تعالى اشطفها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تاريخ ابن خلدون

صفحة 12 من اصل 20 الصفحة السابقة  1 ... 7 ... 11, 12, 13 ... 16 ... 20  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 4 مايو 2008 - 0:04

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

بسم الله الرحمن الرحيم



تمهيـــد
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه الغني بلطفه عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي وفقه الله تعالى‏:‏ الحمد لله الذي له العزة والجبروت وبيده الملك والملكوت وله الأسماء الحسنى والنعوت العالم فلا يعزب عنه ما تظهره النجوى أو يخفيه السكوت القادر فلا يعجزه شي في السماوات والأرض ولا يفوت‏.‏ أنشأنا من الأرض نسماً واستعمرنا فيها أجيالاً وأمماً ويسر لنا منها أرزاقاً وقسماً‏.‏ تكنفنا الأرحام والبيوت ويكفلنا الرزق والقوت وتبلينا الأيام والوقوت وتعتورنا الآجال التي خط علينا كتابها الموقوت وله البقاء والثبوت وهو الحي الذي لا يموت والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد النبي الأمي العربي المكتوب في التوراة والإنجيل المنعوت الذي تمخض لفصاله الكون قبل ان تتعاقب الآحاد والسبوت ويتباين زحل واليهموت وشهد بصدقه الحمائم والعنكبوت وعلى آله وأصحابه الذين لهم في محبته واتباعه الأثر البعيد والصيت والشمل الجميع في مظاهرته ولعدوهم الشمل الشتيت صلى الله عليه وعليهم ما اتصل بالإسلام جده المبخوت وانقطع بالكفر حبله المبتوت وسلم كثيراً‏.‏ أما بعد فإن فن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم والأجيال وتشد إليه الركائب والرحال وتسمو إلى معرفته السوقة والأغفال وتتنافس فيه الملوك والأقيال ويتساوى في فهمه العلماء والجهال إذ هو في ظاهره لا يزيد على إخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأول تنمو فيها الأقوال وتضرب فيها الأمثال وتطرف بها الأندية إذا غصها الاختفال وتؤدي إلينا شأن الخليقة كيف تقلبت بها ألاحوال واتسع للدول فيها النطاق والمجال وعمروا الأرض حتى نادى بهم الارتحال وحان منهم الزوال وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومباديها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق وجدير بأن يعد في علومها وخليق‏.‏ وإن فحول المؤرخين في الإسلام قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها وسطروها في صفحات الدفاتر وأودعوها وخلطها المتطفلون بدسائس من الباطل وهموا فيها أو ابتدعوها وزخارف من الروايات المضعفة لفقوها ووضعوها واقتفى تلك الآثار الكثير ممن بعدهم واتبعوها‏.‏ وأدوها إلينا كما سمعوها ولم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها ولا رفضوا ترهات الأحاديث ولا دفعوها فالتحقيق قليل وطرف التنقيح في الغالب كليل والغلط والوهم نسيب للأخبار وخليل والتقليد عريق في الآدميين وسليل والتطفل على الفنون عريض وطويل ومرعى الجهل بين الأنام وخيم وبيل‏.‏ والحق لا يقاوم سلطانه والباطل يقذف بشهاب النظر شيطانه والناقل إنما هو يملي وينقل والبصيرة تنقد الصحيح إذا تمقل والعلم يجلو لها صفحات الصواب ويصقل‏.‏ هذا وقد دون الناس في الأخبار وأكثروا وجمعوا تواريخ الأمم والدول في العالم وسطروا‏.‏ والذين ذهبوا بفضل الشهرة والأمانة المعتبرة واستفرغوا دواوين من قبلهم في صحفهم المتأخرة هم قليلون لا يكادون يجاوزون عدد الأنامل ولا حركات العوامل مثل ابن إسحاق والطبري وابن الكلبي ومحمد بن عمر الواقدي وسيف بن عمر الأسدي والمسعودي وغيرهم من المشاهير المتميزين عن الجماهير وإن كان فى كتب المسعودي والواقدي من المطعن والمغمز ما هو معروف عند الأثبات ومشهور بين الحفظة الثقات إلا أن الكافة اختصتهم بقبول أخبارهم واقتفاء سننهم في التصنيف واتباع آثارهم والناقد البصير قسطاس نفسه في تزييفهم فيما ينقلون‏.‏ أو اعتبارهم فللعمران طبائع في أحواله ترجع إليها الأخبار وتحمل عليها الروايات والآثار‏.‏ ثم إن أكثر التواريخ لهؤلاء عامة المناهج والمسالك لعموم الدولتين صدر الإسلام في الآفاق والممالك وتناولها البعيد من الغايات في المآخذ والمتارك‏.‏ ومن هؤلاء من استوعب ما قبل الملة هن الدول والأمم والأمر العمم كالمسعودي ومن نحا منحاه‏.‏ وجاء من بعدهم من عدل عن الإطلاق إلي التقييد ووقف في العموم والإحاطة عن الشأو البعيد فقيد شوارد عصره واستوعب أخبار أفقه وقطره واقتصر على أحاديث دولته ومصره‏.‏ كما فعل أبوحيان مؤرخ الأندلس والدولة الأموية بها وابن الرفيق مؤرخ إفريقية والدول التي كانت بالقيروان‏.‏ شم لم يأت من بعد هؤلاء إلا مقلد وبليد الطبع والعقل أو متبلد ينسج على ذلك المنوال ويحتذي منه بالمثال ويذهل عما أحالته الأيام من الأحوال واستبدلت به من عوائد الأمم والأجيال‏.‏ فيجلبون الأخبار عن الدول وحكايات الوقائع في العصور الأول صوراً قد تجردت عن موادها وصفاحاً انتضيت من أغمادها ومعارف تستنكر للجهل بطارفها وتلادها إنما هي حوادث لم تعلم أصولها وأنواع لم تعتبر أجناسها ولا تحققت فصولها يكررون في موضوعاتهم الأخبار المتداولة بأعيانها اتباعاً لمن عني من المتقدمين بشأنها ويغفلون أمر الأجيال الناشئة في ديوانها بما أعوز عليهم من ترجمانها فتستعجم صحفهم عن بيانها‏.‏ ثم إذا تعرضوا لذكر الدولة نسقوا أخبارها نسقاً محافظين على نقلها وهماً أو صدقاً لا يتعرضون لبدايتها ولا يذكرون السبب الذي رفع من رايتها وأظهر من آيتها ولا علة الوقوف عند غايتها فيبقى الناظر متطلعاً بعد إلى افتقاد أحوال مبادىء الدول ومراتبها مفتشاً عن أسباب تزاحمها أو تعاقبها باحثاً عن المقنع في تباينها أوتناسبها حسبما نذكر ذلك كله في مقدمة الكتاب‏.‏ ثم جاء آخرون بإفراط الاختصار وذهبوا إلى الاكتفاء بأسماء الملوك والاقتصار مقطوعة عن الأنساب والأخبار موضوعة عليها أعداد أيامهم بحروف الغبار كما فعله ابن رشيق في ميزان العمل ومن اقتفى هذا الأثر من الهمل‏.‏ وليس يعتبر لهؤلاء مقال ولا يعد لهم ثبوت ولا انتقال لما أذهبوا من الفوائد وأخلوا بالمذاهب المعروفة للمؤرخين والعوائد‏.‏ ولما طالعت كتب القوم وسبرت غور الأمس واليوم نبهت عين القريحة من سنة الغفلة والنوم وسمت التصنيف من نفسي وأنا المفلس أحسن السوم‏.‏ فأنشأت في التاريخ كتاباً رفعت به عن أحوال الناشئة من الأجيال حجاباً وفصلته في الأخبار والاعتبار باباً باباً وأبديت فيه لأولية الدول والعمران عللاً وأسباباً وبنيته على أخبار الأمم الذين عمروا المغرب في هذه الأعصار وملؤوا أكناف النواحي منه والأمصار وما كان لهم من الدول الطوال أو القصار ومن سلف من الملوك والأنصار وهم العرب البربر إذ هما الجيلان اللذان عرف بالمغرب مأواهما وطال فيه على الأحقاب مثواهما حتى لا يكاد يتصور فيه ما عداهما ولا يعرف أهله من أجيال الآدميين سواهما‏.‏ فهذبت مناحيه تهذيباً وقربته لأفهام العلماء والخاصة تقريباً وسلكت في ترتيبه وتبويبه مسلكاً غريباً واخترعته من بين المناحي مذهباً عجيباً وطريقة مبتدعة وأسلوباً‏.‏ وشرحت فيه من أحوال العمران والتمدن وما يعرض في الاجتماع الإنساني من العوارض الذاتية ما يمتعك بعلل الكوائن وأسبابها ويعرفك كيف دخل اهل الدول من أبوابها حتى تنزع من التقليد يدك وتقف على أحوال ما قبلك من الأيام والأجيال ما بعدك‏.‏ ورتبتة على مقدمة وثلاثة كتب‏:‏ المقدمة‏:‏ في فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه والإلماع بمغالط المؤرخين‏.‏ الكتاب الأول‏:‏ في العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الفلك والسلطان والكسب والمعاش والصنائع والعلوم وما لذلك من العلل والأسباب‏.‏ الكتاب الثاني‏:‏ في أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدإ الخليقة إلى هذا العهد وفيه الإلماع ببعض من عاصرهم من الأمم المشاهير ودولهم مثل النبط والسريانيين والفرس وبني إسرائيل والقبط واليونان والروم والترك والإفرنجة‏.‏ الكتاب الثالث‏:‏ في أخبار البربر ومن إليهم من زناتة وذكر أوليتهم وأجيالهم وما كان لهم بديار المغرب خاصة من الملك والدول‏.‏ ثم كانت الرحلة إلى المشرق لاجتلاء أنواره وقضاء الفرض والسنة في مطافه ومزاره والوقوف على آثاره في دواوينه وأسفاره فأفدت ما نقص من أخبار ملوك العجم بتلك الديار ودول الترك فيما ملكوه من الأقطار وأتبعت بها ما كتبته فى تلك
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:20

عزل الوليد عن المدينة وولاية عمرو بن سعيد
ولما بلغ الخبر إلى يزيد بصنيع الوليد بن عتبة في أمر هؤلاء النفر عزله عن المدينة واستعمل عليها عمرو بن سعيد الأشدق فقدمها في رمضان واستعمل على شرطته عمر بن الزبير بالمدينة لما كان بينه وبين أخيه من البغضاء وأحضر نفراً من شيعة الزبير بالمدينة فضربهم من الأربعين إلى الخمسين إلى الستين منهم المنذر بن الزبير وابنه محمد وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث وعثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام ومحمد بن عمار بن ياسر وغيرهم‏.‏ ثم جهز البعوث إلى مكة سبعمائة أو نحوها‏.‏ وقال لعمر بن الزبير‏:‏ من نبعث إلى أخيك‏:‏ فقال لا تجد رجلاً أنكى له مني فجهز معه سبعمائة مقاتل فيهم أنس بن عمير الأسلمي‏.‏ وعذله مروان بن الحكم في غزو مكة وقال له‏:‏ اتق الله ولا تحل حرمة البيت‏.‏ فقال‏:‏ والله لنغزونه في جوف الكعبة‏.‏ وجاء أبو شريح الخزاعي إلى عمرو بن سعيد فقال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ إنما أذن لي بالقتال فيها ساعة من نهار ثم عادت كحرمتها بالأمس ‏"‏‏.‏ فقال له عمرو‏:‏ نحن أعلم بحرمتها منك أيها الشيخ وقيل‏:‏ إن يزيد كتب إلى عمرو بن سعيد أن يبعث عمر بن الزبير بالجيش إلى أخيه فبعثه في ألفي مقاتل وعلى مقدمته أنيس‏.‏ فنزل أنيس بذي طوى ونزل عمر بالأبطح وبعث إلى أخيه أن بريمين يزيد فإنه حلف أن لا يقبل بيعة إلا أن يؤتى بك في جامعه فلا يضرب الناس بعضهم بعضاً فإنك في بلد حرام‏.‏ فأرسل عبد الله بن الزبير من اجتمع له من أهل مكة مع عبد الله بن صفوان فهزموا أنيساً بذي طوى وقتل أنيس في الهزيمة وتخلف عن عمر بن الزبير أصحابه فدخل دار ابن علقمة وأجاره عبدة بن الزبير‏.‏ وقال لأخيه قد أجرته فأنكر ذلك عليه‏.‏ وقيل‏:‏ إن صفوان قال لعبد الله بن الزبير اكفني أخاك وأنا أكفيك أنيس بن عمر وسار إلى أنيس فهزمه‏.‏ وقتله وسار مصعب بن عبد الرحمن إلى عمر فتفرق عنه أصحابه وأجاره أخوه عبدة يجز أخوه عبد الله جواره وضربه بكل من ضربه بالمدينة وحبسه بسجن عارم ومات تحت السياط‏.‏ مسير الحسين إلى الكوفة ومقتله ولما خرج الحسين إلى مكة لقيه عبد الله بن مطيع وسأله أين تريد فقال مكة وأستخير الله فيما بعد فنصحه أن لا يقرب الكوفة وذكره قتلهم أباه وخذلانهم أخاه وأن يقيم بمكة لا يفارق الحرم حتى يتداعى إليه الناس‏.‏ ورجع عنه وترك الحسين بمكة فأقام والناس يختلفون إليه وابن الزبير في جانب الكعبة يصلي ويطوف عامة النهار ويأتي الحسين فيمن يأتي ويعلم أن أهل الحجاز لا يلقون إليه مع الحسين‏.‏ ولما بلغ أهل الكوفة بيعة يزيد ولحاق الحسين بمكة اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد وكتبوا إليه عن نفر منهم سليمان والمسيب بن محمد ورفاعة بن شداد وحبيب بن مظاهر وغيرهم يستدعونه وأنهم لم يبايعوا للنعمان ولا يجتمعون معه في جمعة ولا عيد ولو جئتنا أخرجناه‏.‏ وبعثوا بالكتاب مع عبد الله بن سبع الهمداني وعبد الله بن وال‏.‏ ثم كتبوا إليه ثانياً بعد ليلتين نحو مائة وخمسين صحيفة ثم ثالثاً يستحثونه للحاق بهم‏.‏ كتب له بذلك شيث بن ربعي وحجاز بن أبجر ويزيد بن الحارث ويزيد بن رويم وعروة بن قيس وعمر بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمير التميمي‏.‏ فأجابهم الحسين‏:‏ فهمت ما قصصتم وقد بعثت إليكم ابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل يكتب إلي بأمركم ورأيكم فإن اجتمع ملؤكم على مثل ما قدمت به رسلكم أقدم عليكم قريبًا‏.‏ ولعمري ما الإمام إلى العامل بالكتاب القائم بالقسط يدين بدين الحق‏.‏ وسار مسلم فدخل المدينة وصلى في المسجد وودع أهله واستأجر دليلين من قيس فضلا الطريق وعطش القوم فمات الدليلان بعد أن أشارا إليهم بموضع الماء فانتهوا إليه وشربوا ونجوا‏.‏ فتطير مسلم من ذلك وكتب إلى الحسين يستعفيه‏.‏ فكتب إليه‏:‏ خشيت أن لا يكون حملك على ذلك إلا الجبن فامض لوجهك والسلام وسار مسلم فدخل الكوفة أول ذي الحجة من سنة ستين واختلف إليه الشيعة وقرأ عليهم كتاب الحسين فبكوا ووعدوه النصر‏.‏ وعلم مكانه النعمان بن بشير أمير الكوفة وكان حليماً يجنح إلى المسالمة فخطب وحذر الناس الفتنة‏.‏ وقال‏:‏ لا أقاتل من لا يقاتلني ولا آخذ بالظنة والتهمة ولكن إن نكثتم بيعتكم وخالفتم إمامكم فو الله لأضربنكم بسيفي ما دام قائمته بيدي ولو لم يكن لي ناصر‏.‏ فقال له بعض حلفاء بني أمية‏:‏ لا يصلح ما ترى إلا الغشم وهذا الذي أنت عليه مع عدوك رأي المستضعفين‏.‏ فقال‏:‏ أكون من المستضعفين في طاعة الله أحب إلي من أن أكون من الأعزين في معصية الله ثم تركه‏.‏ فكتب عبد الله بن مسلم وعمارة بن الوليد وعمارة بن سعد بن أبي وقاص إلى يزيد بالخبر وتضعف النعمان وضعفه فابعث إلى الكوفة رجلاً قوياً ينفذ أمرك ويعمل عملك في عدوك فأشار عليه سرجون مسيرة المختار إلي الكوفة وأخذها من ابن المطيع بعد وقعة كربلاء مضى إبراهيم إلى المختار وأخبره الخبر وبعثوا في الشيعة ونادوا بثأر الحسين ومضى إبراهيم إلى النخع فاستركبهم وسار بهم في المدينة ليلاً وهو يتجنب المواضع التي فيها الأمراء‏.‏ ثم لقي بعضهم فهزمهم ثم آخرين كذلك ثم رجع إلى المختار فوجد شبث بن ربعي وحجاز بن أبجر العجلي يقاتلانه فهزمهما وحاشب بن المطيع فأشار إليه بجمع الناس والنهوض إلى القوم قبل‏.‏ فولى أمرهم فركب واجتمع الناس وتوافى إلى المختار نحو أربعة آلاف من الشيعة وبعث ابن مطيع شبث بن ربعي في ثلاثة آلاف وربع بن إياس في أربعة آلاف‏.‏ فسرح إليهم المختار إبراهيم بن الأشتر لراشد في ستمائة فارس وستمائة راجل ونعيم بن هبيرة لشبث في ثلاثمائة فارس وستمائة راجل واقتتلوا من بعد صلاة الصبح‏.‏ وقتل نعيم فوهن المختار لقتله وظهر شبث وأصحابه عليهم‏.‏ وقاتل إبراهيم بن الأشتر راشد بن إياس فقتله وانهزم أصحابه وركبهم الفشل‏.‏ وبعث ابن المطيع جيشاً كثيفاً فهزمهم ثم حمل على شبث فهزمه وبعث المختار فمنعه الرماة من دخول الكوفة‏.‏ ورجع المنهزمون إلى ابن مطيع فدهش فشجعه عمر بن الحجاج الزبيدي وقال له اخرج واندب الناس ففعل‏.‏ وقام في الناس ووبخهم على هزيمتهم وندبهم‏.‏ ثم بعث عمر بن الحجاج في ألفين وشمر بن ذي الجوشن في ألفين ونوفل بن مساحق في خمسة آلاف‏.‏ ووقف هو بكتائبه‏.‏ واختلف على القصر شبث بن ربعي فحمل ابن الأشتر على ابن مساحق فهزمه وأسره ثم من عليه‏.‏ ودخل ابن مطيع القصر وحاصره إبراهيم بن الأشتر ثلاثاً ومعه زيد بن أنس وأحمد بن شميط ولما اشتد الحصار على ابن مطيع أشار عليه شيث بن ربعي بأن يستأمن للمختار ويلحق بابن الزبير وله ما يعده‏.‏ فخرج عنهم مساءً ونزل دار أبي موسى‏.‏ واستأمن القوم للمختار فدخل القصر وغدا على الناس في المسجد خطبهم ودعاهم إلى بيعة ابن الحنفية فبايعه أشراف الكوفة على الكتاب والسنة واللطف بأهل البيت ووعدهم بحسن السيرة‏.‏ وبلغه أن ابن مطيع في دار أبي موسى بعث إليه بمائة ألف درهم وقال يجهز بهذه‏.‏ وكان ابن مطيع قد فرق بيوت الأموال على الناس وسار ابن مطيع إلى وجهه وملك الكوفة وجعل على شرطته عبد الله بن كامل على حرسه كيسان أبا عمرة وجعل الأشراف جلساءه وعقد لعبد الله بن الحارث بن الأشتر على أرمينية ولمحمد بن عمير بن عطارد على أذربيجان ولعبد الرحمن بن سعيد بن قيس على الموصل ولإسحق بن مسعود على المدائن ولسعد بن حذيفة بن اليمان على حلوان‏.‏ وأمره بقتال الأكراد وإصلاح السابلة‏.‏ وولى شريحًا على القضاء‏.‏ ثم طعنت فيه الشيعة بأنه شهد على حجر بن عدي ولم يبلغ عن هانىء بن عروة رسالته إلى قومه وأن علياً غرمه وأنه عثماني‏.‏ وسمع ذلك هو فتمارض فجعل مكانه عبد الله بن عتبة بن مسعود ثم مرض فولى مكانه عبد الله بن مالك الطائي‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:21

مسيرة ابن زياد إلى المختار وخلافة أهل الكوفة عليه
كان مروان بن الحكم لما استوثق له الشام بعث جيشين أحدهما إلى الحجاز مع جيش بن دلجة القيني وقدشاتة ومقتلة والأخر إلى العراق مع عبيد الله بن زياد فكان من أمره وأمر التوابين من الشيعة ما تقدم وأقام محاصراً لزفر بن الحارث بقرقيسيا وهو مع قومه قيس على طاعة ابن الزبير فاشتغل بهم عن العراق سنة أو نحوها‏.‏ ثم توفي مروان وولى بعده عبد الملك فأقره على ولايته وأمره بالجد ويئس من أمر زفر وقيس فنهض إلى الموصل فخرج عنها عبد الرحمن بن سعيد عامل المختار إلى تكريت وكتب إلى المختار بالخبر فبعث يزيد بن أنس الأسدي في ثلاثة آلاف إلى الموصل فسار إليها على المدائن وسرح ابن زياد للقائه ربيعة بن المختار الغنوي في ثلاثة آلاف‏.‏ فالتقيا ببابل‏.‏ وعبى يزيد أصحابه وهو راكب على حمار وحرضهم‏.‏ وقال إن مت فأميركم ورقاء بن عازب الأسدي وإن هلك فعبد الله بن ضمرة الفزاري وإن هلك فسعد الخثعمي‏.‏ ثم اقتتلوا يوم عرفة وانهزم أهل الشام وقتل ربيعة وسار الفل غير بعيد فلقيهم عبد الله بن حملة الخثعمي قد سرحه ابن زياد في ثلاثة آلاف فرد المنهزمين وعاد القتال يوم الأضحى فانهزم أهل الشام وأثخن فيهم أهل الكوفة بالقتل والنهب وأسروا منهم ثلاثمائة فقتلوهم‏.‏ وهلك يزيد بن أنس من آخر يومه وقام بأمرهم ورقاء بن عازب خليفته وهاب لقاء ابن زياد بعد يزيد وقال‏:‏ نرجع بموت أميرنا قبل أن يتجرأ علينا أهل الشام بذلك‏.‏ وانصرف الناس وتقدم الخبر إلى وسر المختار رجوع العسكر فسرح إبراهيم بن الأشتر في سبعة آلاف وضم إليه جيش يزيد ثم تأخر ابن زياد فسار لذلك‏.‏ ثم اجتمع أشراف الكوفة عند شيث بن ربعي وكان شيخهم جاهلياً إسلامياً وشكوا من سيرة المختار وإيثاره الموالي عليهم ودعوه إلى الوثوب به‏.‏ فقال حتى ألقاه وأعذر إليه ثم ذهب إليه وذكر له جميع ما نكروه فوعده الرجوع إلى مرادهم وذكر له شأن الموالي وشركتهم في الفيء‏.‏ فقال‏:‏ إن أعطيتموني عهدكم على قتال بني أمية وابن الزبير تركتهم‏.‏ فقال اخرج إليهم بذلك وخرج فلم يرجع‏.‏ واجتمع رأيهم على قتاله وهم شبث بن ربعي ومحمد بن الأشعث وعبد الرحمن بن سعد بن قيس وشمر بن ذي الجوشن وكعب بن أبي كعب النخعي وعبد الرحمن بن مخنف الأزدي‏.‏ وقد كان ابن مخنف أشار عليهم بأن يمهلوه لقدوم أهل الشام وأهل البصرة فيكفونكم أمره قبل أن يقاتلكم بمواليكم وشجعانكم وهم عليكم أشد فأبوا من رأيه وقالوا لا تفسد جماعتنا‏.‏ ثم خرجوا وشهروا السلاح وقالوا للمختار‏:‏ اعتزلنا فإن ابن الحنفية لم يبعثك‏.‏قال نبعث إليه الرسل مني ومنكم وأخذ يعللهم بأمثال هذه المراجعات وكف أصحابه عن قتالهم ينتظر وصول إبراهيم بن الأشتر وقد بعث إليه بالرجوع‏.‏ فجاء فرأى القوم مجتمعين ورفاعة بن شداد الجلي يصلي بهم‏.‏ فلما وصل إبراهيم عبأ المختار أصحابه وسرح بين يديه أحمد بن شميط البجيلي وعبد الله بن كامل الشادي فانهزم أصحابهما وصبرا ومدهما المختار بالفرسان والرجال فوجاً بعد فوج وسار ابن الأشتر إلى مصر وفيهم شيث بن ربعي فقاتلوه فهزمهم فاشتد ابن كامل على اليمن ورجع رفاعة بن شداد أمامهم إلى المختار فقاتل معه حتى قتل من أهل اليمن عبد الله بن سعيد بن قيس والفرات بن زحر برت قيس وعمر بن مخنف‏.‏ وخرج أخوه عبد الرحمن فمات وانهزم أهل اليمن هزيمةً قبيحة وأسر من الوادعيين خمسمائة أسير فقتل المختار كل من شهد قتل الحسين منهم فكانوا نصفهم وأطلق الباقين‏.‏ ونادى المختار الأمان إلا من شهد في دماء أهل البيت وفر عمر بن الحجاج الزبيدي وكان أشد من حضر قتل الحسين فلم يوقف له على خبر‏.‏ وقيل أدركه أصحاب المختار فأخذوا رأسه وبعث في طلب شمر بن ذي الجوشن فقتل طالبه وانتهى إلى قرية الكلبانية فارتاح يظن أنه نجا‏.‏ وإذا في قرية أخرى بإزائه أبو عمرة صاحب المختار بعثه مسلحة بينه وبين أهل البصرة فنمي إليه خبره فركب إليه فقتله شلوه للكلاب‏.‏ وانجلت الوقعة عن سبعمائة وثمانين قتيلاً أكثرهم من اليمن وكان آخر سنة ست وستين وخرج أشراف الناس إلى البصرة وتتبع المختار قتلة الحسين ودل على عبيد الله بن أسد الجهني ومالك بن نسير الكندي‏.‏ وحمل ابن مالك المحاربي بالقادسية فأحضرهم وقتلهم‏.‏ ثم أحضر زياد بن مالك الضبعي وعمران بن خالد العثري عبد الرحمن بن أبي حشكارة البجلي وعبد الله بن قيس الخولاني وكانوا نهبوا من الورث الذي كان مع الحسين فقتلهم‏.‏ وأحضر عبد الله أو عبد الرحمن بن طلحة وعبد الله بن وهيب الهمداني ابن عم الأعشى فقتلهم‏.‏ وأحضر عثمان بن خالد الجهني وأبا أسماء بشر بن سميط القابسي وكانا مشتركين في قتل عبد الرحمن بن عقيل وفي سلبه فقتلهما وحرقهما بالنار‏.‏ وبحث عن خولي بن يزيد الأصبحي صاحب رأس الحسين فجيء برأسه وحرق بالنار‏.‏ ثم قتل عمر بن سعد بن أبي وقاص بعد أن كان أخذ له الأمان منه عبد الله بن أبي جعدة بن هبيرة فبعث أبا عمرة فجاءه برأسه وابنه حفص عنده‏.‏ فقال تعرف هذا قال‏:‏ نعم ولا خير في العيش بعده فقتله‏.‏ ويقال‏:‏ إن الذي بعث المختار على قتلة الحسين أن يزيد بن شراحيل الأنصاري قدم على محمد بن الحنفية فقال له ابن الحنفية‏:‏ يزعم المختار أن لنا شيعة وقتلة الحسين عنده على الكراسي يحدثونه‏.‏ فلما سمع المختار ذلك تتبعهم بالقتل وبعث برأس عمرو ابنه إلى ابن الحنفية وكتب إليه أنه قتل من قدر عليه وهو في طلب الباقين‏.‏ ثم أحضر حكيم بن طفيل الطائي وكان رمى الحسين بسهم وأصاب سلب العباس ابنه‏.‏ وجاء عدي بن حاتم يشفع فيه فقتله ابن كامل والشيعة قبل أن يصل حذراً من قبول المختار شفاعته‏.‏ وبحث عن مرة بن منقذ بن عبد القيس قاتل علي بن الحسين فدافع عن نفسه ونجا إلى مصعب بن الزبير وقد شلت يده بضربة‏.‏ وبحث عن زيد وفاد الحسين قاتل عبد الله بن مسلم بن عقيل رماه بسهمين وقد وضع كفه على جبهته يتقي النبل فأثبت كفه في جبهته وقتله بالأخرى فخرج بالسيف يدافع‏.‏ فقال ابن كامل ارموه بالحجارة فرموه حتى سقط وأحرقوه حياً‏.‏ وطلب سنان بن أنس الذي كان يدعي قتل الحسين فلحق بالبصرة‏.‏ وطلب عمر بن صبح الصدائي فقتله طعناً بالرماح وأرسل في طلب محمد بن الأشعث وهو في قريته عند القادسية فهرب إلى مصعب وهدم المختار داره‏.‏ وطلب آخرين كذلك من المتهمين بأمر الحسين فلحقوا بمصعب وهدم دورهم‏.‏ شأن المختار مع ابن الزبير كان على البصرة الحارث بن أبي ربيعة وهو القباع عاملاً لابن الزبير‏.‏ وعلى شرطته عباد بن حسين وعلى المقاتلة قيس بن الهيثم‏.‏ وجاء المثنى بن مخرمة العبدي وكان ممن شهد مع سليمان بن صرد ورجع فبايع للمختار وبعثه إلى البصرة يدعو له بها فأجابه كثير من الناس وعسكر لحرب القباع فسرح إليه عباد بن حسين وقيس بن الهيثم في العساكر فانهزم المثنى إلى قومه عبد القيس وأرسل القباع عسكراً يأتونه به‏.‏ فجاءه زياد بن عمر العنكبي فقال له‏:‏ لتردن خيلك عن إخواننا أو لنقاتلنهم‏.‏ فأرسل الأحنف بن قيس وأصلح الأمر على أن يخرج المثنى عنهم فسار إلى الكوفة‏.‏ وقد كان المختار لما أخرج ابن مطيع من البصرة كتب إلى ابن الزبير يخادعه ليتم أمره في الدعاء لأهل البيت وطلب المختار في الوفاء بما وعده به الولاية فأراد ابن الزبير أن يتبين الصحيح من أمره فولى عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على الكوفة وأعلمه بطاعة المختار وبعثه إليها‏.‏ وجاء الخبر إلى المختار فبعث زائدة بن قدامة في خمسمائة فارس وأعطاه سبعين ألف درهم وقال ادفعها إلى عمر فهي ضعف ما أنفق وأمره بالانصراف بعد تمكث فإن أبى فأره الخيل فكان كذلك‏.‏ ولما رأى عمر الخيل أخذ المال وسار نحو البصرة واجتمع هو وابن مطيع في إمارة القباع قبل وثوب ابن مخرمة‏.‏ وقيل إن المختار كتب إلى ابن الزبير إني اتخذت الكوفة داراً فإن سوغتني ذلك وأعطيتني مائة ألف درهم سرت إلى الشام وكفيتك مروان فمنعه من ذلك‏.‏ فأقام المختار بطاعته ويوادعه ليتفرغ لأهل الشام‏.‏ ثم بعث عبد الملك بن مروان عبد الملك بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص إلى وادي القرى فكتب المختار إلى ابن الزبير يعرض عليه المدد فأجابه أن يعجل بإنفاذ الجيش إلى جند عبد الملك بوادي القرى فسرح شرحبيل بن دوس الهمداني في ثلاثة آلاف أكريم من الموالي وأمره أن يأتي المدينة ويكاتبه بذلك واتهمه ابن الزبير فبعث من مكة عباس بن سهل بن سعد في ألفين وأمره أن يستنفر العرب وإن رأى من جيش المختار خلافاً ناجزهم وأهلكهم‏.‏ فلقيهم عباس بالرقيم وهم على تعبية فقال سيروا بنا إلى العدو الذي بوادي القرى‏.‏ فقال ابن دوس إنما أمرني المختار أن آتي المدينة ففطن عباس لما يريد‏.‏ فأتاهم بالعلوفة والزاد وتخير ألفاً من أصحابه وحمل عليهم فقتل ابن دوس وسبعين معه من شجعان قومه وأمن الباقين فرجعوا للكوفة ومات أكثرهم في الطريق‏.‏ وكتب المختار إلى ابن الحنفية يشكو ابن الزبير ويوهمه أنه بعث الجيش في طاعته ففعل بهم ابن الزبير ما فعل‏.‏ ويستأذنه في بعث الجيوش إلى المدينة ويبعث ابن الحنفية عليهم رجلاً من قبله فيفهم الناس أني في طاعتك فكتب إليه ابن الحنفية قد عرفت قصدك ووفاءك بحقي وأحب الأمر إلي الطاعة فأطع الله وتجنب دماء المسلمين‏.‏ فلو أردت القتال لوجدت الناس إلي سراعاً والأعوان كثيراً لكني أعتزلهم وأصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين‏.‏ ثم دعا ابن الزبير محمد بن الحنفية ومن معه من أهل بيته وشيعته إلى البيعة فامتنع وبعث إليه ابن الزبير وأغلظ عليه وعليهم فاستكانوا وصبروا فتركهم‏.‏ فلما استولى المختار على الكوفة وأظهر الشيعة دعوة ابن الحنفية خاف ابن الزبير أن يتداعى الناس إلى الرضا به فاعتزم عليهم في البيعة وتوعدهم بالقتل وحبسهم بزمزم وضرب لهم أجلاً‏.‏ وكتب ابن الحنفية إلى المختار بذلك فأخبر الشيعة وندبهم وبعث أمراء منهم في نحو ثلاثمائة عليهم أبو عبد الله الجدلي‏.‏ وبعث لابن الحنفية أربعمائة ألف درهم وساروا إلى مكة فدخلوا المسجد الحرام وبأيديهم الخشب كراهة إشهار السيوف في الحرم وطفقوا ينادون بثأر الحسين حتى انتهوا إلى زمزم‏.‏ وأخرج ابن الحنفية وكان قد بقي من أجله يومان واستأذنوه في قتال ابن الزبير فقال لا أستحل القتال في الحرم‏.‏ ثم جاء باقي الجند وخافهم ابن الزبير وخرج ابن الحنفية إلى شعب علي واجتمع له أربعة آلاف رجل فقسم بينهم المال‏.‏ ولما قتل المختار واستوثق أمر ابن الزبير بعث إليهم في البيعة فخافه على نفسه وكتب لعبد الملك فأذن له أن يقدم الشام حتى يستقيم أمر الناس ووعده بالإحسان‏.‏ وخرج ابن الحنفية وأصحابه إلى الشام‏.‏ ولما وصل مدين لقيه خبر مهلك عمرو بن سعيد فندم وأقام بايلة وظهر في الناس فضله وعبادته وزهده‏.‏ وكتب له عبد الملك أن يبايعه فرجع إلى مكة ونزل شعب أبي طالب فأخرجه ابن الزبير فسار إلى الطائف وعذل ابن عباس بن الزبير على شأنه ثم خرج عنه ولحق بالطائف ومات هنالك‏.‏ وصلى عليه أبن الحنفية وعاش إلى أن أدرك حصار‏.‏ الحجاج لابن الزبير‏.‏ ولما قتل ابن الزبير بايع لعبد الملك وكتب عبد الملك إلى الحجاج بتعظيم حقه وبسط أمله ثم قدم إلى الشام وطلب من عبد الملك أن يرفع حكم الحجاج عنه ففعل وقيل إن ابن الزبير بعث إلى ابن عباس وابن الحنفية في البيعة حتى يجتمع الناس على إمام فإن في هذه فتنةً‏.‏ فحبس ابن الحنفية في زمزم وضيق على ابن عباس في منزله وأراد إحراقهما فأرسل المختار جيشه كما تقدم ونفس عنهما‏.‏ ولما قتل المختار قوي ابن الزبير عليهما فخرجا إلى الطائف‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:21

مقتل ابن زياد
ولما فرغ المختار من قتال أهل الكوفة آخر سنة ست وستين بعث إبراهيم بن الأشتر لقتال ابن زياد وبعث معه وجوه أصحابه وفرسانهم وشيعته وأوصاه‏.‏ وبعث معه بالكرسي الذي كان يستنصر به وهو كرسي قد غشاه بالذهب‏.‏ وقال للشيعة هذا فيكم مثل التابوت في بني إسرائيل فكبر شأنه وعظم‏.‏ وقاتل ابن زياد فكان له الظهور وافتتن به الشيعة ويقال‏:‏ إنه كرسي علي بن أبي طالب وأن المختار أخذه من والد جعدة بن هبيرة وكانت أمه أم هانىء بنت أبي طالب فهو ابن أخت علي‏.‏ ثم أسرع إبراهيم بن الأشتر في السير وأوغل في أرض الموصل وكان ابن زياد قد ملكها كما مر‏.‏ فلما دخل إبراهيم أرض الموصل عبى أصحابه ولما بلغ نهر الحارم بعث على مقدمته الطفيل بن لقيط النخعي ونزل ابن زياد قريباً من النهر وكانت قيس مطبقة على بني مروان عند المرج وجند عبد الملك يومئذ فلقي عمير بن الحباب السلمي إبراهيم بن الأشتر وأوعده أن ينهزم بالمسيرة وأشار عليه بالمشاجرة‏.‏ ورأى عند ابن الأشتر ميلاً إلى المطاولة فثناه عن ذلك‏.‏ وقال‏:‏ إنهم ميلوا منكم رعباً وإن طاولتهم اجترؤوا عليكم‏.‏ قال وبذاك أوصاني صاحبي‏.‏ ثم عبى أصحابه في السحر الأول ونزل يمشي ويحرض الناس حتى أشرف على القوم‏.‏ وجاءه عبد الله بن زهير السلولي بأنهم خرجوا على دهش وفشل وابن الأشتر يحرض أصحابه ويذكرهم أفعال ابن زياد وأبيه‏.‏ ثم التقى الجمعان وحمل الحصين بن نمير من ميمنة أهل الشام على ميسرة إبراهيم فقتل علي بن مالك الخثعمي ثم أخذ الراية فرد ابن علي فقتل وانهزمت المسيرة فأخذ الراية عبد الله بن ورقاء بن جنادة السلولي ورجع بالمنهزمين إلى الميسرة كما كانوا‏.‏ وحملت ميمنة إبراهيم على ميسرة ابن زياد وهم يرجون أن ينهزم عمير بن الحباب كما وعدهم فمنعته الأنفة من ذلك وقاتل قتالاً شديداً‏.‏ وقصد ابن الأشتر قلب العسكر وسواده الأعظم فاقتتلوا أشد قتال حتى كانت أصوات الضرب بالحديد كأصوات القصارين وإبراهيم يقول لصاحب رايته انغمس برايتك فيهم‏.‏ ثم حملوا حملة رجل واحد فانهزم أصحاب ابن زياد‏.‏ وقال ابن الأشتر إني قتلت رجلاً تحت راية منفردة شممت منه رائحة المسك وضربته بسيفي فقصمته نصفين فالتمسوه فإذا هو ابن زياد فأخذت رأسه وأحرقت جثته‏.‏ وحمل شريك بن جدير الثعلبي على الحصين بن نمير فاعتقله وجاء أصحابه فقتلوا الحصين‏.‏ ويقال‏:‏ إن الذي قتل ابن زياد هو ابن جدير هذا وقتل شرحبيل بن ذي الكلاع وأدعى قتله سفيان بن يزيد الأزدي وورقاء بن عازب الأزدي وعبيد الله بن زهير السلمي واتبع أصحاب ابن الأشتر المنهزمين فغرق في النهر أكثر ممن قتل وغنموا جميع ما في العسكر‏.‏ وطرأ ابن الأشتر بالبشارة إلى المختار فأتته بالمدائن وأنفذ ابن الأشتر عماله إلى البلاد فبعث أخاه عبد الرحمن على نصيبين وغلب على سنجار ودارا وما والاهما من أرض الجزيرة‏.‏ وولى زفر بن الحارث قيس وحاتم بن النعمان الباهلي حران والرها وشمشاط وعمير بن الحباب السلمي كفرنوبي وطور عبدين وأقام بالموصل وأنفذ رؤوس عبيد الله وقواده إلى المختار‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:22

مسير مصعب إلى المختار وقتله إياه
كان ابن الزبير في أول سنة سبع وستين أو آخر ست عزل الحارث بن ربيعة وهو القباع وولى مكانه أخاه مصعباً فقدم البصرة وصعد المنبر وجاء الحارث فأجلسه مصعب تحته بدرجة ثم خطب وقرأ الآيات من أول القصص ونزل ولحق به أشراف الكوفة حتى قربوا من المختار ودخل عليه شيث بن ربعي وهو ينادي واغوثاه ثم قدم محمد بن الأشعث بعده واستوثقوه إلى المسير وبعث إلى المهلب بن أبي صفرة وهو عامله على فارس ليحضر معه قتال المختار فأبطأ وأغفل‏.‏ وأرسل إليه محمد بن الأشعث بكتابه فقال المهلب‏:‏ ما وجد مصعب بريداً غيرك فقال‏:‏ ما أنا ببريد ولكن غلبنا عبيدنا على أبنائنا وحرمنا فأقبل معه المهلب بالجموع والأموال وعسكر مصعب عند الجسر فأرسل عبد الرحمن بن مخنف إلى الكوفة سرًا ليثبط الناس عن المختار ويدعو إلى ابن الزبير‏.‏ وسار على التعبية وبعث في مقدمته عباد بن الحصين الحبطي التميمي وعلى ميمنته عمر بن عبيد الله بن معمر وعلى ميسرته المهلب‏.‏ وبلغ الخبر المختار فقام في أصحابه وقربهم إلى الخروج مع ابن شميط وعسكر مع محمد في أعفر‏.‏ وبعث رؤوس الأرباع الذين كانوا مع ابن الأشتر مع ابن شميط وأصحابه فثبتوا وحمل المهلب من الميسرة على ابن كامل فثبت ثم كر المهلب وحمل حملة منكره وصبر ابن كامل قليلاً وانهزموا وحمل الناس جميعاً على ابن شميط فانهزم وقتل‏.‏ واستمر القتل في الرجالة وبعث مصعب عباداً فقتل كل أسير أخذه‏.‏ وتقدم محمد بن الأشعث في خيل من أهل الكوفة فلم يدركوا منهزماً إلا قتلوه‏.‏ ولما فرغ مصعب منهم أقبل فقطع الفرات من موضع واسط وحملوا الضعفاء وأثقالهم في السفن ثم خرجوا إلى نهر الفرات وسار إلى الكوفة‏.‏ ولما بلغ المختار في الهزيمة ومن قتل من أصحابه وأن مصعباً أقبل إليه في البر والبحر سار إلى مجتمع الأنهار نهر الجزيرة والمسلحين والقادسية ونهر يسر‏.‏ فسكر الفرات فذهب ماؤه في الأنهار‏.‏ وبقيت سفن أهل البصرة في الطين فخرجوا إلى السكر وأزالوه وقصدوا الكوفة‏.‏ وسار المختار ونزل حروراء بعد أن حصن القصر وأدخل عدة الحصار وأقبل مصعب وعلى ميمنته المهلب و على ميسرته عمر بن عبيد الله وعلى الخيل عباد بن الحصين وجعل المختار على ميمنته سليم بن يزيد الكندي وعلى ميسرته سعيد بن منقذ الهمداني وعلى الخيل عمر بن عبيد الله النهدي‏.‏ ونزل محمد بن الأشعث فيمن هرب من أهل الكوفة بين العسكرين‏.‏ ولما التقى الجمعان اقتتلوا ساعة وحمل عبد الله بن جعدة بن هبيرة المخزومي على من بإزائه فحطم أصحاب المختار حطمة منكرة وكشفوهم وحمل مالك بن عمر النهدي في الرجالة عند المساء على ابن الأشعث حملة منكرة فقتل ابن الأشعث وعامة أصحابه وقتل عبيد الله بن علي بن أبي طالب وقاتل المختار‏.‏ ثم افترق الناس ودخل القصر وسار مصعب من الغد فنزل السبخة وقطع عنهم الميرة‏.‏ وكان الناس يأتونهم بالقليل من الطعام والشراب خفية ففطن مصعب ثم إن المختار أشار على أصحابه بالاستماتة فتحنط وتطيب وخرج في عشرين رجلاً منهم السائب بن مسلك الأشعري فعذله‏.‏ فقال‏:‏ ويحك يا أحمق وثب ابن الزبير الحجاز ووثب بجدة باليمامة وابن مروان بالشام فكنت كأحدهم إلا أني طلبت بثأر أهل البيت إذ نامت عقد العرب فقاتل على حسبك إن لم يكن لك نية‏.‏ ثم تقدم فقاتل حتى قتل على يد رجلين من بني حنيفة أخوين طرفة وطراف ابني عبد الله بن دجاجة‏.‏ وكان عبد الله بن جعدة بن هبيرة لما رأى عزم المختار على الاستماتة تدلى من القصر واختفى عند بعض إخوانه ثم بعث الذين بقوا بالقصر إلى مصعب ونزلوا على حكمه فقتلهم أجمعين‏.‏ وأشار عليه المهلب باستبقائهم فاعترضه أشراف أهل الكوفة ورجع إلى رأيهم‏.‏ ثم أمر بكف المختار بن أبي عبيد فقطعت وسمرت إلى جانب المسجد فلم ينزعها من هنالك إلا الحجاج‏.‏ وقتل زوجة عمرة بنت النعمان بن بشير زعمت أن المختار فاستأذن أخاه عبد الله وقتلها‏.‏ ثم كتب مصعب إلى إبراهيم بن الأشتر يدعوه إلى طاعته‏.‏ ووعده بولاية أعنة الخيل وما غلب عليه من المغربة‏.‏ وكتب إليه عبد الملك بولاية العراق واختلف عليه أصحابه فجنح إلى مصعب خشية مما أصاب ابن زياد وأشراف أهل الشام‏.‏ وكتب إلى مصعب بالإجابة وسار إليه فبعث على عمله بالموصل والجزيرة وأرمينية وأذربيجان المهلب بن أبي صفرة‏.‏ وقيل إن المختار إنما أظهر الخلاف لابن الزبير عند قدوم مصعب البصرة وأنه بعث على مقدمته أحمد بن شميط وبعث مصعب عباداً الحبطي ومعه عبيد الله بن علي بن أبي طالب وتراضوا ليلاً فناجزهم المختار من ليلته‏.‏ وانكشف أصحاب مصعب إلى عسكرهم واشتد القتال وقتل من أصحاب مصعب جماعة منهم محمد بن الأشعث‏.‏ فلما أصبح المختار وجد أصحابه قد توغلوا في أصحاب مصعب وليس عنده أحد فانصرف ودخل قصر الكوفة وفقد أصحابه فلحقوا به ودخل القصر معه ثمانية آلاف منهم‏.‏ وأقبل مصعب فحاصرهم أربعة أشهر يقاتلهم بالسيوف كل يوم حتى قتل وطلب الذين في القصر الأمان من مصعب ونزلوا على حكمه فقتلهم جميعاً وكانوا ستة آلاف رجل‏.‏ ولما ملك مصعب الكوفة بعث عبد الله بن الزبير ابنه حمزة على البصرة مكان مصعب فأساء السيرة وقصر بالأشراف ففزعوا إلى مالك بن مسمع فخرج إلى الجسر وبعث إلى حمزة أن ألحق بأبيك‏.‏ وكتب الأحنف إلى أبيه أن يعزله عنهم ويعيد لهه مصعباً ففعل‏.‏ وخرج حمزة بالأموال فعرض له مالك بن مسمع وقال‏:‏ لا تدعك تخرج بأعطيتنا فضمن له عمر بن عبيد الله العطاء فكف عنه‏.‏ وقيل‏:‏ إن عبيد الله بن الزبير إنما رده مصعباً إلى البصرة عند وفادته عليه بعد سنة من قتل المختار‏.‏ ولما رده إلى البصرة استعمل عمر بن عبيد الله بن معمر على فارس وولاه حرب الأزارقة‏.‏ وكان المهلب على حربهم أيام مصعب وحمزة فلما رد مصعباً أراد أن يولي المهلب الموصل والجزيرة وأرمينية ليكون بينه وبين عبد الملك فاستقدمه واستخلف على عمله المغيرة‏.‏ فلما قدم البصرة عزله مصعب عن حرب الخوارج وبلاد فارس واستعمل عليها عمر بن عبيد الله بن معمر فكان له في حروبهم ما نذكره في أخبار الخوارج‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:23

خلاف عمرو بن سعيد الأشدق ومقتله
كان عبد الملك بعد رجوعه من قنسرين أقام بدمشق زماناً ثم سار لقتال زحر بن الحارث الكلابي بقرقيسيا واستخلف على دمشق عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي ابن أخته وسار معه عمرو بن سعيد‏.‏ فلما بلغ بطنان انتقض عمرو وأسرى ليلاً إلى دمشق وهرب ابن أم الحكم عنها فدخلها عمرو وهدم داره واجتمع إليه الناس فخطبهم ووعدهم‏.‏ وجاء عبد الملك على أثره فحاصره بدمشق ووقع بينهما القتال أياماً‏.‏ ثم اصطلحا وكتب بينهما كتاباً وأمنه عبد الملك فخرج إليه عمرو ودخل عبد الملك دمشق فأقام أربعة أيام‏.‏ ثم بعث إلى عمرو ليأتيه فقال له عبد الله بن يزيد بن معاوية وهو صهره وكان عنده‏:‏ لا تأتيه فإني أخشى عليك منه‏.‏ فقال‏:‏ والله لو كنت نائماً ما أيقظني‏.‏ ووعد الرسول بالرواح إليه ثم أتى بالعشي ولبس درعه تحت القباء ومضى في مائة من مواليه وقد جمع عبد الملك عنده بني مروان وحسان بن نجد الكلبي وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي وأذن لعمرو فدخل‏.‏ ولم يزل أصحابه يجلسون عند كل باب حتى بلغوا قاعة الدار وما معه إلا غلام واحد ونظر إلى عبد الملك والجماعة حوله فأحس بالشر وقال للغلام انطلق إلى أخي يحيى وقل له يأتيني فلم يفهم عنه وأعاد عليه فيجيبه الغلام لبيك وهو لا يفهم‏.‏ فقال له اغرب عني‏.‏ ثم أذن عبد الملك لحسان وقبيصة فلقيا عمراً ودخل فأجلسه معه على السرير وحادثه زمناً‏.‏ ثم أمر بنزع السيف عنه‏.‏ فأنكر ذلك عمرو وقال‏:‏ اتق الله يا أمير المؤمنين فقال له عبد الملك‏.‏ أتطمع أن تجلس معي متقلداً سيفك فأخذ عنه السيف ثم قال له عبد الملك يا أبا أمية إنك حين خلعتني حلفت يمين إن أنا رأيتك بحيث أقدر عليك أن أجعلك في جامعة فقال بنو مروان ثم تطلقه يا أمير المؤمنين قال‏:‏ نعم وما عسيت أن أصنع بأبي أمية‏.‏ فقال بنو مروان أبر قسم أمير المؤمنين يا أبا أمية فقال عمرو قد أبر الله قسمك يا أمير المؤمنين‏.‏ فأخرج من تحت فراشه جامعة وأمر غلاماً فجمعه فيها وسأله أن لا يخرجه على رؤوس الناس‏.‏ فقال أمكراً عند الموت‏.‏ تم جذبه جذبة أصاب فمه السرير فكسر ثنيته ثم سأل الإبقاء‏.‏ فقال عبد الملك‏:‏ والله لو علمت أنك تبقى أن أبقيت عليك وتصلح قريش لأبقيتك ولكن لا يجتمع رجلان مثلنا في بلد‏.‏ فشتمه عمرو وخرج عبد الملك إلى الصلاة وأمر أخاه عبد العزيز بقتله‏.‏ فلما قام إليه بالسيف ذكره الرحم فأمسك عنه وجلس‏.‏ ورجع عبد الملك من الصلاة وغلقت الأبواب فغلظ لعبد العزيز ثم تناول عمراً فذبحه بيده وقيل أمر غلامه ابن الزغير فقتله‏.‏ وافتقد الناس عمر مع عبد الملك حين خرج إلى الصلاة فأقبل أخوه يحيى في أصحابه وعبيده وكانوا ألفاً ومعه حميد بن الحارث وحريث وزهير بن الأبرد فهتفوا باسمه ثم كسروا باب المقصورة وضربوا الناس بالسيوف وخرج الوليد بن عبد الملك واقتتلوا ساعة‏.‏ ثم خرج عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي بالرأس فألقاه إلى الناس وألقى إليهم عبد العزيز بن مروان بدر الأموال فانتهبوها وافترقوا‏.‏ ثم خرج عبد الملك إلى الناس وسأل عن الوليد فأخبر بجراحته وأتى بيحيى بن سعيد وأخيه عنبسة فحبسهما وحبس بني عمر بن سعيد ثم أخرجهم جميعاً وألحقهم بمصعب حتى حضروا عنده بعد قتل مصعب فأمنهم ووصلهم‏.‏ وكان بنو عمرو أربعة‏:‏ أمية وسعد وإسماعيل ومحمد‏.‏ ولما حضروا عنده قال أنتم أهل بيت ترون لكم على جميع قومكم فضلاً لن يجعله الله لكم والذي كان بيني وبين أبيكم لم يكن حديثاً بل كان قديماً في أنفس أوليكم على أولينا في الجاهلية‏.‏ فقال سعيد‏:‏ يا أمير المؤمنين تعد علينا أمراً كان في الجاهلية والإسلام قد هدم ذلك ووعد جنة حذر ناراً‏.‏ وأما عمرو فهو ابن عمك وقد وصك إلى الله وأنت أعلم بما صنعت إن أحدثنا به فبطن الأرض خير لنا من ظهرها‏.‏ فرق لهم عبد الملك وقال أبوكم خيرني بين أن يقتلني أو أقتله واخترت قتله على قتلتي أما أنتم فما أرغبني فيكم وأوصلني لقرابتكم وأحسن حالتهم‏.‏ وقيل إن عمراً إنما كان خلفه وقتله حين سار عبد الملك لقتال مصعب طلبه أن يجعل له العهد بعده كما فعل أبوه فلم يجبه إلى ذلك فرجع إلى دمشق فعصى وامتنع بها وكان قتله سنة تسع وستين‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:23

مسير عبد الملك إلى العراق ومقتل مصعب
ولما صفا الشام لعبد الملك اعتزم على غزو العراق وأتته الكتب من أشرافهم يدعونه فاستمهله أصحابه فأبى‏.‏ وسار نحو العراق وبلغ مصعباً سيره فأرسل إلى المهلب بن أبي صفرة وهو بفارس في قتال الخوارج يستشيره‏.‏ وقد كان عزل عمر بن عبيد الله بن معمر عن فارس وحرب الخوارج وولى مكانه المهلب وذلك حين استخلف على الكوفة‏.‏ وجاء خالد بن عبيد الله بن خالد بن أسيد على البصرة مختفياً وأعيد لعبد الملك عند مالك بن مسمع في بكر بن وائل والأزد وأمد عبد الملك بعبيد الله بن زياد بن ظبيان وحاربهم عمر بن عبيد الله بن معمر ثم صالحهم على أن يخرجوا خالداً فأخرجوه‏.‏ وجاء مصعب وقد طمع أن يدرك خالداً فوجده قد خرج فسخط على ابن معمر وسب أصحابه وضربهم وهدم دورهم وحلقهم وهم دار مالك بن مسمع واستباحها‏.‏ وعزل بن معمر عن فارس وولى المهلب وخرج إلى الكوفة‏.‏ فلم يزل بها حتى سار للقاء عبد الملك وكان معه الأحنف فتوفي بالكوفة‏.‏ ولما بعث عن المهلب ليسير معه أهل البصرة إلا أن يكون المهلب على قتال الخوارج رده وقال له المهلب‏:‏ إن أهل العراق قد كاتبوا عبد الملك وكاتبهم فلا يتعدى‏.‏ ثم بعث مصعب عن إبراهيم بن الأشتر وكان على الموصل والجزيرة فجعله في مقدمته وسار حتى عسكر في معسكره وسار عبد الملك وعلى مقدمته أخوه محمد بن مروان وخالد بن عبيد الله بن خالد بن أسيد فنزلوا قريباً من قرقيسيا‏.‏ وحضر زفر بن الحارث الكلابي ثم صالحه‏.‏ وبعث زفر معه الهذيل ابنه في عسكر وسار معه فنزل بمسكن قريباً من مسكن مصعب وفر الهذيل بن زفر فلحق بمصعب‏.‏ وكتب عبد الملك إلى أهل العراق وكتبوا إليه وكلهم بشرط أصفهان وأتى ابن الأشتر بكتاب مختوماً إلى مصعب فقرأه فإذا هو يدعوه إلى نفسه ويجعل له ولاية العراق فأخبره مصعب بما فيه وقال مثل هذا لا يرغب عنه‏.‏ فقال إبراهيم‏:‏ ما كنت لأتقلد الغدر والخيانة‏.‏ ولقد كتب عبد الملك لأصحابك كلهم مثل هذا فأطعني واقتلهم أو احبسهم في أضيق محبس فأبى عليه مصعب وأضمر أهل العراق الغدر ولما تدانى العسكران بعث عبد الملك إلى مصعب يقول فقال‏:‏ تجعل الأمر شورى‏.‏ فقال مصعب ليس بيننا إلا السيف‏.‏ فقدم عبد الملك أخاه محمداً وقدم مصعب إبراهيم بن الأشتر وأمده بالجيش فأزال محمداً عن موقفه وأمده عبد الملك بعبيد الله بن يزيد فاشتد القتال وقتل من أصحاب مصعب بن عمر الباهلي والد قتيبة وأمد مصعب إبراهيم بعتاب بن ورقاء فساء ذلك إبراهيم ونكره‏.‏ وقال‏:‏ أوصيته لا يمدني بعتاب وأمثاله‏.‏ وكان قد بايع لعبد الملك فجر الهزيمة على إبراهيم وقتله وحمل رأسه إلى عبد الملك‏.‏ وتقدم أهل الشام فقاتل مصعب ودعا رؤوس العراق إلى القتال فاعتذروا وتثاقلوا‏.‏ فدنا محمد بن مروان من مصعب وناداه بالأمان وأشعره بأهل العراق فأعرض عنه فنادى ابنه عيسى بن مصعب فأذن له أبوه في لقائه‏.‏ فجاءه وبذل له الأمان وأخبر أباه فقال‏:‏ أتظنهم يعرفون لك ذلك فإن أحببت فافعل‏.‏ قال لا يتحدث نساء قريش إني رغبت بنفسي عنك‏.‏ قال‏:‏ فاذهب إلى عمك بمكة فأخبره بصنيع أهل العراق ودعني فأتى مقتول فقال لا أخبر قريشاً عنك أبداً ولكن الحق أنت بالبصرة فإنهم على الطاعة أو بأمير المؤمنين بمكة‏.‏ فقال لا يتحدث قريش إني فررت‏.‏ثم قال لعيسى تقدم يا بني أحتسبك فتقدم في ناس فقتل وقتلوا‏.‏ وألح عبد الملك في قبول أمانه فأبى ودخل سرادقه فتحفظ ورمى السرادق وخرج فقاتل ودعاه عبيد الله بن زياد بن ظبيان فشتمه وحمل عليه وضربه فجرحه‏.‏ وخذل أهل العراق مصعباً حتى بقي في سبعة أنفس وأثخنته الجراحة فرجع إليه عبيد الله بن زياد بن ظبيان فقتله وجاء برأسه إلى عبد الملك فأمر له بألف دينار فلم يأخذها‏.‏ وقال‏:‏ إنما قتلته بثأر أخي وكان قطع الطريق فقتله صاحب شرطته وقيل‏:‏ إن الذي قتله زائدة بن قدامة الثقفي من أصحاب المختار‏.‏ وأخذ عبيد الله رأسه وأمر عبد الملك به وبابنه عيسى فدفنا بدار الجاثليق عند نهر رحبيل‏.‏ وكان ذلك سنة إحدى وسبعين‏.‏ ثم دعا عبد الملك جند العراق إلى البيعة فبايعوه وسار إلى الكوفة فأقام بالنخيلة أربعين يوماً وخطب الناس فوعد المحسن وطلب يحيى بن سعيد عن جعفة وكانوا أخواله فأحضروه فأمنه‏.‏ وولى أخاه بشر بن مروان على الكوفة ومحمد بن نمير على همدان ويزيد بن ورقاء بن رويم على الري ولم يف لهم بأصبهان كما شرطوا عليه وكان عبد الله بن يزيد بن أسد والد خالد القسري ويحيى بن معتوق الهمداني قد لجآ إلى علي بن عبد الله بن عباس ولجأ هذيل بن زفر بن الحارث وعمر بن يزيد الحكمي إلى خالد بن يزيد فأمنهم عبد الملك‏.‏ وصنع عمر بن حريث لعبد الملك طعاماً فأخبره بالخورنق وأذن للناس عامة فدخلوا وجاء عمر بن حريث فأجلسه معه على سريره وطعم الناس‏.‏ ثم طاف مع عمر بن حريث على القصر يسأله عن مساكنه ومعالمه ولما بلغ عبد الله بن حازم مسير مصعب لقتال عبد الملك قال‏:‏ أمعه عمر بن معمر قيل‏:‏ هو على فارس‏.‏ قال فالمهلب‏.‏ قيل في قتال الخوارج‏.‏ قال فعباد بن الحسين قيل على البصرة‏.‏ قال‏:‏ وأنا بخراسان‏.‏ خذيني فجريني جهاراً وأنشدي بلحم امرىء لم يشهد اليوم ناصره‏.‏ ثم بعث عبد الملك برأس مصعب إلى الكوفة ثم إلى الشام‏.‏ فنصب بدمشق وأرادوا التطاوف به فمنعت من ذلك زوجة عبد الملك عاتكة بنت يزيد بن معاوية فغسلته ودفنته‏.‏ انتهى قتل مصعب إلى المهلب وهو يحارب الأزارقة فبايع الناس لعبد الملك بن مروان‏.‏ ولما جاء خبر مصعب لعبد الله بن الزبير خطب الناس فقال‏:‏ الحمد لله الذي له الخلق والأمر يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء وبذل من يشاء‏.‏ ألا وأنه لم يذل الله من كان الحق معه وإن كان الناس عليه طراً‏.‏ وقد أتانا من العراق خبر أحزننا وأفرحنا أتانا قتل مصعب‏.‏ فالذي أفرحنا منه أن قتله شهادة وأما الذي أحزننا فإن لفراق الحميم لوعة يجدها حميمه عند المصيبة‏.‏ ثم عبد من عبيد الله وعون من أعواني ألا وإن أهل العراق أهل الغدر والنفاق سلموه وباعوه بأقل الثمن فإن فوالله ما نموت على مضاجعنا كما يموت بنو أبي العاص والله ما قتل رجل منهم في الجاهلية ولا في الإسلام‏.‏ ولا نموت إلا طعناً بالرماح وتحت ظلال السيوف ألا إنما الدنيا عارية من الملك الأعلى الذي لا يزول سلطانه ولا يبيد ملكة فإن تقبل لا آخذها أخذ الأشر البطور وإن تدبر لم أبك عليها بكاء الضرع المهين‏.‏ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم‏.‏ ولما بلغ الخبر إلى البصرة تنازع ولايتها حمدان بن أبان وعبد الله بن أبي بكرة واسعان حمدان بعبد الله بن الأهتم عليها وكانت له منزلة عند بني أمية فلما تمهد الأمر بالعراق لعبد الملك بعد مصعب ولى على البصرة خالد بن عبد الله بن أسيد فاستخلف عليها عبيد الله بن أبي بكرة فقدم على حمدان وعزله حتى جاء خالد ثم عزل خالداً سنة ثلاث وسبعين وولى مكانه على البصرة أخاه بشراً وجمع له المصرين وسار بشر إلى البصرة واستخلف على الكوفة عمر بن حريث‏.‏ وولى عبد الملك على الجزيرة وأرمينية بعد قتل مصعب أخاه محمد بن مروان سنة ثلاث وستين فغزا الروم ومزقهم بعد أن كان هادن ملك الروم أيام الفتنة على ألف دينار يدفعها إليه في كل يوم‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:24

أمر زفر بن الحارث بقرقيسيا
قد ذكرنا في وقعة راهط مسير ابن زفر إلى قرقيسيا واجتماع قيس عليه‏.‏ وأقام بها يدعو لابن الزبير‏.‏ ولما ولي عبد الملك كتب إلى أبان بن عقبة بن أبي معيط وهو على حمص بالمسير إلى زفر فسار وعلى مقدمته عبد الله بن رميت العلائي فعاجله عبد الله بالحرب وقتل من أصحابه نحو ثلثمائة‏.‏ ثم أقبل إبان فواقع زفر وقيل ابنه وكيع بن زفر وأوهنه‏.‏ ثم سار إليه عبد الملك إلى قرقيسيا قبل مسيره إلى مصعب فحاصره ونصب عليه المجانيق وقال‏:‏ كلب لعبد الملك لا تخلط معنا القيسية فإنهم ينهزمون إذا التقينا مع زفر ففعل‏.‏ واشتد حصارهم وكان زفر يقاتلهم في كل غداة وأمر ابنه الهذيل يوماً أن يحمل زفر حتى يضرب فسطاط عبد الملك ففعل وقطع بعض أطنابه‏.‏ثم بعث عبد الملك أخاه بالأمان لزفر وابنه الهذيل على أنفسهما ومن معهما وأن لهم ما أحبوا‏.‏ فأجاب الهذيل وأدخل أباه في ذلك‏.‏ وقال عبد الملك لنا خير من ابن الزبير فأجاب أن له الخيار في بيعته سنة‏.‏ وأن ينزل حيث شاء ولا يعين على ابن الزبير‏.‏ وبينما الرسل تختلف بينهم إذ قيل لعبد الملك قد قدم من المدينة أربعة أبراج فترك الصلح وزحف إليهم فكشفوا أصحابه إلى عسكرهم ورجع إلى الصلح واستقر بينهم على الأمان ووضع الدماء والأموال‏.‏ وأن لا يبايع لعبد الملك حتى يموت ابن الزبير للبيعة التي له في عنقه وأن يدفع إليه مال نفسه في أصحابه‏.‏ وتأخر زفر عن لقاء عبد الرحمن خوفاً من فعلته بعمر بن سعد‏.‏ فأرسل إليه بقضيب النبي صلى الله عليه وسلم فجاء إليه وأجلسه عبد الملك معه على سريره‏.‏ وزوج ابنه مسلمة الرباب بنت زفر‏.‏ وسار عبد الملك إلى قتال مصعب فبعث زفر ابنه الهذيل معه بعسكر ولما قارب مصعباً هرب إليه وقاتل مع ابن الأشتر حتى إذا اقتتلوا اختفى الهذيل في الكوفة حتى أمنه عبد الملك كما مر‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:25

مقتل ابن حازم بخراسان وولاية بكير بن وشاح عليها
قد تقدم لنا خلاف بني تميم على ابن حازم بخراسان وأنهم كانوا على ثلاث فرق وكف فرقتين منهم‏.‏ وبقي يقاتل الفرقة الثالثة من نيسابور وعليهم بجير بن ورقاء الصريمي‏.‏ فلما قتل مصعب بعث عبد الملك إلى حازم يدعوه إلى البيعة ويطعمه خراسان سبع سنين وبعث الكتاب مع رجل من بني عامر بن صعصعة‏.‏ فقال ابن حازم‏:‏ لولا الفتنة بين سليم وعامر ولكن كل كتابك فأكله‏.‏ وكان بكير بن وشاح التميمي خليفة ابن حازم على مرو فكتب إليه عبد الملك بعهده على خراسان ورغبة بالمطامع أن انتهى فخلع ابن الزبير ودعا إلى عبد الملك وأجابه أهل مرو‏.‏ وبلغ ابن حازم فخاف أن يأتيه بكير ويجتمع عليه أهل مرو وأهل نيسابور فترك بجيراً وارتحل عنه إلى مرو ويزيد ابنه يترمد‏.‏ فاتبعه بجير ولحقه قريباً من مرو واقتتلوا فقتل ابن حازم‏.‏ طعنه وبعث بجير البشير بذلك إلى عبد الملك وترك الرأس وجاء بكير بن وشاح في أهل مرو وأراد إنفاذ الرأس إلى عبد الملك وأنه الذي قتل ابن حازم وأقام في ولاية خراسان‏.‏ وقيل إن ذلك إنما كان بعد قتل ابن الزبير وأن عبد الملك أنفذ رأسه إلى ابن حازم ودعاه إلى البيعة فغسل الرأس وكفنه وبعثه إلى ابن الزبير بالمدينة‏.‏ وكان من شأنه مع الرسول ومع بجير وبكير ما ذكرناه‏.‏ كان عبد الملك لما بويع بالشام بعث إلى المدينة عروة بن أنيف في ستة آلاف من أهل الشام وأمره أن يسكن بالعرصة ولا يدخل المدينة وعامل ابن الزبير يومئذ على المدينة الحارث بن حاطب بن الحارث بن معمر الجمحي فهرب الحارث وأقام ابن أنيف شهراً يصلي بالناس الجمعة بالمدينة ويعود إلى معسكره‏.‏ ثم رجع ابن أنيف إلى الشام ورجع الحارث إلى المدينة‏.‏ وبعث ابن الزبير سليمان بن خالد الدورقي على خيبر وفدك‏.‏ ثم بعث عبد الملك إلى الحجاز عبد الملك بن الحارث بن الحكم في أربعة آلاف فنزل وادي القرى وبعث سريةً إلى سليمان بخيبر وهرب وأدركوه فقتلوه ومن معه‏.‏ وأقاموا بخيبر وعليهم ابن القمقام‏.‏ وذكر لعبد الملك ذلك فاغتم وقال‏:‏ قتلوا رجلاً صالحاً بغير ذنب‏.‏ ثم عزل ابن الزبير الحارث بن حاطب عن المدينة وولى مكانه جابر بن الأسود بن عوف الزهري فبعث جابر إلى خيبر أبا بكر بن أبي قيس في ستمائة فانهزم ابن القمقام وأصحابه أمامه وقتلوا صبراً‏.‏ ثم بعث عبد الملك طارق بن عمر مولى عثمان وأمره أن ينزل بين أيلة ووادي القرى ويعمل كما يعمل عمال ابن الزبير من الانتشار وليس خللاً إن ظهر له بالحجاز فبعث طارق خيلاً إلى أبي بكير بخيبر واقتتلوا فأصيب أبو بكير في مائتين من أصحابه وكتب ابن الزبير إلى القباع وهو عامله على البصرة يستمده ألفي فارس إلى المدينة‏.‏ فبعثهم القباع وأمر ابن الزبير جابر بن الأسود أن يسيرهم إلى قتال طارق ففعل ولقيهم طارق فهزمهم وقتل مقدمهم‏.‏ وقتل من أصحابه خلقاً وأجهز على جريحهم ولم يستبق أسيرهم ورجع إلى وادي القرى‏.‏ ثم عزل ابن الزبير جابراً عن المدينة واستعمل طلحة بن عبد الله بن عوف وهو طلحة النداء وذلك سنة سبعين‏.‏ فلم يزل على المدينة حتى أخرجه طارق‏.‏ ولما قتل عبد الملك مصعباً ودخل الكوفة وبعث منها الحجاج بن يوسف الثقفي في ثلاثة آلاف من أهل الشام لقتال ابن الزبير وكتب معه بالأمان لابن الزبير ومن معه إن أطاعوا‏.‏ فسار في جمادى سنة اثنتين وسبعين فلم يتعرض للمدينة ونزل الطائف‏.‏ وكان يبعث الخيل إلى عرفة ويلقاهم هناك خيل ابن الزبير فينهزمون دائماً وتعود خيل الحجاج بالظفر‏.‏ ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك يخبره بضعف ابن الزبير وتفرق أصحابه ويستأذنه في دخول الحرم لحصار ابن الزبير ويستمده فكتب عبد الملك إلى طارق يأمره باللحاق بالحجاج فقدم المدينة في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين وأخرج عنها طلحة النداء عامل بن الزبير وولى مكانه رجلاً من أهل الشام وسار إلى الحجاج بمكة في خمسة آلاف‏.‏ ولما قدم الحجاج مكة أحرم بحجه ونزل بئر ميمون وحج بالناس ولم يطف ولا سعى وحصر ابن الزبير عن عرفة فنحر بدنة بمكة ولم يمنع الحاج من الطواف والسعي‏.‏ ثم نصب الحجاج المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة وكان ابن عمر قد حج تلك السنة فبعث إلى الحجاج بالكف عن المنجنيق لأجل الطائفين ففعل ونادى منادي الحجاج عند الإفاضة انصرفوا فإنا نعود بالحجارة على ابن الزبير ورمى بالمنجنيق على الكعبة وألحت الصواعق عليهم في يومين وقتلت من أصحاب الشام رجالاً فذعروا‏.‏ فقال لهم الحجاج لا شك فهذه صواعق تهامة وأن الفتح قد حضر فأبشروا‏.‏ثم أصابت الصواعق من أصحاب ابن الزبير فسري عن أهل الشام فكانت الحجارة تقع بين يدي ابن الزبير وهو يصلي فلا ينصرف ولم يزل القتال بينهم وغلت الأسعار وأصاب الناس مجاعةً شديدة حتى ذبح ابن الزبير فرسه وقسم لحمها في أصحابه‏.‏ وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم والمد من الذرة بعشرين وبيوت ابن الزبير مملوءة قمحاً وشعيراً وذرةً وتمراً ولا ينفق منها إلا ما يمسك الرمق يقوي بها نفوس أصحابه‏.‏ ثم أجهدهم الحصار وبعث الحجاج إلى أصحاب ابن الزبير بالأمان فخرج إليه منهم نحو عشرة آلاف وافترق الناس عنه‏.‏ وكان ممن فارقه ابناه حمزة وحبيب وأقام ابنه الزبير حتى قتل معه‏.‏ وحرض الناس الحجاج وقال‏:‏ قد ترون قلة أصحاب ابن الزبير وما هم فيه من الجهد والضيق فتقدموا واملؤوا ما بين الحجون والأبواء‏.‏ فدخل ابن الزبير على أمه أسماء وقال يا أمه‏:‏ قد خذلني الناس حتى ولدي والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا فما رأيك فقالت أنت أعلم بنفسك إن كنت على حق وتدعو إليه فامض له فقد قتل عليه أصحابك ولا تمكن من رقبتك وقد بلغت بها علمين بين بني أمية‏.‏ وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت أهلكت نفسك ومن قتل معك‏.‏ وإن قلت كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت فليس هذا فعل الأحرار ولا أهل الدين فقال يا أمه أخاف أن يمثلوا بي ويصلبوني‏.‏ فقالت يا بني الشاة إذا ذبحت لا تتألم بالسلخ فامض على بصيرتك واستعن بالله‏.‏ فقبل رأسها وقال هذا رأي والذي خرجت به داعياً إلى يومي هذا وما ركنت إلى الدنيا ولا أحببت الحياة وما أخرجني إلا الغضب لله وأن تستحل حرماته ولكن أحببت أن أعلم رأيك فقد زدتيني بصيرة‏.‏ وإني يا أمه في يومي هذا مقتول فلا يشتد حزنك وسلمي لأمر الله فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر ولا عمد بفاحشة ولم يجر ولم يغدر ولم يظلم ولم يقر على الظلم ولم يكن آثر عندي من رضا الله تعالى‏.‏ اللهم لا أقر هذا تزكية لنفسي لكن تعزية لأمي حتى تسلو عني‏.‏ فقالت إني لأرجو أن يكون عزائي فيك جميلاً إن تقدمتني احتسبتك وإن ظفرت سررت بظفرك‏.‏ ثم قالت‏:‏ اخرج حتى أنظر ما يصير أمرك جزاك الله خيراً‏.‏ قال فلا تدعي الدعاء لي فدعت له وودعها وودعته ولما عانقته للوداع وقعت يدها على الدرع فقالت‏:‏ ها هذا صنيع من يريد ما تريد فقال ما لبستها إلا لأشد منك‏.‏ فقالت إنه لا يشد مني فنزعها وقالت له البس ثيابك مشمرة‏.‏ ثم خرج فحمل على أهل الشام حملةً منكرة فقتل منهم ثم انكشف هو وأصحابه وأشار عليه بعضهم بالفرار فقال‏:‏ بئس الشيخ إذن أنا في الإسلام إذا واقعت قوماً فقتلوا ثم فررت عن مثل مصارعهم‏.‏ وامتلأت أبواب المسجد بأهل الشام والحجاج وطارق بناحية الأبطح إلى المروة وابن الزبير يحمل على هؤلاء وعلى هؤلاء وينادي أبا صفوان لعبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف فيجيبه من جانب المعترك‏.‏ ولما رأى الحجاج إحجام الناس عن ابن الزبير غضب وترجل وحمل إلى صاحب الراية بين يديه فتقدم ابن الزبير إليهم وكشفهم عنه ورجع فصلى ركعتين عند المقام وحملوا على صاحب الراية فقتلوه عند باب بني شيبة وأخذوا الراية‏.‏ ثم قاتلهم وابن مطيع معه حتى قتل ويقال أصابته جراحة فمات منها بعد أيام ويقال إنه قال لأصحابه يوم قتل‏:‏ يا آل الزبير أوطبتم لي نفساً عن أنفسكم كأهل بيت من العرب اصطلمنا في الله فلا يرعكم وقع السيوف فإن ألم الدواء في الجرح أشد من ألم وقعها صونوا سيوفكم بما تصونون وجوهكم وغضوا أبصاركم عن البارقة وليشغل كل امرىء قرنه ولا تسألوا عني‏.‏ ومن كان سائلاً فإني في الرعيل الأول‏.‏ ثم حمل حتى بلغ الحجون فأصابته حجارة في وجهه فأرغش لها ودمي وجهه‏.‏ ثم قاتل قتالاً شديداً وقتل في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين‏.‏ وحمل رأسه إلى الحجاج فسجد وكبر أهل الشام وثار الحجاج وطارق حتى وقفا عليه وبعث الحجاج برأسه ورأس عبد الله بن صفوان ورأس عمارة بن عمرو بن حزم إلى عبد الملك‏.‏ وصلب جثته منكسةً على ثنية الحجون اليمنى‏.‏ وبعثت إليه أسماء في دفنه فأبى وكتب إليه عبد الملك يلومه على ذلك فخلى بينها وبينه‏.‏ ولما قتل عبد الله ركب أخوه عروة وسبق الحجاج إلى عبد الملك فرحب به وأجلسه على سريره وجرى ذكر عبد الله فقال عروة‏:‏ إنه كان فقال عبد الملك وما فعل‏.‏ قال قتل فخر ساجداً‏.‏ ثم أخبره عروة أن الحجاج صلبه فاستوهب جثته لأمه‏.‏ فقال نعم‏:‏ وكتب إلى الحجاج ينكر عليه صلبه فبعث بجثته إلى أمه وصلى عليه عروة ودفنه وماتت أمه بعده قريباً‏.‏ ولما فرغ الحجاج من ابن الزبير دخل إلى مكة فبايعه أهلها لعبد الملك وأمر بكنس المسجد من الحجارة والدم وسار إلى المدينة وكانت من عمله فأقام بها شهرين وأساء إلى أهلها وقال‏:‏ أنتم قتلة عثمان‏.‏ وختم أيدي جماعة من الصحابة بالرصاص استخفافاً بهم كما يفعل بأهل الذمة‏.‏ منهم جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وسهل بن سعد‏.‏ ثم عاد إلى مكة ونقلت عنه في ذم المدينة أقوال قبيحة أمره فيها إلى الله وقيل إن ولاية الحجاج المدينة وما دخل منها كانت سنة أربع وسبعين وأن عبد الملك عزل عنها طارقاً واستعمله ثم هدم الحجاج بناء الكعبة الذي بناه ابن الزبير وأخرج الحجر منه وأعاده إلى البناء الذي أقره عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصدق بن الزبير في الحديث الذي رواه عن عائشة‏.‏ فلما صح عنده بعد ذلك قال وددت أني تركته وما تحمل‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:25

ولاية المهلب حرب الأزارقة
ولما عزل عبد الملك خالد بن عبد الله عن البصرة واستعمل مكانه أخاه بشر بر مروان وجمع له المصرين أمره أن يبعث المهلب إلى حرب الأزارقة فيمن ينتخبه من أهل البصرة ويتركه وراءه في الحرب وأن يبعث من أهل الكوفة رجلاً شريفاً معروفاً بالبأس والنجدة والتجربة في جيش كثيف إلى المهلب فيتبعوا الخوارج حتى يهلكوهم‏.‏ فأرسل المهلب جذيع بن سعيد بن قبيصة ينتخب الناس من الديوان‏.‏ وشق على بشر أن امرأة المهلب جاءت من عند عبد الملك فغص به ودعا عبد الرحمن بن مخنف فأعلمه منزلته عنده وقال‏:‏ إني أوليك جيش الكوفة بحرب الأزارقة فكن عند حسن ظني بك‏.‏ ثم أخذ يغريه بالمهلب وأن لا يقبل رأيه ولا مشورته فأظهر له الوفاق‏.‏ وسار إلى المهلب فنزلوا رامهرمز ولقي بها الخوارج فحدق عليه على ميل من المهلب حيث يتراءى العسكران‏.‏ ثم أتاهم نعي بشر بن مروان لعشر ليال من مقدمهم وأنه استخلف على البصرة خالد بن عبد الله بن خالد فافترق الناس من أهل المصرين إلى بلادهم ونزلوا الأهواز وكتب إليهم خالد بن عبد الله يتهدهم ويحذرهم عقوبة عبد الملك إن لم يرجعوا إلى المهلب فلم يلتفتوا إليه ومضوا إلى الكوفة واستأذنوا عمر بن حريث في الدخول ولم يأذن لهم فدخلوا وأضربوا عن إذنه‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:26

ولاية أسد بن عبد الله علي خراسان
ولما ولي بكير بن وشاح على خراسان اختلف عليه بطون تميم وأقاموا في العصبية له وعليه سنتين وخاف أهل خراسان أن تفسد البلاد ويقهرهم العدو فكتبوا إلى عبد الملك بذلك وأنها لا تصلح إلا على رجل من قريش‏.‏ واستشار أصحابه فقال له أمية بن عبيد الله بن خالد بن أسيد نزكيهم برجل منك‏.‏ فقال لولا انهزامك عن أبي فديك كنت لها‏.‏ فاعتذر وحلف أن الناس خذلوه ولم يجد مقاتلاً فانحزت بالعصبة التي بقيت من المسلمين عن الهلكة وقد كتب إليك خالد بن عبد الله بعذري وقد علمه الناس فولاه خراسان‏.‏ ولما سمع بكير بن وشاح بمسيره بعث إلى بجير بن ورقاء وهو في حبسه كما مر فأبى وأشار عليه بعض أصحابه أن يقبل مخافة القتل فقبل‏.‏ وصالح بكيراً وبعث إليه بكير بأربعين ألفاً على أن لا يقاتله‏.‏ فلما قارب أمية نيسابور سار إليه بجير وعرفه عن أمور خراسان وما يحسن به طاعة أهله‏.‏ وحذره غدر بكير‏.‏ وجاء معه إلى مرو فلم يعرض أمية لبكير ولا لعماله وعرض عليه شرطته فأبى‏.‏ وقال لا أحمل الجزية اليوم وقد كانت تحمل إلي بالأمس وأراد أن يوليه بعض النواحي من خراسان فحذره بجير منه‏.‏ ثم ولى أمية ابنه عبد الله على سجستان فنزل بستا وغزا رتبيل الذي ملك على الترك‏.‏ بعد المقتول الأول وكان هائباً للمسلمين فراسلهم في الصلح وبعث ألف ألف وبعث بهدايا ورقيق‏.‏ فأبى عبد الله من قبولها وطلب الزيادة فجلا رتبيل عن البلاد حتى أوغل فيها عبد الله‏.‏ ثم أخذ عليه الشعاب والمضايق حتى سأل منه الصلح وأن يخلي عينه عن المسلمين فشرط رتبيل عليه ثلثمائة ألف درهم والعهد بأن لا يغزو بلادهم‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:26

ولاية الحجاج العراق
ثم ولى عبد الملك الحجاج بن يوسف على الكوفة والبصرة سنة خمسة وسبعين وأرسل إليه وهو بالمدينة يأمره بالمسير إلى العراق فسار على النجب في اثني عشر راكباً حتى قدم الكوفة في شهر رمضان‏.‏ وقد كان بشر بعث المهلب إلى الخوارج فدخل المسجد وصعد المنبر وقال‏:‏ علي بالناس فظنوه من بعض الخوارج فهموا به حتى تناول عمير بن ضابي البرجمي الحصباء وأراد أن يحصبه فلما تكلم جعل الحصباء يسقط من يديه وهو لا يشعر به‏.‏ ثم حضر الناس فكشف الحجاج عن وجهه وخطب خطبته المعروفة‏.‏ ذكرها الناس وأحسن من أوردها المبرد في الكامل يتهدد فيها أهل الكوفة وبتوعدهم عن التخلف عن المهلب‏.‏ ثم نزل وحضر الناس عنده للعطاء واللحاق بالمهلب فقام إليه عمير بن ضابي وقال‏:‏ أنا شيخ كبير عليل وابني هذا أشد مني‏.‏ فقال هذا خير لنا منك‏.‏ قال ومن أنت قال‏:‏ عمير بن ضابي‏.‏ قال الذي غزا عثمان في داره قال‏:‏ نعم‏.‏ فقال يا عدو الله إلى عثمان بدلاً قال إنه حبس أبي وكان شيخاً كبيراً‏.‏ فقال‏:‏ إني لا أحب حياتك إن في قتلك صلاح المصرين وأمر به فقتل ونهب ماله‏.‏ وقيل إن عنبسة بن سعيد بن العاص هو الذي أغرى به الحجاج حين دخل عليه‏.‏ ثم أمر الحجاج مناديه فنادى ألا إن ابن ضابي تخلف بعد ثالثة من النداء فأمرنا بقتله وذمة الله بريئة ممن بات الليلة من جند المهلب‏.‏ فتساءل الناس إلى المهلب وهو بدار هرمز وجاءه العرفاء فأخذوا كتبه بموافاة العسكر‏.‏ ثم بعث الحجاج على البصرة الحكم بن أيوب الثقفي وأمره أن يشتد على خالد بن عبد الله وبلغه الخبر فقسم في أهل البصرة ألف ألف وخرج عنها‏.‏ ويقال إن الحجاج أول من عاقب على التخلف عن البعوث بالقتل قال الشعي كان الرجل إذا أخل بوجهه الذي يكتب إليه زمن عمر وعثمان وعلي تنزع عمامته ويقام بين الناس فلما ولي مصعب أضاف إليه حلق الرؤوس و اللحى فلما ولي بشر أضاف إليه تعليق الرجل بمسمارين في يده في حائط فيخرق المسماران يده وربما مات‏.‏ فلما جاء الحجاج ترك ذلك كله وجعل عقوبة من تخلى بمكانه من الثغر أو البعث القتل‏.‏ ثم ولى الحجاج على السند سعيد بن أسلم بن زرعة فخرج عليه معاوية بن الحارث الكلابي العلاقي وأخوه فغلباه على البلاد وقتلاه‏.‏ فأرسل الحجاج مجاعة بن سعيد التميمي مكانه فغلب على الثغر وغزا وفتح فتوحات بمكران لسنة من ولايته‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:27

وقوع أهل البصرة بالحجاج
ثم خرج الحجاج من الكوفة واستخلف عليها عروة بن المغيرة بن شعبة وسار إلى البصرة وقدمها وخطب كما خطب بالكوفة وتوعد على القعود عن المهلب كما توعد فأتاه شريك بن عمرو السكري وكان به فتق فاعتذر به وبأن بشر بن مروان قبل عذره بذلك وأحضر عطاءه ليرد لبيت المال فضرب الحجاج عنقه وتتابع الناس مزدحمين إلى المهلب ثم سار حتى كان بينه وبين المهلب ثمانية عشر فرسخًا‏.‏ وأقام يشد ظهره وقال يا أهل المصرين هذا والله مكانكم حتى يهلك الله الخوارج‏.‏ ثم قطع لهم الزيادة التي زادها مصعب في الأعطية وكانت مائة مائة‏.‏ وقال‏:‏ لسنا نجيزها‏.‏ فقال عبد الله بن الجارود إنما هي زيادة عبد الملك وقد أجازها أخوه بشر بأمره فانتهره الحجاج فقال‏:‏ إني لك ناصح وإنه قول من ورائي فمكث الحجاج أشهراً لا يذكر الزيادة ثم أعاد القول فيها فرد عليه ابن الجارود مثل الرد الأول‏.‏ فقال له مضفلة بن كرب العبدي سمعاً وطاعة للأمير فيما أحببنا وكرهنا وليس لنا أن نرد عليه‏.‏ فانتهره ابن الجارود وشتمه وأتى الوجوه إلى عبد الله بن حكيم بن زياد المجاشعي وقالوا‏:‏ إن هذا الرجل مجمع على نقص هذه الزيادة وإنا نبايعك على إخراجه من العراق ونكتب إلى عبد الملك أن يولي علينا غيره وإلا خلعناه وهو يخافنا ما دامت الخوارج في العراق فبايعوه سراً وتعاهدوا وبلغ الحجاج أمرهم فاحتاط وجد‏.‏ ثم خرجوا في ربيع سنة ست وسبعين وركب عبد الله بن الجارود في عبد قيس على راياتهم ولم يبق مع الحجاج إلا خاصته وأهل بيته وبعث الحجاج يستدعيه فأفحش في القول لرسوله وصرح بخلع الحجاج فقال له الرسول‏:‏ تهلك قومك وعشيرتك‏.‏ وأبلغه تهديد الحجاج إياه فضرب وأخرج وقال لولا أنك رسول لقتلتك‏.‏ ثم زحف ابن الجارود في الناس حتى غشي فسطاطه فنهبوا ما فيه من المتاع وأخذوا زجاجته وانصرفوا عنها‏.‏ فكان رأيهم أن يخرجوه ولا يقتلوه‏.‏ وقال الغضبان بن أبي القبعثري الشيباني لابن الجارود‏:‏ لا ترجع عنه وحرضه على معالجته‏.‏ فقال إلى الغداة وكان مع الحجاج عثمان بن قطن وزياد بن عمر العتكي صاحب الشرطة بالبصرة فاستشارهما فأشار زياد بأن يستأمن القوم ويلحق بأمير المؤمنين‏.‏ وأشار عثمان بالثبات ولو كان دونه الموت‏.‏ وقال لا تخرج إلى أمير المؤمنين من العراق بعد أن رقاك إلى ما رقاك وفعلت ما فعلت بابن الزبير في الحجاز‏.‏ فقبل رأي عثمان وحقد على زياد في إشارته وجاءه عامر بن مسمع يقول‏:‏ قد أخذ لك الأمان من الناس فجعل الحجاج يغالطه رافعاً صوته عليه ليسمع الناس ويقول‏:‏ والله لا آمنهم حتى تؤتوني بالهذيل بن عمران وعند الله بن حكيم ثم أرسل إلى عبيد بن كعب الفهري أن ائتني فامنعني‏.‏ فقال له إن أتيتني منعتك فأبى وبعث إلى محمد بن عمير بن عطارد وعبد الله بن ثم إن عباد بن الحصين الجفطي مر بابن الجارود والهذيل وعبد الله بن حكيم يتناجون فطلب الدخول معهم فأبوا وغضب وسار إلى الحجاج وجاءه قتيبة بن مسلم في بني أعصر للحمية القتيبية‏.‏ ثم جاءه سبرة بن علي الكلابي وسعيد بن أسلم الكلابي وجعفر بن عبد الرحمن بن مخنف الأزدي فثابت إليه نفسه وعلم أنه قد امتنع‏.‏ وأرسل إليه مسمع بن مالك بن مسمع إن شئت أتيتك وإن شئت أقمت وثبطت عنك فأجابه أن أقم فلما أصبح إذا حوله ستة آلاف‏.‏ وقال ابن الجارود لعبد الله بن زياد بن ضبيان ما الرأي قال تركته أمس ولم يبق إلا الصبر‏.‏ ثم تراجعوا وعبى ابن الجارود وأصحابه على ميمنة الهذيل وعلى ميسرته سعيد بن أسلم وحمل ابن الجارود حتى حاصر أصحاب الحجاج وعطف الحجاج عليه فقارب بن الجارود أن يظفر‏.‏ ثم أصابه سهم غرب فوقع ميتاً‏.‏ ونادى منادي الحجاج بأمان الناس إلا الهذيل وابن الحكيم وأمر أن لا يتبع المنهزمين ولحق ابن ضبيان بعمارة فهلك هنالك‏.‏ وبعث الحجاج برأس ابن الجارود ورأس ثمانية عشر من أصحابه إلى الملك نصبت ليراها الخوارج ليتأسوا من الاختلاف وحبس الحجاج عبيد بن كعب محمد بن عمير لامتناعهما من الإتيان إليه وحبس ابن القبعثري لتحريضه عليه فأطلقه عبد الملك وكان فيمن قتل مع ابن الجارود عبد الله بن أنس بن مالك‏.‏ فقال الحجاج لا أرى أنساً يعين علي‏.‏ ودخل البصرة وأخذ ماله‏.‏ وجاءه أنس فأساء عليه وأفحش في شتمه وكتب أذس إلى عبد الملك يشكوه‏.‏ فكتب عبد الملك إلى الحجاج يشتمه ويغلظ عليه في التهديد على ما فعل بأنس وأن تجيء إلى منزله وتتنصل إليه وإلا نبعث من يضرب ظهرك ويهتك سترك‏.‏ قالوا‏:‏ وجعل الحجاج في قراءته يتغير ويرتعد وجبينه يرشح عرقاً‏.‏ ثم جاء إلى أنس بن مالك واعتذر إليه وفي عقب هذه الواقعة خرج الزنج بفرات البصرة وقد كانوا خرجوا قبل ذلك أيام مصعب ولم يكونوا بالكثير وأفسدوا الثمار و الزوع ثم جمع لهم خالد بن عبد الله فافترقوا قبل أن ينال منهم وقتل بعضهم وصلبه‏.‏ فلما كانت هذه الواقعة قدموا عليهم رجلاً منهم اسمه رياح ويلقب بشير زنجي أي أسد الزنج وأفسدوا‏.‏ فلما فرغ الحجاج من ابن الجارود أمر زياد ابن عمر صاحب الشرطة أن يبعث إليهم من يقاتلهم وبعث ابنه حفصاً في جيش فقتلوه وانهزم أصحاب فبعث جيشاً فهزم الزنج وأبادهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:27

مقتل ابن مخنف وحرب الخوارج
كان المهلب وعبد الرحمن بن مخنف واقفين للخوارج برامهرمز فلما أمدهم الحجاج بالعساكر من الكوفة والبصرة تأخر الخوارج من رامهرمز إلى كازرون وأتبعهم العساكر حتى نزلوا بهم وخندق المهلب على نفسه وقال ابن مخنف وأصحابه خدمنا سيوفنا فبيتهم الخوارج وأصابوا الغرة في ابن مخنف فقاتل هو وأصحابه حتى قتلوا هكذا حديث أهل البصرة‏.‏ وأما أهل الكوفة فذكروا أنهم لما ناهضوا الخوارج اشتد القتال بينهم ومال الخوارج على المهلب فاضطروه إلى معسكره وأمده عبد الرحمن بالخيل والرجال‏.‏ ولما رأى الخوارج مدده تركوا من يشغل المهلب وقصدوا عبد الرحمن فقاتلوه وانكشفوا عنه وصبر في سبعين من قومه فثابوا إلى عتاب بن ورقاء وقد أمره الحجاج أن يسمع للمهلب فثقل ذلك عليه فلم يحسن بينهما العشرة وكان يتراءف في الكلام وربما أغلظ له المهلب‏.‏ فأرسل عتاب إلى الحجاج يسأله القعود وكان حرب الخوارج وشبيب قد اتسع عليه فصادفا منه ذلك مرقعاً واستقدمه وأمره أن يترك العسكر مع المهلب فولى المهلب عليهم ابنه حبيباً وأقام يقاتلهم بنيسابور نحواً من سنة وتحركت الخوارج على الحجاج من لدن سنة ست وسبعين إلى سنة ثمان وشغل بحربهم وأول من خرج منهم صالح بن سرح من بني تميم‏.‏ بعث إليه العساكر فقتل فولوا عليهم شبيباً واتبعه كثير من بني شيبان وبعث إليهم الحجاج العساكر مع الحارث بن عميرة ثم مع سفيان الخثعمي ثم انحدر ابن سعيد فهزموها وأقبل شبيب إلى الكوفة فحاربهم الحجاج وامتنع ثم سرح عليه العساكر وبعث في أثرهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فهزموهم‏.‏ ثم بعث عتاب بن ورقاء وزهرة بن حوبة مدداً لهم فانهزموا وقتل عتاب وزهرة ثم قتل شبيب ضرب السكة الإسلامية كان عبد الملك كتب في صدر كتابه إلى الروم‏:‏ قل هو الله أحد وذكر النبي مع التاريخ فنكر ذلك ملك الروم وقال‏:‏ اتركوه وإلا ذكرنا نبيكم في دنانيرنا بما تكرهونه‏.‏ فعظم ذلك عليه واستشار الناس فأشار عليه خالد بن يزيد بضرب السكة وترك دنانيرهم ففعل‏:‏ ثم نقش الحجاج فيها قل هو الله أحد‏.‏ فكره الناس ذلك لأنه قد يمسها غير الطاهر ثم بالغ في تخليص الذهب والفضة من الغش‏.‏ وزاد ابن هبيرة أيام يزيد بن عبد الملك عليه‏.‏ ثم زاد خالد القسري عليهم في ذلك أيام هشام‏.‏ ثم أفرط يوسف بن عمر من بعدهم في المبالغة وامتحان العيار وضرب عليه فكانت الهبيرية والخالدية واليوسفية أجود نقود بني أمية‏.‏ ثم أمر المنصور أن لا يقبل في الخراج غيرها وسميت النقود الأولى مكروهة إما لعدم جودتها أو لما نقش عليها الحجاج وكرهه‏.‏ وكانت دراهم العجم مختلفة بالصغر والكبر فكان منها مثقال وزن عشرين قيراطاً واثني عشر وعشرة قراريط وهي أنصاف المثاقيل‏.‏ فجمعوا قراريط الأنصاف الثلاثة فكانت اثنين وأربعين فجعلوا ثلثها وهو اثنا عشر قيراطاً وزن الدرهم العربي فكانت كل عشرة دراهم تزن سبعة مثاقيل‏.‏ وقيل إن مصعب بن الزبير ضرب دراهم قليلة أيام أخيه عبد الله والأصح


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:29

مقتل بكير بن وشاح بخراسان
قد تقدم لنا عزل بكير عن خراسان وولاية أمية بن عبيد الله بن خالد بن أسيد سنة أربع وسبعين وأن بكيراً أقام في سلطان أمية بخراسان وكان يكرمه ويدعوه لولاية ما شاء من أعمال خراسان فلا يجيب وأنه ولاه طخارستان وتجهز لها فيه بجير بن ورقاء فمنعه ثم أمره بالتجهز لغزو ما وراء النهر فحذره منه بجير فرده فغضب بكير‏.‏ ثم تجهز أمية لغزو غارا وموسى بن عبد الله بن حازم لترمذ واستخلف ابنه على خراسان‏.‏ لما أراد قطع النهر قال لبكير ارجع إلى مرو فاكفنيها فقد وليتكها وقم بأمر ابن حازم فإني أخشى أن لا يضبطها‏.‏ فانتخب من وثق به من أصحابه ورجع وأشار عليه صاحبه عتاب بأن يحرق السفن ويرجع إلى مرو فيخلع أمية ووافقه الأحنف بن عبد الله العنبر على ذلك‏.‏ فقال لهم بكير‏:‏ أخشى على من معي‏.‏ قالوا نأتيك من أهل مرو بمن تشاء قال يهلك المسلمون‏.‏ قال ناد في الناس برفع الخراج فيكونون معك‏.‏ قال فيهلك أمية وأصحابه‏.‏ قال لهم عدد وعدد يقاتلون عن أنفسهم حتى يبلغوا الصين فأحرق بكير السفن ورجع إلى مرو فخلع أمية وحبس ابنه‏.‏ وبلغ الخبر أمية فصالح أهل الشام بخارى ورجع وأمر باتخاذ السفن وعبر وجاءه موسى بن عبد الله بن حازم من مدداً له وبعث شماس بن ورقاء في ثمانمائة في مقدمته فبيته بكير وهزمه فبعث مكانه ثابت بن عطية فهزمه‏.‏ ثم التقى أمية وبكير فاقتتلوا أياماً ثم انهزم بكير إلى مرو وحاصره أمية أياماً حتى سأل الصلح على ولاية ما شاء من خراسان وأن يقضي عنه أربعمائة ألف دينه ويصل أصحابه ولا يقبل فيه سعاية بجير فتم الصلح ودخل أمية مدينة مرو وأعاد بكيراً إلى ما كان عليه من الكرامة وأعطى عتاب العدابي عشرين ألفاً وعزل بجير عن شرطته بعطا بن أبي السائب‏.‏ وقيل إن بكيراً لم يصحب أمية إلى النهر وإنما استخلفه على مرو فلما عبر أمية النهر خلع وفعل ما فعل‏.‏ ثم إن بجيراً سعى بأمية بأن بكيراً دعاه إلى الخلاف وشهد عليه جماعة من أصحابه وأن معه ابني أخيه‏.‏ فقبض عليه أمية وقتله وقتل معه ابني أخيه وذلك سنة سبع وسبعين‏.‏ ثم عبر النهر لغزو بلخ فحصره الترك حتى جهد هو وعسكره وأشرفوا على الهلاك ثم نجوا ورجعوا إلى مرو‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:29

مقتل بجير بن زياد
ولما قتل بكير بسعاية بجير بن ورقاء تعاقد بنو سعد بن عوف من تميم وهم عشيرته على الطلب بدمه وخرج فتى منهم من البادية اسمه شمردل وقدم خراسان ووقف يوماً على بجير فطعنه فصرعه ولم يمت وقتل شمردل وجاء مكانه صعصعة بن حرب العوفي ومضى إلى سجستان وجاور قرابة بجير مدة‏.‏ وانتسب إلى حنفية ثم قال لهم إن لي بخراسان ميراثاً فاكتبوا إلى بجير يعينني فكتبوا له وجاء إليه وأخبره بنسبه وميراثه وأقام عنده شهراً يحضر باب المهلب وقد أنس به وأمن غائلته وجاء صعصعة يوماً وهو عند المهلب في قميص ورداء ودنا ليكلمه فطعنه ومات من الغد‏.‏ وقال صعصعة فمنعته مقاعس وقالوا أخذ بثأره فحمل المهلب دم صعصعة وجعل دم بجير ببكير‏.‏ وقيل إن المهلب بعثه إلى بجير فقتله والله أعلم وكان ذلك سنة إحدى وثمانين‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:31

ولاية الحجاج علي خراسان وسجستان
وفي سنة ثمان وسبعين عزل عبد الملك أمية بن عبد الله عن خراسان وسجستان وضمهما إلى الحجاج بن يوسف‏.‏ فبعث المهلب بن أبي صفرة على خراسان وقد كان فرغ من حرب الأزارقة فاستدعاه وأجلسه معه على السرير وأحسن إلى أهل البلاد من أصحابه وزادهم وبعث عبيد الله بن أبي بكرة على سجستان‏.‏ فأما المهلب فقدم ابنه حبيباً إلى خراسان فلم يعرض لأمية ولا لعماله حتى قدم أبوه المهلب بعد سنة من ولايته وسار في خمسة آلاف وقطع النهر الغربي وما وراء النهر وعلى مقدمته أبو الأدهم الرماني في ثلاثة آلاف فنزل على كش وجاءه ابن عمر الختن يستنجده على ابن عمه فبعث معه ابنه يزيد‏.‏ فبيت ابن العم عساكر الختن وقتل الملك وجاءه صر يريد قلعتهم حتى صالحوا بما رضي ورجع وبعث المهلب ابنه حبيباً في أربعة آلاف ووافى صاحب بخارى في أربعين ألفاً‏.‏ وكبس بعضهم جنده في قرية فقتلهم وأحرقها ورجع إلى أبيه‏.‏ وأقام المهلب يحاصر كش سنتين حتى صالحوه على فدية‏.‏ وأما عبد الله بن أبي بكرة فأقام بسجستان ورتبيل على صلحه يؤدي الخراج‏.‏ ثم امتنع فأمر الحجاج ابن أبي بكرة فغزوه واستباحوا بلاده فسار في أهل المصرين وعلى أهل الكوفة شريح بن هانىء من أصحاب علي فدخل بلاد رتبيل وتوغل فيها حتى كانوا على ثمانية عشر فرسخاً من مدينتهم وأثخن واستباح وخرب القرى والحصون‏.‏ ثم أخذ الترك عليهم القرى والشعاب حتى ظنوا الهلكة فصالحهم عبيد الله على الخروج من أرضهم على أن يعطيهم سبعمائة ألف درهم‏.‏ ونكر ذلك عليه شريح وأبى إلا القتال وحرض الناس ورجع‏.‏ وقتل حين قتل بناس من أصحابه ونجا الباقون وخرجوا من بلاد رتبيل ولقيهم الناس بالأطعمة فكانوا يموتون إذا شبعوا‏.‏ فجعلوا يطعمونهم السمن قليلاً قليلاً حتى استمروا وكتب الحجاج إلى عبد الملك يستأذنه في غزو بلاد رتبيل فأذن له فجهز عشرين ألف فارس من الكوفة وعشرين ألفاً من البصرة واختار أهل الغنى والشجاعة وأزاح عللهم وأنفق فيهم ألفي ألف سوي أعطياتهم وأخذهم بالخيل الرائعة والسلاح الكامل‏.‏ وبعث عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث وكان يبغضه ويقول أريد قتله‏.‏ ويخبر الشعبي بذلك عبد الرحمن فيقول أنا أزيله عن سلطانه فلما بعثه على ذلك الجيش تنصح أخوه إسماعيل للحجاج وقال‏:‏ لا تبعثه فإني أخشى خلافه‏.‏ فقال هو أهيب لي من أن يخالف أمري‏.‏ وسار عبد الرحمن في الجيش وقدم سجستان واستنفرهم وحذر العقوبة لمن يتعدى‏.‏ وساروا جميعاً إلى بلاد رتبيل وبذل الخراج فلم يقبل منا ودخل بلاده فحواها شيئاً فشيئاً‏.‏ وبعث عماله عليها ورجع المصالح بالنواحي والأرصاد على العقاب والشعاب وامتلأت أيدي الناس من الغنائم ومنع من التوغل في البلاد إلى قابل وقد قيل في بعث عبد الرحمن بن الأشعث غير هذا‏.‏ وهو أن الحجاج كان قد أنزل هميان بن عدي السدي مسلحة بكرمان أن احتاج إليه عامل السند وسجستان فمضى هميان فبعث الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث فهزمه وقام بموضعه‏.‏ ثم مات عبد الله بن أبي بكرة فولاه الحجاج مكانه وجهز إليه هذا الجيش وكان يسمى جيش الطواويس لحسن زيهم‏.‏ ولما وصل كتاب ابن الأشعث إلى الحجاج كتب إليه يوبخه على القعود عن التوغل ويأمره بالمضي لما أمره به من هدم حصونهم وقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم‏.‏ وأعاد عليه الكتاب بذلف ثانياً وثالثاً وقال له إن مضيت وإلا فأخوك إسحق أمير الناس‏.‏ فجمع عبد الرحمن الناس ورد الرأي عليهم وقال‏:‏ قد كنا عزمنا جميعاً على ترك التوغل في بلد العدو ورأينا رأياً وكتبت بذلك إلى الحجاج وهذا كتابه يستعجزني ويستضعفني ويأمرني بالتوغل بكم وأنا رجل منكم فثار الناس وقالوا لا نسمع ولا نطيع الحجاج‏.‏ وقال أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني‏:‏ اخلعوا عدو الله الحجاج وبايعوا الأمير عبد الرحمن فتنادى الناس من كل جانب‏:‏ فعلنا فعلنا‏.‏ وقال عبد المؤمن بن شيث بن ربعي‏:‏ انصرفوا إلى عدو الله الحجاج فانفوه عن بلادكم ووثب الناس إلى عبد الرحمن على خلع الحجاج ونفيه من العراق وعلى النصرة له ولم يذكر عبد الملك‏.‏ وصالح عبد الرحمن رتبيل على أنه إن ظهر فلا خراج على رتبيل ما بقي من الدهر وإن هزم منعه بمن يريده‏.‏ وجعل عبد الرحمن على سبت عياض بن هميان الشيباني وعلى رومج عبد الله بن عامر التميمي وعلى كرمان حرثة بن عمر التميمي‏.‏ ثم سار إلى العراق في جموعه وأعشى همدان بين يديه يجري بمدحه وذم الحجاج وعلى مقدمته عطية بن عمير العيرني‏.‏ ولما بلغ فارس بدا للناس في أمر عبد الملك وقالوا إذا خلعنا الحجاج فقد خلعناه فخلعه الناس وكتب الحجاج إلى عبد الملك يخبره ويستمده وكتب المهلب إلى الحجاج بأن لا يعترض أهل العراق حتى يسقطوا إلى أهليهم فنكر كتابه واتهمه وجند عبد الملك الجند إلى الحجاج فساروا إليه متتابعين وسار الحجاج من البصرة فنزل تستر وبعث مقدمة خيل فهزمهم أصحاب عبد الرحمن بعد قتال شديد وقتل منهم جمعاً كثيراً وذلك في أضحى إحدى وثمانين وأجفل الحجاج إلى البصرة ثم تأخر عنها إلى الغاوية وراجع كتاب المهلب فعلم نصيحته ودخل عبد الرحمن البصرة فبايعه أهلها وسائر نواحيها لأن الحجاج كان اشتد على الناس في الخراج وأمر من دخل الأمصار أن يرجع إلى القرى يستوفي الجزية فنكر ذلك الناس وجعل أهل القرى يبكون منه فلما قدم عبد الرحمن بايعوه على حرب الحجاج وخلع عبد الملك‏.‏ ثم اشتد القتال بينهم في المحرم سنة اثنتين وثمانين وتزاحفوا على حرب الحجاج وخلع عبد الملك‏.‏ وانهزم أهل العراق وقصدوا الكوفة وانهزم منهم خلق كثير‏.‏ وفشا القتل في القرى فقتل منهم عقبة بن عبد الغافر الأزدي في جماعة استلحموا معه وقتل الحجاج بعد الهزيمة منهم عشرة آلاف وكان هذا اليوم يسمى يوم الراوية‏.‏ واجتمع من بقي بالبصرة على عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وبايعوه فقاتل بهم الحجاج خمس ليال ثم لحق بابن الأشعث بالكوفة ربيعة طائفة من أهل البصرة‏.‏ ولما جاء عبد الرحمن الكوفة وخليفة الحجاج عليها عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عبد الله الحضرمي وثب به مطر بن ناجية من ابني تميم مع أهل الكوفة فاستولى على القصر وأخرجه‏.‏ فلما وصل ابن الأشعث لقيه أهل الكوفة واحتف به همدان‏.‏ وجاء إلى القصر فمنعه مطر فصعد الناس القصر وأخذوه فحبسه عبد الرحمن وملك الكوفة‏.‏ ثم إن الحجاج استعمل على البصرة الحكم بن أيوب الثقفي ورجع إلى الكوفة فنزل دوير فيرة ونزل عبد الرحمن دير الجماجم واجتمع إلى كل واحد أمداده وخندق على نفسه‏.‏وبعث عبد الملك ابنه عبد الله وأخاه محمداً في جند كثيف وأمرهما أن يعرضا على أهل العراق عزل الحجاج ويجري عليهم أعطياتهم كأهل الشام وينزل عبد الرحمن إلى أي بلد شاء عاملاً لعبد الملك‏.‏ فوجم الحجاج لذلك وكتب إلى عبد الملك أن هذا مما يزيدهم جراءة وذكره بقضية عثمان وسعيد بن العاص فأبى عبد الملك من رأيه وعرض عبد الله ومحمد بن مروان ما جاء به عبد الملك وتشاور أهل العراق بينهم وأشار عليهم عبد الرحمن بقبول ذلك وأن العزة لهم على عبد الملك لا تزول فتواثبوا من كل جانب منكرين لذلك ومجددين الخلع‏.‏ وتقدمهم في ذلك عبد الله بن دواب السلمي وعمير بن تيحان ثم برزوا للقتال‏.‏ وجعل الحجاج على ميمنته عبد الرحمن بن سليم الكلبي وعلى ميسرته عمارة بن تميم اللخمي وعلى الخيل سفيان بن الأبرد الكلبي وعلى الرجالة عبد الله بن حبيب الحكمي‏.‏ وجعل عبد الرحمن على ميمنته الحجاج بن حارثة الخثعمي وعلى ميسرته الأبرد بن قرة التميمي وعلى خيله عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وعلى رجالته محمد بن سعد بن أبي وقاص وعلى مجنبته عبد الله بن رزم الحرشي وعلى القرى جبلة بن زخر بن قيس الجعفي‏.‏ وفيهم سعيد بن جبير وعامر الشعبي وأبو البختري الطائي وعبد الرحمن بن أبي ليلى‏.‏ ثم أقاموا يتزاحفون كل يوم ويقتتلون بقية سنتهم وكتيبة القرى معروفة بالصبر يحملون عليها فلا تنتقص‏.‏ فعبى الحجاج ثلاث كتائب مع الجراح بن عبد الله الحكمي وحملوا على القرى ثلاث حملات وجبلة يحرض القرى ويبيتهم والشعبي وسعيد بن جبير كذلك‏.‏ ثم حملوا على الكتائب ففرقوها وأزالوها عن مكانها وتأخر جبلة عنهم ليكون لهم فئة يرجعون إليه وأبصره الوليد بن نجيب الكلبي فقصده في جماعة من أهل الشام وقتله وجيء برأسه إلى الحجاج وقدموا عليهم مكانه وظهر القتل في القرى‏.‏ ثم اقتتلوا بعد ذلك ما يزيد على مائة يوم كثر فيها القتلى والمبارزة‏.‏ ثم اقتتلوا يوماً في منتصف جمادى الآخرة وحمل سفيان بن الأبرد في ميمنة الحجاج على ميسرة عبد الرحمن فانهزم الأبرد بن قرة من غير قتال فتقوضت صفوف الميمنة وركبهم أصحاب الحجاج ثم انهزم عبد الرحمن وأصحابه‏.‏ ومضى الحجاج إلى الكوفة ومحمد بن مروان إلى الموصل وعبد الله وأخذ الحجاج الناس على أن يشهدوا على أنفسهم بالكفر وقتل من أبى ذلك‏.‏ودعا بكميل بن زياد صاحب علي فقتله لاقتصاصه ثم أقام بالكوفة شهراً وأنزل أهل الشام في بيوت أهل الكوفة ولحق ابن الأشعث بالبصرة فاجتمع إليه جموع المنهزمين ومعه عبيد الله بن عبد الرحمن بن سمرة ولحق به محمد بن سعد بن أبي وقاص بالمدائن وسار نحو الحجاج ومعه بسطام بن مصقلة بن هبيرة الشيباني كان قدم عليه قبل الهزيمة من الري وكان انتقض بها ثم غلب عليها ولحق بعبد الرحمن فكان معه‏.‏ وبايع عبد الرحمن خلق كثير على الموت ونزل مسكن وخندق عليه وعلى أصحابه والحجاج قبالتهم وقاتلهم خالد بن جرير بن عبد الله‏.‏ وكان قدم من خراسان في بعث الكوفة فقاتلهم خمسة عشر يوماً من شعبان أشد قتال وقتل زياد بن غنيم القيني‏.‏ وكان علي صالح الحجاج فهد منهم ثم أبى بكر القتال‏.‏ وحمل بسطام بن مصقلة هبيرة في أربعة آلاف من فرسان الكوفة والبصرة كسروا جفون سيوفهم وحملوا على أهل الشام فكشفوهم مراراً وأحاط بهم الرماة ولحقوا فقتلوا‏.‏ وحمل عبد الملك بن المهلب على أصحاب عبد الرحمن فكشفوهم‏.‏ ثم حمل أصحاب الحجاج من كل جانب فانهزم عبد الرحمن وأصحابه وقتل عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه وأبو البختري الطائي ومعلى بن الأشعث نحو سجستان‏.‏ ويقال إن بعض الأعراب جاء إلى الحجاج فدله على طريق من وراء معسكر ابن الأشعث فبعث معه أربعة آلاف جاؤوا من ورائه وأصبح الحجاج فقاتله واستطرد له حتى نهب معسكره‏.‏ وأقبلت السرية من الليل إلى معسكر ابن الأشعث وكان الغرقى منهم أكثر من القتلى وجاء الحجاج إلى المعسكر فقتل من وجد فيه وكان عدة القتلى أربعة آلاف‏:‏ منهم عبد الله بن شداد بن الهادي وبسطام بن مصقلة وعمر بن ربيعة الرقاشي وبشر بن المنذر بن الجارود وغيرهم‏.‏ ولما سار ابن الأشعث إلى سجستان أتبعه الحجاج بالعساكر وعليهم عمارة بن تميم اللخمي ومعهم محمد بن الحجاج فأدركوه بالسوس فقاتلوه وانهزم إلى سابور واجتمع إليه الأكراد وقاتلوا العساكر قتالاً شديداً فهزم وخرج عمارة ولحق ابن الأشعث بكرمان فلقيه عامله بها وهيأ له النزول فنزل‏.‏ ثم رحل إلى زرنج فمنعه عامله من الدخول فحاصرها أياماً ثم سار إلى بست وعليها من قبله عياض بن هميان بن هشام السلوبي الشيباني ثم استغفله فأوثقه‏.‏ وكان رتبيل ملك الترك قد سار ليستقبله ونزل على بست وتهدد عياضاً فأطلقه وحمل رتبيل إلى بلاده وأنزله عنده‏.‏ واجتمع المنهزمون فاتفقوا على قصد خراسان لينموا بعشائرهم وقصدوا للصلاة عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث وكتبوا إلى عبد الرحمن بن الأشعث يستقدمونه فقدم عليهم وثناهم عن قصد خراسان مخافة من سطوة يزيد بن المهلب وأن يجتمع أهل الشام وأهل خراسان فأبوا وقالوا بل يكثر بها تابعنا‏.‏ فسار معهم إلى هراة فهرب عنهم عبيد الله بن عبد الرحمن بن سمرة فخشي الانتقاض وقال‏:‏ إنما أتيتكم وأمركم جميعاً‏.‏ وأنا الآن منصرف إلى صاحبي الذي جئت من عنده يعني رتبيل‏.‏ ورجع عنهم في قليل‏.‏ وبقي معظم العسكر مع عبد الرحمن بن العباس بسجستان فجمع بابن الأشعث وسار إلى خراسان في عشرين ألفاً ونزل هراة ولقوا الرقاد فقتلوه‏.‏ وبعث إليه يزيد بن المهلب بالرحلة من البلاد فقال إنما نزلنا لنستريح ونرتحل‏.‏ثم أخذ في الجباية وسار نحوه يزيد بن المهلب والتقوا فافترق أصحاب عبد الرحمن عنه وصبرت معه طائفة ثم انهزموا وأمر يزيد بالكف عنهم وغنم ما في عسكرهم وأسر جماعة منهم فيهم محمد بن سعد بن أبي وقاص وعمر بن موسى بن عبد الله بن معمر وعباس بن الأسود بن عوف والهلقام بن نعيم بن القعقاع بن معبد بن زرارة وفيروز وأبو لعلج مولى عبيد الله بن معمر وسوار بن مروان وعبد الله بن طلحة الطلحات وعبد الله بن فضالة الزهراني الأزدي‏.‏ ولحق عبد الرحمن بن العباس بالسند وأتى ابن سمرة إلى مرو وانصرف يزيد إلى مرو‏.‏ وبعث بالأسرى إلى الحجاج مع سيدة بن نجدة‏:‏ قال له أخوه حبيب‏:‏ ألا تبعث عبد الرحمن بن طلحة فإن له عندنا يدين وقد ودى عن المهلب أبو طلحة مائة ألف فتركه وترك عبد الله بن فضالة لأنه من الأزد‏.‏ وبعث الباقين وقدموا عليه بمكان واسط قبل بنائها فدعا.‏
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 0:35

فدعا بفيروز وقال‏:‏ ما أخرجك مع هؤلاء وليس بينك وبينهم نسب‏.‏ قال فتنة عمت الناس قال اكتب أموالك فكتب ألفي ألف وأكثر‏.‏ فقال للحجاج وأنا آمن على دمي قال لا والله لتؤدينها ثم أقتلك‏.‏ قال لا تجمع مالي ولحمي وأمر به فنحي‏.‏ ثم أحضر محمد بن سعد بن أبي وقاص فوبخه طويلاً ثم أمر به فقتل ثم عاد بعمر موسى فوبخه ولاطفه في العذر فلم يقبل ثم أمر به فقتل‏.‏ ثم أحضر الهلقام بن نعيم فوبخه‏.‏ وقال‏:‏ ابن الأشعث طلب الممالك فما الذي طلبت أنت‏.‏ قال أن توليني العراق مكانك فأمر به فقتل‏.‏ ثم أحضر عبد الله بن عامر فعذله في عبد الله بن يزيد بن المهلب لأنه أطلق قومه من الأسر وقاد نحوه مطراً فأطرق الحجاج ثم قال‏:‏ ما أنت وذاك ثم أمر به فقتل فلم يزل في نفسه من يزيد حتى عزله‏.‏ ثم أمر بفيروز فعذب ولما أحس بالموت قال أظهروني للناس ليردوا علي ودائعي فلما ظهر نادى من كان لي عنده شيء فهو في حل فأمر به فقتل وأمر بقتل عمر بن فهر الكندي وكان شريفاً وأحضر أعشى همدان واستنشده قصيدته بين الأثلج وبين قيس وفيها تحريض ابن الأشعث وأصحابه فقال‏:‏ ليست هذه وإنما التي بين الأثلج وبين قيس بارق على روي الدال وسأل الحجاج عن الشعبي فقال له يزيد بن أبي مسلم أنه لحق بالري فكتب إلى قتيبة بن مسلم وهو عامله على الري بإرسال الشعبي‏.‏ فقدم على الحجاج سنة ثلاث وثمانين وكان ابن أبي مسلم له صديقاً فأشار عليه بحسن الاعتذار‏.‏ فلما دخل على الحجاج سلم عليه بالإمرة وقال‏:‏ وايم الله لا أقول إلا الحق قد والله حرضنا وجهدنا فما كنا أقوياء فجرة ولا أتقياء بررة وقد نصرك الله وظفرت فإن سطوت فبذنوبنا وإن عفوت فبحلمك والحجة لك علينا‏.‏ فقال الحجاج هذا والله أحب إلي ممن يقول ما شهدت ولا فعلت وسيفه يقطر من دمائنا‏.‏ ثم أمنه وانصرف‏.‏ ولما ظفر الحجاج بابن الأشعث وهزمه لحق كثير من المنهزمين بعمر بن الصلت وقد كان غلب على الري في تلك الفتنة‏.‏ فلما اجتمعوا أرادوا أن يحظوا عند الحجاج ويمحوا عن أنفسهم ذنب الجماجم فأشاروا على عمر بخلع الحجاج فامتنع فدسوا عليه أباه فأجاب‏.‏ ولما سار قتيبة إلى الري خرجوا مع عمر لقتاله ثم غدروا به فانهزم ولحق بطبرستان وأقره الأصبهبد وأحسن إليه وأرادوا الوثوب على الأصبهبد فشاور أباه وقال‏:‏ قد علمت الأعاجم أني أشرف منه فمنعه أبوه ودخل قتيبة الري وكتب الحجاج إلى الأصبهبد أن يبعث بهم أو برؤوسهم ففعل ذلك‏.‏ ولما انصرف عبد الرحمن بن الأشعث من هراة إلى رتبيل قال له علقمة بن عمر الأزدي لا أدخل معك دار الحرب لأن رتبيل إن دخل إليه الحجاج فيك وفي أصحابك قتلكم أو أسلمكم إليه ونحن خمسمائة وقد تبايعنا على أن نتحصن بمدينة حتى نأمن أو نموت كراماً وقدم عليهم مودود البصري وزحف إليهم عمارة بن تميم اللخمي وحاصرهم حتى استأمنوا فخرجوا إليه وقلاهم وتتابعت كتب الحجاج إلى رتبيل في عبد الرحمن يرهبه ويرغبه‏.‏ وكان عبيد بن سميع التميمي من أصحاب ابن الأشعث وكان رسوله إلى رتبيل أولا فأنس به رتبيل وزحف عليه وأغرى القاسم بن الأشعث أخاه عبد الرحمن بقتله فخافه وزين لرتبيل أخذ العهد من الحجاج وإسلام عبد الرحمن إليه على أن يكف عن أرضه سبع سنين فأجابه رتبيل وخرج إلى عمارة سراً‏.‏ وكتب عمارة إلى الحجاج بذلك فأجاب وكتب له بالكف عنه عشر سنين وبعث إليه رتبيل برأس عبد الرحمن وقيل مات بالسل فقطع رأسه وبعث به وقيل أرسله مقيدًا مع ثلاثين من أهل بيته إلى عمارة فألقى عبد الرحمن نفسه من سطح القصر فمات فبعث عمارة برأسه وذلك سنة أربع أو خمس وثمانين‏.‏ قد كنا قدمنا حصار المهلب مدينة كش من وراء النهر فأقام عليها سنتين وكان استخلف على خراسان ابنه المغيرة فمات سنة اثنتين وثمانين فجزع عليه وبعث ابنه يزيد إلى مرو ومكنه في سبعين فارساً ولقيهم في مفازة نسف جمع من الترك يقاربون الخمسمائة فقاتلوهم قتالاً شديداً يطلبون ما في أيديهم والمغيرة يمتنع حتى أعطى بعض أصحابه لبعضهم شيئاً من المتاع والسلاح ولحقوا بهم ولحق يزيد بمرو‏.‏ ثم سأل أهل كش من المهلب الصلح على مال يعطونه فاسترهن منهم رهناً من أبنائهم في ذلك وانفتل المهلب وخلف حريث بن قطنة مولى خزاعة ليأخذ الفدية ويرد الرهن فلما صار ببلخ كتب إليه لا تخل الرهن وإن قبضت الفدية حتى تقدم أرض بلخ لئلا يغيروا عليك‏.‏ فأقرأ صاحب كش كتابه وقال‏:‏ إن عجلت أعطيتك الرهن وأقول له جاء الكتاب بعد إعطائه‏.‏ فعجل صاحب كش بالفدية وأخذ الرهن وعرض له الترك كما عرضوا ليزيد وقاتلهم فقتلهم وأسر منهم أسرى ففدوهم فرداً فرداً وأطلقهم‏.‏ ولما وصل إلى المهلب ضربه ثلاثين سوطاً عقوبة على مخالفة كتابه في الرهن‏.‏ فحلف حريث أن ابن قطنة ليقتلن المهلب وخاف ثابتاً إن كان ذلك المسير إليه‏.‏ فبعث إليه المهلب أخاه ثابت بن قطنة يلاطفه فأبى وحلف ليقتلن المهلب وخاف ثابت إن كان ذلك أن يقتلوا جميعًا فأشار عليه باللحاق بموسى بن عبد الله بن حازم فلحق به في ثلاثمائة من أصحابهما‏.‏ ثم هلك المهلب واستخلف ابنه يزيد وأوصى ابنه حبيباً بالصلاة وأوصى ولده جميعاً بالاجتماع والإلفة ثم قال‏:‏ أوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم فإنها تنسىء في الأجل وتثري المال وتكثر العدد وأنهاكم عن القطيعة فإنها تعقب النار والذلة والقلة وعليكم بالطاعة والجماعة ولتكن فعالكم أفضل من مقالكم‏.‏ واتقوا الجواب وزلة اللسان فإن الرجل تزل قدمه فينعش ويزل لسانه فيهلك واعرفوا لمن يغشاكم حقه فكفى بغدو الرجل ورواحه إليكم تذكرة له‏.‏ وآثروا الجود على البخل وأحبوا العرف واصنعوا المعروف فإن الرجل من العرب تعده العدة فيموت فكيف بالصنيعة عنده‏.‏ وعليكم في الحرب بالتؤدة والمكيدة فإنها أنفع من الشجاعة وإذا كان اللقاء نزل القضاء وإن أخذ الرجل بالحزم فظفر قيل أتى الأمر من وجهه فظفر وإن لم يظفر قيل ما فرط ولا ضيع ولكن القضاء غالب‏.‏ وعليكم بقراءة القرآن وتعلم السنن وآداب الصالحين وإياكم وكثرة الكلام في مجالسكم‏.‏ ثم مات وذلك سنة اثنتين وثمانين‏.‏ ويقال إنه لما حثهم على الإلفة والاجتماع أحضر سهاماً محزومة فقال أتكسرون هذه مجتمعة قالوا لا‏.‏ قال فتكسرونها متفرقة قالوا نعم‏.‏ قال فهكذا الجماعة‏.‏ واستولى يزيد على خراسان بعد أبيه وكتب له الحجاج بالعهد عليها‏.‏ ثم وضع العيون على بيزك حتى بلغه خروجه عن قلعته فسار إليها وحاصرها ففتحها وغنم ما كان فيها من الأموال والذخائر وكانت من أحصن القلاع‏.‏ وكان بيزك إذا أشرف عليها يسجد لها‏.‏ ولما فتحها كتب إلى الحجاج بالفتح وكان كاتبه يعمر العدواني حليف هذيل فكتب‏:‏ إنا لقينا العدو فمنحنا الله أكنافهم فقتلنا طائفة وأسرنا طائفة ولحقت طائفة برؤوس الجبال ومهامه الأودية وأهضام الغيطان وأفناء الأنهار‏.‏ فقال الحجاج‏:‏ من يكتب ليزيد قيل يحيى بن يعمر‏:‏ فكتب بحمله على البريد‏.‏ فلما جاءه قال أين ولدت قال بالأهواز‏.‏ قال فمن أين هذه الفصاحة قال حفظت من أولاد أبي وكان فصيحاً‏.‏ قال يلحن عنبسة بن سعيد قال نعم كثيراً قال فضلان قال نعم قال فأنا قال تلحن خفيفاً تجعل أن موضع إن وإن موضع أن‏.‏ قال أجلتك ثلاثاً وإن وجدتك بأرض العراق قتلتك فرجع إلى خراسان‏.‏ بناء الحجاج مدينة واسط كان الحجاج ينزل أهل الشام على أهل الكوفة فضرب البعث على أهل الكوفة إلى خراسان سنة ثلاث وثمانين وعسكروا قريباً من الكوفة حتى يستتموا ورجع منهم ذات ليلة فتى حديث عهد بعرس بابنة عمه فطرق بيته ودق الباب فلم يفتح له إلا بعد هنيهة وإذا سكران من أهل الشام فشكت إليه ابنة عمه مراودته إياها فقال لها ائذني له فأذنت له وجاء فقتله الفتى وخرج إلى العسكر‏.‏ وقال ابعثي إلى الشاميين وارفعي إليهم صاحبهم فأحضروها عند الحجاج فأخبرته‏.‏ فقال صدقت وقال للشاميين لا قود له ولا عقل فإنه قتيل الله إلى النار‏.‏ ثم نادى مناديه لا ينزل أحد على أحد وبعث الرواد فارتادوا له مكان واسط ووجد هناك راهباً ينظف بقبعته من النجاسات فقال‏:‏ ما هذه قال نجد في كتبنا أنه ينشأ ههنا مسجد للعبادة‏.‏ فاختط الحجاج مدينة واسط هنالك وبنى المسجد في تلك البقعة‏.‏ عزل يزيد عن خراسان يقال إن الحجاج وفد إلى عبد الملك ومر في طريقه براهب قيل له إن عنده علماً من الحدثان فقال‏:‏ هل تجدون في كتابكم ما أنتم فيه‏.‏ قال نعم‏:‏ فقال مسمى أو موصوفاً قال موصوفاً‏.‏ قال‏:‏ فما تجدون صفة ملكنا قال صفته كذا‏.‏ قال ثم من‏.‏ قال آخر اسمه الوليد‏.‏ قال ثم من قال آخر اسمه ثقفي‏.‏ قال فمن تجد بعدي‏.‏ قال رجل يدعى يزيد‏.‏ قال أتعرف صفته قال لا أعرف صفته إلا أن يغدر غدرة‏.‏ فوقع في نفس الحجاج أنه يزيد بن المهلب ووجل منه وقدم على عبد الملك‏.‏ ثم عاد إلى خراسان وكتب إلى عبد الملك يذم يزيد وآل المهلب وأنهم زبيرية فكتب إليه أن وفاءهم لآل الزيبر يدعوهم إلى الوفاء لي‏.‏ فكتب إليه الحجاج يخوفه غدرهم وما يقول الراهب‏.‏ فكتب إليه عبد الملك أنك أكثرت في يزيد فانظر من تولي مكانه‏.‏ فسمى له قتيبة بن مسلم فكتب له أن يوليه‏.‏وكره الحجاج أن يكاتبه بالعزل فاستقدمه وأمره أن يستخلف أخاه المفضل واستشار يزيد حصين بن المنذر الرقاشي فقال له‏:‏ أقم واعتل وكاتب عبد الملك فإنه حسن الرأي فيك‏.‏ نحن أهل بيت بورك لنا في الطاعة وأنا أكره الخلاف وأخذ يتجهز وأبطأ‏.‏ فكتب الحجاج إلى المفضل بولاية خراسان واستلحاق يزيد‏.‏ فقال إنه لا يضرك بعدي وإنما ولاك مخافة أن أمتنع‏.‏ وخرج يزيد في ربيع سنة خمس وثمانين‏.‏ ثم عزل المفضل لتسعة أشهر من ولايته وولى قتيبة بن مسلم‏.‏ وقيل سبب عزل اليزيد أن الحجاج أذل العراق كلهم إلا آل المهلب وكان يستقدم يزيد فيعتل عليه بالعدا والحروب‏.‏ وقيل كتب إليه أن يغزو خوارزم فاعتذر إليه بأنها قليلة السلب شديدة الكلف‏.‏ ثم استقدمه بعد ذلك فقال إلى أن أغزو خوارزم‏.‏ فكتب الحجاج لا تغزها فغزاها وأصاب سبياً وصالحه أهلها وانفتل في الشتاء‏.‏ وأصاب الناس البرد فتدثروا بلباس الأسرى فبقوا عراياً وقتلهم المفضل‏.‏ ولما ولي المفضل خراسان غزا باذغيس ففتحها وأصاب مغنماً فقسمه ثم غزا شومان فغنم وقسم ما أصابه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:28

مقتل موسى بن حازم
كان عبد الله بن حازم لما قتل بني تميم بخراسان وافترقوا عليه فخرج إلى نيسابور وخاف بنو تميم على ثقله بمرو فقال لابنه موسى‏:‏ اقطع نهر بلخ حتى نلتجىء إلى بعض الملوك أو إلى حصن نقيم فيه‏.‏ فسار موسى عن مرو في مائتين وعشرين فارساً واجتمع إليه شبه الأربعمائة وقوم من بني سليم وأتى قم فقاتله أهلها فظفر بهم وأصاب منهم مالاً وقطع النهر‏.‏ وسأل صاحب بخارى أن يأوي إليه فأبى وخافه وبعث إليه بصلة فسار عنه وعرض نفسه على ملوك الترك فأبوا خشية منه وأتى سمرقند فأذن له ملكها طرخون ملك الصغد في المقام فأقام وبلغه قتل أبيه عبد الله بن حازم ولم يزل مقيماً بسمرقند‏.‏ وبارز بعض أصحابه يوماً بعض الصغد فقتله فأخرجه طرخون عنه فأتى كش فنزلها ولم يطق صاحبها مدافعته واستجاش عليه بطرخون‏.‏ فخرج موسى للقائه وقد اجتمع معه سبعمائة فارس فاقتتلوا إلى الليل ودس موسى بعض أصحابه إلى طرخون يخوفه عاقبة أمره وأن كل من يأتي خراسان يطالبه بدمه‏.‏ فقال يرتحل عن كش‏.‏ قال له نعم وكف حتى ارتحل وأتى ترمذ فنزل إلى جانب حصن بها مشرف على النهر وأبى ملك ترمذ من تمليكه الحصن فأقام هنالك ولاطف الملك وتودد له وصار يتصيد معه‏.‏ وصنع له الملك يوماً طعاماً وأحضره في مائة من أصحابه ليأكلوا فلما طعموا امتنعوا من الذهاب وقال موسى‏:‏ هذا الحصن إما بيتي أو قبري وقاتلهم فقتل منهم عدة واستولى على الحصن وأخرج ملك ترمذ ولم يتعرض له ولا لأصحابه‏.‏ ولحق به جمع من أصحاب أبيه فقوي بهم وكان يغير على ما حوله‏.‏ولما ولي أمية خراسان سار لغزوه وخالفه بكير كما تقدم‏.‏ ثم بعث إليه بعد صلحه مع بكير الجيوش مع رجل من خزاعة وحاصروه‏.‏ وعاود ملك ترمذ استنصاره بالترك في جمع كثير ونزلوا عليه من جانب آخر‏.‏ وكان يقاتل العرب أول النهار والترك آخره ثلاثة أشهر‏.‏ ثم بيت الترك ليلة فهزمهم وحوى عسكرهم بما فيه من المال والسلاح ولم يهلك من أصحابه إلا ستة عشر رجلاً‏.‏ وأصبح الخزاعي والعرب وقد خافوا مثلها‏.‏ وغدا عمر بن خالد بن حصين الكلابي على موسى بن حازم وكان صاحبه فقال إنا لا نظفر إلا بمكيدة فاضربني وخلني فضربه خمسين سوطاً فلحق بالخزاعي وقال‏:‏ إن ابن حازم اتهمني بعصبيتكم وإني عين لكم فأمنه الخزاعي وأقام عنده‏.‏ ودخل عليه يوماً وهو خال فقال له لا ينبغي أن تكون بغير سلاح‏.‏ فرفع طرف فراشه وأراه سيفاً منتضى تحته فضربه عمر حتى قتله ولحق بموسى‏.‏ وتفرق الجيش واستأمن بعضهم موسى‏.‏ ولما ولي المهلب على خراسان قال لبنيه إياكم وموسى فإنه إن مات جاء على خراسان أمير من قيس‏.‏ ثم لحق به حريث وثابت ابنا قطنة الخزاعي فكانا معه‏.‏ ولما ولي يزيد أخذ أموالهما وحرمهما وقتل أخاهما للأم الحارث بن معقد فسار ثابت إلى طرخون صريخاً وكان محبباً إلى الترك فغضب له طرخون‏.‏ وجمع له نيزك وملك الصغد وأهل بخارى والصاغان فقدموا مع ثابت إلى موسى وقد اجتمع عليه فل عبد الرحمن بن عباس من هراة وفل ابن الأشعث من العراق ومن كابل‏.‏ فكان معه نحو ثمانية آلاف فقال له ثابت وحريث‏:‏ سر بنا في هذا العسكر مع الترك فنخرج يزيد من خراسان ونوليك فحذر موسى أن يغلباه على خراسان ونصحه بعض أصحابه في ذلك فقال لهما إن أخرجنا يزيد قدم عامل المدينة عبد الملك ولكنا نخرج عمال يزيد من وراء النهر ويكون لنا فأخرجوهم وانصرف طرخون والترك‏.‏ وقوي أمر العرب بترمذ وجبوا الأموال واستبد ثابت وحريث على موسى وأغراه أصابه بهما فهم بقتلهما وإذا بجموع العجم قد خرجت إليهم من الهياطلة والتبت والترك فخرج موسى فيمن معه للقتال‏.‏ ووقف ملك الترك على ما قيل في عشرة آلاف فحمل عليهم حريث بن قطنة حتى أزالهم عن موضعهم وأصيب بسهم في وجهه وتحاجزوا‏.‏ ثم بيتهم موسى فانهزموا وقتل من الترك خلق كثير ومات منهم قليل‏.‏ ومات حريث بعد يومين ورجع موسى بالظفر والغنيمة‏.‏ وقال له أصحابه قد كفينا أمر حريث فاكفنا أمر ثابت فأبى‏.‏ وبلغ ثابت بعض ما كانوا يخوضون فيه ودس محمد بن عبد الله الخزاعي عليهم على أنه من سبي الباسيان ولا يحسن العربية فاتصل بموسى وكان ينقل إلى ثابت خبر أصحابه فقال لهم ليلة قد أكثرتم علي فعلى أي وجه تقتلونه ولا أغدر به‏.‏ فقال له أخوه نوح إذا أتاك غداً عدلنا به إلى بعض الدور فقتلناه قبل أن يصل إليك‏.‏ فقال والله إنه لهلاككم وجاء الغلام إلى ثابت بالخبر فخرج من ليلته في عشرين فارساً وأصبحوا ففقدوه وفقدوا الغلام فعلموا أنه كان عيناً‏.‏ ونزل ثابت بحشود واجتمع إليه خلق كثير من العرب والعجم‏.‏ وسار إليه موسى وقاتله فحصر ثابتاً بالمدينة‏.‏ وأتاه طرخون مدد فرجع موسى إلى ترمذ‏.‏ ثم اجتمع ثابت وطرخون وأهل بخارى ونسف وأهل كش في ثمانين ألفاً‏.‏ فحاصروا موسى بترمذ حتى جهد أصحابه‏.‏ وقال يزيد بن هذيل والله لأقتلن ثابتاً أو أموت فاستأمن إليه وحذره بعض أصحابه منه فأخذ ابنيه قدامة والضحاك رهناً وأقام يزيد يتلمس غرة ثابت‏.‏ ومات ابن الزياد والقصير الخزاعي فخرج إليه ثابت يعزيه وهو بغير سلاح فضربه يزيد على رأسه وهرب‏.‏ وأخذ طرخون قدامة والضحاك ابني يزيد فقتلهما‏.‏ وهلك ثابت لسبعة أيام وقام مكانه من أصحابه ظهير وضعف أمرهم وبيتهم موسى ليلاً في ثلثمائة فبعث إليه طرخون كف أصحابك فإنا نرحل الغداة‏.‏ فرجع وارتحل طرخون والعجم جميعاً‏.‏ولما ولي المفضل خراسان بعث عثمان بن مسعود في جيش إلى موسى بن حازم وكتب إلى مدرك بن المهلب في بلخ بالمسير معه فعبر النهر في خمسة عشر ألفاً وكتب إلى رتبيل وإلى طرخون أن يكونوا مع عثمان فحاصروا موسى بن حازم فضيقوا عليه شهرين وقد خندق عثمان على معسكره‏.‏ حذر البيات‏.‏ فقال موسى لأصحابه اخرجوا بنا مستميتين واقصدوا الترك فخرجوا وخلف النضر ابن أخيه سليمان في المدينة‏.‏ وقال له‏:‏ إن أنا قتلت فملك المدينة لمدرك بن المهلب دون عثمان وجعل ثلث أصحابه بإزاء عثمان وقال لا تقاتلوه إلا إن قاتلكم‏.‏ وقصد طرخون وأصحابه وصدقوهم القتال فانهزم طرخون وأخذوا وحجزت الترك والصغد بينهم وبين الحصن فقاتلهم فعقروا فرسه وأردفه مولى له فبصر به عثمان حين وثب فعرفه فقصده وعقروا به الفرس وقتلوه وقتل خلق كثير من العرب‏.‏ وتولى قتل موسى واصل العنبري ونادى منادي عثمان بكف القتل وبالأسر وبعث النضر بن سليمان إلى مدرك بن المهلب فسلم إليه مدينة ترمذ وسلمها مدرك إلى عثمان‏.‏ وكتب المفضل إلى الحجاج بقتل موسى فلم يسره لأنه من قيس وكان قتل موسى سنة خمس وثمانين لخمس عشرة سنة من تغلبه على ترمذ‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:28

البيعة للوليد بالعهد
وكان عبد الملك يروم خلع أخيه عبد العزيز من ولاية العهد والبيعة لابنه الوليد وكان قبيصة ينهاه عن ذلك ويقول‏:‏ لعل الموت يأتيه وتدفع العار عن نفسك وجاءه روح بن زنباغ ليلة وكان عنده عظيماً ففاوضه في ذلك فقال‏:‏ لو فعلته ما انتطح فيه عنزان‏.‏ فقال نصلح إن شاء الله وأقام روح عنده ودخل عليهما قبيصة بن ذؤيب من جنح الليل وهما نائمان وكان لا يحجب عنه وإليه الخاتم والسكة فأخبره بموت عبد العزيز أخيه‏.‏ فقال روح كفانا الله ما نريد‏.‏ ثم ضم مصر إلى ابنه عبد الله بن عبد الملك وولاه عليها‏.‏ ويقال‏:‏ إن الحجاج كتب إلى عبد الملك يزين له بيعة الوليد فكتب إلى عبد العزيز إني رأيت أن يصير الأمر إلى ابن أخيك فكتب له أن تجعل الأمر له من بيعة فكتب له إني أرى في أبي بكر ما ترى في الوليد‏.‏ فكتب له عبد الملك أن يحمل خراج مصر فكتب إليه عبد العزيز إني وإياك يا أمير المؤمنين قد أشرفنا على عمر أهل بيتنا ولا ندري أينا يأتيه الموت فلا تفسد علي بقية عمري فرق له عبد الملك وتركه‏.‏ ولما بلغ الخبر بموت عبد العزيز عبد الملك أمر الناس بالبيعة لابنه الوليد وسليمان وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان‏.‏ وكان على المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي فدعا الناس إلى البيعة فأجابوا وأبى سعيد بن المسيب فضربه ضرباً مبرحاً وطاف به وحبسه‏.‏ وكتب عبد الملك إلى هشام يلومه ويقول‏:‏ إن سعيداً ليس عنده شقاق ولا نفاق ولا خلاف وقد كان ابن المسيب امتنع من بيعة ابن الزبير‏.‏ فضربه جابر بن الأسود عامل المدينة لابن الزبير ستين سوطاً وكتب إليه ابن الزبير يلومه‏.‏ وقيل‏:‏ إن بيعة الوليد وسليمان كانت سنة أربع وثمانين والأول أصح‏.‏ وقيل قدم عبد العزيز على أخيه عبد الملك من مصر فلما فارقه وصاه عبد الملك فقال ابسط بشرك وألن كنفك وآثر الرفق في الأمور فهو أبلغ لك وانظر حاجبك وليكن من خير أهلك فإنه وجهك ولسانك‏.‏ ولا يقفن أحد ببابك إلا أعلمك مكانه لتكون أنت الذي تأذن له أو ترده فإذا خرجت إلى مجلسك فابدأ جلساءك بالكلام يأنسوا بك وتثبت في قلوبهم محبتك‏.‏ وإذا انتهى إليك مشكل فاستظهر عليه بالمشورة فإنها تفتح مغاليق الأمور المبهمة‏.‏ واعلم أن لك نصف الرأي ولأخيك نصفه ولن يهلك امرؤ من مشورة‏.‏ وإذا سخطت على أحد فأخر عقوبته فإنك على العقوبة بعد التوقف عنها أقدر منك على ردها بعد إصابتها‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:29

وفاة عبد الملك وبيعة الوليد
ثم توفي عبد الملك منتصف شوال سنة ست وثمانين وأوصى إلى بنيه فقال‏:‏ أوصيكم بتقوى الله فإنها أزين حلية وأحصن كهف ليعطف الكبير منكم على الصغير وانظروا مسلمة فاصدروا عن رأيه فإنه نابكم الذي عنه تفترون ولحيكم الذي عنه ترمون‏.‏ وأكرموا الحجاج فإنه الذي وطأ لكم المنابر ودوخ لكم البلاد وأذل لكم مغنى الأعداء‏.‏ وكونوا بني أم بررة لا تدب بينكم العقارب‏.‏ وكونوا في الحرب أحراراً فإن القتال لا يقرب منية‏.‏ وكونوا للمعروف مناراً فإن المعروف يبقى أجره وذخره وذكره وضعوا معروفكم عند ذوي الأحساب فإنه لصون له واشكر لما يؤتى إليهم منه وتعهدوا ذنوب أهل الذنوب فإن استقالوا فأقيلوا وإن عادوا فانتقموا‏.‏ ولما دفن عبد الملك قال الوليد‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون والله المستعان على مصيبتنا بموت أمير المؤمنين والحمد لله على ما أنعم علينا من الخلافة‏.‏ فكان أول من عزى نفسه وهنأها‏.‏ ثم قام عبد الله بن همام السامولي وهو يقول‏:‏ الله أعطاك التي لا فوقها وقد أراد الملحدون عوقها‏.‏ عنك ويأبى الله إلا سوقها إليك حتى قلدوك طوقها‏.‏ وبايعه ثم بايعه الناس بعده وقيل إن الوليد صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس لا مقدم لما أخره الله ولا مؤخر لما قدمه الله وقد كان من قضاء الله وسابق علمه وما كتب على أنبيائه وحملة عرشه الموت وقد صار إلى منازل الأبرار وولي هذه الأمة بالذي يحق عليه في الشدة على المذنب واللين لأهل الحق والفضل وإقامة ما أقام الله من منازل الإسلام وإعلائه من حج البيت وغزو الثغور وشن الغارة على أعداء الله فلم يكن عاجزاً ولا مفرطاً‏.‏ أيها الناس عليكم بالطاعة ولزوم الجماعة فإن الشيطان مع المنفرد‏.‏ أيها الناس من أبدى لنا ذات نفسه ضربنا الذي فيه عيناه ومن سكت مات بدائه ثم نزل‏.‏ قدم قتيبة خراسان أميراً عن الحجاج سنة ست وثمانين فعرض الجند وحث على الجهاد وسار غازياً وجعل على الحرب بمرو إياس بن عبد الله بن عمرو وعلى الخراج عثمان بن السعد وتلقاه دهاقين البلخ والطالقان وساروا معه‏.‏ ولما عبر النهر تلقاه ملك الصغانيان بهداياه‏.‏ وكان ملك أخرون وسومان يسيء جواره فدعاه إلى بلاده وسلمها إليه‏.‏ وسار قتيبة إلى أخرون وسومان وهو من طخارستان فصالحه ملكهما على فدية أداها إليه وقبضها ثم انصرف إلى مرو واستخلف على الجند أخاه صالح بن مسلم ففتح بعد رجوع قتيبة كاشان وأورشت من فرغانة ثم أخسيكت مدينة فرغانة القديمة‏.‏ وكان معه ابن يسار وأبلى في هذه الغزاة‏.‏ وقيل إن قتيبة قدم خراسان سنة خمس وثمانين وكان من ذلك السبي امرأة برمك‏.‏ وكان برمك على النوبهار فصارت لعبد الله بن مسلم أخي قتيبة فوقع عليها وعلقت منه بخالد ثم صالح أهل بلخ وأمر قتيبة برد السبي فألحق عبد الله به حملهما‏.‏ ثم ردت إلى برمك‏.‏وذكر أن ولد عبد الله بن مسلم ادعوه ورفعوا أمرهم إلى المهدي وهو بالري فقال لكم بعض قرابتهم إنكم إن استلحقتموه لا بد لكم أن تزوجوه فتركوه‏.‏ ولما صالح قتيبة ملك سومرن كتب إلى بترك طرخان صاحب باذغيس فيمن عنده من أسرى المسلمين وهددهم فبعث بهم إليه‏.‏ ثم كتب إليه يستقدمه على الأمان فخشي وتثاقل ثم قدم وصالح لأهل باذغيس على أن لا يدخلها قتيبة ثم غزا بيكنداد في مدائن بخارى إلى النهر سنة سبع وثمانين‏.‏ فلما نزل بهم استجاشوا بالصغد وبمن حولهم من الترك وساروا إليه في جموع عظيمة وأخذوا عليه الطرق‏.‏ فانقطعت الأخبار والرسل ما بينه وبين المسلمين شهرين ثم هزمهم بعض الأيام وأثخن فيهم بالقتل والأسر وجاء إلى السور ليهدمه فسألوا الصلح فصالحهم واستعمل عليهم وسار عنهم غير بعيد‏.‏ فقتلوا العامل ومن معه فرجع إليهم وهدم سورهم وقتل المقاتلة وسبى الذرية وغنم من السلاح وآنية الذهب والفضة ما لم يصيبوا مثله‏.‏ثم غزا سنة ثمان وثمانين بلد نومكثت فصالحوه وسار إلى رامسة فصالحوه أيضاً فانصرف وزحف أيضاً إليه الترك والصغد وأهل فرغانة في مائتي ألف وملكهم كوربعابور ابن أخت ملك الصين واعترضوا مقدمته وعليها أخوه عبد الرحمن فقاتلهم حتى جاء قتيبة وكان ينزل معه فأبلى مع المسلمين‏.‏ ثم انهزم الترك وجموعهم ورجع قتيبة إلى مرو ثم أمره الحجاج سنة تسع وثمانين بغزو بخارى وملكها وردان خذاه فعبر النهر من زم ولقيه الصغد وأهل كش ونسف بالمفازة وقاتلوه فهزمهم ومضى إلى بخارى فنزل عن يمين وردان ولم يظفر منه بشيء ورجع إلى مرو‏.‏كان الوليد عزل هشام بن إسماعيل المخزومي عن المدينة سنة سبع وثمانين لأربع سنين من ولايته وولى عليها عمر بن عبد العزيز فقدمها ونزل دار مروان ودعا عشرة من فقهاء المدينة فيهم الفقهاء السبعة المعروفون فجعلهم أهل مشورته لا يقطع أمراً دونهم وأمرهم أن يبلغوه الحاجات والظلامات فشكروه وجزوه خيراً ودعا له الناس‏.‏ ثم كتب إليه سنة ثمان أن يدخل حجر أمهات المؤمنين في المسجد ويشتري ما في نواحيه حتى يجعله مائتي ذراع في مثلها وقدم القبلة‏.‏ ومن أبى أن يعطيك ملكه فقومه قيمة عدل وادفع إليه الثمن واهدم عليه الملك ولك في عمر وعثمان أسوة‏.‏ فأعطاه أهل الأملاك ما أحب منها بأثمانها وبعث الوليد إلى ملك الروم أنه يريد بناء المسجد فبعث إليه ملك الروم بمائة ألف مثقال من الذهب ومائة من الفعلة وأربعين حملاً من الفسيفساء وبعث بذلك كله إلى عمر بن عبد العزيز واستكثر معهم من فعلة الشام وشرع عمر في عمارته اه‏.‏ وولى الوليد في سنة تسع وثمانين على مكة خالد بن عبد الله القسري‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:30

فتح السند
كان الحجاج قد ولى على ثغر السند ابن عمه محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل وجهز معه ستة آلاف مقاتل ونزل مكران فأقام بها أياماً‏.‏ ثم أتى فيريوز ففتحها ثم أرمايل‏.‏ ثم سار إلى الدبيل وكان به بد عظيم في وسط المدينة على رأسه دقل عظيم وعليه راية‏.‏ فإذا هبت الريح دارت فأطافت بالمدينة‏.‏ والبد صنم مركوز في بناء والدقل منارة عليه‏.‏ وكل ما يعبد فهو عندهم بد‏.‏ فحاصر الدبيل ورماهم بالمنجنيق فكسر الدقل فتطيروا بذلك‏.‏ ثم خرجوا إليه فهزمهم وتسنم الناس الأسوار ففتحت عنوة وأنزل فيها أربعة آلاف من المسلمين وبنى جامعها وسار عنها إلى النيروز‏.‏ وقد كانوا بعثوا إلى الحجاج وصالحوه فلقوا محمداً بالميرة وأدخلوه مدينتهم وسار عنها‏.‏ وجعل لا يمر بمدينة من مدائن السند إلا فتحها حتى بلغ نهر مهران واستعد ملك السند لمحاربته واسمه داهر بن صصة‏.‏ ثم عقد الجسر على النهر وعبر فقاتله داهر وهو على الفيل وحوله الفيلة‏.‏ ثم اشتد القتال وترجل داهر فقاتل حتى قتل وانهزم الكفار واستلحمهم المسلمون‏.‏ ولحقت امرأة داهر بمدينة رارو فساروا إليها وخافته فأحرقت نفسها وجواريها‏.‏ وملك المدينة ولحق الفل بمدينة بدهمتاباد العتيقة على فرسخين من مكان المنصورة وهي يومئذ غيضة ففتحها عنوة واستلحم من وجد بها وخربها‏.‏ ثم استولى على مدائن السند واحدة واحدة وقطع نهر ساسل إلى الملقاد فحاصرها وقطع الماء عنها فنزلوا على حكمه‏.‏ فقتل المقاتلة وسبى الذرية وقتل سدنة البلد وهم ستة آلاف‏.‏ وأصابوا في البلد ذهباً كثيراً في بيت طوله عشرة أذرع وعرضه ثمانية كانت الأموال تهدى إليه من البلدان ويحجون إليه ويحلقون شعرهم عنده ويزعمون أنه هو أيوب‏.‏ فاستكمل فتح السند وبعث من الخمس بمائة وعشرين ألف‏:‏ ألف وكانت النفقة نصفها‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:31

فتح الطالقان وسمرقند وغزو كش ونسف والشاش وفرغانة وصلح خوارزم
قد تقدم أن قتيبة غزا بخارى سنة تسع وثمانين وانصرف عنها ولم يظفر‏.‏ وبعث إليه الحجاج سنة تسعين يوبخه على الانصراف عنها ويأمره بالعود‏.‏ فسار إليها ومعه نيزك طرخان صاحب باذغيس وحاصرها‏.‏ واستجاش ملكها وردان أخذاه بمن حوله من الصغد والترك‏.‏ فلما جاء مددهم خرجوا إلى المسلمين وكانت الأزد في المقدمة فانهزموا حتى جازوا عسكر المسلمين ثم رجعوا وزحفت العساكر حتى ردوا الترك إلى موقفهم ثم زحف بنو تميم وقاتلوا الترك حتى خالطوهم في مواقفهم وأزالوهم عنها‏.‏ وكان بين المسلمين وبينهم نهر لم يتجاسر أحد على عبوره إلا بنو تميم فلما زالوا عن مواقفهم عبر الناس واتبعوهم وأثخنوا فيهم بالقتل وخرج خاقان وابنه وفتح الله على المسلمين وكتب بذلك إلى الحجاج‏.‏ ولما استوت الهزيمة جاء طرخون ملك الصغد ومعه فارسان ودنا من عسكر قتيبة يطلب الصلح على فدية يؤديها فأجابه قتيبة وعقد له ورجع قتيبة ومعه نيزك وقد خافه لما رأى من الفتوح فاستأذنه في الرجوع وهو بآمد فرجع يريد طخارستان وأسرع السير‏.‏ وبعث قتيبة إلى المغيرة بن عبد الله يأمره بحبسه وتبعه المغيرة فلم يدركه وأظهر نيزك الخلع ودعا لذلك الأصبهبذ ملك بلخ وباذان ملك مرو الروذ وملك الطالقان وملك الفارياب وملك الجوزجان فأجابوه وتوعدوا لغزو قتيبة‏.‏ وكتب إلى كاتب شاه يستظهر به وبعث إليه بأثقاله وأمواله واستأذنه في الإتيان إن اضطر إلى ذلك‏.‏ وكان جيفونة ملك طخارستان نيزك عنده فاستضعفه وقبض عليه وقيده خشية من خلافه وأخرج عامل قتيبة من بلده‏.‏ وبلغ قتيبة خبرهم قبل الشتاء وقد تفرق الجند فبعث أخاه عبد الرحمن بن مسلم في اثني عشر ألف إلى البروقان وقال أقم بها ولا تحدث شيئاً فإذا انقضى الشتاء تقدم إلى طخارستان وأنا قريب منك‏.‏ ولما انصرم الشتاء استقدم قتيبة الجنود من نيسابور وغيرها فقدموا فسار نحو الطالقان وكان ملكها قد دخل معهم في الخلع ففتحها وقتل من أهلها مقتلة عظيمة وصلب منهم سماطين أربعة فراسخ في مثلها واستخلف عليها أخاه محمد بن مسلم وسار إلى القاربات فخرج إليه ملكها مطيعاً‏.‏ واستعمل عليها وسار إلى ثم أتى بلخ وتلقاه أهلها بالطاعة وسار يتبع أخاه عبد الرحمن إلى شعب حمله ومضى نيزك إلى بغلان وخلف المقاتلة على فم الشعب ولا يهتدي إلى مدخل ومضايقوه يمنعونه‏.‏ ووضع أثقاله في قلعة من وراء الشعب‏.‏ وأقام قتيبة أياماً يقاتلهم على فم الشعب ولا يهتدي إلى مدخل حتى دله عليه بعض العجم هنالك على طريق سرب منه الرجال إلى القلعة فقاتلوهم وهرب من بقي منهم ومضى إلى سمنجان ثم إلى نيزك وقدم أخاه عبد الرحمن‏.‏ وارتحل نيزك إلى وادي فرغانة وبعث أثقاله وأمواله إلى كابل شاه ومضى إلى السكون فتحصن به ولم يكن له إلا مسلك واحد صعب على الدواب فحاصره قتيبة شهرين حتى جهدوا وأصابهم جهد الجدري‏.‏ وقرب فصل الشتاء فدعا قتيبة بعض خواصه ممن كان يصادق نيزك فقال‏:‏ انطلق إليه وأثن عليه بغير أمان وإن أعياك فأمنه‏.‏ وإن جئت دونه صلبتك‏.‏ فمضى الرجل وأشار علية بلقائه وأنه عازم على أن يشق هنالك فقال أخشاه فقال له لا يخلصك إلا إتيانك وتنصح له بذلك ولأنه يخشى عليه من غدر أصحابه الذين معه‏.‏ ولم يزل يفتل له في الذروة والغارب وهو يمتنع حتى قال له إنه قد أمنك‏.‏ فأشار عليه أصحابه بالقبول لعلمهم بصدقه وخرج معه نيزك ومعهم جيفونة ملك طخارستان الذي كان قيده حتى انتهوا إلى الشعب وهناك خيل أكمنه الرجل ما كان فيه وكتب إلى الحجاج يستأذنه في قتل نيزك فوافاه كتابه لأربعين يوماً بقتله فقتله وقتل معه صول طرخان خليفة جيفونة وابن أخي نيزك ومن أصحابه سبعمائة وصلبهم وبعث برأسه إلى الحجاج‏.‏ وأطلق جيفونة وبعث إلى الوليد‏.‏ثم رجع إلى مرو‏.‏ وأرسل إليه ملك الجوزجان يستأمنه فأمنه على أن يأتيه فطلب الرهن فأعطاه وقدم‏.‏ ثم رجع فمات بالطالقان وذلك سنة إحدى وتسعين‏.‏ ثم سار إلى شومان فحاصرها وقد كان ملكها طرد عامل قتيبة من عنده فبعث إليه بعد مرجعه من هذه الغزاة أن يؤدي ما كان صالح عليه فقتل الرسول فسار إليه قتيبة وبعث له صالح أخو قتيبة وكان صديقه ينصحه في مراجعة الطاعة فأبى فحاصره قتيبة ونصب عليه المجانيق فهدم الحصن وجمع الملك ما في الحصن من مال وجوهر ورمى به في بئر لا يدرك قعره ثم استمات وخرج فقاتل حتى قتل‏.‏ وأخذ قتيبة القلعة عنوة فقتل المقاتلة وسبى الذرية ثم بعث أخاه عبد الرحمن إلى الصغد وملكهم طرخون فأعطى ما كان عليه قتيبة‏.‏ وسار قتيبة إلى كش ونسف فصالحوه ورجع ولقي أخاه ببخارى وساروا إلى مرو‏.‏ ولما رجع عن الصغد حبس الصغد ملكهم طرخون لإعطائه الجزية وولوا عليهم غورك فقتل طرخون نفسه‏.‏ ثم غزا في سنة اثنتين وتسعين إلى سجستان يريد رتبيل فصالحه وانصرف‏.‏ وكان ملك خوارزم قد غلبه أخوه خراد على أمره وكان أصغر منه وعاث في الرعية وأخذ أموالهم وأهليهم فكتب إلى قتيبة يدعوه إلى أرضه ليسلمها إليه على أن يمكنه من أخيه ومن عصاه من دونهم‏.‏ فأجابه قتيبة ولم يطلع الملك أحداً من مرازبته على ذلك‏.‏ وتجهز قتيبة سنة ثلاث وتسعين وأظهر غزو الصغد فأقبل أهل خوارزم على شأنهم ولم يحتفلوا بغزوه وإذا به قد نزل هزار سب قريباً منهم‏.‏ وجاء أصحاب خوارزم شاه إليه يدعوه للقتال‏.‏ فقال ليس لنا به طاقة ولكن نصالحه على شيء نعطيه كما فعل غيرنا‏.‏ فوافقوه وسار إلى مدينة الفيد من وراء النهر وهذا حصن بلاده‏.‏ وصالحه بعشرة آلاف رأس وعين ومتاع وأن يعينه على خام جرد وقيل على مائة ألف رأس‏.‏ وبعث قتيبة أخاه عبد الرحمن إلى خام جرد وهو عدو لخوارزم شاه فقاتله وقتله عبد الرحمن وغلب على أرضه وأسر منهم أربعة آلاف فقتلهم‏.‏ وسلم قتيبة إلى خوارزم شاه أخاه ومن كان يخالفه من أمرائه فقتلهم ودفع أموالهم إلى قتيبة‏.‏ ولما قبض قتيبة أموالهم أشار عليه المحشر بن مخازم السلمي بغزو الصغد وهم آمنون على مسافة عشرة أيام‏.‏ فقال اكتم ذلك فقدم أخاه الفرسان والرماة وبعثوا بالأثقال إلى مرو وخطب قتيبة الناس وحثهم على الصغد وذكرهم الضغائن فيهم‏.‏ ثم سار فأتى الصغد بعد ثلاث من وصول أخيه فحاصرهم بسمرقند شهراً واستجاشوا ملك الشاش وأخشاد خاقان وفرغانة فانتخبوا أهل النجدة من أبناء الملوك والمرازبة والأساورة وولوا عليهم ابن خاقان وجاؤوا إلى المسلمين فانتخب قتيبة من عسكره ستمائة فارس وبعث بهم أخاه صالحاً لاعتراضهم في طريقهم فلقوهم بالليل وقاتلوهم أشد قتال فهزموهم وقتلوهم وقتلوا ابن خاقان ولم يفلت منهم إلا القليل وغنموا ما معهم ونصب قتيبة المجانيق فرماهم بها وثلم السور واشتد في قتالهم وحمل الناس عليهم إلى أن بلغوا الثلمة‏.‏ ثم صالحوه على ألفي ألف ومائتي ألف مثقال في كل عام وأن يعطوه تلك السنة ثلاثين ألف رأس وأن يمكنوه من بناء مسجد بالمدينة ويخلوها حتى يدخل فيصلي فيه‏.‏ فلما فعل ذلك ودخل المدينة أكرههم على إقامة جند فيها‏.‏ وقيل إنه شرط عليهم الأصنام وما في بيوت النار فأعطوه فأخذ الحلية وأحرق الأصنام وجمع من بقايا مساميرها وكانت ذهباً خمسين ألف مثقال‏.‏ وبعث بجارية من سبيها من ولد يزدجرد إلى الحجاج فأرسلها الحجاج إلى الوليد وولدت له يزيد‏.‏ ثم قال فورك لقتيبة انتقل عنا فانتقل وبعث إلى الحجاج بالفتح‏.‏ ثم رجع إلى مرو واستعمل على سمرقند إياس بن عبد الله على حربها وعبيد الله بن أبي عبيد الله مولى مسلم على خراجها فاستضعف أهل خوارزم إياساً وجمعوا له فبعث قتيبة عبد الله عاملاً على سمرقند وأمره أن يضرب إياساً وحبايا السطي مائة مائة ويخلعهما‏.‏ فلما قرب عبد الله من خوارزم مع المغيرة بن عبد الله فبلغهم ذلك وخشي ملكهم من أبناء الذين كان قتلهم ففر إلى بلاد الترك‏.‏ وجاء المغيرة فقتل وسبى وصالحه الباقون على الجزية ورجع إلى قتيبة فولاه على نيسابور‏.‏ ثم غزا قتيبة سنة أربع وتسعين إلى ما وراء النهر وفرض البعث على أهل بخارى وكش ونسف وخوارزم فسار منهم عشرون ألف مقاتل فبعثهم إلى الشاش‏.‏ وسار هو إلى خجندة فجمعوا له واقتتلوا مراراً كان الظفر فيها للمسلمين وفتح الجند الذين ساروا إلى مدينة الشاش وأحرقوها ورجعوا إلى قتيبة وهو على كشان مدينة فرغانة وانصرف إلى مرو‏.‏ ثم بعث الحجاج إليه جيشاً من العراق وأمره بغزو الشاش فسار لذلك وبلغه موت الحجاج فرجعوا إلى مرو‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:31

خبر يزيد بن المهلب وإخوته
كان الحجاج قد حبس يزيد وإخوته سنة ست وثمانين وعزل حبيب بن المهلب عن كرمان فأقاموا في محبسهم إلى سنة تسعين وبلغه أن الأكراد غلبوا على فارس فعسكر قريباً من البصرة للبعث وأخرج معه بني المهلب وجعلهم في فسطاط قريباً منه ورتب عليهم الحرس من أهل الشام‏.‏ ثم طلب منهم ستة آلاف ألف وأمر بعذابهم وبكت أختهم هند بنت المهلب زوجة الحجاج فطلقها‏.‏ ثم كف عنهم وجعل يستأدبهم وبعثوا إلى أخيهم مروان وكان على البصرة أن يعد لهم خيلاً وكان حبيب منهم يعذب بالبصرة‏.‏ فصنع يزيد للحرس طعاماً كثيراً وأمر لهم بشراب فآقاموا يتعاقرون واستغفلهم يزيد والمفضل وعبد الملك وخرجوا ولم يفطنوا لهم‏.‏ ورفع الحرس خبرهم إلى الحجاج فخشيهم على خراسان وبعث البريد إلى قتيبة ليخبرهم ليحذرهم وكان يزيد قد ركب السفن إلى البطائح واستقبلته الخيل المعدة له هناك وساروا إلى الشام على السماوة ومعهم دليل من كلب‏.‏ ونمي خبرهم فبعث إلى الوليد بذلك وقدموا إلى فلسطين فنزلوا على وهيب بن عبد الرحمن الأزدي وكان كريماً على سليمان فأخبره بحالهم وأنهم استجاروا به من الحجاج فقال ائتني بهم فقد أجرتهم‏.‏ وكتب الحجاج إلى الوليد أن بني المهلب خانوا مال الله وهربوا مني فلحقوا بسليمان فسكن ما به لأنه كان خشيهم على خراسان كما خشيهم الحجاج وكان غاضباً للمال الذي ذهبوا به‏.‏ فكتب سليمان إلى الوليد أن يزيداً عندي وقد أمنته وكان الحجاج أغرمه ستة آلاف ألف فأد نصفها وأنا أؤدي النصف‏.‏فكتب الوليد لا أؤمنه حتى تبعث به فكتب سليمان لأجيئن معه فكتب الوليد إذن لا أؤمنه‏.‏ فقال يزيد لسليمان لا يتشاءم الناس بي لكما فاكتب معي وتلطف ما أطقت فأرسله وأرسل معه ابنه أيوب وكان الوليد أمر أن يبعث مقيداً‏.‏ فقال سليمان لابنه ادخل على عمك أنت ويزيد في سلسلة‏.‏ فقال الوليد لما رأى ذلك لقد بلغنا من سليمان‏.‏ ثم دفع أيوب كتاب أبيه بالشفاعة وضمان المال عن يزيد فقرأه الوليد واستعطفه أيوب في ذمة أبيه وجواره وتكلم يزيد واعتذر فأمنه الوليد ورجع إلى سليمان وكتب الوليد إلى الحجاج بالكف عنهم فكف عن حبيب وأبي عبسة وكانا عنده وأقام يزيد عند سليمان يهدي إليه الهدايا ويصنع له الأطعمة‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:31

ولاية خالد القسري علي مكة وإخراج سعيد بن جبير عنها ومقتله
ولما كان في سنة ثلاث وتسعين كتب عمر بن عبد العزيز إلى الوليد يقص عليه أفعال الحجاج بالعراق وما هم فيه من ظلمه وعدوانه فبلغ بذلك الحجاج فكتب إلى الوليد‏:‏ إن كثيراً من المراق وأهل الشقاق قد انجلوا عن العراق ولحقوا بالمدينة ومكة ومنعهم عمر وأصابه من ذلك وهن‏.‏ فولى الوليد على مكة خالد بن عبد الله القسري وعثمان بن حيان بإشارة الحجاج وعزل عمر عن الحجاز وذلك في شعبان من السنة‏.‏ ولما قدم خالد مكة أخرج من كان بها من أهل العراق كرهاً وتهدد من أنزل عراقياً أو أجره داراً وكانوا أيام عمر بن عبد العزيز يلجأ إلى مكة والمدينة كل من خاف الحجاج فيأمن‏.‏ وكان منهم سعيد بن جبير هارباً من الحجاج وكان قد جعله على عطاء الجند الذين وجههم مع عبد الرحمن بن الأشعث إلى قتال رتبيل‏.‏ فلما خرج عبد الرحمن كان سعيد فيمن خلع فكان معه إلى أن هزم وسار إلى بلاد رتبيل فلحق سعيد بأصبهان وكتب الحجاج فيه إلى عماملها فتحرج من ذلك ودس إلى سعيد فسار إلى أذربيجان‏.‏ ثم طال عليه المقام فخرج إلى مكة فكان بها مع ناس أمثاله من طلبة الحجاج يستخفون بأسمائهم‏.‏ فلما قدم خالد بن عبد الله مكة أمره الوليد بحمل أهل العراق إلى الحجاج فأخذ سعيد بن جبير ومجاهداً وطلق بن حبيب وبعث بهم إلى الحجاج فمات طلق في الطريق وجيء بالآخرين إلى الكوفة وأدخلا على الحجاج‏.‏ فلما رأى سعيداً شتم خالداً القسري على إرساله وقال‏:‏ لقد كنت أعرف أنه بمكة وأعرف البيت الذي كان فيه ثم أقبل على سعيد وقال‏:‏ ألم أشركك في أمانتي‏.‏ ألم أستعملك‏.‏ ثم تفعل يعدد أياديه عنده‏.‏ فقال‏:‏ بلى قال‏:‏ فما أخرجك على قتالي أنا امرؤ من المسلمين أخطىء مرة وأصيب أخرى‏.‏ ثم استمر في محاورته فقال‏:‏ إنما كانت بيعـة فـي عنقـي فغضـب الحجـاج وقـال‏:‏ ألـم آخـذ بيعتك لعبد الملك بمكة بعد مقتل ابن الزبير ثم جـددت لـه البيعـة بالكوفـة فأخـذت بيعتـك ثانيـاً قـال‏:‏ بلـى قـال‏:‏ فنكثـت بيعتيـن لأميـر المؤمنيـن وتوفـي بواحدة للفاعل ابن الفاعل والله لأقتلنك‏.‏ فقال‏:‏ إني لسعيد كما سمتني أمي فضربت عنقه فهلـل رأسـه ثلاثـاً أفصـح منهـا بمرة‏.‏ ويقال إن عقل الحجاج التبس يومئذ وجعل يقول قيودنا قيودنا فظنوها قيود سعيد بن جبير فأخذوها من رجليه وقطعوا عليها ساقيه وكان إذا نام يرى سعيد بن جبير في منامه آخـذاً بمجامـع ثوبـه يقـول‏:‏ يـا عـدو اللـه فيـم قتلتنـي فينتبـه مرعوبـاً يقـول مـا لـي ولسعيد بن جبير‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:32

وفاة الحجاج
وتوفـي الحجـاج فـي شـوال سنـة خمس وتسعين لعشرين سنة من ولايته العراق ولما حضرته الوفاة استخلف على ولايته ابنه عبد الله وعلى حرب الكوفة والبصرة يزيد بن أبي كبشة وعلى خراجهمـا يزيـد بـن أبـي مسلـم فأقرهـم الوليـد بعـد وفاتـه‏.‏ وكتـب إلـى قتيبـة بن مسلم بخراسان‏:‏ قد عرف أمير المؤمنين بلاءك وجهدك وجهادك أعداء المسلمين وأمير المؤمنين رافعك وصانع بك الـذي تحـب فأتمـم مغازيـك وانتظر ثواب ربك ولا تغيب عن أمير المؤمنين كتبك حتى كأني أنظر إلى بلادك والثغر الذي أنت فيه ولم يغير الوليد أحداً من عمال الحجاج‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:32

أخبار محمد بن القاسم بالسند
كـان محمـد بـن القاسم بالملتان وأتاه خبر وفاة الحجاج هنالك فرجع إلى الدور والثغور وكان قد فتحها ثم جهزه الناس إلى السلماس مع حبيب فأعطوا الطاعة وسالمه أهل شرست وهي مغـزى أهـل البصـرة وأهلهـا يقطعـون فـي البحـر‏.‏ ثم سار في العسكر إلى فخرج إليه دوهر فقاتله محمـد وهزمـه وقتلـه ونـزل أهـل المدينـة علـى حكمـه فقتـل وسبـا‏.‏ ولـم يزل عاملاً على السند إلى أن ولـي سليمـان بـن عبـد الملـك فعزلـه وولـى يزيـد بـن أبـي كبشـة السكسكـي علـى السنـد مكانه‏.‏ فقيده يزيد وبعث به إلى العراق فحبسه صالح بن عبد الرحمن بواسط وعذبه في رجال من قرابة الحجـاج على قتلهم‏.‏ وكان الحجاج قتل أخاه آدم على رأي الخوارج‏.‏ ومات يزيد بن أبي كبشة لثمان عشرة ليلة من مقدمه‏.‏فولى سليمان على السند حبيب بن المهلب فقدمها وقد رجع ملوك السند إلى ممالكهم ورجع حبشة بن داهر إلى برهماباذ فنزل حبيب على شاطىء مهران وأعطاه أهل الروم الطاعـة وحارب فظفر ثم أسلم الملوك لما كتب عمر بن عبد العزيز إلى الإسلام على أن يملكهم وهم أسـوة المسلميـن فيمـا لهـم وعليهـم فأسلـم حبشـة والملـوك وتسمـوا بأسمـاء العرب وكان عمر بن مسلم الباهلـي عامـل عمـر علـى ذلـك الثغـر فغـزا بعـض الهنـد وظفـر‏.‏ ثـم ولـى الجنيـد بـن عبد الرحمن على السنـد أيـام هشـام بـن عبـد الملـك فأتـى شـط مهـران‏.‏ ومنعـه حبشة بن داهر العبور وقال‏:‏ إني قد أعملت وولاني الرجل الصالح ولست آمنك فأعطاه الرهـن ثـم ردهـا حبشـة وكفـر وحـارب فحاربه الجنيد في السفن وأسره ثم قتله‏.‏وهرب صصة بن داهر إلى العراق شاكياً لغدر الجنيد فلم يزل يؤنسه حتى جاءه فقتله‏.‏ ثم غـزا الجنيـد المكيـرج مـن آخر الهند وكانوا انقضوا فاتخذ كباشاً زاحفة ثم صك بها سور المدينة فثلمهـا ودخـل فقتـل وسبـى وغنـم وبعـث العمال إلى المرمد والمعدل ودهج وبعث جيشاً إلى أرين فأغاروا عليها وأحرقوا ربضها وحصل عنده سوى ما حمل أربعون ألف ألف وحمل مثلهـا وولـى تميـم بـن زيـد الضبـي فضعـف ووهـن ومـات قريباً من الدبيل‏.‏ وفي أيامه خرج المسلمون عن بلـاد الهنـد وتركـوا مراكزهـم‏.‏ ثم ولي الحكم ابن سوام الكلبي وقد كفر أهل الهند إلا أهل قصة فبنـى مدينـة سماها المحفوظة وجعلها مأوى المسلمين‏.‏ وكان معه عمر بن محمد بن القاسم وكان يفوض إليه عظائم الأمور وأغزاه عن المحفوظة‏.‏ فلما قدم وقد ظهر أمره فبنى مدينة وسماها المنصورة وهي التي كان أمراء السند ينزلونها واستخلص ما كان غلب عليه العدو ورضي الناس بولايته‏.‏ ثم قتل الحكم وضعفت الدولة الأموية عن الهند وتأتي أخبار السند في دولة المأمون‏.‏ فتح مدينة كاشغر أجمـع قتيبـة لغزو مدينة كاشغر سنة ست وتسعين وهي أدنى مدائن الصين فسار لذلك وحمل مع الناس عيالاتهم ليضعها بسمرقند وعبر النهر وجعل على المجاز مسلحة يمنعون الراجع من العساكر إلا بإذنه‏.‏ وبعث مقدمة إلى كاشغر فغنموا وسبوا وختم أعناق السبي وأوغل حتى قـارب الصيـن‏.‏ فكتـب إليـه ملـك الصيـن يستدعـي مـن أشـراف العـرب مـن يخبره عنهم وعن دينهم‏.‏ فانتخـب قتيبـة عشـرة مـن العـرب كـان منهم هبيرة بن شمرج الكتابي وأمر لهم بعدة حسنة ومتاع من الخز والوشي وخيول أربعة وقال لهم أعلموه أني حالف إني لا أنصرف حتى أطأ بلادهم وأختم ملوكهم وأجبي خراجهم‏.‏ ولما قدموا على ملك الصين دعاهم في اليوم الأول فدخلوا وعليهم الغلائل والأردية وقـد تطيبـوا ولبسـوا النعـال فلـم يكلمهـم الملـك ولا أحـد ممـن حضـره وقالوا بعد انصرافهم هؤلاء نسوان‏.‏ فلبسوا الوشي والمطارف وعمائم الخز وغدوا عليه فلم يكلمهـم وقالـوا هـذه أقـرب إلـى هيئـة الرجال‏.‏ ثم دعاهم الثالثة فلبسوا أسلاحهم وعلى رؤوسهم البيضـات والمغافـر وتوشحـوا السيـوف واعتقلـوا الرمـاح ونكبـوا القسـي فهالهـم منظرهم‏.‏ ثم انصرفـوا وركبـوا فتطـاردوا فعجـب القـوم منهـم‏.‏ ثـم دعـا زعيمهـم هبيرة بن شمرج فسأله لم خالفوا في زيهم فقال‏:‏ أما الأول فإنا نساء في أهلنا وأما الثاني فزينا عند أمرائنا وأما الثالث فزينا لعدونا‏.‏ فاستحسن ذلك ثم قال له‏:‏ قد رأيتم عظم ملكي وأنه ليس أحد يمنعكم مني وقد عرفـت قلتكـم فقولـوا لصاحبكـم ينصـرف وإلا بعثـت مـن يهلككـم‏.‏ فقال هبيرة كيف نكون في قلة وأول خيلنـا فـي بلـادك وآخرهـا فـي منابـت الزيتـون وأما القتل فلسنا نكرهه ولا نخافه ولنا آجال إذا حضرت فلن نتعداها وقد حلف صاحبنا أنه لا ينصرف حتى يطأ أرضكم ويختم ملوككم ويأخذ جزيتكم‏.‏ قال الملك فإنا نخرجه من يمينه نبعث له بتراب من أرضنا فيطؤه ويقبض أبناءنا فيختمهم وبهدية ترضيه ثم أجازهم فأحسن‏.‏ وقدموا على قتيبة فقبل الجزية ووطىء التراب وختم الغلمان وردهم ثم انصرف من غداته‏.‏ وأوفد هبيرة إلى الوليد وبلغه وهو في الفرات موت الوليد‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:33

وفاة الوليد وبيعة سليمان
ثـم توفـي الوليـد فـي منتصـف جمـادى الأخيرة من سنة ست وتسعين وصلى عليه عمر بن عبد العزيز وكان من أفضل خلفاء بني أمية وبنى المساجد الثلاثة‏.‏ مسجد المدينة ومسجد القدس ومسجد دمشق‏.‏ ولمـا أراد بنـاء مسجـد دمشـق كانـت فـي موضعـه كنيسـة فهدمهـا وبناهـا مسجـداً‏.‏ وشكوا ذلك لعمر بن عبد العزيز فقال‏:‏ نرد عليكم كنيستكم ونهم كنيسة توما فإنها خارج المدينة مما فتح عنوة ونبنيها مسجداً فتركوا ذلك‏.‏ وفتح في ولايته الأندلس وكاشغر والهند وكان يتخذ الضياع وكان متواضعًا يمر بالبقال فيسأله بكم حزمة البقل ويسعر عليه‏.‏ وكان يختم القرآن في ثلـاث وفـي رمضـان فـي يوميـن وكـان أراد أن يخلـع أخـاه سليمـان وبايـع لولـده عبـد العزيـز فأبـى سليمـان فكتـب إلى عماله ودعا الناس إلى ذلك فلم يجبه إلا الحجاج وقتيبة وبعض خواصه‏.‏ واستقدم سليمان ثم استبطأه فأجمع السير إليه ليخلعه فمرت دون ذلك‏.‏ ولما مات بويـع سليمـان مـن يومـه وهـو بالرملـة فعـزل عثمان بن حيان من المدينة آخر رمضان وولى عليها أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وعزل ولاة الحجاج عن العراق فولى يزيد بن المهلب على المصريـن وعـزل عنهمـا يزيـد بن أبي مسلم‏.‏ فبعث يزيد أخاه زياداً على عمان وأمر سليمان يزيد بـن المهلـب بنكبـة آل أبـي العقيـل قـوم الحجـاج وبني أبيه وبسط أصناف العذاب عليهم فولى على ذلك عبد الملك بن المهلب‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:33

مقتل قتيبة بن مسلم
ولمـا ولي سليمان خافه قتيبة لما قدمناه من موافقته الوليد على خلعه فخشي أن يولي يزيد بن المهلب خراسان فأجمع خلعه وكتب إليه لئن لم تقرني على ما كنت عليه وتؤمني لأخلعنك ولأملأنها عليك خيلاً ورجلاً فأمنه وكتب له العهد على خراسان‏.‏ وبعث إليه رسوله بذلك فبعـث الرسـول وهـو بحلوان أنه قد خلع وكان هو بعد بعثة كتاب إلى سليمان قد اشتد وجله وأشار عليه أخوه عبد الله بالمعاجلة فدعا الناس إلى الخلع وذكرهم بوائقه وسوء ولاية من تقدمـه فلـم يجبـه أحـد فغضـب وشتمهـم وعدد مثالبهم قبيلة قبيلة فأثنى على نفسه بالأب والبلد والمعشر‏.‏ فغضب الناس وكرهوا خلع سليمان وأجمعوا على خلع قتيبة وخلافه‏.‏ وعذل قتيبة أصحابه فيما كان منه فقال‏:‏ لما لم تجيبوني غضبت فلم أدر ماقلت‏.‏وجـاء الـأزد إلى حضين بن المنذر ‏"‏ بالضاد المعجمة ‏"‏ فقالوا‏:‏ كيف ترى هذا يدعو إلى فساد الدين ويشتمنا فعرف مغزاهم فقال‏:‏ إن مضر بخراسان كثير وتميم أكثرهم وهـم شوكتهـا ولا يرضون بغيرهم فيصيبوا قتيبة ولا أرى لها إلا وكيعاً‏.‏ وكان وكيع موثقاً من قتيبة بعزله وولاية ضـرار بـن حصيـن الضبـي مكانـه‏.‏ وقـال حيـان النبطـي مولـى بنـي شيبـان ليـس لهـا غيـر وكيـع ومشـى النـاس بعضهـم إلـى بعـض سـراً وتولى كبر ذلك حيان‏.‏ ونمي خبره إلى قتيبة فأمر بقتله إذا دخل عليه وتنصح بعض خدم قتيبة بذلك إلى حيان فلما دعاه تمارض واجتمع الناس إلى وكيع وبايعـوه‏.‏ فمـن أهـل البصرة والعالية من المقاتلة تسعة آلاف ومن بكر سبعة آلاف رئيسهم حضين بن المنذر ومن تميم عشرة آلاف عليم ابن زخر ومن الموالي سبعة آلاف عليهم حيان النبطي وقيل من الديلم وسمي نبطياً للكنته‏.‏ وشرط على وكيع أن يحول له الجانب الشرقي من نهر بلخ فقبل وفشا الخبر وبلغ قتيبة فدس ضـرار بـن حيـان الضبـي إلـى وكيـع فبايعـه وجـاء إلـى قتيبة بالخبر فأرسل قتيبة إلى وكيع فاعتذر بالمـرض فقال لصاحب شرطته ائتني به وإن أبى ائتني برأسه فلما جاء وكيع ركب ونادى في الناس فأتوه أرسالاً‏.‏ واجتمع إلى قتيبة أهل بيته وخواصه وثقاته وبنو عمه وأمر فنودي في النـاس قبيلـةً قبيلـةً وأجابـوه بالجفـوة‏.‏ يقـول أيـن بنو فلان فيقولون حيث وضعتهم فنادى بأذكركم الله والرحم فقالوا أنت قطعتها فنادى لكم العتبى فقالوا لا إنا لنا الله إذاً‏.‏ فدعا ببرذون ليركبه فمنعـه ورمحـه فعـاد إلـى سريـره‏.‏ وجـاء حيـان النبطـي فـي العجـم فأمـره عبـد اللـه أخـو قتيبـة أن يحمل على القوم فاعتذر وقال لابنه إذا لقيتني حولت قلنسوتي فمل بالأعاجم إلى وكيع ثم حولها وسار بهم ورمى صالح أخو قتيبة بسهم فحمل إلى أخيه‏.‏ ثم تهايج الناس وجاء إلى عبد الرحمـن أخـي قتيبـة الغوغـاء ونحوهـم فأحرقـوا آرياً فيه إبل قتيبة ودوابه ثم زحفوا به حتى بلغوا فسطاطـه فقطعـوا أطنابـه وجـرح جراحـات كثيرة‏.‏ ثم قطعوا رأسه وقتل معه إخوته عبد الرحمن وعبـد اللـه وصالـح وحصيـن وعبـد الكريم ومسلم وابنه كثير وقيل قتل عبد الكريم بقزوين فكان عدة من قتل من أهله أحد عشر رجلاً ونجا أخوه عمر مع أخواله من تميم‏.‏ ثم صعد وكيع المنبر وأنشد الشعر في الثناء على نفسه وفعله والذم من قتيبة ووعد‏.‏ بحسن السيرة وطلب رأس قتيبة وخاتمه من الأزد وهددهم عليه فجاؤوا به فبعثه إلى سليمان ووفى وكيع لحيان النبطي بما ضمن له‏.‏ كان يزيد بن المهلب لما ولاه سليمان العراق على الحرب والصلاة والخراج استكـره أن يحيـف على الناس في الخراج فتلحقه المذمة كما لحقت الحجاج ويخرب العراق وإن قصر عن ذلك لم يقبل منه‏.‏ فرغب من سليمان أن يعفيه من الخراج وأشار عليه بصالح بن عبد الرحمن مولى تميم‏.‏ فولاه سليمان الخراج وبعثـه قبـل يزيـد‏.‏ فلمـا جـاء صالـح إلـى يزيـد ضيـق عليـه صالـح وكـان يزيـد يطعم على ألف خوان‏.‏ فاستكثرها صالح فقال اكتب ثمنها علي وغير ذلك‏.‏ وضجر يزيد‏.‏ وجـاء خبـر خراسـان ومقتـل قتيبـة فطمع يزيد في ولايتها ودس عبد الله بن الأهتم على سليمان أن يوليه خراسان ولا يشعر بطلبته بذلك وسيره على البريد فقال له سليمان إن يزيد كتب إلي يذكر عملك بالعراق فقال نعم بها ولدت وبها نشأت‏.‏ ثـم استشـاره فيمـن يوليـه خراسـان‏.‏ ولم يزل سليمان يذكر الناس وهو يردهم ثم حذره من وكيع وغدره قال‏:‏ فسم أنت قال شريطة الكمال الإجازة ممن أشير به وإذا علم بكره ذلك‏.‏ ثم قال هو يزيد بن المهلب فقال سليمان العراق أحب إليه فقال ابن الأهتم‏:‏ قد علمت ولكن نكرهه فيستخلف على العراق ويسير إلى خراسان فكتب عهد يزيد على خراسان وبعثه مع ابن الأهتم‏.‏ فلما جاءه بعث ابنه مخاداً على خراسان وبعثه مـع ابـن الأهتـم‏.‏ ثـم سـار بعـده واستخلف على واسط الجراح بن عبد الله الحكمي وعلى البصرة ابن عبد الله بن هلـال الكلابـي وعلـى الكوفـة حرملـة بن عبد اللخمي‏.‏ ثم عزله لأشهر بشير بن حيان النهدي فكانت قيس تطلـب بثـأر قتيبـة وتزعـم أنـه لـم يخلـع‏.‏ فأوصـى سليمـان يزيـد أن أقامـت قيـس بينـة أنـه لـم يخلـع أن يقيده من وكيع‏.‏الصوائف أخبار الصوائف وحصار قسطنطينية كانت الصوائف تعطلت من الشام منذ وفاة معاوية وحدوث الفتن واشتدت الفتن أيام عبـد الملك اجتمعت الروم واستجاشوا على أهل الشام فصالح عبد الملك صاحـب قسطنطينيـة على أن يؤدي إليه كل يوم جمعة ألف دينار خشية منه على المسلمين ونظراً لهم وذلك سنة سبعين لعشر سنين من وفاة معاوية‏.‏ ثم لما قتل مصعب وسكنت الفتنة بعث الجيوش سنة إحـدى وسبعيـن فـي الصائفـة‏.‏ فدخـل فافتتـح قيساريـة ثـم ولـى علـى الجزيـرة وأرمينيـة أخـاه محمـد بـن مروان سنة ثلاث وسبعين فدخل في الصائفة إلى بلاد الروم فهزمهم‏.‏ ودخل عثمان بن الوليد مـن ناحيـة أرمينيـة فـي أربعـة آلـاف ولقيـه الـروم فـي ستيـن ألفاً فهزمهم وأثخن فيهم بالقتل والأسر‏.‏ ثم غزا محمد بن مروان سنة أربع وسبعيـن فبلـغ أنبوليـة وغـزا فـي السنـة بعدهـا فـي الصائفـة مـن طريـق مرعـش فـدوخ بلادهـم وخـرج الروم في السنة بعدها إلى العتيق فغزاهم من ناحية مرعش ثانية ثـم غزاهـم سنـة سـت وسبعيـن مـن ناحيـة ملطيـة ودخـل فـي الصائفة سنة سبع وسبعين الوليد بن عبد الملك فأثخن فيهم ورجع‏.‏وجاء الروم سنة تسع وسبعين فأصابوا من أهل أنطاكية وظفروا بهم فبعث عبد الملك سنة إحـدى وثمانيـن ابنـه عبيـد اللـه بالعسكـر ففتـح قاليقـلا‏.‏ ثـم غـزا محمد بن مروان سنة اثنتين وثمانين أرمينية وهزمهم فسألوه الصلح فصالحهم وولى عليهم أبا شيخ بن عبد الله فغدروه وقتلوه فغزاهم سنة خمس وثمانين‏.‏ وصاف فيها وشتى ثم غزا مسلمة بن عبد الملك أرض الروم ودوخهـا ورجـع وعـاد إليهـا سنـة سبع وثمانين‏.‏ فأثخن فيهم بناحية المصيصة وفتح حصوناً كثيرة منها حصن بولق والأحزم وبولس وقمقيم‏.‏ وقتل من المستقربة ألف مقاتل وسبى أهاليهم‏.‏ ثم غـزا بلـاد الروم سنة تسع وثمانين مسلمة بن عبد الملك والعباس بن الوليد فافتتح مسلمة حصن سورية وافتتح أردولية ولقي جمعاً من الروم فهزمهم‏.‏وقيل‏:‏ إن مسلمة قصد عمورية فلقي بها جمعاً من الروم فهزمهم وافتتح هرقلة وقمولية وغزا العباس الصائفة من ناحية البلد بدون‏.‏ وغزا مسلمة بن عبد الملك الترك سنة تسع وثمانين من ناحية أذربيحان ففتح حصوناً ومدائن هناك‏.‏ ثم غزا سنة تسعين ففتح الحصون الخمس التي وفـي سنـة إحـدى وتسعيـن غـزا عبـد العزيـز بن الوليد في الصائفة مع مسلمة بن عبد الملك وكان الوليد قد ولى مسلمة على الجزيرة وأرمينية وعزل عمه محمد بن مروان عنها فغزا الترك من ناحية أذربيجان حتى الباب وفتح مدائن وحصوناً ثم غزا سنة اثنتين وتسعين بعدها ففتح ثلاثـة حصـون وجـلا أهـل سرسنـة إلـى بلـاد الـروم ثم غزا العباس بن الوليد سنة ثلاث بعدها بلاد الروم ففتح سبيطلة وغزا مروان بن الوليد فبلغ حنجرة‏.‏ وغزا مسلمة ففتح ماشية وحصن الحديـد وغزالـة مـن ناحيـة ملطيـة‏.‏ وغـزا العبـاس بـن الوليـد سنة أربع وتسعين ففتح أنطاكية‏.‏ وغزا عبـد العزيـز بـن الوليـد ففتـح غزالـة وبلـغ الوليـد بن هشام المعيطي مروج الحمام ويزيد بن أبي كبشة أرض سورية‏.‏ وفـي سنـة خمـس وتسعين غزا العباس الروم ففتح هرقلة‏.‏ وفي سنة سبع وتسعين غزا مسلمة أرض الرضاخية وفتح الحصن الذي فتحه الرصاع وغزا عمر بن هبيرة أرض الروم في البحر فشتـى بهـا وبعـث سليمـان بـن عبـد الملـك الجيـوش إلى القسطنطينية وبعث ابنه داود على الصائفة ففتح حصن المراة وفي سنة ثمان وتسعين مات ملك الروم فجاء ألقون إلى سليمان فأخبره وضمن له فتح الروم وسار سليمان إلى وابق وبعث الجيوش مع أخيه مسلمة ولما دنا مـن القسطنطينية أمر أهل المعسكر أن يحمل كل واحد مدين مدين من الطعام ويلقوه في معسكرهم فصار أمثال الجبال واتخذ البيوت من الخشب‏.‏ وأمر النـاس بالزراعـة وصـاف وشتـى وهـم يأكلون من زراعتهم وطعامهم الذي استاقوه مدخراً‏.‏ثم جهد أهل القسطنطينية الحصار وسألوا الصلح على الجزية ديناراً على الرأس فلم يقبـل مسلمة وبعث الروم إلى ألقون إن صرفت عنا المسلمين ملكناك فقال لمسلمة لو أحرقت هذا الزرع علم الروم أنك قصدتهم بالقتال فنأخذهم باليد وهم الآن يظنون مع بقاء الزرع أنـك تطاولهم فأحرق الزرع فقوي الروم وغدر ألقون وأصبح محارباً وأصاب النـاس الجـوع فأكلـوا الدواب والجلود وأصول الشجر والورق وسليمان مقيم بوابق وحال الشتاء بينهم وبينه فلـم يقـدر أن يمدهـم حتـى مات‏.‏ وأغارت برجان على مسلمة وهو في قلة فهزمهم وفتح مدينتهم‏.‏ وغزا في هذه السنة الوليد بن هشام فأثخن في بلاد الروم‏.‏وغزا داود بن سليمان سنة ثمان وتسعين ففتح حصن المراة مما يلي ملطية‏.‏ وفي سنة تسع وتسعيـن بعث عمر بن عبد العزيز مسلمة وهو بأرض الروم وأمده بالنفول بالمسلمين وبعث إليه بالخيـل والـدواب وحـث النـاس علـى معونتهـم‏.‏ ثـم أمـر عمـر بـن عبـد العزيـز أهل طريدة بالجلاء عنها إلـى ملطيـة وخربهـا‏.‏ وكـان عبـد اللـه بـن عبـد الملـك قد أسكنها المسلمين وفرض على أهل الجزيرة مسلحـةً تكـون عندهـم إلـى فصل الشتاء وكانت متوغلة في أرض الروم فخربها عمر وولى على ملطيـة جعونـة بـن الحـارث مـن بنـي عامـر بـن صعصعـة‏.‏ وأغزى عمر سنة مائة من الهجرة بالصائفة الوليد بن هشام المعيطي وعمر بن قيس الكندي‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:34

فتح جرجان وطبرستان
كان يزيد بن المهلب يريد فتحهما لما أنهما كانتا للكفار وتوسطتا بين فارس وخراسان ولـم يصبهما الفتح وكان يقول وهو في جوار سليمان بالشام إذا قصت عليه أخبار قتيبة وما يفعله بخراسان وما وراء النهر ما فعلت جرجان التي قطعت الطريق وأفسـدت يوسـس ونيسابـور وليسـت هـذه الفتـوح بشـيء والشـأن فـي جرجـان‏.‏ فلما ولاه سليمان خراسان سار إليها في مائة ألف من أهل العراق والشام وخراسان سوى الموالي والمتطوعة ولم تكن جرجان يومئذ مدينة إنما هي جبال ومخارم يقوم الرجل على باب منها فيمنعه‏.‏ فابتدأ بقهستان فحاصرها وبها طائفـة مـن التـرك فكانوا يخرجون فيقاتلون وينهزمون في كل يوم ويدخلون حصنهم‏.‏ ولم يزل على ذلـك حتـى بعـث إليـه دهقـان بتستـاذن يسـأل في الصلح ويسلم المدينة وما فيها فصالحه وأخذ ما فيها من الأموال والكنوز والسبي ما لا يحصى وقتل أربعة عشر ألفاً من التـرك وكتـب إلـى سليمان بذلك‏.‏ثم سار إلى جرجان وكان سعيد بن العاصي قد صالحهم على الجزية مائة ألف في السنة فكانوا أحياناً يجبون مائة وأحياناً مائتين وأحياناً ثلثمائة وربما أعطوا ذلك وربما منعوا ثم كفروا ولم خراجاً ولم يأت جرجان بعد سعيد أحد ومنعوا الطريق إلى خراسان على فكان الناس يسلكـون علـى فـارس وسلماس‏.‏ ثم فتح قتيبة طريق قومس وبقي أمر جرجان حتى جاء يزيد فصالحوه‏.‏ ولما فتح يزيد قهستان وجرجان طمع في طبرستان فاستعمل عبد الله بن معمر اليشكري على ساسان وقهستان وخلف معه أربعة آلاف فارس وسار إلى أدنى جرجان من جهة طبرستان ونزل بآمد‏.‏ ونسا راشد بن عمر في أربعة آلاف ودخل بلاط طبرستان فسأل صاحبها الأصبهبذ في الصلح وأن يخرج من طبرستان‏.‏ فأبى يزيد ورجا أن يفتحها ووجه أخاه عيينة من وجه وابنه خالد بن زيد من وجه وإذا اجتمعا فعيينة على الناس‏.‏ واستجاش الأصبهبذ أهـل جيلـان والديلم والتقوا فانهـزم المشركـون واتبعهـم المسلمـون إلـى الشعـب وصعـد المشركـون فـي الجبـل فامتنعوا على المسلمين وصعد أبو عيينة بمن معه خلفهم فهزمهم المشركون في الوعر فكفوا‏.‏ وكاتب الأصبهبذ أهل جرجان ومقدمهم المرزبان أن يبيتوا للمسلمين عندهم ليقطعوا المادة عن يزيد والطرق بينه وبين جرجان ووعدهم بالمكافأة على ذلك‏.‏ فساروا بالمسلمين وهم غارون وقتل عبد الله بن معمر وجميع من معه ولم ينج أحد‏.‏ وكتبوا إلى الأصبهبذ بأخذ المضايق والطرق وبلغ ذلك يزيد وأصحابه فعظم عليهم وهالهم وفزع يزيد إلى حيان النبطي وكان قد غرمـه مائتـي ألـف درهـم بسبـب أنـه كتـب إلـى ابنـه مخلـد كتابـاً فبـدأ بنفسـه فقـال لـه لا يمنعـك ما كان منـي إليـك مـن نصيحـة المسلميـن وقـد علمـت مـا جـاء من جرجان فاعمل في الصلح‏.‏ فأتى حيان الأصبهبذ ومت إليه بنسب العجم وتنصل له وفتل له في الذروة والغارب حتى صالحه على سبعمائة ألف درهم وأربعمائة وقر زعفران أو قيمته من العين وأربعمائة رجل على يد كل رجـل منهـم ترس وطيلسان وجام من فضة وخرقة حرير وكسوة فأرسل يزيد لقبض ذلك ورجع اه‏.‏وقيـل فـي سبـب مسيـر يزيد إلى جرجان أن صولاً التركي كان على قهستان والبحيرة جزيرة في البحر على خمسة فراسخ من قهستان وهما من جرجان مما يلي خوارزم وكان يغيـر علـى فيـروز بـن فولفـول مرزبـان جرجـان‏.‏ وأشـار فيـروز بنصيـب مـن بلاده فسار فيروز إلى يزيد هارباً منه وأخذ صول جرجان وأشار فيروز على يزيد أن يكتب إلى الأصبهبذ وبرغبه في العطاء إن هو حبس صولاً بجرجان حتى يحاصر بها ليكون ذلك وسيلة إلى معاكسته وخروجه عن جرجـان فيتمكـن يزيـد منـه‏.‏ فكتـب إلـى الأصبهبـذ وبعـث بالكتـاب إلـى صول فخرج من جينه إلى البحيرة‏.‏ وبلغ يزيد الخبر فسار إلى جرجان ومعه فيروز واستخلف على خراسان ابنه مخلداً وعلى سمرقند وكش ونسف وبخارى ابنه معاوية وعلى طخارستان ابن قبيصة بن المهلب وأتـى جرجـان فلـم يمنعـه دونها أحد ودخلها‏.‏ ثم سار منها إلى البحيرة وحصر صولاً بها شهراً حتى سأل الصلح على نفسه وماله وثلثمائة ويسلم إليه البحيرة فأجابه يزيد وخرج صول عن البحيـرة وقتل يزيد من الأتراك أربعة عشر ألفاً وأمر إدريس بن حنظلة العمي أن يحصي ما في البحريـة ليعطي الجند فلم يقدر وكان فيها من الحنطة والشعير والأرز والسمسم والعسل شيء كثير ومن والذهب والفضة كذلك‏.‏ ولما صالح يزيد أصبهبذ طبرستان كما قدمناه سار إلى جرجـان عاهـد اللـه إن ظفـر بهم ليطحنن القمح على سائل دمائهم ويأكل منه‏.‏ فحاصرهم سبعه أشهـر وهـم يخرجـون إليـه فيقاتلونـه ويرجعـون وكانـوا متمنعيـن فـي الجبل والأوعار‏.‏ وقصد رجل من عجـم خراسـان فأتبـع بخلاً في الجبل وانتهى إلى معسكرهم وعرف الطريق إليه ودل الأدلة على معالمه وأتى يزيد فأخبره‏.‏ فانتخب ثلثمائة رجل مع ابنه خالد وضم إليه جهم بن ذخر وبعثه وذلك الرجل يدل به وواعده أن يناهضهم العصر من الغداة‏.‏ ولما كان الغد وقت الظهر أحرق يزيـد كـل حطـب عنـده حتـى اضطرمت النيران ونظر العدو إلى النار فهالهم وحاملوا للقتال آمنين خلفهم فناشبهم يزيد إلى العصر وإذا بالتكبير من ورائهم فهربوا إلى حصنهم واتبعهم المسلمون فأعطـوا مـا بأيديهـم ونزلـوا علـى حكـم يزيـد‏.‏ فقتـل المقاتل وسبى الذرية وقاد منهم اثني عشر ألفاً إلى وادي جرجان ومكن أهل الثأر منهم حتى استلحموهم‏.‏ وجرى الماء على الدم وعليه الأرحاء فطحن وخبز وأكل وقتل منهم أربعين ألفاً‏.‏ وبنى مدينة جرجان ولم تكن بنيت قبل ورجـع إلـى خراسـان وولـى علـى جرجـان جهـم بـن ذخر الجعفي ولما قتل مقاتلهم صلبهم فرسخين عن يمين الطريق ويساره‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 9:35

وفاة سليمان وبيعة عمر بن عبد العزيز
ثـم توفي سليمان بدابق من أرض قنسرين من سنة تسع وتسعين في صفر منها وقد كان في مرضه أراد أن يعهد إلى ولده داود ثم استصغره وقال له كاتبه رجاء بن حيوة ابنك غائب عنـك بقسطنطيينة ولا يعرف حياته من موته فعمل إلى عمر بن عبد العزيز وقال له‏:‏ إني والله لأعلـم أنهـا تكـون فتنـة ولا يتركونه أبداً يلي عليهم إلا أن أجعل أحدهم بعده وكان عبد الملك قد جعـل ذلـك لـه وكتـب بعد البسملة‏:‏ هذا كتاب من عبد الله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيـز‏:‏ إني قد وليتك الخلافة بعدي ومن بعدك يزيد بن عبد الملك فاسمعوا له وأطيعوا واتقوا الله ولا تختلفوا فيطمع فيكم وختم الكتاب‏.‏ثم أمر كعب بن جابر العبسي صاحب الشرطة أن يجمع أهل بيته وأمر رجاء بن حيوة أن يدفع لهم كتابه وقال‏:‏ أخبرهم أنه كتابي فليبايعوا من وليت فيه فبايعوه رجلاً رجلاً وتفرقوا‏.‏ وأتـى عمـر إلى رجاء يستعمله ويناشده الله والمودة يستعفي من ذلك فأبى‏.‏ وجاءه هشام أيضاً يستعمله ليطلب حقه في الأمر فأبى فانصرف أسفاً أن يخرج من بني عبد الملك‏.‏ ثم مات سليمان وجمع رجاء أهل بيته فقرأ عليهم الكتاب‏.‏ فلما ذكر عمر قال هشام‏:‏ والله لا نبايعه أبـداً‏.‏ فقـال لـه رجـاء‏:‏ واللـه نضـرب عنقك‏.‏ فقام أسفاً يجر رجليه حتى جاء إلى عمر بن عبد العزيز وقد أجلسه رجاء على المنبر وهو يسترجع لما أخطأه فبايعه واتبعـه الباقـون‏.‏ ودفـن سليمان وصلى عليه عمر بن عبد العزيز والوليد كان غائباً عن موت سليمان ولم يعلم بيعة عمـر فعقـد لـواءً ودعا لنفسه وجاء إلى دمشق‏.‏ ثم بلغه عهد سليمان فجاء إلى عمر واعتذر إليه وقال‏:‏ بلغني أن سليمان لم يعهد فخفت على الأموال أن تنهب فقال عمر‏:‏ لو قمت بالأمر لقعـدت فـي بيتي ولم أنازعك فقال عبد العزيز‏:‏ والله لا أحب لهذا الأمر غيرك وأول ما بدأ به عمـر لمـا استقـرت البيعـة أنه رد ما كان لفاطمة بنت عبد الملك زوجته من المال والحلي والجوهر إلـى بيـت المـال‏.‏ وقـال‏:‏ لا أجتمع أنا وأنت وهو في بيت واحد فردته جميعه‏.‏ ولما ولي أخواها يزيـد مـن بعـد رده عليهـا فأبت وقالت‏:‏ ما كنت أعطيه حياً أعطيه ميتاً ففرقه يزيد على أهله‏.‏ وكان بنو أمية يسبون علياً فكتب عمر إلى الآفاق بترك ذلك وكتب إلى مسلمة وهو بأرض الروم يأمره بالقفول بالمسلمين‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:52

عزل يزيد بن المهلب وحبسه والولاية على عماله
ولمـا استقـرت البيعـة لعمـر كتـب فـي سنة مائة إلى يزيد بن المهلب أن يستخلف على عماله ويقدم فاستخلف مخلداً ابنه وقدم من خراسان وقد كان عمر ولى على البصرة عدي بن أرطاة الفزاري وعلى الكوفة عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وضم إليه أبا الزناد فكتب إلى عدي بن أرطاة موسى أن يقبض على يزيد بن المهلب ويبعثه مقيداً فلما نزل يزيد واسـط وركـب السفـن يريـد البصـرة بعـث علـي بـن أرطـاة موسى بن الرحيبة الحميري فلقيه في نهر معقل عند الجسر فقيده وبعث به إلى عمر وكان عمر يبغضه ويقـول إنـه مـراء وأهـل بيتـه جبابرة‏.‏فلمـا طالبـه بالأموال التي كتب بها إلى سليمان من خمس جرجان قال‏:‏ إنما كتبت لأسمع الناس وعلمت أن سليمان لم يكن ليأخذني بذلك‏.‏ فقال له عمر‏:‏ اتق الله هذه حقوق المسلمين لا يسعنـي تركهـا‏.‏ ثم حبسه بحصن حلب وبعث الجراح بن عبد الله الحكمي والياً على خراسان مكانه‏.‏ وانصرف يزيد بن يزيد فقدم على عمر واستعطفه لأبيه وقال له يا أمير المؤمنين إن كانت له بينة فخذ بها وإلا فاستحلفه وإلا فصالحه أو فصالحني على ما تسأل فأبى عمر من ذلـك وشكـر من مخلد ما فعل ثم ألبس يزيد جبة صوف وحمله على جمل وسيره إلى دهلك‏.‏ ومر يزيد على الناس وهو ينادي بعشيره وبالنكير لما فعل به فدخل سلامة بن نعيم الخولاني علـى عمـر وقـال اردد يزيـد إلـى محبسـه لئـلا ينزعـه قومـه فإنهم قد غضبوا فرده إلى أن كان من أمر فزارة ما يذكر‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:53

ولاية عبد الرحمن بن نعيم القشيري علي خراسان
ولما عزل يزيد عن خراسان وكان عامل جرجان جهم بن ذخر الجعفي فأرسل عامل العراق على جرجان عاملاً مكانه فحبسه جهم وقيده‏.‏ فلما جاء الجراح إلى خراسان أطلق جرجان عاملهـم ونكـر الجـراح علـى جهـم مـا فعـل‏.‏ وقال لولا قرابتك مني ما سوغتك هذا يعني أن جهماً وجعفـاً معـاً ابنـا سعـد العشيـرة‏.‏ ثـم بعـث فـي الغـزو وأوفـد علـى عمـر وفـداً فكلـم فيه بعضهم عمر بأنه يعري الموالي بلا عطاء ولارزق ويؤاخذ من أسلم من أهل الذمة بالخراج‏.‏ ثم عرض بأنه سيـف مـن سيـوف الجـراح قـد علـم بالظلـم والعـدوان فكتـب عمر إلى الجراح انظر من صلى قبلك فخل عنه الجزية فسارع الناس إلى الإسلام فراراً من الجزية فامتحنهم بالختان وكتب إلى عمر ذلك‏.‏فكتب إليه عمران‏:‏ الله بعث محمداً داعياً ولم يبعثه خاتناً واستقدم الجراح وقال‏:‏ احمل معك أبا مخلد واستخلف على حرب خراسان عبد الرحمن بن نعيم القشيري‏.‏ ولما قدم على عمر قال‏:‏ متى خرجت قال في شهر رمضان‏.‏ قال صدقك من وصفك بالجفاء ألا أقمت حتى تفطر ثم تسافر ثم سأل عمر أبا مخلد عن عبد الرحمن بن عبد الله فقال‏:‏ يكافىء الأكفاء ويعـادي الأعـداء ويقـدم إن وجد ما يساعده‏.‏ قال فعبد الرحمن بن نعيم قال يحب العافية وتأتيه قـال هـو أحـب إلـي فولـاه الصلـاة والحـرب وولـى عبـد الرحمن القشيري الخراج‏.‏ فلم يزل عبد الرحمن بن نعيم على خراسان حتى قتل يزيد بن المهلب وولي مسلمة‏.‏ فكانت ولايته أكثر من سنة ونصـف‏.‏ وظهـر مـن أيـام الجـراح بخراسـان دعـاة بنـي العبـاس فيمـن بعثه محمد بن علي بن عبد الله بن العباس إلى الآفاق حسبما يذكر في أخبار الدولة العباسية‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:53

وفاة عمر بن عبد العزيز وبيعة يزيد
ثـم توفـي عمـر بـن عبـد العزيـز فـي رجـب سنـة إحـدى ومائـة بديـر سمعـان ودفـن بها لسنتين وخمسة أشهـر مـن ولايتـه ولأربعيـن مـن عمره وكان يدعى أشج بني أمية رمحته دابة وهو غلام فشجته‏.‏ ولمـا مـات ولـي بعـده يزيـد بن عبد الملك بعهد سليمان كما تقدم وقيل لعمر حين احتضر‏:‏ اكتب إلـى يزيـد فأوصـه بالأمـة فقـال بمـاذا أوصيـه إنـه مـن بني عبد الملك ثم كتب‏:‏ أما بعد فاتق يا يزيد الصرعة بعد الغفلة حين لا تقال العثرة ولا تقدر على الرجعة إنك تترك ما أترك لمن لا يحمدك وتصير إلى من لا يعذرك والسلام‏.‏ ولما ولي يزيد عزل أبا بكر بن محمد بن عمر بن حزم عن المدينـة وولـى عليها عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري وغير كل ما صنعه عمر بن عبد العزيز وكان من ذلك شأن خراج اليمن‏.‏ فإن محمداً أخا الحجاج جعل عليهم خراجاً مجدداً وأزال ذلـك عمـر إلـى العشـر أو نصـف العشـر‏.‏ وقال‏:‏ لئن يأتيني من اليمن حبة ذرة أحب إلي من تقريـر هـذه الوظيفـة‏.‏ فلمـا ولـي يزيد أعادها وقال لعامله خذها منهم ولو صاروا حرضاً‏.‏ وهلك عمـه محمد بن مروان فولى مكانه على الجزيرة وأذربيجان وأرمينية عمه الآخر مسلمة بن عبد الملك‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:54

احتيال يزيد في المهلب ومقتله
قد تقدم لنا حبس يزيد بن المهلب فلم يزل محبوساً حتى اشتد مرض عمر بن عبد العزيز فعمـل فـي الهـرب مخافـة يزيـد بـن عبـد الملـك لـأن زوجتـه بنـت أخـي الحجـاج‏.‏ وكـان سليمان أمر ابن المهلـب بتعذيـب قرابـة الحجـاج كلهـم فنقلهم من البلقاء وفيهم زوجة يزيد وعذبها‏.‏ وجاءه يزيد بن عبـد الملـك إلـى منزلـه شافعاً فلم يشفعه فضمن حمل ما قرر عليها فلم يقبل فتهدده فقال له ابن المهلب‏:‏ لئن وليت أنت لأرمينك بمائة ألف سيف فحمل يزيد بن عبد الملك عنها مائة ألف دينـار ولما اشتد مرض عمر خاف من ذلك وأرسل إلى مواليه أن يغدوا إليه بالإبل والخيل في مكان عينه لهم‏.‏ وبعث إلى عامل حلب بإشفاقه من يزيد وبذل له المال وإلى الحرس الذين يحفظونـه فخلـي سبيلـه وأتـى إلـى دوابـه فركبهـا ولحـق بالبصـرة‏.‏ وكتب إلى عمر إني والله لو وثقت بحياتـك لـم أخـرج مـن محبسـك‏.‏ ولكـن خفـت أن يقتلنـي يزيـد شـر قتلـة‏.‏ فقـرأ عمـر الكتاب وبه رمق فقال اللهم إن كان ابن المهلب يريد بالمسلمين سوءاً فألحقه به وهضه فقد هاض‏.‏ انتهى‏.‏ ولما بويع ليزيد بن عبد الملك كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بالكوفة وإلى عدي بن أرطاة بالبصرة بهربه والتحرز منه وأبى عدي أن يأخذ المهلب بالبصرة فحبس المفضل حبيبًا ومـروان ابنـي المهلـب وبعـث عبـد الحميـد مـن الكوفـة جنـداً عليهم هشام بن ساجق بن عامر فأتوا العذيـب ومـر بيزيـد عليهـم فـوق القطقطانـة فلـم يقدمـوا عليـه‏.‏ ومضـى نحـو البصـرة وقـد جمـع عدي بن أرطاة أهل البصرة وخندق عليها وبعث على خيلها المغيرة بن عبد الله بن أبي عقيل‏.‏ وجاء يزيـد علـى أصحابـه الذيـن معه وانضم إليه أخوه محمد فيمن اجتمع إليه من قومهم‏.‏ وبعث عدي بـن أرطـاة علـى كـل خمـس مـن أخمـاس البصـرة رجالاً‏:‏ فعلى الأزد المغيرة بن زياد بن عمر العتكي وعلـى تميـم محـرز بـن حمـدان السعـدي وعلـى بكرة نوح بن شيبان بن مالك بن مسمع وعلى عبد القيس مالك بن المنذر بن الجارود وعلى أهل العالية عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر وهم قريش وكتانة والأزد وبجيلة وخثعـم وقيـس عيلـان ومزينـة فلـم يعرضـوا ليزيـد وأقبـل فانـزل‏.‏ انتهى‏.‏واختلف الناس إليه وأرسل إلى عدي أن يطلق له إخوته فينزل به البصرة ويخرج حتى يأخذ لنفسه من يزيد وبعث حميد ابن أخيه عبد الملك بن المهلب يستأمن له من يزيد بن عبد الملك فأجاره خالد القسري وعمر بن يزيد الحكمي بأمان يزيد له ولأهله‏.‏ وقد كان بعد منصرف حميد فرق في الناس قطع الذهب والفضة فالثالوا عليه وعدي يعطي درهمين درهمين‏.‏ ثم تناجزوا الحرب وحمل أصحاب يزيد على أصحاب عدي فانهزموا ودنا يزيد من القصر وخرج عدي بنفسه فانهزم أصحابه وخاف أخوة يزيد وهم في الحبس أن يقتلوا قبل وصوله فأغلقوا الباب وامتنعوا فجاءهم الحرس يعالجون فأجفلهم الناس عنه فخلوا عنهم وانطلقوا إلى أخيهم‏.‏ونزل يزيد دار مسلم بن زياد إلى جانب القصر وتسور القصر بالسلالم وفتحه وأتى بعدي بن أرطاة فحبسه‏.‏ وهرب رؤوس البصرة من تميم وقيس ومالك بن المنذر إلى الكوفة والشام‏.‏ وخرج المغيرة بن زياد بن عمر العتكي إلى الشام فلقي خالداً القسري وعمر بن يزيد وقد جاؤوا بأمان يزيد بن المهلب مع حميد ابن أخيه فأخبرهما بظهور يزيد على البصرة وحبسه عديـاً فرجعـا إلـى وعـد لهمـا فلـم يقبـلا فقبـض عبـد الحميـد بن عبد الرحمن بالكوفة على خالد بن يزيد بن المهلب وحمـاد بـن ذخـر وحملهمـا وسيرهمـا إلـى الشـام فحبسهمـا يزيـد حتـى هلكـا بالسجن‏.‏ وبعث يزيد بن عبد الملك إلى أهل الكوفة يثني عليهم ويمنيهم الزيادة وجهز أخاه مسلمة وابن أخيه العباس بن الوليد إلى العراق في سبعين ألف مقاتل أو ثمانين من أهل الشام والجزيرة فقدموا الكوفة ونزلوا النخيلة‏.‏وتكلم العباس يوماً ببعض الكلام فأساء عليه حيان النبطي بالكشة الأعجمية‏.‏ ولما سمع ابن المهلـب بوصـول مسلمـة وأهـل الشـام فخطـب النـاس وشجعهـم للقائهم وهون عليهم أمرهم وأخبرهم أن أكثرهم له‏.‏ واستوثق له أهل البصرة وبعث عماله على الأهواز وفارس وكرمان‏.‏ وبعـث إلـى خراسـان مـدرك بـن المهلـب وعليهـا عبـد الرحمـن بـن نعيـم وبعث بنو تميم ليمنعوه‏.‏ ولقيه الـأزد علـى رأس المغارة فقالوا ارجع عنا حتى نرى مآل أمركم‏.‏ ثم خطب يزيد الناس يدعوهم إلـى الكتـاب والسنـة ويحثهـم علـى الجهاد وأن جهاد أهل الشام أعظم ثواباً من جهاد الترك والديلم وسار يزيد من البصرة إلى واسط واستخلف عليها أخاه مروان بن المهلب‏.‏ وأقام بواسط أيامًا ثم خرج منها سنة اثنتين ومائة واستخلف عليها أمان معونة‏.‏ وقدم أخاه عبد الملك بن المهلب نحو الكوفة فاستقبله ابن الوليد بسور له فاقتتلوا وانهزم عبد الملك وعاد إلى يزيد‏.‏ وأقبـل مسلمـة علـى شاطـىء الفـرات إلـى الأنهـار فعقـد الجسر وعبر وسار حتى نزل على يزيد بن المهلـب وفـزع إليـه ناس من أهل الكوفة وكان عسكره مائة وعشرين‏.‏ وكان عبد الحميد بن عبد الرحمـن قـد عسكـر بالنخيلـة وشـق المياه وجعل الأرصاد على أهل الكوفة أن يفزعوا إلى يزيد بن المهلـب وبعـث بعثـاً إلـى مسلمـة مـع صبـرة بن عبد الرحمن بن مخنف فعزل مسلمة بن عبد الحميد عن الكوفة واستعمل عليها محمد بن عمر بن الوليد بن عقبة‏.‏ثـم أراد يزيد بن المهلب أن يبعث أخاه محمداً بالعساكر يبيتون مسلمة فأبى عليه أصحابه وقالوا قد وعدناهم بالكتاب والسنة ووعدوا بالإجابة فلا نغدرهم‏.‏ فقال يزيد‏:‏ ويحكم تصدقونهم إنهـم يخادعونكـم ليمكـروا بكـم فـلا يسبقوكـم إليه والله ما في بني مروان أمكر ولا أبعد غوراً من هذه الجرادة الصغرى يعني مسلمة‏.‏ وكان مروان بن المهلب بالبصرة يحث الناس على اللحاق بيزيد أخيه والحسن البصري يثبطهم ويتهدده فلم يكف‏.‏ ثم طلب الذين يجتمعون إليه فافترقوا فأقـام مسلمـة بـن عبـد الملـك يطـاول يزيـد بـن المهلب ثمانية أيام‏.‏ ثم خرج يوم الجمعة منتصف صفر فعبى أصحابه وعبـى العبـاس بـن الوليـد كذلـك والتقـوا واشتـد القتـال وأمـر مسلمـة فأحـرق الجسـر فسطـع دخانـه‏.‏فلمـا رآه أصحـاب يزيـد انهزمـوا واعترضهـم يزيـد يضـرب في وجوههم حتى كثـروا عليـه فرجـع وترجـل فـي أصحابـه‏.‏ وقيـل لـه قتـل أخـوك حبيـب فقال لا خير في العيش بعده ولا بعد الهزيمة‏.‏ثـم استمـات ودلـف إلـى مسلمة لا يريد غيره فعطف عليه أهل الشام فقتلوه هو وأصحابه وفيهم أخـوه محمـد‏.‏ وبعـث مسلمة برأسه إلى يزيد بن عبد الملك مع خالد بن الوليد عقبة‏.‏ وقيل‏:‏ إن الـذي قتلـه الهذيل بن زفر بن الحارث الكلابي وأنف أن ينزل فيأخذ رأسه فأخذه غيره‏.‏ وكان المفضل بن المهلب يقاتل في ناحية المعترك وما علم بقتل يزيد فبقي ساعة كذلك يكر ويفر حتـى أخبـر بقتـل إخوتـه فافتـرق النـاس عنـه ومضـى إلـى واسط وجاء أهل الشام إلى عسكر يزيد فقاتلهم أبو رؤبة رأس الطائفة المرجئة ومعه جماعة منهم صدق فقاتلوا ساعة من النهار ثم انصرفوا‏.‏ وأسر مسلمة ثلثمائة أسير حبسهم في الكوفة‏.‏وجاء كتاب يزيد إلى محمد بن عمر بن الوليد بقتلهم فأمر العريان بن الهيثم صاحب الشرطة بذلـك وبـدأ بثمانيـن مـن بنـي تميـم فقتلهـم‏.‏ ثـم جـاء كتـاب يزيـد بإعفائهـم فتركهـم‏.‏ وأقبـل مسلمة فنزل الحيرة وجاء الخبر بقتل يزيد إلى واسط فقتل ابنه معاوية عدي بن أرطاة ومحمداً ابنه ومالكاً وعبـد الملـك ابنـا مسمـع فـي ثلاثيـن ورجـع إلى البصرة بالمال والخزائن‏.‏ واجتمع بعمه المفضل وأهل بيتهم وتجهزوا للركوب في البحر وركبوا إلى قندابيل وبها وداع بن حميد الأسدي ولاه عليها يزيـد بـن المهلـب ملجـأً لأهـل بيته إن وقع بهم ذلك فركبوا البحر بعيالهم وأموالهم إلى جبال كرمان فنزلوا بها واجتمع إليه الفل من كل جانب‏.‏وبعـث مسلمـة مـدرك بن ضب الكلبي في طلبهم فقاتلهم وقتل من أصحاب المفضل النعمان بن إبراهيم ومحمد بن إسحق بن محمد بن الأشعث وأسر ابن صول قهستان‏.‏ وهرب عثمان بن إسحق بن محمد الأشعث فقتل وحمل رأسه إلى مسلمة بالحيرة رجع ناس من أصحاب بني المهلـب فاستأمنـوا وأمنهـم مسلمـة منهـم مالـك بـن إبراهيـم بـن الأشتر والورد بن عبد الله بن حبيب السعـدي التميمي‏.‏ ومضى إلى آل المهلب ومن معهم بقندابيل فمنعهم وداع بن حميد من دخولها وخـرج معهـم لقتـال عدوهـم‏.‏ وكـان مسلمـة قـد رد مدرك بن ضب بعد هزيمتهم في جبال كرمان وبعث في أثرهم هلال بن أحور التميمي فلحقهم بقندابيل فتبعوا لقتاله‏.‏وبعث هلال راية أمان فمال إليه وداع بن حميد وعبد الله بن هلال وافترق الناس عن آل المهلب‏.‏ ثم استقدموا فاستأمنوا فقتلهم عن آخرهم‏:‏ المفضل وعبد الملك وزياد ومروان بنو المهلب ومعاوية بن يزيد بن المهلب والمنهال بن أبي عيينة بن المهلب وعمر بن يزيد بـن المهلب وعثمان بن المفضل بن المهلب برتبيل ملك التـرك‏.‏ وبعـث هلـال بـن أحـوز برؤوسهـم وسبيهـم وأسراهـم إلـى مسلمـة بالحيـرة فبعـث بهـم مسلمـة إلـى يزيـد بـن عبـد الملـك فسيرهم يزيد إلى العبـاس بـن الوليـد في حلب فنصب الرؤوس‏.‏ وأراد مسلمة أن يبتاع الذرية فاشتراهم الجراح بن عبد الله الحكيمي بمائة ألف وخلى سبيلهم‏.‏ ولم يأخذ مسلمة من الجراح شيئاً‏.‏ ولما قدم بالأسرى على يزيد بن عبد الملك وكانوا ثلاثة عشر أمر يزيد فقتلوا وكلهم من ولد المهلب واستأمنت هند بنت المهلب لأخيها عيينة إلى يزيد بن عبد الملك


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:54

ولاية مسلمة على العراق وخراسان
ولمـا فـرغ مسلمـة بـن عبـد الملك من حرب بني المهلب ولاه يزيد بن عبد الملك على العراق وجمع لـه ولايـة البصـرة والكوفـة وخراسـان فأقر على الكوفة محمد بن عمر بن الوليد وكان قد قام بأمر البصـرة بعد بني المهلب شبيب بن الحارث التميمي فبعث عليها مسلمة عبد الرحمن بن سليم الكلبي وعلى شرطتها عمر بن يزيد التميمي‏.‏ وأراد عبد الرحمن أن يقتل شيعة ابن المهلب بالبصـرة فعزلـه وولـى علـى البصـرة عبـد الملـك بـن بشـر بـن مـروان‏.‏ وأقـر عمـر بـن يزيـد علـى الشرطـة‏.‏ واستعمل مسلمة على خراسان صهره سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العباس ويلقب سعيد خدينة‏.‏دخل عليه بعض العرب بخراسان وعليه ثياب مصبغة وحوله مرافق مصبغة‏.‏ وسئل عنه لما خرج فقال‏:‏ خدينة وهي الدهقانة ربة البيت‏.‏ ولما ولاه على خراسان سار إليها فاستعمل شعبة بن ظهير النهشلي على سمرقند‏.‏ فسار إليها وقدم الصغد وكان أهلها كفروا أيام عبد الرحمن بن نعيم ثم عادوا إلى الصلح‏.‏ فوبخ ساكنها من العرب بالجبن فاعتذروا بأمر أميرهم علـي بن حبيب العبدي‏.‏ ثم حبس سعيد عمال عبد الرحمن بن عبد الله وأطلقهم ثم حبس عمال يزيد بن المهلب ورفع لهم أنهم اختانوا الأموال فعذبهم فمات بعضهم في العذاب وبقي بعضهم في السجن حتى غزاهم الترك والصغد فأطلقهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:55

العهد لهشام بن عبد الملك والوليد بن يزيد
لمـا بعـث يزيـد بـن عبـد الملـك الجيـوش إلـى يزيـد بـن المهلب مع مسلمة أخيه والعباس بن أخيه الوليد قال له العباس‏:‏ إنا نخاف أن يرجف أهل العراق بموتك ويبث ذلك في أعضادنا وأشار عليه بالعهـد لعبـد العزيـز أخيـه ابن الوليد وبلغ ذلك مسلمة فجاءه وقال‏:‏ أخوك أحق فإن ابنك لم يبلغ وأشار عليه بأخيه هشام وابنه الوليد من بعده والوليد ابن إحدى عشرة سنـة فبايـع لهمـا كذلك‏.‏ ثم بلغ ابنه الوليد فكان إذا رآه يقول‏:‏ الله بيني وبين من قدم هشاماً عليك‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:55

غزوة الترك
لمـا ولـي سعيـد خراسان استضعفه الناس وسموه خدينة واستعمل شعبة على سمرقند ثم عزله كمـا مـر وولـى مكانـه عثمـان بـن عبـد اللـه بـن مطـرف بـن الشخير فطمعت الترك وبعثهم خاقان إلى الصغد وعلى الترك كورصول وأقبلوا حتى نزلوا قصر الباهلي وفيه مائة أهل بيت بذراريهم وكتبـوا إلى عثمان بسمرقند وخافوا أن يبطىء المدد فصالحوا الترك على أربعين ألفاً وأعطوهم سبعـة عشـر رجلاُ رهينة‏.‏ وندب عثمان الناس فانتدب المسيب بن بشر الرياحي ومعه أربعة آلاف من سائر القبائل‏.‏ فقال لهم من أراد الغزو والصبر على الموت فليتقدم فرجع عنه ألف وقالها بعد فرسخ فرجع ألف آخر ثم أعادها ثالثة بعد فرسخ فاعتزله ألف‏.‏وسـار حتى كان على فرسخين من العدو فأخبره بعض الدهاقين بقتل الرهائن وميعادهم غداً وقـال أصحابـي ثلثمائـة مقاتـل وهـم معكـم فبعث المسيب إلى القصر رجلين عجمياً وعربياً يأتيانه بالخبر فجاؤوا في ليلة مظلمة وقد أجرت الترك الماء بدائر القصر لئلا يصل إليه أحد فصاح بهمـا فقـالا لـه اسكـت وادع لنا فلاناً‏.‏ فأعلماه قرب العسكر وسألا هل عندكم امتناع غداً فقال لهمـا نحـن مستميتـون‏.‏ فرجعا إلى المسيب فأخبراه فعزم على تبييت الترك وبايعه أصحابه على الموت وساروا يومهم إلى الليل‏.‏ ولما أمسى حثهم على الصبر وقال‏:‏ ليكن شعاركم يا محمد ولا تتبعوا مولياً واعقروا الدواب فإنه أشد عليهم وليست بكم قلة فإن سبعمائـة سيـف لا يضرب بها في عسكر إلا أوهنته وإن كثر أهله‏.‏ ثم دنوا من العسكر في السحر وثار الترك وخالطهم المسلمون وعقروا الدواب وترجل المسيب في أصحاب له فقاتلوا قتالاً شديداً وقتل عظيم من عظماء الترك فانهزموا‏.‏ ونادى منادي المسيب لا تتبعوهم واقصدوا القصر واحملوا من فيه ولا تحملوا من متاعهم إلا المال‏.‏ ومن حمل امرأة أو صبياً أو ضعيفاً حسبةً فأجره على اللـه وإلا فلـه أربعون درهماً‏.‏ وحملوا من في القصر إلى سمرقند ورجع الترك من الغد فلم يروا في القصر أحداً‏.‏ ورأوا قتلاهم فقالوا لم يكن الذين جاؤونا بالأمس‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:55

غزو الصغد
ولما كان من انتقاض الصغد وإعانتهم الترك على المسلمين ما ذكرنا تجهز سعيد لغزوهم وعبر النهر فلقيه الترك وطائفة من الصغد فهزمهم المسلمون‏.‏ ونهاهم سعيد عن أتباعهم وقال‏:‏ هم جباية أمير المؤمنين فانكفوا عنهم‏.‏ ثم سار المسلمون إلى واد بينهم وبين المرج فقطعه بعض العسكر وقد أكمن لهم التـرك فخرجـوا عليهـم‏.‏ وانهـزم المسلمـون إلـى الـوادي وقيـل بـل كـان المنهزمون مسلحةً للمسلمين‏.‏ وكان فيمن قتل شعبة بن ظهر في خمسين رجلاً‏.‏ وجاء الأمير والناس فانهزم العدو‏.‏ وكان سعيد إذا بعث سرية فأصابوا وغنموا وسبوا رد السبي وعاقب السرية فثقل سعيد على الناس وضعفوه‏.‏ ولما رجع من هذه الغزاة وكان سورة بن الأبجر قد قال لحيان النبطي يوم أمر سعيد بالكف عن الصغد وأنهم جباية أمير المؤمنين‏.‏ فقال سورة ارجـع عنهـم يـا حيـان فقال‏:‏ عقيرة الله لا أدعها فقال‏:‏ انصرف يا نبطي‏.‏ قال أنبط الله وجهك‏.‏ فحقدهـا عليـه سـورة وأغـرى بـه سعيـد خدينـة وقـال‏:‏ إنـه أفسـد خراسان على قتيبة ويثب عليك ويتحصـن ببعـض القلـاع‏.‏ فقـال لـه سعيد‏:‏ لا يسمع هذا منك أحد ثم حاول عليه وسقاه لبناً قد ألقى فيه ذهباً مسحوقاً‏.‏ ثم ركض والناس معه أربعة فراسخ فعاش حيان من بعدها ليالي قلائل ومات‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:56

ولاية هبيرة على العراق وخراسان
كـان مسلمـة لمـا ولـي علـى هذه الأعمال لم يدفع من الخراج شيئاً واستحيا يزيد من عزله فكتب إليه بالقدوم وأن يستخلف على عمله‏.‏ وسار لذلك سنة ثلاث وأربعمائة فلقيه عمر بن هبيرة بالطريق على دواب البريد وقال‏:‏ وجهني أمير المؤمنين لحيازة أموال بني المهلب فارتاب لذلك وقـال لـه بعـض أصحابـه‏:‏ كيـف يبعـث ابـن هبيـرة مـن عنـد الجزيرة لمثل هذا الغرض‏.‏ ثم أتاه أن ابن هبيـرة عـزل عمالـه‏.‏ وكـان عمر بن هبيرة من النجابة بمكان وكان الحجاج يبعثه في البعوث وهو ممن سار لقتال مطرف بن المغيرة حين خلع ويقال إنه الذي قتله وجاء برأسه‏.‏فسيـره الحجـاج إلـى عبـد الملـك فأقطعـه قريـة قريبـة مـن دمشق ثم بعثه إلى كروم ابن مرثد الفزاري ليخلـص منـه مـالاً فارتـاب وأخذ المال ولحق بعبد الملك عائداً به من الحجاج‏.‏ وقالت قتلت ابن عمه ولست آمنه على نفسي فأجاره عبد الملك وكتب الحجاج إليه فيه‏.‏ فقال أمسك عنه وعظـم شأنـه عبـد الملـك وبنـوه واستعملـه عمـر بـن عبـد العزيز على الروم من ناحية أرمينية وأثخن فيهـم وأسـر سبعمائـة منهـم وقتلهـم‏.‏ واستخـدم أيـام يزيـد لمحبوبتـه حبابـة فسعت له في ولاية العراق فولاه يزيد مكان أخيه مسلمة ولما ولي قدم عليه المجشر بن مزاحم السلمي وعبد الله بن عمر الليثي في وفد فشكوا من سعيد وحذيفة عاملهم وهو صهر مسلمة فعزله وولى مكانه على خراسان سعيد بن عمر الحريشي من بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة فسار خدينة عن خراسان وقدم سعيد فلم يعرض لعماله‏.‏ولما قدم على خراسان كان الناس بإزاء العدو وقد نكثوا فحثهم على الجهاد الصغد منه بما كانوا أعانوا الترك أيام حذيفة فقال لهم ملكهم احملوا له خراج ما مضى واضمنوا خراج ما يأتي والعمارة والغزو معه وأعطوه الرهن بذلك‏.‏ فأبوا إلا أن يستجيروا بملك فرغانة وخرجوا من بلادهم إلى خجندة وسألوا الجوار وأن ينزلوا شعب عصام‏.‏ فقال‏:‏ أمهلونا عشرين يوماً أو أربعين لنخليه لكم وليس لكم علي جوار قبل دخولكم إياه‏.‏ ثم غزاهم الحريش سنة أربع ومائة فقطع النهر وترك قصر الريح على فرسخين من الدنوسية وأتاه ابن عم ملك فرغانة يغريه بأهـل الصغـد وأنهـم بخجنـدة ولـم يدخلوا جواره بعد فبعث معه عبد الرحمن القسري في عسكر وجاء في أثره حتى نزلوا على خجندة وخرج أهل صغد لقتالهم فانهزموا وقد كانوا حفروا خندقـاً وغطـوه بالتراب ليسقط فيه المسلمون عند القتال فلما انهزموا ذلك اليوم أخطأهم الطريق وأسقطهم الله في ذلك الخندق‏.‏ثم حاصرهم الحريشي ونصب عليهم المجانيق وأرسلوا إلى ملك فرغافة ليجيرهم‏.‏ فقال قد شرت عليكم أن لا جوار قبل الأجل الذي بيني وبينكم‏.‏ فسألوا الصلح من الحريشي على أن يـردوا مـا في أيديهم من سبي العرب ويعطوا ما كسر من الخراج ولا يتخلف أحد منهم بخجندة وإن أحدثـوا حدثـاً استبيحـت دماؤهـم‏.‏ فقبـل منهـم وخرجوا من خجندة ونزلوا في العسكر على كـل مـن يعرفـه‏.‏ وبلـغ الحريشـي أنهـم قتلوا امرأة فقتل قاتلها فخرج قبيل منهم فاعترض الناس وقتل جماعـة‏.‏ وقتـل الصغد من أسرى المسلمين مائة وخمسين ولقي الناس منهم عنفاً ثم أحاطوا بهم وهم يقاتلون بالخشب ليس لهم سلاح فقاتلوا عن آخرهم ثلاثة آلاف أو سبعة آلاف‏.‏وكتب الحريشي إلى يزيد بن عبد الملك ولم يكتب لعمر بن هبيرة فأحفظه ذلك ثم سرح الحريشي سليمان بن أبي السرى إلى حصن يطيف به وراء الصغد ومعه خوارزم شاه وملك أجرون وسومان فسار سليمان وعلى مقدمته المسيب بن بشر الرياحي ولقيـه أهـل الحصـن فهزمهم ثم حاصرهم فسألوا الصلح على أن لا يعرض لسبيهم ويسلموا القلعـة بمـا فيهـا فقبـل وبعث إلى الحريشي فقبضه وبعث من قبضه‏.‏ وسار الحريشي إلى كش فصالحوه على عشرة آلاف رأس وولى نصر بن سيار على قبضها‏.‏ واستعمل على كش ونسـف حربـاً وخراجـاً سليمـان بـن السـرى واستنـزل مكانه آخر اسمه قشقري من حصنه على الأمان وجاء به إلى مرو فشنقه وصلبه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:56

ولاية الجراح على أرمينية وفتح بلنجر
ولما سار ابن هبيرة على الجزيرة وأرمينية تشبب البهراني فحفل لهـم الخـزر وهـم التركمـان واستجاشوا بالقفجاق وغيرهم من أنواع الترك ولقوا المسلمين بمرج الحجارة فهزموهم واحتوى التركمان على عسكرهم وغنموا ما فيه‏.‏ وقدم المنهزمون على يزيد بن عبد الملك فولى على أرمينية الجراح بن عبد الله الحكمي وأمده بجيش كثيـف وسـار لغـزو الخـزر فعـادوا لبـاب الأبواب‏.‏ ونزل الجراح بردعة فأراح بها قليلاً‏.‏ ثم سار نحوهم وعبر نهر الكر وأشاع الإقامة ليرجع بذلك عيونهم إليهم‏.‏ ثم أسرى من ليلته وأجد السير إلى مدينة الباب فدخلها وبث السرايا للنهب والغارة‏.‏وزحف إليه التركمان وعليهم ابن ملكهم فلقيهم عند نهر الزمان واشتد القتال بينهم ثم انهزم التركمان وكثر القتل فيهم وغنـم المسلمـون مـا معهـم وسـاروا حتـى نزلـوا علـى الحصـن ونـزل أهلها على الأمان فقتلهم‏.‏ ثم سار إلى مدينة برغوا فحاصرها ستة أيام ثم نزلوا على الأمان ونفلهم ثم سـاروا إلـى بلنجـر وقاتلهـم التركمـان دونهـا فانهزمـوا وافتتـح الحصـن عنـوة‏.‏ وغنـم المسلمـون جميع ما فيه‏.‏ فأصاب الفارس ثلاثمائة دينار وكانوا بضعة وثلاثين ألفاً‏.‏ ثم إن الجراح رجع حصن بلنجر إلى صاحبه ورد عليـه أهلـه ومالـه علـى أن يكـون عينـاً للمسلميـن علـى الكفار‏.‏ ثم نزل على حصن الوبيد وكان به أربعون ألف بيت من الترك فصالحوا الجراح على مـال أعطـوه إيـاه‏.‏ ثـم تجمـع الترك والتركمان وأخذوا الطرق على المسلمين فأقام في رستاق سبى وكتب إلى يزيد بالفتح وطلب المدد وكان ذلك آخر عمر يزيد‏.‏ وبعث هشام بعد ذلك إليه بالمدد وأقره على العمل‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:57

ولاية عبد الواحد القسري علي المدينة ومكة
كان عبد الرحمن بن الضحاك عاملاً على الحجاز منذ أيام عمر بن عبد العزيز وأقام عليها ثلاث سنين ثم حدثته نفسه خطبة فاطمة بنت الحسين فامتنعت فهددها بأن يجلد ابنها في الخمـر وهـو عبـد الله بن الحسين المثنى وكان على ديوان المدينة عامل من أهل الشام يسمى ابن هرمز‏.‏ ولما رفع حسابه وأراد السير إلى يزيد جاء ليودع فاطمة فقالت اخبر أمير المؤمنين بما ألقـى مـن ابـن الضحـاك ومـا يتعـرض لـي‏.‏ ثـم بعـث رسولهـا بكتابهـا إلـى يزيـد يخبره‏.‏ وقدم ابن هرمز على يزيد فبينا هو يحدثه عن المدينة قال الحاجب‏:‏ بالباب رسول فاطمة بنت الحسين فذكر ابن هرمز ما حملته‏.‏ فنزل عن فراشه وقال‏:‏ عندك مثل هذا وما تخبرني به فاعتذر بالنسيان‏.‏فأدخـل يزيـد الرسـول وقـرأ الكتـاب وجعـل ينكـث الأرض بخيزرانة ويقول‏:‏ لقد اجتر ابن الضحـاك هـل مـن رجـل يسمعنـي صوتـه فـي العذاب‏.‏ قيل له عبد الواحد بن عبد الله القسري‏.‏ سفكتب إليه بيده‏:‏ قلى وليتك المدينة فانهض إليها واعزل ابن الضحاك وغرمـه أربعيـن ألـف دينار وعذبه حتى أسمع وأنا على فراشي‏.‏ وجاء البريد بالكتاب إليه ولم يدخل على ابن الضحاك فأحضر البريد ودس إليه بألف دينار فأخبره الخبر فسار بن الضحاك إلى مسلمة بن عبد الملك واستجار به وسأل مسلمة فيه يزيد‏.‏ فقال والله لا أعفيه أبداً فرده مسلمة إلى عبد الواحد بالمدينة فعذبه ولقي شراً ولبس جبة صوف يسأل الناس وكان قد آذى الأنصار فذموه وكان قدوم القسري في شوال سنة أربع ومائة وأحسن السيرة فأحبه الناس وكان يستشير القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله‏.‏ عزل الحريشي وولاية مسلم الكلبي على خراسان كان سعيد الحريشي عاملاً على خراسان لابن هبيرة كما ذكرنا وكان يستخف به ويكاتب الخليفة دونه ويكنيه أبا المثنى‏.‏ وبعث من عيونه من يأتيه بخبره فبلغه أعظم مما سمع فعزله وعذبـه حتـى أدى الأمـوال وعـزم علـى قتلـه ثـم كـف عنـه‏.‏ وولـى بـن هبيرة على خراسان مسلم بن سعيـد بـن أسلـم بـن زرعـة الكلابـي ولما جاء إلى خراسان حبسه وقيده وعذبه كما قلنا‏.‏ فلما هرب ابن هبيرة بعد ذلك عن العراق أرسل خالد القسري في طلبه الحريشي فأدركه على الفـرات‏.‏ وقـال لابـن هبيـرة مـا ظنـك بـي قـال إنـك لا تدفـع رجـلاً مـن قومـك إلـى رجـل مـن قسر‏.‏ قال وفاة يزيد وبيعة هشام ثـم توفـي يزيـد بـن عبد الملك في شعبان سنة خمس ومائة لأربع سنين من خلافته وولى بعده أخوه هشام بعهده إليه بذلك كما مر وكان بحمص فجاءه الخبر بذلك فعزل عمر بن هبيرة عن العراق وولى مكانه خالد بن عبد الله القسري فسار إلى العراق من يومه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:57

غزو مسلم الترك
غـزا مسلـم بـن سعيـد التـرك سنـة خمسـة ومائـة فعبـر النهـر وعاث في بلادهم ولم يفتح شيئاً وقفل فأتبعه الترك ولحقوه على النهر فعبر بالناس ولم ينالوا منه‏.‏ ثم غزا بقية السنة وحاصر أفشين حتـى صالحـوه علـى ستـة آلـاف رأس ثـم دفعوا إليه القلعة‏.‏ ثم غزا سنة ست ومائة وتباطأ عنه النـاس وكـان ممـن تباطـأ البختـري بـن درهـم فـرد مسلـم نصـر بـن سيار إلى بلخ وأمره أن يخرج الناس إليه وعلى بلخ عمر بن قتيبة أخو مسلم فجاء نصر وأحرق باب البختري وزياد بن طريف الباهلي‏.‏ ثم منعهم عمر من دخول بلخ وقد قطع سعيد النهر ونزل نصر بن سيار البروقان وأتـى جنـد الضلاضيان وتجمعت ربيعة والأزد بالبروقان على نصف فرسخ من نصر وخرجـت مضـر إلـى نصـر وخـرج عمـر بـن مسلـم إلـى ربيعـة والـأزد وتوافقوا وسفر الناس بينهما في ثم حمل البختري وعمر بن مسلم على نصر فكر عليهم فقتل منهم ثمانية عشر وهزمهم وأتى بعمر بن مسلم والبختري وزياد بن طريف فضربهم مائة مائة وحلق رؤوسهم ولحاهم وألبسهم المسـوح‏.‏ وقيـل إن سبـب تعزيـز عمـر بـن مسلم انهزام تميم عنه وقيل انهزام ربيعة والأزد ثم أمنهم نصر بعد ذلك وأمرهم أن يلحقوا بمسلم بن سعيد‏.‏ ولما قطع مسلم النهر ولحقه من لحق من أصحابـه سـار إلـى بخـارى فلحقـه بهـا كتاب خالد بن عبد الله القسري بولايته ويأمره بإتمام غزاته فسار إلى فرغانة وبلغه أن خاقان قد أقبل إليه فارتحل‏.‏ ولحقه خاقان بعد ثلاثة مراحل لقي فيها طائفة من المسلمين فأصابهم‏.‏ ثم أطاف بالعسكر وقاتل المسلمين وقتل المسيب بن بشر الرياحي والبراء من فرسان المهلب وأخو غورك‏.‏وثار الناس في وجوههم فأخرجوهم من العسكر‏.‏ ورحـل مسلـم بالنـاس ثمانيـة أيـام والتـرك مطيفـون بهـم بعـد أن أمـر بإحـراق مـا ثقـل من الأمتعة فأحرقوا ما قيمته ألف ألف‏.‏ وأصبحوا في التاسع قريب النهر دونه أهل فرغانة والشاش‏.‏ فأمر مسلم الناس أن يخرطوا سيوفهم ويحملوا‏.‏ فأفـرج أهـل فرغانـة والشـاش عـن النهر ونزل مسلم بعسكره ثم عبر من الغد وأتبعهم ابن خاقان‏.‏ فكان حميد بن عبد الله على الساقة من وراء النهر وهو مثخن بالجراحة‏.‏ فبعث إلى مسلم بالانتظار وعطف على الترك فقاتلهم وأسر قائدهم وقائد الصغد ثم أصابه سهم فمات وأتوا خجنـدة وقـد أصابتهـم مجاعـة وجهد ولقيهم هنالك كتاب أسد بن عبد الله القسري أخي خالد بولايته على خراسان واستخلافه عبد الرحمن بن نعيم فقرأ مسلم الكتاب وقال سمعاً وطاعة‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:58

ولاية أسد القسري علي خراسان
ولمـا غـزا خالـد بـن عبـد الله خراسان واستخلف عليها أخاه أسد بن عبد الله فقدم ومسلم بن سعيد بفرغانة فطما رجع وأتى النهر ليقطعه منعه الأشهب بن عبد الله التميمي وكان على السفـن بآمـد حتـى عرفـه أنـه الأميـر فـأذن لـه‏.‏ ثـم عبـر أسـد النهـر ونـزل بالمرج وعلى سمرقند هانىء بـن هانىء فخرج بالناس وتلقى أسداً وأدخله سمرقند‏.‏ وبعث أسد إلى عبد الرحمن بن نعيم بالولايـة علـى العسكـر فقفل بالناس إلى سمرقند ثم عزل أسداً عنها وولى مكانه الحسن بن أبي العمرطـة الكنـدي‏.‏ ثـم قـدم مسلـم بـن سعيـد بـن عبـد اللـه بخراسان فكان يكرمه‏.‏ ومر بابن هبيرة وهو يروم الهرب وأسلم على يديه‏.‏ ثم غزا الغور وهي جبال هراة‏.‏ فوضع أهلها أثقالهم في الكهـوف ولـم يكـن إليهم طريق‏.‏ فاتخذ التوابيت ووضع فيها الرجال ودلاها بالسلاسل فاستخرجوا ما قدروا عليه‏.‏ ثم قطع كماق النهر وجاءه خاقان ولم يكن بينهما قتال‏.‏ وقيل عاد مهزوماً من الجسر ثم سار إلى عوبرين وقاتلها وأبلى نصر بن سيار ومسلم بن أحوز


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:58

ولاية أشرس على العراق
كـان أسـد بـن عبـد الله في ولايته على خراسان يتعصب حتى أفسد الناس‏.‏ وضرب نصر بن سيار بالسياط وعبد الرحمن بن نعيم وسورة بن أبجر والبختري بن أبي درهم وعامر بن مالـك الحمانـي وحلقهـم وسيرهـم إلـى أخيـه وكتـب إليه أنهم أرادوا الوثوب بي‏.‏ فلامه خالد وعنفه وقـال‏:‏ هـلا بعثـت برؤوسهـم وخطـب أسـد يومـاً فلعـن أهـل خراسـان‏.‏ فكتـب هشام بن عبد الملك إلى خالد اعزل أخاك فعزله في رمضان سنة تسع وولى مكانه الحكم بن عوانة الكلبي فقعد عن الصائفة تلك السنة‏.‏ فاستعمل هشام على خراسان أشرس بن عبد الله السلمي وأمره أن يراجع خالداً فكان خيراً ففرح به أهل خراسان‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:58

عزل أشرس
أرسـل أشـرس إلـى سمرقنـد سنـة عشـر ومائـة أبـا الصيـدا صالـح بـن ظريف مولى بني ضبة والربيع بـن عمـران التميمـي إلـى سمرقنـد وغيرهـا مما وراء النهر يدعوهم إلى الإسلام على أن توضع عنهم الجزية وعليها الحسن بن العمرطة الكندي على حربها وخراجها فدعاهم إلى ذلك وأسلموا‏.‏ وكتـب غـورك إلى الأشرس أن الجراح قد انكسر فكتب أشرس إلى ابن العمرطة بلغني أن أهل الصغـد وأشباههم لم يسلموا رغبة وإنما أسلموا نفوراً من الجزية فانظر من اختتن وأقام الفرائض وقرأ سورة من القرآن فارفع خراجه‏.‏ثـم عـزل ابـن العمرطـة عـن الخـراج وولـى عليهـا ابن هانىء ومنعهم أبو الصيد أخذ الجزية ممن أسلم وكتـب هانـىء إلـى أشـرس بأنهـم أسلمـوا وبنـوا المساجد‏.‏ فكتب إليه وإلى العمال أن يعيدوا الجزية على من كانت عليه ولو أسلم فامتنعوا واعتزلوا في سبعة آلاف على فراسخ من سمرقند‏.‏ وخـرج معهم أبو الصيد وربيع بن عمران والهيثم الشيباني وأبو فاطمة الأزدي وعامر بن قشير وبشيـر الجحـدري وبيـان العنبـري وإسماعيـل بـن عقبـة لينصروهـم‏.‏ وبلـغ الخبـر إلى أشرس فعزل ابن العمرطة عن الحرب وولى مكانه المجشر بن مزاحم السلمي وعميرة بن سعد الشيباني فكتب المجشـر إلـى أبـي الصيدا يستقدمه هو وأصحابه فقدم ومعه ثابت قطنة فحبسهما وسيرهما إلى أشـرس واجتمع الباقون وولوا عليهم أبا فاطمة ليقاتلوا هانئاً فكتب أشرس ووضع عنهم الخراج فرجعوا ضعف أمرهم وتتبعوا فحبسوا كلهم‏.‏وألـح هانـىء فـي الخـراج واستخـف بفعـل العجـم والدهاقين‏.‏ وأقيموا في العقوبات وحرقت ثيابهم والقيت مناطقهم في أعناقهم وأخذت الجزية ممن أسلم‏.‏ فكفرت الصغد وبخارى واستجاشوا بالترك وخرج أشرس غازياً فنزل آمد وأقام أشهراً‏.‏ وقدم قطن بن قتيبة بن مسلم في عشرة آلاف فعبر النهر ولقي الترك وأهل الصغد وبخارى ومعهم خاقان فحصروا قطناً في خندقه‏.‏ وأغار الترك على سرح المسلمين وأطلق أشرس ثابت قطنة بكفالة عبد الله بن بسطام بن مسعود بن عمر وبعثه معه في خيل فاستقدمه من أيدي الترك ما أخدوه‏.‏ ثم عبر أشرس بالناس ولحق بقطن ولقيهم العدو‏:‏ فانهزموا أمامهم‏.‏ وسار أشرس بالناس حتى جاء بيكند فحاصرهـا المسلمـون وقطـع أهـل البلـد عنهـم المـاء وأصابهم العطش فرحلوا إلى المدينة‏.‏ واعترضهم دونها العدو فقاتلوهم قتالاً شديداً وأبلى الحارث بن شريح وقطن بن قتيبة بلاءً شديداً وأزالوا الترك عن الماء فقتل يومئذ ثابت قطنة وصخر بن مسلم بن النعمان العبدي وعبد الملك بن دثار الباهلي وغيرهم‏.‏ وحمـل قطـن بـن قتيبة في جماعة تعاقدوا على الموت فانهزم العدو واتبعهم المسلمون يقتلونهم إلى الليل‏.‏ ثم رجع أشرس إلى بخارى وجهز عليهم عسكراً يحاصرونها وعليهم الحارث بن شريح الأزدي‏.‏ ثم حاصر خاقان مدينة كمرجة من خراسان وبها جمع من المسلمين وقطعوا القنطرة وأتاهم ابن جسر وابن يزدجرد وقال‏:‏ إن خاقان جاء يرد علي منكبي وأنا آخذ لكم الأمان فشتموه وأتاهم يزغري في مائتين وكان داهيةً وكان خاقان لا يخالفه‏.‏ فطلب رجـلاً يكلمـه فجاء يزيد بن سعد الباهلي فرغبه بإضعاف‏.‏ العطاء والإحسان على النزول ويسيرون معهم فلاطفه ورجع إلى أصحابه وقال هؤلاء يدعونكم لقتـال المسلميـن فأبـوا وأمـر خاقـان فألقـى الحطـب الرطـب فـي الخنـدق ليقطعـه‏.‏ وألقـى المسلمون البهائم ليأكلوها ويحشوا جلودها تراباً ويملؤا بها الخندق‏.‏ وأرسل الله سبحانه فاحتمل السيل ما في الخندق إلى النهر الأعظـم ورمـى المسلمون بالسهام فأصيب يزغري بسهم ومات من ليلته فقتلوا جميع ما عندهم من الأسرى والرهن‏.‏ ولم يزالوا كذلك حتى نزلت جيوش المسلمين فرغانة فجردوا عليهم واشتد قتالهم وصالحهم المسلمون على أن يسلموا لهم كمرجة ويرحلوا عليها إلى سمرقند والدنوسية وتراهنوا على ذلك‏.‏ وتأخر خاقان حتى يخرجوا وخلف معهم كورصول ليبلغهم إلى مأمنهم فارتحلوا حتى بلغوا الدنوسية‏.‏ وأطلقوا الرهن وكانت مدة الحصار ستين يوماً‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 15:59

عزل أشرس عن خراسان وولاية الجنيد
وفـي سنـة إحـدى عشـرة ومائـة عـزل هشـام أشرس بن عبد الله عن خراسان وولى مكانه الجنيد بن عبد الرحمن بن عمر بن الحارث بن خارجة بن سنان بن أبى حارثة المري أهدى إلى أم حكيم بنت يحيى بن الحكم امرأة هشام قلادة فيها جواهر فأعجبت هشاماً فأهدى له أخرى مثلها فولاه خراسان وحمله على البريد‏.‏ فقدم خراسان في خمسمائة ووجد الخطاب بن محرز السلمـي خليفـة أشـرس علـى خراسـان‏.‏ فسـار الجنيـد إلـى ما وراء النهر ومعه الخطاب واستخلف على مرو المجشر بن مزاحم السلمي وعلى بلخ سورة بن أبجر التميمي وبعث إلى أشرس وهو يقاتل أهل بخارى والصغد أن يبعث إليه بسرية مخافة أن يعترضه العدو‏.‏فبعث إليه أشرس عامر بن مالك الجابي فعرض له الترك والصغد فقاتلوهم ثم استداروا وراء معسكر الترك وحمل المسلمون عليهم من أمامهم فانهزم الترك ولحق عامر بالجنيد فأقبل معه وعلى مقدمته عمارة بن حزيم واعترضه الترك فهزمهم‏.‏ وزحف إليه خاقان بنواحي سمرقند وقطـن بن قتيبة على ساقته فهزم خاقان وأسر ابن أخيه وبعث به إلى هشام ورجع إلى مرو ظافراً واستعمل قطن بن قتيبة على بخارى والوليد بن القعقاع العبسي على هراة وحبيب بن مرة العبسي على شرطته ومسلم بن عبد الرحمن الباهلي على بلخ وعليها نصر بن سيار‏.‏ فبعـث مسلـم إلـى نصر وجيء به في قميص دون سراويل فقال شيخ مضر جئتم به على هذه الحالة‏.‏ فعزل الجنيد مسلماً عن بلخ وأوفد وفداً إلى هشام بخبر غزاته‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:00

مقتل الجراح الحكمي
قد كان تقدم لنا دخوله إلى بلاد الخزر سنة أربع ومائة وانهزامهم أمامه وأنه أثخن فيهم وملك بلنجر وردها على صاحبها وأدركه الشتاء فأقام هنالك‏.‏ وأن هشاماً أقرة على عمله ثم ولاه أرمينية فدخل بلاد التركمـان مـن ناحيـة تفليـس سنـة إحـدى عشـرة ففتـح مدينتهـم البيضـاء وانصرف ظافراً فاجتمع الخزر والترك من ناحية اللاف وزحف إليهم الجراح سنة اثنتي عشرة ولقيهم بمرج أردبيل فاقتتلوا أشد قتال‏.‏ وتكاثر العدو عليه فاستشهد ومن معه وقد كـان استخلف أخاه الحجاج على أرمينية‏.‏ ولما قتل طمع الخزر وهم التركمان وأوغلوا في البلاد حتـى قاربـوا الموصـل وقيل كان قتله ببلنجر‏.‏ ولما بلغ الخبر هشاماً دعا سعيدًا الحريشي فقال‏:‏ بلغني أن الجراح انهزم‏.‏ قال الجراح أعرف بالله من أن ينهزم لكن قتل فابعثني على أربعين من دواب البريـد وابعـث إلـي كل يوم أربعين رجلاً مدداً واكتب إلى الأمراء الأجناد يواسوني‏.‏ ففعل وسار الحريشي فلا يمر بمدينة إلا ويستنهض أهلها فيجيبه من أراد الجهاد‏.‏ووصـل مدينـة أزور فلقيـه جماعـة مـن أصحاب الجراح فردهم معه‏.‏ ووصل إلى خلاط فحاصرها وفتحها وقسم غنائمها‏.‏ ثم سار عنها يفتح القلاع والحصون إلى بروعة فنزلها وابن خاقـان يومئـذ بأذربيجـان يحاصـر مدينـة ورثان منها ويبعث في نواحيها وبعث الحريشي إلى أهل ورثان يخبرهم بوصوله فأخرج العدو عنهم ووصل إليهم الحريشي‏.‏ثـم اتبـع العـدو إلـى أردبيـل وجـاءه بعـض عيونـه بأن عشرة آلاف من عسكرهم على أربعة فراسخ منه ومعهم خمسة آلاف بيت من المسلمين أسارى وسبايا فبيتهم وقتلهم أجمعين ولم ينج منهم أحد‏.‏ واستنقذ المسلمين منهم‏.‏وسار إلى باجروان فجاءه عين آخر ودله على جمع منهم فسار إليهم واستلحمهم أجمعين واستنقـذ مـن معهـم مـن المسلميـن وكان فيهم أهل الجراح وولده فحملهم إلى باجروان‏.‏ ثم زحف إليهـم جموع الخزر مع ابن ملكهم والتقوا بأرض زرند واشتد القتال والسبي من معسكر الكفار فبكى المسلمون رحمة لهم وصدقوا الحملـة‏.‏ فانهـزم الكفـار وأتبعهـم المسلمـون إلـى نهـر أرس وغنموا ما كان معهم من الأموال واستنقذوا الأسرى والسبايا وحملوهم إلى باجروان ثم تناصر الخـزر فـي ملكهـم ورجعـوا فنزلـوا نهـر البيلقـان واقتتلـوا قتـالاً شديـداً‏.‏ ثـم انهزمـوا فكـان مـن غـرق أكثر ممـن قتـل وجمـع الحريشي الغنائم وعاد إلى باجروان فقسمها وكتب إلى هشام بالفتح‏.‏ واستقدمه وولى أخاه مسلمة على أرمينية وأذربيجان‏.‏وقعة الشعب بين الجنيد وخاقان وخرج الجنيد سنة اثنتي عشرة ومائة من خراسان غازياً إلى طخارستان وبعث إليها عمارة بن خزيم في ثمانية عشر ألفاً وبعث إبراهيم بن سام الليثي في عشرة آلاف إلى وجه آخر وحاشتك التركي‏.‏ وزحف بهم خاقان إلى سمرقند وعليها سورة بن أبجر فكتب إلى الهند مستغيثاً فأمر الجنيد بعبور النهر‏.‏ فقال له المجشر بن مزاحم السلمي وابن بسطام الأزدي إن الترك ليسوا كغيرهم وقد مزقت جندك‏.‏ فسلم ابـن عبـد الرحمـن بالنبـراود والبختـري بهـراة وعمـارة بـن حزيـم بطخارستـان‏.‏ ولا تعبـر النهر في أقل من خمسين ألفاً‏.‏ فاستقدم عمارة وأمهل فقـال أخـي علـى سـورة وعبـر الجنيـد فنـزل كـش وتأهـب للسيـر‏.‏ وغـور التـرك الآبـار في طريق كش وسار الجنيد على التعبية واعترضه خاقان ومعه أهل الصغد وفرغانة والشاش وحملوا على مقدمته وعليها عثمان بن عبد الله بن الشخير فرجعوا والترك في اتباعهم‏.‏ثم حملوا على المدينة وأمدهم الجنيد بنصر بن سيار وشدوا على العدو وقتل أعياناً منهم‏.‏ وأقبل الجنيد على الميمنة وأقبل تحت راية الأزد فقال له صاحب الراية‏:‏ ما قصدت كرامتنا لكن علمت أنا لا نصل إليك ومنا عين تطرف فصبروا وقاتلوا حتى كلت سيوفهم‏.‏ وقطع عبيدهم الخشب فقاتلوا بها حتى أدركهم الملل وتعانقوا ثم تحاجزوا وهلك من الأزد في ذلك المعتـرك نحـو مـن ثمانيـن فيهـم عبـد اللـه بـن بسطـام ومحمـد بـن عبـد الله بن جودان والحسين بن شيخ ويزيد بن المفضل الحراني‏.‏ وبينا الناس كذلك إذ طلعت أوائل عسكر خاقان فنـادى منـادي الجنيـد بالنـزول فترجلـوا وخنـدق كل كائن على رجاله‏.‏ وقصد خاقان جهة بكر بن وائل وعليهم وأشـار أصحـاب الجنيـد عليـه بـأن يبعـث إلـى سورة بن أبجر من سمرقند ليتقدم الترك إليه ليكون لهـم شغـل بـه عن الجنيد وأصحابه‏.‏ فكتب يستقدمه فاعتذر فأعاد عليه وتهدده وقال‏:‏ اخرج وسـر مـع النهـر لا تفارقـه فلمـا خرج هو استبعد طريق النهر واستخلف على سمرقند موسى بن أسـود الحنظلـي‏.‏ وسـار محمـد فـي اثنـي عشـر ألفـاً حتـى إذا بقـي بينـه وبيـن الجنيـد وعساكـره فرسـخ لقيه خاقان عند الصباح وحال بينهم وبين الماء وأضرم النار في اليبس حواليهم فاستماتوا وحملـوا وانكشف الترك وأظلم الجو بالعجاج‏.‏ وكان من وراء الترك لهب سقط فيه جميع العدو والمسلمـون وسقـط سـورة فاندقـت فخـذه‏.‏ ثـم عطـف التـرك فقتلـوا المسلميـن ولم يبق منهم إلا القليل وانحاش بالناس المهلب بن زياد والعجمي في ستمائة أو ألف ومعه قريش بن عبد الله العبدي إلى رستاق المرغاب وقاتلوا بعض قصوره فأصيب المهلب وولوا عليهم الرحب بن خالد‏.‏ وجاءهم الأسكيد صاحب نسف وغورك ملك الصغد فنزلوا معه إلى خاقان فلم يجز أمان غورك وقتلهم ولم ينج منهم أحد‏.‏ ثم خرج الجنيد من الشعب قاصداً سمرقند وأشار عليه مجشر بن مزاحم بالنزول فنزل ووافقته جموع الترك‏.‏ فجال الناس جولة وصبر المسلمون وقاتل العبيد وانهزم العدو‏.‏ ومضى الجنيد إلى سمرقند فحمل العيالات إلى مرو وأقام بالصغد أربعة أشهر‏.‏ وكان صاحب الرأي بخراسان في الحرب المجشر بن مزاحم السلمي وعبد الرحمن بن أصبح المخزومي وعبيد الله بن حبيب الهجري‏.‏ ولما انصرفت الترك بعث الجنيد نهار بن توسعـة بـن تيـم اللـه وزميـل بـن سويـد بـن شيـم بالخبر‏.‏ وتحامل فيه على سورة بن أبجر بما عصاه مـن مفارقة النهر حتى نال العدو منه‏.‏ فكتب إليه هشام قد بعث إليك من المدد عشرة آلاف من البصرة ومثلها من الكوفة وثلاثون ألف رمح ومثلها سيفاً‏.‏ وأقام الجنيد بسمرقند وسار خاقـان إلـى بخـارى وعليهـا قطن بن قتيبة بن مسلم فخاف عليه من الترك‏.‏ واستشار عبد الله بن أبي عبد الله مولى بن سليم بعد أن اختلف عليه أصحابه فاشترط عليه أن لا يخالفه‏.‏ فأشـار بحمـل العيالـات مـن سمرقنـد فقدمهم واستخلف بسمرقند عثمان بن عبد الله بن الشخير في أربعمائه فارس وأربعمائه راجل ووفر أعطياتهم‏.‏ وسار العيالات في مقدمته حتى من الضيـق ودنـا من الطواويس فأقبل إليه خاقان بكير ميمنة أول رمضان سنة اثنتي عشرة واقتتلوا قليلاً‏.‏ ثم رجع الترك وارتحل من الغد فاعترضه التـرك ثانيـاً وقتـل مسلـم بـن أحـوز بعـض عظمائهم فرجعوا من الطواويس‏.‏ ثم دخل الجنيد بالمسلمين بخارى وقدمت الجنود من البصرة والكوفة فسرح الجنيد معهم حورثة بن زيد العنبري فيمن انتدب معه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:00

ولاية عاصم علي خراسان وعزل الجنيد
بلغ هشاماً سنة ست عشرة أن الجنيد بن عبد الرحمن عامل خراسان تزوج بنت يزيد بن المهلب فغضب لذلك وعزله وولى مكانه عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي وكان الجنيد قد مرض بالاستسقاء‏.‏ فقال هشام لعاصم إن أدركته وبه رمق فأزهق نفسه فلما قدم عاصم وجده قد مات وكانت بينهما عداوة فحبس عمارة بن حزيم وكان الجنيد استخلفه وهو ابن عذبة فعذبه عاصم وعذب عمال الجنيد‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:01

ولاية مروان بن محمد على أرمينية وأذربيجان
لمـا عـاد مسلمـة مـن غـزو الخـزر وهـم التركمـان إلـى بلـاد المسلمين وكان في عسكره مروان بن محمد بن مروان فخرج مختفياً عنه إلى هشام وشكا له من مسلمة وتخاذله عن الغزو وما أدخـل بذلـك علـى المسلميـن مـن الوهـم‏.‏ وبعث إلى العدو بالحرب وأقام شهراً حتى استعدوا وحشدوا ودخل بلادهم فلم يكن له فيهم نكاية وقصد أراد السلامة ورغب إليه بالغزو إليهم لينتقم منهم وأن يمده بمائة وعشرين ألف مقاتل ويكتم عليه‏.‏ فأجابه لذلك وولاه على أرمينية فسار إليها وجاءه المدد من الشام والعراق والجزيرة‏.‏ فأظهر أنه يريد غزو اللان وبعث إلى ملك الخزر فـي المادنـة فأجـاب وأرسـل رسلـه لتقرير الصلح فأمسكهم مروان إلى أن تجهز وودعهم وسار إلى أقرب الطرق‏.‏ فوافاهم ورأى ملك الخزر أن اللقاء على تلك الحال غرر فتأخر إلـى أقصـى بلاده‏.‏ودخل مروان فأوغل فيها وخرب وغنم وسبى إلى آخرها‏.‏ ودخل بلاد ملك السرير وفتح قلاعها وصالحوه علـى ألـف رأس نصفهـا غلمـان ونصفهـا جـواري ومائـة ألـف مـد تحمـل إلـى البـاب‏.‏ وصالحـه أهل تومان على مائة رأس نصفين وعشرين ألف مد‏.‏ ثم دخل أرض وردكران فصالحوه‏.‏ ثم أتى حمرين وافتتح حصنهم ثم أتى سبدان فافتتحها صلحاً ثم نزل صاحب اللكـز فـي قلعتـه وقـد امتنـع مـن أداء الوظيفـة فخرج يزيد ملك الخزر فأصيب بسهم ومات وصالح أهل اللكز مروان وأدخل عامله وسار مروان إلى قلعة سروان فأطاعوا وسار إلى الرودانية فأوقع بهم ورجع‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:01

خلع الحارث بن شريح بخراسان
كـان الحـارث هذا عظيم الأزد بخراسان فخلع سنة ست عشرة ولبس السواد ودعا إلى كتاب الله وسنة نبيه والبيعة للرضا على ما كان عليه دعاة بني العباس هناك‏.‏ وأقبل إلى الغاربات وجاءته رسل عاصم مقاتل بن حيان النبطي والخطاب بن محرز السلمي فحبسهما وفروا من السجـن إلى عاصم بدم الحارث وغدره‏.‏ وسار الحارث من الغاربات إلى بلخ وعليها نصر بن سيار والنجيبي فلقياه في عشرة آلاف وهو في أربعة فهزمهم وملك بلخ واستعمـل عليهـا سليمان بـن عبـد اللـه بـن حـازم‏.‏ وسـار إلـى الجوزجـان عليهـا ثـم سـار إلـى مـرو ونمـي إلـى عاصـم أن أهـل مرو يكاتبونه فاستوثق منهم بالقسامة وخرج وعسكر قريباً من مرو وقطع الجسور‏.‏ وأقبل الحارث في ستين ألفاً ومعه فرسان الأزد وتميم ودهاقين الجوزجان والغاربات وملك الطالقان وأصلحـوا القناطـر ثـم نـزع محمـد بـن المثنـى فـي ألفيـن مـن الـأزد وحمـاد بن عامر الجابي في مثلها من بنـي تميـم إلـى عاصـم ولحقـوا بـه ثم اقتتلوا‏.‏ فانهزم الحارث وغرق كثير من أصحابه في نهر مرو وقتلـوا قتـلاً ذريعـاً‏.‏ وكـان ممـن غرق حازم‏.‏ ولما قطع الحارث نهر مرو ضرب رواقه واجتمع إليه بها ثلاثة آلاف فارس وكف عاصم عنهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:01

ولاية أسد القسري الثانية بخراسان
كتب عاصم إلى هشام سنة سبع عشرة أن خراسان لا تصلح إلا أن تضم إلى العراق ليكون مددها قريب الغوث فضم هشام خراسان إلى خالد بن عبد الله القسري وكتب إليه ابعث أخاك يصلح ما أفسد فبعث خالد أخاه أسداً فسار على مقدمته محمد بن مالك الهمداني‏.‏ ولما بلغ عاصم الخبر راود الحارث بن شريح على الصلح وأن يكتبا جميعاً إلى هشام يسألانه الكتـاب والسنة فإن أبى اجتمعا‏.‏ وأبى بعض أهل خراسان ذلك فانتقض بينهما واقتتلا فانهزم الحارث وأسر من أصحابه كثير قتلهم عاصم‏.‏ وبعث بالفتح إلى هشام مع محمد بن مسلم العنبري فلقيه أسد بالري‏.‏ وجاء إلى خراسان فبعث عاصماً وطلبه بمائة ألف درهم وأطلق عمارة بن حزيم وعمال الجنيد ولم يكن لعاصم بخراسان إلا مرو ونيسابور‏.‏ وكانت مرو الروذ للحـارث وواصـل لخالـد بن عبيد الله الهجري على مثل رأي الحارث‏.‏ فبعث أسد عبد الرحمن بـن نعيـم فـي أهـل الكوفـة والشـام إلـى الحـارث وسـار هـو بالنـاس إلـى آمـد‏.‏ فخـرج إليـه زياد القرشي مولى حيان النبطي في العسكر فهزمهم أسد وحاصرهم حتى سألوا الأمان واستعمل عليهم يحيى بن نعيم بن هبيرة الشيباني وسار إلى بلخ‏.‏ وقد بايعوا سليمان بن عبد الله بن حازم فسـار حتـى قدمهـا‏.‏ ثم سار منها إلى ترمذ والحارث محاصر لهما‏.‏ وأعجزه وصول المدد إليها فخرج إلى بلخ وخرج أهل ترمذ فهزموا الحارث وقتلوا أكثر أصحابه‏.‏ثم سار أسد إلى سمرقند ومر بحصن زم وبه أصحاب الحارث فبعث إليهم وقال إنما نكرتم منـا سوء السيرة ولم يبلغ ذلك النساء واستحلال الفروج ولا مظاهر المشركين على مثل سمرقند وأعطـاه الأمـان علـى تسليـم سمرقنـد‏.‏ وهـدده إن قاتـل بأنـه لا يؤمنـه أبداً‏.‏ فخرج إلى الأمان وسار معـه إلـى سمرقنـد فنزلهـم علـى الأمـان‏.‏ ثـم رجـع أسد إلى بلخ وسرح جديعاً الكرماني إلى القلعة التي فيها ثقل الحارث وأصحابه في طخارستان فحاصرها وفتحها وقتل مقاتلهم ومنهم بنو بزري من ثعلب أصحاب الحارث‏.‏ وباع سبيهم في سوق بلخ وانتقض على الحارث أربعمائة وخمسون من أصحابه بالقلعة ورئيسهم جرير بن ميمون القاضي‏.‏ فقال لهم الحارث إن كنتم مفارقي ولا‏.‏ بد فاطلبوا الأمان وإن طلبتموه بعد رحيلي لا يعطونـه لكـم فأبـوا إلا إن ارتحـل فبعثـوا بالأمـان فلـم يجبهـم إليـه‏.‏ وسـرح جديعـة الكرمانـي فـي ستـة آلـاف فحصرهـم حتـى نزلوا على حكمه‏.‏ وحمل خمسين منهم إلى أسد فيهم ابن ميمون القاضي‏.‏ فقتلهم وكتب إلى الكرماني بإهلاك الباقين واتخذ أسد مدينة بلخ داراً ونقل إليها الدواوين‏.‏ ثم عزا طخارستـان وأرض حبونة فغنم وسبى‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:02

مقتل خاقان
ولمـا كانـت سنـة تسع عشرة غزا أسد بن عبد الله بلاد الختل فافتتح منها قلاعاً وامتلأت أيدي العسكر من السبي والشاء‏.‏ وكتب ابن السائحي صاحب البلاد يستجيش خاقان على العرب ويضعفهم له فتجهز وخفف من الأزودة استعجالاً للعرب‏.‏ فلما أحسن به ابن السائحي بعث بالنذير إلى أسد فلم يصدقه فأعاد عليه أني الذي استمددت خاقان لأنك معرت البلاد‏.‏ ولا أريد أن يظفر بك خشية من معاداة العرب واستطالة خاقان علي فصدقه حينئذ أسد وبعث الأثقال مع إبراهيم بن عاصم العقيلي الذي كان ولي سجستان وبعث معه المشيخة كثير بن أميـة وأبـا سفيـان بـن كثيـر الخزاعـي وفضيل بن حيان المهري وغيرهم وأمدهما بجند آخر‏.‏ وجاء في أثرهـم فانتهـى إلـى نهـر بلـخ وقـد قطعـه إبراهيـم بـن عاصـم بالسبـي والأثقـال فخـاض النهـر مـن ثلاثـة وعشرين موضعاً وحمل الناس شياههم حتى حمل هو شاة فما استكمل العبور حتى طلعت عليهـم التـرك وعلـى المسلحـة الـأزد وتميـم‏.‏ فحمـل خاقـان عليهـم فانكشفوا فرجع أسد إلى عسكره وخندق‏.‏وظنوا أن خاقان لا يقطع النهر فقطع النهر إليهم وقاتله المسلمون في معسكرهم وباتوا والترك محيطـون بهـم‏.‏ فلمـا أصبحـوا لـم يـروا منهـم أحـداً فعلمـوا أنهـم اتبعـوا الأثقـال والسبـي واستعملوا علمها من الطلائع فشاور أسد الناس فأشاروا بالمقام وأشار نصر بن سيار باتباعهم يخلص الأثقال ويقطع شقة لا بد من قطعها فوافقه أسد وطير النذير إلى إبراهيم بن عاصم وصبح خاقان للأثقـال وقـد خندقـوا عليهـم‏.‏ فأمر أهل الصغد بقتلهم فهزمتهم مسلحة المسلمين فصعد على تل حتى رأى المسلمين من خلفهم‏.‏ وأمـر التـرك أن يأتوهـم مـن هنالـك ففعلـوا وخالطوهـم فـي معسكرهـم وقتلـوا صاغان خذاه وأصحابه وأحسوا بالهلاك‏.‏ وإذا بالغبار قد رهج والترك يتنحون قليلاً قليلاً‏.‏ وجـاء أسـد ووقـف على التل الذي كان‏.‏ عليه خاقان‏.‏ وخرج إليه بقية الناس وجاءته امرأة صاغان خذاه معولـة فأعـول معهـا ومضـى خاقـان يقـود أسـرى المسلميـن فـي الآفـاق ويسـوق الإبـل الموقـورة والجواري‏.‏ وأراد أهل العسكر قتالهم فمنعهم أسد‏.‏ ونادى رجل من عسكر خاقان وهو من أصحاب الحارث بن شريح يعير أسداً ويحرضه ويقول‏:‏ قد كان لك عن الختل مندوحة وهي أرض آبائي وأجدادي قد كان ما رأيت ولعل الله ينتقم منك‏.‏ومضى أسد إلى بلخ فعسكر في مرجها حتى جاء الشتاء فدخل البلد وشتى فيها‏.‏ وكان الحارث بن شريح بناحية طخارستان فانضم إلى خاقان وأغراه بغزو خراسان وزحفوا إلى بلخ‏.‏ وخرج أسد يوم الأضحى فخطب النـاس وعرفهـم بـأن الحـارث بـن شريـح استجلـب الطاغية ليطفىء نور الله ويبدل دينهم وحرضهم على الاستنصار بالله‏.‏ وقال أقرب ما يكون العبـد للـه ساجـداً‏.‏ ثـم سجـد وسجـد الناس وأخلصوا الدعاء وخرج للقائهم وقد استمد خاقان من وراء النهر وأهل طخارستان وحبونة في ثلاثين ألفاً وجاء الخبر إلى أسد وأشار بعض النـاس بالتحصـن منهـم بمدينـة بلـخ واستمد خالد وهشام وأبي الأسد إلا اللقاء فخرج واستخلف على بلخ الكرماني ابن علي‏.‏ وعهد إليه أنه لا يدع أحداً يخرج من المدينة‏.‏ واعتزم نصر بن سيـار والقاسـم بـن نجيـب وغيرهـم علـى الخـروج فـأذن لهـم وصلى بالناس ركعتين وطول‏.‏ ثم دعا وأمر الناس بالدعاء ونزل من وراء القنطرة ينتظر من تخلف‏.‏ ثم بدا له وارتحل فلقي طليعة خاقـان وأسـر قائدهـم‏.‏ وسـار حتـى نـزل على فرسخين من الجوزجان‏.‏ ثم أصبحوا وقد تراءى الجمعان وأنزل أسد الناس ثم تهيأ للحرب ومعه الجوزجان اه‏.‏وحملـت الترك على الميسرة فانهزموا إلى رواق أسد فشدت عليهم الأسد وبنو تميم والجوزجان من الميمنة فانكشفوا إلى خاقان وقد انهزم والحارث معه‏.‏ وأتبعهم الناس ثلاثة فراسخ يقتلونهم واستاقوا مائة وخمسين ألفاً من الشاء ودواب كثيرة‏.‏ وسلك خاقان غير الجادة والحارث بن شريـح ولقيهـم أسـد عنـد الطريق وسلك الجوزجان بعثمان بن عبد الله بن الشخير طريقاً يعرفها حتى نزلوا على خاقان وهو آمن فتركوا الأبنية والقدور تغلي وبناء العرب والموالي والعسكر مشحون من آنية الفضة وركب خاقان والحارث يمانع عنه‏.‏ وأعجلوا امرأة خاقان عن الركوب فقتلها الخصي الموكل بها‏.‏ وبعث أسد بجوار الترك دهاقين خراسان يفادون بها أسراهم وأقام خمسة أيام وانصرف إلى بلخ لتاسعة من خروجه‏.‏ ونزل الجوزجان وخاقان هارب أمامه‏.‏ وانتهى خاقان إلى جونة الطخاري فنزل عليه وانصرف أسد إلى بلخ وأقام خاقان عند جونة حتى أصلح آلته وسار وسبية بها‏.‏ فأخذه جد كاوش أبو فشين فأهدى إليه وأتحفه وحمل أصحابـه يتخـذ بذلك عنده يداً‏.‏ ثم وصل خاقان بلاده وأخذ في الاستعداد للحرب ومحاصرة سمرقند وحمل الحارث وابن شريح وأصحابه على خمسة آلاف برذون ولاعب خاقان بالنرد كورصول يومـاً فغمـزه كورصـول فأنـف وتشاجـر فصـك كورصـول يـد خاقـان فحلـف خاقـان ليكسرن يده فتنحى وجمع‏.‏ثم بيت خاقان فقتله وافترق الترك وحملوه وتركوه بالعراء فحمله بعض عظمائهم ودفنه‏.‏ وكان أسد بعث بالفتح من بلخ إلى خالد بن عبد الله فأخبره وبعث به إلى هشام فلم يصدقه ثم بعـده القاسـم بن نجيب بقتل خاقان فبعث قيس أسداً وخالداً وقالوا لهشام‏:‏ استقدم مقاتل بن حيـان‏.‏ فكتـب بذلـك إلـى خالـد فأرسل إلى أسد أن يبعث به فقدم على هشام والأبرش وزيره جالـس عنـده فقـص عليـه الخبـر فسـر بذلـك وقال لمقاتل‏:‏ ما حاجتك قال يزيد بن المهلب أخذ من حيان أبي مائة ألف درهم بغير حق فأمر بردها علي‏.‏ فاستخلفه وكتب له بردها وقسمها مقاتل بين ورثة حيان‏.‏ ثم غزا أسد الختل بعد مقتل خاقان وقدم مصعب بن عمر الخزاعي إليها فسار إلى حصن بدر طرخان فاستأمن له أن يلقى أسداً فأمنه وبعث إلى أسد فسأل أن يقبل منه ألف درهم وراوده على ذلك فأبى أسد ورده إلى مصعب ليرده إلى حصنه فقال له مسلمة بن أبي عبد اللـه‏:‏ وهـو مـن الموالـي إن أميـر المؤمنيـن سينـدم علـى حبسـه‏.‏ ثـم أقبـل أسـد بالناس ووعد له المجشر بن مزاحم بدر طرخان أو قبول ما عرض فندم أسد وأرسل إلى مصعب يسأل عنه فوجده مقيمـاً عنـد مسلمـة فجـيء بـه وقطعـت يـده‏.‏ ثم أمر رجلاً من الأسد كان بدر طرخان قتل أباه فضرب عنقه وغلب على القلعة وبعث العساكر في بلاد الختـل فامتلـأت أيديهـم مـن الغنائـم والسبي وامتنع ولد بدر طرخان وأمواله في قلعة فوق بلدهم صغيرة فلم يوصل إليهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:02

وفاة أسد
وفـي ربيـع الـأول سنـة عشريـن توفـي ابـن عبـد اللـه القسـري بمدينـة بلخ واستخلف جعفر بن حنظلة النهرواني فعمل أربعة أشهر ثم جاء عهد نصر بن سيار بالعمل في رجب‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:03

ولاية يوسف بن عمر الثقفي على العراق
وعزل خالد وفـي هذه السنة عزل هشام خالداً من أعماله جميعها بسعاية أبي المثنى وحسان النبطي وكانا يتوليان ضياع هشام بالعراق فثقلا على خالد وأمر الأشدق بالنهوض على الضياع‏.‏ وأنهـى ذلـك حسـان بعـد أبـي المثنـى وأن غلتـه فـي السنـة ثلاثـة عشـر ألف ألف فوقرت في نفس هشام‏.‏ وأشار عليه بلال بن أبي بردة والعريان بن الهيثم أن يعرض أملاكه على هشام ويضمنون له الرضا فلم يجبهم‏.‏ ثم شكا من خالد بعض آل عمر والأشدق بأنه أغلظ له في القول بمجلسه فكتب إليه هشام يوبخه ويأمره بأن يمشي ساعياً على قدميه إلى بابه ويترضاه‏.‏ ونميـت عنـه مـن هـذا أقـوال كثيـرة وأنـه يستقـل ولايـة العراق فكتب إليه هشام يا ابن أم خالد بلغني أنك تقول ما ولاية العراق لي بشرف يا ابن اللخناء كيف لا تكون إمرة العراق لك شرفاً وأنت من بجيلة القليلة الذليلة أما والله إني لأظن أن أول من يأتيك صقر من قريش يشد يديك إلى عنقـك‏.‏ ثـم كتـب إلـى يوسـف بـن عمـر الثقفـي وهـو باليمـن يأمـره أن يقـدم فـي ثلاثيـن مـن أصحابـه إلـى العراق فقد ولاه ذلك‏.‏ فسار إلى الكوفة ونـزل قريبـاً منهـا وقـد ختـن طـارق خليفـة خالـد بالكوفة ولده وأهدى إليه وصيفاً ووصيفة سوى الأموال والثياب‏.‏ ومر يوسف وأصحابه ببعض أهل العراق فسألوهم فعرضوا وظنوهم خوارج وركب يوسف إلى دور ثقيف فكتموا ثم جمع يوسف بالمسجد من كان هنالك من مضر ودخل مع الفجر فصلى وأرسل إلى خالد وطارق فأخذهما‏.‏ وقيل إن خالداً كان بواسط وكتب إليه بالخبر بعـض أصحابـه مـن دمشـق فركـب إلـى خالـد وأخبـره بالخبـر وقـال‏:‏ اركب إلى أمير المؤمنين واعتذر إليه قال لا أفعل بغير إذن قال فترسلني أستأذنه‏.‏ قال‏:‏ لا قال فاضمن له جميع ما انكسر في هذه السنين وآتيك بعهده وهي مائة ألف ألف‏.‏ قال‏:‏ والله ما أجد عشرة آلاف ألف‏.‏ قال أتحملها أنا وفلان وفلان قال لا أعطي شيئاً وأعود فيه‏.‏ فقال طارق‏:‏ إنما نقيك ونقي أنفسنا بأموالنا ونستبقي الدنيا وتبقى الدنيا عليك وعلينا خير من أن يجيء من يطالبنا بالأموال وهي عند الكوفة فنقتل ويأكلوا الأموال‏.‏ فأبى خالد من ذلك كله فودعـه طـارق ومضـى وبكـى ورجع إلى الكوفة‏.‏ وخرج خالد إلى الحمة وجاء كتاب هشام بخطه إلى يوسف بولاية العراق وأن يأخـذ ابـن النصرانية يعني خالداً وعماله فيعذبهم فأخذ الأولاد وسار من يومه واستخلف على اليمن ابنه الصلت‏.‏ وقدم في جمادى الأخيرة سنة عشرين ومائة فنزل النجف وأرسل مولى كيسـان فجـاء بطـارق ولقيـه بالحيرة فضربه ضرباً مبرحاً ودخل الكوفة‏.‏ وبعث عثمان عطاء بن مقدم إلى خالد بالحمة فقدم عليه وحبسه وصالحه عنه أبان بن الوليد وأصحابه على سبعة آلـاف ألـف‏.‏ وقيـل أخـذ منـه مائـة ألـف وكانت ولايته العراق خمس عشرة سنة‏.‏ ولما ولي يوسف نزلت الذلة بالعراق في العرب وصار الحكم فيه إلى أهل الذمة‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:04

ولاية نصر بن سيار خراسان
وغزوه وصلح الصغد ولما مات أسد بن عبد الله ولى هشام على خراسان نصر بن سيار وبعث إليه على عهده عبد الكريم بن سليط الحنفي وقد كان جعفر بن حنظلة لما استخلفه أسد عند موته عرض علـى نصـر أن يوليـه بخـارى‏.‏ فقـال لـه البختـري بـن مجاهـد مولـى بنـي شيبـان لا تقبـل فإنـك شيـخ مضـر بخراسان وكان عهدك قد جاء على خراسان كلها فكان كذلك‏.‏ ولما ولي نصر استعمل على بلـخ مسلـم بـن عبـد الرحمـن وعلـى مـرو الـروذ وشـاح بـن بكيـر بـن وشـاح وعلـى هراة الحرث بن عبد اللـه بـن الحشـرج وعلـى نيسابور زياد بن عبد الرحمن القسري وعلى خوارزم أبا حفص علي بن حقنـة وعلـى الصغـد قطـن بـن قتيبـة‏.‏ وبقـي أربـع سنيـن لا يستعمل في خراسان إلا مضرياً فعمرت عمارة لم تعمر مثلها وأحسن الولاية والجباية‏.‏ وكـان وصـول العهـد إليـه بالولايـة في رجب سنة عشرين فغزا غزوات أولها إلى ما وراء النهر من نحو باب الحديد‏.‏ وسار إليها من بلخ ورجع إلى مرو فوضع الجزية على من أسلم من أهل الذمـة وجعلهـا على من كان يخفف عنه منهم‏.‏ وانتهى عددهم ثلاثين ألفاً من الصنفين وضعت عـن هـؤلاء وجعلـت علـى هؤلاء ثم غزا الثانية إلي سمرقند ثم الثالثة إلى الشاش سار إليها من مرو ومعه ملك بخارى وأهل سمرقند وكش ونسف في عشرين ألفاً‏.‏ وجـاء إلـى نهـر الشـاش فحـال بينه وبين عبوره كورصول عسكر نصر في ليلة ظلماء ونادى نصر لا يخرج أحد‏.‏ وخرج عاصم بن عمير في جند سمرقند فجاولته خيل التـرك ليـلاً وفيهـم كورصـول فأسـره عاصـم وجـاء بـه إلى نصر فقتله وصلبه على شاطىء النهر فحزنت الترك لقتله وأحرقوا أبنيته وقطعوا آذانهم وشعورهم وأذناب خيولهـم‏.‏ وأمـر نصـر بإحـراق عظامـه لئـلا يحملوهـا بعـد رجوعـه‏.‏ ثـم سـار إلـى فرغانـة فسبـى منها ألف رأس وكتب إليه يوسف بن عمران ليسير إلى الحارث بن شريح في الشاش ويخرب بلادهم ويسبيهم‏.‏ فسار لذلك وجعل على مقدمته يحيى بـن حصيـن وجـاء بهـم إلـى الحـارث وقاتلهـم وقتـل عظيمـاً مـن عظمـاء التـرك وانهزموا‏.‏ وجـاء ملـك الشـاش فـي الصلـح والهدنـة والرهـن‏.‏ واشتـرط نصر عليه إخراج الحارث بن شريح من بلده فأخرجـه إلـى فـاراب‏.‏ واستعمـل علـى الشـاش بنـزل بـن صالـح مولـى عمـرو بـن العـاص‏.‏ ثـم سـار إلى أرض فرغانة وبعث أمه في إتمام الصلح فجاءت لذلك وأكرمها نصر وعقد لها ورجعت‏.‏ وكـان الصغـد لمـا قتـل خاقـان طمعوا في الرجعة إلى بلادهم فلما ولي نصر بعث إليهم في ذلك وأعطوه ما سألوه من الشروط وكان أهل خراسان قد نكروا شروطهم وكان منها أن لا يعاقب من ارتد عن الإسلام إليهم ولا يؤخذ منهم أسرى إلا ببينة وحكم وعاب الناس ذلك علـى نصر لما أمضاه لهـم‏.‏ فقـال‏:‏ لـو عاينتـم شكوتهـم فـي المسلميـن مثـل مـا عاينـت مـا أنكرتـم‏.‏ وأرسـل إلـى ظهور زيد بن علي ومقتله ظهر زيد بن علي بالكوفة خارجاً على هشام داعياً للكتاب والسنـة وإلـى جهـاد الظالميـن والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين والعدل في قسمة الفيء ورد المظالم وأفعال الخير ونصر أهل البيت‏.‏ واختلف في سبب خروجه فقيل‏:‏ إن يوسف بن عمر لما كتب في خالد القسري كتب إلى هشام أنه شيعة لأهل البيت وأنه ابتاع من زيد أرضاً بالمدينة بعشرة آلاف دينار ورد عليه الأمن‏.‏ وأنه أودع زيداً وأصحابه الوافدين عليه مالاً فكان زيد قد قدم على خالـد بالعـراق هـو ومحمـد بـن عمـر بـن علي بن أبي طالب وداود بن علي بن عبد الله بن عباس فأجازهم ورجعوا إلى المدينة‏.‏ فبعث هشام عنهم وسألهم فأقروا بالجائزة وحلفوا على ما سوى ذلك وأن خالداً لم يودعهم شيئاً‏.‏ فصدقهم هشام وبعثهم إلى يوسف فقاتلوا خالداً وصدقهم الآخر وعادوا إلى المدينة ونزلوا القادسية‏.‏ وراسـل أهـل الكوفـة زيـداً فعـاد إليهـم وقيل في سبب ذلك‏:‏ إن زيداً اختصم مع ابن عمه جعفر بن الحسن المثنى في وقف علي وكانا يحضران عند عامل خالد بن عبد الملك بن الحارث‏.‏ فوقعت بينهما في مجلسه مشاتمة وأنكر زيد من خالد إطالته للخصومة وأن يستمع لمثل هذا فأغلـظ لـه زيـد وسـار إلـى هشـام فحجبـه ثـم أذن لـه بعد حين‏.‏ فحاوره طويلاً ثم عرض له بأنه ينكـر الخلـاف وتنقصـه‏.‏ ثـم قال له اخرج قال نعم ثم لا أكون إلا بحيث تكره فسار إلى الكوفة‏.‏ وقـال لـه محمـد بن عمر بن علي بن أبي طالب ناشدتك الله الحق بأهلك ولا تأت الكوفة وذكره بفعلهم مع جده وجده يستعظم ماوقع به‏.‏وأقبل الكوفة فأقام بها مستخفياً ينتقل في المنازل‏.‏ واختلف إليه الشيعة وبايعه جماعة‏:‏ منهم مسلمـة بـن كهيـل ونصـر بـن خزيمة العبسي ومعاوية بن إسحق بن زيد بن حارثة الأنصاري وناس مـن وجـوه أهـل الكوفـة يذكـر لهـم دعوتـه ثـم يقول أتبايعون على ذلك‏.‏ فيقولون نعم فيضع يده على أيديهم ويقول عهد الله عليك وميثاقه وذمته وذمة نبيه بيقين تتبعني ولا تقاتلني مع عدوي ولتنصحن لي في السـر والعلانيـة‏.‏ فـإذا قـال نعـم وضـع يـده فـي يـده ثـم قـال‏:‏ اللهـم اشهـد فبايعـه خمسـة عشر ألفاً وقيل أربعون‏.‏ وأمرهم بالاستعداد وشاع أمره في الناس وقيل‏:‏ إنه أقام في الكوفة ظاهراً ومعه داود بن علي بن عبد الله بن عباس لما جاؤوا لمقاتلة خالد فاختلف إليه الشيعة وكانت البيعة‏.‏ وبلغ الخبر إلى يوسف بن عمر فأخرجه من الكوفة ولحق الشيعة بالقادسية أو الغلبيـة وعذلـه داود بـن علـي فـي الرجـوع معـه وذكـره حـال جـده الحسين‏.‏ فقالت الشيعة لزيد‏:‏ هذا إنما يريد الأمر لنفسه ولأهل بيته فرجع معهم ومضى داود إلى المدينة‏.‏ ولما أتى الكوفة جاءه مسلمة بن كهيل فصده عن ذلك وقال أهل الكوفة لا يعولون ذلك‏.‏ وقد كـان مـع جـدك منهـم أضعـاف ممـا معـك ولـم تعادلـه وكـان أعـز عليهم منك على هؤلاء‏.‏ فقال له قد بايعوني ووجبت البيعة في عنقي وعنقهم‏.‏ قال فتأذن لي أن أخرج من هذا البلد فلا آمن أن يحدث حدث وأنا لا أهلك نفسي فخرج لليمامة‏.‏ وكتب عبد الله بن الحسن المثنى إلى زيد يعذله ويصده فلم يصغ إليه‏.‏ وتزوج نساء بالكوفة وكان يختلف إليهن والناس يبايعونه ثم أمر أصحابه يتجهزون‏.‏ ونمـي الخبـر إلـى يوسـف بـن عمـر فطلبـه وخـاف فتعجـل الخروج وكان يوسف بالحيرة وعلى الكوفة الحكم بن الصلت وعلى شرطته عمر بن عبد الرحمن من القاهرة ومعه عبيد الله بن عباس الكنـدي فـي ناس من أهل الشام‏.‏ ولما علم الشيعة أن يوسف يبحث عن زيد جاء إليه جماعة منهم فقالوا‏:‏ ما تقول في الشيخين فقال زيد‏:‏ رحمهما الله وغفر لهما وما سمعت أهل بيتي يذكرونهما إلا بخير‏.‏ وغاية ما أقول إنا كنا أحق بسلطان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس فدفعونا عنه ولم يبلغ ذلك الكفر وقد عدلوا في الناس وعملوا بالكتاب والسنة‏.‏ قال‏:‏ فإذا كان أولئك لم يظلموك فلم تدعو إلى قتالهم فقال إن هؤلاء ظلموا المسلمين أجمعين فإنا ندعوهم إلى الكتاب والسنة وأن نحيي السنن ونطفىء البدع فإن أجبتم سعدتـم وإن أبيتـم فلست عليكم بوكيل‏.‏ ففارقوه ونكثوا بيعته وقالوا‏:‏ سبق الإمام الحق يعنون محمداً الباقر وأن جعفراً ابنه إمامنا بعده فسماهم زيد الرافضة ويقال إنما سماهم الرافضة حيث فارقوه‏.‏ ثـم بعـث يوسـف بـن عمـر إلـى الحكـم بـأن يجمـع أهـل الكوفـة فـي المسجد فجمعوا وطلبوا زيداً في دار معاويـة بـن إسحـق بن زيد بن حارثة فخرج منها ليلاً واجتمع إليه ناس من الشيعة وأشعلوا النيـران ونـادوا يـا منصـور حتـى طلع الفجر وأصبح جعفر بن أبي العباس الكندي فلقي اثنين من أصحـاب زيـد يناديان بشعاره فقتل واحداً وأتى بالآخر إلى الحكم فقتله وأغلق أبواب المسجد علـى النـاس‏.‏ وبعـث إلـى يوسـف بالخبـر فسـار مـن الحيـرة وقـدم الريـان بن سلمة الأراشي في ألفين خيالـة وثلثمائـة ماشيـة‏.‏ وافتقـد زيـد النـاس فقيـل إنهـم فـي الجامـع محصـورون ولم يجد معه إلا مائتين وعشرين‏.‏ وخرج صاحب الشرطة في خيله فلقي نصر بن خزيمة العبسي من أصحاب زيد ذاهباً إليه فحمل عليه نصر وأصحابه فقتلوه وحمل زيد على أهل الشام فهزمهم‏.‏ وانتهى إلى دار أنس بن عمر الأسدي ممن بايعه وناداه فلم يخرج إليه‏.‏ ثـم سـار زيـد إلـى الكناسـة فحمـل علـى أهل الشام فهزمهم ثم دخل الكوفة والرايات في أتباعه‏.‏ فلمـا رأى زيـد خذلـان الناس قال لنصر بن خزيمة أفعلتموها حسينية‏.‏ قال‏:‏ أما أنا فوالله لأموتن معك وإن الناس بالمسجد فامض بنا إليهم‏.‏ فجاء إلى المسجد ينادي بالناس بالخروج إليه‏.‏ فرماه أهل الشام بالحجارة من فوق المسجد فانصرفوا عند المساء‏.‏ وأرسل يوسف بن عمر مـن الغد العباس بن سعد المزني في أهل الشام فجاءه في دار الزرق وقد كان أوى إليها عند المساء‏.‏ فلقيه زيد بن ثابت فاقتتلوا فقتل نصر‏.‏ ثم حملوا على أصحاب العباس فهزمهم زيد وأصحابه وعباهم يوسف بن عمر من العشي ثم سرحهم فكشفهم أصحاب زيد ولم تثبت خيلهم لخيله‏.‏ وبعـث إليهـم يوسـف بـن عمر بالقادسية واشتد القتال وقتل معاوية بن زيد‏.‏ ثم رمي زيد عند المساء بسهم أثبته فرجع أصحابه وأهل الشام يظنون أنهم تحاجزوا ولما نزع النصل من جبهته مات فدفنوه وأجروا عليه الماء‏.‏ وأصبح الحكم يوم الجمعة يتبع الجرحى من الدور ودله بعض الموالي على قبر زيد فاستخرجه وقطع رأسه وبعث بها إلى يوسف بالحيرة فبعثه إلى هشام فنصبه على باب دمشق‏.‏ وأمر يوسف الحكم أن يصلب زيـداً بالكناسـة ونصـر بـن خزيمـة ومعاويـة بـن إسحـق ويحرسهـم‏.‏ فلمـا ولـي الوليـد أمـر بإحراقهـم واستجـار يحيى بن زيد بعبد الملك بن شبر بن مروان فأجاره حتى سكن المطلب ثم سار إلى خراسان في نفر من الزيدية‏.‏ ظهور أبي مسلم بالدعوة العباسية كان أهل الدعوة العباسية بخراسان يكتمون أمرهم منذ بعث محمد بن علي بن عبد الله بن عبـاس دعاتـه إلـى الآفـاق سنـة مائـةن‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:05

مـن الهجـرة أيـام عمـر بـن عبد العزيز لما مر أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ذاهباً وجائياً من الشام من عند سليمان بن عبد الملك فمرض عنده بالحميمة من أعمال البلقاء وهلك هنالك وأوصى له بالأمر‏.‏ وكان أبو هاشم قد علم شيعته بالعـراق وخراسـان وأن الأمـر صائـر فـي ولـد محمـد بـن علـي بن عبد الله بن عباس‏.‏ فلما مات أبو هاشـم قصـدت الشيعـة محمـداً وبايعـوه سـراً وبعث دعاته منهم إلى الآفاق‏.‏ وكان الذي بعث إلى العراق مسيرة ابن والي خراسان محمد بن حبيش وأما عكرمة السراج وهو أبو محمد الصادق وحيان العطار خال إبراهيم بن سلمة فجاؤوا إلى خراسان ودعوا إليه سراً وأجابهم الناس وجاؤوا بكتب من أجاب إلى مسيرة اه فبعـث بهـا إلـى محمـد واختار أبو محمد الصادق اثني عشر رجلاً من أهل الدعوة فجعلهم نقباء عليهـم وهـم‏:‏ سليمـان بـن كثير الخزاعي ولاهز بن قريط التميمي وأبو النجم عمران بن إسماعيل مولى أبي معيط ومالك بن الهيثم الخزاعي وطلحة بن زريق الخزاعي وأبو حمزة بن عمر بن أعيـن مولـى خزاعـة وأخـوه عيسـى وأبـو علي شبلة بن طهمان الهروي مولى بني حنيفة‏.‏ واختار بعـده سبعيـن رجـلاً وكتـب إليـه محمـد بـن علـي كتابـاً يكـون لهـم مثـالاً يقتدون به في الدعوة وأقاموا علـى ذلـك ثم بعث مسيرة رسله من العراق سنة اثنتين ومائة في ولاية سعيد خدينة وخلافة يزيد بن عبد الملك‏.‏ وسعى بهم إلى سعيد فقالوا نحن تجار فضمنهم قوم من ربيعة واليمن فأطلقهم‏.‏ وولد محمد ابنه عبد الله السفاح سنة أربع ومائة وجاء إليه أبو محمد الصادق في جماعة من دعـاة خراسـان فأخرجـه لهـم ابـن خمسة عشر يوماً وقال هذا صاحبكم الذي يتم الأمر على يده فقبلـوا أطرافـه وانصرفـوا‏.‏ ثـم دخـل معهـم فـي الدعـوة بكيـر بـن هامـان جـاء مـن السند مع الجنيد بن عبد الرحمن‏.‏ فلما عزل قدم الكوفة ولقي أبا عكرمة وأبا محمد الصادق ومحمد بن حبيش وعمـار العبـادي خـال الوليـد الـأزرق دعـاه إلـى خراسان في ولاية أسد القسري أيام هشام ووشى بهم إليه فقطع أيدي من ظفر به منهم وصلبه‏.‏ وأقبل عمار إلى بكير بن هامان فأخبره فكتب إلى محمد بن علي بذلك فأجابة‏:‏ الحمد لله الذي صدق دعوتكم ومقالتكم وقد بقيت فيكم قتلى ستعد‏.‏ ثم كان أول من قدم محمد بن علـي إلـى خراسـان أبـو محمـد زيـاد مولـى همـذان بعثـه محمـد بـن علـي سنـة تسعـة فـي ولايـة أسـد أيـام هشام وقال له‏:‏ انزل في اليمن وتلطف لمضر ونهاه عن غالب النيسابوري شيعة بني فاطمة‏.‏ فشتـى زيـاد بمـرو ثـم سعـى بـه إلـى أسـد فاعتـذر بالتجـارة ثـم عـاد إلـى أمـره‏.‏ فأحضره أسد وقتله فـي عشـرة مـن أهـل الكوفـة‏.‏ ثـم جـاء بعدهـم إلـى خراسان رجل من أهل الكوفة اسمه كثير ونزل على أبي الشحم وأقام يدعوا سنتين أوثلاثـة ثـم أخـذ أسـد بـن عبـد اللـه فـي ولايتـه الثانيـة سنـة سبـع عشرة‏.‏ أخذ سليمان بن كثير ومالك بن الهيثم وموسى بن كعب ولاهز بن قريط بثلاثمائة سوط وشهد حسن بن زيد الأسدي ببراءتهم فأطلقهم‏.‏ ثم بعث بكير بن هامان سنة ثماني عشر عمار بن زيد على شيعتهم بخراسان فنزل مرو وتسمـى بخـراش وأطاعـه النـاس‏.‏ ثـم نـزل دعوتهم بدعوة الخرمية فأباح النساء وقال‏:‏ إن الصوم إنما هو عن ذكر الإمام وأشار إلى إخفاء اسمه‏.‏ والصلاة الدعاء له والحج القصـد إليـه‏.‏ وكـان خـراش هـذا نصرانيـاً بالكوفـة واتبعـه علـى مقالته مالك بن الهيثم والحريش بن سليم‏.‏ وظهر أسد علـى خبـره وبلـغ الخبـر بذلـك إلـى محمـد بـن علي فنكر عليهم قبولهم من خراش وقطع مراسلتهم‏.‏ فقدم عليه ابن كثير منهم يستعلم خبره ويستعطفه على ما وقع منهم وكتب معه إليهم كتاباً مختومـاً لم يجدوا فيه غير البسملة فعلموا مخالفة خراش لأمره وعظم عليهم‏.‏ ثم بعث محمد بن بكيـر بـن أبـان وكتب معه بكذب خراش فلم يصدقوه فجاء إلى محمد وبعث مع عصيا مضببةً بعضهـا بالحديـد وبعضهـا بالنحـاس‏.‏ ودفـع إلـى كـل رجـل عصـاً فعلموا أنهم قد خالفوا السيرة فتابوا ورجعوا‏.‏ وتوفي محمد بن علي سنة أربع وعشرين وعهد إلى ابنه إبراهيم بالأمر وأوصى الدعاة بذلك وكانوا يسمونه الإمام‏.‏ وجاء بكير بن هامان إلى خراسان بنعيه والدعاء لإبراهيم الإمام سنة سـت وعشرين ومائة‏.‏ ونزل مرو ودفع إلى الشيعة والنقباء كتابه بالوصية والسيرة فقبلوه ودفعوا إليه ما اجتمع عندهم من نفقاتهم فقدم بها بكير على إبراهيم‏.‏ ثـم بعـث إليهـم أبـا مسلـم سنـة أربـع وعشريـن وقد اختلف في أوليته اختلافاً كثيراً‏.‏ وفي سبب اتصاله بإبراهيم الإمام أو أبيه محمد فقيل كان من ولد بزرجمهر ولد بأصبهان وأوصى به أبوه إلى عيسى بن موسى السراج فحمله إلى الكوفة ابن سبع سنين‏.‏ ونشأ بها واتصل بإبراهيم الإمام‏.‏ وكان اسم أبي مسلم إبراهيم بن عثمان بن بشار‏.‏ فسماه إبراهيم الإمام عبد الرحمن وزوجـة أبيـه أبـي النجـم عمـران بـن إسماعيـل مـن الشيعـة‏.‏ فبنـى بها بخراسان وزوج ابنته من محرز بن إبراهيم فلم يعقب‏.‏ وابنته اسماء من فهم بن محرز فأعقبت فاطمة وهي التي يذكرها الخرمية‏.‏ وقيل في اتصاله بإبراهيم الإمام‏:‏ إن أبا مسلم كان موسى السراج وتعلم منه صناعة السروج وكـان يتجهـز فيهـا بأصبهان والجبال والجزيرة والموصل‏.‏ واتصل بعاصم بن يونس العجلي صاحب عيسـى السراج وابن أخيه عيسى وإدريس ابني معقل وإدريس هو جد أبي دلف‏.‏ ونمي إلى يوسف بن عمران العجلي من دعاة بني العباس فحبسهم مع عمال خالد القسري‏.‏ وكان أبو مسلـم معهـم فـي السجـن بخدمتهـم وقبـل منهـم الدعـوة‏.‏ وقيـل لـم يتصـل بهم من عيسى السراج وإنما كان مـن ضيـاع بنـي العجلـي بأصبهـان أو الجبـل‏.‏ وتوجـه سليمـان بـن كثيـر ومالـك بـن الهيثـم ولاهـز بـن قريط وقحطبة بن شبيب من خراسان يريدون إبراهيم الإمام بمكة فمروا بعاصم بن يونس وعيسـى وإدريـس ابنـي معقـل العجلـي بمكانهـم مـن الحبـس فـرأوا معهـم أبـا مسلـم فأعجبهم وأخذوه‏.‏ ولقـوا إبراهيم الإمام بمكة فأعجبه فأخذه وكان يخدمه‏.‏ ثم قدم النقباء بعد ذلك على إبراهيم الإمـام يطلبـون أن يوجـه مـن قلبه إلى خراسان فبعث معه أبا مسلم‏.‏ فلما تمكن ونوى أمره ادعى أنه من ولد سليط بن عبد الله بن عباس‏.‏ وكان من أولية هذا الخبر أن جارية لعبد الله بن العباس ولدت لغير رشدة فحدها واستعبد وليدهـا وسمـاه سليطـاً فنشأ واختص بالوليد‏.‏ وادعى أن عبد الله بن عباس أقر بأنه ابنه وأقام البينـة علـى ذلـك‏.‏ وخاصـم علـي بـن عبـد اللـه فـي الميـراث وأذاه‏.‏ وكـان فـي صحابتـه عمـر الدن من ولد أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عليها سليط بالخبر فاستعدت الوليد على علي فأنكر وحلف فنبشوا في البستان فوجدوه‏.‏ فأمر الوليد بعلي فضرب ليدله على عمر الدن‏.‏ ثم شفع فيه عباد بن زياد فأخرج إلى الحميمة‏.‏ لما ولي سليمان رده إلى دمشق‏.‏ وقيل إن أبا مسلم كان عبداً للعجليين وابن بكير بن هامان كان كاتباً لعمال بعض السند‏.‏ وقدم الكوفة فكان دعاة بني العباس فحبسوا وبكير معهم‏.‏ وكان العجليون في الحبس وأبو مسلم العبسي بن معقـل فدعاهـم بكيـر إلـى رأيـه فأجابـوه واستحسن الغلام فاشتراه من عيسى بن معقل بأربعمائة درهم وبعث به إلى إبراهيم الإمام فدفعـه إبراهيـم إلى موسى السراج من الشيعة‏.‏ فسمع منه وحفظ وصار يتردد إلى خراسان‏.‏ وقيل كان لبعض أهل هراة وابتاعه منه إبراهيم الإمام ومكث عنده سنين وكان يتردد بكتبه إلـى خراسـان‏.‏ ثـم بعثـه أميـراً علـى الشيعـة وكتـب إليهـم بالطاعة له وإلى أبي سلمة الخلال داعيهم بالكوفـة يأمره بإنفاذه إلى خراسان فنزل على سليمان بن كثير وكان من أمره ما يذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى‏.‏ ثم جاء سليمان بن كثير ولاهز بن قريط وقحطبة إلى مكة سنة سبع وعشرين بعشرين ألف دينار للإمام إبراهيم ومائتي ألف درهم ومسك ومتاع كثير ومعهم أبو مسلـم وقالـوا‏:‏ هـذا مولاك‏.‏ وكتب بكير بن هامان إلى الإمام بأنه أوصى بأمر الشيعة بعده لأبي سلمة حفص بن سليمـان الخلـال وهو رضى‏.‏ فكتب إليه إبراهيم بالقيام بأمر أصحابه وكتب إلى أهل خراسان بذلك فقبلوه وصدقوه وبعثوا بخمس أموالهم ونفقة الشيعة للإمام إبراهيم‏.‏ ثـم بعـث إبراهيـم فـي سنـة ثماني وعشرين مولاه أبا مسلم إلى خراسان وكتب له‏:‏ أني قد أمرته بأمـري فاسمعوا له وأطيعوا وقد أمرته على خراسان وما غلبت غليه فارتابوا من قوله ووفدوا على إبراهيم الإمام من قابل مكة وذكر له أبو مسلم أنهم لم يقبلوه‏.‏ فقال لهم‏:‏ قد عرضت عليكم الأمر فأبيتم من قبوله وكان عرضه على سليمان بن كثير ثم على إبراهيم بن مسلمة فأبوا‏.‏ وإني قد أجمع رأيي على مسلم وهو منا أهل البيت فاسمعوا له وأطيعوا‏.‏ وقال لأبي مسلـم انـزل فـي أهـل اليمـن وأكرمهـم‏.‏ فـإن بهـم يتـم الأمر وآتهم البيعة‏.‏ أما مضر فهم العدو الغريب واقتل من شككت فيه وإن قدرت أن لا تدع بخراسان من يتكلم بالعربية فافعل وارجع إلى سليمان بن كثير واكتف به مني وسرجه معهم فساروا إلى خراسان‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:09

وفاة هشام بن عبد الملك وبيعة الوليد بن يزيد
توفـي هشـام بـن عبـد الملـك بالرصافـة فـي ربيـع الآخـر سنـة خمس وعشرين ومائة لعشرين سنة من خلافته وولى بعده الوليد ابن أخيه يزيد بعهد يزيد بذلك كما مر وكان الوليد متلاعباً وله مجون وشراب وندمان وأراد هشام خلعه فلم يمكنه‏.‏ وكان يضرب من يأخذه فـي صحبتـه فخرج الوليد في ناس من خاصته ومواليه وخلف كاتبه عياض بن مسلم ليكاتبه بالأحـوال فضربه هشام وحبسه‏.‏ ولم يزل الوليد مقيمًا بالبرية حتى مات هشام وجاءه مولى أبي محمد السفيانـي علـى البريـد بكتـاب سالـم بـن عبـد الرحمـن صاحـب ديـوان الرسائل بالخبر فسأل عن كاتبه عيـاض فقـال‏:‏ لـم يـزل محبوسًـا حتـى مـات هشـام فأرسـل إلـى الحـراق أن يحتفظـوا بمـا فـي أيديهـم حتى منعوا هشاماً من شيء طلبه‏.‏ ثم خرج بعد موته من الحبس وختم أبواب الخزائن‏.‏ ثم كتب الوليـد مـن وقتـه إلـى عمـه العبـاس بـن عبـد الملـك أن يأتـي الرصافـة فيحصـي مـا فيها من أموال هشام وولده وعماله وخدمه إلا مسلمة بن هشام فإنه كان يراجع أباه بالرفق بالوليد فانتهى العباس لما أمـر بـه الوليـد‏.‏ ثـم استعمـل الوليـد العمـال وكتـب إلـى الآفـاق بأخذ البيعة‏.‏ فجاءته بيعتهم‏.‏ وكتب مروان ببيعتـه واستـأذن فـي القـدوم‏.‏ ثـم عقـد الوليـد مـن سنتـه لابنيـه‏:‏ الحكـم وعثمـان بعـده وجعلهمـا وليي عهده وكتب بذلك إلى العراق وخراسان‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:09

ولاية نصر للوليد علي خراسان
وكتـب الوليـد في سنته إلى نصر بن سيار بولاية خراسان وأفرده بها ثم وفد يوسف بن عمر على الوليد فاشترى منه نصرًا وعماله فرد إليه الوليد خراسان‏.‏ وكتـب يوسـف إلـى نصـر بالقدوم ويحمل معه الهدايا والأموال وعياله جميعاً وكتب له الوليد بأن يتخذ له برابط وطنابير وأباريـق ذهـب وفضـة ويجمـع لـه البراذيـن الغرة ويجمع بذلك إليه في وجوه أهل خراسان واستحثه رسـول يوسـف فأجـازه‏.‏ ثـم سـار واستخلـف علـى خراسان عصمة بن عبد الله الأسدي وعلى شاس موسى بن ورقاء وعلى سمرقند حسان ابن من أهل الصغانيان وعلى آمد مقاتل بن علـي الصغـدي وأسـر إليهـم أن يداخلـوا التـرك في المسير إلى خراسان ليرجع إليهم‏.‏ وبينا هو في طريقـه إلـى العـراق ببيهـق لقيـه مولـى لبني ليث وأخبره بقتل الوليد والفتنة بالشام‏.‏ وأن منصور بن جمهور قدم العراق وهرب يوسف بن عمر فرجع الناس‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 12 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:10

مقتل يحيي بن زياد
كـان يحيـى بـن زيـاد سـار بعـد قتـل أبيـه وسكـون الطلب عنه كما مر فأقام عنه الحريش بن عمرو ومروان في بلخ‏.‏ ولما ولي الوليد كتب إلى نصر بأن يأخذه من عند الحريش فأحضر الحريش وطالبـه بيحيـى فأنكـر فضربـه ستمائة سوط فجاء ابنه قريش ودله على يحيى فحبسه‏.‏ وكتب إلى الوليد فأمره أن يخلي سبيله وسبيل أصحابه‏.‏ فأطلقه نصر وأمره أن يلحق بالوليد فسار وأقام بسرخس فكتب نصر إلى عبد الله بن قيس بن عياد يخرجه عنها فأخرجه إلى بيهق وخـاف يحيـى بـن يوسـف بـن عمـر فسـار إلـى نيسابـور وبها عمر بن زرارة وكان مع يحيى سبعون رجلاً ولقوا دواب وأدركهم الإعياء فأخذوها بالثمن‏.‏ وكتب عمر بن زرارة بذلك إلى نصر فكتـب إليـه يأمـره بحربهـم‏.‏ فحاربهم في عشرة آلاف فهزموه وقتلوه ومروا بهراة فلم يعرضوا لها‏.‏ وسرح نصر بن سيار مسلم بن أحوز المازني إليهم فلحقهم بالجوزجان فقاتلهم قتالاً شديداً وأصيـب يحيـى بسهم في جبهته فمات‏.‏ وقتل أصحابه جميعاً وبعثوا برأسه إلى الوليد وصلب بالجـوزان‏.‏ وكتـب الوليـد إلـى يوسـف بـن عمـر بـأن يحـرق شلو زيد فأحرقه وذراه في الفرات‏.‏ ولم يزل يحيى مصلوباً بالجوزحان حتـى استولـى أبـو مسلـم علـى خراسـان فدفنـه ونظـر فـي الديـوان أسمـاء من حضر لقتله فمن كان حياً قتله ومن كان ميتاً خلفه في أهله بسوء‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 12 من اصل 20 الصفحة السابقة  1 ... 7 ... 11, 12, 13 ... 16 ... 20  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى