلهل أخي أبي الشوك فوعهم فسار إليهم مهلهل وأوقع بهم على عكبرا فساروا إلى سعدي وشكوا إليه وهو على سامرا فسـار وأوقـع بعمـه مهلهل وأسره وعاد إلى حلوان وهم الملك الرحيم بتجهيز العساكر إليه بحلوان واستقدم دبيس بن مزيد لذلك‏.‏ ثم عظمت الفتنة سنة خمس وأربعين ببغداد من أهل الكرخ وأهل السنة ودخلها طوائف من الأتراك وعم الشر وأطرحت مراقبة السلطان وركب القواد لحسم العلة فقتلوا علوياً من أهل الكـرخ فنـادت نساؤه بالويل فقاتلهم العامة وأضرم النار في الكرخ بعض الأتراك فاحترق جميعه‏.‏ ثـم بعـث القائـم وسكـن الأمر وكان مهلهل لما أسر سار ابنه بدر إلى طغرلبك وابن سعدي كان عنـده رهينـة وبعث إلى سعدي بإطلاق مهلهل عند ذلك فامتنع سعدي من ذلك وانتقض على طغرلبك وسار من همذان إلى حلوان وقاتلها فامتنعت عليه فكاتب الملك الرحيم بالطاعة ولحقـه عساكـر طغرلبـك فهزموه ولحق ببعض القلاع هنالك‏.‏ وسار بدر في اتباعه إلى شهرزور ثم جاءه الخبر بأن جمعاً من الأكراد والأتراك قد أفسدوا السابلة وأكثروا العيث فخرج إليهم البساسيـري واتبعهـم إلـى البواريـخ وأوقـع بالطوائـف منهـم واستباحهـم وعبـروا الزاب فلم يمكنه العود إليهم ونجوا‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:03

وفي سنة سـت وأربعيـن
شغب الأتراك على وزير الملك الرحيم في مطالبة أرزاقهم واستعدوه عليه فلم يعدهم فشكوا من الديوان وانصرفوا مغضبين وباركوا من الغد لحصار دار الخليفة‏.‏ وحضـر البساسيـري واستكشف حال الوزير فلم يقف له على خبر‏.‏ وكبست الدور في طلبه فكان ذلك وسيلة للأتراك في نهب دور الناس‏.‏ واجتمع أهل المحال لمنعهم ونهاهم الخليفة فلم ينتهـوا فهـم بالرحلـة عـن بغـداد‏.‏ ثـم ظهـر الوزيـر وأنصفهـم فـي أرزاقهـم فتمادوا على بغيهم وعسفهم واشتد عيث الأتراك والأعراب في النواحي فخربت البلاد وتفرق أهلها وأغار أصحاب ابن بدران بالبرد وكبسوا حلل كامل بن محمد بن المسيب ونهبوها ونهبوا في جملتها ظهراً وأنعاماً للبساسيري وانحل أمر الملك والسلطنة بالكلية‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:03

استيلاء طغرلبك على أذربيجان وعلى أرمينية والموصل
سار طغرلبك سنة أربعين إلى أذربيجان فأطاعه صاحب قبرير أبو منصور وشهودان ابـن محمد وخطب له ورهن ولده عنده‏.‏ ثم أطاعه صاحب جنده أبو الأسوار ثم تبايع سائر النواحـي علـى الطاعـة وأخـذ رهنهم وسار إلى أرمينية فحاصر ملاذكرد وامتنعت عليه فخرب مـا جاورهـا مـن البلـاد‏.‏ وبعـث إليـه نصيـر الدولـة بن مروان بالهدايا وقد كان دخل في طاعته من قبل‏.‏ وسار السلطان طغرلبك لغزو بلاد الروم واكتسحها إلى أن بلغ أردن الروم ورجع إلى أذربيجان ثـم إلـى الـري وخطـب لـه قريـش بـن بـدران صاحـب الموصـل فـي جميـع أعمالـه وزحـف إلـى الأنبـار ففتحهـا ونهـب مـا فيهـا البساسيـري فانتقض لذلك وسار في العساكر إلى الأنبار فاستعاده من يده‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:03

وحشة البساسيري
كان أبو الغنائم وأبو سعد ابنا المجلبان صاحبي قريش بن بدران وبعثهما إلى القائم سراً من البساسيـري بمـا فعـل بالأنبـار فانتقـض البساسيـري لذلـك واستوحـش مـن القائـم ومـن رئيـس الرؤسـاء وأسقـط مشاهرتهـم ومشاهـرة حواشيهـم وهـم بهدم منازل بني المجلبان‏.‏ ثم أقصر وسار إلى الأنبار وبها أبو القاسم بن المجلبان وجاءه دبيس بن مزيد ممداً له فحاصر الأنبار وفتحها عنـوة ونهبهـا وأسـر مـن أهلها خمسمائة ومائة من بني خفاجة وأسر أبا الغنائم وجاء به إلى بغدا فأدخله على جمل وشفع دبيس بن مزيد في قتله وجاء إلى مقابل التاج من دار الخليفة فقبل الأرض وعاد إلى منزله‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:04

وصول الغز إلى الدسكرة ونواحي بغداد
وفـي شـوال مـن سنـة سـت وأربعيـن وصـل صاحب حلوان من الغز وهو إبراهيم بن إسحاق إلى الدسكـرة فافتتحهـا ونهبهـا وصـادر النسـاء‏.‏ ثـم سـار إلـى رسغبـاد وقلعـة البردان وهي لسعدي بن أبي الشوك وبها أمواله فامتنعت عليه فخرب ما حولها من القرى ونهبها وقوي طمع الغز في البلاد وضعف أمر الديلم والأتراك‏.‏ ثم بعث طغرلبك أبا علي ابن أبي كاليجار الذي كان بالبصـرة فـي جيـش من الغز إلى خوزستان فاستولى على الأهواز وملكها ونهب الغز الذين معه أموال الناس ولقوا منهم عناء‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:04

استيلاء الملك الرحيم علي شيراز
وفي سنة سبـع وأربعيـن سـار فولاذ الذي كان بقلعة اصطخر من الديلم وقد ذكرناه إلى شيراز فملكها من يد أبي منصور فولاستون بن أبي كاليجار وكان خطب بها للسلطـان طغرلبـك فخطب فولاذ بها للملك الرحيم ولأخيه أبي سعد يخادعهما بذلك‏.‏ وكان أبو سعد بأرجان فاجتمـع هـو وأخـوه أبـو منصـور علـى حصـار شيـراز فـي طاعـة أخيهمـا الملك واشتد الحصار على فولاذ وعدمت الأقوات فهرب عنها إلى قلعة اصطخر وملك الأخوان شيراز وخطبا لأخيهما الملك الرحيم‏.‏ قد ذكرنا تأكد الوحشة بين البساسيري ورئيس الرؤساء‏.‏ ثـم تأكـدت سنـة سبـع وأربعيـن وعظمت الفتنة بالجانب الشرقي بين العامة وبين أهل السنة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحضروا الديوان حتى أذن لهـم فـي ذلـك وتعرضـوا لبعـض سفـن البساسيـري منحـدرة إليـه بواسط وكشفوا فيها عن جرار خمر فجاؤوا إلى أصحاب الديـوان الذيـن أمـروا بمساعدتهـم واستدعوهم لكسرها فكسروها واستوحش لذلك البساسيري ونسبه إلى رئيس الرؤساء‏.‏ واستفتى الفقهاء في أن ذلك تعد على سفينته فأفتاه الحنفية بذلك‏.‏ ووضع رئيس الرؤساء العيون على البساسيري بإذن من دار الخلافة وأظهر معايبه‏.‏ وبالغوا في ذلك ثم قصدوا في رمضان دور البساسيري بإذن من دار الخلافة فنهبوهـا وأحرقوهـا ووكلـوا بحرمـه وحاشيتـه‏.‏ وأعلن رئيس الرؤساء بذم البساسيري وأنه يكاتب المستنصر صاحب مصر فبعث القائم إلى الملك الرحيم فأمره بإبعاده فأبعده‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:04

استيلاء السلطان طغرلبك على بغداد والخلعة والخطبة له
قد ذكرنا من قبل رجوع السلطان طغرلبك من غزو الروم إلى الري ثم رجع إلى همذان ثم سار إلى حلوان عازماً على الحج والاجتياز بالشام لازالته من يد العلوية‏.‏ وأجفل الناس إلى غربـي بغـداد وعظـم الإرجاف ببغداد ونواحيها وخيم الأتراك بظاهر البلد‏.‏ وجاء الملك الرحيم من واسط بعد أن طرد البساسيري عنه كما أمره القائم فسار إلى بلد دبيس بن مزيد لصهر بينهما‏.‏ وبعث طغرلبك إلى لقائهما بالطاعة وإلى الأتراك بالمقاربة والوعد فلم يقبلوا وطلبوا من القائم إعادة البساسيري لأنه كبيرهم‏.‏ ولما وصل الملك الرحيم سأل من الخليفة إصلاح أمره مع السلطـان طغرلبـك فأشـار القائـم بـأن يقـوض الأجنـاد خيامهـم ويخيمـوا بالحريم الخلافي ويبعثوا جميعاً إلى طغرلبك بالطاعة فقبلوا إشارته وبعثوا إلى طغرلبك بذلك فأجاب بالقبول والإحسان‏.‏ وأمر القائم بالخطبة لطغرلبك على منابر بغداد فخطب آخر رمضان من سنة سبع وأربعين واستأذن في لقاء الخليفة وخرج إليه رؤساء الناس في موكب من القضاة والفقهاء والأشراف وأعيـان الديلـم‏.‏ وبعـث طغرلبـك للقائم وزيره أبا نصر الكندري وأبلغه رسالة القائم واستحلفه له وللملك الرحيم وأمراء الأجناد‏.‏ ودخل طغرلبك بغداد ونزل بباب الشماسية لخمس بقين من رمضان وجاء هنالك قريش بن بدران صاحب الموصل وكان من قبل في طاعته‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:05

القبض على الملك الرحيم وانقراض دولة بني بويه
ولمـا نـزل طغرلبـك بغـداد وافتـرق أهـل عسكـره فـي البلـد يقضـون بعـض حاجاتهـم فوقعت بينهم وبين بعض العامة منازعة فصاحوا بهم ورجموهم وظن الناس أن الملك الرحيم قد اعتزم على قتال طغرلبك فتواثبوا بالغز من كل جهة إلا أهل الكرخ فإنهم سألوا من وقع إليهم من الغز وأرسل عميد الملك وزير طغرلبك عن عدنان بن الرضي نقيب العلويين وكان مسكنه بالكرخ فشكره عـن السلطـان طغرلبك‏.‏ ودخل أعيان الديلم وأصحاب الملك الرحيم إلى دار الخلافة نفياً للتهمة عنهـم‏.‏ وركـب أصحـاب طغرلبـك فقاتلـوا العامـة وهزموهم وقتلوا منهم خلقاً ونهبوا سائر الدروب ودور رئيـس الرؤسـاء وأصحابـه والرصافـة ودور الخلفـاء وكـان بهـا أموال الناس نقلت إليها للحرمة فنهب الجميع واشتد البلاء وعظم الخوف‏.‏ وأرسل طغرلبك إلى القائم بالعتاب ونسبة ما وقع إلى الملك الرحيم والديلم وأنهم انحرفوا وكانوا برآء من ذلك‏.‏ وتقدم إليهم الخليفة بالحضور عند طغرلبك مع رسوله فلما وصلوا إلى الخيام نهبها الغز ونهبوا رسـل القائـم معهـم‏.‏ ثـم قبـض طغرلبـك علـى الملـك الرحيـم ومـن معه وبعث بالملك الرحيم إلى قلعة السيـروان فحبـس بهـا وكـان ذلـك لسـت سنيـن من ملكه‏.‏ ونهب في تلك الهيعة قريش بن بدران صاحب الموصل ومن معه من العرب ونجا سليباً إلى خيمة بدر بن المهلهل واتصل بطغرلبك خبره فأرسل إليه وخلع عليه وأعاده إلى مخيمه وبعث القائم إلى طغرلبك بإنكار ما وقع في أخفـار ذمتـه في الملك الرحيم وأصحابه وأنه يتحول عن بغداد فأطلق له بعضهم بلكسكسالربه وأنزع الإقطاعات من يد أصحابه الملك الرحيم فلحقوا بالبساسيري وكثر جمعه وبعث طغرلبك إلـى دبيـس بالطاعـة وإنفاذ البساسيري فخطب له في بلاده وطرد البساسيري فسار إلى رحبة ملك وكاتب المستنصر العلوي صاحب مصر‏.‏ وأمـر طغرلبـك بأخـذ أمـوال الأتـراك الجند وأهملهم وانتشر الغز السلجوقية في سواد بغداد فنهبوا الجانب الغربي من تكريت إلى النيل والجانب الشرقي إلى النهروانات وخرب السواد وانجلـى أهله وضمن السلطان طغرلبك البصرة والأهواز من هزارشب بن شكر بن عياض بثلثمائـة وستين ألف دينار وأقطعه أرجان وأمره أن يخطب لنفسه بالأهواز دون ما سواها‏.‏ وأقطع أبا علي بن أبي كاليجار ويسين وأعمالها وأمر أهل الكرخ بزيادة‏:‏ الصلاة خير من النوم في نداء الصبح وأمر بعمارة دار المملكة وانتقل إليها في شوال‏.‏ وتوفي ذخيرة الدين أبو العباس محمد بن القائم بالله في ذي القعدة من هذه السنة‏.‏ ثم أنكح السلطان طغرلبك من القائم بالله خديجة بنت أخيه داود واسمها أرسلان خاتون وحضر للعقد عميد الملك الكندي وزير طغرلبك وأبو علي بن أبي كاليجار وهزارسب بن شكر بن عياض الكردي وابن أبي الشـوك وغيرهـم مـن أمـراء الأتـراك مـن عسكـر طغرلبـك‏.‏ وخطـب رئيس الرؤساء وولي العقد وقبل الخليفة بنفسه‏.‏ وحضر نقيب النقباء أبو علي بن أبي تمام ونقيب العلويين عدنان بن الرضي والقاضي أبو الحسن الماوردي وغيرهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:05

انتقاض أبي الغنائم بواسط
كان رئيس الرؤساء سعى لأبي الغنائم بن المجلبان في ولاية واسط وأعمالها فوليها وصادر أعيانها وجند جماعة وتقوى بأهل البطيحة وخندق على واسط وخطب للمستنصر العلوي بمصـر فسـار أبو نصر عميد العراق لحربه فهزمه وأسر من أصحابه ووصل إلى السور فحاصره حتـى تسلـم البلـد‏.‏ ومـر أبـو الغنائـم ومعـه الوزيـر بن فسانجس ورجع عميد العراق إلى بغداد بعد أن ولـى علـى واسـط منصـور بـن الحسيـن فعـاد ابـن فسانجـس إلـى واسـط وأعـاد خطبـة العلوي وقتل مـن وجـده مـن الغز ومضى منصور بن الحسين إلى المدار وبعث يطلب المدد فكتب إليه عميد العراق ورئيس الرؤساء بحصار واسط فحاصرها وقاتله ابن فسنجس فهزمه وضيق حصاره واستأمـن إليـه جماعـة من أهل واسط فملكها وهرب فسانجس واتبعوه فأدركوه وحمل إلى بغداد في صفر سنة ست وأربعين فشهر وقتل‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:05

الوقعة بين البساسيري وقطلمش
وفـي سلـخ شـوال مـن سنـة ثمـان وأربعيـن سـار قطلمـش وهـو ابـن عم السلطان طغرلبك وجد بني قليج أرسلان ملوك بلاد الروم فسار ومعه قريش بن بدران صاحب الموصل لقتال البساسيري ودبيـس وسـار بهـم إلى الموصل وخطبوا بها للمستنصر العلوي صاحب مصر وبعث إليهم بالخلع وكـان معهـم جابـر بـن ناشـب وأبـو الحسـن وعبـد الرحيـم وأبو الفتح بن ورائر ونصر بن عمر ومحمد بن حماد‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:06

مسير طغرلبك إلى الموصل
لما كان السلطان طغرلبك قد ثقلت وطأته على العامة ببغداد وفشى الضرر والأذى فيهم من معسكره فكاتبه القائم يعظه ويذكره ويصف له ما الناس فيه فأجابه السلطان بالاعتذار بكثرة العساكـر‏.‏ ثـم رأى رؤيـا فـي ليلتـه كأن النبي صلى الله عليه وسلم يوبخه على ذلك فبعث وزيره عميـد الملـك إلـى القائـم بطاعة أمره فيما أمر وأخرج الجند من وراء العامة ورفع المصادرات‏.‏ ثم بلغه خبر وقعة قطلمش مع البساسيري وانحراف قريش صاحب الموصل إلى العلوية فتجهز وسار عن بغداد ثلاثة عشر شهراً من نزوله عليها ونهبـت عساكـره أوانـا وعكبـرا وحاصـر تكريت حتى رجع صاحبها نصر بن عيسى إلى الدعوة العباسية وقتله السلطان ورجع عنه إلـى البواريـخ فتوفـي نصـر وخافـت أمـه غريبـة بنـت غريـب بن حكن أن يملك البلد أخوه أبو العشام فاستخلفت أبا الغنائم ابن المجلبان ولحقت بالموصل ونزلت على دبيس بن مزيد‏.‏ وأرسل أبو الغنائم رئيس الرؤساء فأصلح حاله ورجع إلى بغـداد وسلـم لـه تكريـت وأقـام السلطان بالبواريخ إلى سنة تسع وأربعين وجاءه أخوه ياقوتي في العساكر فسار إلى الموصل وأقطع مدينة بلد هزارسب بن شكر الكردي وأراد العسكر نهبها فمنعهم السلطان‏.‏ ثم أذن لهم في اللحاق إلى الموصل وتوجه إلى نصيبين وبعث هزارشب إلى البرية في ألف فارس ليصيب من العرب فسار حتى قارب رحالهم وأكمن الكمائن وقاتلهم ساعة‏.‏ ثم استطردهم واتبعـوه فخرجـت عليهـم الكمائـن فانهزموا وأثخن فيهم الغز بالقتل والأسر‏.‏ وكان فيهم جماعة من بني نمير أصحاب حران والرقة وحمل الأسرى إلى السلطان فقتلهم أجمعين‏.‏ ثم بعث دبيس وقريش إلى هزارسب يستعطف لهم السلطان فقبل السلطان ذلك منهما وورد أمر البساسيري إلى الخليفة فرحل ومعه الأتراك البغداديون ومقبل ابن المقلـد وجماعـة مـن عقيـل إلـى الرحبـة وأرسل السلطان إليهما أبا الفتح بن ورام يستخبرهما فجاء بطاعتهما وبمسير هزارشب إليهما فأذن له السلطان في المسير وجاء إليهما واستحلفهما وحثهما على الحضور فخافا‏.‏ وأرسل قريش أبا السيد هبة الله بن جعفر ودبيس ابنه منصوراً فأكرمهما السلطان وكتب لهما بأعمالهما‏.‏ وكان لقريش نهر الملك وبادرويا والأنبار وهيت ودجيل ونهر بيطر وعكبـرا وأوانا وتكريت والموصل ونصيبين‏.‏ ثم سار السلطان إلى ديار بكر فحاصر جزيرة ابن عمر وبعث إليه يستعطفه ويبذل له المال وجاء إبراهيم نيال أخو السلطان وهو محاصر ولقيه الأمراء والناس وبعث هزارشب إلى دبيس وقريش يحذرهما فانحدر دبيس إلى بلده بالعراق‏.‏ وأقام قريش عند البساسيري بالرحبة ومعه ابنه مسلم وشكا قطلمش ما أصاب أهل سنجار منه عند هزيمته أمام قريش ودبيس فبعث العساكر إليها وحاصرها ففتحها عنوة واستباحها وقتل أميرها علي بن مرجي وشفع إبراهيم فـي الباقيـن فتركهـا وسلمهـا اللـه وسلـم معهـا الموصـل وأعمالهـا ورجـع إلى بغداد في سنة تسع وأربعين فخرج رئيس الرؤساء للقائه عن القائم وبلغه سلامه وهديته وهي جام من ذهب فيه جواهر وألبسه لباس الخليفة وعمامته فقبل السلطان ذلك بالشكر والخضوع والدعاء وطلب لقاء الخليفة فأسعف وجلس له جلوساً فخماً‏.‏ وجاء السلطان في البحر فقرب له لما نزل من السهيرية من مراكب الخليفة والقائم على سرير علوه سبعـة أذرع متوشحـاً البـردة وبيـده القضيـب وقبالتـه كرسـي لجلوس السلطان فقبل الأرض وجلس على الكرسي وقال له رئيس الرؤساء عن القائم‏:‏ أمير المؤمنين شاكر لسعيك حامد لفعلك مستأنس بقربك ولاك ما ولاه الله من بلاده ورد إليك مراعاة عباده فاتق الله فيما ولاك واعـرف نعمتـه عليـك واجتهـد فـي نشـر العـدل وكـف الظلـم وإصلـاح الرعية فقبل الأرض وأفيضـت عليـه الخلـع وخوطـب بملـك المشـرق والمغرب وقبل يد الخليفة ووضعها على عينيه ودفع إليه كتاب العهد وخرج فبعث إلى القائم خمسين ألف دينار وخمسين مملوكاً من الأتراك منتقين بخيولهم وسلاحهم إلى ما في معنى ذلك من الثياب والطيب وغيرهما‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:06

فتنة نيال مع أخيه طغرلبك ومقتله
كـان إبراهيـم نيـال قـد ملـك بلـاد الجبـل وهمذان واستولى على الجهات من نواحيها إلى حلوان عام سنـة سبـع وثلاثيـن‏.‏ ثـم استوحـش مـن السلطـان طغرلبـك بمـا طلـب منـه أن يسلـم إليـه مدينة همذان والقلاع فأبى من ذلك نيال وجمع جموعاً وتلاقيا فانهزم نيال وتحصن بقلعة سرماج فملكها عليه بعـد الحصـار واستنزلـه منهـا وذلـك سنة إحدى وأربعين‏.‏ وأحسن إليه طغرلبك وخيره بين المقام معه أو إقطاع الأعمال فاختار المقام‏.‏ ثم لما ملك طغرلبك بغداد وخطب له بها سنة سبع وأربعين خرج إليه البساسيري مع قريش بن بدران صاحب الموصل ودبيس بن مزيد صاحب الحلة وسار طغرلبك إليهم من بغداد ولحقه أخوه إبراهيم نيال فلما ملك الموصل سلمها إليه وجعلهـا لنظـره مـع سنجار والرحبة وسائر تلك الأعمال التي لقريش ورجع إلى بغداد سنة تسع ثـم بلغه سنة خمسين بعدها أنه سار إلى بلاد الجبل فاستراب به وبعث إليه يستقدمه بكتابه وكتـاب القائـم مـع العهـد الكنـدي فقـدم معـه‏.‏ وفـي خلال ذلك قصد البساسيري وقريش بن بدران الموصل فملكاها وجفلوا عنها فاتبعهم إلى نصيبين وخالفه أخوه إبراهيم نيال إلى همذان في رمضـان سنـة خمسيـن‏.‏ يقـال إن العلـوي صاحب مصر والبساسيري كاتبوه واستمالوه وأطمعوه في السلطنـة فسـار السلطـان في اتباعه من نصيبين ورد وزيره عميد الملك الكندي وزوجته خاتون إلـى بغـداد ووصـل إلـى همـذان ولحـق بـه مـن كان ببغداد من الأتراك فحاصر همذان في قلعة من العسكر واجتمع لأخيه خلق كثير من الترك وحلف لهم أن لا يصالح طغرلبك ولا يدخل بهم العراق لكثرة نفقاته‏.‏ وجاءه محمد وأحمد ابنا أخيه أرباش بأمداد من الغز فقوي بهم ووهن طغرلبك فأفرج عنه إلى الري وكاتب إلى أرسلان ابن أخيه داود وقد كان ملك خراسان بعد أبيه سنة إحدى وخمسين كما يذكر في أخبارهم فزحف إليه في العساكر ومعه أخواه ياقوت وقاروت بك ولقيهم إبراهيم فيمن معه فانهزم وجيء به وبابني أخيه محمد وأحمد أسرى إلى طغرلبك فقتلهم جميعاً ورجع إلى بغداد لاسترجاع القائم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:07

دخول البساسيري بغداد وخلع القائم ثم عوده
قـد ذكرنا أن طغرلبك سار إلى همذان لقتال أخيه وترك وزيره عميد الملك الكندي ببغداد مع الخليفـة وكان البساسيري وقريش بن بدران فارقا الموصل عند زحف السلطان طغرلبك إليهما فلما سار عن بغداد لقتال أخيه بهمذان خالفه البساسيري وقريش إلى بغداد فكثر الإرجاف بذلك وبعث على دبيس بن مزيد ليكون حاجبه ببغداد ونزلوا بالجانب الشرقي وطلب من القائـم الخـروج معـه إلـى أحيائـه واستدعى هزارسب من واسط للمدافعة واستمهل في ذلك فقال العرب لا نشير فأشيروا بنظركم وجاء البساسيري ثامن ذي القعدة سنة خمسين في أربعمائة غلـام علـى غايـة مـن سـوء الحـال ومعـه أبـو الحسيـن بـن عبـد الرحيـم وجـاء حسيـن بـن بـدران في مائة فـارس وخيمـوا مفترقيـن عـن البلـد واجتمـع العسكـر والقوم إلى عميد العراق وأقاموا إزاء البساسيري وخطب البساسيري ببغداد للمستنصر العلوي صاحب مصر بجامع المنصـور ثـم بالرصافة وأمر بالأذان بحي على خير العمل وخيم بالزاهر وكان هوى البساسيري لمذاهـب الشيعة وترك أهل السنة للانحراف عن الأتراك فرأى الكندي المطاولة لانتظار السلطان ورأى رئيـس الرؤسـاء المناجـزة وكـان غيـر بصيـر بالحـرب فخـرج لقتالهـم فـي غفلة من الكندي فانهزم وقتل من أصحابه خلق ونهب باب الأزج وهو باب الخلافة‏.‏ وهـرب أهـل الحريـم الخلافـي فاستدعـى القائـم العميـد الكنـدي للمدافعة عن دار الخلافة فلم يرعهم إلا اقتحام العدو عليهم من الباب النوبي فركب الخليفة ولبس السواد والنهب قد وصل باب الفردوس والعميد الكندي قد استأمن إلى قريش فرجع ونادى بقريش من السور فاستأمن إليه على لسان رئيس الرؤساء واستأمن هو أيضاً معه وخرجا إليه وسارا معه ونكر البساسيري على قريش نقضه لما تعاهدا عليه فقال إنما تعاهدنا على الشركة فيما يستولي عليه وهذا رئيس الرؤساء لك والخليفة لي‏.‏ ولمـا حضـر رئيـس الرؤساء عند البساسيري وبخه وسأله العفو فأبى منه وحمل قريش القائم إلى معسكره على هيئته ووضع خاتون بنت أخي السلطان طغرلبك في يد بعـض الثقـات مـن خواصـه وأمـره بخدمتهـا وبعـث القائـم ابن عمه مهارش فسار به إلى بلده حديثة خان وأنزله بها‏.‏ وأقام البساسيري ببغداد وصلى عيد النحر بالألوية المصرية وأحسن إلى الناس وأجرى أرزاق الفقهـاء ولـم يتعصـب لمذهـب‏.‏ وأنـزل أم القائـم بدارهـا وسهل جرايتها‏.‏ وولى محمود بن الأفرم على الكوفة وسعى الفرات وأخرج رئيس الرؤساء من محبسه آخر ذي الحجة فصلبه عند التجيبي لخمسيـن سنـة مـن تـردده فـي الـوزارة‏.‏ وكـان ابـن ماكـرلا قد قبل شهادته سنة أربع عشرة‏.‏ وبعث البساسيـري إلـى المستنصـر العلـوي بالفتـح والخطبـة لـه بالعراق وكان هنالك أبو الفرج ابن أخي أبي القائـم المغربي فاستهان بفعله وخوفه عاقبته وأبطأت أجوبته مدة ثم جاءت بغير ما أمل وسار البساسيـري مـن بغـداد إلـى واسـط والبصـرة فملكهـا وأراد قصر الأهواز فبعث صاحبها هزارشب بـن شكـر فأصلـح أمـره على مال يحمله‏.‏ ورجع البساسيري إلى واسط في شعبان سنة إحدى وخمسيـن وفارقـه صدقـة بـن منصـور بـن الحسيـن الأسـدي إلـى هزارسـب وقد كان ولى بغداد أباه علـى مـا يذكـر‏.‏ ثـم جـاء الخبر إلى البساسيري بظفر طغرلبك بأخيه وبعث إليه والي قريش في إعادة الخليفة إلى داره ويقيم طغرلبك وتكون الخطبة والسكة له فأبى البساسيري من ذلـك فسـار طغرلبك إلى العراق وانتهى إلى قصر شيرين وأجفل الناس بين يديه‏.‏ ورحل أهل الكرخ بأهليهـم وأولادهـم براً وبحراً وكثر عيث بني شيبان في الناس وارتحل البساسيري بأهله وولده سادس ذي القعدة سنة إحدى وخمسين لحول كامل من دخوله وكثر الهرج في المدينة والنهب والاحـراق‏.‏ ورحـل طغرلبـك إلـى بغـداد بعـد أن أرسـل مـن طريقـه الأستـاذ أحمد بن محمد بن أيوب المعـروف بابـن فورك إلى قريش بن بدران بالشكر على فعله في القائم وفي خاتون بنت أخيه زوجة القائم وأن أبا بكر بن فورك جاء بإحضارهما والقيام بخدمتهما وقد كان قريش بعث إلـى مهـارش بـأن يدخـل معهـم إلـى البريـة بالخليفـة ليصـد ذلك طغرلبك عن العراق ويتحكم عليه بما يريد فأبى مهارش لنقض البساسيري عهوده واعتذر بأنه قد عاهد خليفة القائم بما لا يمكن نقضـه ورحـل بالخليفـة إلـى العـراق وجعـل طريقـه على بدران بن مهلهل‏.‏ وجاء أبو فورك إلى بدر فحمله معه إلى الخليفة وأبلغه رسالة طغرلبك وهداياه وبعث طغرلبك للقائه وزيره الكنـدي والأمـراء والحجـاب بالخيـام والسرادقات والمقربات بالمراكب الذهبية فلقوه في بلد بدر‏.‏ ثم خرج السلطـان فلقيـه بالنهـروان واعتـذر عـن تأخـره بوفاة أخيه داود بخراسان وعصيان إبراهيم بهمـذان وأنـه قتلـه علـى عصيـان‏.‏ وأقـام حتـى رتـب أولـاد داود فـي مملكتـه وقال إنه يسير إلى الشام في اتباع البساسيري‏.‏ وطلب صاحب مصر فقلده القائم سيفه إذ لم يجد سواه وأبدى وجهه للأمراء فحيوه وانصرفوا‏.‏ وتقدم طغرلبك إلى بغداد فجلس في الباب النوبي مكان الحاجب وجاء القائم فأخذ طغرلبك بلجام بغلته إلى باب داره وذلك لخمس بقين من ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وسار السلطان إلى معسكره وأخذ في تدبير أموره‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:07

مقتل البساسيري
ثـم أرسـل السلطـان طغرلبـك خمارتكيـن فـي ألفيـن إلـى الكوفـة واستقـر معـه سرايا بن منيع في بني خفاجة وسار السلطان طغرلبك في أثرهم فلم يشعر دبيس وقريش والبساسيري وقد كانوا نهبـوا الكوفـة إلا والعساكـر قـد طلعـت عليهـم من طريق الكوفة فأجفلوا نحو البطيحة‏.‏ وساردبيس ليـرد العـرب إلى القتال فلم يرجعوا ومضى معهم ووقف البساسيري وقريش فقتل من أصحابهما جماعـة وأسـر أبـو الفتح بن ورام ومنصور بن بدران وحماد بن دبيس وأصاب البساسيري سهم فسقط عن فرسه وأخذ رأسه لمتنكيرز وأتى العميد الكندري وحمله إلى السلطان وغنـم العسكر جميع أموالهم وأهليهم وحمل رأس البساسيري إلى دار الخلافة فعلق قبالة النوبي في منتصف ذي الحجة‏.‏ ولحق دبيس بالبطيحة ومعه زعيم الملك أبو الحسن عبد الرحيم وكان هذا البساسيري من مماليك بهاء الدولة بن عضد الدولة اسمه أرسلان وكنيتـه أبـو الحـارث ونسبـه فـي التـرك‏.‏ وهـذه النسبـة المعروفـة لـه نسبـة إلـى مدينـة بفـارس حرفهـا الـأول متوسـط بين الفاء والباء والنسبة إليها فسوي ومنها أبو علي الفارسي صاحب الإيضاح‏.‏ وكان أولاً ينسب إليها فلذلك قيل فيه هو بساسيري‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 4:08

مسير السلطان إلى واسط وطاعة دبيس
ثـم انحدر السلطان إلى واسط أول سنة اثنتين وخمسين وحضر عنده هزارسب بن شكر من الأهواز وأصلح حال دبيس بن مزيد وصدقة بن منصور بن الحسين أحضرهما عند السلطان وضمـن واسـط أبـو علي بن فضلان بمائتي ألف دينار وضمن البصرة الأغر أبو سعد سابور بن المظفـر وأصعـد السلطـان إلـى بغـداد واجتمـع بالخليفـة ثـم سـار إلـى بلد الجبل في ربيع سنة اثنتين وخمسيـن‏.‏ وأنـزل ببغـداد الأميـر برسـو شحنـة وضمـن أبو الفتح المظفر بن الحسين في ثلاث سنين بأربعمائة ألف دينار ورد إلى محمود الأخرم إمارة بني خفاجة وولـاه الكوفـة وسقـي الفـرات وخواص السلطان بأربعة آلاف دينار في كل سنة‏.‏ وزارة القائم ولما عاد القائم إلى بغداد ولى أبا تراب الأشيري على الأنهار وحضور المراكب ولقبه حاجب الحجـاب وكـان خدمه بالحديثة‏.‏ ثم سعى الشيخ أبو منصور في وزارة أبي الفتح بن أحمد بن دارست على أن يحمل مالاً فأجيب وأحضر من الأهواز في منتصف ربيع من سنة ثلاث وخمسيـن فاستـوزره وكـان مـن قبـل تاجـراً لأبـي كاليجار ثم ظهر عجزه في استيفاء الأموال فعزله وعـاد إلـى الأهـواز‏.‏ وقـدم أثـر ذلـك أبـو نصـر بـن جهيـر وزير نصير الدولة بن مروان نازعاً منه إلى الخليفة القائم فقبله واستوزره ولقبه فخر الدولة‏.‏ عقد طغرلبك علي ابنة الخليفة كان السلطان طغرلبك قد خطب من القائم ابنته على يد أبي سعد قاضي الري سنة ثلاث وخمسيـن فاستنكـف مـن ذلـك‏.‏ ثـم بعـث أبـا محمـد التميمـي فـي الاستعفـاء مـن ذلك وإلا فيشترط‏.‏ ثلاثمائـة ألـف دينـار وواسـط وأعمالهـا‏.‏ فلمـا ذكر التميمي ذلك للوزير عميد الملك بني الأمر على الإجابة قال‏:‏ ولا يحسن الاستعفاء ولا يليق بالخليفة طلب المال وأخبر السلطان بذلك فسر به وأشاعه في الناس ولقب وزيره عميد الملك وأتى أرسلان خاتون زوجة القائم ومعه مائة ألف ألـف دينـار ومـا يناسبها من الجواهر والجوار وبعث معهم قرامرد بن كاكويه وغيره من أمراء الري فلمـا وصلـوا إلـى القائـم استشـاط وهـم بالخـروج مـن بغـداد‏.‏ وقـال له العميد‏:‏ ما جمع لك في الأول بيـن الامتنـاع والاقتـراح وخـرج مغضبـاً إلـى النهـروان فاستوقفـه قاضـي القضـاة والشيخ أبو منصور بن يوسف‏.‏ وكتب من الديوان إلى خمارتكين من أصحاب السلطان بالشكوى من عميد الملك وجـاءه الجـواب بالرفـق ولـم يـزل عميد الملك يريض الخليفة وهو يتمنع إلى أن رحل في جمادى من سنـة أربـع وخمسيـن‏.‏ ورجـع إلـى السلطان وعرفه بالحال ونسب القضية إلى خمارتكين فتنكر له السلطان وهرب واتبعه أولاد نيال فقتلوه بثأر أبيهم وجعل مكانه سارتكين وبعث للوزير بشأنه‏.‏ وكتب السلطان إلى قاضي القضاة والشيخ أبي منصور بن يوسف بالعتب وطلب بنت أخي زوجـة القائـم فأجـاب الخليفـة حينئـذ إلـى الأصهـار وفوض إلى الوزير عميد الكندري عقد النكاح علـى ابنتـه للسلطـان وكتـب بذلـك إلـى أبي الغنائم المجلبان فعقد عليها في شعبان من تلك السنة بظاهـر تبريـز‏.‏ وحمـل السلطان للخليفة أموالاً كثيرة وجواهر لولي العهد وللمخطوبة وأقطع ما كان بالعراق لزوجته خاتون المتوفاة للسيدة بنت الخليفة‏.‏ وتوجه السلطان في المحرم سنة خمس وخمسين من أرمينية إلى بغداد ومعه من الأمراء أبو علي بن أبي كاليجار وسرخاب بن بدر وهزار وأبو منصور بن قوامرد بن كاكويه وخرج الوزير ابن جهير فتلقاه وترك عسكره بالجانب الغربي ونادى الناس بهم‏.‏ وجاء الوزير ابـن العميـد لطلـب المخطوبـة فأفـرد لهـم القائـم دوراً لسكنـاه وسكنـى حاشيتـه وانتقلت المخطوبة إليها وجلست علـى سريـر ملبـس بالذهـب ودخـل السلطـان فقبـل الـأرض وحمل لها مالاً كثيراً من الجواهر وأولم أياماً وخلع على جميع أمرائه وأصحابه وعقد ضمان بغداد على أبي سعد الفارسي بمائة وخمسين ألف دينار وأعاد ما كان أطلقه رئيس العراقين من المواريث والمكوس وقبض على الأعرابي سعد ضامن البصرة وعقد ضمان واسط على أبي جعفر بن فضلان بمائتي ألف‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:31

وفاة السلطان طغرلبك وملك ابن أخيه داود
ثـم سـار السلطـان طغرلبـك مـن بغـداد فـي ربيـع الآخـر إلـى بلـد الجبـل فلمـا وصـل الـري أصابـه المرض وتوفي ثامن رمضان من سنة خمس وخمسين وبلغ خبر وفاته إلى بغداد فاضطربت واستقدم القائـم مسلـم بـن قريـش صاحـب الموصـل ودبيس بن مزيد وهزارسب صاحب الأهواز وبني ورام وبدر بن مهلهل فقدموا وأقام أبو سعد الفارسي ضامن بغداد سوراً على قصر عيسى وجمع الغلـال وخـرج مسلـم بـن قريـش مـن بغـداد فنهب النواحي وسار دبيس بن مزيد وبنو خفاجة وبنو ورام والأكراد لقتاله‏.‏ ثم استتيب ورجع إلى الطاعة‏.‏ وتوفي أبو الفتح بن ورام مقدم الأكراد والجاوانية وحمل العامة السلاح لقتال الأعراب فكانت سبباً لكثرة الذعار‏.‏ ولما مات طغرلبك بايع عميد الدولة الكندري بالسلطنة لسليمان ابن داود وجعفر بك وكان ربيـب السلطـان طغرلبك خلف أخاه جعفر بك داود على أمه وعهد إليه بالملك فلما خطب له اختلف عليه الأمر وسار باغي سيان وأردم إلى قزوين فخطب لأخيه ألـب أرسلـان وهـو محمد بن داود وهو يومئذ صاحب خراسان ووزيره نظام الملك سار إلى المذكور وسال الناس إليه وشعر الكندري باختلال أمره فخطب بالري للسلطان ألب أرسلان وبعده لأخيه سليمان‏.‏ وزحـف ألـب أرسلـان فـي العساكـر من خراسان إلى الري فلقيه الناس جميعاً ودخلوا في طاعته وجاء عميد الملك الكندري إلـى وزيـره نظـام الملـك فخدمـه وهـاداه فلـم يغـن عنـه وخشـي السلطان غائلته فقبض عليه سنة ست وخمسين وحبسه بمرو الروذ‏.‏ ثم بعث بعد سنة من محبسه بقتله من ذي الحجة من سنة سبع وخمسين وكان مـن أهـل نيسابـور كاتبـاً بليغـاً‏.‏ فلمـا ملك طغرلبك نيسابور وطلب كاتباً فدله عليه الموفق والد أبي سهل فاستكتبه واستخلصه وكان خصياً يقال إن طغرلبك خصاه لأنه تزوج بامرأة خطبها له وغطى عليـه فظفـر بـه فحاصره وأقره على خدمته‏.‏ وقيل أشاع عند أعدائه أنه تزوجها ولم يكن ذلك فخصى نفسه ليأمن غائلته وكان شديد التعصب على الشافعية والأشعرية‏.‏ واستأذن السلطان في لعن الرافضة على منابر خراسان ثم أضاف إليهم الأشعرية فاستعظم ذلـك أئمـة السنـة‏.‏ وفـارق خراسـان أبـو القاسـم القشيـري ثـم أبـو المعالـي إلـى مكة فأقام أربعة سنين يترددبيـن الحرميـن يـدرس ويفتـي حتـى لقـب إمـام الحرميـن‏.‏ فلمـا جـاءت دولة ألب أرسلان أحضرهم نظام الملك وزيره فأحسن إليهم وأعاد السلطان ألب أرسلان السيدة بنت الخليفة التي كانت زوجة طغرلبك إلى بغداد وبعث في خدمتها الأمير ايتكين السليماني وولاه شحنة ببغداد وبعـث معهـا أيضـاً أبـا سهـل محمـد بـن هبـة اللـه المعـروف بابـن الموفـق لطلـب الخطبـة ببغداد فمات في طريقه وكان من رؤساء الشافعية بنيسابور‏.‏ وبعث السلطان مكانه العميد أبا الفتح المظفر بن الحسيـن فمـات أيضـاً فـي طريقـه فبعـث وزيـره نظـام الملـك وخرج عميد الملك ابن الوزير فخر الدولة بن جهير لتلقيهم وجلس لهم القائم جلوساً فخماً في جمادى الأولى من سنة ست وخمسين وساق الرسل بتقليد ألب أرسلان السلطنة وسلمت إليهم الخلع بمشهد من الناس ولقب ضياء الدولة وأمر بالخطبة له على منابر بغداد وأن يخاطب بالولد المؤيد حسب اقتراحه فأرسل إلى الديـوان لأخـذ البيعـة النقيـب طـراد الزينبـي فأرسل إليه بنقجوان من أذربيجان وبايع وانتقض على السلطان ألب أرسلان من السلجوقية صاحب هراة وصغانيان فسار إليهم وظفر بهم كما نذكر في أخبارهم ودولتهم عن إفرادها بالذكر انتهى‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:31

فتنة قطلمش والجهاد بعدها
كـان قطلمـش هـذا من كبار السلجوقية وأقربهم نسباً إلى السلطان طغرلبك ومن أهل بيته وكان قد استولى على قومة واقصراي وملطية وهو الذي بعثه السلطان طغرلبك أول ما ملك بغداد سنة تسع وأربعين لقتال البساسيري وقريش بن بدران صاحب الموصل ولقيهم على سنجار الري فجهز ألب أرسلان العساكر من نيسابور في المحرم من سنة سبع وخمسين وساروا على المفارقة فسبقوا قطلمش إلى الري وجاء كتاب السلطان إليه ولقيه فلم يثبت ومضى منهزماً واستبـاح السلطـان عسكـره قتـلاً وأسـراً وأجلت الواقعة عنه قتيلاً فحزن له السلطان ودفنه‏.‏ ثم سار إلى بلاد الروم معتزماً على الجهاد ومر بأذربيجان ولقيه طغرتكين من أمراء التركمان في عشيـرة وكـان ممارسـاً للجهـاد فحثـه علـى قصـده وسلـك دليلاً بين يديه فوصل إلى نجران على نهر أرس وأمر بعمل السفـن لعبـوره وبعـث عساكـر لقتـال خـوي وسلمـاس مـن حصـون أذربيجـان وسار هو في العساكر فدخل بلاد الكرخ وفتح قلاعها واحدة بعد واحدة كما نذكـر فـي أخبارهـم‏.‏ ودوخ بلادهـم وأحـرق مدنهـم وحصونهم وسار إلى مدينة آي من بلاد الديلم فافتتحها وأثخن فيها وبعث بالبشائر إلى بغداد وصالحه ملك الكرخ على الجزية ورجع إلى أصبهـان‏.‏ ثـم سـار منهـا إلـى كرمـان فأطاعه أخوه قاروت بن داود جعفر بك‏.‏ ثم سار إلى مرو وأصهر إليه خاقان ملك ما وراء النهر بابنته لابنه ملكشاه وصاحب غزنة بابنته لابنه الآخر انته


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:31

العهد بالسلطنة لملكشاه بن ألب أرسلان
وفي سنة ثمان وخمسين عهد ألب أرسلان بالسلطنة لابنه ملكشاه واستخلف له الأمراء وخلع عليهم وأمر بالخطبة في سائر أعماله وأقطع بلخ لأخيه سليمان وخوارزم لأخيه ازعزا ومرو لابنـه أرسلـان شـاه وصغانيـان وطخارستـان لأخيـه إليـاس ومازنـدران للأميـر ابنايخ وبيغوا وجعل ولاية نقشوان ونواحيها لمسعود ابن ازناس‏.‏ وكان وزيره نظام الملك قد ابتدأ سنة سبع وخمسيـن بنـاء المدرسـة النظاميـة ببغـداد وتمت عمارتها في ذي القعدة سنة تسع وخمسين وعين للتدريس بها الشيخ إسحاق الشيرازي واجتمع الناس لحضور درسه وتخلف لأنه سمع أن في مكانهـا غصبـاً‏.‏ وبقـي النـاس فـي انتظاره حتى يئسوا منه فقال الشيخ أبو منصور لا ينفصل هذا الجمع إلا عن تدريس وكان أبو منصور الصباغ حاضراً فدرس وأقـام مدرسـاً عشريـن يومـاً حتى سمع أبو إسحاق الشيرازي بالتدريس فاستقر بها‏.‏ وزراء الخليفة كان فخر الدولة ابن جهير وزير القائم كما ذكرناه ثم عزله سنة ستين وأربعمائة فلحق بنور الدولـة دبيـس بن مزيد بالقلوجة وبعث القائم عن أبي يعلى والد الوزير أبي شجاع وكان يكتب لهزارسب ابن عوض صاحب الأهواز فاستقدمه ليوليه الوزارة فقدم ومات في طريقه وشفع دبيس بن مزيد في فخر الدولة بن جهير فأعيد إلى وزارته سنة إحدى وستين في صفر‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:31

الخطبة بمكة
وفي سنة اثنتيـن وستيـن خطـب محمـد بـن أبـي هاشـم بمكـة للقائـم وللسلطان ألب أرسلان وأسقط خطبة العلوي صاحب مصر وترك حي على خير العمل من الأذان وبعث ابنه وافداً على السلطان بذلك فأعطاه ثلاثين ألف دينار وخلعاً نفيسة ورتب كل سنة عشرة آلاف دينار‏.‏ كان مسلم بن قريش منتقضاً على السلطان وكان هزارسب بن شكر بن عوض قد أغرى السلطـان بدبيـس بـن مزيـد ليأخـذ بلـاده فانتقـض‏.‏ ثـم هلـك هزارشـب سنة اثنتين وستين بأصبهان منصرفاً من وفادته على السلطان بخراسان فوفد دبيس على السلطان ومعه مشرف الدولة مسلم بن قريش صاحب الموصل وخرج نظام الملك لتلقيهمـا وأكرمهمـا السلطـان ورجعـا إلـى الطاعة‏.‏ الخطة العباسية بحلب واستيلاء السلطان عليها كـان محمود بن صالح بن مراد قد استولى هو وقومه على مدينة حلب وكانت للعلوي صاحب مصـر‏.‏ فلمـا رأى إقبـال دولـة ألـب أرسلـان وقوتهـا خافـه علـى بلده فحملهم على الدخول في دعوة القائـم وخطب له على منابر حلب سنة ثلاث وستين وكتب بذلك إلى القائم فبعث إليه نقيب النقبـاء طـراد بـن محمـد الزينبـي بالخلـع‏.‏ ثـم سار السلطان ألب أرسلان إلى حلب ومر بديار بكر فخرج إليه صاحبها ابن مروان وخدمه بمائة ألف دينار‏.‏ ومر بآمد فامتنعت عليه وبالرهـا كذلك‏.‏ ثم نزل على حلب وبعث إليه صاحبها محمود مع نقيب النقباء طراد بالاستعفاء من الحضور فالح في ذلك وحاصره فلما اشتد عليه الحصار خرج ليلاً إلى السلطان ومعه أمه واقعة السلطان مع ملك الروم وأسره كـان ملـك الـروم فـي القسطنطينيـة وهـو أرمانـوس قد خرج سنة اثنتين وستين إلى بلاد الشام في عساكر كثيفة ونزل على منبج ونهبها وقتل أهلها وزحف إليه محمود بن صالح بن مرداس وابن حسـان الطائـي فـي بني كلاب وطىء ومن إليهم من جموع العرب فهزمهم وطال عليه المقام على منبج وعزت الأقوات فرجع إلى بلاده واحتشد وسار في مائتي ألف من الزنج والروم والروس والكـرخ وخـرج فـي احتفـال إلـى أعمـال خلاط ووصل إلى ملازجرد‏.‏ وكان السلطان ألب أرسلان بمدينة خوي من أذربيجان عند عوده من حلب فتشوق إلى الجهاد ولم يتمكن من الاحتشاد فبعث أثقاله وزوجته مع نظام الملك إلى همذان وسار فيمن حضره من العساكر وكانوا خمسة عشر ألفاً‏.‏ ووطن نفسه على الاستماتة فلقيت مقدمته عند خلاط جموع الروسية في عشرة آلـاف فانهزمـوا وجيء بملكهم إلى السلطان فحبسه وبعث بالأسلاب إلى نظام الملك ليرسلها إلى بغداد‏.‏ ثم تقارب العسكران وجنح السلطان للمهادنة فأبى ملك الروم فاعتزم السلطان وزحف وأكثر من الدعاء والبكاء وعفر وجهه بالتراب‏.‏ ثم حمل عليهم فهزمهم وامتلأت الـأرض بأشلائهـم وأسـر الملـك أرمانـوس جـاء بـه بعض الغلمان أسيراً فضربه السلطان على رأسه ثلاثاً ووبخه‏.‏ ثم فاداه بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعلى أن يطلق كل أسير عنده وأن تكون عساكر الروم مدداً للسلطان متى يطلبها‏.‏ وتم الصلح على ذلك لمدة خمسين سنة‏.‏ وأعطاه السلطان عشرة آلاف دينار وخلع عليه وأطلقه ووثب ميخائيل على الروم فملك عليهم مكان أرمانوس فجمع ما عنده من الأموال فكان مائتي ألف دينار وجيء بطبق مملوء بجواهر قيمته تسعون ألفاً‏.‏ ثم استولى أرمانوس بعد ذلك على أعمال الأرمن وبلادهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:32

شحنة بغداد
قد ذكرنا أن السلطان ألب أرسلان ولى لأول ملكه ايتكين السليماني شحنة بغداد سنة ست وخمسين فأقام فيها مدة ثم سار إلى السلطان في بعض مهماته واستخلف ابنه مكانه فأساء السيرة وقتل بعض المماليك الداوية فأنفذ قميصه من الديوان إلى السلطان وخوطب بعزلـه‏.‏ وكان نظام الملك يعني به فكتب فيه بالشفاعة وورد سنة أربع وستين فقصد دار الخلافة وسأل العفو فلم يحب وبعث إلى تكريت ليسوغها بإقطاع السلطان فبرز المرسوم من ديوان الخلافـة بمنـع ذلك‏.‏ ولما رأى السلطان ونظام الملك إصرار القائم على عزله بعث السلطان مكانه سعـد الدولـة كوهرابيـن اتباعاً لمرضاه الخليفة‏.‏ ولما ورد بغداد خرج الناس للقائه وجلس له القائم واستقر شحنة‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:32

مقتل السلطان ألب أرسلان وملك ابنه ملكشاه
سار السلطان ألب أرسلان محمد إلى ما وراء النهر وصاحبه شمس الملك تكين وذلك سنة خمـس وستيـن وعبـر علـى جسـر عقـده علـى جيحون في نيف وعشرين يوماً وعسكره تزيد على مائتي ألف‏.‏ وجيء له بمستحفظ القلاع ويعرف بيوسف الخوارزمي فأمر بعقابه على ارتكابه فأفحـش فـي سـب السلطان فغضب وأمر بإطلاقه ورماه بسهم فأخطأه فسير إليه يوسف وقام السلطان عن سريره فعثر ووقع فضربه بسكينة وضرب سعد الدولة ودخل السلطان خيمته جريحـاً‏.‏ وقتـل الأتراك يوسف هذا ومات السلطان من جراحته عاشر ربيع سنة خمس وستين لتسع سنين ونصف من ملكه ودفن بمرو عند أبيه‏.‏ وكان كريماً عادلاً كثير الشكر لنعمة الله والصدقة واتسع ملكه حتى قيل فيه سلطان العالم‏.‏ ولما مات وقد أوصى بالملك لابنه ملكشاه فجلس للملك وأخذ له البيعة وزيره نظام الملـك وأرسـل إلـى بغـداد فخطـب له على منابرها‏.‏ وكان ألب أرسلان أوصى أن يعطي أخوه قاروت بك أعمال فارس وكرمان وشيأ عينه من المال وكان بكرمان‏.‏ وأن يعطي ابنه إياس بن ألب أرسلان ما كان لأبيه داود وهو خمسمائة ألف دينار وعهد بقتال من لم يقض بوصيته‏.‏ وعاد ملكشـاه مـن بلـاد مـا وراء النهر فعبر الجسر في ثلاثة أيام وزاد الجند في أرزاقهم سبعمائة ألف دينار ونزل نيسابور وأرسل إلى ملوك الأطراف بالطاعة والخطبة فأجابوا‏.‏ وأنزل أخاه إياس بن ألب أرسلان ببلخ وسار إلى الري‏.‏ ثم فوض إلى نظام الملك وأقطعه مدينة طوس التي هي منشؤه وغيرهـا ولقبـه ألقابـاً منهـا أتابـك ومعناهـا الأميـر الوالـد فحمـل الدولـة بصرامـة وكفايـة وحسـن سيـرة وبعث كوهرابين الشحنة إلى بغداد سنة ست وستين لاقتضاء العهد فجلس له القائـم وعلى رأسه حافده وولي عهده المقتدي بأمر الله وسلم إلى سعد الدولة كوهرابين عهد السلطان ملكشاه بعد أن قرأ الوزير أوله في المحفل وعقد له اللواء بيده ودفعه إليه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:32

وفاة القائم ونصب المقتدي للخلافة
ثـم توفـي القائـم بأمـر اللـه أبـو جعفـر بـن القادر افتصد منتصف شعبان من سنة سبع وستين ونام فانفجر فصاده وسقطت قوته‏.‏ ولما أيقن بالموت أحضر حافده أبا القاسم عبد الله ابن ابنه ذخيرة الدين محمد وأحضر الوزير ابن بهير والنقباء والقضاة وغيرهم وعهد له بالخلافة‏.‏ ثم مات لخمس وأربعين سنة من خلافته‏.‏ وصلى عليه المقتدي وبعي بعهد جده وحضر بيعته مؤيد الملك بن نظام الملـك والوزيـر فخـر الدولـة بـن جهـر وابنـه عميـد الدولـة وأبـو إسحـاق الشيرازي وأبو نصر بن الصباغ ونقيب النقباء طراد والنقيب الطاهر المعمر بن محمد وقاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني وغيرهم من الأعيان والأماثل‏.‏ ولما فرغوا من البيعة صلى بهم العصـر ولـم يكـن للقائـم عقـب ذكـر غيـره لـأن ابنـه ذخيـرة الديـن أبـا العبـاس محمـداً توفـي فـي حياته ولم يكن له غيره فاعتمد القائم لذلك‏.‏ ثم جاءت جاريته ارجوان بعد موته لستة أشهر بولد ذكر فعظم سرور القائم به ولما كان حادثـة البساسيـري حملـه أبـو الغنائـم ابـن المجلبـان إلى حران وهو ابن أربع سنين وأعاده عند عود القائم إلى داره‏.‏ فلما بلغ الحلم عهد له القائم بالخلافة ولما تمت بيعته لقب المقتدي وأقر فخر الدولـة بـن جهير على وزارته بوصية جحه القائم بذلك‏.‏ وبعث ابن عميد الدولة إلى السلطان ملكشاه لأخذ البيعة في رمضان من سنة سبع وستين وبعث معه من الهدايا ما يجل عن الوصـف‏.‏ وقـدم سعـد الدولـة كوهرابيـن سنـة ثمـان وستيـن إلـى بغـداد شحنـة ومعـه العميد أبو نصر ناظـراً فـي أعمـال بغـداد وقـدم مؤيـد الملـك ابـن نظام الملك سنة سبعين للإقامة ببغداد ونزل بالدار التي بجوار مدرستهم‏.‏ كـان أبـو نصـر بن الأستاذ أبي القاسم القشيري قد حج سنة تسع وستين فورد بغداد منصرفاً مـن الحج ووعظ الناس بالنظامية وفي رباط شيخ الشيوخ ونصر مذهب الأشعري فأنكر عليه الحنابلة وكثر التعصب من الجانبين وحدثت الفتنـة والنهـب عنـد المدرسـة النظاميـة فأرسـل مؤيـد الملـك إلـى العميـد والشحنـة فحضـروا فـي الجنـد وعظمـت الفتنـة ونسب ذلك إلى الوزير فخر الدولة بن جهير وعظم ذلك على عضد الدولة فأعاد كوهرابين إلى الشحنة ببغداد‏.‏ وأوصاه المقتـدي بعـزل فخر الدولة من الوزارة وأمر كوهرابين بالقبض على أصحابه ونمي الخبر إلى بني جهيـر فبـادر عميـد الدولـة ابـن الوزيـر إلـى نظـام الملـك يستعطفـه‏.‏ ولمـا بلـغ كوهرابيـن رسالة الملك إلى المقتدي أمر فخر الدولة بلزوم منزله‏.‏ ثم جاء ابنه عميد الدولة وقد استصلح نظام الملك في الشفاعـة لهم فأعيد عميد الملك إلى الوزارة دون أبيه فخر الدولة وذلك في صفر سنة اثنتين وسبعين‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:33

استيلاء تتش بن ألب أرسلان على دمشق وابتداء دولته ونفيه فيها
كان أتسز بهمزة وسين وزاي ابن أبق الخوارزمي من أمراء السلطان ملك شاه وقد سار سنة ثلاث وستين إلى فلسطين من الشام ففتح مدينة الرملة ثم حاصر بيت المقدس وفتحها من يد العلوييـن أصحاب مصر وملك ما يجاورها ما عدا عسقلان‏.‏ ثم‏.‏ حاصر دمشق حتى جهدها الحصـار فرجـع وبقـي يـردد الغـزوات إليهـا كـل سنـة‏.‏ ثـم حاصرهـا سنـة سبع وستين وبها المعلى بن حمدرة من قبل المنتصر العبيدي فأقام عليها شهراً‏.‏ ثم أقلع ديار أهل دمشق بالمعلى لسوء سيرته فهرب إلى بانياس ثم إلى صور ثم أخذ إلى مصر وجلس بها ومات محبوساً‏.‏ واجتمع المصامـدة بعد هربه من دمشق وولوا عليهم انتصار ابن يحيى المصمودي ولقبوه زين الدولة‏.‏ ثم اختلفوا عليه ووقعت الفتنة وغلت الأسعار ورجع أتسز إلى حصارها فنزل له عنها انتصار على الأمان وعوضه عنها بقلعة بانياس ومدينة يافا من الساحل وخطب فيها أتسز للمقتدي العباسي في ذي القعدة سنة ثمان وستين‏.‏ وتغلـب علـى أكثـر الشـام ومنع من الأذان بحي على خير العمل‏.‏ ثم سار سنة تسع وستين إلى مصر وحاصرها حتى أشرف على أخذها‏.‏ ثم انهزم من غير قتال ورجع إلى دمشق وقد انتقـض عليـه أكثـر بلـاد الشـام فشكر لأهل دمشق صونهم لمخلفه وأمواله ورفع عنهم خراج سنة‏.‏ وبلغـه أن أهـل القـدس وثبـوا بأصحابـه ومخلفـه وحصروهـم في محراب داود عليه السلام فسار إليهم وقاتلوه فملكهم عنوة وقتلهم في كل مكان إلا من كان عند الصخرة‏.‏ ثم إن السلطان ملك شاه أقطع أخاه تاج الدولة تتش سنة سبعين وأربعمائة بلاد الشام وما يفتحه من نواحيها فسار إلى حلب سنة إحدى وسبعين وحاصرها وضيق عليها وكانت معه جموع كثيرة من التركمان‏.‏ وكان صاحب مصر قد بعث عساكره مع قائده نصير الدولة لحصار دمشق فأحاطوا بها وبعث أتسز إلى تتش وهـو علـى حلـب يستمـده فسـار إليـه وأجفلـت العساكـر المصريـة عـن دمشـق وجـاء إليهـا تتش فخرج أتسز للقائه بظاهر البلد فتجني عليه حيث لم يستعد للقائه وقبض عليه وقتله لوقته وملك البلد وأحسن السيرة فيها وذلك سنة إحدى وسبعين فيما قال الهمذاني‏.‏ وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر أن ذلك كان سنة اثنتين وسبعين‏.‏ وقال ابن الأثير والشاميون في هذا الاسم افسلس والصحيح أنه أتسز وهو اسم تركي‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:33

سفارة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي عن الخليفة
كـان عميـد العراق أبو الفتح بن أبي الليث قد أسار السيرة وأساء إلى الرعية وعسفهم واطرح جانب الخليفة المقتدي وحواشيه فاستدعى المقتدي الشيخ أبا إسحاق الشيرازي وبعثه إلى السلطان ملك شاه والوزير نظام الملك بالشكوى من ابن العميد فسار لذلك ومعه جماعة من أعيـان الشافعيـة منهم أبو بكر الشاشي وغيره وذلك سنة خمس وخمسين‏.‏ وتنافس أهل البلاد في لقائه والتمسح بأطرافه والتماس البركة في ملبوسه ومركوبه وكان أهل البلاد إذا مر بهـم يتسايلون إليه ويزدحمون على ركابه وينشدون على موكبه كل أحد ما يناسب ذلك وصدر الأمر بإهانة ابن العميد ورفع يده عما يتعلق بحواشي المقتدي وجرى بينه وبين إمام الحرمين مناظرة بحضرة نظام الملك ذكرها الناس في كتبهم انتهى‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:34

عزل ابن جهير عن الوزارة وإمارته
علي ديار بكر ثم إن عميد الدولة بن فخر الدولة بن جهير عزله الخليفة المقتدي عن الوزارة ووصل يوم عزل رسول من قبل السلطان ونظام الملك يطلب بني جهير فأذن لهم وساروا بأهلهم إلى السلطان فلقاهم كرامةً وبراً وعقد لفخر الدولة على ديار بكر مكان بني مروان وبعث معه العساكر سنة وأعطاه الآلة وأذن له أن يخطب فيها لنفسه ويكتب اسمه في السكة فسار لذلك سنة ست وسبعين‏.‏ ثـم بعـث إليـه السلطـان سنـة سبـع وسبعيـن بمـدد العساكـر مـع الأميـر ارتـق بـن اكسـب جل أصحاب ماردين لهذا العهد وكان ابن مروان قد استمد فخر الدولة بن جهير بنواحيها وكان معه جماعة من التركمان فتقدموا إلى قتل مشرف الدولة وانهزم أمامهم وغنم التركمان من كـان معـه مـن أحيـاء العـرب ودخـل آمـد فحصره بها فخر الدولة وأرتق فراسل أرتق وبذل له مالاً علـى الخـروج مـن ناحيتـه فـأذن لـه وخـرج‏.‏ ورجـع ابـن جهيـر إلـى ميافارقيـن ومعـه بهـاء الدولـة منصور بن مزيد صاحب الحلة والنيل والجامعين وابنه سيف الدولة صدقة ففارقوه إلى العراق وسار هو إلى خلاط‏.‏ وكان السلطان لما بلغه انهزام مشرف الدولة وحصاره بآمد بعث عميد الدولة بن فخر الدولة بـن جهيـر فـي عسكـره إلـى الموصـل ومعـه قسيم الدولة اقسنقر جد نور الدين العادل وكاتب أمراء التركمان بطاعته وساروا إلى الموصـل فملكوهـا‏.‏ وسـار السلطـان بنفسـه إليهـا وقـارن ذلـك خلوص مشرف الدولة من حصار آمد فراسل مؤيد الدولة بن نظام الملك وهو على الرحبة وأهـدى لـه فسعـى له عند السلطان وأحضره وأهدى للسلطان سوابق خيله وصالحه وأقره على بلـاده وعـاد إلـى خراسـان‏.‏ ولـم يـزل فخـر الدولـة بـن جهيـر فـي طلـب ديار بكر حتى ملكها‏.‏ فأنفذ إليـه زعيـم الرؤسـاء القاسـم سنـة ثمـان وسبعيـن وحاصرهـا وضيـق عليهـا حتـى غـدر بهـا بعض أهل العسكر من خارج وملكها وعمد أهل البلد إلى بيوت النصارى بينهم فنهبوها بما كانوا عمال بني مروان وكان لهم جور على الناس‏.‏ وكان فخر الدولة مقيماً على ميافارقين محاصراً لها وجاءه سعد الدولة كوهرابين في العسكر مـدداً مـن عنـد السلطـان فخـرج فـي حصارهـا وسقـط بعـض الأيـام جانب من سورها فدهش أهل البلد وتنادوا بشعار السلطان ملك شاه واقتحم فخر الدولة البلد واستولى على ما كان لبني مـروان وبعـث بأموالهـم إلـى السلطـان مـع ابنه زعيم الرؤساء فلحقه بأصبهان سنة ثمان وسبعين‏.‏ ثـم بعـث فخـر الدولـة أيضـا عسكـراً إلـى جزيـرة ابـن عمـر وحاصروها حتى جهدهم الحصار فوثب طائفة من أهل البلد بعاملها وفتحوا الباب ودخل مقدم العسكر فملك البلد ودخل سنة ثمان وسبعين‏.‏ وانقرضت دولة بني مروان من ديار بكر واستولى عليها فخر الدولة بن جهير ثم أخذها السلطان من يده وسار إلى الموصل فتوفي بها وكان مولده بها واستخدم لبرلة بن مقلة وسفـر عنـه إلـى ملـك الـروم‏.‏ ثـم سـار إلـى حلـب ووزر لمعـز الدولة أبي هال بن صالح‏.‏ ثم مضى إلـى ملطيـة ثـم إلـى مـروان بديـار بكـر فوزر له ولولده‏.‏ ثم سار إلى بغداد ووزر للخليفة كما مر في آخر ما ذكرنا‏.‏ وتوفي سنة ثلاث وثمانين انتهى‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:36

خبر الوزارة
لمـا عـزل الخليفـة المقتـدي عميـد الدولـة عـن الـوزارة سنة ست وسبعين رتب في الديوان أبا الفتح المظفـر بـن رئيـس الرؤسـاء‏.‏ ثـم استـوزر أبـا شجـاع محمـد بـن الحسيـن فلـم يـزل فـي الـوزارة إلى سنة أربع وثمانين فتعرض لأبي سعد بن سمحاء اليهودي وكان وكيلاً للسلطان ونظام الملك‏.‏ وسار كوهرابيـن الشحنـة إلى السلطان بأصبهان فمضى اليهودي في ركابه وسمع المقتدي بذلك فخرج توقيعـه بإلـزام أهـل الذمـة بالغيـار فأسلـم بعضهم وهرب بعضهم‏.‏ وكان ممن أسلم أبو سعد العلاء بن الحسن بن وهب بن موصلايا الكاتب وقرابته ولما وصل كوهرابين وأبو سعد إلى السلطان وعظمت سعايتهما في الوزير أبي شجاع فكتب السلطان ونظام الملك إلى المقتدي في عزله فعزله وأمره بلزوم بيته وولى مكانه أبا سعد ابن موصلايا الكاتب وبعث المقتدي إليهما في عميد الدولة بن جهير فبعثا به إليه واستوزره سنة أربع وثمانين وركب إليه نظام الدولة فهنأه في الوزارة في بيته وتوفي الوزير أبو شجاع سنة ثمان وثمانين‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:36

استيلاء السلطان على حلب
قد ذكرنا من قبل استيلاء السلطان ألب أرسلان على حلب وخطبـة صاحبهـا محمـود ابـن صالح بن مرداس علـى منابـره باسمـه سنـة ثلـاث وستيـن‏.‏ ثـم عـاد بعـد ذلـك إلـى طاعـة العلويـة بمصـر‏.‏ ثم انتقضت دولة بني مرداس بها وعادت رياستها شورى في مشيختها وطاعتهم لمسلم بن قريش صاحب الموصل وكبيرهم ابن الحثيثي‏.‏ واستقر ملك سليمان ابن قطلمش ببلاد الروم وملك أنطاكية سنة سبع وسبعين‏.‏ وتنازع مع مشرف الدولة ابن قريش ملك حلب وتزاحفا فقتـل سليمـان بـن قطلمـش مسلـم بـن قريـش سنـة تسـع وسبعيـن‏.‏ وكتـب إلى أهل حلب يستدعيهم إلـى طاعتـه فاستمهلـوه إلـى أن يكاتبـوا السلطـان ملـك شاه‏.‏ فإن الكل كانوا في طاعته وكتبوا إلى تتـش أخـي السلطـان وهـو بدمشـق أن يملكـوه فسـار إليهـم ومعـه ارتق‏.‏ بن أكسب كان قد لحق به عندمـا جـاء السلطـان إلـى الموصـل وفتحهـا خشيـة ممـا فعلـه في خلاص مسلم بن قريش من حصار آمد فأقطعه تتش بيت المقدس‏.‏ فلمـا جـاء تتـش إلـى حلـب وحاصـر القلعة وبها سالم بن مالك ابن بدران ابن عم مشرف الدولة مسلـم بـن قريـش وكـان ابـن الحثيثـي وأهـل حلـب قد كاتبوا السلطان ملك شاه أن يسلموا إليه البلد فسـار مـن أصبهـان فـي جمـادى سنة تسع وستين ومر بالموصل ثم بحران فتسلمها وأقطعها محمد بن مسلم بن قريش ثم بالرها فملكها من يد الروم ثم بقلعة جعفر فحاصرها وملكها من يد بعض بني قشير ثم بنبج فملكها ثم عبر الفرات إلى حلب فأجفل أخوه تتش إلى البرية ومعه أرتـق‏.‏ ثـم عـاد إلـى دمشـق وكان سالم بن مالك ممتنعاً بالقلعة فاستنزله منها وأقطعه قلعة جعبر فلم تزل بيده ويد بنيه حتى ملكها منهم نور الدين العادل وبعث إلى السلطان بالطاعة على شيـراز وولـى السلطـان علـى حلـب قسيم الدولة صاحب شيراز نصر بن علي بن منقذ الكناني وسلـم إليـه اللاذقيـة وكفرطـاب وفامية فأقر على شيراز وولى السلطان على حلب قسيم الدولة آقسنقر جد نور الدين العادل ورحل إلى العراق وطلب أهل حلب أن يعفيهم من ابن الحثيثي فحمله معه وأنزله بديار بكر فتوفي فيها بحال أملاق‏.‏ ودخل السلطان بغداد في ذي الحجة من سنة تسع وسبعين وأهدى إلى المقتدي وخلع عليه الخليفة وقد جلس له في مجلس حفل ونظام الملك قائم يقدم أمراء السلطان واحداً بعد واحد آخـر للسلام للخليفة ويعرف بأسمائهم وأنسابهم ومراتبهم‏.‏ ثم فوض الخليفة المقتدي إلى السلطان أمور الدولة وقبل يده وانصرف‏.‏ ودخل نظام الملك إلى مدرسته فجلس في خزانة الكتب واسمـع جـزء حديـث وأملـى آخـر وأقـام السلطـان في بغداد شهراً ورحل في صفر من سنة ثمانين إلى أصبهان وجاء إلى بغداد مرة أخرى في رمضان من سنة أربع وثمانين ونزل بدار الملك وقـدم عليـه أخـوه تـاج الدولـة تتـش وقسيـم الدولـة آقسنقـر مـن حلب وغيرهما من أمراء النواحـي‏.‏ وعمـل ليلـة الميعـاد مـن سنـة خمـس وثمانيـن لـم يـر أهل بغداد مثله وأخذ الأمراء في بناء الدور ببغداد لسكناهم عند قدومهم فلم تمهلهم الأيام لذلك‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:36

فتنة بغداد
كانت مدينـة بغـداد قـد احتفلـت فـي كثـرة العمـران بمـا لـم تنتـه إليـه مدينـة فـي العالـم منـذ مبـدء الخليقـة فيمـا علمناه واضطربت آخر الدولة العباسية بالفتن وكثر فيها المفسدون والدعار والعيارون من الرهـا وأعيـا علـى الحكام أمرهم وربما أركبوا العساكر لقتالهم ويثخنون فيهم فلم يحسم ذلك من عللهم شيئاً‏.‏ وربما حدثت الفتن من أهل المذاهب ومن أهل السنة والشيعة من الخلاف في الإمامة ومذاهبها وبمن الحنابلـة والشافعيـة وغيرهـم مـن تصريـح الحنابلـة بالتشبيـه فـي الـذات والصفات ونسبتهم ذلك إلى الإمام أحمد وحاشاه منه فيقـع الجـدال والنكيـر ثـم يفضـي إلـى الفتنـة بيـن العـوام‏.‏ وتكـرر ذلـك منذ حجر الخلفاء‏.‏ ولا يقدر بنو بويه ولا السلجوقية على حسم ذلـك منهـا لسكنـى أولئـك بفارس وهؤلاء بأصبهان وبعدهم عن بغداد‏.‏ والشوكة التي تكون بها حسـم العلـل لاتفاقهـم‏.‏ وإنمـا تكون ببغداد شحنة تحسم ما خف من العلل ما لم ينته إلى عموم الفتنة ولم يحصل من ملوكهم اهتمام لحسم ذلـك لاشتغالهـم بمـا هـو أعظـم منـه فـي الدولـة والنواحي‏.‏ وعامة بغداد أهون عليهم من أن يصرفوا همتهم عن العظائم إليهم فاستمرت هذه العلة ببغداد ولم يقلع عنها إلى أن اختلفت جدتها وتلاشى عمرانها وبقي طراز في ردائها لم تذهبه الأيام‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:37

مقتل نظام الملك وأخباره
كان من أبناء الدهاقين بطوس أبو علي الحسين بن علي بن إسحاق فشب وقرأ بها وسمع الحديث الكبير وتعلق بالأحكام السلطانية وظهرت فيها كفايته وكان يعرف بحسن الطوسي‏.‏ وكان أميره الذي يستخدمه يصادره كل سنة فهرب منه إلى داود وحفري بك وطلبه مخدومه الأميـر فمنعـه وخدم أبا علي بن شادان متولي الأعمال ببلخ لحفري بك أخي السلطان طغرلبك وهو والد السلطان ألب أرسلان‏.‏ ولما مات أبو علي وقد صرف نظام الملك هذا بالكفاية والأمانـة أوصـى بـه ألـب أرسلـان فأقام بأمور في دولته ودولة ابنه ملك شاه من بعده وبلغ المبالغ كما مر واستولى على الدولة‏.‏ وولى أولاده الأعمال وكـان فيمـن ولـاه منهـم ابـن ابنـه عثمـان جمـال وولـى علـى مـرو وبعـث السلطـان إليهـا شحنـة مـن أعظـم أمرائـه ووقـع بينـه وبين عثمان نزاع فحملته الحداثة والادلال بجاهه على أن قبض على الأمير وعاقبه فانطلق إلى السلطان مستغيثاً وامتعض لها السلطان وبعث إلـى نظـام الملـك بالنكيـر مـع خواصـه وثقاتـه فحملتـه الدالة على تحقيق تعديد حقوقه على السلطان وإطلاق القول في العتاب والتهديد بطوارق الزمن‏.‏ وأرادوا طي ذلك عن السلطان فوشى به بعضهـم‏.‏ فلمـا كـان رمضـان مـن سنة خمس وثمانين والسلطان على نهاوند عائداً من أصبهان إلى بغـداد وقـد انصـرف الملك يومه ذلك من خيمة السلطان إلى خيمته فاعترضه صبي قيل إنه من الباطنيـة فـي صـورة مستغيـث فطعنه بسكينة فمات وهرب الصبي فأدرك وقتل وجاء السلطان إلى خيمة نظام الملك يومه وسكن أصحابه وعسكره وذلك لثلاثين سنة من وزارته سوى ما وزر لأبيه ألب أرسلان أيام إمارته بخراسان‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:37

وفاة السلطان ملك شاه وملك ابنه محمود
لما قتل نظام الملك على نهاوند كما ذكرناه سار السلطان لوجهه ودخل بغداد آخر رمضان من سنته ولقيه الوزير عميد الدولة بن جهير واعتزم السلطان أن يولي وزارته تاج الملك وهو الـذي سعـى بنظـام الملـك وكانـت قـد ظهـرت كفايتـه‏.‏ فلمـا صلى السلطان العيد عاد إلى بيته وقد طرقه المرض وتوفي منتصف شوال فكتمت زوجته تركمان خاتون موته وانزلت أموالها وأموال أهل الدولة بحريم دار الخلافة وارتحلت إلى أصبهان‏.‏ وسلوا السلطان معها في تابوته وقد بذلت الأموال للأمراء على طاعة ابنها محمود والبيعة له فبايعوه وقدمت من طريق قوام الدولة كربوقـا الـذي ملـك الموصـل من بعد ذلك فسار بخاتم السلطان لنائب القلعة وتسلمها‏.‏ ولما بايعت لولدها محمود وعمره يومئذ أربع سنين بعثت إلى الخليفة المقتدي في الخطبة له فأجابها على شرط أن يكون أثر من أمراء أبيه هو القائم بتدبير الملك وأن يصدر عن رأي الوزير تاج الملك ويكـون لـه ترتيب العمال وجباية الأموال فأبت أولاً من قبول هذا الشرط حتى جاءها الإمام أبو حامـد الغزالـي وأخبرهـا أن الشرع لا يجير تصرفاته فأذعنت لذلك فخطبت لابنها آخر شوال من السنة ولقب ناصر الدولة والدين وكتب إلى الحرمين الشريفين فخطب له بهما‏.‏ ثورة بركيارق بملك شاه كانت تركمان خاتون عند موت السلطان ملك شاه قد كتمت موته وبايعت لابنها محمود كما قلناه وبعثت إلى أصبهان سراً في القبض على بركيارق ابن السلطان ملك شاه خوفاً من أن ينازع ابنها محموداً فحبس‏.‏ فلما ظهر موت ملك شاه وثب مماليك بركيارق نظام الملك على سلاح كان له بأصبهان وثاروا في البلد وأخرجوا بركيـارق مـن محبسـه وبايعـوه وخطبـوا لـه بأصبهان‏.‏ وكانت أمه زبيدة بنت عم ملك شاه وهو ياقولي خائفة على ولدها من خاتون أم محمـود وكـان تـاج الملـك قـد تقـدم إلـى أصبهـان وطالبه العسكر بالأموال فطلع إلى بعض القلاع لينزل منها المال وامتنع فيها خوفاً من مماليك نظام الملك‏.‏ ولما وصلت تركمان خاتون إلى أصبهان جاءها فقبلت عذره‏.‏ وكان بركيارق لما أقامت خاتون ابنها محموداً بأصبهان خرج فيمن معه من النظامية إلى الري واجتمع معه بعض أمراء أبيه وبعثت خاتون العساكر إلى قتاله وفيهم أمراء ملك شاه‏.‏ فلما تراءى الجمعان هرب كثير من الأمراء إلى بركيارق واشتد القتال فانهزم عسكر محمود وخاتون وعادوا إلى أصبهان وسار بركيارق في أثرهم فحاصرهم بها‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:37

مقتل تاج الملك
كـان الوزيـر تـاج الملـك قـد حضـر مع عسكر خاتون وشهد وقعة بركيارق‏.‏ فلما انهزموا سار إلى قلعة يزدجرد فحبس في طريقه وحمل إلى بركيارق وهو محاصر أصبهان وكان يعرف كفايته فأجمع أن يستوزره وأصلح هو النظامية وبذل لهم مائتي ألف دينار واسترضاهم بها‏.‏ ونمي ذلك إلى عثمان نائب نظام الملك فوضع الغلمان الأصاغر عليه الطالبين ثار سيدهم وأغراهم فقتلـوه وقطعـوه قطعـاً وذلـك فـي المحـرم سنـة سـت وثمانيـن‏.‏ ثـم خـرج إلى بركيارق من أصبهان وهو محاصر لها عز الملك أبو عبد الله بن الحسين بن نظام الملك وكان على خوارزم ووفد على السلطـان ملـك شـاه قبـل مقتـل أبيه‏.‏ ثم كان ملكهما فأقام هو بأصبهان وخرج إلى بركيارق وهو يحاصرها فاستوزره وفوض إليه أمر دولته انتهى‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:38

الخطبة لبركيارق ببغداد
ثـم قـدم بركيارق بغداد سنة ست وثمانين وطلب من المقتدي الخطبة فخطب له على منابرها ولقـب ركـن الديـن وحمـل الوزيـر عميـد الدولـة بن جهير إليه الخلع فلبسها وتوفي المقتدي وهو مقيم ببغداد‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:38

وفاة المقتدي ونصب المستظهر للخلافة
ثـم توفـي المقتـدي بأمـر اللـه أبـو القاسـم عبـد اللـه بـن الذخيرة محمد بن القائم بأمر الله في منتصف محرم سنة سبع وثمانين وكان موته فجأة أحضر عنده تقليد السلطان بركيارق ليعلم عليه فقرأه ووضعه‏.‏ ثم قدم إليه طعام فأكل منه ثم غشي عليه فمات وحضر الوزير فجهزوا جنازته وصلى عليه ابنه أبو العباس أحمد ودفن وذلك لتسع عشرة سنة وثمانية أشهر من خلافته‏.‏ وكانت له قوة وهمة لولا أنه كان مغلباً وعظمت عمارة بغداد في أيامه وأظن ذلك لاستفحال دولـة بنـي طغرلبـك‏.‏ ولمـا توفـي المقتـدي وحضـر الوزيـر أحضـر ابنـه أبـا العبـاس أحمـد الحاشيـة فبايعوه ولقبوه المستظهر وركب الوزير إلى بركيارق وأخذ بيعته للمستظهر‏.‏ ثم حضر بركيارق لثالثة مـن وفاتـه ومعـه وزيره عز الملك بن نظام الملك وأخوه بهاء الملك وأمر السلطان بأرباب المناصب فجمعوا وحضر النقيبان طراد العباسي والمعمر العلوي وقاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني والغزالي والشاشي وغيرهم فحبسوا في العراء وبايعوا‏.‏ قد ذكرنا فيما تقدم أن تتش ابن السلطان ألب أرسلان استقل بملك دمشق وأعمالها وأنه وفد على السلطان ملك شاه ببغداد قبل موته وانصرف وبلغه خبر وفاته بهيت فملكها وسار إلى دمشق فجمع العساكر وزحف إلى حلب فأطاعه صاحبها قسيم الدولة آقسنقر وسار معه وكتـب إلـى ناعيسـان صاحـب أنطاكيـة وإلـى بـرار صاحب الرها وحران يشير عليهما بطاعة تتش حتـى يصلـح حـال أولـاد ملـك شـاه فقبلـوا منه وخطبوا له في بلادهم وساروا معه فحضر الرحبة وملكها في المحرم سنة ست وثمانين وخطب فيها لنفسه‏.‏ ثم فتح نصيبين عنوة وعاث فيها وسلمها لمحمد بن مشرف الدولة وسار يريد الموصل ولقيه الكافي فخر الدولة بن جهير وكان فـي جزيـرة ابـن عمـر فاستـوزره وبعـث إلـى إبراهيم بن مشرف الدولة مسلم بن قريش وهو يومئذ ملك الموصل يأمره بالخطبة له وتسهيل طريقه إلى بغداد فأبى من ذلك وزحف إليه تتش وهو في عشرة آلاف وآقسنقر على ميمنته وتوزران على ميسرته وإبراهيم في ستين ألفاً والتقوا فانهـزم إبراهيم وأخذ أسيراً وقتل جماعة من أمراء العرب صبراً وملك تاج الدولة تتش الموصل وولـى عليهـا علـي بـن مشـرف الدولة‏.‏ وفوض إليه أمر صفية عمة تتش وبعث إلى بغداد يطلب مساعـدة كوهرابيـن الشحنـة فجـاء العـذر بانتظار الرسل من العسكر فسار إلى ديار بكر وملكها ثـم إلـى أذربيجـان وبلـغ خبـره إلى بركيارق وقد استولى على همذان والري فسار لمدافعته فلما التقـى العسكـران جنـح آقسنقـر إلـى بركيارق وفاوض توران في ذلك وأنهما إنما اتبعا تتش حتى يظهر أمر أولاد ملكشاه فوافقه على ذلك وسارا معاً بركيارق فانهزم تتش وعاد إلى دمشق واستفحل بركيارق وجاءه كوهرابين يعتذر عن مساعدته لتتش في الخطبة فلم يقبله وعزله وولى الأمير نكبرد شحنه بغداد مكانه خطب لبركيارق ببغداد كما قدمناه‏.‏ ومات المقتدي ونصب المستظهر ولما عاد تتش من أذربيجان إلى الشام جمع العساكر وسار إلى حلب لقتال آقسنقر وبعث بركيارق كربوقا الذي صار أمير الموصل مدداً لأقسنقر ولقبهم تتـش قريبـاً مـن حلـب فهزمهم وأسر أقسنقر فقتله صبراً‏.‏ ولحق توران وكربوقا بحلب وحاصرهما تتش فملكها وأخذهما أسيرين وبعـث إلـى حـران والرهـا الطاعـة وكانتـا لتـوران فامتنعـوا فبعـث برأسـه إليهـم وأطاعـوه وحبس كربوقا في حمص أن أطاعه رضوان بعد قتل أبيه تتش‏.‏ ثـم سار تتش إلى الجزيرة فملكها ثم ديار بكر ثم خلاط وأرمينية ثم أذربيجان ثم سار إلى همذان فملكها وكان بها فخر الدولة نظام الملك سار من حران لخدمة بركيارق فلقيه الأمير تاج من عسكر محمود بن ملكشاه بأصبهان فنهب ماله ونجا بنفسه إلى همذان وصادف بها تتش وشفع فيه باغسيان وأشار بوزارته فاستوزره وأرسل إلى بغداد يطلب الخطبـة مـن المستظهر وبعث يوسف بن أبق التركماني شحنته إلى بغداد في جمع من التركمان فمنع من دخولها‏.‏ وكـان بركيـارق قـد سـار إلـى نصيبيـن وعبـر دجلـة فـوق الموصـل إلى أربل ثم إلى بلد سرخاب بن بـدر حتـى إذا كـان بينـه وبيـن عمـه تسعـة فراسـخ وهـو فـي ألـف رجـل وعمـه فـي خمسيـن ألفاً فبيته بعض الأمراء من عسكر عمه فانهزم إلى أصبهان وبها محمود ابن أخيه وقد ماتت أمه تركمان خاتـون فأدخلـه أمـراء‏:‏ محمـود واحتاطوا عليه‏.‏ ثم مات محمود سلخ شوال من سنة سبع وثمانين واستولى بركيارق على الأمر وقصده مؤيد الملك بن نظـام الملـك فاستـوزره فـي ذي الحجـة واستمال الأمراء فرجعوا إليه وكثر جمعه‏.‏ وكان تتش بعد هزيمة بركيارق قد اختلف عليه الأمراء وراسل أمراء أصبهان يدعوهم إلى طاعته فواعدوه انتظار بركيارق وكان قد أصابه الجدري فلما أبل نبذوا إليه عهده وساروا مع بركيارق من أصبهان وأقبلت إليهم العساكر من كـل مكـان وانتهـوا إلـى ثلاثين ألفاً والتقوا قريباً من الري فانهزم تتش وقتله بعض أصحاب أقسنقر وكان قد حبس وزيره فخر الملك بن نظام الملك فأطلق ذلك اليوم واستفحل أمر بركيـارق وخطب له ببغداد‏.‏ كان السلطان بركيارق قد ولى على خراسان وأعمالها أخاه لأبيـه سنجـر فاستقـل بأعمـال خراسان كما يذكر في أخبار دولتهم عند انفرادها بالذكر‏.‏ وإنما نذكر هنا من أخبارهم ما يتعلق بالخلافة والخطبة لهم ببغداد لأن مساق الكلام هنا إنما هو عن أخبار دولة بني العباس ومن وزر لهم أو تغلب خاصة‏.‏ وكان لسنجر بن ملكشاه أخ شقيق اسمـه محمـد ولمـا هلـك السلطان ملكشاه سار مع أخيه محمود وتركمان خاتون إلى أصبهان‏.‏ فلما حاصرهم بركيارق لحـق بـه أخـوه محمـد هـذا وسـار معـه إلى بغداد سنة ست وثمانين وأقطعه دجلة وأعمالها وبعث معه قطلغ تكين أتابك‏.‏ فلما استولى على أمره قتله أنفة من حجره‏.‏ ثـم لحق به مؤيد الملك بن عبيد الله بن نظام الملك كان مع الأمير أنز وداخله قي الخلاف على السلطـان بركيـارق‏.‏ فلمـا قتـل أنـز كمـا نذكـر فـي أخبارهـم لحـق مؤيـد الملـك بمحمـد ابـن السلطـان ملك شـاه وأشـار عليـه ففعـل وخطـب لنفسـه‏.‏ واستـوزره مؤيـد لملـك وقارن ذلك أن السلطان بركيارق قتل خاله مجد الملك البارسلاني فاستوحش منه أمراؤه ولحقوا بأخيه محمد وسار بركيارق إلى الري واجتمع له بها عساكر وجاء عز الملك منصور ابن نظام الملك في عساكر وبينمـا هـو فـي الـري إذ بلغـه مسيـر أخيـه محمـد إليـه فأجفـل راجعـاً إلـى أصبهـان فمنعـه أهلها الدخول فسار إلى خوزستان‏.‏ وجاء السلطان محمد إلى الري أول ذي القعدة من سنة اثنتين وتسعين ووجد أم بركيارق بها وهي زبيدة خاتون فحبسها مؤيد الملك وقتلها واستفحل ملك محمد وجاءه سعد الدولة كوهرابين شحنة بغداد وكان مستوحشاً من بركيارق وجاء معه كربوقا صاحب الموصل وجكرمش صاحـب جزيـرة ابـن عمـر وسرخـاب ابـن بـدر صاحـب كركـور فلقـوه جميعـاً بقـم‏.‏ وسـار كربوقـا وجكرمـش معـه إلى أصبهان ورد كوهرابين إلى بغداد في طلب الخطبة من لخليفة وأن يكون شحنة بها فأجابه المستظهر إلى ذلك وخطب له منتصف ذي الحجة منة اثنتين وتسعين ولقب غياث الدنيا والدين‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:39

إعادة الخطبة لبركيارق
لما سار بركيارق مجفلاً من الري إلى خوزستان أمام أخيه محمد وأمير عسكره يومئذ نيال بن أنـوش تكين الحسامي ومعه جماعة من الأمراء أجمع المسير إلى العراق فسار إلى واسط وجاءه صدقـة بـن مزيـد صاحـب الحلـة‏.‏ ثـم سـار إلـى بغـداد فخطـب لـه بهـا منتصـف صفر من سنة ثلاث وتسعيـن‏.‏ ولحـق سعد الدولة كوهرابين ببعض الحصون هنالك ومعه أبو الغازي بن أرتق وغيره من الأمراء وأرسل إلى السلطان محمد ووزيره مؤيد الملك يستحثهما في الوصول فبعث إليه كربوقـا صاحـب الموصـل وجكرمـش صاحب الجزيرة فلم يرضه‏.‏ وطلب جكرمش العود إلى بلده فأطلقه‏.‏ ثم نزع كوهرابين ومن معه من الأمراء إلى بركيارق باغزاء كربوقا صاحب الموصل وكاتبوه فخرج إليهم ودخلوا معه بغداد واستوزره الأغر أبو المحاسن عبد الجليل بن علي بن محمد الدهستاني وقبض على عميد الدولة ابن جهير وزير الخليفة وطالبه بأموال ديار بكر والموصـل فـي ولايتـه وولايـة أيـه وصادره على مائة وستين ألف دينار فحملها إليه وخلع المستظهر على السلطان بركيارق واستقر أمره‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:39

المصاف الأول بين بركيارق محمد وقتل كوهرابين والخطبة لمحمد
ثم سار بركيارق من بغداد إلى شهرزور لقتال أخيه محمد واجتمع إليه عسكر عظيم من التركمـان وكاتبـه رئيـس همـذان بالمسير إليه فعدا عنه ولقي أخاه محمداً على فراسخ من همذان ومحمـد فـي عشريـن ألـف مقاتـل ومعه الأمير سرخو شحنة أصبهان وعلى ميمنته أمير آخر وابنه أياز وعلى ميسرته مؤيد الملك والنظامية‏.‏ ومع بركيارق في القلب وزيره أبو المحاسن وفـي ميمنتـه كوهرابيـن وصدقـة بـن مزيد وسرخاب بن بدر‏.‏ وفي ميسرته كربوقا وغيره من الأمراء‏.‏ فحمـل كوهرابين من ميمنة بركيارق على ميسرة محمد فانهزموا حتى نهبت خيامهم‏.‏ ثم حملت ميمنة محمد على ميسرة بركيارق فانهزمت وحمل محمد معهم فانهزم بركيارق ورجع كوهرابين للمنهزمين فكبا به فرسه وقتل وافترقت عساكر بركيارق وأسر وزيره أبو المحاسن فأكرمه مؤيد الملـك وأنزلـه وأعـاده إلـى بغـداد ليخاطـب المستظهـر فـي إعـادة الخطبة للسلطان محمد ففعل وخطب له ببغداد منتصف رجب سنة ثلاث وتسعين‏.‏ وابتداء أمر كوهرابين أنه كان لامرأة نجوزستان وصار خادماً للملك أبي كاليجار بن سلطان الدولة‏.‏ وحظي عنده وكان يستعرض حوائج تلك المرأة وأصاب أهلها منه خيراً‏.‏ وأرسله أبو كاليجـار مـع ولـده أبـي نصر إلى بغداد فلما قبض عليه السلطان طغرلبك مضى معه إلى محبسه بقلعة طبرك‏.‏ ولما مات أبو نصر سار إلى خدمة السلطان ألب أرسلان فحظي عنده وأقطعه واسط وجعله شحنة بغداد وكان حاضراً معه يوم قتله يوسف الخوارزمي ووقاه بنفسه‏.‏ ثم بعثـه ابنـه ملك شاه إلى بغداد لاحضار الخلع والتقليد واستقر شحنة ببغداد إلى أن قتل ورأى ما لم يره خادم قبله من نفوذ الكلمة وكمال القدرة وخدمة الأمراء والأعيان وطاعتهم انتهى‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:39

مصاف بركيارق مع أخيه سنجر
ولما انهزم السلطان بركيارق من أخيه محمد لحق بالري واستدعى شيعته وأنصاره من الأمراء فلحقوا به‏.‏ ثم ساروا إلى أسفراين وكاتب الأمير داود حبشي بن الترنطاق يستدعيه وهـو صاحب خراسان وطبرستان ومنزله بالدامغان فأشار عليه باللحاق بنيسابور حتـى يأتيـه‏.‏ فدخل نيسابور وقبض على رؤسائها ثم أطلقهم وأساء التصرف‏.‏ ثم أعاد الكتاب إلى داود حبشي بالاستدعاء فاعتـذر بـأن السلطـان سنجـر زحـف إليـه فـي عساكـر بلـخ‏.‏ ثـم سـأل منـه المـدد فسـار بركيارق إليه في ألف فارس وهو في عشرين ألفاً والتقوا بسنجر عند النوشجان وفي ميمنة سنجر الأمير برغش وفي ميسرته كوكر ومعه في القلب رستم‏.‏ فمحل بركيارق على رستـم فقتلـه وانهـزم أصحابـه ونهب عسكرهم وكادت الهزيمة تتم عليهم‏.‏ ثم حمل برغش وكوكر على عسكر بركيارق وهم مشتغلون بالنهب فانهزموا وانهزم بركيارق‏.‏ وجاء بعض التركمان بالأميـر داود حبشـي أسيـراً إلـى برغـش فقتلـه ولحـق بركيـارق بجرجـان ثـم بالدامغـان وقطع البرية إلى أصبهان بمراسلة أهلها فسبقه أخوه محمد إليها فعاد أسيرهم انتهى‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:39

عزل الأمير عميد الدولة بن جهير ووفاته
قد ذكرنا أن وزير السلطان بركيارق وهو الأغر أبو المحاسن أسر في المصاف الأول بين بركيارق ومحمد وأن مؤيد الملك بن نظام الملك وزير محمد أطلقه واصطنعه وضمنه عمارة بغداد وحمله طلب الخطبة لمحمد ببغداد من المستظهر فخطب له وكان فيما حمله للمستظهر عزل وزيره عميد الدولة بن جهير‏.‏ وبلغ ذلك عميد الدولة فأرسل من يعترض الأغر ويقتله فامتنـع بعقـر بابـل‏.‏ ثـم صالحـه ذلـك الذي اعترضه وطلب لقاءه فلقيه ودس الأغر إلى أبي الغازي بن أرتق وكان وصل معه وسبقه إلى بغداد فرجع إليه ليلاً ويئس منه ذلك الذي اعترضه ووصـل الأغـر بغـداد وبلـغ إلـى المستظهـر رسالـة مؤيـد الدولـة فـي عـزل عميـد الدولـة فقبض عليه في رمضان من سنة ثلاث وتسعين وعلى إخوته وصودر على خمسة وعشرين ألف دينار وبقي محبوساً بدار الخلافة إلى أن هلك في محبسه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:41

المصاف الثاني بين بركيارق وأخيه محمد ومقتل مؤيد الملك والخطبة لبركيارق
قـد ذكرنـا أن بركيـارق لمـا انهزم أمام أخيه محمد في المصاف الأول سار إلى أصبهان ولم يدخلها فمضـى إلـى عسكـر مكـرم إلـى خوزستـان وجـاءه الأميـران زنكـي وألبكـي ابنـا برسـق‏.‏ ثـم سـار إلى همـذان فكاتبـه أيـاز من كبار أمراء محمد بما كان استوحش منه فجاءه في خمسة آلاف فارس وأغراه باللقاء فارتحل لذلك‏.‏ ثم استأمن إليه سرخاب بن كنخسرو صاحب آوة فاجتمع له خمسـون ألفـاً مـن المقاتلـة وبقـي أخـوه فـي خمسـة عشـر ألفـاً‏.‏ ثم اقتتلوا أول جمادى الآخرة سنة أربع وتسعيـن وأصحـاب محمـد يغـدون على محمد شيئاً فشيئاً مستأمنين‏.‏ ثم انهزم آخر النهار وأسر وزيره مؤيد الملك وأحضره عنـد بركيـارق غلـام لمجـد الملـك البارسلانـي ثـار منـه مولـاه فلمـا حضر وبخه بركيارق وقتله وبعث الوزير أبو المحاسن من يسلم إليه أمواله وصادر عليها قرابته في بغداد وفـي غيـر بغـداد وفـي بلـاد العجـم‏.‏ ويقـال كـان فيمـا أخـذ لـه قطعـة مـن البلخـش زنـة إحـدى وأربعين مثقالاً‏.‏ ثـم سـار بركيـارق إلـى الـري ولقيـه هنـاك كربوقـا صاحـب الموصل ونور الدولة دبيس بن صدقة بن مزيد واجتمعت إليه نحو من مائة ألف فارس حتى ضاقت بهم البلاد ففرق العساكر‏.‏ وعاد دبيـس إلـى أبيـه وسار كربوقا إلى أذربيجان لقتال مودود بن إسماعيل بن ياقوتا كان خرج على السلطـان هنالـك‏.‏ وسـار أيـاز إلـى همـذان ليقضـي الصـوم عنـد أهلـه ويعـود فبقـي بركيـارق فـي خـف من الجنود‏.‏ وكان محمد أخوه لما انهزم لجهات همذان سار إلى شقيقه بخراسان فانتهى إلى جرجـان وبعـث يطلب منه المدد فأمده بالمال أولاً‏.‏ ثم سار إليه بنفسه إلى جرجان وسار معه إلى الدامغان وخرب عسكر خراسان ما مروا به من البلاد وانتهوا إلى الري واجتمعت إليهم النظاميـة وبلغهـم افتـراق العساكـر عـن بركيـارق فأغذوا إليه السير فرحل إلى همذان فبلغه أن أياز راسـل محمداً فقصد خوزستان وانتهى إلى تستر واستدعى بني برسق فقعدوا عنه لما بلغهم مراسلة أياز للسلطان فسار بركيارق نحو العراق وكان أياز راسل محمداً في الكون معه فلم يقبله فسار من همذان ولحق بركيارق إلى حلوان وساروا جميعاً إلى بغداد‏.‏ واستولـى محمـد علـى مخلـف أيـاز بهمـذان وحلـوان وكـان شيئاً مما لا يعبر عنه‏.‏ وصادر جماعة من أصحاب أياز من أهل همذان ووصل بركيـارق إلـى بغـداد منتصـف ذي القعـدة سنـة أربـع وتسعيـن وبعث المستظهر لتلقيه أمين الدولة بن موصلايا في المراكب وكان بركيارق مريضاً فلزم بيتـه وبعـث المستظهـر فـي عيـد الأضحـى إلـى داره منبـراً خطب عليه باسمه وتخلف بركيارق عن شهود العيد لمرضه وضاقت عليه الأموال فطلب الإعانة من المستظهر وحمل إليه خمسين ألف دينـار بعـد المراجعـات ومـد يده إلى أموال الناس وصادرها فضجوا وارتكب خطيئة شنعاء في قاضي جبلة وهو أبو محمد عبد الله بن منصور‏.‏ وكان من خبره أن أباه منصوراً كان قاضياً بجبلـة فـي ملكـة الروم فلما ملكها المسلمون وصارت في يد أبي الحسن علي بن عمار صاحب طرابلـس أقـره علـى القضـاء بهـا‏.‏ وتوفـي فقـام ابنـه أبـو محمـد هذا مقامه ولبس شعار الجندية وكان شهماً فهم ابن عمار بالقبض عليه وشعر فانتقض وخطب للخلفاء العباسية‏.‏ وكان ابن عمار يخطـب للعلويـة بمصر وطالت منازلة الفرنج بحصن جبلة إلى أن ضجر أبو محمد هذا وبعث إلى صاحب دمشق وهو يومئذ طغتكين الأتابك أن يسلم إليه البلد فبعث ابنه تاج الملوك موري وتسلـم منـه البلـد وجـاء بـه إلـى دمشـق وبـذل لهم فيه ابن عمار ثلاثين ألف دينار دون أمواله فلم يرضوا بإخفار ذمتهم وسار عنهم إلى بغداد ولقي بها بركيارق فأحضره الوزير أبو المحاسن وطلبـه فـي ثلاثيـن ألـف دينـار فأجـاب وأحالهم على منزله بالأنبار فبعث الوزير من أتاه بجميع ما فيه وكان لا يعبر فكانت من المنكرات التي أتاها بركيارق‏.‏ ثم بعث الوزير إلى صدقة بن منصور بن دبيس بن مزيد صاحب حلب يطلب منه ألف ألف دينار متخلفة من مال الجباية وتهدده عليها فغضب وانتقض وخطب لمحمد وبعث إليه بركيارق الأمير أيـاز يستقدمـه فلـم يجب وبعث إلى الكوفة وطرد عنها نائب بركيارق واستضافها إليه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:43

استيلاء محمد على بغداد
قد ذكرنا استيلاء محمد على همذان في آخر ذي الحجة من سنة أربع وتسعين ومعه أخوه سنجـر‏.‏ وذهـب بركيـارق إلـى بغـداد فاستولـى عليهـا وأسـاء السيـرة بهـا وبلـغ الخبـر إلـى محمـد فسار مـن همـذان فـي عشـرة آلـاف فـارس ولقيـه بحلـوان أبـو الغـازي بن أرتق شحنته ببغداد في عساكره وأتباعـه‏.‏ وكـان بركيـارق فـي شـدة مـن المـرض وقـد أشـرف علـى الهلـاك فاضطـرب أصحابه وعبروا به إلى الجانب الغربي حتى إذا وصل محمد بغداد وترآى الجمعان من عدوتي دجلة ذهب بركيارق وأصحابه إلى واسط ودخل محمد بغداد وجاءه توقيع المستظهر بالانتقاض مما وقع به بركيارق وخطب له على منابر بغداد وجاءه صدقة بن منصور صاحب الحلة فأخرج الناس للقائه ونزل سنجر بدار كوهرابين واستوزر محمد بعد مؤيد الملك خطيب الملك أبا منصور محمد بن الحسين فقدم إليه في المحرم سنة خمس وتسعين انتهى‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:43

المصاف الثالث والرابع وما تخلل بينهما من الصلح
ولم يتم ثم ارتحل السلطان وأخوه سنجر عن بغداد منتصف المحرم من سنة خمس وتسعين وقصد سنجـر خراسـان ومحمـد همـذان فاعتـرض بركيـارق خـاص الخليفـة المستظهر وأبلغه القبيح فاستدعـى المستظهـر محمـداً لقتـال بركيـارق فجـاء إليه وقال أنا أكفيكه‏.‏ ورتب أبا المعالي شحنة ببغـداد وكـان بركيارق بواسط كما قلنا فلما أبل من مرضه عبر إلى الجانب الشرقي بعد جهد وصعوبة لفرار الناس من واسط لسوء سيرتهم‏.‏ ثم سار إلى بلاد بني برسق حتى أطاعوا واستقاموا وساروا معه فاتبع أخاه محمداً إلى نهاوند وتصافوا يومين ومنعهما شدة البرد من القتال‏.‏ ثم اجتمع أياز والوزير الأغر من عسكر بركيارق وبلد أجي وغيرهم من الأمراء من عسكـر محمـد‏.‏ وتفاوضـوا فـي شكـوى مـا نـزل بهـم مـن هـذه الفتنـة ثـم اتفقوا على أن تكون السلطنة بالعـراق لبركيـارق ويكـون لمحمـد مـن البلـاد الحيـرة وأعمالهـا وأذربيجان وديار بكر والجزيرة والموصـل علـى أن يمـده بركيـارق بالعسكـر متـى احتـاج إليـه على من يمتنع عليه منها‏.‏ وتحالفا على ذلـك وافترقـا فـي ربيـع الأول سنة خمس وتسعين ثم سار بركيارق إلى ساوة ومحمد إلى قزوين وبـدا لـه فـي الصلـح واتهـم الأمـراء الذيـن سعوا فيه وأسر إلى رئيس قزوين أن يدعوهم إلى صنيع عنـده وغـدر بهـم محمـد فقتل بعضاً وسمل بعضاً وأظهر الفتنة‏.‏ وكان الأمير نيال بن أنوش تكين قد فارق بركيارق وأقام مجاهداً للباطنية في الجبال والقلاع فلقي محمداً وسار معه إلى الري وبلغ الخبر إلى بركيـارق فأغـذ إليـه السيـر فـي ثمـان ليـال واصطفـوا فـي التاسـع وكـلا الفريقيـن فـي عشـرة آلـاف مقاتـل‏.‏ وحمـل سرخاب بن كنجسر والديلمي صاحب آوة من أصحاب بركيارق على نيال بن أنوش تكين فهزمه وانهزم معه عسكر محمد وافترقوا فلحق قريق بطبرستان وآخر بقزوين ولحـق محمـد بأصبهـان فـي سبعيـن فارسـاً واتبعـه أيـاز وألبكـي بـن برسق فنجا إلى البلد وبها نوابه فلم ما تشعث من السور وكان من بناء علاء الديـن بـن كاكويـه سنـة تسـع وعشريـن لقتـال طغرلبك وحفر الخنادق وأبعد مهواها وأجرى فيها المياه ونصب المجانيق واستعد للحصار‏.‏ وجاء بركيارق في جمادى ومعه خمسـة عشـر ألـف فـارس ومائـة ألـف مـن الرجـل والاتبـاع فحاصرها حتى جهدهم الحصار وعدمت الأقوات والعلوفة فخرج محمد عن البلد في عيد الأضحى من سنته في مائة وخمسين فارساً ومعه نيال ونزل في الأمراء وبعث بركيارق في اتباعه الأمير أياز‏.‏ وكانت خيل محمد ضامرة من الجوع فالتفت إلى أياز يذكره العهود فرجع عنه بعد أن نهب منه خيلاً ومالاً وأخذ علمه وجنده إلى بركيارق‏.‏ ثم شد بركيارق في حصار أصبهان وزحف بالسلاليم والذبابات وجمع الأيدي على الخندق فطمه وتعلق الناس بالسور فاستمات أهل البلد ودفعوهم‏.‏ وعلم بركيارق امتناعها فرحل عنها ثامن عشر ذي الحجة‏.‏ وجمـر عسكـراً مـع ابنـه ملكشـاه وترشـك الصوالـي علـى البلـد القديـم الـذي يسمـى شهرستـان وسـار إلـى همـذان بعـد أن كـان قتـل علـى أصبهـان وزيره الأغر أبو المحاسن عبد الجليل الدهستانـي اعترضـه فـي ركوبـه من خيمته إلى خدمة السلطان متظلم فطعنه وأشواه ورجع إلى خيمته فمات وذهب للتجار الذين كانوا يعاملونه أموال عظيمة لأن الجباية كانت ضاقت بالفتن فاحتـاج إلـى الاستدانـة ونفـر منـه التجار لذلك‏.‏ ثم عامله بعضهم فذهب مالهم بموته وكان أخوه العميـد المهـذب أبـو محمـد قـد سـار إلى بغداد لينوب عنه حين عقد الأمراء الصلح بين بركيارق ومحمد فقبض عليه الشحنة ببغداد أبو الغازي بن أرتق وكان على طاعة محمد‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:44

الشحنة ببغداد والخطبة لبركيارق
كـان أبو الغازي بن أرتق شحنة ببغداد وولاه عليها السلطان محمد عند استيلائه في المصاف الأول وكان طريق خراسان إليه فعاد بعض الأيام منها إلى بغداد وضرب فارس من أصحابه بعض الروحين بسهم في ملاحاة وقعت بينهم عند العبور فقتله فثارت بهم العامة وأمسكوا القاتل وجاؤوا به إلى باب النوبة في دار الخلافة ولقيهم ولد أبي الغازي فاستنقذه من أيديهم فرجموه وجاء إلى أبيه مستغيثاً وركب إلى محلة الملاحين فنهبها وعطف عليه العيارون فقتلوا مـن أصحابـه وركبـوا السفين للنجاة فهرب الملاحون وتركوهم فغرقوا‏.‏ وجمع أبو الغازي التركماني لنهب الجانب الغربي فبعث إليه المستظهـر قاضـي القضـاة والكبـا الهراسـي مـدرس النظاميـة بالامتناع من ذلك فاقتصر أبو الغازي أثناء ذلك متمسكاً بطاعة السلطان محمد‏.‏ فلما انهزم محمـد وانطلـق مـن حصـار أصبهـان واستولـى بركيـارق علـى الـري بعث في منتصف ربيع الأول من سنة ست وتسعين من همذان كمستكين القيصراني شحنة إلى بغداد‏.‏ فلما سمع أبو الغازي بعث إلى أخيه سقمان بحصن كيفا يستدعيه للدفاع‏.‏ وجاءه سقمان ومر بتكريت فنهبها ووصـل كمستكيـن ولقيـه شيعـة بركيـارق وأشـاروا عليـه بالمعاجلة ووصل إلى بغداد منتصف ربيع‏.‏ وخرج أبو الغازي وأخوه سقمان إلى دجيل ونهبا بعـض قراهـا واتبعهمـا طائفـة من عسكر كمستكين‏.‏ ثم رجعوا عنهما وخطب للسلطان بركيارق ببغـداد وبعـث كمستكيـن إلـى سيـف الدولـة صدقـة بالحلـة عنـه وعـن المستظهـر بطاعة بركيارق فلم يجـب وكشـف القنـاع وسـار إلـى جسر صرصر فقطعت الخطبة على منابر بغداد فلم يذكر أحد عليها من السلاطين واقتصر على الخليفة فقط‏.‏ وبعث سيف الدولة صدقة إلى أبي الغازي وسقمان بأنه جاء لنصرتهما فعدوا إلى دجيل وعاثوا في البلاد واجتمع لذلك حشد العرب والأكراد مع سيف الدولة وبعث إليه المستظهر في الإصلاح وخيموا جميعاً بالرملة وقاتلهـم العامـة وبعـث الخليفـة قاضـي القضـاة أبـا الحسـن الدامغاني وتاج رؤساء الرياسة ابن الموصلايا إلـى سيـف الدولـة بكـف الأيـدي عـن الفسـاد فاشترطـوا خروج كمستكين القيصراني شحنة بركيارق وإعادة الخطبة للسلطان محمد فتم الأمر على ذلك وعاد سيف الدولة إلى الحلة وعاد القيصراني إلى واسط وخطب بها لبركيارق فسـار إليـه صدقـة وأبو الغازي وفارقها القيصراني فاتبعه سيف الدولة‏.‏ ثم استأمن ورجع إليه فأكرمه وخطب للسلطان محمد بواسط وبعده سيف الدولة وأبي الغازي واستناب كل واحد ولده ورجع أبو الغازي إلى بغداد وسيف الدولة إلى الحلة وبعث ولده منصور إلى المستظهر يخطب رضاه بما كان منه في هذه لحادثة فأجيب إلى ذلك‏.‏ كانت الخطبة بالري للسلطان بركيارق‏.‏ فلما خرج السلطان محمد من الحصار بأصبهان بعث نيال بن أنوش تكين الحسامي إلى الري ليقيم الخطبة له بها فسار ومعه أخوه علي وعسف الرعايا‏.‏ ثم بعث السلطان بركيارق إليه برسق بن برسق في العساكر فقاتله على الري وانهزم نيال وأخوه منتصف ربيع من سنة ست وتسعين وذهب علي إلى قزوين وسلك نيال على الجبـال إلـى بغـداد وتقطـع أصحابـه فـي الأوعـار وقتلـوا ووصـل إلـى بغـداد فـي سبعمائـة رجل وأكرمه المستظهـر واجتمـع هـو وأبـو الغازي وسقمان ابنا أرتق بمشهد أبي حنيفة فاستحلفوه على طاعة السلطان محمد وساروا إلى سيف الدولة صدقة واستحلفوه على ذلك‏.‏ واستقـر نيال ببغداد في طاعة السلطان محمد وتزوج أخت أبي الغازي كانت تحت تاج الدولة تتش‏.‏ وعسف بالناس وصادر العمال واستطال أصحابه في العامة بالضرب والقتل‏.‏ وبعث إليه المستظهر مع القاضي الدامغاني بالنهي عن ذلك وتقبيح فعله‏.‏ ثم مع ابلغاري فأجـاب وحلـف علـى كـف أصحابـه ومنعهـم‏.‏ واستمـر علـى قبـح السيـرة فبعـث المستظهـر إلى سيف الدولة صدقة يستدعيه لكف عدوانه فجاء إلى بغداد في شوال من سنة ست وتسعين وخيم بالمنجمي ودعا نيالاً للرحلة عن العراق على أن يدفع إليه‏.‏ وعاد إلى الحلة وسار نيال مستهل ذي القعدة إلـى أوانـا ففعـل مـن النهـب والعسـف أقبـح ممـا فعـل ببغـداد فبعـث المستظهـر إلـى صدقـة فـي ذلـك فأرسـل ألـف فـارس وسـاروا إليـه مـع جماعـة من أصحاب المستظهر وأبي الغازي الشحنة وذهب نيال أمامهم إلـى أذربيجـان قاصـداً إلـى السلطـان محمـد ورجـع أبـو الغـازي والعساكر عنه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:44

المصاف الخامس بين السلطانين
كانت كنجة وبلاد أرزن للسلطان محمـد وعسكـره مقيـم بهـا مـع الأميـر غـز علـي فلمـا طـال حصاره بأصبهان جاؤوا لنصرته ومعهم منصور بن نظام الملك ومحمد ابن أخيه مؤيد الملك ووصلـوا إلـى الـري آخـر ذي الحجـة سنـة خمس وتسعين وفارقه عسكر بركيارق‏.‏ ثم خرج محمد مـن أصبهـان فسـاروا إليـه ولقـوه بهمـذان ومعـه نيـال وعلـي ابنا أنوش تكين فاجتمعوا في ستة آلاف فارس‏.‏ وسار نيال وأخوه على الري وأزعجتهم عنها عساكر بركيارق كما مر‏.‏ ثم جاءهم الخبر فـي همـذان بزحـف بركيـارق إليهـم فسـار محمـد إلـى بلـاد شـروان‏.‏ ولمـا انتهـى إلـى أردبيـل بعـث إليه مودود بن إسماعيل بن ياقوتي وكان أميراً على بيلقان من أذربيجان وكان أبوه إسماعيل خال بركيارق وانتقض عليه أول أمره فقتله فكان مودود يطالبه بثأر أبيه وكانت أخته تحت محمد فبعث إليه وجاءه إلى بيلقان‏.‏ وتوفي مودود إثر قدومه منتصف ربيع من سنة ست وتسعين فاجتمع عسكره على الطاعة لمحمد وفيهم سقمان القطبي صاحب خلاط وأرمينية ومحمد بن غاغيسا كان أبوه صاحب أنطاكية‏.‏ وكان ألب أرسلان ابن السبع الأحمر‏.‏ ولما بلغ بركيارق اجتماعهم لحربه أغذ السير إليهم فوصل وقاتلهم على باب خوي من أذربيجان من المغـرب إلـى العشـاء‏.‏ ثـم حمل أياز من أصحاب بركيارق على عسكر محمد فانهزموا وسار إلى خلـاط ومعه سقمان القطبي ولقيه الأمير علي صاحب أرزن الروم‏.‏ ثم سار إلى وبها منوجهر أخـو فضلـون الـروادي‏.‏ ثم سار إلى تبريز ولحق محمد بن يزيد الملك بديار بكر وسار منها إلى بغـداد‏.‏ وكان من خبره أنه كان مقيماً ببغداد مجاوراً للمدرسة النظامية فشكا الجيران منه إلى أبيه فكتب إلى كوهرابيـن بالقبـض عليـه فاستجـار بـدار الخلافـة‏.‏ ثـم سـار سنـة اثنتيـن وتسعيـن إلـى محمـد الملـك الباسلاني وأبوه حينئذ بكنجة عند السلطان محمد قبل أن يدعو لنفسه‏.‏ ثم سار بعـد أن قتـل محمـد الملـك إلـى والـده مؤيـد الملـك وهـو وزيـر السلطان محمد‏.‏ ثم قتل أبوه واتصل هو بالسلطان وحضر هذه الحروب كما ذكرنا‏.‏ وأما السلطان بركيارق بعد هزيمة محمد فإنه نزل جبـلاً بيـن مراغـة وتبريـز وأقـام بـه حـولاً وكـان خليفة المستظهر سديد الملك أبو المعالي كما ذكرناه‏.‏ ثـم قبـض عليـه منتصـف رجـب سنـة سـت وتسعيـن وحبـس بـدار الخليفة مع أهله كانوا قد وردوا عليه من أصبهان‏.‏ وسبب عزله جهله بقواعد ديوان الخلافة لأنه كـان يتصـرف فـي أعمـال السلاطين وليست فيها هذه القوانين‏.‏ ولما قبض عاد أمين الدولة أبو سعد بن الموصلايا إلى النظر في الديوان وبعث المستظهر عن زعيم الرؤساء أبي القاسم بن جهير من الحلة وكان ذهب إليها في السنة قبلها مستجيراً بسيف الدولة صدقة لأن خاله أمين الدولة أبا سعد بن الموصلايا كان الوزير الأعز وزير بركيـارق يشيـع عنـه أنـه الـذي يحمـل المستظهـر علـى موالـاة السلطان محمد والخطبة له دون بركيـارق فاعتـزل أميـن الدولـة الديـوان وسـار ابـن أختـه أبـو القاسـم بـن جهيـر مستجيراً بصاحب الحلة فاستقدمه الخليفة الآن وخرج أرباب الدولة لاستقباله وخلع عليه للوزارة ولقيه قوام الدولة ثم عزله على رأس المائـة الخامسـة‏.‏ واستجـار سيـف الدولة صدقة بن منصور ببغداد فأجاره وبعث عنه إلى الحلة وذلك لثلاث سنين ونصف من وزارتـه ونـاب فـي مكانـه القاضـي أبـو الحسـن بـن الدامغانـي أياماً‏.‏ ثم استوزر مكانه أبا المعالي بن محمـد بـن المطلـب فـي المحـرم سنـة إحـدى وخمسمائة‏.‏ ثم عزله سنة اثنتين بإشارة السلطان محمد وأعاده بإذنه على شرطية العدل وحسن السيرة وأن لا يستعمل أحداً من أهل الذمة‏.‏ ثم عزل في رجب من سنة اثنتين سين واستوزر أبا القاسم بن جهير سنة تسع وخمسين واستوزر بعده الربيع أبا منصور بن الوزير أبي شجاع محمد بن الحسين وزير السلطان‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 2 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 15 مايو 2008 - 15:45

الصلح بين السلطانين بركيارق ومحمد
ولما تطاولت الفتنة بين السلطانين وكثر النهب والهرج وخربت القرى واستطـال الأمـر عليهـم وكـان السلطـان بركيـارق بالـري والخطبـة لـه بها وبالجبل وطبرستان وخوزستان وفارس وديار بكر والجزيـرة والحرميـن‏.‏ وكـان السلطـان محمـد بأذربيجـان والخطبـة لـه بهـا وببلاد أران وأرمينية وأصبهان والعراق جميعه إلا تكريت‏.‏ وأما البطائح فبعضها لهذا وبعضها لهذا والخطبة بالبصرة لهما جميعاً‏.‏ وأما خراسان من جرجان إلى ما وراء النهـر يخطـب فيهـا لسنجـر بعـد أخيـه السلطـان محمد‏.‏ فلما استبصر بركيارق في ذلك ورأى تحكم الأمراء عليه وقلة المال جنح إلى الصلح وبعث القاضي أبا المظفر الجرجاني الحنفي وأبا الفرج أحمد بن عبد الغفار الهمذاني المعـروف بصاحـب قراتكيـن إلـى أخيـه محمـد فـي الصلـح فوصـلا إليـه بمراغة وذكراه ووعظاه فأجاب إلى الصلح على أن السلطان لبركيارق ولا يمنع محمداً من اتخاذ الآلة ولا يذكر أحد منهما مع صاحبـه فـي الخطبـة فـي البلـاد التـي صـارت إليـه وتكـون المكاتبـة مـن وزيريهمـا فـي الشـؤون لا يكاتب أحدهمـا الآخـر ولا يعارض أحد من العسكر في الذهاب إلى أيهما شاء ويكون للسلطان محمد من نهر اسبندرو إلى الأبواب وديار بكر والجزيرة والموصل والشام وأن يدخل سيف الدولـة صدقة بأعماله في خلفه وبلاده والسلطنة كلها وبقية الأعمال والبلاد كلها للسلطان بركيارق‏.‏ وبعـث محمـد إلـى أصحابه بأصبهان بالافراج عنها لأصحاب أخيه وجاؤوا بحريم محمد إليه بعد أن دعاهم السلطان بركيارق إلى خدمته فامتنعوا فأكرمهم وحمل حريم أخيه وزودهم بالأموال وبعـث العساكـر فـي خدمتهـم‏.‏ ثـم بعـث السلطـان بركيـارق إلـى المستظهـر بمـا استقر عليه الحال في الصلح بينهم وحضر أبو الغازي بالديوان وهو شحنة محمد وشيعته إلا أنه وقف مع الصلح فسـأل الخطبـة لبركيـارق فأمـر بهـا المستظهـر وخطـب لـه علـى منابـر بغداد وواسط في جمادى سنة سبع وتسعين ونكر الأمير صدقة صاحب الحلة الخطبة لبركيارق وكان شيعة لمحمد‏.‏ وكتب إلى الخليفة بالنكير على أبي الغازي وأنه سائر لإخراجه عن بغداد فجمع أبو الغازي التركمان وفارق بغداد إلى عقرقوبا وجاء سيف الدولة صدقة ونزل مقابل التاج وقبل الأرض وخيم بالجانب الغربي‏.‏ وأرسل إليه أبو الغازي يعتذر عن طاعة بركيارق بالصلح الواقع وأن إقطاعه بحلـوان فـي جملة بلاده التي وقع الصلح عليها وبغداد التي هو شحنه فيها قد صارت له فقبل ورضـى وعـاد إلـى الحلة‏.‏ وبعث المستظهر في ذي القعدة من سنة سبع وتسعين الخلع للسلطان بركيارق والأمير أياز والخطير وزير بركيارق وبعث معهما العهد له بالسلطنة واستحلفه الرسل على طاعة المستظهر ورجعوا‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 2 من اصل 3 الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى