سلسلة القصص القرأنى
صفحة 2 من اصل 3 • شاطر
صفحة 2 من اصل 3 • 1, 2, 3
الحلقة السادسة
" أصحاب الفيل "
موقع القصة في القرآن الكريم
ورد ذكر القصة في سورة الفيل الآيات 1-5.
القصة
قام والي اليمن (أبرهة) ببناء كنيسة عظيمة، في محاولة لأسترضاء ملك الحبشة النجاشي، راغبا في صرف العرب عن الحج لبيت الله الحرام فيحجّون إلى هذه الكنيسة بدلا من بيت الله الحرام فكتب إلى النجاشي يبشره ببناء كنيسة لم يبن مثلها لملك من قبل, مؤكدا أنها سيصرف العرب عن حج بيت الله الحرام.
لكن توقعات أبرهة ذهبت أدراج الرياح بعد أن رفض العرب تلبية دعوته، وأخذتهم عزتهم بمعتقداتهم وأنسابهم، لدرجة أن بعض الشائعات قالت أن بنو كنانة قتلوا رسول أبرهة الذي جاء يطلب منهم الحج للكنيسة.
وهنا قرر أبرهة هدم الكعبة وجهّز جيشا جرارا، وضع في مقدمته فيلا بالغ القوة والضخامة، كانوا يستخدمونه في الحروب، فعزمت العرب على قتال أبرهة وكان أول من خرج للقاءه، رجل من أشراف اليمن يقال له ذو نفر دعى قومه فأجابوه، والتحموا بجيش أبرهة. لكنه هُزِم وسيق أسيرا.
ثم خرج نفيل بن حبيب الخثعمي، فهزم أيضا وأُخِذَ أسيرا، وصار دليلا لجيش أبرهة حتى وصلوا الطائف، فخرج رجال من ثقيف، وقالوا لأبرهة أن الكعبة موجودة في مكة حتى لا يهدم بيت اللات الذي بنوه في الطائف وأرسلوا مع الجيش رجلا منهم ليدلّهم على الكعبة.
وفي مكان يسمى المغمس بين الطائف ومكة، أرسل أبرهة كتيبة من جنده، ساقت له أموال قريش وغيرها من القبائل وكان من بين هذه الأموال مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم، كبير قريش وسيّدها فهمّت قريش وكنانة وهذيل وغيرهم على قتال أبرهة. ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك.
وبعث أبرهة رسولا إلى مكة يسأل عن سيد البلد, ويبلغه أن الملك لم يأت لحربهم وإنما جاء لهدم هذا البيت, فإن لم يتعرضوا له فلا حاجة له في دمائهم.
فلما أخبر الرسول عبد المطلب برسالة أبرهة، أجابه: "والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة. هذا بيت الله الحرام. وبيت خليله إبراهيم عليه السلام.. فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه, وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه".
ثم انطلق عبد المطلب لمحادثة أبرهة رآه أبرهة أجله وأعظمه, وأكرمه عن أن يجلسه تحته, وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه فنزل عن سريره وجلس على بساطه وأجلسه معه إلى جانبه. ثم قال لترجمانه أن يسئل عبد المطلب ما حاجته?، فقال: حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي، فتعجب أبرهة وأجاب موجها حديثه لسيد قريش: قد كنت أعجبتني حين رأيتك, ثم قد زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه?.
فقال له عبد المطلب قولته الشهيرة: أما البيت فإن له رب يحميه.
ثم عاد عبد المطلب إلى قريش وأخبرهم بما حدث، وأمرهم بالخروج من مكة والبقاء في الجبال المحيطة بها. ثم توجه وهو ورجال من قريش للكعبة وأمسك حلقة بابها، وقاموا يدعون الله ويستنصرونه. ثم ذهب هو ومن معه للجبل.
وتحرك جيش أبرهة والفيل في مقدمته، وعلى مشارف مكة برك الفيل ولم يتحرك فضربوه ووخزوه، لكنه لم يقم من مكانه. فوجّهوه ناحية اليمن، فقام يهرول. ثم وجّهوه ناحية الشام، فتوجّه. ثم وجّهوه جهة الشرق، فتحرّك، فعادوا به ناحية مكة فَبَرَك.
يئس أبرهة من أشتراك الفيل في المعركة فأمر رجاله بالتحرك وحدهم ناحية البيت الحرام لهدمه، فكان ما أراده الله من إهلاك الجيش حيث أمتلئت السماء بجماعات من الطير، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار: حجر في منقاره, وحجران في رجليه, أمثال الحمص والعدس, لا تصيب منهم أحدا إلا هلك. فتركتهم كأوراق الشجر الجافة الممزقة. فهاج الجيش وماج، وبدوا يسألون عن نفيل بن حبيب; ليدلهم على الطريق إلى اليمن. فقال نفيل بن حبيب حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته:
حمدت الله إذ أبصرت طيرا * * * وخفت حجارة تلقى علينا
فكل القوم يسأل عن نفيـل * * * كأن علي للحبشان دينـا
ليست مشكلتي إن لم يفهم البعض ما اعنيه..
فهذه قناعاتي .. وهذه افكاري ..
وهذه كتاباتي بين يديكم
أكتب ما اشعر به .. وأقول ما أنا مؤمن به ..
ليس بالضرورة ما أكتبه يعكس حياتي الشخصيه ...
هي في النهاية مجرد رؤيه لأفكاري
الحلقة السابعة
" أصحاب الكهف "
موقع القصة في القرآن الكريم
ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 9-26.
القصة
في زمان ومكان غير معروفين، كانت توجد قرية مشركة ضل ملكها وأهلها عن الطريق المستقيم، وعبدوا مع الله مالا يضرهم ولا ينفعهم من غير أي دليل على ألوهيتهم، ومع ذلك كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، ولا يرضون أن يمسها أحد بسوء ويؤذون كل من يكفر بها، ولا يعبدها.
وبرغم الظروف الفاسدة ظهرت في هذا المجتمع مجموعة قليلة من الشباب حكّمت عقلها، ورفضت السجود لغير الله الذي بيده كل شيء.
لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء ولا رسلا، ولم يتوجب عليهم تحمل ما يتحمله الرسل، إنما كانوا أصحاب إيمان، فأنكروا على قومهم شركهم بالله، وطلبوا إقامة الحجة على وجود آلهة غير الله.
ولما فشلوا في المواجهة مع قومهم قرروا النجاة بدينهم وبأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله فيه، بعد أن ثبت لديهم أن القرية فاسدة، وأهلها ضالون.
عزم الفتية على الخروج من القرية، والتوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم بشكل مؤقت حتى تتيسر لهم سبل الهجرة لمكان آخر، فخرجوا ومعهم كلبهم تاركين وراءهم منازلهم ليسكنوا كهفا موحشا طمعا في رحمة الله.
استلقى الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على الباب يحرسه، وهنا حدثت المعجزة الألهية، فنام الفتية ثلاثمئة وتسع سنوات.
وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجسادهم. فكان الناظر إليهم يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم.
وبعد كل هذه السنين، بعثهم الله مرة أخرى أستيقظ الفتية من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم. وكانت آثار النوم الطويل بادية عليهم. فتساءلوا: كم لبثنا؟!، فأجاب بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم. لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة. المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم.
أخرج الفتية النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، ويشتري طعاما طيبا، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد فيعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم.
وهكذا خرج المختار من الفتية متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن والوجوه، وتغيّرت البضائع والنقود.
تعجب الفتى واستغرب كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة، فيما أيقن أهل القرية أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها.
تغيرت طباع أهل المدينة وآمن أهلها، فهلك الملك الظالم، وجاء مكانه رجل صالح وفرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين. لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. فهاجروا من قريتهم لكيلا يفتنوا في دينهم ثم عادوا فأجتمع أهل القرية وقرروا أن يذهبوا لرؤيتهم.
وبعد أن ثبتت المعجزة، معجزة إحياء الأموات وبعدما استيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه وتعالى على بعث الموتى، برؤية مثال واقعي ملموس أمامهم.
أخذ الله أرواح الفتية، فاختلف أهل القرية فيما يفعل بهم، فمنهم من دعى لإقامة بنيان على كهفهم، ومنهم من طالب ببناء مسجد وهو الرأي الذي تم تنفيذه بعد إجماع الآراء عليه.
الملاحظ في هذه القصة أن زمنها غير معلوم فهل حدثت قبل زمن عيسى عليه السلام، أم بعده، وهل آمنوا بربهم من تلقاء أنفسهم، أم أن أحد دعاهم للإيمان، وفي أي البلاد كانوا؟.
هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، أم خمسة سادسهم كلبهم، أم سبعة وثامنهم كلبهم؟، كلها مجهولة إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال ويأمرنا بإرجاع علمهم إلى الله، فالعبرة ليست في العدد، وإنما فيما آل إليه الأمر، فلا يهم إن كانوا أربعة أو ثمانية، إنما المهم أن الله أحياهم بعد أكثر من ثلاثمئة سنة ليرى من عاصرهم قدرة الله على بعث من في القبور، ولتتناقل الأجيال خبر هذه المعجزة جيلا بعد جيل.
" أصحاب الكهف "
موقع القصة في القرآن الكريم
ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 9-26.
القصة
في زمان ومكان غير معروفين، كانت توجد قرية مشركة ضل ملكها وأهلها عن الطريق المستقيم، وعبدوا مع الله مالا يضرهم ولا ينفعهم من غير أي دليل على ألوهيتهم، ومع ذلك كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، ولا يرضون أن يمسها أحد بسوء ويؤذون كل من يكفر بها، ولا يعبدها.
وبرغم الظروف الفاسدة ظهرت في هذا المجتمع مجموعة قليلة من الشباب حكّمت عقلها، ورفضت السجود لغير الله الذي بيده كل شيء.
لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء ولا رسلا، ولم يتوجب عليهم تحمل ما يتحمله الرسل، إنما كانوا أصحاب إيمان، فأنكروا على قومهم شركهم بالله، وطلبوا إقامة الحجة على وجود آلهة غير الله.
ولما فشلوا في المواجهة مع قومهم قرروا النجاة بدينهم وبأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله فيه، بعد أن ثبت لديهم أن القرية فاسدة، وأهلها ضالون.
عزم الفتية على الخروج من القرية، والتوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم بشكل مؤقت حتى تتيسر لهم سبل الهجرة لمكان آخر، فخرجوا ومعهم كلبهم تاركين وراءهم منازلهم ليسكنوا كهفا موحشا طمعا في رحمة الله.
استلقى الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على الباب يحرسه، وهنا حدثت المعجزة الألهية، فنام الفتية ثلاثمئة وتسع سنوات.
وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجسادهم. فكان الناظر إليهم يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم.
وبعد كل هذه السنين، بعثهم الله مرة أخرى أستيقظ الفتية من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم. وكانت آثار النوم الطويل بادية عليهم. فتساءلوا: كم لبثنا؟!، فأجاب بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم. لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة. المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم.
أخرج الفتية النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، ويشتري طعاما طيبا، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد فيعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم.
وهكذا خرج المختار من الفتية متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن والوجوه، وتغيّرت البضائع والنقود.
تعجب الفتى واستغرب كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة، فيما أيقن أهل القرية أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها.
تغيرت طباع أهل المدينة وآمن أهلها، فهلك الملك الظالم، وجاء مكانه رجل صالح وفرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين. لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. فهاجروا من قريتهم لكيلا يفتنوا في دينهم ثم عادوا فأجتمع أهل القرية وقرروا أن يذهبوا لرؤيتهم.
وبعد أن ثبتت المعجزة، معجزة إحياء الأموات وبعدما استيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه وتعالى على بعث الموتى، برؤية مثال واقعي ملموس أمامهم.
أخذ الله أرواح الفتية، فاختلف أهل القرية فيما يفعل بهم، فمنهم من دعى لإقامة بنيان على كهفهم، ومنهم من طالب ببناء مسجد وهو الرأي الذي تم تنفيذه بعد إجماع الآراء عليه.
الملاحظ في هذه القصة أن زمنها غير معلوم فهل حدثت قبل زمن عيسى عليه السلام، أم بعده، وهل آمنوا بربهم من تلقاء أنفسهم، أم أن أحد دعاهم للإيمان، وفي أي البلاد كانوا؟.
هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، أم خمسة سادسهم كلبهم، أم سبعة وثامنهم كلبهم؟، كلها مجهولة إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال ويأمرنا بإرجاع علمهم إلى الله، فالعبرة ليست في العدد، وإنما فيما آل إليه الأمر، فلا يهم إن كانوا أربعة أو ثمانية، إنما المهم أن الله أحياهم بعد أكثر من ثلاثمئة سنة ليرى من عاصرهم قدرة الله على بعث من في القبور، ولتتناقل الأجيال خبر هذه المعجزة جيلا بعد جيل.
ليست مشكلتي إن لم يفهم البعض ما اعنيه..
فهذه قناعاتي .. وهذه افكاري ..
وهذه كتاباتي بين يديكم
أكتب ما اشعر به .. وأقول ما أنا مؤمن به ..
ليس بالضرورة ما أكتبه يعكس حياتي الشخصيه ...
هي في النهاية مجرد رؤيه لأفكاري
الحلقة الثامنة
" سيدنا الخضر "
موقع القصة في القرآن الكريم
ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 60-82.
القصة
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) (الكهف: 60)
كان لموسى عليه السلام هدف من رحلته التي اعتزمها, وكان يقصد من ورائها امرا، فهو يعلن عن تصميمه على بلوغ مجمع البحرين مهما تكن المشقة، ومهما يكن الزمن الذي يقضيه في الوصول، فيعبر عن هذا التصميم قائلا (أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا).
القرآن الكريم لم يحدد المكان الذي وقعت فيه القصة، ولا التاريخ بالتحديد هل كان قبل بعثة موسى عليه السلام أم بعد أن بعثه الله رسولا، كما أنه لم يصرح بالأسماء ولم يبين ماهية العبد الصالح الذي التقاه موسى، هل هو نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أم ماذا بالضبط؟.
اختلف المفسرون حول مكان وقوع القصة فقيل إنه بحر فارس والروم، وقيل بحر الأردن أو القلزم، وقيل عند طنجة، وقيل في أفريقيا، وقيل بحر الأندلس، إلا أن كل هذه التفسيرات لاتقوم على دليل، ولو كان تحديد المكان مطلوبا لحدده الله تعالى، إنما يأتي أبهام المكان والزمان وأسماء الأشخاص في السياق القرآني لحكمة يعلمها وحده سبحانه وتعالى، فيخفي السياق القرآني اسم أهم أبطال القصة ويشير إليه الحق تبارك وتعالى بقوله: (عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا).
فالقصة تتعلق بعلم ليس هو علمنا الذي نعرفه، وليس علم الأنبياء القائم على الوحي.. إنما علم من طبيعة غامضة بلا تفسيرات.. علم القادر الأعلى.
لقد خص الله تعالى نبيه الكريم موسى عليه السلام بأمور كثيرة، فهو كليم الله عز وجل، وأحد أولي العزم من الرسل، وصاحب معجزة العصا واليد، والنبي الذي أنزلت عليه التوراة دون واسطة، وإنما كلمه الله تكليما.
هذا النبي العظيم يتحول في القصة إلى طالب علم متواضع، ومن يكون معلمه غير هذا العبد الذي يتجاوز السياق القرآني اسمه، وإن حدثتنا السنة المطهرة أنه الخضر عليه السلام كما حدثتنا أن الفتى هو يوشع بن نون، ويسير موسى مع العبد الذي يتلقى علمه من الله بغير أسباب التلقي الني نعرفها.
ومع منزلة موسى العظيمة إلا أن الخضر يرفض صحبة موسى، يفهمه أنه لن يستطيع معه صبرا، ثم يوافق على صحبته بشرط ألا يسأله موسى عن شيء حتى يحدثه الخضر عنه.
والخضر في القصة هو الصمت المبهم، فهو لا يتحدث، وتصرفاته التي يأتيها الخضر ترتفع أمام عيني موسى حتى لتصل إلى مرتبة الجرائم والكوارث.. وهناك تصرفات تبدو لموسى بلا معنى.
تبدأ القصة بعد أن قام موسى خطيبا في بني إسرائيل، يدعوهم إلى الله ويحدثهم عن الحق، ويبدو أن حديثه جاء جامعا قويا، وبعد أن انتهى من خطابه سأله أحد المستمعين من بني إسرائيل: هل على وجه الأرض أحد اعلم منك يا نبي الله؟، فقال موسى مندفعا: لا..
وساق الله تعالى عتابه لموسى حين لم يرد العلم إليه، فبعث إليه جبريل يسأله: يا موسى ما يدريك أين يضع الله علمه؟، فأدرك موسى أنه تسرع وعاد جبريل، عليه السلام، يقول له: إن لله عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك.
عقد موسى العزم على الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم وسأل كيف السبيل إليه فأمر أن يرحل، وأن يحمل معه حوتا في مكتل (سمكة في سلة)، وفي المكان الذي ترتد فيه الحياة لهذا الحوت ويتسرب في البحر، سيجد العبد العالم.
انطلق موسى ومعه فتاه (الذي قيل أنه يوشع بن نون) وقد حمل الفتى الحوت، بحثا عن العبد الصالح وليست لديهم أي علامة على المكان الذي يوجد فيه إلا معجزة ارتداد الحياة للسمكة القابعة في السلة وتسربها إلى البحر.
يظهر عزم موسى عليه السلام في العثور على هذا العبد ولو اضطره الأمر إلى أن يسير أحقابا وأحقابا (يقال أن الحقبة عام كامل)، وقيل ثمانون عاما، وهي في العموم تعبير عن التصميم، لا عن المدة على وجه التحديد.
وصل الاثنان (موسى وفتاه) إلى صخرة جوار البحر، فرقد موسى واستسلم للنعاس، وبقي الفتى ساهرا، وهنا أذن الله سيحانه وتعالى فعادت الحياة للحوت وقفز إلى البحر.. (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا).. وهي العلامة التي أرشد الله نبيه موسى إلى أنه سيجد عندها الرجل الحكيم الذي جاء يتعلم منه.
نهض موسى من نومه فلم يلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر ونسي فتاه يصحبه أن يحدثه عما وقع، فسارا بقية يومهما وقد نسيا أمر الحوت، وعندما حل بهما التعب تذكر موسى غداءه (قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا)، وعندئذ تذكر الفتى كيف تسرب الحوت إلى البحر فأخبر موسى بما وقع، واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أن يذكر له الحادثة.
فرح موسى بما ذكره الفتى (قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ)، مؤكدا لفتاه أن هذا ما كان ينتظره فتسرب الحوت يحدد المكان الذي سيلتقي فيه بالرجل العالم.
وهكذا أرتد الأثنان يقصان أثرهما عائدين إلى موضع الصخرة التي عادت عندها الحياة للحوت، وهناك وجدا رجلا مسجى بثوبه.. وقد جعل طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه، فسلم عليه موسى وطلب أن يصحبه في طريقه على أن يعلمه مما يعلم، لكن الخضر رفض (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)، مؤكدا لموسى أنه لن يطيق صبرا على علم يجهله، لأن الظواهر لن تعطيه تفسيرا، وربما يرى ما لا يفهم له سببا أو علة.
لكن موسى أحتمل كلمات الصد القاسية وعاد يرجو العبد الصالح أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه، موكدا له إنه سيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا.
قال الخضر إن هناك شرطا لقبول أن يصاحبه موسى وهو ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه.. فوافق موسى على الشرط وانطلقا سويا.
مشى موسى عليه السلام مع العبد الصالح على ساحل البحر فمرت بهما سفينة، فطلب الخضر وموسى من أصحابها أن يحملوهما، وعرف أصحاب السفينة الخضر فحملوه وحملوا موسى بدون أجر، إكراما للخضر، وفوجئ موسى حين رست السفينة وغادرها أصحابها حتى بدأ الخضر يخرق السفينة، فاقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحر فحملته الأمواج بعيدا.
استنكر موسى تصرف الخضر، كان تصرف معيب من وجهة نظره.. وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه، وحركته غيرته على الحق، فاندفع يحدث معلمه وقد نسي الشرط: (قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا).
ولما ذكره العبد الصالح بما أشترطه عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)، أعتذر موسى بالنسيان ورجاه ألا يؤاخذه وألا يرهقه (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا).
ومجددا أنطلق الأثنان في مسيرة هدفها العلم، فمرا على حديقة يلعب بها صبيان.. حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلم للنعاس.. فوجئ موسى بأن الخضر يقتل غلاما، فثار سائلا عن الجريمة التي ارتكبها هذا الطفل لينال القتل كجزاء.
ويعاود الخضر تذكيره بأنه لن يستطيع الصبر (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا)، ومجددا يعتذر موسى بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة، مضيفا أنه لو نسي مرة آخرى سيكون من حق الخضر أن يفارقه (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا).
وتستمر الرحلة، فيدخلا قرية بعد أن نفذ منهما الطعام، فاستطعما أهل القرية فأبوا أن يضيفوهما.. وجاء عليهما المساء، وأوى الاثنان إلى خلاء فيه جدار يريد أن ينقض (جدار يتهاوى ويكاد يهم بالسقوط)، وفوجئ موسى بأن الخضر ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح الجدار وبنائه من جديد.
يندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه فالقرية بخيلة، لا يستحق من فيها هذا العمل المجاني (قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا)، وما كاد ينطقها موسى حتى التفت إليه الخضر: (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ).
إن كل تصرفات العبد الرباني التي أثارت موسى وحيرته لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره.. كان ينفذ إرادة عليا.. وكانت لهذه الإرادة العليا حكمتها الخافية، وكانت التصرفات تشي بالقسوة الظاهرة، بينما تخفي حقيقتها رحمة.
إن أصحاب السفينة سيعتبرون خرق سفينتهم مصيبة جاءتهم، بينما هي نعمة تتخفى في زي المصيبة.. نعمة لن تكشف النقاب عن وجهها إلا بعد أن تنشب الحرب ويصادر الملك كل السفن الموجودة غصبا، ثم يفلت هذه السفينة التالفة المعيبة.. وبذلك يبقى مصدر رزق الأسرة عندهم كما هو، فلا يموتون جوعا.
وسيعتبر والد الطفل المقتول وأمه أن كارثة قد دهمتهما لقتل وحيدهما الصغير البريء.. غير أن موته يمثل بالنسبة لهما رحمة عظمى، فإن الله سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهما ولا يرهقهما طغيانا وكفرا كالغلام المقتول.
أما الجدار فقد كان يخبئ تحته كنزا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة. ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يدفعا عنه.. ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما، فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته.
ليست مشكلتي إن لم يفهم البعض ما اعنيه..
فهذه قناعاتي .. وهذه افكاري ..
وهذه كتاباتي بين يديكم
أكتب ما اشعر به .. وأقول ما أنا مؤمن به ..
ليس بالضرورة ما أكتبه يعكس حياتي الشخصيه ...
هي في النهاية مجرد رؤيه لأفكاري
الحلقة التاسعة
" أنبياء أهل القرية "
يحكي الحق تبارك وتعالى قصة أنبياء ثلاثة بغير أن يذكر أسمائهم، كل ما يذكره السياق أن القوم كذبوا رسولين فأرسل الله ثالثا يعزرهما، لكن الناس ظلوا على إنكارهم للرسل وتكذيبهم.
يقول المولى عز وجل: (قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ) (سورة يس: الآية 15).
لم يذكر القرآن من هم أصحاب القرية ولا ما هي القرية، وقد اختلفت فيها الروايات، وإن كان عدم إفصاح القرآن عنها دليل على أن تحديد اسمها أو موضعها لا يزيد شيئاً في دلالة القصة وإيحائها.
والقصة توضح الاعتراض المتكرر على بشرية الرسل والذي تبدو فيه سذاجة التصور والإدراك, كما يبدو فيه الجهل بوظيفة الرسول، فالناس دائما يتوقعون أن يكون هناك سر غامض في شخصية الرسول وحياته تكمن وراءه الأوهام والأساطير.
فالغالبية العظمي من الناس تتوقع أن الرسول لا يجب أن يكون شخصية مكشوفة بسيطة لا أسرار فيها ولا ألغاز حولها?!، لايجب أن يكون شخصية بشرية عادية من الشخصيات التي تمتلىء بها الأسواق والبيوت?!
وهو تصور ساذج، فالأسرار والألغاز ليست صفة ملازمة للنبوة، والرسالة منهج إلهي تعيشه البشرية، وحياة الرسول هي النموذج الواقعي للحياة وفق ذلك المنهج.
النموذج الذي يدعو قومه إلى الاقتداء به فلابد أن يكون رسولهم من البشر ليحقق نموذجاً من الحياة يملكون هم أن يقلدوه.
وعودة إلى أنبياء القرية، فقد أكد الرسل لقومهم في ثقة المطمئن إلى صدقه, العارف بحدود وظيفته، إن الله يعلم، وإن وظيفة الرسل البلاغ، وهم بعد ذلك أحرار فيما يتخذون لأنفسهم من تصرف. وفيما يحملون في تصرفهم من أوزار. والأمر بين الرسل وبين الناس هو أمر ذلك التبليغ عن الله; فمتى تحقق ذلك فالأمر كله بعد ذلك إلى الله.
لكن أهل القرية الضالين لم يأخذوا الأمور هذا المأخذ الواضح السهل اليسير، قالوا: إننا نتشاءم منكم ونتوقع الشر في دعوتكم فإن لم تنتهوا عنها فإننا لن نسكت عليكم, ولن ندعكم في دعوتكم: (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) (يّـس:18)
وبرغم هذه الرد المخيب لكن الواجب الملقى على عاتق الرسل قضي عليهم بالمضي في الطريق، فالقول بالتشاؤم من دعوة أو من وجه خرافة من خرافات الجاهلية، والرسل يبينون لقومهم أنها خرافة وأن حظهم ونصيبهم من خير ومن شر لا يأتيهم من خارج نفوسهم إنما هو معهم مرتبط بنواياهم وأعمالهم, متوقف على كسبهم وعملهم وفي وسعهم أن يجعلوا حظهم ونصيبهم خيراً أو أن يجعلوه شراً.
وسياق القصة لا يذكر بالتحديد ماذا كان من أمر هؤلاء الأنبياء، إنما يذكر ما كان من أمر إنسان آمن بهم، ووقف بإيمانه أقلية ضعيفة ضد أغلبية كافرة.
شخص جاء من أقصى المدينة يسعى وقد تفتح قلبه لدعوة الحق، فهذا رجل سمع الدعوة فاستجاب لها بعد ما رأى فيها من دلائل الحق والمنطق، وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان تحركت هذه الحقيقة في ضميره لم يطق عليها سكوتاً، ولم يقبع في داره بعقيدته وهو يرى الضلال من حوله الفجور ولكنه سعى للحق الذي آمن به.
قال الرجل المؤمن لقومه: اتبعوا هؤلاء الرسل فإن الذي يدعو مثل هذه الدعوة وهو لا يطلب أجراً, ولا يبتغي مغنماً صادق، وإلا فما الذي يحمله على هذا العناء إن لم يكن يلبي تكليفاً من الله? ومجابهة الناس بغير ما ألفوا من العقيدة? والتعرض لأذاهم وشرهم واستهزائهم وتنكيلهم, وهو لا يجني من ذلك كسباً, ولا يطلب منهم أجراً? وهداهم واضح في طبيعة دعوتهم. فهم يدعون إلى إله واحد. ويدعون إلى نهج واضح. ويدعون إلى عقيدة لا خرافة فيها ولا غموض. فهم مهتدون إلى نهج سليم, وإلى طريق مستقيم.
ثم عاد يتحدث إليهم عن نفسه وعن أسباب إيمانه, ويناشد فيهم الفطرة التي استيقظت فيه فاقتنعت بالبرهان الفطري السليم، ثم يبين ضلال المنهج المعاكس منهج من يعبد آلهة غير الرحمن لا تضر ولا تنفع.
يقول المولى عز وجل في كتابه الحكيم: (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) (يّـس:25).
ويسرد سياق القصة بعد ذلك أن القوم الكافرين قتلوا الرجل المؤمن، وإن كان لا يذكر شيئاً من هذا صراحة إنما يسدل الستار على الدنيا وما فيها, وعلى القوم وما هم فيه ويرفعه لنرى الرجل المؤمن منعما في الجنة.
يقول الله تعالى: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ .بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
هذا كان جزاء الإيمان وأما الطغيان فكان أهون على الله من أن يرسل عليه الملائكة لتدمره:
(وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ .. إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ).
فالوصف في هنا يحكي أن الهلاك جاء بصيحة واحدة، ولم يكن الأمر يستدعي نزول الملائكة, تهويناً لشأنهم, وتصغيراً لقدرهم. فما كانت إلا صيحة أخمدت أنفاسهم.
" أنبياء أهل القرية "
يحكي الحق تبارك وتعالى قصة أنبياء ثلاثة بغير أن يذكر أسمائهم، كل ما يذكره السياق أن القوم كذبوا رسولين فأرسل الله ثالثا يعزرهما، لكن الناس ظلوا على إنكارهم للرسل وتكذيبهم.
يقول المولى عز وجل: (قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ) (سورة يس: الآية 15).
لم يذكر القرآن من هم أصحاب القرية ولا ما هي القرية، وقد اختلفت فيها الروايات، وإن كان عدم إفصاح القرآن عنها دليل على أن تحديد اسمها أو موضعها لا يزيد شيئاً في دلالة القصة وإيحائها.
والقصة توضح الاعتراض المتكرر على بشرية الرسل والذي تبدو فيه سذاجة التصور والإدراك, كما يبدو فيه الجهل بوظيفة الرسول، فالناس دائما يتوقعون أن يكون هناك سر غامض في شخصية الرسول وحياته تكمن وراءه الأوهام والأساطير.
فالغالبية العظمي من الناس تتوقع أن الرسول لا يجب أن يكون شخصية مكشوفة بسيطة لا أسرار فيها ولا ألغاز حولها?!، لايجب أن يكون شخصية بشرية عادية من الشخصيات التي تمتلىء بها الأسواق والبيوت?!
وهو تصور ساذج، فالأسرار والألغاز ليست صفة ملازمة للنبوة، والرسالة منهج إلهي تعيشه البشرية، وحياة الرسول هي النموذج الواقعي للحياة وفق ذلك المنهج.
النموذج الذي يدعو قومه إلى الاقتداء به فلابد أن يكون رسولهم من البشر ليحقق نموذجاً من الحياة يملكون هم أن يقلدوه.
وعودة إلى أنبياء القرية، فقد أكد الرسل لقومهم في ثقة المطمئن إلى صدقه, العارف بحدود وظيفته، إن الله يعلم، وإن وظيفة الرسل البلاغ، وهم بعد ذلك أحرار فيما يتخذون لأنفسهم من تصرف. وفيما يحملون في تصرفهم من أوزار. والأمر بين الرسل وبين الناس هو أمر ذلك التبليغ عن الله; فمتى تحقق ذلك فالأمر كله بعد ذلك إلى الله.
لكن أهل القرية الضالين لم يأخذوا الأمور هذا المأخذ الواضح السهل اليسير، قالوا: إننا نتشاءم منكم ونتوقع الشر في دعوتكم فإن لم تنتهوا عنها فإننا لن نسكت عليكم, ولن ندعكم في دعوتكم: (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) (يّـس:18)
وبرغم هذه الرد المخيب لكن الواجب الملقى على عاتق الرسل قضي عليهم بالمضي في الطريق، فالقول بالتشاؤم من دعوة أو من وجه خرافة من خرافات الجاهلية، والرسل يبينون لقومهم أنها خرافة وأن حظهم ونصيبهم من خير ومن شر لا يأتيهم من خارج نفوسهم إنما هو معهم مرتبط بنواياهم وأعمالهم, متوقف على كسبهم وعملهم وفي وسعهم أن يجعلوا حظهم ونصيبهم خيراً أو أن يجعلوه شراً.
وسياق القصة لا يذكر بالتحديد ماذا كان من أمر هؤلاء الأنبياء، إنما يذكر ما كان من أمر إنسان آمن بهم، ووقف بإيمانه أقلية ضعيفة ضد أغلبية كافرة.
شخص جاء من أقصى المدينة يسعى وقد تفتح قلبه لدعوة الحق، فهذا رجل سمع الدعوة فاستجاب لها بعد ما رأى فيها من دلائل الحق والمنطق، وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان تحركت هذه الحقيقة في ضميره لم يطق عليها سكوتاً، ولم يقبع في داره بعقيدته وهو يرى الضلال من حوله الفجور ولكنه سعى للحق الذي آمن به.
قال الرجل المؤمن لقومه: اتبعوا هؤلاء الرسل فإن الذي يدعو مثل هذه الدعوة وهو لا يطلب أجراً, ولا يبتغي مغنماً صادق، وإلا فما الذي يحمله على هذا العناء إن لم يكن يلبي تكليفاً من الله? ومجابهة الناس بغير ما ألفوا من العقيدة? والتعرض لأذاهم وشرهم واستهزائهم وتنكيلهم, وهو لا يجني من ذلك كسباً, ولا يطلب منهم أجراً? وهداهم واضح في طبيعة دعوتهم. فهم يدعون إلى إله واحد. ويدعون إلى نهج واضح. ويدعون إلى عقيدة لا خرافة فيها ولا غموض. فهم مهتدون إلى نهج سليم, وإلى طريق مستقيم.
ثم عاد يتحدث إليهم عن نفسه وعن أسباب إيمانه, ويناشد فيهم الفطرة التي استيقظت فيه فاقتنعت بالبرهان الفطري السليم، ثم يبين ضلال المنهج المعاكس منهج من يعبد آلهة غير الرحمن لا تضر ولا تنفع.
يقول المولى عز وجل في كتابه الحكيم: (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) (يّـس:25).
ويسرد سياق القصة بعد ذلك أن القوم الكافرين قتلوا الرجل المؤمن، وإن كان لا يذكر شيئاً من هذا صراحة إنما يسدل الستار على الدنيا وما فيها, وعلى القوم وما هم فيه ويرفعه لنرى الرجل المؤمن منعما في الجنة.
يقول الله تعالى: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ .بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
هذا كان جزاء الإيمان وأما الطغيان فكان أهون على الله من أن يرسل عليه الملائكة لتدمره:
(وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ .. إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ).
فالوصف في هنا يحكي أن الهلاك جاء بصيحة واحدة، ولم يكن الأمر يستدعي نزول الملائكة, تهويناً لشأنهم, وتصغيراً لقدرهم. فما كانت إلا صيحة أخمدت أنفاسهم.
ليست مشكلتي إن لم يفهم البعض ما اعنيه..
فهذه قناعاتي .. وهذه افكاري ..
وهذه كتاباتي بين يديكم
أكتب ما اشعر به .. وأقول ما أنا مؤمن به ..
ليس بالضرورة ما أكتبه يعكس حياتي الشخصيه ...
هي في النهاية مجرد رؤيه لأفكاري
العلقة العاشرة
" بقرة بني إسرائيل "
موقع القصة في القرآن الكريم
ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآيات 67-73.
القصة
كانت نفوس بني إسرائيل ملتوية بشكل لا تخطئه عين الملاحظة، ويبدو عنادهم فيما يعرف بقصة البقرة، حيث أختصم أهل أحد الأثرياء من بني إسرائيل عُثر عليه ميتا ولم يعرفوا قاتله، وحين أعيتهم الحيلة لجئوا لنبي الله موسى لعلهم يجدون عنده خبر القاتل.
لجأ موسى لله تعالى فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة، وكان المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم، غير أنهم بدءوا مفاوضات غير مقبولة أو مفهومة واتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوأ، فاستعاذ موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم وأفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة.
إلى هنا والموضوع بسيط يدخل في المعجزات الآلهية التي لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين الناس، فلا توجد علاقة بين ذبح بقرة ومعرفة قاتل في جريمة غامضة، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟ إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.
لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي في ذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة لابد أن يعاني من يتصدى لأمر من أمورهم.
وهكذا يعاني سيدنا موسى من إيذائهم له واتهامه بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره بذبح بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟ أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربه ليبين لنا ما هي؟.
ويستجيب لهم موسى ويدعو الله فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها بقرة وسط ليست مسنة، وليست فتية.
إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات أستمرت والمماطلة والمراوغة التي هي عهد بني إسرائيل لم تزل تحكم المفاوضات، فتسائلوا ما هو لون البقرة؟ ولماذا لا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون البقرة؟.
وبرغم فظاظة السؤال وعدم مراعتهم لمقتضيات الأدب والوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه المراوغة يستجيب موسى يسأل موسى ويخبرهم أن الله تعالى أخبره أنها صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.
وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، عاد بنوا إسرائيل للمراوغة من جديد، وعادوا يسألون موسى أن يدعو الله ليبين لهم ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، فحدثهم موسى عن بقرة ليست معدة لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، أي أنها خالصة الصفرة.
وبعد طول بحث عثر بنوا إسرائيل على بقرتهم المنشودة، التي لولا عنادهم وفظاظتهم لكانت بقرى عادية بلا مواصفات أصلا، فاشتروها وذبحوها.
وأمسك موسى جزء من البقرة، قيل أنه لسانها، وضرب به القتيل فنهض من موته، فسأله موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل من غير أن يتحدث)، ثم عاد إلى رقدته وقد فارقته الروح بأمر الله.
شاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، واستمعوا بآذانهم إلى اسم القاتل. وانكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب تعنتهم وضعف إيمانهم.
" بقرة بني إسرائيل "
موقع القصة في القرآن الكريم
ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآيات 67-73.
القصة
كانت نفوس بني إسرائيل ملتوية بشكل لا تخطئه عين الملاحظة، ويبدو عنادهم فيما يعرف بقصة البقرة، حيث أختصم أهل أحد الأثرياء من بني إسرائيل عُثر عليه ميتا ولم يعرفوا قاتله، وحين أعيتهم الحيلة لجئوا لنبي الله موسى لعلهم يجدون عنده خبر القاتل.
لجأ موسى لله تعالى فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة، وكان المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم، غير أنهم بدءوا مفاوضات غير مقبولة أو مفهومة واتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوأ، فاستعاذ موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم وأفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة.
إلى هنا والموضوع بسيط يدخل في المعجزات الآلهية التي لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين الناس، فلا توجد علاقة بين ذبح بقرة ومعرفة قاتل في جريمة غامضة، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟ إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.
لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي في ذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة لابد أن يعاني من يتصدى لأمر من أمورهم.
وهكذا يعاني سيدنا موسى من إيذائهم له واتهامه بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره بذبح بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟ أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربه ليبين لنا ما هي؟.
ويستجيب لهم موسى ويدعو الله فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها بقرة وسط ليست مسنة، وليست فتية.
إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات أستمرت والمماطلة والمراوغة التي هي عهد بني إسرائيل لم تزل تحكم المفاوضات، فتسائلوا ما هو لون البقرة؟ ولماذا لا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون البقرة؟.
وبرغم فظاظة السؤال وعدم مراعتهم لمقتضيات الأدب والوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه المراوغة يستجيب موسى يسأل موسى ويخبرهم أن الله تعالى أخبره أنها صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.
وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، عاد بنوا إسرائيل للمراوغة من جديد، وعادوا يسألون موسى أن يدعو الله ليبين لهم ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، فحدثهم موسى عن بقرة ليست معدة لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، أي أنها خالصة الصفرة.
وبعد طول بحث عثر بنوا إسرائيل على بقرتهم المنشودة، التي لولا عنادهم وفظاظتهم لكانت بقرى عادية بلا مواصفات أصلا، فاشتروها وذبحوها.
وأمسك موسى جزء من البقرة، قيل أنه لسانها، وضرب به القتيل فنهض من موته، فسأله موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل من غير أن يتحدث)، ثم عاد إلى رقدته وقد فارقته الروح بأمر الله.
شاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، واستمعوا بآذانهم إلى اسم القاتل. وانكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب تعنتهم وضعف إيمانهم.
ليست مشكلتي إن لم يفهم البعض ما اعنيه..
فهذه قناعاتي .. وهذه افكاري ..
وهذه كتاباتي بين يديكم
أكتب ما اشعر به .. وأقول ما أنا مؤمن به ..
ليس بالضرورة ما أكتبه يعكس حياتي الشخصيه ...
هي في النهاية مجرد رؤيه لأفكاري
صفحة 2 من اصل 3 • 1, 2, 3
مواضيع مماثلة
للمشاركة انت بحاجه الى تسجيل الدخول او التسجيل
يجب ان تعرف نفسك بتسجيل الدخول او بالاشتراك معنا للمشاركة
صفحة 2 من اصل 3
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى