تعالى اشطفها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تاريخ ابن خلدون

صفحة 13 من اصل 20 الصفحة السابقة  1 ... 8 ... 12, 13, 14 ... 16 ... 20  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 4 مايو 2008 - 0:04

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

بسم الله الرحمن الرحيم



تمهيـــد
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه الغني بلطفه عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي وفقه الله تعالى‏:‏ الحمد لله الذي له العزة والجبروت وبيده الملك والملكوت وله الأسماء الحسنى والنعوت العالم فلا يعزب عنه ما تظهره النجوى أو يخفيه السكوت القادر فلا يعجزه شي في السماوات والأرض ولا يفوت‏.‏ أنشأنا من الأرض نسماً واستعمرنا فيها أجيالاً وأمماً ويسر لنا منها أرزاقاً وقسماً‏.‏ تكنفنا الأرحام والبيوت ويكفلنا الرزق والقوت وتبلينا الأيام والوقوت وتعتورنا الآجال التي خط علينا كتابها الموقوت وله البقاء والثبوت وهو الحي الذي لا يموت والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد النبي الأمي العربي المكتوب في التوراة والإنجيل المنعوت الذي تمخض لفصاله الكون قبل ان تتعاقب الآحاد والسبوت ويتباين زحل واليهموت وشهد بصدقه الحمائم والعنكبوت وعلى آله وأصحابه الذين لهم في محبته واتباعه الأثر البعيد والصيت والشمل الجميع في مظاهرته ولعدوهم الشمل الشتيت صلى الله عليه وعليهم ما اتصل بالإسلام جده المبخوت وانقطع بالكفر حبله المبتوت وسلم كثيراً‏.‏ أما بعد فإن فن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم والأجيال وتشد إليه الركائب والرحال وتسمو إلى معرفته السوقة والأغفال وتتنافس فيه الملوك والأقيال ويتساوى في فهمه العلماء والجهال إذ هو في ظاهره لا يزيد على إخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأول تنمو فيها الأقوال وتضرب فيها الأمثال وتطرف بها الأندية إذا غصها الاختفال وتؤدي إلينا شأن الخليقة كيف تقلبت بها ألاحوال واتسع للدول فيها النطاق والمجال وعمروا الأرض حتى نادى بهم الارتحال وحان منهم الزوال وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومباديها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق وجدير بأن يعد في علومها وخليق‏.‏ وإن فحول المؤرخين في الإسلام قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها وسطروها في صفحات الدفاتر وأودعوها وخلطها المتطفلون بدسائس من الباطل وهموا فيها أو ابتدعوها وزخارف من الروايات المضعفة لفقوها ووضعوها واقتفى تلك الآثار الكثير ممن بعدهم واتبعوها‏.‏ وأدوها إلينا كما سمعوها ولم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها ولا رفضوا ترهات الأحاديث ولا دفعوها فالتحقيق قليل وطرف التنقيح في الغالب كليل والغلط والوهم نسيب للأخبار وخليل والتقليد عريق في الآدميين وسليل والتطفل على الفنون عريض وطويل ومرعى الجهل بين الأنام وخيم وبيل‏.‏ والحق لا يقاوم سلطانه والباطل يقذف بشهاب النظر شيطانه والناقل إنما هو يملي وينقل والبصيرة تنقد الصحيح إذا تمقل والعلم يجلو لها صفحات الصواب ويصقل‏.‏ هذا وقد دون الناس في الأخبار وأكثروا وجمعوا تواريخ الأمم والدول في العالم وسطروا‏.‏ والذين ذهبوا بفضل الشهرة والأمانة المعتبرة واستفرغوا دواوين من قبلهم في صحفهم المتأخرة هم قليلون لا يكادون يجاوزون عدد الأنامل ولا حركات العوامل مثل ابن إسحاق والطبري وابن الكلبي ومحمد بن عمر الواقدي وسيف بن عمر الأسدي والمسعودي وغيرهم من المشاهير المتميزين عن الجماهير وإن كان فى كتب المسعودي والواقدي من المطعن والمغمز ما هو معروف عند الأثبات ومشهور بين الحفظة الثقات إلا أن الكافة اختصتهم بقبول أخبارهم واقتفاء سننهم في التصنيف واتباع آثارهم والناقد البصير قسطاس نفسه في تزييفهم فيما ينقلون‏.‏ أو اعتبارهم فللعمران طبائع في أحواله ترجع إليها الأخبار وتحمل عليها الروايات والآثار‏.‏ ثم إن أكثر التواريخ لهؤلاء عامة المناهج والمسالك لعموم الدولتين صدر الإسلام في الآفاق والممالك وتناولها البعيد من الغايات في المآخذ والمتارك‏.‏ ومن هؤلاء من استوعب ما قبل الملة هن الدول والأمم والأمر العمم كالمسعودي ومن نحا منحاه‏.‏ وجاء من بعدهم من عدل عن الإطلاق إلي التقييد ووقف في العموم والإحاطة عن الشأو البعيد فقيد شوارد عصره واستوعب أخبار أفقه وقطره واقتصر على أحاديث دولته ومصره‏.‏ كما فعل أبوحيان مؤرخ الأندلس والدولة الأموية بها وابن الرفيق مؤرخ إفريقية والدول التي كانت بالقيروان‏.‏ شم لم يأت من بعد هؤلاء إلا مقلد وبليد الطبع والعقل أو متبلد ينسج على ذلك المنوال ويحتذي منه بالمثال ويذهل عما أحالته الأيام من الأحوال واستبدلت به من عوائد الأمم والأجيال‏.‏ فيجلبون الأخبار عن الدول وحكايات الوقائع في العصور الأول صوراً قد تجردت عن موادها وصفاحاً انتضيت من أغمادها ومعارف تستنكر للجهل بطارفها وتلادها إنما هي حوادث لم تعلم أصولها وأنواع لم تعتبر أجناسها ولا تحققت فصولها يكررون في موضوعاتهم الأخبار المتداولة بأعيانها اتباعاً لمن عني من المتقدمين بشأنها ويغفلون أمر الأجيال الناشئة في ديوانها بما أعوز عليهم من ترجمانها فتستعجم صحفهم عن بيانها‏.‏ ثم إذا تعرضوا لذكر الدولة نسقوا أخبارها نسقاً محافظين على نقلها وهماً أو صدقاً لا يتعرضون لبدايتها ولا يذكرون السبب الذي رفع من رايتها وأظهر من آيتها ولا علة الوقوف عند غايتها فيبقى الناظر متطلعاً بعد إلى افتقاد أحوال مبادىء الدول ومراتبها مفتشاً عن أسباب تزاحمها أو تعاقبها باحثاً عن المقنع في تباينها أوتناسبها حسبما نذكر ذلك كله في مقدمة الكتاب‏.‏ ثم جاء آخرون بإفراط الاختصار وذهبوا إلى الاكتفاء بأسماء الملوك والاقتصار مقطوعة عن الأنساب والأخبار موضوعة عليها أعداد أيامهم بحروف الغبار كما فعله ابن رشيق في ميزان العمل ومن اقتفى هذا الأثر من الهمل‏.‏ وليس يعتبر لهؤلاء مقال ولا يعد لهم ثبوت ولا انتقال لما أذهبوا من الفوائد وأخلوا بالمذاهب المعروفة للمؤرخين والعوائد‏.‏ ولما طالعت كتب القوم وسبرت غور الأمس واليوم نبهت عين القريحة من سنة الغفلة والنوم وسمت التصنيف من نفسي وأنا المفلس أحسن السوم‏.‏ فأنشأت في التاريخ كتاباً رفعت به عن أحوال الناشئة من الأجيال حجاباً وفصلته في الأخبار والاعتبار باباً باباً وأبديت فيه لأولية الدول والعمران عللاً وأسباباً وبنيته على أخبار الأمم الذين عمروا المغرب في هذه الأعصار وملؤوا أكناف النواحي منه والأمصار وما كان لهم من الدول الطوال أو القصار ومن سلف من الملوك والأنصار وهم العرب البربر إذ هما الجيلان اللذان عرف بالمغرب مأواهما وطال فيه على الأحقاب مثواهما حتى لا يكاد يتصور فيه ما عداهما ولا يعرف أهله من أجيال الآدميين سواهما‏.‏ فهذبت مناحيه تهذيباً وقربته لأفهام العلماء والخاصة تقريباً وسلكت في ترتيبه وتبويبه مسلكاً غريباً واخترعته من بين المناحي مذهباً عجيباً وطريقة مبتدعة وأسلوباً‏.‏ وشرحت فيه من أحوال العمران والتمدن وما يعرض في الاجتماع الإنساني من العوارض الذاتية ما يمتعك بعلل الكوائن وأسبابها ويعرفك كيف دخل اهل الدول من أبوابها حتى تنزع من التقليد يدك وتقف على أحوال ما قبلك من الأيام والأجيال ما بعدك‏.‏ ورتبتة على مقدمة وثلاثة كتب‏:‏ المقدمة‏:‏ في فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه والإلماع بمغالط المؤرخين‏.‏ الكتاب الأول‏:‏ في العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الفلك والسلطان والكسب والمعاش والصنائع والعلوم وما لذلك من العلل والأسباب‏.‏ الكتاب الثاني‏:‏ في أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدإ الخليقة إلى هذا العهد وفيه الإلماع ببعض من عاصرهم من الأمم المشاهير ودولهم مثل النبط والسريانيين والفرس وبني إسرائيل والقبط واليونان والروم والترك والإفرنجة‏.‏ الكتاب الثالث‏:‏ في أخبار البربر ومن إليهم من زناتة وذكر أوليتهم وأجيالهم وما كان لهم بديار المغرب خاصة من الملك والدول‏.‏ ثم كانت الرحلة إلى المشرق لاجتلاء أنواره وقضاء الفرض والسنة في مطافه ومزاره والوقوف على آثاره في دواوينه وأسفاره فأفدت ما نقص من أخبار ملوك العجم بتلك الديار ودول الترك فيما ملكوه من الأقطار وأتبعت بها ما كتبته فى تلك
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:01

ولاية أسد القسري الثانية بخراسان
كتب عاصم إلى هشام سنة سبع عشرة أن خراسان لا تصلح إلا أن تضم إلى العراق ليكون مددها قريب الغوث فضم هشام خراسان إلى خالد بن عبد الله القسري وكتب إليه ابعث أخاك يصلح ما أفسد فبعث خالد أخاه أسداً فسار على مقدمته محمد بن مالك الهمداني‏.‏ ولما بلغ عاصم الخبر راود الحارث بن شريح على الصلح وأن يكتبا جميعاً إلى هشام يسألانه الكتـاب والسنة فإن أبى اجتمعا‏.‏ وأبى بعض أهل خراسان ذلك فانتقض بينهما واقتتلا فانهزم الحارث وأسر من أصحابه كثير قتلهم عاصم‏.‏ وبعث بالفتح إلى هشام مع محمد بن مسلم العنبري فلقيه أسد بالري‏.‏ وجاء إلى خراسان فبعث عاصماً وطلبه بمائة ألف درهم وأطلق عمارة بن حزيم وعمال الجنيد ولم يكن لعاصم بخراسان إلا مرو ونيسابور‏.‏ وكانت مرو الروذ للحـارث وواصـل لخالـد بن عبيد الله الهجري على مثل رأي الحارث‏.‏ فبعث أسد عبد الرحمن بـن نعيـم فـي أهـل الكوفـة والشـام إلـى الحـارث وسـار هـو بالنـاس إلـى آمـد‏.‏ فخـرج إليـه زياد القرشي مولى حيان النبطي في العسكر فهزمهم أسد وحاصرهم حتى سألوا الأمان واستعمل عليهم يحيى بن نعيم بن هبيرة الشيباني وسار إلى بلخ‏.‏ وقد بايعوا سليمان بن عبد الله بن حازم فسـار حتـى قدمهـا‏.‏ ثم سار منها إلى ترمذ والحارث محاصر لهما‏.‏ وأعجزه وصول المدد إليها فخرج إلى بلخ وخرج أهل ترمذ فهزموا الحارث وقتلوا أكثر أصحابه‏.‏ثم سار أسد إلى سمرقند ومر بحصن زم وبه أصحاب الحارث فبعث إليهم وقال إنما نكرتم منـا سوء السيرة ولم يبلغ ذلك النساء واستحلال الفروج ولا مظاهر المشركين على مثل سمرقند وأعطـاه الأمـان علـى تسليـم سمرقنـد‏.‏ وهـدده إن قاتـل بأنـه لا يؤمنـه أبداً‏.‏ فخرج إلى الأمان وسار معـه إلـى سمرقنـد فنزلهـم علـى الأمـان‏.‏ ثـم رجـع أسد إلى بلخ وسرح جديعاً الكرماني إلى القلعة التي فيها ثقل الحارث وأصحابه في طخارستان فحاصرها وفتحها وقتل مقاتلهم ومنهم بنو بزري من ثعلب أصحاب الحارث‏.‏ وباع سبيهم في سوق بلخ وانتقض على الحارث أربعمائة وخمسون من أصحابه بالقلعة ورئيسهم جرير بن ميمون القاضي‏.‏ فقال لهم الحارث إن كنتم مفارقي ولا‏.‏ بد فاطلبوا الأمان وإن طلبتموه بعد رحيلي لا يعطونـه لكـم فأبـوا إلا إن ارتحـل فبعثـوا بالأمـان فلـم يجبهـم إليـه‏.‏ وسـرح جديعـة الكرمانـي فـي ستـة آلـاف فحصرهـم حتـى نزلوا على حكمه‏.‏ وحمل خمسين منهم إلى أسد فيهم ابن ميمون القاضي‏.‏ فقتلهم وكتب إلى الكرماني بإهلاك الباقين واتخذ أسد مدينة بلخ داراً ونقل إليها الدواوين‏.‏ ثم عزا طخارستـان وأرض حبونة فغنم وسبى‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:02

مقتل خاقان
ولمـا كانـت سنـة تسع عشرة غزا أسد بن عبد الله بلاد الختل فافتتح منها قلاعاً وامتلأت أيدي العسكر من السبي والشاء‏.‏ وكتب ابن السائحي صاحب البلاد يستجيش خاقان على العرب ويضعفهم له فتجهز وخفف من الأزودة استعجالاً للعرب‏.‏ فلما أحسن به ابن السائحي بعث بالنذير إلى أسد فلم يصدقه فأعاد عليه أني الذي استمددت خاقان لأنك معرت البلاد‏.‏ ولا أريد أن يظفر بك خشية من معاداة العرب واستطالة خاقان علي فصدقه حينئذ أسد وبعث الأثقال مع إبراهيم بن عاصم العقيلي الذي كان ولي سجستان وبعث معه المشيخة كثير بن أميـة وأبـا سفيـان بـن كثيـر الخزاعـي وفضيل بن حيان المهري وغيرهم وأمدهما بجند آخر‏.‏ وجاء في أثرهـم فانتهـى إلـى نهـر بلـخ وقـد قطعـه إبراهيـم بـن عاصـم بالسبـي والأثقـال فخـاض النهـر مـن ثلاثـة وعشرين موضعاً وحمل الناس شياههم حتى حمل هو شاة فما استكمل العبور حتى طلعت عليهـم التـرك وعلـى المسلحـة الـأزد وتميـم‏.‏ فحمـل خاقـان عليهـم فانكشفوا فرجع أسد إلى عسكره وخندق‏.‏وظنوا أن خاقان لا يقطع النهر فقطع النهر إليهم وقاتله المسلمون في معسكرهم وباتوا والترك محيطـون بهـم‏.‏ فلمـا أصبحـوا لـم يـروا منهـم أحـداً فعلمـوا أنهـم اتبعـوا الأثقـال والسبـي واستعملوا علمها من الطلائع فشاور أسد الناس فأشاروا بالمقام وأشار نصر بن سيار باتباعهم يخلص الأثقال ويقطع شقة لا بد من قطعها فوافقه أسد وطير النذير إلى إبراهيم بن عاصم وصبح خاقان للأثقـال وقـد خندقـوا عليهـم‏.‏ فأمر أهل الصغد بقتلهم فهزمتهم مسلحة المسلمين فصعد على تل حتى رأى المسلمين من خلفهم‏.‏ وأمـر التـرك أن يأتوهـم مـن هنالـك ففعلـوا وخالطوهـم فـي معسكرهـم وقتلـوا صاغان خذاه وأصحابه وأحسوا بالهلاك‏.‏ وإذا بالغبار قد رهج والترك يتنحون قليلاً قليلاً‏.‏ وجـاء أسـد ووقـف على التل الذي كان‏.‏ عليه خاقان‏.‏ وخرج إليه بقية الناس وجاءته امرأة صاغان خذاه معولـة فأعـول معهـا ومضـى خاقـان يقـود أسـرى المسلميـن فـي الآفـاق ويسـوق الإبـل الموقـورة والجواري‏.‏ وأراد أهل العسكر قتالهم فمنعهم أسد‏.‏ ونادى رجل من عسكر خاقان وهو من أصحاب الحارث بن شريح يعير أسداً ويحرضه ويقول‏:‏ قد كان لك عن الختل مندوحة وهي أرض آبائي وأجدادي قد كان ما رأيت ولعل الله ينتقم منك‏.‏ومضى أسد إلى بلخ فعسكر في مرجها حتى جاء الشتاء فدخل البلد وشتى فيها‏.‏ وكان الحارث بن شريح بناحية طخارستان فانضم إلى خاقان وأغراه بغزو خراسان وزحفوا إلى بلخ‏.‏ وخرج أسد يوم الأضحى فخطب النـاس وعرفهـم بـأن الحـارث بـن شريـح استجلـب الطاغية ليطفىء نور الله ويبدل دينهم وحرضهم على الاستنصار بالله‏.‏ وقال أقرب ما يكون العبـد للـه ساجـداً‏.‏ ثـم سجـد وسجـد الناس وأخلصوا الدعاء وخرج للقائهم وقد استمد خاقان من وراء النهر وأهل طخارستان وحبونة في ثلاثين ألفاً وجاء الخبر إلى أسد وأشار بعض النـاس بالتحصـن منهـم بمدينـة بلـخ واستمد خالد وهشام وأبي الأسد إلا اللقاء فخرج واستخلف على بلخ الكرماني ابن علي‏.‏ وعهد إليه أنه لا يدع أحداً يخرج من المدينة‏.‏ واعتزم نصر بن سيـار والقاسـم بـن نجيـب وغيرهـم علـى الخـروج فـأذن لهـم وصلى بالناس ركعتين وطول‏.‏ ثم دعا وأمر الناس بالدعاء ونزل من وراء القنطرة ينتظر من تخلف‏.‏ ثم بدا له وارتحل فلقي طليعة خاقـان وأسـر قائدهـم‏.‏ وسـار حتـى نـزل على فرسخين من الجوزجان‏.‏ ثم أصبحوا وقد تراءى الجمعان وأنزل أسد الناس ثم تهيأ للحرب ومعه الجوزجان اه‏.‏وحملـت الترك على الميسرة فانهزموا إلى رواق أسد فشدت عليهم الأسد وبنو تميم والجوزجان من الميمنة فانكشفوا إلى خاقان وقد انهزم والحارث معه‏.‏ وأتبعهم الناس ثلاثة فراسخ يقتلونهم واستاقوا مائة وخمسين ألفاً من الشاء ودواب كثيرة‏.‏ وسلك خاقان غير الجادة والحارث بن شريـح ولقيهـم أسـد عنـد الطريق وسلك الجوزجان بعثمان بن عبد الله بن الشخير طريقاً يعرفها حتى نزلوا على خاقان وهو آمن فتركوا الأبنية والقدور تغلي وبناء العرب والموالي والعسكر مشحون من آنية الفضة وركب خاقان والحارث يمانع عنه‏.‏ وأعجلوا امرأة خاقان عن الركوب فقتلها الخصي الموكل بها‏.‏ وبعث أسد بجوار الترك دهاقين خراسان يفادون بها أسراهم وأقام خمسة أيام وانصرف إلى بلخ لتاسعة من خروجه‏.‏ ونزل الجوزجان وخاقان هارب أمامه‏.‏ وانتهى خاقان إلى جونة الطخاري فنزل عليه وانصرف أسد إلى بلخ وأقام خاقان عند جونة حتى أصلح آلته وسار وسبية بها‏.‏ فأخذه جد كاوش أبو فشين فأهدى إليه وأتحفه وحمل أصحابـه يتخـذ بذلك عنده يداً‏.‏ ثم وصل خاقان بلاده وأخذ في الاستعداد للحرب ومحاصرة سمرقند وحمل الحارث وابن شريح وأصحابه على خمسة آلاف برذون ولاعب خاقان بالنرد كورصول يومـاً فغمـزه كورصـول فأنـف وتشاجـر فصـك كورصـول يـد خاقـان فحلـف خاقـان ليكسرن يده فتنحى وجمع‏.‏ثم بيت خاقان فقتله وافترق الترك وحملوه وتركوه بالعراء فحمله بعض عظمائهم ودفنه‏.‏ وكان أسد بعث بالفتح من بلخ إلى خالد بن عبد الله فأخبره وبعث به إلى هشام فلم يصدقه ثم بعـده القاسـم بن نجيب بقتل خاقان فبعث قيس أسداً وخالداً وقالوا لهشام‏:‏ استقدم مقاتل بن حيـان‏.‏ فكتـب بذلـك إلـى خالـد فأرسل إلى أسد أن يبعث به فقدم على هشام والأبرش وزيره جالـس عنـده فقـص عليـه الخبـر فسـر بذلـك وقال لمقاتل‏:‏ ما حاجتك قال يزيد بن المهلب أخذ من حيان أبي مائة ألف درهم بغير حق فأمر بردها علي‏.‏ فاستخلفه وكتب له بردها وقسمها مقاتل بين ورثة حيان‏.‏ ثم غزا أسد الختل بعد مقتل خاقان وقدم مصعب بن عمر الخزاعي إليها فسار إلى حصن بدر طرخان فاستأمن له أن يلقى أسداً فأمنه وبعث إلى أسد فسأل أن يقبل منه ألف درهم وراوده على ذلك فأبى أسد ورده إلى مصعب ليرده إلى حصنه فقال له مسلمة بن أبي عبد اللـه‏:‏ وهـو مـن الموالـي إن أميـر المؤمنيـن سينـدم علـى حبسـه‏.‏ ثـم أقبـل أسـد بالناس ووعد له المجشر بن مزاحم بدر طرخان أو قبول ما عرض فندم أسد وأرسل إلى مصعب يسأل عنه فوجده مقيمـاً عنـد مسلمـة فجـيء بـه وقطعـت يـده‏.‏ ثم أمر رجلاً من الأسد كان بدر طرخان قتل أباه فضرب عنقه وغلب على القلعة وبعث العساكر في بلاد الختـل فامتلـأت أيديهـم مـن الغنائـم والسبي وامتنع ولد بدر طرخان وأمواله في قلعة فوق بلدهم صغيرة فلم يوصل إليهم‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:02

وفاة أسد
وفـي ربيـع الـأول سنـة عشريـن توفـي ابـن عبـد اللـه القسـري بمدينـة بلخ واستخلف جعفر بن حنظلة النهرواني فعمل أربعة أشهر ثم جاء عهد نصر بن سيار بالعمل في رجب‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:03

ولاية يوسف بن عمر الثقفي على العراق
وعزل خالد وفـي هذه السنة عزل هشام خالداً من أعماله جميعها بسعاية أبي المثنى وحسان النبطي وكانا يتوليان ضياع هشام بالعراق فثقلا على خالد وأمر الأشدق بالنهوض على الضياع‏.‏ وأنهـى ذلـك حسـان بعـد أبـي المثنـى وأن غلتـه فـي السنـة ثلاثـة عشـر ألف ألف فوقرت في نفس هشام‏.‏ وأشار عليه بلال بن أبي بردة والعريان بن الهيثم أن يعرض أملاكه على هشام ويضمنون له الرضا فلم يجبهم‏.‏ ثم شكا من خالد بعض آل عمر والأشدق بأنه أغلظ له في القول بمجلسه فكتب إليه هشام يوبخه ويأمره بأن يمشي ساعياً على قدميه إلى بابه ويترضاه‏.‏ ونميـت عنـه مـن هـذا أقـوال كثيـرة وأنـه يستقـل ولايـة العراق فكتب إليه هشام يا ابن أم خالد بلغني أنك تقول ما ولاية العراق لي بشرف يا ابن اللخناء كيف لا تكون إمرة العراق لك شرفاً وأنت من بجيلة القليلة الذليلة أما والله إني لأظن أن أول من يأتيك صقر من قريش يشد يديك إلى عنقـك‏.‏ ثـم كتـب إلـى يوسـف بـن عمـر الثقفـي وهـو باليمـن يأمـره أن يقـدم فـي ثلاثيـن مـن أصحابـه إلـى العراق فقد ولاه ذلك‏.‏ فسار إلى الكوفة ونـزل قريبـاً منهـا وقـد ختـن طـارق خليفـة خالـد بالكوفة ولده وأهدى إليه وصيفاً ووصيفة سوى الأموال والثياب‏.‏ ومر يوسف وأصحابه ببعض أهل العراق فسألوهم فعرضوا وظنوهم خوارج وركب يوسف إلى دور ثقيف فكتموا ثم جمع يوسف بالمسجد من كان هنالك من مضر ودخل مع الفجر فصلى وأرسل إلى خالد وطارق فأخذهما‏.‏ وقيل إن خالداً كان بواسط وكتب إليه بالخبر بعـض أصحابـه مـن دمشـق فركـب إلـى خالـد وأخبـره بالخبـر وقـال‏:‏ اركب إلى أمير المؤمنين واعتذر إليه قال لا أفعل بغير إذن قال فترسلني أستأذنه‏.‏ قال‏:‏ لا قال فاضمن له جميع ما انكسر في هذه السنين وآتيك بعهده وهي مائة ألف ألف‏.‏ قال‏:‏ والله ما أجد عشرة آلاف ألف‏.‏ قال أتحملها أنا وفلان وفلان قال لا أعطي شيئاً وأعود فيه‏.‏ فقال طارق‏:‏ إنما نقيك ونقي أنفسنا بأموالنا ونستبقي الدنيا وتبقى الدنيا عليك وعلينا خير من أن يجيء من يطالبنا بالأموال وهي عند الكوفة فنقتل ويأكلوا الأموال‏.‏ فأبى خالد من ذلك كله فودعـه طـارق ومضـى وبكـى ورجع إلى الكوفة‏.‏ وخرج خالد إلى الحمة وجاء كتاب هشام بخطه إلى يوسف بولاية العراق وأن يأخـذ ابـن النصرانية يعني خالداً وعماله فيعذبهم فأخذ الأولاد وسار من يومه واستخلف على اليمن ابنه الصلت‏.‏ وقدم في جمادى الأخيرة سنة عشرين ومائة فنزل النجف وأرسل مولى كيسـان فجـاء بطـارق ولقيـه بالحيرة فضربه ضرباً مبرحاً ودخل الكوفة‏.‏ وبعث عثمان عطاء بن مقدم إلى خالد بالحمة فقدم عليه وحبسه وصالحه عنه أبان بن الوليد وأصحابه على سبعة آلـاف ألـف‏.‏ وقيـل أخـذ منـه مائـة ألـف وكانت ولايته العراق خمس عشرة سنة‏.‏ ولما ولي يوسف نزلت الذلة بالعراق في العرب وصار الحكم فيه إلى أهل الذمة‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:04

ولاية نصر بن سيار خراسان
وغزوه وصلح الصغد ولما مات أسد بن عبد الله ولى هشام على خراسان نصر بن سيار وبعث إليه على عهده عبد الكريم بن سليط الحنفي وقد كان جعفر بن حنظلة لما استخلفه أسد عند موته عرض علـى نصـر أن يوليـه بخـارى‏.‏ فقـال لـه البختـري بـن مجاهـد مولـى بنـي شيبـان لا تقبـل فإنـك شيـخ مضـر بخراسان وكان عهدك قد جاء على خراسان كلها فكان كذلك‏.‏ ولما ولي نصر استعمل على بلـخ مسلـم بـن عبـد الرحمـن وعلـى مـرو الـروذ وشـاح بـن بكيـر بـن وشـاح وعلـى هراة الحرث بن عبد اللـه بـن الحشـرج وعلـى نيسابور زياد بن عبد الرحمن القسري وعلى خوارزم أبا حفص علي بن حقنـة وعلـى الصغـد قطـن بـن قتيبـة‏.‏ وبقـي أربـع سنيـن لا يستعمل في خراسان إلا مضرياً فعمرت عمارة لم تعمر مثلها وأحسن الولاية والجباية‏.‏ وكـان وصـول العهـد إليـه بالولايـة في رجب سنة عشرين فغزا غزوات أولها إلى ما وراء النهر من نحو باب الحديد‏.‏ وسار إليها من بلخ ورجع إلى مرو فوضع الجزية على من أسلم من أهل الذمـة وجعلهـا على من كان يخفف عنه منهم‏.‏ وانتهى عددهم ثلاثين ألفاً من الصنفين وضعت عـن هـؤلاء وجعلـت علـى هؤلاء ثم غزا الثانية إلي سمرقند ثم الثالثة إلى الشاش سار إليها من مرو ومعه ملك بخارى وأهل سمرقند وكش ونسف في عشرين ألفاً‏.‏ وجـاء إلـى نهـر الشـاش فحـال بينه وبين عبوره كورصول عسكر نصر في ليلة ظلماء ونادى نصر لا يخرج أحد‏.‏ وخرج عاصم بن عمير في جند سمرقند فجاولته خيل التـرك ليـلاً وفيهـم كورصـول فأسـره عاصـم وجـاء بـه إلى نصر فقتله وصلبه على شاطىء النهر فحزنت الترك لقتله وأحرقوا أبنيته وقطعوا آذانهم وشعورهم وأذناب خيولهـم‏.‏ وأمـر نصـر بإحـراق عظامـه لئـلا يحملوهـا بعـد رجوعـه‏.‏ ثـم سـار إلـى فرغانـة فسبـى منها ألف رأس وكتب إليه يوسف بن عمران ليسير إلى الحارث بن شريح في الشاش ويخرب بلادهم ويسبيهم‏.‏ فسار لذلك وجعل على مقدمته يحيى بـن حصيـن وجـاء بهـم إلـى الحـارث وقاتلهـم وقتـل عظيمـاً مـن عظمـاء التـرك وانهزموا‏.‏ وجـاء ملـك الشـاش فـي الصلـح والهدنـة والرهـن‏.‏ واشتـرط نصر عليه إخراج الحارث بن شريح من بلده فأخرجـه إلـى فـاراب‏.‏ واستعمـل علـى الشـاش بنـزل بـن صالـح مولـى عمـرو بـن العـاص‏.‏ ثـم سـار إلى أرض فرغانة وبعث أمه في إتمام الصلح فجاءت لذلك وأكرمها نصر وعقد لها ورجعت‏.‏ وكـان الصغـد لمـا قتـل خاقـان طمعوا في الرجعة إلى بلادهم فلما ولي نصر بعث إليهم في ذلك وأعطوه ما سألوه من الشروط وكان أهل خراسان قد نكروا شروطهم وكان منها أن لا يعاقب من ارتد عن الإسلام إليهم ولا يؤخذ منهم أسرى إلا ببينة وحكم وعاب الناس ذلك علـى نصر لما أمضاه لهـم‏.‏ فقـال‏:‏ لـو عاينتـم شكوتهـم فـي المسلميـن مثـل مـا عاينـت مـا أنكرتـم‏.‏ وأرسـل إلـى ظهور زيد بن علي ومقتله ظهر زيد بن علي بالكوفة خارجاً على هشام داعياً للكتاب والسنـة وإلـى جهـاد الظالميـن والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين والعدل في قسمة الفيء ورد المظالم وأفعال الخير ونصر أهل البيت‏.‏ واختلف في سبب خروجه فقيل‏:‏ إن يوسف بن عمر لما كتب في خالد القسري كتب إلى هشام أنه شيعة لأهل البيت وأنه ابتاع من زيد أرضاً بالمدينة بعشرة آلاف دينار ورد عليه الأمن‏.‏ وأنه أودع زيداً وأصحابه الوافدين عليه مالاً فكان زيد قد قدم على خالـد بالعـراق هـو ومحمـد بـن عمـر بـن علي بن أبي طالب وداود بن علي بن عبد الله بن عباس فأجازهم ورجعوا إلى المدينة‏.‏ فبعث هشام عنهم وسألهم فأقروا بالجائزة وحلفوا على ما سوى ذلك وأن خالداً لم يودعهم شيئاً‏.‏ فصدقهم هشام وبعثهم إلى يوسف فقاتلوا خالداً وصدقهم الآخر وعادوا إلى المدينة ونزلوا القادسية‏.‏ وراسـل أهـل الكوفـة زيـداً فعـاد إليهـم وقيل في سبب ذلك‏:‏ إن زيداً اختصم مع ابن عمه جعفر بن الحسن المثنى في وقف علي وكانا يحضران عند عامل خالد بن عبد الملك بن الحارث‏.‏ فوقعت بينهما في مجلسه مشاتمة وأنكر زيد من خالد إطالته للخصومة وأن يستمع لمثل هذا فأغلـظ لـه زيـد وسـار إلـى هشـام فحجبـه ثـم أذن لـه بعد حين‏.‏ فحاوره طويلاً ثم عرض له بأنه ينكـر الخلـاف وتنقصـه‏.‏ ثـم قال له اخرج قال نعم ثم لا أكون إلا بحيث تكره فسار إلى الكوفة‏.‏ وقـال لـه محمـد بن عمر بن علي بن أبي طالب ناشدتك الله الحق بأهلك ولا تأت الكوفة وذكره بفعلهم مع جده وجده يستعظم ماوقع به‏.‏وأقبل الكوفة فأقام بها مستخفياً ينتقل في المنازل‏.‏ واختلف إليه الشيعة وبايعه جماعة‏:‏ منهم مسلمـة بـن كهيـل ونصـر بـن خزيمة العبسي ومعاوية بن إسحق بن زيد بن حارثة الأنصاري وناس مـن وجـوه أهـل الكوفـة يذكـر لهـم دعوتـه ثـم يقول أتبايعون على ذلك‏.‏ فيقولون نعم فيضع يده على أيديهم ويقول عهد الله عليك وميثاقه وذمته وذمة نبيه بيقين تتبعني ولا تقاتلني مع عدوي ولتنصحن لي في السـر والعلانيـة‏.‏ فـإذا قـال نعـم وضـع يـده فـي يـده ثـم قـال‏:‏ اللهـم اشهـد فبايعـه خمسـة عشر ألفاً وقيل أربعون‏.‏ وأمرهم بالاستعداد وشاع أمره في الناس وقيل‏:‏ إنه أقام في الكوفة ظاهراً ومعه داود بن علي بن عبد الله بن عباس لما جاؤوا لمقاتلة خالد فاختلف إليه الشيعة وكانت البيعة‏.‏ وبلغ الخبر إلى يوسف بن عمر فأخرجه من الكوفة ولحق الشيعة بالقادسية أو الغلبيـة وعذلـه داود بـن علـي فـي الرجـوع معـه وذكـره حـال جـده الحسين‏.‏ فقالت الشيعة لزيد‏:‏ هذا إنما يريد الأمر لنفسه ولأهل بيته فرجع معهم ومضى داود إلى المدينة‏.‏ ولما أتى الكوفة جاءه مسلمة بن كهيل فصده عن ذلك وقال أهل الكوفة لا يعولون ذلك‏.‏ وقد كـان مـع جـدك منهـم أضعـاف ممـا معـك ولـم تعادلـه وكـان أعـز عليهم منك على هؤلاء‏.‏ فقال له قد بايعوني ووجبت البيعة في عنقي وعنقهم‏.‏ قال فتأذن لي أن أخرج من هذا البلد فلا آمن أن يحدث حدث وأنا لا أهلك نفسي فخرج لليمامة‏.‏ وكتب عبد الله بن الحسن المثنى إلى زيد يعذله ويصده فلم يصغ إليه‏.‏ وتزوج نساء بالكوفة وكان يختلف إليهن والناس يبايعونه ثم أمر أصحابه يتجهزون‏.‏ ونمـي الخبـر إلـى يوسـف بـن عمـر فطلبـه وخـاف فتعجـل الخروج وكان يوسف بالحيرة وعلى الكوفة الحكم بن الصلت وعلى شرطته عمر بن عبد الرحمن من القاهرة ومعه عبيد الله بن عباس الكنـدي فـي ناس من أهل الشام‏.‏ ولما علم الشيعة أن يوسف يبحث عن زيد جاء إليه جماعة منهم فقالوا‏:‏ ما تقول في الشيخين فقال زيد‏:‏ رحمهما الله وغفر لهما وما سمعت أهل بيتي يذكرونهما إلا بخير‏.‏ وغاية ما أقول إنا كنا أحق بسلطان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس فدفعونا عنه ولم يبلغ ذلك الكفر وقد عدلوا في الناس وعملوا بالكتاب والسنة‏.‏ قال‏:‏ فإذا كان أولئك لم يظلموك فلم تدعو إلى قتالهم فقال إن هؤلاء ظلموا المسلمين أجمعين فإنا ندعوهم إلى الكتاب والسنة وأن نحيي السنن ونطفىء البدع فإن أجبتم سعدتـم وإن أبيتـم فلست عليكم بوكيل‏.‏ ففارقوه ونكثوا بيعته وقالوا‏:‏ سبق الإمام الحق يعنون محمداً الباقر وأن جعفراً ابنه إمامنا بعده فسماهم زيد الرافضة ويقال إنما سماهم الرافضة حيث فارقوه‏.‏ ثـم بعـث يوسـف بـن عمـر إلـى الحكـم بـأن يجمـع أهـل الكوفـة فـي المسجد فجمعوا وطلبوا زيداً في دار معاويـة بـن إسحـق بن زيد بن حارثة فخرج منها ليلاً واجتمع إليه ناس من الشيعة وأشعلوا النيـران ونـادوا يـا منصـور حتـى طلع الفجر وأصبح جعفر بن أبي العباس الكندي فلقي اثنين من أصحـاب زيـد يناديان بشعاره فقتل واحداً وأتى بالآخر إلى الحكم فقتله وأغلق أبواب المسجد علـى النـاس‏.‏ وبعـث إلـى يوسـف بالخبـر فسـار مـن الحيـرة وقـدم الريـان بن سلمة الأراشي في ألفين خيالـة وثلثمائـة ماشيـة‏.‏ وافتقـد زيـد النـاس فقيـل إنهـم فـي الجامـع محصـورون ولم يجد معه إلا مائتين وعشرين‏.‏ وخرج صاحب الشرطة في خيله فلقي نصر بن خزيمة العبسي من أصحاب زيد ذاهباً إليه فحمل عليه نصر وأصحابه فقتلوه وحمل زيد على أهل الشام فهزمهم‏.‏ وانتهى إلى دار أنس بن عمر الأسدي ممن بايعه وناداه فلم يخرج إليه‏.‏ ثـم سـار زيـد إلـى الكناسـة فحمـل علـى أهل الشام فهزمهم ثم دخل الكوفة والرايات في أتباعه‏.‏ فلمـا رأى زيـد خذلـان الناس قال لنصر بن خزيمة أفعلتموها حسينية‏.‏ قال‏:‏ أما أنا فوالله لأموتن معك وإن الناس بالمسجد فامض بنا إليهم‏.‏ فجاء إلى المسجد ينادي بالناس بالخروج إليه‏.‏ فرماه أهل الشام بالحجارة من فوق المسجد فانصرفوا عند المساء‏.‏ وأرسل يوسف بن عمر مـن الغد العباس بن سعد المزني في أهل الشام فجاءه في دار الزرق وقد كان أوى إليها عند المساء‏.‏ فلقيه زيد بن ثابت فاقتتلوا فقتل نصر‏.‏ ثم حملوا على أصحاب العباس فهزمهم زيد وأصحابه وعباهم يوسف بن عمر من العشي ثم سرحهم فكشفهم أصحاب زيد ولم تثبت خيلهم لخيله‏.‏ وبعـث إليهـم يوسـف بـن عمر بالقادسية واشتد القتال وقتل معاوية بن زيد‏.‏ ثم رمي زيد عند المساء بسهم أثبته فرجع أصحابه وأهل الشام يظنون أنهم تحاجزوا ولما نزع النصل من جبهته مات فدفنوه وأجروا عليه الماء‏.‏ وأصبح الحكم يوم الجمعة يتبع الجرحى من الدور ودله بعض الموالي على قبر زيد فاستخرجه وقطع رأسه وبعث بها إلى يوسف بالحيرة فبعثه إلى هشام فنصبه على باب دمشق‏.‏ وأمر يوسف الحكم أن يصلب زيـداً بالكناسـة ونصـر بـن خزيمـة ومعاويـة بـن إسحـق ويحرسهـم‏.‏ فلمـا ولـي الوليـد أمـر بإحراقهـم واستجـار يحيى بن زيد بعبد الملك بن شبر بن مروان فأجاره حتى سكن المطلب ثم سار إلى خراسان في نفر من الزيدية‏.‏ ظهور أبي مسلم بالدعوة العباسية كان أهل الدعوة العباسية بخراسان يكتمون أمرهم منذ بعث محمد بن علي بن عبد الله بن عبـاس دعاتـه إلـى الآفـاق سنـة مائـةن‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 10 مايو 2008 - 16:05

مـن الهجـرة أيـام عمـر بـن عبد العزيز لما مر أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ذاهباً وجائياً من الشام من عند سليمان بن عبد الملك فمرض عنده بالحميمة من أعمال البلقاء وهلك هنالك وأوصى له بالأمر‏.‏ وكان أبو هاشم قد علم شيعته بالعـراق وخراسـان وأن الأمـر صائـر فـي ولـد محمـد بـن علـي بن عبد الله بن عباس‏.‏ فلما مات أبو هاشـم قصـدت الشيعـة محمـداً وبايعـوه سـراً وبعث دعاته منهم إلى الآفاق‏.‏ وكان الذي بعث إلى العراق مسيرة ابن والي خراسان محمد بن حبيش وأما عكرمة السراج وهو أبو محمد الصادق وحيان العطار خال إبراهيم بن سلمة فجاؤوا إلى خراسان ودعوا إليه سراً وأجابهم الناس وجاؤوا بكتب من أجاب إلى مسيرة اه فبعـث بهـا إلـى محمـد واختار أبو محمد الصادق اثني عشر رجلاً من أهل الدعوة فجعلهم نقباء عليهـم وهـم‏:‏ سليمـان بـن كثير الخزاعي ولاهز بن قريط التميمي وأبو النجم عمران بن إسماعيل مولى أبي معيط ومالك بن الهيثم الخزاعي وطلحة بن زريق الخزاعي وأبو حمزة بن عمر بن أعيـن مولـى خزاعـة وأخـوه عيسـى وأبـو علي شبلة بن طهمان الهروي مولى بني حنيفة‏.‏ واختار بعـده سبعيـن رجـلاً وكتـب إليـه محمـد بـن علـي كتابـاً يكـون لهـم مثـالاً يقتدون به في الدعوة وأقاموا علـى ذلـك ثم بعث مسيرة رسله من العراق سنة اثنتين ومائة في ولاية سعيد خدينة وخلافة يزيد بن عبد الملك‏.‏ وسعى بهم إلى سعيد فقالوا نحن تجار فضمنهم قوم من ربيعة واليمن فأطلقهم‏.‏ وولد محمد ابنه عبد الله السفاح سنة أربع ومائة وجاء إليه أبو محمد الصادق في جماعة من دعـاة خراسـان فأخرجـه لهـم ابـن خمسة عشر يوماً وقال هذا صاحبكم الذي يتم الأمر على يده فقبلـوا أطرافـه وانصرفـوا‏.‏ ثـم دخـل معهـم فـي الدعـوة بكيـر بـن هامـان جـاء مـن السند مع الجنيد بن عبد الرحمن‏.‏ فلما عزل قدم الكوفة ولقي أبا عكرمة وأبا محمد الصادق ومحمد بن حبيش وعمـار العبـادي خـال الوليـد الـأزرق دعـاه إلـى خراسان في ولاية أسد القسري أيام هشام ووشى بهم إليه فقطع أيدي من ظفر به منهم وصلبه‏.‏ وأقبل عمار إلى بكير بن هامان فأخبره فكتب إلى محمد بن علي بذلك فأجابة‏:‏ الحمد لله الذي صدق دعوتكم ومقالتكم وقد بقيت فيكم قتلى ستعد‏.‏ ثم كان أول من قدم محمد بن علـي إلـى خراسـان أبـو محمـد زيـاد مولـى همـذان بعثـه محمـد بـن علـي سنـة تسعـة فـي ولايـة أسـد أيـام هشام وقال له‏:‏ انزل في اليمن وتلطف لمضر ونهاه عن غالب النيسابوري شيعة بني فاطمة‏.‏ فشتـى زيـاد بمـرو ثـم سعـى بـه إلـى أسـد فاعتـذر بالتجـارة ثـم عـاد إلـى أمـره‏.‏ فأحضره أسد وقتله فـي عشـرة مـن أهـل الكوفـة‏.‏ ثـم جـاء بعدهـم إلـى خراسان رجل من أهل الكوفة اسمه كثير ونزل على أبي الشحم وأقام يدعوا سنتين أوثلاثـة ثـم أخـذ أسـد بـن عبـد اللـه فـي ولايتـه الثانيـة سنـة سبـع عشرة‏.‏ أخذ سليمان بن كثير ومالك بن الهيثم وموسى بن كعب ولاهز بن قريط بثلاثمائة سوط وشهد حسن بن زيد الأسدي ببراءتهم فأطلقهم‏.‏ ثم بعث بكير بن هامان سنة ثماني عشر عمار بن زيد على شيعتهم بخراسان فنزل مرو وتسمـى بخـراش وأطاعـه النـاس‏.‏ ثـم نـزل دعوتهم بدعوة الخرمية فأباح النساء وقال‏:‏ إن الصوم إنما هو عن ذكر الإمام وأشار إلى إخفاء اسمه‏.‏ والصلاة الدعاء له والحج القصـد إليـه‏.‏ وكـان خـراش هـذا نصرانيـاً بالكوفـة واتبعـه علـى مقالته مالك بن الهيثم والحريش بن سليم‏.‏ وظهر أسد علـى خبـره وبلـغ الخبـر بذلـك إلـى محمـد بـن علي فنكر عليهم قبولهم من خراش وقطع مراسلتهم‏.‏ فقدم عليه ابن كثير منهم يستعلم خبره ويستعطفه على ما وقع منهم وكتب معه إليهم كتاباً مختومـاً لم يجدوا فيه غير البسملة فعلموا مخالفة خراش لأمره وعظم عليهم‏.‏ ثم بعث محمد بن بكيـر بـن أبـان وكتب معه بكذب خراش فلم يصدقوه فجاء إلى محمد وبعث مع عصيا مضببةً بعضهـا بالحديـد وبعضهـا بالنحـاس‏.‏ ودفـع إلـى كـل رجـل عصـاً فعلموا أنهم قد خالفوا السيرة فتابوا ورجعوا‏.‏ وتوفي محمد بن علي سنة أربع وعشرين وعهد إلى ابنه إبراهيم بالأمر وأوصى الدعاة بذلك وكانوا يسمونه الإمام‏.‏ وجاء بكير بن هامان إلى خراسان بنعيه والدعاء لإبراهيم الإمام سنة سـت وعشرين ومائة‏.‏ ونزل مرو ودفع إلى الشيعة والنقباء كتابه بالوصية والسيرة فقبلوه ودفعوا إليه ما اجتمع عندهم من نفقاتهم فقدم بها بكير على إبراهيم‏.‏ ثـم بعـث إليهـم أبـا مسلـم سنـة أربـع وعشريـن وقد اختلف في أوليته اختلافاً كثيراً‏.‏ وفي سبب اتصاله بإبراهيم الإمام أو أبيه محمد فقيل كان من ولد بزرجمهر ولد بأصبهان وأوصى به أبوه إلى عيسى بن موسى السراج فحمله إلى الكوفة ابن سبع سنين‏.‏ ونشأ بها واتصل بإبراهيم الإمام‏.‏ وكان اسم أبي مسلم إبراهيم بن عثمان بن بشار‏.‏ فسماه إبراهيم الإمام عبد الرحمن وزوجـة أبيـه أبـي النجـم عمـران بـن إسماعيـل مـن الشيعـة‏.‏ فبنـى بها بخراسان وزوج ابنته من محرز بن إبراهيم فلم يعقب‏.‏ وابنته اسماء من فهم بن محرز فأعقبت فاطمة وهي التي يذكرها الخرمية‏.‏ وقيل في اتصاله بإبراهيم الإمام‏:‏ إن أبا مسلم كان موسى السراج وتعلم منه صناعة السروج وكـان يتجهـز فيهـا بأصبهان والجبال والجزيرة والموصل‏.‏ واتصل بعاصم بن يونس العجلي صاحب عيسـى السراج وابن أخيه عيسى وإدريس ابني معقل وإدريس هو جد أبي دلف‏.‏ ونمي إلى يوسف بن عمران العجلي من دعاة بني العباس فحبسهم مع عمال خالد القسري‏.‏ وكان أبو مسلـم معهـم فـي السجـن بخدمتهـم وقبـل منهـم الدعـوة‏.‏ وقيـل لـم يتصـل بهم من عيسى السراج وإنما كان مـن ضيـاع بنـي العجلـي بأصبهـان أو الجبـل‏.‏ وتوجـه سليمـان بـن كثيـر ومالـك بـن الهيثـم ولاهـز بـن قريط وقحطبة بن شبيب من خراسان يريدون إبراهيم الإمام بمكة فمروا بعاصم بن يونس وعيسـى وإدريـس ابنـي معقـل العجلـي بمكانهـم مـن الحبـس فـرأوا معهـم أبـا مسلـم فأعجبهم وأخذوه‏.‏ ولقـوا إبراهيم الإمام بمكة فأعجبه فأخذه وكان يخدمه‏.‏ ثم قدم النقباء بعد ذلك على إبراهيم الإمـام يطلبـون أن يوجـه مـن قلبه إلى خراسان فبعث معه أبا مسلم‏.‏ فلما تمكن ونوى أمره ادعى أنه من ولد سليط بن عبد الله بن عباس‏.‏ وكان من أولية هذا الخبر أن جارية لعبد الله بن العباس ولدت لغير رشدة فحدها واستعبد وليدهـا وسمـاه سليطـاً فنشأ واختص بالوليد‏.‏ وادعى أن عبد الله بن عباس أقر بأنه ابنه وأقام البينـة علـى ذلـك‏.‏ وخاصـم علـي بـن عبـد اللـه فـي الميـراث وأذاه‏.‏ وكـان فـي صحابتـه عمـر الدن من ولد أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عليها سليط بالخبر فاستعدت الوليد على علي فأنكر وحلف فنبشوا في البستان فوجدوه‏.‏ فأمر الوليد بعلي فضرب ليدله على عمر الدن‏.‏ ثم شفع فيه عباد بن زياد فأخرج إلى الحميمة‏.‏ لما ولي سليمان رده إلى دمشق‏.‏ وقيل إن أبا مسلم كان عبداً للعجليين وابن بكير بن هامان كان كاتباً لعمال بعض السند‏.‏ وقدم الكوفة فكان دعاة بني العباس فحبسوا وبكير معهم‏.‏ وكان العجليون في الحبس وأبو مسلم العبسي بن معقـل فدعاهـم بكيـر إلـى رأيـه فأجابـوه واستحسن الغلام فاشتراه من عيسى بن معقل بأربعمائة درهم وبعث به إلى إبراهيم الإمام فدفعـه إبراهيـم إلى موسى السراج من الشيعة‏.‏ فسمع منه وحفظ وصار يتردد إلى خراسان‏.‏ وقيل كان لبعض أهل هراة وابتاعه منه إبراهيم الإمام ومكث عنده سنين وكان يتردد بكتبه إلـى خراسـان‏.‏ ثـم بعثـه أميـراً علـى الشيعـة وكتـب إليهـم بالطاعة له وإلى أبي سلمة الخلال داعيهم بالكوفـة يأمره بإنفاذه إلى خراسان فنزل على سليمان بن كثير وكان من أمره ما يذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى‏.‏ ثم جاء سليمان بن كثير ولاهز بن قريط وقحطبة إلى مكة سنة سبع وعشرين بعشرين ألف دينار للإمام إبراهيم ومائتي ألف درهم ومسك ومتاع كثير ومعهم أبو مسلـم وقالـوا‏:‏ هـذا مولاك‏.‏ وكتب بكير بن هامان إلى الإمام بأنه أوصى بأمر الشيعة بعده لأبي سلمة حفص بن سليمـان الخلـال وهو رضى‏.‏ فكتب إليه إبراهيم بالقيام بأمر أصحابه وكتب إلى أهل خراسان بذلك فقبلوه وصدقوه وبعثوا بخمس أموالهم ونفقة الشيعة للإمام إبراهيم‏.‏ ثـم بعـث إبراهيـم فـي سنـة ثماني وعشرين مولاه أبا مسلم إلى خراسان وكتب له‏:‏ أني قد أمرته بأمـري فاسمعوا له وأطيعوا وقد أمرته على خراسان وما غلبت غليه فارتابوا من قوله ووفدوا على إبراهيم الإمام من قابل مكة وذكر له أبو مسلم أنهم لم يقبلوه‏.‏ فقال لهم‏:‏ قد عرضت عليكم الأمر فأبيتم من قبوله وكان عرضه على سليمان بن كثير ثم على إبراهيم بن مسلمة فأبوا‏.‏ وإني قد أجمع رأيي على مسلم وهو منا أهل البيت فاسمعوا له وأطيعوا‏.‏ وقال لأبي مسلـم انـزل فـي أهـل اليمـن وأكرمهـم‏.‏ فـإن بهـم يتـم الأمر وآتهم البيعة‏.‏ أما مضر فهم العدو الغريب واقتل من شككت فيه وإن قدرت أن لا تدع بخراسان من يتكلم بالعربية فافعل وارجع إلى سليمان بن كثير واكتف به مني وسرجه معهم فساروا إلى خراسان‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:09

وفاة هشام بن عبد الملك وبيعة الوليد بن يزيد
توفـي هشـام بـن عبـد الملـك بالرصافـة فـي ربيـع الآخـر سنـة خمس وعشرين ومائة لعشرين سنة من خلافته وولى بعده الوليد ابن أخيه يزيد بعهد يزيد بذلك كما مر وكان الوليد متلاعباً وله مجون وشراب وندمان وأراد هشام خلعه فلم يمكنه‏.‏ وكان يضرب من يأخذه فـي صحبتـه فخرج الوليد في ناس من خاصته ومواليه وخلف كاتبه عياض بن مسلم ليكاتبه بالأحـوال فضربه هشام وحبسه‏.‏ ولم يزل الوليد مقيمًا بالبرية حتى مات هشام وجاءه مولى أبي محمد السفيانـي علـى البريـد بكتـاب سالـم بـن عبـد الرحمـن صاحـب ديـوان الرسائل بالخبر فسأل عن كاتبه عيـاض فقـال‏:‏ لـم يـزل محبوسًـا حتـى مـات هشـام فأرسـل إلـى الحـراق أن يحتفظـوا بمـا فـي أيديهـم حتى منعوا هشاماً من شيء طلبه‏.‏ ثم خرج بعد موته من الحبس وختم أبواب الخزائن‏.‏ ثم كتب الوليـد مـن وقتـه إلـى عمـه العبـاس بـن عبـد الملـك أن يأتـي الرصافـة فيحصـي مـا فيها من أموال هشام وولده وعماله وخدمه إلا مسلمة بن هشام فإنه كان يراجع أباه بالرفق بالوليد فانتهى العباس لما أمـر بـه الوليـد‏.‏ ثـم استعمـل الوليـد العمـال وكتـب إلـى الآفـاق بأخذ البيعة‏.‏ فجاءته بيعتهم‏.‏ وكتب مروان ببيعتـه واستـأذن فـي القـدوم‏.‏ ثـم عقـد الوليـد مـن سنتـه لابنيـه‏:‏ الحكـم وعثمـان بعـده وجعلهمـا وليي عهده وكتب بذلك إلى العراق وخراسان‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:09

ولاية نصر للوليد علي خراسان
وكتـب الوليـد في سنته إلى نصر بن سيار بولاية خراسان وأفرده بها ثم وفد يوسف بن عمر على الوليد فاشترى منه نصرًا وعماله فرد إليه الوليد خراسان‏.‏ وكتـب يوسـف إلـى نصـر بالقدوم ويحمل معه الهدايا والأموال وعياله جميعاً وكتب له الوليد بأن يتخذ له برابط وطنابير وأباريـق ذهـب وفضـة ويجمـع لـه البراذيـن الغرة ويجمع بذلك إليه في وجوه أهل خراسان واستحثه رسـول يوسـف فأجـازه‏.‏ ثـم سـار واستخلـف علـى خراسان عصمة بن عبد الله الأسدي وعلى شاس موسى بن ورقاء وعلى سمرقند حسان ابن من أهل الصغانيان وعلى آمد مقاتل بن علـي الصغـدي وأسـر إليهـم أن يداخلـوا التـرك في المسير إلى خراسان ليرجع إليهم‏.‏ وبينا هو في طريقـه إلـى العـراق ببيهـق لقيـه مولـى لبني ليث وأخبره بقتل الوليد والفتنة بالشام‏.‏ وأن منصور بن جمهور قدم العراق وهرب يوسف بن عمر فرجع الناس‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:10

مقتل يحيي بن زياد
كـان يحيـى بـن زيـاد سـار بعـد قتـل أبيـه وسكـون الطلب عنه كما مر فأقام عنه الحريش بن عمرو ومروان في بلخ‏.‏ ولما ولي الوليد كتب إلى نصر بأن يأخذه من عند الحريش فأحضر الحريش وطالبـه بيحيـى فأنكـر فضربـه ستمائة سوط فجاء ابنه قريش ودله على يحيى فحبسه‏.‏ وكتب إلى الوليد فأمره أن يخلي سبيله وسبيل أصحابه‏.‏ فأطلقه نصر وأمره أن يلحق بالوليد فسار وأقام بسرخس فكتب نصر إلى عبد الله بن قيس بن عياد يخرجه عنها فأخرجه إلى بيهق وخـاف يحيـى بـن يوسـف بـن عمـر فسـار إلـى نيسابـور وبها عمر بن زرارة وكان مع يحيى سبعون رجلاً ولقوا دواب وأدركهم الإعياء فأخذوها بالثمن‏.‏ وكتب عمر بن زرارة بذلك إلى نصر فكتـب إليـه يأمـره بحربهـم‏.‏ فحاربهم في عشرة آلاف فهزموه وقتلوه ومروا بهراة فلم يعرضوا لها‏.‏ وسرح نصر بن سيار مسلم بن أحوز المازني إليهم فلحقهم بالجوزجان فقاتلهم قتالاً شديداً وأصيـب يحيـى بسهم في جبهته فمات‏.‏ وقتل أصحابه جميعاً وبعثوا برأسه إلى الوليد وصلب بالجـوزان‏.‏ وكتـب الوليـد إلـى يوسـف بـن عمـر بـأن يحـرق شلو زيد فأحرقه وذراه في الفرات‏.‏ ولم يزل يحيى مصلوباً بالجوزحان حتـى استولـى أبـو مسلـم علـى خراسـان فدفنـه ونظـر فـي الديـوان أسمـاء من حضر لقتله فمن كان حياً قتله ومن كان ميتاً خلفه في أهله بسوء‏.

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:10

مقتل خالد بن عبد الله القسري
قد تقدم لنا ولاية يوسف بن عمر على العراق وأنه حبس خالداً أصحاب العراق وخراسان قبلـه فأقـام بحبسـه فـي الحيـرة ثمانيـة عشـر شهـراً مـع أخيـه إسماعيـل وابنه يزيد بن خالد والمنذر ابن أخيه أسد‏.‏ واستـأذن هشامـاً فـي عذابـه فـأذن لـه علـى أنـه إن هلـك قتـل يوسـف بـه فعذبـه‏.‏ ثـم أمـر هشام بإطلاقه سنة إحدى وعشرين فأتى إلى قرية بإزاء الرصافة فأقام بها حتى خرج زيد وقتل وانقضى أمره فسعى يوسف بخالد عند هشام بأنه الذي داخل زيداً في الخروج فرد هشـام سعايتـه ووبـخ رسولـه وقال‏:‏ لسنا نتهم خالداً في طاعة‏.‏ وسار خالد إلى الصائفة وأنزل أهله دمشق وعليها كلثوم بن عياض القشيري وكان يبغض خالدًا‏.‏ فظهـر فـي دمشـق حريـق فـي ليـال فكتـب كلثـوم إلـى هشـام بـأن موالـي خالـد يريـدون الوثـوب إلـى بيت المـال ويتطرقـون إلـى ذلـك بالحريـق كـل ليلـة فـي البلـد‏.‏ فكتـب إليـه هشـام بحبـس الكبيـر منهـم والصغيـر والموالي فحبسهم ثم على صاحب الحريق وأصحابه‏.‏ وكتب بهم الوليد بن عبد الرحمن عامل الخـراج ولـم يذكـر فيهم أحداً من آل خالد ومواليه فكتب هشام إلى كلثوم يوبخه ويأمره بإطلاق آل خالـد وتـرك الموالـي‏.‏ فشفـع فيهم خالد عند مقدمه من الصائفة فلما قدم دخل منزله وأذن للناس فاجتمعوا ببابه فوبخهم وقال‏:‏ إن هشاماً يسوقهن إلى الحبس كل يوم‏.‏ ثم قال‏:‏ خرجت غازياً سامعاً مطيعاً فحبس أهلي مع أهل الجرائم كما يفعل بالمشركين‏.‏ ولم يغير ذلك أحد منكم أخفتم القتل أخافكم الله‏.‏ والله ليكفن عني هشام أن لأعودن إلى عراقي الهوى شامي الدار حجازي الأصل يعني محمد بن علي بن عبد الله بن عباس‏.‏ وبلغ ذلك هشاماً فقال‏:‏ خرف أبو الهيثم‏.‏ ثم تتابعت كتب يوسف بن عمر إلى الشام بطلب يزيد بن خالد فأرسل إلى كلثوم بإنفاذه إليه فهرب يزيد فطلبه كلثوم من خالد وحبسه فيه ولما ولي الوليد بن يزيد استقدم خالداً وقال‏:‏ أين ابنك قال هرب من هشام وكنا نراه عندك حتـى استخلفـك اللـه فلم نره وطلبناه ببلاد قومه من الشراة فقال‏:‏ ولكن خلفته طلباً للفتنة فقال‏:‏ إنا أهل بيت طاعة‏.‏ فقال لتأتيني به أو لأرهقن نفسك‏.‏ فقال والله لوكان تحت قدمي ما رفعتهمـا عنـه‏.‏ فأمـر الوليـد بضربـه‏.‏ ولمـا قـدم يوسـف بـن عمـر مـن العـراق بالأموال اشتراه من الوليد بخمسين ألف ألف‏.‏ فقال له الوليد إن يوسف يشتريك بكذا فاضمنها لي قبل أن أدفعك إليه‏.‏ فقـال مـا عهـدت العـرب تبـاع واللـه لو سألتني عوداً ما ضمنته‏.‏ فدفعه إلى يوسف فألبسه عباءة وحمله على غير وطاء وعذبه عذاباً شديداً وهو لا يكلمه‏.‏ ثم حمله إلى الكوفة فاشتد في عذابـه ثـم قتلـه ودفنـه فـي عبـاءة يقـال إنـه قتله بشيء وضعه على وجهه وقيل وضع على رجليه الأعواد وقام عليها الرجال حتى تكسرت قدماه‏.‏ وذلك في المحرم سنة ست وعشرين ومائة‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:11

مقتل الوليد وبيعة يزيد
ولما ولي الوليد لم يقلع عما كان عليه من الهوى والمجون حتى نسب إليه في ذلك كثير من الشنائع‏.‏ مثل رميه المصحف بالسهام حين استفتح فوقع على قوله‏:‏ وخاب كل جبار عنيد‏.‏ وينشدون له في ذلك بيتين تركتهما لشناعة مغزاهما‏.‏ ولقد ساءت القالة فيه كثيراً وكثير من النـاس نفـوا ذلـك عنـه وقالـوا‏:‏ إنهـا مـن شناعات الأعداء ألصقوها به‏.‏ قال المدائني دخل ابن الغمر بـن يزيـد علـى الرشيـد فسألـه‏:‏ ممـن أنـت‏.‏ فقـال‏:‏ من قريش‏.‏ قال‏:‏ من أيها فوجم‏.‏ فقال‏:‏ قل وأنت آمـن ولـو أنـك مـروان‏.‏ فقـال‏:‏ أنـا ابـن الغمـر بن يزيد‏.‏ فقال‏:‏ رحم الله الوليد ولعن يزيد الناقص فإنه قتل خليفةً مجمعاً عليه ارفع حوائجك فرفعها وقضاها‏.‏ وقال شبيب بن شبة كنا جلوساً عند المهدي فذكر الوليد فقال المهدي كان زنديقاً فقام ابن علانة الفقيه فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل أعدل من أن يولي خلافة النبوة وأمر الأمة زنديقـاً لقـد أخبرني عنه من كان يشهده في ملاعبه وشربه ويراه في طهارته وصلاته فكان إذا حضرت الصلاة يطرح الثياب التي عليه المصببة المصبغة‏.‏ ثم يتوضأ فيحسن الوضوء ويؤتى بثيـاب بيـض نظيفـة فيلبسهـا ويشتغـل بربـه‏.‏ أتـرى هـذا فعـل مـن لا يؤمـن باللـه فقال المهدي‏:‏ بارك الله عليك يا ابن علانة وإنما كان الرجل محسوداً في خلاله ومزاحماً بكبار عشيرته بيته من بني عمومته مع لهو كان يصاحبه أوجد لهم به السبيل على نفسه‏.‏ وكـان مـن خلالـه قـرض الشعر الوثيق ونظم الكلام البليغ‏.‏ قال يوماً لهشام يعزيه في مسلمة أخيه‏:‏ إن عقبى من بقي لحوق من مضى وقد أقفر بعد مسلمة الصيد لمن رمى واختل الثغر فهوى‏.‏ وعلـى أثـر من سلف يمضي من خلف فتزودوا فإن خير الزاد التقوى‏.‏ فأعرض هشام وسكت وأما حكاية مقتله فإنه لما تعرض له بنو عمه ونالوا من عرضه أخذ في مكافأتهم‏.‏ فضرب سليمان ابن عمه هشام مائة سوط وحلقه وغربه إلى معان من أرض الشام فحبسه إلى آخر دولته‏.‏ وحبس أخاه يزيد بن هشام وفرق بين ابن الوليد وبين امرأته وحبس عدة من ولد الوليـد فرمـوه بالفسق والكفر واستباحة نساء أبيه‏.‏ وخوفوا بني أمية منه بأنة اتخذ ميتة جامعة لهـم وطعنـوا عليـه فـي توليـة ابنيـه الحكـم وعثمـان العهـد مـع صغرهمـا‏.‏ وكـان أشدهـم عليـه فـي ذلـك يزيد بن الوليد لأنه كان يتنسك فكان الناس إلى قوله أميل‏.‏ ثـم فسـدت اليمامـة عليـه بمـا كـان منه لخالد القسري‏.‏ وقالوا‏:‏ إنما حبسه ونكبه لامتناعه من بيعة ولديـه‏.‏ ثـم فسـدت عليـه قضاعـة وكـان اليمـن وقضاعة أكثر جند الشام‏.‏ واستعظموا منه ما كان من بيعة خالد ليوسف بن عمر وصنعوا على لسان الوليد قصيدة معيرة اليمنية بشأن خالد فـازداد واختفـى‏.‏ وأتـوا إلـى يزيـد بن الوليد بن عبد الملك فأرادوه على البيعة‏.‏ وشاور عمر بن زيـد الحكمـي فقال‏:‏ شاور أخاك العباس وإلا فأظهر إنه قد يايعك فإن الناس له أطوع‏.‏ فشاور العباس فنهاه عن ذلك فلم ينته ودعا الناس سراً وكان بالبادية‏.‏ وبلغ الخبر مروان بأرمينية فكتـب إلـى سعيـد بـن عبـد الملـك يعظـم عليـه الأمر ويحذره الفتنة ويذكر له أمر يزيد فأعظم ذلك سعيد وبعث بالكتاب إلى العباس فتهدد أخاه يزيد فكتمه فصدقه‏.‏ دمشـق ليـلاً وقـد بايـع له أكثر أهلها سراً وأهل المزة‏.‏ وكان على دمشق عبد الملك بن محمد بن الحجاج فاستوياها فنزل قطنا واستخلف عليها ابنه محمداً‏.‏ وعلى شرطته أبو العاج كثير بن عبد الله السلمي‏.‏ ونمي الخبر إليهما فكذباه وتواعد يزيد مـع أصحابـه بعـد المغـرب ببـاب الفراديس‏.‏ ثم دخلوا المسجد فصلوا العتمة ولما قضوا الصلاة جاء حرس المسجد لإخراجهم فوثبـوا عليهـم ومضـى يزيـد بـن عنبسـة إلـى يزيد بن الوليد فجاء به إلى المسجد في زهاء مائتين وخمسين وطرقوا باب المقصورة فأدخلهم الخادم فأخذوا أبا العاج وهو سكران وخزان بيت المال‏.‏ وبعـث عـن محمـد بن عبد الملك فأخذوه وأخذوا سلاحاً كثيراً كان بالمسجد وأصبح الناس من الغد من النواحي القريبة متسائلين للبيعة أهل المزة والسكاسك وأهل دارا‏.‏ وعيسى بن شيب الثعلبي في أهل درهة وحرستا وحميد بن حبيب اللخمي في أهل دمرعران وأهل حرش والحديثـة ودريركـا وربعـي بن هشام الحرشي في جماعة من عروسلامان‏.‏ ويعقوب بن عمير بن هانـىء العبسـي جهينـة ومواليهـم‏.‏ ثـم بعـث عبـد الرحمـن بن مصادي في مائتي فارس فجاء بعبد الملك بن محمد بن الحجاج من قصره على الأمان‏.‏ ثم جهز يزيد الجيش إلى الوليد بمكانه من البادية مع عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك ومنصور بن جمهور‏.‏ وقد كان الوليد لما بلغه ثم بايع ليزيد وأشار على الوليد أصحابه أن يلحق بحمص فيتحصن بها‏.‏ قال له ذلك يزيد بن خالد بن يزيد وخالفه عبد الله بن عنبسة‏.‏ وقال‏:‏ ما ينبغي للخليفة أن يدع عسكره وحرمه قبـل أن يقاتل‏.‏ فسار إلى قصر النعمان بن بشير ومعه أربعون من ولد الضحاك وغيره‏.‏ وجاء كتـاب العبـاس بـن الوليد بأنه قادم عليه وقاتلهم عبد العزيز ومنصور بعد أن بعث إليهم زياد بن حصيـن الكلبي يدعوهم إلى الكتاب والسنة‏.‏ فقتله أصحاب الوليد واشتد القتال بينهم وبعث عبـد العزيـز بـن منصـور بـن جمهـور لاعتـراض العبـاس بـن الوليـد أن يأتـي بالوليـد‏.‏ فجاء به كرهاً إلى عبد العزيز وأرسل الوليد إلى عبد العزيز بخمسين ألف دينار وولاية حمص ما بقي على أن ينصرف عنه فأبى‏.‏ ثم قاتل قتالاً شديداً حتى سمع النداء بقتله وسبه من جوانب الحومة فدخل القصر فأغلق الباب وطلب الكلام من أعلى القصر فكلمه يزيد بن عنبسة السكسكي فذكره بحرمه وفعله فيهـم‏.‏ فقال ابن عنبسة‏:‏ إنا ما ننقم عليك في أنفسنا وإنما ننقم عليك في انتهاك ما حرم الله وشرب الخمر ونكـاح أمهـات أولـاد أبيـك واستخفافـك بأمـر اللـه‏.‏ قـال حسبـك اللـه يـا أخـا السكاسك فلعمري لقد أكثرت وأغرقت وإن فيما أحل الله سعة عما ذكرت‏.‏ ثم رجع إلى الـدار فجلس يقرأ في المصحف وقال‏:‏ يوم كيوم عثمان‏:‏ فتسوروا عليه وأخذ يزيد بن عنبسة بيـده يقيـه لا يريـد قتلـه وإذا بمنصـور بن جمهور في جماعة معه ضربوه واجتزوا رأسه فساروا به إلى يزيد فأمر بنصبه‏.‏ فتلطف له يزيد بن فروة مولى بني مرة في المنع من ذلك وقال‏:‏ هذا ابن عمك وخليفة وإنما تنصب رؤوس الخوارج ولا آمن أن يتعصب له أهل بيته فلم يجبه وأطافه بدمشق على رمح ثـم دفـع إلـى أخيـه سليمان بن يزيد وكان معهم عليه‏.‏ وكان قتله آخر جمادى الآخرة سنة ست وعشريـن لسنتيـن وثلاثـة أشهـر مـن بيعتـه‏.‏ ولمـا قتـل خطـب النـاس يزيـد فذمـه وثلبـه وإنـه إنما قتله من أجل ذلك‏.‏ ثم وعدهم بحسن الظفر والاقتصار عن النفقة في غير حاجاتهم وسد الثغور والعدل في العطاء والأرزاق ورفع الحجاب ء وإلا فلكم ما شئتم مـن الخلـع‏.‏ وكـان يسمـى الناقـص لأنـه نقـص الزيادة التي زادها الوليد في أعطيات الناس وهي عشرة عشرة‏.‏ ورد العطاء كمـا كـان أيـام هشام وبايع لأخيه إبراهيم بالعهد ومن بعده لعبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك حمله على ذلك أصحابه القدرية لمرض طرقه‏.‏ ولمـا قتـل الوليـد وكان قد حبس سليمان ابن عمه هشام بعمان خرج سليمان من الحبس وأخذ ما كان هناك من الأموال ونقله إلى دمشق‏.‏ ثم بلغ خبر مقتله إلى حمص وإن العباس بن الوليد أعان على قتله فانتقضوا وهدموا دار العباس وسبوها وطلبـوه فلحـق بأخيـه يزيـد‏.‏ وكاتبـوا الأجنـاد فـي الطلـب بـدم يزيـد وأمـروا عليهـم مـروان بـن عبـد الله بن عبد الملك ومعاوية بن يزيد بن حصيـن بـن نميـر وراسلهـم يزيـد فطـردوا رسولـه فبعـث أخـاه مسـروراً فـي الجيش فنزل حوارين‏.‏ ثم جاء سليمان به هشام من فرد عليه ما أخذ الوليد من أموالهم وبعث على الجيش وأمر أخاه مسرورًا بالطاعة‏.‏ واعتزم أهل حمص على المسير إلى دمشق فقال لهم مروان‏:‏ ليس من الرأي أن تتركوا خلفكم هـذا الجيـش وإنمـا نقاتله قبل فيكون ما بعده أهون علينا‏.‏ فقال لهم السميط بن ثابت إنما يريد خلافكم وإنما هواه مع يزيد والقدريـة فقتلـوه وولـوا عليهـم محمـداً السفيانـي وقصـدوا دمشـق فاعترضهـم ابن هشام بغدر فقاتلهم قتالاً شديداً‏.‏ وبعث يزيد عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملـك فـي ثلاثـة آلـاف إلـى ثنيـة العقـاب وهشـام بـن مضـاد فـي ألف وخمسمائة إلى عقبة السلامية‏.‏ وبينما سالم يقاتلهم إذ أقبلت عساكر من ثنية العقاب فانهزم أهل حمص ونادى يزيد بن خالد بـن عبـد اللـه القسـري‏:‏ اللـه اللـه على قومك يا سليمان‏.‏ فكف الناس عنهم وبايعوا ليزيد‏.‏ وأخذ أبا محمد السفياني ويزيد بن خالد بن يزيد وبعثهما إلى يزيد فحبسهما اه‏.‏ واستعمل على حمص معاوية بن يزيد بن الحصين وكان لما قتل الوليد وثب أهل فلسطين على عاملهم سعيد بن عبد الملك فطردوه وتولى منهم سعيد وضبعان ابنا روح وكان ولد سليمان ينزلون فلسطين فضروا يزيد بن سليمان وولوه عليهم وبلغ ذلك أهل الأردن فولوا عليهم محمد بن عبد الملك‏.‏ وبعث يزيد سليمان بن هشام في أهل دمشق وأهل حمص الذين كانوا مع السفياني على ثمانين ألفاً وبعث إلى ابني روح بالإحسان والولاية فرجعا بأهل فلسطين‏.‏ وقدم سليمان عسكراً من خمسة آلاف إلى طبرية فنهبوا القرى والضياع وخشي أهل طبرية على من وراءهم فانتهبوا يزيد بن سليمان ومحمد بن عبد الملك ونزلوا بمنازلهم فافترقت جموع الأردن وفلسطين‏.‏ وسار سليمان بن هشام ولحقه أهل الأردن فبايعوا ليزيد وسار إلى طبرية والرملة وأخذ على أهلهما البيعة ليزيد وولى على فلسطين ضبعان بن روح وعلى الأردن إبراهيم بن الوليد‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:11

ولاية منصور بن جمهور على العراق
ثم ولاية عبد الله بن عمر لما ولي يزيد استعمل منصور بن جمهور على العراق وخراسان ولم يكن من أهل الدين وإنما صـار مـع يزيـد لرأيه في الغيلانية وحنقاً على يوسف بقتله خالداً القسري‏.‏ ولما بلغ يوسف قتل الوليد ارتاب في أمره وحبس اليمانية لما تجتمع المضرية عليه فلم ير عندهم ما يحب فأطلق اليمانية‏.‏ وأقبل المنصور وكتب من عين البقر إلى قواد الشام في الحيرة بأخذ يوسف وعماله فأظهـر يوسـف الطاعـة‏.‏ ولمـا قـرب منصور دخل دار عمر بن محمد بن سعيد بن العاصي ولحق منها بالشام سراً وبعث يزيد بن الوليد خمسين فارساً لتلقيه‏.‏ فلما أحس بهم هرب واختفى ووجـد بيـن النسـاء فأخـذوه وجـاؤوا بـه إلـى يزيـد فحبسـه مـع ابنـي الوليـد حتـى قتلهـم مولـى ليزيد بن خالد القسري‏.‏ ولما دخل منصور بن جمهور الكوفة لأيام خلت من رجب أفاض العطاء وأطلق من كان في السجون من العمال وأهل الخراج واستعمل أخاه على الري وخراسان فسار لذلك فامتنع نصر بـن سيـار مـن تسليـم خراسـان لـه‏.‏ ثـم عزل يزيد منصور بن جمهور لشهرين من ولايته وولى على العراق عبد الله بن عمر بن عبد العزيز وقال‏:‏ سر إلى أهل العراق فإن أهله يميلون إلى أبيك فسار وانقاد له أهل الشام وسلم إليه منصور العمل وانصرف إلى الشام‏.‏ وبعث عبد الله العمال علـى الجهـات واستعمـل عمـر بـن الغضبـان بـن القبعثـرا علـى الشرطـة وخـراج السـواد والمحاسبات وكتب إلى نصر بن سيار بعهده على خراسان‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:12

انتقاض أهل اليمامة
ولما قتل الوليد كان علي بن المهاجر على اليمامة عاملاً ليوسف بن عمر فجمع له المهير بن سليمـان بـن هلال من بني الدول بن خولة‏.‏ وسار إليه وهو في قصره بقاع هجر فالتقوا وانهزم علـي وقتـل نـاس من أصحابه وهرب إلى المدينة‏.‏ وملك المهير اليمامة ثم مات واستخلف عليها عبـد الله بن النعمان من بني قيس بن ثعلبة من الدول فبعث المندلب بن إدريس الحنفي على الفلـج قريـة مـن قرى بني عامر بن صعصعة فجمع له بني كعب بن ربيعة بن عامر وبني عمير فقتلـوا المندلـب وأكثـر أصحابـه‏.‏ فجمـع عبـد اللـه بن النعمان جموعاً من حنيفة وغيرها وغزا الفلج وهزم بني عقيل وبني بشير وبني جعدة وقتل أكثرهم‏.‏ ثـم اجتمعـوا ومعهم نمير فلقوا بعض حنيفة بالصحراء فقتلوهم وسلبوا نساءهم ثم جمع عمر بن الوازع الحنفي الجموع وقال‏:‏ لست بدون عبد الله بن النعمان وهذه فترة من السلطان‏.‏ وأغار وامتلأت يداه من الغنائم وأقبل ومن معه وأقبلت بنو عامـر والتقـوا فانهـزم بنـو حنيفـة ومـات أكثرهـم مـن العطـش‏.‏ ورجـع بنو عامر بالأسرى والنساء ولحق عمر بن الوازع باليمامة‏.‏ ثم جمع عبيـد اللـه بـن مسلـم الحنفـي جمعاً وأغار على قشير وعكل فقتل منهم عشرين وسمى المثنى بن يزيـد بـن عمـر بـن هبيـرة واليـاً علـى اليمامـة مـن قبـل أبيـه حتـى ولـي العـراق لمـروان فتعـرض المثنـى لبنـي عامـر وضـرب عـدة مـن بنـي حنيفـة وحلقهـم ثـم سكنـت البلـاد ولم يزل عبيد الله بن مسلم الحنفي مستخفياً حتى قدم كسرى بن عبيد الله الهاشمي والياً على العامة لبني العباس ودل عليه اختلاف أهل خراسان ولما قتل الوليد وقدم على نصر عهد خراسان من عبد الله بن عمر بن عبد العزيز صاحب العـراق انتقـض عليـه جديـع بـن علـي الكرمانـي وهـو أزدي‏.‏ وإنمـا سمـي الكرمانـي لأنه ولد بكرمان وقال لأصحابه هذه فتنة فانظروا لأموركم رجلاً فقالوا له أنت وولوه‏.‏ وكان الكرماني قـد أحسـن إلـى نصـر فـي ولايـة أسـد بـن عبـد اللـه فلمـا ولـى نصـر عزلـه عـن الرياسـة بغيـره فتباعد ما بينهما‏.‏ وأكثر على نصر أصحابه في أمر الكرماني فاعتـزم علـى حبسـه وأرسـل صاحـب حرسه ليأتي به‏.‏ وأراد الأزد أن يخلصوه فأبى وجاء إلـى نصـر يعـدد عليـه أياديـه قبلـه مـن مراجعة يوسف بن عمر في قتله والغرامة عنه وتقديم ابنه للرياسة‏.‏ ثم قال‏:‏ فبدلت ذلك بالإجماع على الفتنة فأخذ يعتذر ويتنصل وأصحاب نصر يتحاملون عليه مثل مسلم بن أحور وعصمة بن عبد الله الأسدي‏.‏ ثم ضربه وحبسه آخر رمضان سنة ست وعشرين ثم نقب السجن واجتمع له ثلاثة آلاف وكانت الأزد قد بايعوا عبد الملك بن حرملة على الكتاب والسنة‏.‏ ولما جاء الكرماني قدمه عبـد الملـك ثم عسكر نصر على باب مرو الروذ واجتمع إليه الناس وبعث سالم بن أحور في الجمـوع إلـى الكرمانـي وسفر الناس بينهما على أن يؤمنه نصر ولا يحبسه‏.‏ وأجاب نصر إلى ذلك وجـاء الكرمانـي إليـه وأمـره بلزوم بيته‏.‏ ثم بلغه عن نصر شيء فعاد إلى حاله وكلموه فيه فأمنه وجاء إليـه وأعطـى أصحابـه عشـرة عشـرة‏.‏ فلمـا عـزل جمهـور عـن العـراق وولـي عبـد اللـه بـن عمـر بـن عبد العزيز خطب نصر قدام بن جمهور وأثنى على عبد الله فغضب الكرماني لابن الجمهور وعـاد لجمـع المـال واتخـاذ السلـاح‏.‏ وكـان يحضـر الجمعـة فـي ألـف وخمسمائـة ويصلـي خـارج المقصـورة ويدخـل فيسلم ولا يحبس‏.‏ ثم أظهر الخلاف وبعث إليه نصر سالم بن أحور فأفحش فـي صرفـه وسفـر بينهمـا النـاس فـي الصلـح علـى أن يخـرج الكرمانـي مـن خراسان وتجهز للخروج إلى جرجان‏.‏ أمان الحارث بن شريح وخروجه من دار الحارث لما وقعت الفتنة بخراسان بين نصر والكرماني خاف نصر أن يستظهر الكرماني عليه بالحارث بـن شريـح وكـان مقيمـاً ببلـاد التـرك منـذ اثنتي عشرة سنة كما مر فأرسل مقاتل بن حيان النبطي يـراوده على الخروج من بلاد الترك بخلاف ما يقتضي له الأمان من يزيد بن الوليد‏.‏ وبعث خالد بن زياد البدي الترمذي وخالد بن عمرة مولى بني عامر لاقتضاء الأمان له من يزيد فكتب له الأمـان‏.‏ وأمـر نصـراً أن يرد عليه ما أخذ له وأمر عبد الله بن عمر بن عبد العزيز عامل الكوفة أن يكتب لهما بذلك أيضاً‏.‏ ولما وصل إلى نصر بعث إلى الحارث بذلك فلقيه الرسول راجعاً مع مقاتل بن حيان وأصحابه ووصل سنة سبع وعشرين في جمادى الأخيرة وأنزله نصر بمرو ورد عليـه مـا أخـذ له وأجرى عليه كل يوم خمسين درهماً وأطلق أهله وولده‏.‏ وعرض عليه أن يوليه ويعطيه مائة ألف دينار فلم يقبل وقال‏:‏ لست من الدنيا واللذات في شيء وإنما أسأل كتاب الله والعمل بالسنة وبذلك أساعدك على عدوك‏.‏ وإنما خرجت من البلاد منذ ثلاث عشره سنة إنكاراً للجور فكيف تزيدني عليه‏.‏ وبعث إلى الكرماني إن عمل نصر بالكتاب عضدتـه فـي أمـر اللـه ولا أعتبـك إن ضمنـت لـي القيـام بالعدل والسنة‏.‏ ثم دعا قبائل تميم فأجاب منهم ومن غيرهم كثير واجتمع إليه ثلاثة آلاف وأقام على ذلك‏.‏ انتقاض مروان لما قتل الوليد كـان مـروان بـن محمد بن مروان على أرمينية وكان على الجزيرة عبدة بن رياح العبادي‏.‏ وكان‏.‏ الوليد قد بعث بالصائفة أخاه فبعث معه مروان ابنه عبد الملك‏.‏ فلما انصرفوا من الصائفة لقيهم بجرزان حين مقتل الوليد وسار عبدة عن الجزيرة‏.‏ فوثب عبد الملك بالجزيرة وجرزان فضبطهمـا وكتـب إلـى أبيـه بأرمينيـة يستحثـه فسـار طلبـاً بدم الوليد بعد أن أرسل إلى الثغور من يضبطهـا‏.‏ وكـان معـه ثابـت بـن نعيـم الجذامي من أهل فلسطين وكان صاحب فتنة‏.‏ وكان هشام قد حبسه على إفساد الجند بأفريقية عند مقتل كلثوم بن عياض وشفع فيه مروان فأطلقاه وأتخنـه عنده يداً‏.‏ فلما سار من أرمينية داخل ثابت أهل الشام في العود إلى الشام من وجه الفـرات‏.‏ واجتمع له الكبير من جند مروان وناهضه القتال‏.‏ ثم غلبهم وانقادوا له وحبس ثابت بـن نعيـم وأولـاده ثـم أطلقهـم مـن حـران إلـى الشـام وجمع نيفاً وعشرين ألفاً من الجزيرة ليسير بهم إلى يزيد وكتب إليه يشترط ما كان عبد الملك ولى أباه محمداً من الجزيرة والموصل وأذربيجان فأعطاه يزيد ولاية‏.‏ ذلك وبايع له مروان وانصرف‏.‏ وفاة يزيد وبيعة أخيه إبراهيم ثم توفي يزيد آخر سنة ست وعشرين لخمسة أشهر من ولايته ويقال‏:‏ إنه كان قدرياً وبايعوا لأخيـه إبراهيـم مـن بعـده إلا أنـه انتقـض عليـه النـاس ولـم يتـم لـه الأمـر‏.‏ وكـان يسلـم عليه تارة بالخلافة وتارة بالإمارة وأقام على ذلك نحواً من ثلاثة أشهر ثم خلعه مروان بن محمد على ما يذكر‏.‏ وهلك سنة اثنتين وثلاثين‏.‏ ولمـا توفـي يزيـد وولـى أخـوه إبراهيـم وكـان مضعفـاً انتقض عليه مروان لوقته وسار إلى دمشق‏.‏ فلما انتهى إلى قنسرين وكان عليها بشر بن الوليد عاملاً لأخيه يزيد ومعه أخوهما مسرور دعاهم مروان إلى بيعته‏.‏ ومال إليه يزيد بن عمر بن هبيرة وخرج بشر للقاء مروان‏.‏ فلما تراءى الجمعان مال ابن هبيرة وقيس إلى مروان وأسلموا بشراً ومسروراً فأخذهما مروان وحبسهمـا وسـار بأهـل قنسريـن ومـن معـه إلى حمص وكانوا امتنعوا من بيعة إبراهيم‏.‏ فوجه إليهم عبـد العزيـز بـن الحجـاج بـن عبـد الملك في جند أهل دمشق فكان يحاصرهم‏.‏ فلما دخل مروان رحل عبد العزيز عنهم وبايعوا مروان وخرج للقائه سليمان بن هشام في مائة وعشرين ألفاً ومـروان فـي ثمانيـن فدعاهـم إلـى الصلـح وتـرك الطلـب بـدم الوليـد علـى أن يطلقـوا ابنيـه الحكـم وعثمـان ولبى عهده فأبوا وقاتلوه‏.‏ وسرب عسكراً جاؤوهـم مـن خلفهـم فانهزمـوا وأثخـن فيهـم أهـل حمص فقتلوا منهم نحواً من سبعة عشر ألفاً وأسروا مثلها‏.‏ ورجع مروان بالفل وأخذ عليهم البيعة للحكم وعثمان ابني الوليد وحبس يزيد بن العفار والوليد بن مصاد الكلبيين فهلكا في حبسه‏.‏ وكان ممن شهد قتل الوليد بن الحجاج وهرب يزيد بن خالد القسري إلى دمشق فاجتمع له مع إبراهيم وعبد العزيز بن الحجاج وتشاوروا في قتل الحكم وعثمان خشية أن يطلقهما مروان فيثـأرا بأبيهمـا‏.‏ وولـوا ذلـك يزيـد بن خالد فبعث مولاه أبا الأسد فقتلهما وأخرج يوسف بن عمر فقتله واعتصم أبو محمد السفياني ببيت في الحبس فلم يطيقوا فتحه وأعجلهم خيل مروان‏.‏ فدخـل دمشـق وأتـى بأبي الوليد ويوسف بن عمر مقتولين فدفتها وأتى بأبي عمر السفياني في قيوده فسلم عليه بالخلافة وقال‏:‏ إن ولي العهد جعلها لك‏.‏ ثم بايعه وسمع الناس فبايعوه وكان أولهم بيعه معاوية بن يزيد بن حصين بن نمير وأهل حمص‏.‏ ثم رجع مروان إلى خراسان واستأمـن لـه إبراهيـم بـن الوليـد وسليمـان بن هشام وقدما عليه وكان قدوم سليمان من تدمر بمن معه من إخوته وأهل بيته ومواليه الذكوانية فبايعوا لمروان‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:13

انتقاض الناس علي مروان
ولما رجع إلى خراسان راسل ثابت بن نعيم من فلسطين أهل حمص في الخلاف على مروان فأجابوه وبعثوا إلى من كان بتدمر ممن طلب وجاء الأصبغ بن دوالة الكلبي وأولاده ومعاوية السكسكي فارس أهل الشام وغيرها في ألف من فرسانهم ودخلوا حمص ليلة الفطر من سنة سبـع وعشرين‏.‏ وزحف مروان في العساكر من حران معه إبراهيم المخلوع وسليمان بن هشام ونزل عليهم ثالث يوم الفطر وقد سدوا أبوابهم فنادى مناديه‏:‏ ما دعاكم إلى النكث‏.‏ قالوا لم ننكث ونحن على الطاعة‏.‏ ودخل عمر بن الوضاح في ثلاثة آلاف فقاتله المحتشدون هنالك للخلاف وخرجوا من الباب الآخر وجفل مروان في اتباعهم وعلا البـاب‏.‏ فقتـل منهـم نحـو خمسمائة وصلبهم وهدم من سورها علوه وأفلت الأصبغ بن دوالة وابنه فرافصة‏.‏ ثـم بلـغ مـروان وهـو بحمـص خلـاف أهـل الغوطـة وأنهـم ولـوا عليهـم يزيـد بـن خالـد القسـري وحاصروا دمشق وأميرها زامل بن عمر فبعث مروان إليهم أبا الورد بن الكوثر بن زفر بن الحارث وعمر بن الوضاح في عشرة آلاف فلما دنوا من دمشق حملوا عليهم وخرج إليهم من كـان بالمدينـة فهزموهـم وقتلـوا يزيـد بن خالد وبعثوا برأسه إلى مروان وأحرقوا المزة وقرى البرامة‏.‏ ثـم خـرج ثابت بن نعيم في أهل فلسطين وحاصر طبرية وعليها الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكـم‏.‏ فبعـث مـروان إليـه أبـا الـورد فلمـا قرب منه خرج أهل طبرية عليه فهزموه ولقيه أبو الورد منهزماً فهزمه أخرى وافترق أصحابه وأسر ثلاثة من ولده وبعث بهم إلى مروان‏.‏ وتغيب ثابت وولى مروان على فلسطين الرماحس بن عبد العزيز الكناني فظفر بثابت بعد شهرين وبعث به إلى مروان موثقاً فقطعه وأولاده الثلاثة وبعثهم إلى دمشق فصلبوا‏.‏ ثم بايع لابنيه عبد الله وعبيد الله وزوجهما بنتي هشام ثم سار إلى ترمذ من دير أيوب وكانوا قد غوروا المياه‏.‏ فاستعمل المزاد والقرب والإبل وبعث وزيره الأبرش الكلبي إليهم وأجابوا إلـى الطاعـة‏.‏ وهـرب نفـر منهـم إلـى البلـد وهـدم الأبـرش سورهـا ورجـع بمن أطاع إلى مروان‏.‏ ثم بعث مـروان يزيـد بـن عمـر بـن هبيـرة إلـى العـراق لقتال الضحاك الشيباني الخارجي بالكوفة وأمده ببعوث أهل الشام ونزل قرقيسيا ليقدم ابن هبيرة لقتال الضحاك‏.‏ وكـان سليمان بن هشام قد استأذنه بالمقام في الرصافة أياماً ويلحق به فرجعت طائفة عظيمة من أهل الشام الذين بعثهم مروان مع ابن هبيرة فأقاموا بالرصافة ودعوا سليمان بن هشام بالبيعة فأجاب وسار معهم إلى قنسرين فعسكر بها وكاتب أهل الشام فأتوه من كل وجه‏.‏ وبلغ الخبر مروان فكتب إلى ابن هبيرة بالمقام ورجع من قرقيسيا إلى سليمان فقاتله فهزمه واستبـاح معسكره وأثخن فيهم وقتل أسراهم وقتل إبراهيم أكبر ولد سليمان وخالد بن هشام المخزومـي جـا أبيه فيما ينيف على ثلاثين ألفاً وهرب سليمان إلى حمص في الفل فعسكر بها وبنى ما كان تهدم من سورها‏.‏ وسار مروان إليه فلما قرب منه بيته جماعة من أصحاب سليمان تبايعوا على الموت وكان على احتراس وتعبية فترك القتال بالليل وكمنوا له في طريقه من الغد فقاتلهم إلى آخر النهار وقتل منهم نحواً من ستمائة‏.‏ وجاؤوا إلى سليمان فلحق بتدمر وخلف أخاه سعيداً بحمص وحاصره مروان عشرة أشهر ونصب عليهم نيفاً وثمانين منجنيقاً حتى استأمنوا له وأمكنوه من ثم سار لقتال الضحاك الخارجي بالكوفة‏.‏ وقيل إن سليمان بن هشام لما انهزم بقسرين لحق بعبـد اللـه بـن عمـر بـن عبـد العزيـز بالعـراق وسار معه إلى الضحاك فبايعوه وكان النضر بن سعيد قد ولي العراق‏.‏ فلما اجتمعوا على قتاله سار نحو مروان فاعترضه بالقادسية جنود الضحاك من الكوفة مع ابن ملحان فقتله النضر‏.‏ وولى الضحاك مكانه بالكوفة المثنى بن عمران وسار الضحـاك إلـى الموصـل وأقبـل ابـن هبيـرة إلـى الكوفة فنزل بعيد التمر‏.‏ وسار إليه المثنى فهزمه ابن هبيرة وقتله وعدة من قواد الضحاك‏.‏ وانهزم الخوارج ومعهم منصور بن جمهور ثم جاؤوا إلى الكوفة واحتشدوا وساروا للقاء ابن هبيرة فهزمهم ثانية ودخل الكوفة وسار إلى واسـط‏.‏ وأرسل الضحاك عبيدة بن سوار الثعلبي لقتاله فنزل الصراة وقاتله ابن هبيرة هنالك فانهزمت الخوارج كما يأتي في أخبارهم‏.‏ ظهورعبد الله بن معاوية كـان عبـد اللـه بـن معاويـة بـن عبـد اللـه بـن جعفـر قـدم علـى عبـد اللـه بن عمر بن عبد العزيز الكوفة فـي إخوانـه وولـده فأكرمهـم عبـد اللـه وأجـرى عليهـم ثلاثمائة درهم في كل يوم وأقاموا كذلك‏.‏ ولما بويـع إبراهيـم بـن الوليد بعد أخيه واضطرب الشام وسار مروان إلى دمشق حبس عبد الله بن عمر عبد الله بن معاوية عنده وزاد في رزقه بعده لمروان يبايعه ويقاتله‏.‏ فلما ظفر مروان بإبراهيم سار إسماعيل بن عبد الله القسري إلى الكوفة وقاتله عبد الله بن عمر‏.‏ ثم خاف إسماعيـل أن يفتضـح فكفـوا خبرهـم فوقعت العصبية بين الناس من إيثار عبد الله بن عمر بعضاً من مضر وربيعة بالعطاء دون غيرهم فثـارت ربيعـة فبعـث إليهـم أخـاه عاصمـاً ملقيـاً بيـده فاستحيوا ورجعوا‏.‏ وأفاض في رؤوس الناس يستميلهم‏.‏ فاستنفـر النـاس واجتمعـت الشيعـة إلـى عبـد اللـه بـن معاويـة فبايعـوه وأدخلـوه قصـر الكوفة وأخرجـوا منـه عاصـم بـن عمـر‏.‏ فلحـق بأخيـه بالحيـرة وبايع الكوفيون ابن معاوية ومنهم منصور بن جمهور وإسماعيل أخو خالد القسري وعمر بن العطاء وجاءته البيعة من المدائن وجمع الناس وخـرج إلـى عبـد اللـه بـن عمـر بالحيـرة فسـرح للقائـه مولـاه‏.‏ ثـم خـرج فـي أثـره وتلاقيـا ونزع منصور بن جمهـور وإسماعيـل أخـو خالـد القسـري وعمـر بـن العطـاء‏.‏ وجاءتـه البيعـة من ابن عمر ولحقوا بالحيرة وانهزم ابن معاوية إلى الكوفة‏.‏ وكان عمر بن الغضبان قد حمل على ميمنة ابن عمر فكشفهما وانهزم أصحابه من ورائه‏.‏ فرجع إلى الكوفة وأقام مع ابن معاوية في القصر ومعهم ربيعـة والزيدية على أفواه السكك يقاتلون ابن عمر‏.‏ ثم أخذ ربيعة الأمـان لابـن معاويـة ولأنفسهـم وللزيدية‏.‏ وسار ابن معاوية إلى المدائن وتبعه قوم من أهل الكوفة فتغلب بهم على حلوان غلبة الكرماني على مرو وقتله الحارث بن شريح لما ولي مروان وولى على العراق يزيد بن عمر بن هبيرة كتب يزيد إلى نصر بعهده على خراسان فبايع لمروان بن محمد فارتاب الحارث وقال‏:‏ ليس لي أمان من مروان وخرج فعسكـر وطلـب مـن نصـر أن يجعل الأمر شورى فأبى‏.‏ وقرأ جهم بن صفوان مولى راسب وهو رأس الجهميـة سيرته وما يدعو إليه على الناس فرضوا وكثر جمعه‏.‏ وأرسل إلى نصر في عزل سالـم بـن أحـور عـن الشرطـة وتغيـر العمـال فتقـرر الأمـر بينهمـا علـى أن يـردوا ذلـك إلـى رجال أربعة‏:‏ مقاتـل بـن سليمـان ومقاتـل بـن حيـان بتعييـن نصـر والمغيـرة بـن شعبـة الجهضي ومعاذ بن جبلة بتعيين الحارث‏.‏ وأمر نصر أن يكتب بولاية سمرقنذ وطخارستان لمن يرضاه هؤلاء الأربعة‏.‏ وكان الحارث يقول إنه صاحب السور وإنه يهدم سور دمشق ويزيل ملك بني أمية‏.‏ فأرسل إليه نصر‏:‏ إن كان ما تقوله حقاً فتعال نسير إلى دمشق وإلا فقد أهلكـت عشيرتـك‏.‏ فقـال الحارث هو حق لكن لا تبايعني عليه أصحابي‏.‏ قال فكيف تهلك عشرين ألفاً مـن ربيعـة واليمن‏.‏ ثم عرض عليه ولاية ما وراء النهر ويعطيه ثلاثمائة ألف فلم يقبل‏.‏ فقال لـه فابـدأ بالكرمانـي فاقتله وأنا في طاعتك‏.‏ ثم اتفقا على تحكيم جهم ومقاتل فاحتكما بأن يعزله نصر ويكون الأمر شورى‏.‏ فأتى نصر فخالفه الحارث وقدم على نصر جمع من أهل خراسان حين سمعوا بالفتنة‏:‏ منهم عاصم بن عمير الضريمي وأبو الديال الناجي ومسلم بـن عبـد الرحمـن وغيرهم‏.‏ فكانوا معه‏.‏ وأمر الحارث أن يقرأ سيرته في الأسواق والمساجد وأتاه الناس وقرئت على باب نصر‏.‏ فضرب غلمان نصر قارئها فنادى بهم وتجهزوا للحرب‏.‏ ونقب الحارث سور مرو من الليـل ودخل بالنهار فاقتتلوا وقتل جهم بن مسعود الناجي وأعين مولى حيان ونهبوا منزل مسلم بن أحور فركب سالم حين أصبح فقاتل الحارث وهزمه وجاء إلى عسكره فقتل كاتبه‏.‏ وبعث نصر إلى الكرماني وكان في الأزد وربيعة وكان موافقًا للحارث لما قدمناه فجاءه نصر على الأمـان وحادثهـم وأغلظـوا لـه فـي القـول فارتـاب ومضـى وقتـل مـن أصحابـه جهـم بـن صفوان ثم بعث الحارث ابنه حاتماً إلى الكرماني يستجيشه فقال له أصحابه دع عدويك يضطربان ثم ضرب بعد يومين وناوش القتال أصحاب نصر فهزمهم وصرع تميم بن نصر ومسلم بن أحور‏.‏ وخرج نصر من مرو من الغـد فقاتلهـم ثلاثـة أيـام وانهـزم الكرمانـي وأصحابـه ونـادى منـاد يـا معشـر ربيعة واليمن إن أبا سيار قتل فانهزمت مضر ونصر وترجل ابنه تميم فقاتل وأرسل إليه الحارث أني كاف عنك فإن اليمانية يعيرونني بانهزامكم فاجعل أصحابك إزاء الكرماني‏.‏ ولما انهزم نصر غلب الكرماني على مرو ونهب الأموال فأنكر ذلك عليه الحارث ثـم اعتـزل عـن الحـارث بشـر بن جرموز الضبي في خمسة آلاف وقال‏:‏ إنما كنا نقاتل معك طلباً للعدل فأما إن اتبعت الكرماني للعصبية فنحن لا نقاتل‏.‏ فدعى الحارث الكرماني إلى الشورى فأبى فانتقل الحارث عنه وأقاموا أياماً‏.‏ ثم ثلم الحارث السور ودخل البلد وقاتله الكرماني قتالاً شديداً فهزمه وقتله وأخاه سوادة‏.‏ واستولى الكرماني على مرو وقيل إن الكرماني خرج مع الحارث لقتال بشر بن جرموز‏.‏ ثم ندم الحارث على اتباع الكرماني‏.‏ وأتى عسكر بشر فأقام معهم وبعث إلى مضر من عسكر الكرمانـي فسـاروا إليهـم وكانوا يقتتلون كل يوم ويرجعون إلى خنادقهم‏.‏ ثم نقب الحارث بعد أيام سور مرو ودخلها وتبعه الكرماني واقتتلوا فقتل الحارث وأخاه وبشر بن جرموز وجماعة من بني تميم‏.‏ وذلك سنة ثمان وعشرين ومائة فانهـزم الباقـون وصفـت مـرو لليمـن وهدمـوا دور المضرية‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:14

ظهور الدعوة العباسية بخراسان
قـد ذكرنـا أن أبـا مسلـم كـان يتـرد إلـى الإمام من خراسان ثم استدعاه سنة تسعة وعشرين ليسأله عـن النـاس فسـار فـي سبعين من النقباء مؤدين بالحج‏.‏ ومر بنسا فاستدعى أسيداً فأخبره بأن كتـب الإمـام جـاءت إليـه مـع الأزهـر بـن شعيـب وعبد الملك بن سعيد ودفع إليه الكتب‏.‏ ثم لقيه بقومـس كتـاب الإمـام إليـه وإلـى سليمـان بـن كثيـر أنـي قـد بعثـت إليك براية النصر فارجع من حيث يلقاك كتابي ووجه قحطبة إلى الإمام بما معه من الأموال والعروض‏.‏ وجاء أبو مسلم إلى مرو وأعطـى كتاب الإمام لسليمان بن كثير وفيه الأمر بإظهار الدعوة فنصبوا أبا مسلم وقالوا رجل مـن أهـل البيت ودعوا إلى طاعة بني العباس‏.‏ وكتبوا إلى الدعاة بإظهار الأمر وترك أبو مسلم بقرية من قرى مرو في شعبان من سنة تسع وعشرين‏.‏ ثـم بثـوا الدعـاة في طخارستان ومرو الروذ والطالقان وخوارزم وأنهم إن أعجلهم عدوهم‏.‏ دون الوقت عاجلوه وجردوا السيوف للجهاد ومن شغله العدو عن الوقت فلا حرج عليه أن يظهر بعد الوقت‏.‏ ثم سار أبو مسلم فنزل على سليمان بن كثير الخزاعي آخر رمضان ونصر بن سيار يقاتل الكرماني وشيبان‏.‏ فعقد للواء الذي بعث به الإمام إليه وكان يدعى الظل على رمـح طولـه أربعـة عشـر ذراعـاً‏.‏ ثـم عقـد الرايـة التـي بعثهـا معه وتسمى السحاب وهو يتلو‏:‏ ‏"‏ أذن للذين يقاتلون ‏"‏ الآية‏.‏ ولبسوا السواد هو وسليمان بن كثير وأخوه سليمان ومواليه ومن أجاب الدعوة من أهل تلك القـرى وأوقـدوا النيـران ليلتهـم لشيعتهـم فـي خرقـان فأصبحـوا عنـده‏.‏ ثـم قـدم عليه أهل السقادم مع أبي الوضاح في سبعمائة راجـل وقـدم مـن الدعـاة أبـو العبـاس المـروزي وحصـن أبـو مسلـم بسفيدنج ورمها وحضر عيد الفطر فصلى سليمان بن كثير وخطب على المنبر في العسكر وبـدأ بالصلـاة قبـل الخطبـة بلا أذان ولا إقامة‏.‏ وكبر في الأولى ست تكبيرات وفي الثانية خمسًا خلاف ما كانوا بنو أمية يفعلون‏.‏ وكل ذلك مما سنه لهم الإمام وأبوه‏.‏ ثم انصرفوا من الصلاة مع الشيعة فطمعوا وكان أبو مسلم وهو في الخندق إذا كتب نصر بن سيـار يبـدأ باسمـه فلمـا قوي بمن اجتمع إليه كتب إلى نصر وبدأ بنفسه وقال‏:‏ أما بعد فإن الله تياركـت أسمـاؤه عيـر قومـاً فـي القـرآن فقال‏:‏ ‏"‏ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير] ‏"‏ إلى‏:‏ ‏"‏ .ولـن تجـد لسنـة اللـه تحويـلاً ‏"‏‏.‏ فاستعظـم الكتـاب وبعـث مولـاه يزيـد لمحاربـة أبـي مسلـم لثمانيـة عشر شهـراً مـن ظهوره فبعث إليه أبو مسلم مالك بن الهيثم الخزاعي فدعاه إلى الرضا من آل رسول اللـه صلـى اللـه عليـه وسلـم فاستكبـروا فقاتلهـم مالـك وهـو فـي مائتيـن يوماً بكماله‏.‏ وقدم على أبي مسلم صالح بن سليمان الضبي وإبراهيم بن يزيد وزياد بن عيسى فسرحهم إلى مالك فقوي مالك بهم وقاتلوا القوم فحمل عبد الله الطائي على يزيد مولى نصر فأسره وانهزم أصحابه وأرسله الطائي إلى أبي مسلم ومعه رؤوس القتلى فأحسن أبو مسلم إلى يزيد وعالجه ولما اندملت جراحة قال إن شئت أقمت عندنا وإلا رجعت إلى مولاك سالماً بعد أن تعاهدنا على وتفرس نصر أنه عاهدهم فقال‏:‏ والله هو ما ظننت وقد استحلفوني أن لا أكذب عليهم وأنهم والله يصلون الصلاة لوقتها بأذان وإقامة ويتلون القرآن ويذكرون الله كثيرًا ويدعون إلى ولاية آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أحسب أمرهم إلا سيعلو‏.‏ ولولا أنـك مولـاي لأقمـت عندهم وكان الناس يرجفون عنهم بعبادة الأوثان واستحلال الحرام‏.‏ ثـم غلـب حـازم بن خزيمة على مرو الروذ وقتل عامل نصر بها‏.‏ وكان من بني تميم من الشيعة وأراد بنو تميم منعه‏.‏ فقال أنا منكم فإن ظفرت فهي لكم وإن قتلت كفيتم أمري فنزل قرية زاها‏.‏ ثم تغلب على أهلها فقتل بشر بن جعفر السغدي عامل نصر عليها أوائل في القعدة وبعـث بالفتح إلى أبي مسلم مع ابنه خزيمة بن حازم‏.‏ وقيل في أمر أبي مسلم غير هذا وإن إبراهيم الإمام أزوج أبا مسلم لما بعثه إلى خراسان بابنة أبي النجم وكتب إلى النقباء بطاعته‏.‏ وكان أبو مسلم من سواد الكوفة فهزما فانتهى لإدريس بن معقل العجلي‏.‏ ثم سار إلى ولاية محمـد بن علي ثم ابنه إبراهيم ثم للأئمة من ولاية من ولمه‏.‏ وقدم خراسان وهو حديث السن واستصغـره سليمـان بـن كثيـر فرده‏.‏ وكان أبو داود خالد بن إبراهيم غائباً وراء النهر‏.‏ فلما جاء إلـى مـرو أقـرأه كتـاب الإمـام وسألهم عن أبي مسلم فأخبروه أن سليمان بن كثير رده لحداثة سنة وأنـه لا يقـدر علـى الأمـر فنخـاف على أنفسنا وعلى من يدعوه‏.‏ فقال لهم أبو داود‏:‏ إن الله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم إلى جميع خلقه وأنزل عليه كتابه بشرائعه وأنبأه بما كان وما يكون وخلـف علمـه رحمـة لأمتـه وعلمـه إنمـا هو عند عترته وأهل بيته وهم معدن العلم وورثة الرسول فيمـا علمـه اللـه‏.‏ أتشكـون فـي شـيء مـن ذلـك‏.‏ قالـوا لا‏.‏ قـال فقـد شككتـم والرجـل لـم يبعثه إليكم حتـى علـم أهليتـه لمـا يقـوم بـه فبعثوا عن أبي مسلم وردوه من قومس بقول أبي داود وولوه أمرهم وأطاعـوه‏.‏ ولـم نـزل فـي نفـس أبـي مسلـم من سليمان بن كثير‏.‏ ثم بعث الدعاة ودخل الناس في الدعوة أفواجاً واستدعاه الإمام سنة تسع وعشرين أن يوافيه بالمرسوم ليأمره بأمره في إظهار الدعـوة وأن يقدم معه قحطبة بن شبيب ويحمل ما اجتمع عنده من الأموال‏.‏ فسار في جماعة من النقباء والشيعة فلقيه كتاب الإمام بقومس يأمره بالرجوع وإظهار الدعوة بخراسان وبعث قحطبة بالمال وأن قحطبة سار إلى جرجان‏.‏ واستدعى خالد بن برمك وأبا عون فقدما بما عندهما من مال الشيعة فسار به نحو الإمام‏.‏


عدل سابقا من قبل محمد منسى في الأحد 11 مايو 2008 - 2:18 عدل 1 مرات
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:14

قتل الكرماني
قـد ذكرنا من قبل أن الكرماني قتل الحارث بن شريح فخلصت له مرو وتنحى نصر عنها‏.‏ ثم بعـث نصـر سالـم بـن أحـور فـي رابطتـه وفرسانـه إلـى مـرو فوجـد يحيى بن نعيم الشيباني في ألف رجل من ربيعة ومحمد بن المثنى في سبعمائة من الأزد وأبو الحسن بن الشيخ في ألف منهم والحربـي السغدي في ألف من اليمن‏.‏ فتلاحى سالم وابن المثنى وشتم سالم الكرماني فقاتلوه فهزمـوه وقتـل مـن أصحابـه نحـو مائة‏.‏ فبعث نصر بعده عصمة بن عبد الله الأسدي فكان بينهم مثل ما كان أولاً‏.‏ فقاتلهم محمد السغدي فانهزم السغدي وقتل من أصحابه أربعمائة ورجـع إلـى نصـر‏.‏ فبعـث مالـك بن عمر التميمي فاقتتلوا كذلك وانهزم مالك وقتل من أصحابه سبعمائة ومن أصحاب الكرماني ثلاثمائة‏.‏ ولما استيقن أبو مسلم أن كلا الفريقين قد أثخن صاحبه وأنه لا مدد لهم جعل يكتب إلـى شيبـان الخارجـي يـذم اليمانيـة تـارة ومضر أخرى ويوصي الرسول بكتاب مضر أن يتعرض لليمانية ليقـرؤوا ذم مضـر والرسـول بكتـاب اليمانيـة أن يتعـرض لمضـر ليقـرؤوا ذم اليمانية حتى صار هـوى الفريقيـن معـه‏.‏ ثـم كتـب إلـى نصـر بـن سيـار والكرماني أن الإمام أوصاني بكم ولا أعدو رأيه فيكم‏.‏ ثم كتب يستدعي الشيعة‏:‏ أسد بن عبد الله الخزاعي بنسا ومقاتل بن حكيم بن غزوان وكانوا أول من سود ونادوا يا محمد يا منصور ثم سود أهل أبي ورد ومرو الروذ وقرى مرو فاستدعاهم أبو مسلم وأقبل فنزل بين خندق الكرمانـي وخنـدق نصـر وهابـه الفريقـان وبعث إلى الكرماني أني معك وقبل فانضم أبو مسلم إليه وكتب نصر بن سيار إلى الكرماني يحذره منه ويشير عليه بدخول مرو ليصالحه‏.‏ فدخل ثم خرج من الغد وأرسل إلى نصر في إتمـام الصلـح فـي مائتـي فـارس فـرأى نصـر فيـه غـرة فبعـث إليـه ثلاثمائة فارس فقتلوه وسار ابنه إلى أبي مسلم وقاتلوا نصر بن سيار حتى أخرجوه من دار الإمارة إلى بعض الدور‏.‏ ودخل أبو مسلـم مـرو فبايعـه علـي بـن الكرمانـي وقـال لـه أبـو مسلـم أقـم علـى ما أنت عليه حتى آمرك بأمري‏.‏ وكـان نصـر حيـن نـزل أبـو مسلـم بيـن خندقـه وخنـدق الكرمانـي ورأى قوتـه كتـب إلـى مروان بن محمد يعلمه بخروجه وكثرة من معه ودعائه لإبراهيم بن محمد‏:‏ أرى خلل الرمـاد وميـض جمـر ويوشك أن يكون لهـا ضـرام‏.‏ فإن النار بالعوديـن تذكـو وإن الحـرب أولهـا الكلـام‏.‏ فإن لم تطفئوها يخرجوها مسجرةً يشيب لها الغلام‏.‏ أقول من التعجب ليت شعري أأيقـاظ أمية أم نيام‏.‏ فـإن يـك قومنـا أضحـوا نياماً فقل قومـوا فقـد حـان القيـام‏.‏ تعـزي عـن رجالـك ثم قولي على الإسلام والعرب السلام‏.‏ فوجده مشتغلاً بحرب الضحاك بن قيس فكتب إليه‏:‏ الشاهد يرى ما لا يرى الغائب فأحثهم التلـول قبلـك‏.‏ فقال نصر‏:‏ أما صاحبكم فقد أعلمكم أنه لا نصر عنده‏.‏ وصادف وصول كتاب نصر إلى مـروان عثورهـم علـى كتـاب مـن إبراهيـم الإمـام لأبـي مسلـم يوبخـه حيـث لـم ينتهـز الفرصـة مـن نصر والكرماني إذ أمكنته ويأمره أن لا يدع بخراسان متكلماً بالعربية‏.‏ فلما قرأ الكتاب بعث إلى عامله بالبلقاء أن يسير إلى الحيسة فيبعث إليه إبراهيم بن محمد مشدوداً لوثاق فحبسه مروان‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:15

اجتماع أهل خراسان علي قتل أبي مسلم
لما أظهر أبو مسلم أمره سارع إليه الناس وكان أهل مرو يأتونه ولا يمنعهم نصر وكان الكرماني وشيبـان الخارجـي لا يكرهـان أمـر أبي مسلم لأنه دعا إلى خلع مروان‏.‏ وكان أبو مسلم ليس له حرس ولا حجاب ولا غلظة الملك فكان الناس يأنسون بـه لذلـك وأرسـل نصـر إلـى شيبـان الخارجـي فـي الصلـح ليتفـرغ لقتـال أبي مسلم أما أن يكون معه أو يكف عنه ثم نعود إلى ما كنا فيه‏.‏ فهم شيبان بذلك وكتب أبو مسلم إلى الكرماني فحرضه على منع شيبان من ذلك فدخـل عليـه وثنـاه عنـه‏.‏ ثـم بعـث أبـو مسلم النضر بن نعيم الضبي إلى هراة فملكها وطرد عنها عيسى بن عقيل بن معقل الليثي عامل نصر‏.‏ فجـاء يحيى بن نعيم بن هبيرة الشيباني إلى الكرماني وشيبان وأغراهما بمصالحة نصر‏.‏ وقال‏:‏ إن صالحتم نصراً قاتله أبو مسلم وترككم لأن أمر خراسان لمضر‏.‏ وإن لـم تصالحـوه صالحـه وقاتلكم فقدموا نصراً قبلكم‏.‏ فأرسل شيبان إلى نصر في الموادعة فأجاب وجاء مسلم بن أحـور بكتـب الموادعـة فكتبوهـا‏.‏ وبعـث أبـو مسلـم إلـى شيبـان في موادعة ثلاثة أشهر‏.‏ فقال ابن الكرماني‏:‏ إذا ما صالحت نصراً إنما صالحه شبيان وأنا موتور بأبي‏.‏ ثم عاود القتال وقعد شيبان عن نصره وقال‏:‏ لا يحل الغدر فاستنصر ابن الكرماني‏.‏ بأبي مسلم فأقبل حتى نزل الماخران لاثنتين وأربعين يوماً من نزوله بسفيدنج وخندق على معسكره وجعل له بابين وعلى شرطتـه مالـك بـن الهيثـم وعلى الحرس أبا إسحق خالد بن عثمان وعلى ديوان الجند أبا صالح كامل بن المظفر وعلى الرسائل أسلم بن صبيح وعلى القضاء القاسم بن مجاشع النقيب‏.‏ وكـان القاسـم يصلـي بأبـي مسلم ويقرأ القصص بعد العصر فيذكر فضل بني هاشم وسالفه بني أمية‏.‏ فلما نزل أبو مسلم الماخران أرسل إلى ابن الكرماني بأنه معه فطلب لقاءه فجاءه أبو مسلـم وأقام عنده يومين ثم رجع وذلك أول المحرم سنة ثلاثين‏.‏ ثم عرض الجند وأمر كامل بن المظفر بكتب أسمائهم وأنسابهم في دفتر فبلغت عدته سبعة آلاف‏.‏ ثم إن القبائل من ربيعة ومضـر واليمـن توادعـوا علـى وضـع الحـرب والاجتمـاع علـى قتـال أبي مسلم فعظم ذلك عليه وتحول عـن الماخـران لأربعـة أشهـر مـن نزولهـا لأنهـا كانـت تحـت الماء‏.‏ وخشي أن يقطع فتحول إلى طبسين وخندق بها وخندق نصر بن سيار على نهر عياض وأنزل عماله بالبلاد‏.‏ فأنزل أبا الدبال في جنـده لطوسـان فـآذوا أهلهـا وعسفوهـم وكـان أكثرهـم مع أبي مسلم في خندق فسير إليهم جنداً فقاتلـوه فهزمـوه وأسـروا مـن أصحابـه ثلاثيـن فأطلقهـم أبو مسلم ثم بعث محرز بن إبراهيم في جمع مـن الشيعـة ليقطـع مـادة نصـر مـن مرو الروذ وبلخ وطخارستان فخندق بين نصر وبين هذه البلاد واجتمع إليه ألف رجل وقطع المادة عن نصر‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:16

مقتل عبد الله بن معاوية
قـد تقـدم لنـا أن عبـد اللـه بـن معاويـة بـن عبـد اللـه بن جعفر بويع بالكوفة وغلبه عليها عبد الله بن عمـر بـن عبـد العزيـز ولحـق بالمدائـن‏.‏ وجـاءه نـاس من أهل الكوفة وغيرها فسار إلى الجبال وغلب عليهـا وعلـى حلـوان وقومـس وأصبهـان والـري وأقام بأصبهان‏.‏ وكان محارب بن موسى مولى بني يشكر عظيم القدر بفارس فجاء إلى دار الإمارة بإصطخر وطرد عامل عبد الله عنها وبايع النـاس لعبد الله بن معاوية‏.‏ ثم سار إلى كرمان فأغار عليها وانضم إليه قواد من أهل الشام‏.‏ فسـار إلـى سالـم بـن المسيـب عامـل عبـد اللـه بن عمر على شيراز فقتله سنة ثمان وعشرين‏.‏ ثم سـار محـارب إلـى أصبهان وحول عبد الله بن معاوية إلى اصطخر بعد أن استعمل على الجبال أخـاه الحسـن بـن معاويـة وأتـى إلى اصطخر فنزل بها وأتاه بنو هاشم وغيرهم وجبى المال وبعث العمـال‏.‏ وكـان معه منصور بن جمهور وسليمان بن هشام وأتاه شيبان بن عبد العزيز الخارجي ولمـا قدم يزيد بن عمر بن هبيرة على العراق أرسل نباتة بن حنظلة الكلابي على الأهواز وأن يقاتـل عبـد اللـه بـن معاويـة وبلغ سليمان بن حبيب وهو بالأهواز فسرح داود بن حاتم للقاء نباتة وهرب سليمان من الأهواز إلى نيسابور وقد غلب الأكراد عليها فطردهم عنها وبايع لابن معاوية فبعث أخاه يزيد بن معاوية عليها‏.‏ ثم إن محارب بن موسى فارق عبد الله بن معاوية وجمع وقصد نيسابور‏.‏ فقاتله يزيد بن معاوية وهزمه فأتى كرمان‏.‏ وأقام بها حتى قدم محمد بـن الأشعـث فصـار معـه ثـم نافـره‏.‏ فقتلـه ابـن الأشعـث وأربعة وعشرين ابناً له‏.‏ ثم بعث يزيد بن هبيـرة بعـد نباتـة بـن حنظلـة ابنـه داود بـن يزيـد فـي العساكر إلى عبد الله بن معاوية وعلى مقدمته داود بن ضبارة‏.‏ وبعث معن بن زائدة من وجه آخر فقاتلوا عبد الله بن معاوية وهزموه وأسروا وقتلوا وهرب منصـور بن جمهور إلى السند وعبد الرحمن بن يزيد إلى عمان وعمر بن سهيل بن عبد العزيز بن مروان إلى مصر وبعثوا بالأسرى إلى ابن هبيرة فأطلقهم مضى ابن معاوية عن فارس إلى خراسـان‏.‏ وسـار معـن بن زائدة في طلب منصور بن جمهور وكان فيمن أسر مع عبد الله بن معاويـة عبـد اللـه بـن علي بن عبد الله بن عباس شفع فيه حرب بن قطن من أخواله بني هلال فوهبـه لـه ضبـارة وغـاب عبـد اللـه بـن معاويـة عـن ابـن ضبـارة‏.‏ ورمـى أصحابه باللواطة فبعث إلى ابـن هبيـرة ليخبـره وسـار ابـن ضبـارة فـي طلـب عبـد اللـه بـن معاويـة إلى شيراز فحاصره بها حتى خرج منها هارباً ومعه أخوه الحسن ويزيد وجماعة من أصحابه فسلك المفازة على كرمان إلى خراسـان طمعـاً فـي أبـي فسلـم لأنـه كـان يدعـو إلـى الرضـا مـن آل محمـد وقد استولى على خراسان فوصـل إلى نواحي هراة وعليها مالك فقال له‏:‏ انتسب نعرفك‏.‏ فانتسب له فقال‏:‏ أما عبد الله وجعفر فمن أسماء آل الرسول وأما معاوية فلا نعرفه في أسمائهم‏.‏ قال إن جدي كان عنـد معاويـة حيـن ولـد أبـي فبعـث إليـه مائـة ألـف علـى أن يسمـي ابنه باسمه‏.‏ فقال لقد اشتريتم الأسماء الخبيثة بالثمن اليسير فلا نرى لك حقاً فيما تدعو إليه‏.‏ ثم بعث يخبره إلى أبي مسلم فأمره بالقبـض عليـه وعلـى مـن معـه فحبسهـم‏.‏ ثم كتب إليه بإطلاق أخويه الحسن ويزيد وقتل عبد الله فوضـع الفـراش علـى وجهـه فمـات‏.‏ لمـا تعاقـد نصـر وابن الكرماني وقبائل ربيعة واليمن ومضر على قتال أبي مسلم عظم على الشيعة وجمع أبو مسلم أصحابه ودس سليمان بن كثير إلى ابن الكرمانـي يذكـره بثـأر أبيه من نصر فانتقضوا فبعث نصر إلى أبي مسلم بموافقة مضر وبعث إليه أصحـاب ابـن الكرمانـي وهـم ربيعـة واليمـن بمثـل ذلـك‏.‏ واستدعـى وفـد الفريقين ليختار الركون إلى أحدهما وأحضر الشيعة لذلك وأخبرهم أن مضر أصحاب مروان وعماله وشيعته وقبله يحيى بـن يزيـد‏.‏ فلمـا حضـر الوفـد تكلـم سليمان بن كثير ويزيد بن شقيق السلمي بمثل ذلك وبأن نصر بـن سيـار عامـل مـروان ويسميـه أمير المؤمنين وينفذ أوامره فليس على هدى وإنما يختار علي بن الكرماني‏.‏ وأصحابه ووافق السبعون من الشيعة على ذلك وانصرف الوفد‏.‏ ورجع أبو مسلم من أبين إلى الماخران وأمر الشيعة ببناء المساكن وأمن من فتنة العرب‏.‏ ثم أرسل إليه علي بن الكرماني أن يدخل مرو من ناحيته ليدخل هو وقومه من الناحية الأخرى فلـم يطمئـن لذلك أبو مسلم وقال‏:‏ ناشبهم الحرب من قبل فناشب ابن الكرماني نصر بن سيار الحرب ودخل مرو من ناحيته وبعث أبو مسلم بعض النقباء‏.‏ فدخل معه ثم سـار وعلـى مقدمته أسيد بن عبد الله الخزاعي وعلى ميمنته مالك بن الهيثم وعلى ميسرته القاسم بن مجاشع‏.‏ فدخل مرو والفريقان يقتتلان ومضى إلى قصر الإمارة وهو يتلو‏:‏ ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها‏.‏ وأمر الفريقين بالانصراف فانصرفوا إلى معسكرهم وصغت له مرو وأمر بأخذ البيعة من الجند وتولى أخذها أبو منصور طلحة بن زريق أحد النقباء الذين اختارهم محمد بن علي من الشيعة حين بعث دعاته إلى خراسان سنة ثلاث وأربع وكانوا اثني عشر رجلاً‏.‏ فمـن خزاعـة سليمـان بـن كثيـر ومالـك بـن الهيثـم وزيـاد بـن صالـح وطلحـة بـن زريـق وعمر بن أعين‏.‏ ومـن طـيء قحطبـة بـن شبيـب بـن خالد بن سعدان ومن تميم أبو عيينة موسى بن كعب ولاهز بن قريط والقاسم بن مجاشع وأسلم بن سلام‏.‏ ومن بكر بن وائل أبو داود خالد بن إبراهيم الشيبانـي وأبـو علـي الهروي ويقال شبل بن طهمان‏.‏ وكان عمر بن أعين مكان موسى بن كعب وأبـو النجـم إسماعيـل بـن عمـران مكـان أبـي علـي الهـروي وهـو ختـن أبي مسلم‏.‏ ولم يكن أحد من النقباء غير أبي منصور طلحة بن زريق بن سعد وهو أبو زينب الخزاعي وقد شهد حرب ابن الأشعث وصحب المهلب غزا معه وكان أبو مسلم يشاوره في الأمور‏.‏ وكان نص البيعة‏:‏ أبايعكـم علـى كتـاب اللـه وسنـة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم والطاعة للرضا من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بذلك عهد الله وميثاقه والطلاق والعتاق والمشي إلى بيت الله الحرام وعلى أن لا تسألوا رزقاً ولا طمعاً حتى تبدأكم به ولاتكم وذلك سنة ثلاثين ومائة‏.‏ ثـم أرسـل أبـو مسلـم لاهـز بـن قريـط فـي جماعـة إلـى نصـر بـن سيار يدعو إلى البيعة وعلم نصر أن أمره قد استقام ولا طاقة لـه بأصحابـه فوعـده بأنـه يأتيـه يبايعـه مـن الغـد وأرسـل أصحابـه بالحـروج مـن ليلتهـم إلـى مكـان يأمنـون فيـه‏.‏ فقـال أسلم بن أحوز لا يتهيأ لنا اليلة‏.‏ فلما أصبح أبو مسلـم كتابـه وأعـاد لاهز بن قريط إلى نصر يستحثه فأجاب وأقام لوضوئه‏.‏ فقال لاهز‏:‏ إن الملأ يأتمـرون بـك ليقتلـوك‏.‏ فخـرج نصـر عنـد المسـاء مـن خلف حجرته ومعه ابنه تميم والحكم بن غيلة النميري وامرأته المرزبانة وانطلقوا هراباً‏.‏ واستبطأه لاهز فدخل المنزل فلم يجده وبلغ أبا مسلم هربه فجاء إلى معسكره وقبض على أصحابه منهم سالم بن أحوز صاحب شرطته والبختري كاتبه وابنان له ويونس بن عبد ربه ومحمد بن قطن وغيرهم‏.‏ وسار أبو مسلم وابن الكرماني في طلبه ليلتهما فأدركا امرأته قد خلفهـا وسـار فرجعـوا إلـى مـرو‏.‏ وبلـغ نصـر من سرخس فأقام بطوس خمس عشرة ليلة‏.‏ ثم جاء نيسابـور فأقام بها وتعاقد ابن الكرماني مع أبي مسلم على رأيه ثم بعث إلى شيبان الحروري يدعوه إلى البيعة فقال شيبان‏:‏ بل أنت تبايعني واستنصر بابن الكرماني فأبى عليه وسار شيبـان إلى سرخس واجتمع له جمع من بكر بن وائل وبعث إليه أبو مسلم في الكف فسجن الرسـل‏.‏ فكتـب إلـى بسـام بـن إبراهيـم مولـى بنـي ليـث المكنى بأبي ورد أن يسير إليه فقاتله وقتله وقتل بكر بن وائل الرسل الذين كانوا عنده‏.‏ وقيل إن أبا مسلم إنما وجه إلى شيبان عسكراً من عنده عليهم خزيمة بن حازم وبسام بن إبراهيم‏.‏ ثـم بعـث أبـو مسلـم كعبـاً مـن النقبـاء إلـى أبيـورد فافتتحهـا ثـم أبـا داود خالـد بـن إبراهيـم مـن النقبـاء إلـى بلـخ وبهـا زيـاد بـن عبـد الرحمن القشيري فجمع له أهل بلخ وترمذ وجند طخارستان ونـزل الجوزجـان ولقيهـم أبـو داود فهزمهـم وملـك مدينـة بلـخ‏.‏ وسـاروا إلـى ترمـذ فكتـب أبـو مسلـم إلى أبـي داود يستقدمـه وبعـث مكانـه على بلخ يحيى بن نعيم أبا الميلا فداخله زياد بن عبد الرحمن في الخلاف على أبي مسلم واجتمع لذلك زياد ومسلم بن عبد الرحمن الباهلي وعيسى بن زرعة السلمي وأهل بلخ وترمذ وملوك طخارستان وما وراء النهر‏.‏ ونزلوا على فرسخ من بلخ وخرج إليهم يحيى بن نعيم بمن معه‏.‏ واتفقت كلمة مضر وربيعة واليمن ومن معهم من العجم على قتال المسودة وولوا عليهم مقاتل بن حيان النبطي مخافة أن يتنافسوا‏.‏ وبعث أبو مسلم أبا داود إليهـم فأقبـل بعساكـره حتـى اجتمعوا على نهر السرخسان واقتتلوا‏.‏ وكان زياد وأصحابه قد خلفوا أبا سعيـد القرشـي مسلحةً وراءهم خشية أن يؤتوا من خلفهم وكانت راياته سـوداً وأغفلـوا ذلـك‏.‏ فلمـا اشتـد القتال زحف أبو سعيد في أصحابه لمددهم فظنوه كميناً للمسودة فانهزموا وسقطوا في النهر وحوى أبو داود معسكرهم بما فيه وملك بلخ‏.‏ ومضى زياد ويحيى ومن معهما إلى ترمذ وكتب أبو مسلم يستقدم أبا داود‏.‏ وبعث النضر بن صبيـح المزنـي علـى بلـخ‏.‏ ولمـا قـدم أبـو داود أشـار علـى أبـي مسلـم بالتفرقـة بين علي وعثمان ابني الكرماني‏.‏ فبعث عثمان على بلخ وقدمها فاستخلف الفرافصة بن ظهير العبسي وسار هو والنضر بن صبيح إلى مرو الروذ‏.‏ وجاء مسلم بن عبد الرحمن الباهلي من ترمذ في المضرية فاستولـى علـى بلـخ‏.‏ ورجـع إليـه عثمـان والنضـر فهربـوا مـن ليلتهـم ولـم يعـن النضـر فـي طلبهـم وقاتلهم عثمـان ناحيـة عنـه فانهـزم ورجـع أبو داود إلى بلخ‏.‏ وسار أبو مسلم إلى نيسابور ومعه علي بن الكرماني وقد اتفق مع أبي داود على قتال ابني الكرماني فقتل أبو داود عثمان في بلخ وقتل أبو مسلم علياً في طريقه إلى نيسابور‏.‏ مسير قحطبة للفتح وفـي سنـة ثلاثيـن قـدم قحطبـة بن شبيب على أبي مسلم من عند الإمام إبراهيم وقد عقد له لواء على محاربة العدو فبعثه أبو مسلم في مقدمته وضم إليه العساكر وجعل إليـه التوليـة والعـزل وأمـر الجنـود بطاعتـه‏.‏ وقـد كان حين غلب على خراسان بعث العمال على البلاد فبعث ساعـي بـن النعمـان الـأزدي علـى سمرقنـد وأبـا داود خالـد بـن إبراهيم على طخارستان ومحمد بن الأشعـث الخزاعـي علـى طبسيـن وجعـل مالـك بـن الهيثـم على شرطته‏.‏ وبعث قحطبة إلى طوس ومعه عدة من القواد‏:‏ أبو عون عبد الملك بن يزيد وخالد بن برمك وعثمان بن نهيك وحازم بن خزيمة وغيرهم فهزم أهل طوس وأفحش في قتلهم‏.‏ ثـم بعث أبو مسلم القاسم بن مجاشع إلى نيسابور على طريق الحجة وكتب إلى قحطبة بقتال تميم بن نصر بالسودقان ومعه الثاني ابن سويد وأصحاب شيبان وأمده بعشرة آلاف مع علي بن معقل‏.‏ فزحف إليهم ودعاهم بدعوته وقاتلهم فقتل تميـم بـن نصـر وجماعـة عظيمـة مـن أصحابه يقال بلغوا ثلاثين ألفاً واستبيح معسكرهم وتحصن الباقي بالمدينة فاقتحمهـا عليهـم وخلـف خالـد بـن برمك على قبض الغنائم وسار إلى نيسابور‏.‏ فهرب منها نصر بن سيار إلى قومـس ثـم تفـرق عنـه أصحابـه فسـار إلـى نباتـة بـن حنظلـة بجرجـان وكان يزيد بن هبيرة بعثه مدداً لنصر فأتى فارس وأصبهان ثم سار إلى الري ثم إلى جرجان‏.‏ وقدم قحطبة نيسابور فأقام بها رمضان وشوال وارتحل إلى جرجان وجعل ابنه الحسن على مقدمته وانتهى إلى جرجان وأهل الشام بها مع نباتة فهابهم أهل خراسان فخطبهم قحطبة وأخبرهم أن الإمام أخبره أنهم يلقونه مثل هذه العدد فينصرونه عليهم‏.‏ ثم تقدم للقتال وعلى ميمنته ابنه الحسن فانهزم أهل الشام وقتل نباتة في عشرة آلاف منهم وبعث برأسه إلى أبي مسلـم وذلك في ذي الحجة من السنة وملك قحطبة جرجان‏.‏ ثم بلغه أن أهل جرجان يرومون الخـروج عليـه فاستعرضهـم وقتـل منهـم نحـواً من ثلاثين ألفاً وسار نصر من قومس إلى خوار الري وعليهـا أبـو بكـر العقيلـي وكتـب إلـى ابـن هبيـرة بواسط يستمده فحبس رسله‏.‏ فكتب مروان إلى ابن هبيرة فجهز ابن هبيرة جيشاً كثيفاً إلى نصر وعليهم ابن عطيف‏.‏ ثم بعث قحطبة ابنـه الحسـن إلـى محاصـرة نصـر فـي جـوار الـري فـي محـرم سنـة إحـدى وثلاثيـن وبعـث إليـه المـدد مـع أبـي كامـل وأبـي القاسـم محـرز بـن إبراهيـم وأبـي العباس المروزي‏.‏ ولما تقاربوا نزع أبو كامـل إلـى نصـر فكـان معـه وهـرب جند قحطبة وأصحاب نصر أصابهم شيء من متاعهم فبعثه نصـر إلـى ابـن هبيـرة فاعترضه ابن عطيف بالري فأخذه فغاضبه نصر فأقام ابن عطيف بالري‏.‏ وسـار نصـر إلـى الـري وعليها حبيب بن يزيد النهشلي فلما قدمها سار ابن عطيف إلى همذان وكان فيها مالك بن أدهم بن محرز الباهلي فعدل بن عطيف عنها إلى أصبهان وبها عامر بن ضبارة وقدم نصر الري فأقام بها يومين ومرض وارتحل‏.‏ فلما بلغ نهاوند مات لاثني عشر من ربيع الأول من السنة ودخل أصحابه همذان‏.‏ استيلاء قحطبة علي الري ولمـا مـات نصـر بـن سيـار بعث الحسن بن قحطبة خزيمة بن حازم إلى سمنان وأقبل قحطبة من جرجان وقدم زياد بن زرارة القشيري وقد كان قدم على طاعة أبي مسلـم واعتـزم علـى اللحـاق بابن ضبارة فبعث قحطبة في أثره المسيب بن زهير الضبي فهزمه وقتل عامة من مع ابـن معاويـة ورجـع‏.‏ ولحـق قحطبـة ابنـه الحسـن إلـى الـري فخـرج عنهـا حبيـب بـن يزيـد النهشلي وأهل وقـد أكثـر أهـل الـري إلـى بنـي أميـة فأخـذ أبـو مسلـم أملاكهـم ولـم يردهـا عليهـم إلا السفـاح بعـد حيـن‏.‏ فأقام قحطبة بالري وكتب أبو مسلم إلـى أصبهبـذ طبرستـان بالطاعـة وأداء الخـراج فأجـاب وكتـب إلـى المصمغـان صاحـب دنباونـد وكبيـر الديلـم بمثـل ذلـك فأفحـش فـي الـرد‏.‏ فكتـب أبو مسلم إلى موسى بن كعب أن يسير إليه من الري فسار ولم يتمكن منه لضيق بلاده‏.‏ وكان الديلم يقاتلونه كل يوم فكثر فيهم الجراح والقتل ومنعهم الميرة فأصابهم الجوع فرجع موسى إلى الري ولـم يـزل المصمغـان متمنعـاً إلـى أيـام المنصـور فأغـزاه حمـاد بـن عمـر في جيش كثيف ففتح دنباوند‏.‏ ولما ورد كتاب قحطبة على أبي مسلم ارتحل عن مرو ونزل نيسابور ثم سير قحطبة ابنه الحسـن بعـد نزوله الري بثلاث ليال فسار عنها مالك بن أدهم وأهل الشام وخراسان إلى نهاوند ونـزل علـى أربعـة فراسـخ مـن المدينـة وأمـده قحطبـة بأبـي الجهم بن عطية مولى باهلة في سبعمائة وأقام محاصرًا لها‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:16

استيلاء قحطبة على أصبهان
ومقتل ابن ضبارة وفتح نهاوند وشهرزور قد تقدم لنا أن ابن هبيرة بعث ابنه داود بن يزيد لقتال عبد الله بن معاوية باصطخر وبعث معـه عامـر بـن ضبـارة فهزمـوه واتبعـوه إلـى كرمان سنة تسع وعشرين فلما بلغ ابن هبيرة مقتل نباتة بجرجان سنة ثلاثين كتب إلى ابنه داود بن ضبارة بالمسير إلى قحطبة فسار من كرمان في خمسيـن ألفـاً ونزلـوا أصبهـان‏.‏ وبعـث إليهـم قحطبـة جماعـة مـن القـواد عليهـم مقاتل بن حكيم الكعبي فنزلوا قم وسار قحطبة إلى نهاوند مدداً لولده الحسن الذي حاصرهم فبعث مقاتلاً بذلك قحطبة فسار حتى لحقه وزحفوا للقاء داود بن ضبارة وهم فـي مائـة ألـف وقحطبـة فـي عشرين ألفاً‏.‏ وحمل قحطبة وأصحابه فانهزم ابن ضبـارة وقتـل واحتـووا علـى مـا كـان فـي معسكرهم مما لا يعبر عنه من الأصناف وذلك في رجب‏.‏ وطيـر قحطبـة بالخبر إلى ابنه الحسن وسار إلى أصبهان فأقام بها عشرين ليلة وقدم على ابنه فحاصـروا نهاونـد ثلاثـة أشهـر إلـى آخـر شـوال ونصبـوا عليهـا المجانيـق وبعـث بالأمان إلى من كان في نهاوند من أهل خراسان فلم يقبلوا فبعث إلى أهل الشام فقالوا اشغل عنا أهل المدينة بالقتال نفتح لك المدينة من ناحيتنا ففعلوا وخرجوا إليه جميعاً فقتلوا أهل خراسان فيهم أبو كامـل وحاتـم بـن شريـح وابـن نصـر بـن سيـار وعاصـم بـن عميـر وعلـي بـن عقيـل وبيهـس‏.‏ وكـان قحطبـة لما جاء إلى نهاوند بعث ابنه الحسن إلى جهات حلوان وعليها عبد الله بن العلاء الكندي فتركها وهـرب‏.‏ ثـم بعـث قحطبـة عبـد الملـك بـن يزيـد ومالـك بن طرا في أربعة آلاف إلى شهرزور وبها عثمان بن سفيان على مقدمته عبد الله بن محمد فقاتلوا عثمان آخر ذي الحجة فانهزم وقتل وملك أبو عوف بلاد الموصل‏.‏ وقيل إن عثمان هرب إلى عبد الله بن مروان وغنم أبو عون عسكـره وقتـل أصحابـه وبعث إليه قحطبة بالمدد‏.‏ وكان مروان بن محمد بحران فسار في أهل الشام والجزيرة والموصل ونزل الزاب الأكبر وأتوا شهرزور إلى المحرم سنة اثنتين وثلاثين‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:17

حرب السفاح ابن هبيرة مع قحطبة ومقتلهما
وفتح الكوفة ولما قدم على يزيد بن هبيرة ابنه داود منهزماً من حلوان خرج يزيد للقاء قحطبة في مدد لا يحصى وكان مروان أمده بحوثرة بن سهيل الباهلي فسار معه حتى نزل حلوان واحتفر الخندق الذي كانت فارس احتفرته أيام الواقعة‏.‏ وأقام وأقبل قحطبة إلى حلوان ثم عبر دجلة إلى الأنبـار فرجـع ابـن هبيـرة مبـادراً إلـى الكوفـة‏.‏ وقـدم إليهـا حوثـرة فـي خمسـة عشـرة ألفاً وعبر قحطبة الفـرات مـن الأنبـار لثمـان مـن المحـرم سنـة اثنتين وثلاثين وابن هبيرة معسكر على فم الفرات وعلى ثلاثة وعشرين فرسخاً من الكوفة ومعه حوثرة وفل ابن ضبارة‏.‏ وأشار عليه أصحابه أن يدع الكوفة ويقصد هو خراسان فيتبعه قحطبة فأبى إلا البدار إلى الكوفة وعبر إليها دجلة من المدائن وعلى مقدمته حوثرة والفريقان يسيران على جانب الفرات‏.‏ وقال قحطبة لأصحابه إن الإمام أخبرني بأن وقعة تكون بهذا المكان والنصر لنا ثم دلوه على مخاضة فعبر منها وقاتل حوثرة وابن نباتة فانهزم أهل الشام وقعد قحطبة وشهد مقاتل العللي بـأن قحطبـة عهـد لابنـه الحسـن بعده فبايع جميع الناس لأخيه الحسن وكان في سرية فبعثوا عنه وولـوه‏.‏ ووجـد قحطبـة فـي جـدول هـو وحـرب بن كم بن أحوز وقيل‏:‏ إن قحطبة لما عبر الفرات وقاتـل ضربـه معـن بن زائدة فسقط وأوصى إذا مات أن يلقى في الماء‏.‏ ثم انهزم ابن نباتة وأهل الشام ومات قحطبة وأوصى بأمر الشيعة إلى أبي مسلمة الخلال بالكوفة وزير آل محمد‏.‏ ولما انهـزم ابـن نباتـة وحوثـرة لحقـوا بابـن هبيـرة فانهـزم إلـى واسـط واستولـى الحسـن بـن قحطبـة علـى مـا في معسكرهم‏.‏ وبلغ الخبر إلى الكوفة فثار بها محمد بن خالد القسري بدعوة الشيعة خرج ليلة عاشوراء وعلـى الكوفة زياد بن صالح الحارثي وعلى شرطته عبد الرحمن بن بشير العجلي وسار إلى فهرب زياد ومن معه من أهل الشام ودخل القصر ورجع إليه حوثرة وعن محمد عامة من معه ولـزم القصـر‏.‏ ثـم جـاء قـوم مـن بجيلـة مـن أصحـاب حوثـرة فدخلـوا في الدعوة‏.‏ ثم آخرون من كنانة ثـم آخـرون مـن بحـدل فارتحـل حوثـرة نحـوه وكتـب محمـد إلـى قحطبـة وهـو لـم يعلـم بهلاكـه فقرأه الحسن على الناس‏.‏ وارتحل نحو الكوفة فصبحها الرابعة من مسيره وقيل إن الحسن بن قحطبة سار إلـى الكوفـة بعـد قتـل ابـن هبيـرة وعليهـا عبـد الرحمـن بـن بشيـر العجلـي فهـرب عنها وسبق محمد بن خالـد وخرج في أحد عشر رجلاً فلقي الحسن ودخل معه وأتوا إلى أبي مسلمة فاستخرجوه من بني مسلمة وعسكر بالنخيلة ثم نزل حمام أعين‏.‏ وبعـث الحسـن بن قحطبة إلى واسط لقتال ابن هبيرة وبايع الناس أبا مسلمة حفص بن سليمان الخلال وزير آل محمد واستعمل محمد بن خالد القسري على الكوفة وكان يسمى الأمير حتى ظهـر أبـو العبـاس السفـاح وبعـث حميـد بـن قحطبة إلى المدائن في قواد والمسيب بن هبيرة وخالد بن مرمل إلى ديـر فنـاء وشراحيـل إلـى عيـر وبسـام بـن إبراهيـم بـن بسـام إلـى الأهـواز وبهـا عبـد الرحمـن بـن عمـر بن هبيرة فقاتله بسام وانهزم إلى البصرة وعليها مسلم بن قتيبة الباهلي عاملاً لأخيه‏.‏ وبعـث بسـام في أثره سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب والياً على البصرة فجمع سالم قيساً ومضـر وبنـي أميـة‏.‏ وجـاء قائـد مـن قـواد ابـن هبيـرة فـي ألفـي رجـل وجمـع سفيان اليمانية وحلفاءهم مـن ربيعـة واقتتلوا في صفر‏.‏ وقتل ابن سفيان واسمه معاوية فانهزم لذلك‏.‏ ثم جاء إلى سالم أربعـة آلـاف مـدداً من عند مروان فقاتل الأزد واستباحهم ولم يزل بالبصرة حتى قتل ابن هبيرة فهـرب عنهـا‏.‏ واجتمـع ولـد الحـارث بـن عبـد المطلـب إلـى محمد بن جعفر فولوه أياماً حتى قدم أبو مالـك عبـد اللـه بـن أسيـد الخزاعـي مـن قبـل أبـي مسلـم‏.‏ فلمـا بويـع أبو العباس السفاح ولاها سفيان بن معاوية‏.‏ قد كنا قدمنا خبر الدعاة وقبض مروان على إبراهيم بن محمد وأنه حبسه بحران وكان نعى نفسـه إلـى أهـل بيتـه وأمرهـم باللحـاق بالكوفـة وأوصـى علـى أخيـه أبـي العبـاس عبـد اللـه بـن الحرثيـة‏.‏ فسـار أبـو العبـاس ومعـه أهـل بيته ومن أخوته أبو جعفر المنصور وعبد الوهاب ومحمد ابن أخيه إبراهيـم وعيسـى ابـن أخيه موسى ومن أعمامه داود وعيسى صالح وإسماعيل وعبد الله وعبد الصمد وبنو علي بن عبد الله بن عباس وموسى ابن عمه داود ويحيى بن جعفر بن تمام بن العبـاس‏.‏ فقدمـوا الكوفـة فـي صفـر وأبـو سلمـة والشيعـة على حمام أعين بظاهر الكوفة وأنزلهم أبو سلمـة دار الوليـد بـن سعد مولى بني هاشم في بني أود وكتم أمرهم عن جميع القواد والشيعة أربعيـن ليلـة وأراد فيمـا زعمـوا أن يحـول الأمـر إلـى أبي طالب‏.‏ وسأله أبو الجهم من الشيعة وغيره فيقول‏:‏ لا تعجلوا ليس هذا وقته‏.‏ ولقـي أبـو حميـد محمـد بـن إبراهيم ذات يوم خادم إبراهيم الإمام وهو سابق الخورزمي فسأله عن الإمـام فقـال‏:‏ قتـل إبراهيـم وأوصـى إلـى أخيـه أبـي العبـاس وهـا هو بالكوفة ومعه أهل بيته‏.‏ فسأله فـي اللقـاء فقـال‏:‏ حتـى استـأذن‏:‏ وواعـده مـن الغـد فـي ذلـك المكان وجاء أبو حميد إلى أبي الجهم فأخبـره وكـان فـي عسكـر أبـي سلمة فقال له تلطف في لقائهم‏.‏ فجاء إلى موعد سابق ومضى معـه ودخـل عليهم فسأل عن الخليفة فقال داود بن علي‏:‏ هذا إمامكم وخليفتكم يشير إلى أبي العباس‏.‏ فسلم عليه بالخلافة وعزاه بإبراهيم الإمام ورجع ومعه خادم من خدمهم إلى أبي الجهـم فأخبره عن منزنهم وأن أبا العباس أرسل إلى أبي سلمة أن يبعث إليه كراء الرواحل التي جـاؤوا إليهـا فلم يبعث إليهم شيئاً‏.‏ فمشى أبو الجهم وأبو الحميد والخادم إلى موسى بن كعب وأخبروه بالأمر وبعثوا إلى الإمام مائتي دينار مع خادمه‏.‏ واتفق رأي القواد على لقاء الإمام فنهض موسى بن كعب وأبو الجهم عبد الحميد بن ربعي وسلمـة بـن محمـد وعبـد اللـه الطائـي وإسحـق بـن إبراهيـم وشراحيـل وأبو حميد وعبد الله بن بسام ومحمـد بـن إبراهيـم ومحمـد بـن حصيـن وسليمـان بـن الأسـود فدخلـوا على أبي العباس فسلموا عليه بالخلافة وعزوه في إبراهيم‏.‏ ورجع موسى بن كعب وأبو الجهم وخلفوا الباقين عند الإمام وأوصوهم إن جاء أبو سلمة لا يدخلن إلا وحده‏.‏ وبلغه الخبر فجاء ودخل وحده كما حددوا له وسلم على أبي العباس بالخلافة وأمره بالعود إلى معسكره وأصبح الناس يوم الجمعة لاثنتي عشـرة خلـت مـن ربيـع الـأول فلبسـوا الصفاح واصطفوا للخروج إلى أبي العباس وأتوه بالدواب وله ولمن معه من أهل بيته وأركبوهم إلى دار الإمارة‏.‏ ثم رجع إلى المسجد فخطب وصلى بالناس وبايعوه ثم صعد المنبر ثانيـة فقـام فـي أعلـاه وصعـد عمـه داود فقـام دونـه وخطـب خطبته البليغة المشهورة وذكر حقهم في الأمر وميراثهم له‏.‏ وزاد النـاس فـي أعطياتهـم وكـان موعوكـاً فاشتـد عليـه الوعك فحبس على المنبر‏.‏ وقام عمه داود على أعلى المراقي فخطب مثله وذم سيرة بني أمية وعاهد الناس على إقامة الكتاب والسنة وسيرة النبي ثم اعتذر عن عود السفاح بعد الصلاة على المنبر وأنـه أراد أن لا يخلـط كلـام الجمعة بغيرها وإنما قطعه عن إتمام الكلام شدة الوعك فادعوا الله له بالعافية‏.‏ ثم بالـغ ذم مروان وشكر شيعتهم من أهل خراسان وأن الكوفة منزلهم لا يتخلون عنهـا وأنـه مـا صعـد هـذا المنبـر خليفـة بعـد رسـول اللـه صلـى اللـه عليـه وسلـم إلا علـي بـن أبـي طالـب أميـر المؤمنيـن وأمير المؤمنيـن عبـد اللـه بـن محمـد وأشـار إلـى السفـاح‏.‏ وأن هـذا الأمـر فينـا ليـس بخارج عنا حتى نسلمه لعيسى بن مريم‏.‏ ثم نزل أبو العباس وداود أمامه حتى دخل القصر وأجلس أخاه أبا جعفر في المسجد يأخذ البيعـة علـى النـاس حتـى جـن الليـل وخـرج أبـو العبـاس إلـى عسكـر أبـي سلمة ونزل معه في حجرته بينهما ستر‏.‏ وحاجب السفاح يومئذ عبد الله بن بسام‏.‏ واستخلف على الكوفة عمه داود وبعث عمه عبد الله إلى أبي عون بن يزيد بشهرزور وبعث ابن أخيه موسى إلى الحسن بن قحطبـة وهـو يحاصر ابن هبيرة بواسط وبعث يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس إلى أحمد بن قحطبـة بالمدائـن‏.‏ وبعث أبا اليقظان عثمان بن عروة بن محمد بن عمار بن ياسر إلى بسام بن إبراهيـم بـن بسـام بالأهواز وبعث سلمة بن عمر بن عثمان بن مالك بن الطواف‏.‏ وأقام السفاح بالعسكر شهراً ثم ارتحل فنزل قصر الإمارة من المدينة الهاشمية وقد قيل إن داود بن علي وابنه موسى لم يكونا بالشام عند مسير بني العباس إلى الكوفة وإنهما لقياهم بدومة الجندل فعرفـا خبرهـم‏.‏ وقـال لهـم داود‏:‏ كيـف تأتـون الكوفـة‏.‏ ومروان بن محمد في حران في أهل الشام والجزيـرة فطـل علـى العـراق ويزيد بن هبيرة بالعراق‏.‏ فقال يا عم‏:‏ من أحب الحياة ذل فرجع داود وابنه معه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:20

مقتل إبراهيم ابن الإمام
قد تقدم لنا أن مروان حبسه بحران وحبس سعيد بن هشام بن عبد الملك وابنيه عثمان ومـروان والعبـاس بـن الوليـد بن عبد الملك وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز وأبا محمد السفياني فهلـك منهـم فـي السجـن مـن وبـاء وقـع بحـران العبـاس بـن الوليـد وإبراهيـم بـن الإمـام وعبـد اللـه بـن عمر وخـرج سعيـد بـن هشـام ومـن معـه مـن المحبوسيـن بعد أن قتلوا صاحب السجن فقتلهم الغوغاء من أهل حران‏.‏ وكان فيمن قتلوه شراحيل بن مسلمة بن عبد الملك وعبد الملك بن بشر الثعلبي وبطريـق أرمينيـة واسمـه كوشـان‏.‏ وتخلـف أبـو محمـد السفياني في الحبس لم يستحل الخروج منه‏.‏ ولمـا قدم مروان منهزماً من الزاب حل عنه فيمن بقي وقيل إن شراحيل بن مسلمة كان محبوساً مـع إبراهيـم وكانـا يتـزاوران ويتهاديـان فـدس فـي بعـض الأيـام إلـى إبراهيـم ابـن الإمـام بلبن مسموم على لسان شراحيل فاستطلق بطنه‏.‏ وقيل إن شراحيل قال‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون احتيل والله عليه وأصبح ميتاً من ليلته‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:21

هزيمة مروان بالزاب ومقتله بمصر
قد ذكرنا أن قحطبة أرسل أبا عون عبد الملك بن يزيد الأزدي إلى شهرزور فقتل عثمان بن سفيان وأقام بناحية الموصل وأن مروان بن محمد سار إليه من حران في مائة وعشرين ألفاً وسـار أبـو عـون إلـى الـزاب ووجـه أبـو سلمـة عيينـة بـن موسـى والمنهال بن قبان وإسحق بن طلحة كـل واحـد فـي ثلاثـة آلـاف مـدداً لـه‏.‏ فلمـا بويـع أبـو العبـاس وبعـث مسلمة بن محمد في ألفين وعبد الله الطائي في ألف وخمسمائة وعبد الحميد بن ربعي الطائي في ألفين ودراس بن فضلة في خمسمائـة كلهـم مـدداً لأبـي عـون‏.‏ ثـم نـدب أهـل بيتـه إلـى المسيـر إلـى أبـي عـون فانتـدب عبـد اللـه بن علـي فسـار وقـدم علـى أبـي عـون فتحـول لـه عـن سرادقـه بمـا فيـه‏.‏ ثـم أمـر عيينـة بـن موسـى بخمسة آلاف تعبر النهـر مـن الـزاب أول جمـادى الأخيـر سنـة اثنتيـن وثلاثيـن وقاتـل عساكـر مـروان إلـى المسـاء‏.‏ ورجـع ففقـد مـروان الجسـر مـن الغـد وقدم ابنه عبد الله وعبر فبعث عبد الله بن علي المخارق بن غفار في أربعة نحو عبد الله بن مروان فسرح ابن مروان الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم فانهزم أصحاب المخارق وأسر هو وجيء به إلى مروان مع رؤوس القتلى‏.‏ فقال‏:‏ أنت المخـارق‏.‏ قـال‏:‏ لا فتعرفـه فـي هـذه الـرؤوس قـال‏:‏ نعـم قـال‏:‏ هـو ذا فخلـى سبيلـه‏.‏ وقيـل بـل أنكـر أن يكون في الرؤوس فخلى سبيله‏.‏ وعاجلهم عبد الله بن علي بالحرب قبل أن يفشوا الخبر وعلى ميمنته أبو عون وعلى ميسرته الوليـد بـن معاويـة‏.‏ وكـان عسكـره نحواً من عشرين ألفاً وقيل اثني عشر‏.‏ وأرسل مروان إليه في الموادعة فأبى وحمل الوليد بن معاوية بن مروان وهو صهر مروان على ابنته فقاتل أبا عون حتى انهزم إلى عبد الله بن علي فأمر الناس فارتحلوا‏.‏ ومشى قدماً ينادي يا لثارات إبراهيم وبالأشعار يا محمـد يـا منصـور‏.‏ وأمـر مـروان القبائـل بـأن يحملـوا فتخاذلـوا واعتـذروا حتـى صاحـب شرطتـه‏.‏ ثـم ظهـر لـه الخلـل فأبـاح الأمـوال للناس على أن يقاتلوا فأخذوها من غير قتال‏.‏ فبعث ابنه عبد الله يصدهم عن ذلك فتبادروا بالفرار وانهزموا وقطع مروان الجسر وكان من غرق أكثر ممن قتل‏.‏ وغرق إبراهيم بن الوليد المخلوع وقيل بل قتله عبد الله بن علي بالشام وممن قتل يحيى بن علي بن هشام وكان ذلك في جمادى الأخيرة سنة اثنتين وثلاثين‏.‏ وأقام عبد الله في عسكره سبعة أيام واجتاز عسكر مروان بما فيه‏.‏ وكتب بالفتح إلى أبي العبـاس السفـاح وسـار مـروان منهزمـاً إلـى مدينـة الموصل وعليها هشام بن عمر الثعلبى وابن خزيمة الأسدي فقطعا الجسـر ومنعـاه العبـور إليهـم وقيـل هـذا أميـر المؤمنيـن فتجاهلـوا وقالـوا أميـر المؤمنيـن لا يفـر‏.‏ ثـم أسمعـوه الشتـم والقبائـح فسـار إلـى حران وبها أبان ابن أخيه وسار إلى حمص وجاء عبد الله إلى حران فلقيه أبو مسعود فأمنه ولقي الجزيرة ولما بلغ مروان حمص أقام بها ثلاثـاً وارتحـل فاتبعـه أهلهـا لينهبوه فقاتلهم وهزمهم وأثخن فيهم‏.‏ وسار إلى دمشق وعليها الوليد بن عمه فأوصاه بقتال عدوه‏.‏ وسـار إلـى فلسطين فنزل نهر أبي فطرس وقد غلب على فلسطين الحكم بن ضبعان الجذامي فأرسـل إلـى عبـد اللـه بـن يزيـد بـن روح بـن زنبـاع الجذامـي فأجـاره‏.‏ ثـم سـار عبـد اللـه بـن علي في أثـره مـن حـران بعـد أن هـدم الـدار التـي حبـس فيهـا أخـوه الإمام إبراهيم‏.‏ وانتهى إلى قنج فأطاعه أهلهـا وقـدم عليـه أخـوه عبـد الصمـد بعثـه السفاح مدداً في ثمانية آلاف وافترق قواد الشيعة على أبواب دمشق فحاصروها أياماً‏.‏ ثم دخلوهما عنوةً لخمس من رمضان واقتتلوا بها كثيراً وقتل عاملها الوليد بن معاوية‏.‏ وأقام عبد الله بدمشق خمـس عشـرة ليلـة وارتحـل يريـد فلسطيـن فأجفل مروان إلى العريش‏.‏ وجـاء عبـد اللـه فنـزل نهـر أبي فطرس ووصله هناك كتاب السفاح بأن يبعث صالح بن علي في طلب مروان فسار صالح في ذي القعدة وعلى مقدمته أبو عون وعامر بن إسماعيل الحارثي فأجفل مروان إلى النيل ثم إلى الصعيد ونزل صالح الفسطاط وتقدمت عساكره فلقوا خيلاً لمروان فهزموهم وأسروا منهم ودلوهم على مكانه ببوصير‏.‏ فسار إليه أبو عون وبيته هنالك خوفـاً مـن أن يفضحه الصبح فانهزم مروان وطعن فسقط في آخر ذي الحجة الحرام وقطع رأسه وبعـث بـه طليعـة أبـي عون إليه‏.‏ فبعثه إلى السفاح وهرب عبد الله وعبيد الله ابنا مروان إلى الحبشة وقاتلوهم فقتل عبيد الله ونجا عبد الله وبقي إلى أيام المهدي‏.‏ فأخذه عامل فلسطين وسجنـه المهـدي‏.‏ وكـان طليعـة أبـي عـون عامـر بـن إسماعيـل الحارثـي فوجـد نسـاء مـروان وبناته في كنيسة بوصير قد وكل بهن خادماً يقتلهن بعده فبعث بهن صالح‏.‏ ولما دخلن عليه سألنه في الإبقـاء فلامهـن علـى قتالهـم عنـد بنـي أميـة‏.‏ ثـم عفـا عنهـن وحملهـن إلى حران يبكين‏.‏ وكان مروان يلقـب بالحمـار لحرنـه فـي مواطـن الحرب‏.‏ وكان أعداؤه يلقبونه الجعدي نسبة إلى الجعد بن درهم كان يقول بخلق القرآن ويتزندق‏.‏ وأمر هشام خالداً القسري بقتله فقتله‏.‏ ثم تتبعوا بني أمية بالقتل‏.‏ ودخل أسديف يوماً على السفاح وعنده سليمان بن هشام وقد أمنه والده فقال‏:‏ لايغرنك ماترى من رجال أن بين الضلوع داءً دويا فأمـر السفـاح بسليمـان فقتـل‏.‏ ودخـل شبـل بـن عبـد الله مولى بني هاشم على عبد الله بن علي وعنده ثمانون أو تسعون من بني أمية يأكلون على مائدته فقال‏:‏ أصبح الملك في ثبات الأسـاس بالبهاليل من بنـي العبـاس طلبـوا أمـر هاشـم فنعونـا بعد ميل من الزمان وباس لاتقيلن عبد شمس عثاراً فاقطعن كل رقلة وغراس فلنا أظهر التودد منها وبها منكم كحز المواسي فلقد غاضني وغـاض سوائـي قربهم من نمارق وكراسي أنزلوها بحيـث أنزلهـا اللـه بـدار الهـون والإتعـاس واذكروا مصرع الحسين وزيـداً وقتيلاً بجانب المهـراس والقتيـل الـذي بحـران أضحى ثاوياً رهن غربة ونعاس‏.‏ فأمر بهم عبد الله فشدخوا بالعمد وبسط من فوقهم الأنطاع فأكل الطعام عليها وأنينهم يسمع حتى ماتوا وذلك بنهر أبي فطرس‏.‏ وكان فيمن قتل محمد بن عبد الملك بن مروان والمعز بن يزيد وعبد الواحد بن سليمان وسعيد بن عبد الملك وأبو عبيدة بن الوليد بن عبد الملك‏.‏ وقيل‏:‏ إن إبراهيم المخلوع قتل معهم وقيل إن أسديفاً هو الذي أنشد هذا الشعر للسفاح وأنه الـذي قتلهـم‏.‏ ثـم قتـل سليمـان بـن علـي بـن عبـد اللـه بن العباس بالبصرة جماعة من بني أمية فأمر بأشلائهـم فـي الطـرق فأكلتهـم الكلـاب‏.‏ وقيـل‏:‏ إن عبـد اللـه بـن علـي أمـر بنبـش قبـور الخلفـاء مـن بنـي أميـة فلـم يجـدروا فـي القبـور إلا شبـه الرمـاد وخيطـاً فـي قبـر معاويـة وجمجمة في قبر عبد الملك‏.‏ وربما وجد فيها بعد الأعضاء إلا هشام بن عبد الملك فإنه وجد كما هو لم يبل فضربـه بالسـوط ثـم صلبـه وحرقـه وذراه فـي الريـح واللـه أعلـم بصحـة ذلـك‏.‏ ثـم تتبعوا بني أمية بالقتل فلم يفلـت منهـم إلا الرضعـاء أو مـن هرب إلى الأندلس مثل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام وغيرهم ممن تبعه من قرابته كما يذكر في أخبارهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:21

بقية الصوائف في الدولة الأموية
قـد انتهينـا بالصوائـف إلـى آخـر أيـام عمـر بن عبد العزيز وفي اثنتين ومائة أيام اليزيد غزا عمر بن هبيرة الروم من ناحية أرمينية وهو على الجزيرة قبل أن يلي العراق فهزمهم وأسر منهم خلقًا وقتـل منهـم سبعمائة أسير‏.‏ وغزا العباس بن الوليد الروم أيضاً ففتحها لسنة ثم غزا سنة ثلاث بعدها فافتتح مدينة رسلة‏.‏ ثم غزا الجراح الحكمي أيام هشام سنة خمس فبلغ وراء بلنجر وغنـم وغـزا فـي هـذه السنـة سعيـد بـن عبـد الملـك أرض الـروم وبعث ألف مقاتل في سرية فهلكوا جميعـاً‏.‏ وغـزا فيهـا مـروان بـن محمد بالصائفة اليمنى ففتح مدينةً قريبةً من أرض الزوكخ‏.‏ ثم غزا سعيد بن عبد الملك بالصائفة أيام هشام سنة ست‏.‏ ثم غزا مسلمة بن عبد الملك الروم من الجزيرة وهو وال عليها ففتح قيسارية‏.‏ وغزا إبراهيم بن هشام ففتح حصناً‏.‏ وغزا معاوية بن هشام في البحر قبرس وغزا سنة تسع ففتح حصناً آخر يقال له طبسة‏.‏ وغزا سنة عشر بالصائفة عبد الله بن عقبة الفهري وكان على جيش البحر عبد الرحمن بن معاوية بن خديج‏.‏ وغزا بالصائفة اليسرى سنة إحدى عشرة معاوية بن هشام وبالصائفة اليمنى سعيد بن هشام وفي البحر عبد الله بـن أبـي مريـم‏.‏ وافتتـح معاويـة فـي صائفـة ثلاثـة عشـرة سنـة خرشفـة‏.‏ وغـزا سنـة ثلاث عشرة عبد الله البطال فانهزم فثبت عبد الوهاب من أصحابه فقتل‏.‏ ودخل معاوية بن هشـام أرض الـروم مـن ناحيـة مرعـش‏.‏ ثـم غـزا سنـة أربـع عشرة بالصائفة اليسرى وأصحاب ربض أفرق‏.‏ والتقى عبد الله البطال مع قسطنطين فهزمه البطال وأسره‏.‏ وغزا سليمان بن هشام بالصائفة اليسرى فبلغ قيسارية‏.‏ وهزم مسلمة بن عبد الملك خاقان وباب الباب‏.‏ وغزا معاوية بن هشام بالصائفة سنة خمس عشرة‏.‏ وغزا سفيان بن هشام بالصائفة اليسرى سنة سبع عشرة وسليمان بن هشام بالصائفة اليمنى من ناحية الجزيرة وفرق السرايا في أرض الروم وبعث فيها مروان بن محمد من أرمينية فافتتحوا من أرض اللان أهلها أخذها قومانساه صلحـاً‏.‏ وغزا معاوية وسليمان أيضاً أرض الروم سنة ثماني عشرة‏.‏ وغزا فيها مروان بن محمد من أرمينية ودخل أرض وارقيس فهرب وارقيس إلى الحرور ونازل حصنه فحاصره‏.‏ وقتل وارقيس بعض من اجتاز به وبعث برأسه إلى مروان ونزل أهل الحصن على حكمه فقتل وسبـى‏.‏ وغـزا سنـة تسـع عشـرة مـروان بـن محمـد من أرمينية ومر ببلاد اللان إلى بلاد الخزر على بلنجر وسمندر وانتهى إلى خاقان فهرب خاقان منه‏.‏ وغزا سليمان بن هشام سنة عشرين بالصائفـة فافتتـح سنـدرة وغـزا إسحـق بـن مسلـم العقيلـي قومانسـاه وافتتـح قلاعه وخرب أرضـه‏.‏ وغـزا مـروان مـن أرمينيـة سنة إحدى وعشرين وأفنى قلعة بيت السرير فقتل وسبى ثم قلعة أخرى كذلك ودخل عزسك وهو حصن الملك فهرب منه الملك ودخل حصناً له يسمى جرج فيه سرير الذهب فنازله مروان حتى صالحه على ألف فارس كل سنة ومائـة ألـف مدني‏.‏ ثم دخل أرض أرزق ونصران فصالحه ملكها ثم أرض نومان كذلك ثم أرض حمديـن فأخرب بلاده وحصر حصناً له شهراً حتى صالحه ثم أرض مسداد ففتحها على صلح‏.‏ ثم نزل كيلان فصالحه أهل طبرستان وكيلان‏.‏ وكل هذه الولايات على شاطىء البحر من أرمينية إلى طبرستـان‏.‏ وغـزا مسلمـة بـن هشـام الـروم فـي هـذه السنـة فافتتـح بهـا مطاميـر‏.‏ وفـي سنـة اثنتيـن وعشريـن بعدهـا قتـل البطـال واسمـه عبـد اللـه بن الحسين الأنطاكي وكان كثير الغزو في بلاد الروم والإغـارة عليهـم‏.‏ وقدمـه مسلمـة على عشرة آلاف فارس فكان يغزو بلاد الروم إلى أن قتل هذه السنـة‏.‏ وفـي سنـة أربعـة وعشريـن غـزا سليمـان بـن هشـام بالصائفـة علـى عهـد أبيـه فلقـي اليـون ملك الروم فهزمه وغنم وفي سنة خمسة وعشرين خرجت الروم إلى حصن زنطره وكان افتتحه حبيـب بن مسلمة الفهري وخزينة الروم وبنى بناء غير محكم فأخربوه ثانية أيام مروان‏.‏ ثم بناه الرشيد وطرقه الروم أيام المأمون فشعبوه فأمر ببنائه وتحصينه‏.‏ ثم طرقوه أيام المعتصم وخبره معروف‏.‏ وفي هذه السنة غزا الوليد بن يزيد بالصائفة أخاه العمر وبعث الأسـود بـن بلـال المحاربـي بالجيـش فـي البحر إلى قبرس ليجير أهلها بين الشام والروم فافترقوا فريقين‏.‏ وغزا أيام مروان سنة ثلاثين بالصائفة الوليد بن هشام ونزل العمق وبنى حصن مرعش‏.‏ عمال بني أمية على النواحي استعمل معاوية أول خلافته سنة أربعين عبد الله بن عمرو بن العاصي على الكوفة ثم عزله واستعمـل المغيـرة بـن شعبـة على الصلاة واستعمل على الخراج وكان على النقباء بها شريح وكان حمـران بـن أبـان قد وثب على البصرة عندما صالح الحسن معاوية فبعث معاوية بشر بن أرطاة علـى البصـرة وأمـده فقتـل أولـاد زيـاد ابـن أبيـه وكـان عاملاً على فارس لعلي بن أبي طالب‏.‏ فقدم البصرة وقد ذكرنا خبـره مـع بنـي زيـاد فيمـا قيـل‏.‏ ثـم ولـى علـى البصـرة عبـد اللـه


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:22

بـن عامـر بـن كريـز بـن حبيـب بن عبد شمس وضم إليه خراسان وسجستان فجعل على شرطته حبيب بن شهاب وعلـى القضـاء عميـرة بـن تبـرى وقـد تقـدم لنـا أخبـار قيس في خراسان‏.‏ وكان عمرو بن العاصي علـي كمـا تقـدم فولـى سنـة إحـدى وأربعيـن مـن قبلـه علـى أفريقيـة عقبـة بـن نافع بن عبد قيس وهو ابـن خالتـه فانتهـى إلـى لواتـة ومزاتـة فأطاعـوه ثـم كفـروا فغزاهـم وقتـل وسبـى‏.‏ ثم افتتح سنة اثنتين وأربعيـن بعدهـا غذامـس وقتـل وسبـى وافتتـح سنـة ثلاثة وأربعين بعدها بلدودان‏.‏ وولى معاوية بالمدينة سنة اثنتين وأربعين مروان بن الحكم فاستقضى عبد الله بن الحارث بن نوفل‏.‏ وولـى معاويـة على مكة في هذه السنة خالد بن العاصي بن هشام وكان على أرمينية حبيب بن مسلمة الفهـري وولـاه عليهـا معاويـة ومـات سنـة اثنتيـن وأربعيـن فولـى مكانـه واستعمـل ابـن عامـر فـي هذه السنة على ثغر الهند عبد الله بن سوار العبدي ويقال ولاه معاوية‏.‏ وعزل ابن عامر في هـذه السنـة قيـس بن الهيثم عن خراسان وولى مكانه الحارث بن عبد الله بن حازم‏.‏ ثم عزل معاويـة عبـد اللـه بـن عامـر عـن البصـرة سنـة أربع أربعين وولى مكانه الحارث بن عبد الله الأزدي ثـم عزلـه لأربعـة أشهـر وولـى أخـاه زيـاداً سنـة خمـس وأربعيـن‏.‏ فولـى علـى خراسـان الحكم بن عمر الغفـاري وجعـل معـه علـى الخـراج أسلـم بن زرعة الكلابي‏.‏ ثم مات الحكم فولى خليد بن عبد ثـم ولـى علـى خراسان سنة ثمان بعدها غالب بن فضالة الليثي وتولى عمرو بن العاصي سنة تسـع وأربعيـن فولـى مكانـه سعيد بن العاصي فعزل عبد الله بن الحارث عن القضاء واستقضى أبـا سلمـة بـن عبـد الرحمـن‏.‏ وفـي سنـة خمسيـن توفـي المغيـرة بـن شعبـة فضـم الكوفـة إلى أخيه زياد فجـاء إليهـا واستخلـف على البصرة سمرة بن جندب وكان يقسم السنة بين المصرين في الإقامة نصفـاً بنصف‏.‏ وفي سنة خمسين هذه اقتطع معاوية أفريقية عن معاوية بن خديج بمصر وولى عقبة بن نافع الفهري وكان مقيماً ببرقة وزويلة من وقت فتحها أيام عمرو بن العاصي فأمده بعشرة آلاف فسار إليها‏.‏ وانضاف إليه من أسلم من البربر ودوخ البلاد وبنى بالقيروان وأنزل عساكر المسلمين ثم استعمل معاوية على مصر وأفريقية مولاه أبا المهاجر فأساء عزل عقبة‏.‏ وجاء عقبة إلى الشام فاعتذر إليه معاولة ووعده بعمله ومات معاوية فولاه يزيد سنة اثنتين وستين‏.‏ وذكـر الواقـدي أن عقبـة ولـي سنـة اثنتيـن وستيـن واستعمـل أبـا المهاجـر فولي الأمصار فحبس عقبة وضيـق عليـه وأمـره يزيـد بإطلاقـه فوفد عقبة فأعاده إلى عمله‏.‏ فحبس أبا المهاجر وخرج غازياً وأثخن حتى قتله كسيلة كما يأتي فـي أخبـاره‏.‏ وفـي سنـة إحـدى وخمسيـن ولـى زيـاد علـى خراسـان الربيـع بـن زياد الحارث مكان خليد بن عبد الله الحنفي‏.‏ وفي سنة ثلاث وخمسين توفي زياد واستخلـف علـى البصرة سمرة بن جندب وعلى الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد‏.‏ ثم ولى الضحاك بن قيس سنة خمس بعدها‏.‏ وفي هذه السنة مات الربيع بن زياد عامل خراسان قبل موت زياد واستخلفه ابنه عبد الله ومات لشهرين‏.‏ واستخلف خليد بن يربوع الحنفي وكـان علـى صفابيـروز الديلمـي مـن قبـل معاويـة فمـات سنة ثلاث وخمسين‏.‏ وفي سنة أربع وخمسين عزل معاوية عن المدينة سعيد بن العاص ورد إليها مروان بن الحكم ثم عزله سنة سبعة وولى مكانه الوليد بن عقبة بن أبي سفيـان‏.‏ وعزل سنة تسعة وخمسين عن البصرة ابن جندب وولى مكانه عبد الله بن عمر بن غيلان وولى على خراسان عبيد الله بن زياد ثم ولاه سنة خمس بعدها على البصرة مكان غيلـان‏.‏ ثـم ولـى علـى خراسـان سنـة ستـة وخمسيـن سعيـد بـن عثمـان بـن عفان‏.‏ وفي سنة ثمانية وخمسين عزل معاوية عن الكوفة الضحاك بن قيس واستعمل مكانه ابن أم الحكم وهي أخته وهو عبد الرحمن بن عثمان الثقفي وطرده أهل الكوفة فولاه مصر‏.‏ فرده معاوية بن خديج وولـى مكانـه على الكوفة سنة تسعة وخمسين النعمان بن بشير وولى فيها على خراسان عبد الرحمن بن زياد‏.‏ فقدم إليها قيس بن الهيثم السلمي فحبس أسلم بن زرعة فأغرمه ثلاثمائة ألف درهم‏.‏ ثم مات معاوية سنة ستين وولاته على النواحي من ذكرناه وعلى سجستان عباد بن زياد وعلى كرمان شريك بن الأعور‏.‏ وعزل يزيد لأول ولايته الوليد بن عقبة عن المدينة والحجاز وولاهـا عمـر بـن سعيـد الأشدق‏.‏ ثم عزله سنة إحدى وستين ورد الوليد بن عقبة وولى على خراسان سالم بن زياد فبعث سالم إليها الحارث بن معاوية الحارثي وبعث أخاه يزيد إلى سجستان وكان بها أخوهما عباد فخرج عنهما‏.‏ وقاتل يزيد أهل كابل فهزموه فبعث مسلم علـى سجستـان طلحـة الطلحـات وهو طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي فبقي سنة وبعث سنة اثنتين وستيـن عقبـة بـن نافـع إلـى أفريقيـة فحبـس أبـا المهاجـر واستخلـف علـى القيـروان زهيـر بـن قيس البلوي كما نذكر في أخباره‏.‏ وتوفـي في هذه السنة مسلمة بن مخلد الأنصاري أمير مصر‏.‏ ثم هلك يزيد سنة أربع وستين واستخلـف علـى أهـل العـراق عبيـد اللـه بـن زيـاد‏.‏ وولـى أهـل البصـرة عليهـم عبـد اللـه بـن الحـارث


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:22

بـن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ويلقب ببه وهرب ابن زياد إلى الشام‏.‏ وجاء إلى الكوفة عامـر بـن مسعود من قبل ابن الزبير وبلغه خلاف أهل الري وعليهم الفرخان فبعث عليهم محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب فهزموه فبعث عتاب بن ورقاء فهزمهم‏.‏ ثـم بويـع مروان وسار إلى مصر فملكها من يد عبد الرحمن بن حجام القرشي داعية ابن الزبير وولـى عليهـا عمـر بـن سعيد‏.‏ ثم بعثه للقاء مصعب بن الزبير لما بعثه أخوه عبد الله إلى الشام وولـى علـى مصـر ابنـه عبـد العزيـز فلـم يـزل عليهـا واليـاً إلـى أن هلك لسنة خمسة وثمانين فولى عبد الملك عليها ابنه عبد الله بن عبد الملك‏.‏ وخلع أهل خراسان بعد يزيد سالم بن زياد واستخلف المهلب لن أبي صفرة ثم ولى مسلم عبـد اللـه بـن حـازم فاستبـد بخراسـان إلـى حيـن‏.‏ ثـم أخرج أهل الكوفة عمر بن حريث خليفة بن زيـاد وبايعـوا لابـن الزبيـر وقدم المختار بن أبي عبيد أميراً على الكوفة من قبله بعد ستة أشهر مـن مهلـك يزيد وامتنع شريح من القضاء أيام الفتنة واستعمل ابن الزبير على المدينة أخاه مصعباً سنـة خمـس وستيـن مكـان أخيـه عبـد اللـه وثار بنو تميم بخراسان على عبد الله بن حازم فغلبه عليها بكير بن وشاح‏.‏ وغلب المختار على بن مطيع عامل ابن الزبير بالكوفة سنة ست وستين‏.‏ ثـم مـات مـروان سنـة خمـس وستيـن وولي عبد الملك‏.‏ وولى ابن الزبير أخاه مصعباً على البصرة وولـى مكانـه بالمدينـة جابـر بـن الأسـود بـن عـوف الزهـري‏.‏ ثم ملك عبد العزيز العراق سنة إحدى وسبعين واستعمل على البصرة خالد بن عبد الله بن أسد على الكوفة أخاه بشر بن مروان وكـان علـى خراسـان عبـد اللـه بـن حـازم بدعـوة ابـن الزبيـر فقـام بكيـر بـن وشـاح التميمـي بدعـوة عبد الملـك وقتلـه وولـاه عبـد الملـك خراسـان‏.‏ وكـان علـى المدينـة طلحـة بـن عبـد اللـه بـن عـوف بدعـوة ابن الزبيـر بعـد جابـر بـن الأسـود فبعـث عبـد الملـك طـارق بـن عمر مولى عثمان فغلبه عليها‏.‏ ثم قتل ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين وانفرد عبد الملك بالخلافة وولى على الجزيرة وأرمينيـة أخـاه محمداً‏.‏ وعزل خالد بن عبد الله عن البصرة وضمها إلى أخيه بشر فسار إليها واستخلف علـى الكوفـة عمـرو بـن حريـث‏.‏ وولـى على الحجاز واليمن واليمامة الحجاج بن يوسف وبعثه من الكوفة لحرب ابن الزبير‏.‏ وعزل طارقاً عن المدينة وسار من جنده‏.‏ وفـي سنـة أربـع وسبعين استقضى أبا إدريس الخولاني وأمر بشر أخاه أن يبعث المهلب بن أبي صفرة لحرب الأزارقة‏.‏ وعزل عن خراسان بكير بن وشاح وولى مكانه أمية بن عبد الله بن خالـد بن أسيد فبعث أمية ابنه عبد الله على سجستان‏.‏ وكان على أفريقية زهير بن قيس البلـوي فقتلـه البربـر سنـة تسـع وستيـن‏.‏ وشغـل عبـد الملـك بفتنـة ابـن الزبير فلما فرغ منها بعث إلى أفريقية سنة أربع وسبعين حسان بن النعمان القيساني في عساكر لم ير مثلها فأثخن فيها وافترقت جموع الروم والبربر‏.‏ وقتل الكاهنة كما يذكر في أخبار أفريقية‏.‏ ثـم ولـى عبـد الملـك سنـة خمـس وسبعيـن الحجـاج بن يوسف على العراق فقط وولى على السند سعيـد بـن أسلـم بـن زرعـة وقتـل في حروبها وكان أمر الخوارج‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:23

وفي سنة ست وسبعين
ولى علـى المدينـة إبـان بـن عثمـان وكـان علـى قضـاء الكوفة شريح‏.‏ وعلى قضاء البصرة زرراة بن أبي أوفـى بعـد هشـام بـن هبيـرة وعلـى قضاء المدينة عبد الله بن قشير بن مخرمة‏.‏ ثم كانت حروب الخـوارج كمـا نذكـر فـي أخبارهـم‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:23

وفي سنة ثمـان وسبعيـن
عـزل عبـد الملـك أمية بن عبد الله عن خراسان وسجستان وضمهما إلى الحجاج بن يوسف فبعث الحجاج على خراسان المهلب بن أبي صفرة وعلى سجستان عبد الله بن أبي بكرة وولى على قضاء البصرة موسى بن أنس واستعفـى شريـح بـن الحـارث مـن القضـاء بالكوفـة فولـى مكانـه أبـا بـردة بـن أبي موسى ثم ولى على قضـاء البصرة عبد الرحمن بن أذينة‏.‏ وخرج عبد الرحمن بن الأشعث فملك سجستان وكرمان وفارس والبصرة ثم قتل ورجعت إلى حالها وذلك سنة إحدى وثمانين‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:25

وفي سنة اثنتين وثمانين
مات المهلب بن أبي صفرة واستخلف ابنه يزيد على خراسان فأقره الحجاج‏.‏ وفي هذه السنة عزل عبد الملك أبان بن عثمان عن المدينة وولى مكانه هشام بن إسماعيل المخزومي فعزل هشام نوفل بن مساحق عـن القضـاء وولـى مكانـه عمـر بـن خالـد الزرقـي‏.‏ وبنـى الحجـاج مدينـة واسـط‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:25

وفي سنة خمـس وثمانيـن
عـزل الحجاج يزيد بن المهلب عن خراسـان وولـى مكانـه هشـام أخـاه المفضـل قليـلاً ثـم ولـي قتيبـة بـن مسلـم وتوفي عبد الملك‏.‏ وعزل الوليد لأول ولايته هشام بن إسماعيل عن المدينة وولى مكانه عمر بن عبد العزيز فولى على القضـاء أبـا بكـر بـن عمـرو بـن حزم وولى الحجاج على البصرة الجراح بن عبد الله الحكمي وولى


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:26

وفي سنة تسـع وثمانين
ولى الوليد على مكة خالد بن عبد الله القسري وكان على ثغر السند محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي وهو ابن عم الحجاج‏.‏ ففتح السند وقتـل ملكه‏.‏ وكان على مصر عبد الله بن عبد الملك ولاه عليها أبوه ففل ملكها‏.‏ فعزله الوليد في هذه السنة وولى مكانه قرة بن شريك وعزل خالداً عن الحجاز وولى عمر بن عبد العزيز‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:26

وفي سنة إحدى وتسعين
عزل الوليد عمه محمد بن مروان عن الجزيرة وأرمينية وولى مكانه أخاه مسلمة بن عبد الملك وكان على طندة في قاصية المغرب طارق بن زياد عاملاً لمولاه موسى بن نصير عامل الوليد بالقيروان فأجاز البلاد والبحر إلى بلاد الأندلس وافتتحها سنة اثنتيـن وتسعيـن كمـا يذكـر في أخبارها‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:26

وفي سنة ثلاث وتسعين
عزل عمر بن عبد العزيز عن الحجاز وولى مكانه خالد بن عبد الله على مكة وعثمان بن حيان على المدينة‏.‏ ومات الحجاج سنة خمس وتسعين ثم مات الوليد سنة ست وتسعين وفيها قتل قتيبة بن مسلم لانتقاضه على سليمان وولاها سليمان يزيد بن المهلب‏.‏ وفيها مات قرة بن شريك وكان علـى المدينـة أبـو بكـر بـن محمـد بـن عمـر بـن حـزم وعلـى مكة عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيـد وعلى قضاء الكوفة أبو بكر بن موسى وعلى قضاء البصرة عبد الرحمن بن أذينة


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:27

وفي سنة سبع وتسعين
عزل سليمان بن موسى بن نصير عن أفريقية وولى مكانه محمد بن يزيد القرشـي حتـى مـات سليمـان فعـزل‏.‏ واستعمـل عمـر مكانـه إسماعيـل بن عبد الله‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:27

وفي سنة ثمان وتسعين
كان فتح طبرستان وجرجان أيام سليمان بن عبد الملك على يد يزيد بن المهلب‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:27

وفي سنة تسـع وتسعيـن
استعمـل عمـر بـن عبـد العزيـز على البصرة عدي بن أرطاه الفزاري وأمره بإبقاء يزيد بن المهلب موثوقاً فولى على القضاء الحسن بن أبي الحسن البصري ثم إياس بن معاويـة وعلـى الكوفـة عبـد الحميـد بـن عبـد الرحمن بن يزيد بن الخطاب‏.‏ وولى على المدينة عبد العزيـز بـن أرطـاة وولـى علـى خراسـان الجـراح بـن عبـد اللـه الحكمـي ثـم عزل سنة مائة‏.‏ وولي عبد الرحمن بن نعيم القرشي وولى على الجزيرة عمر بن هبيرة الفزاري وعلى أفريقية إسماعيل بن عبد الله مولى بني مخزوم وعلى الأندلس السمح بن مالك الخولاني‏.‏ ثم في سنة إحدى ومائة عزل إسماعيل عن أفريقية وولاها يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج فلم يزل عليها إلى أن قتـل‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:27

وفي سنة اثنتيـن ومائـة
ولـى يزيـد بـن عبـد الملـك أخـاه مسلمـة علـى العـراق وخراسـان فولـى علـى خراسـان سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاصي بن أميـة ويقـال لـه سعيـد خدينـة‏.‏ ثم استحيا من مسلمة في أمر الجراح فعزله وولى مكانه ابن يزيد بن هبيرة‏.‏ فجعل على قضاء الكوفة القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود وعلى قضاء البصرة عبد الملك بن يعلى‏.‏ وكان على مصر أسامة بن زيد وليها بعد قرة بن شريك


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:28

وفي سنة ثلاث ومائة
جمع يزيد مكة والمدينة لعبد الرحمن بن الضحاك وعزل عبد العزيز بن عبد الله بن خالد عن مكة وعن الطائف وولى مكانه عبد الواحد بن عبد الله البصري‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:28

وفي سنة أربـع ومائـة
ولـى يزيـد علـى أرمينيـة الجراح بن عبد الله الحكمي وعزل عبد الرحمن بن الضحاك عن مكة والمدينة لثلاث سنين من ولايته وولى عليهما مكانه عبد الواحد البصري وعـزل ابـن هبيـرة سعيـداً الحرشـي عـن خراسـان وولى عليها مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة الكلابي‏.‏ وولى على قضاء الكوفة الحسين بن حسين الكندي‏.‏ ومات يزيد بن عبد الملك سنة خمس وولي هشام فعزل ابن هبيرة عن العراق وولي مكانه خالد بن عبد الله القسري واستعمل خالد على خراسان أخاه أسداً سنة سبع ومائة وعزل مسلم بن سعيد وولى على البصرة عقبة بن عبد الأعلى وعلى قضائها ثمامة بن عبد الله بن أنـس‏.‏ وولـى علـى السنـد الجنيـد بـن عبـد الرحمـن‏.‏ واستعمل هشام على الموصل الحر بن يوسف وعـزل عبـد الواحـد البصـري عـن الحجـاز وولـى مكانـه بـن هشام بن إسماعيل المخزومي واستقضى بالمدينة محمد بن صفوان الجمحي ثم عزله واستقضى الصلـت الكنـدي‏.‏ وعـزل الجراح بن عبد الله عن أرمينية وأذربيجان وولى مكانه أخاه مسلمة فولى عليها الحارث بن عمرو الطائي‏.‏ وكان على اليمن سنة ثمان يوسف بن عمر‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:28

وفي سنة تسع
عزل خالد أخاه أسـداً عـن خراسـان وولـى هشـام عليها أشرس بن عبد الله السلمي وأمره أن يكاتب خالداً بعد كان خالد ولى الحكـم بـن عوانـة الكلبـي مكـان أخيـه فلـم يقـر فعزلـه هشـام‏.‏ ومـات فـي سنـة تسـع عامـل القيـروان بشـر بـن صفوان فولى هشام مكانه عبيدة بن عبد الرحمن بن الأغر السلمي فعزل عبيدة يحيى بن سلمة الكلبي عن الأندلس واستعمل حذيفة بن الأخوص الأشجعي‏.‏ ثم عزل لستة أشهر ووليها عثمان بن أبي تسعة الخثعمي‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:29

وفي سنة عشر ومائة
خالد الصلاة والأحداث والشرط والقضـاء بالبصـرة لبلـال بـن أبـي بـردة وعـزل ثمامـة عـن القضـاء‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:29

وفي سنة إحدى عشرة
عزل هشام عـن خراسـان أشـرس بـن عبـد اللـه وولـى مكانـه الجنيـد بن عبد الرحمن بن الحارث بن خارجة بن سنـان بـن أبـي حارثـة المـري وولـى علـى أرمينيـة الجـراح بـن عبـد الله الحكمي وعزل مسلمة‏.‏ وفيها عـزل عبيـدة بـن عبـد الرحمـن عامـل أفريقيـة وعثمـان بن أبي تسعة عن الأندلس وولى مكانه الهيثم بن عبيد الكناني‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:29

وفي سنة اثنتـي عشـرة
قتـل الجـراح بـن عبـد اللـه صاحـب أرمينيـة قتلـه التركمان فولى هشام مكانه سعيداً الحرشي ومات الهيثم عامل الأندلس وولوا علـى أنفسهـم مكانـه حمـد بـن عبـد اللـه الأشجعي شهرين وبعده عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي من قبيل ابن عبد الرحمن السلمي عامل أفريقية وغزا إفرنجة فاستشهد‏.‏ فولى عبيدة مكانه عبد الملك بن قطن الفهري وعزل عبيدة عن أفريقية وولى مكانه عبيد الله بن الحبحاب وكان على مصر فسار إليها‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:29

وفي سنة أربع عشرة
عزل هشام مسلمة عن أرمينية وولى مكانه مروان بن محمد بن مروان وعـزل إبراهيـم بـن هشـام عـن الحجـاز وولـى مكانـه علـى المدينـة خالـد بـن عبد الملك بن الحارث بن الحكـم وعلـى مكـة والطائـف محمـد بـن هشـام المخزومـي‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:30

وفي سنة سـت عشرة ومائة
عزل هشام الجنيد بن عبد الرحمن المري عن خراسان وولى مكانه عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي‏.‏ وفيهـا استعمـل عبـد اللـه بـن الحبحـاب علـى الأندلـس عقبـة بـن الحجـاج القيسـي مكـان عبـد الملك بن قطـن ففتـح خليتيـه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:30

وفي سنة سبع عشرة ومائة
عزل هشام عاصم بن عبد الله عن خراسان وولـى مكانـه خالـد بـن عبـد اللـه القسري فاستخلف خالد أخاه أسداً‏.‏ وولى هشام على أفريقية والأندلس عبيد الله بن الحباب وكان على مصر فسار عليها‏.‏ واستخلف على مصر ولده‏.‏ وولـى علـى الأندلـس عقبـة بـن الحجـاج وعلـى طنجـة ابنه إسماعيل‏.‏ وبعث حبيب بن أبي عبيدة بـن عقبـة بـن نافـع غازيـاً إلـى المغـرب فبلـغ السـوس الأقصـى وأرض السـودان وفتـح وغنـم‏.‏ وأغزاه إلى صقلية سنة اثنتين وعشرين ومائة ففتح أكثرها‏.‏ ثم استدعاه لفتنة ميسـرة كمـا نذكـره فـي أخبارهم‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:30

وفي سنة ثمـان عشـرة
عـزل هشـام عـن المدينـة خالد بن عبد الملك بن الحارث وولى مكانه محمد بـن هشـام بـن إسماعيـل‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:30

وفي سنة عشريـن
مـات أسـد بـن عبـد اللـه الخراسانـي وولـي مكانـه نصـر بـن سيـار‏.‏ وعـزل هشـام خالـداً القسـري عـن جميـع أعمالـه بالعراقين وخراسان وولى مكانه يوسف بن عمر الثقفي استقدمه إليها من ولاية اليمن‏.‏ فأقر نصر بن سيار على خراسان وكان على قضـاء الكوفـة ابـن شبرمـة وعلـى قضـاء البصـرة عامـر بـن عبيدة‏.‏ وولى يوسف بن عمر بن شبرمة علـى سجستـان واستقضـى مكانـه محمـد بـن عبـد الرحمن بن أبي ليلى‏.‏ وكان على قضاء البصرة إياس بن معاوية بن قرة فمات في هذه السنة‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:31

وفي سنة ثلاث وعشرين
قتل كلثوم بن عياض الـذي بعثـه هشام لقتال البربر بالمغرب‏.‏ وتوفي عقبة بن الحجاج أمير الأندلس وقيل بل خلعوه‏.‏ وولـي مكانـه عبـد الملـك بـن قطـن ولايته الثانية كما يذكر‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:31

وفي سنة أربع وعشرين
ظهر أمر أبي مسلـم بخراسـان وتلقـب بلـخ علـى الأندلس ثم مات‏.‏ وكان سار إليها من فل كلثوم بن عياض لما قتلـه البربـر بالمغـرب‏.‏ وولـى هشـام علـى الأندلـس أبـا الخطار حسام بن ضرار الكلبي فأمر حنظلة بن صفوان أن يوليه فولاه‏.‏ وكان ثعلبة بن خزامة سلامة الجرابي قد ولوه بعد بلخ فعزله أبو الخطار‏.‏ وفـي هـذه السنـة ولـي الوليد بن يزيد خالد بن يوسف بن محمد بن يوسف الثقفي على الحجاز فأسـره‏.‏ ثم قتل الوليد سنة ست وعشرين فعزل يزيد عن العراق يوسف بن عمر وولى مكانه منصور بن جمهور فبعت عامله على خراسان فامتنع نصر بن سيار من تسليم العمل له‏.‏ ثم عزل يزيد منصور بن جمهور وولى مكانه على العراق عبد الله بن عمر بن عبد العزيز وغلب حنظلـة علـى أفريقيـة عبـد الرحمـن بـن حبيـب كمـا يذكـر فـي خبرهـا‏.‏ وعزل يزيد عن المدينة يوسف بـن محمـد بـن يوسـف وولـى مكانـه عبـد العزيـز بـن عمر بن عثمان وغلب سنة سبع وعشرين عبد اللـه بـن معاويـة بـن عبـد اللـه بـن جعفـر على الكوفة وولى مروان على الحجاز عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وعلى العراق النضر بن سعيد الحرشي‏.‏ وامتنع ابن عمر من استلام العمل إليه ووقعت الفتنة بينهـم‏.‏ ولحـق ابـن عمـر بالخـوارج كمـا يذكـر فـي أخبارهـم‏.‏ واستولـى بنـو العبـاس علـى العباس‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:31

وفي سنة تسـع وعشريـن
ولـي يوسـف بـن عبد الرحمن الفهري على الأندلس بعد نوابة بن سلامة كمـا يأتـي فـي أخبارهـم‏.‏ وولى مروان على الحجاز عبد الواحد وعلى العراق يزيد بن عمر بن هبيرة‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:32

وفي سنة ثلاثين
ملك أبو مسلم خراسان وهرب عنها نصر بن سيار فمات بنواحي همذان سنة إحدى وثلاثين‏.‏ وجاء المسودة وعليهم قحطبة فطلبوا ابن هبيرة على العراق وملكـوه وبايعـوا خليفتهـم أبا العباس السفاح‏.‏ ثم غلبوا مروان على الشام ومصر وقتلوه‏.‏ وانقرض أمر بني أمية وعاد الأمر والخلافة لبني العباس‏.‏ والملك لله يؤتيه من يشاء من عباده‏.‏ وهذه أخبـار بنـي أميـة مخلصـة مـن كتـاب أبـي جعفـر الطبـري‏.‏ ولنرجـع إلـى أخبـار الخـوارج كمـا شرطنـا فـي أخبارها بالذكر‏.‏ والله المعين لارب غيره‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:34

الخبر عن الخوارج وذكر أوليتهم وتكرر خروجهم في الملة الإسلامية
قـد تقـدم لنـا خبـر الحكمين في حرب صفين واعتزل الخوارج علينا منكرين للتحكيم مكفرين به ولاطفهـم فـي الرجـوع عـن ذلـك وناظرهـم فيـه بوجـه الحـق فلجـوا وأبـوا إلا الحرب‏.‏ وجعلوا شعارهم النـداء بـلا حكـم إلا اللـه‏.‏ وبايعـوا عبـد اللـه بـن وهـب الراسبـي‏.‏ وقاتلهم علي بالنهروان فاستلحمهم أجمعين‏.‏ ثم خرج من فلهم طائفة بالأنبار فبعث إليهم من استلحمهم‏.‏ ثم طويفة أخرى مع هلال بن علية فبعث معقل بن قيس فقتلهم‏.‏ ثم أخرى ثالثة كذلك ثم أخرى على المدائن كذلك ثم أخرى بشهرزور كذلك‏.‏ وبعث شريح بن هانىء فهزموه فجرح واستلحمهم أجمعين واستأمن من بقي فأمنهم وكانوا نحو خمسين‏.‏ وافتـرق شمـل الخـوارج ثـم اجتمع من وجدانهم الثلاثة الذين توعدوا لقتل علي ومعاوية وعمرو بن العـاص‏.‏ فقتـل بالسهـم عبـد الرحمن بن ملجم علياً رضي الله عنه وباء بإثمه وسلم الباقون‏.‏ ثم اتفقت الجماعة على بيعة معاوية سنة إحدى وأربعين واستقل معاوية بخلافة الإسلام‏.‏ وقد كـان فـروة بـن نوفـل الأشجعـي اعتـزل عليـاً والحسـن ونـزل شهرزور وهو في خمسمائة من الخوارج‏.‏ فلمـا بويـع معاويـة قـال فـروة لأصحابـه‏:‏ قد جاء الحق فجاهدوا واقبلوا فنزلوا النخيلة عند الكوفة فاستنفر معاوية أهل الكوفة فخرجوا لقتالهم وسألوا أهل الكوفة أن يخلوا بينهم وبين معاوية فأبوا فاجتمعت أشجع على فروة فوعظوه فلم يرجع فأخذوه قهراً وأدخلوه الكوفة‏.‏ واستعمل الخوارج بعده عبد الله بن أبي الحريشي من طيىء‏.‏ وقاتلوا أهل الكوفة فقاتلوا وابن أبـي الحريشي معهم‏.‏ ثـم اجتمعـوا بعـده علـى حوثـرة بـن وداع الأسدي وقدموا إلى النخيلة في مائة وخمسين ومعهم فل بن أبي الحريشي‏.‏ وبعث معاوية إلى حوثرة أباه ليرده عن شأنه فأبى فبعث إليه عبد الله بن عـوف فـي معسكـر فقتلـه وقتـل أصحابه إلا خمسين دخلوا الكوفة وتفرقوا فيها وذلك في جمادى الأخيرة سنة إحدى وأربعين‏.‏ وسار معاوية إلى الشام وخلف المغيرة بن شعبة فعاد فروة بن نوفـل الأشجعـي إلـى الخـروج‏.‏ فبعـث إليـه المغيـرة خيـلاً عليهـا ابـن ربعي ويقال معقل بن قيس فلقيه بشهرزور فقتله‏.‏ ثم بعث المغيرة إلى شبيب بن أبجر من قتله وكان من أصحاب ابن ملجم‏.‏ وهـو الـذي أتـى معاويـة يبشـره بقتـل علـي فخافـه علـى نفسـه وأمـر بقتله‏.‏ فتنكر بنواحي الكوفة إلى أن بعث المغيرة من قتله‏.‏ ثم بلغ المغيرة أن بعضهم يريد الخروج وذكر له معن بن عبد الله المحاربي فحبسه ثم طالبه بالبيعـة لمعاويـة فأبـى فقتلـه ثـم خـرج علـى المغيـرة أبو مريم مولى بني الحارث بن كعب فأخرج معه النسـاء‏.‏ فبعـث المغيـرة مـن قتلـه وأصابـه‏.‏ ثـم حكـم أبـو ليلـى فـي المسجـد بمشهد الناس وخرج في اثنين من الموالي فأتبعه المغيرة معقل بن قيس الرياحي فقتله بسور الكوفة اثنتين وأربعين‏.‏ ثم خرج على ابن عامر فـي البصـرة سهـم بـن غانـم الجهنـي فـي سبعيـن رجـلاً منهـم الحطيـم وهـو يزيـد بـن حالك الباهلي ونزلوا بين الجسرين والبصرة‏.‏ ومر بهم بعض الصحابة منقلباً من الغزو فقتلوه وقتلوا ابنه وابن أخيه وقالوا هؤلاء كفرة‏.‏ وخرج إليهم ابن عامر فقتل منهم عدة وأمن باقيهم‏.‏ ولما أتى زياد البصرة سنة خمس وأربعين هرب منهم الحطيم إلى الأهواز وجمع ورجع إلى البصرة فافترق عنه أصحابه فاختفى وطلب الأمان من زياد فلـم يؤمنـه ثـم دل عليـه فقتلـه وصلبه بداره‏.‏ وقيل بل قتله عبد الله بعد زياد سنة أربع وخمسين‏.‏ ثـم اجتمـع الخـوارج بالكوفـة علـى المستـورد بـن عقلـة التيمـي مـن تيم الرباب وعلى حيان بن ظبيان السلمي وعلى معاذ بن جوين الطائي وكلهم من فل النهروان الذين ارتموا في القتلى ودخلوا الكوفـة بعـد مقتـل علي واجتمعوا في أربعمائة في منزل حيان بن ظبيان وتشاوروا في الخروج وتدافعـوا الإمـارة‏.‏ ثـم اتفقـوا علـى المستـورد وبايعـوه فـي جمـادى الأخيـرة‏.‏ وكبسهـم المغيـرة فـي منزلهـم فسجن حيان وأفلت المستورد فنزل الحيرة واختلف إليه الخوارج وبلغ المغيرة خبرهم فخطب الناس وتهدد الخوارج فقام إليه معقل بن قيس فقال‏:‏ ليكفك كل رئيس قومه‏.‏ وجـاء صعصعة بن صوحان
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:34

إلى عبد القيس وكان عالمًا بمنزلهم عند سليم بن مخدوج العبدي إلا أنـه لا يسلـم عشيرتـه فخرجـوا ولحقـوا بالصراة في ثلاثمائة فجهز إليهم معقل بن قيس في ثلاثة آلاف وجعل معظمهم من شيعة علي وخرج معقل في الشيعة وجاء الخوارج ليعبروا النهر إلى المدائـن فمنعهـم عاملهـا سمـال بـن عبـد العبسـي ودعاهم إلى الطاعة على الأمان فأبوا فساروا إلى المذار‏.‏ وبلغ ابن عامر بالبصرة خبرهم فبعث شريك بن الأعور الحارثي فى ثلاثة آلاف من الشيعة وجاء معقل بن قيس إلى المدائن وقد ساروا إلى المذار فقدم بين يديه أبـا الـرواع الشاكري في ثلاثمائة وسار لحقهم أبو الرواع بالمذار فقاتلهم‏.‏ ثم لحقه معقل بن قيس متقدماً أصحابه عند المساء فحملت الخوارج عليه فثبت باتوا على تعبيـة وجـاء الخبـر إلـى الخـوارج بنهـوض شريـك بـن الأعور من البصرة فأسروا من ليلتهم راجعين‏.‏ وأصبـح معقـل واجتمـع بشريك وبعث أبا الرواع في أتباعهم في ستمائة فلحقهم بجرجان فقاتلهم فهزمهم إلى ساباط وهو في اتباعهم‏.‏ ورأى المستورد أن هؤلاء مع أبي الرواع حماة أصحاب معقـل فتسـرب عنهـم إلى معقل وأبو الرواع في اتباعه‏.‏ ولما لحق بمعقل قاتلهم قتالاً وأدركهم أبو الـرواع بعـد أن لقـي كثيـراً مـن أصحـاب معقـل منهزميـن فردهـم واقتتلـوا قتـالاً شديـداً وقتـل المستورد معقلاً طعنـه بالرمـح فأنفـذه وتقـدم معقـل والرمـح فيـه إلـى المستـورد فقسـم دماغـه بالسيـف وماتـا جميعـاً‏.‏ وأخـذ الرايـة عمـر بـن محـرز بـن شهاب التميمي بعهد معقل بذلك‏.‏ ثم حل الناس على الخوارج فقتلوهم ولم ينج منهم إلا خمسة أو ستة‏.‏ وعند ابن الكلبي أن المستورد من تيم من بني رياح‏.‏ خرج بالبصرة أيام زياد قريب الأزدي ورجـاف الطائـي ابنـا الخالة وعلى البصرة سمرة بن جندب وقتلوا بعض بني ضبة فخرج عليهم شبان من بني علي وبني راسب فرموهم بالنيل وقتل قريب وجاء عبد الله بن أوس الطائي برأسه واشتـد زيـاد فـي أمـر الخـوارج وسمـرة وقتلـوا منهـم خلقـاً‏.‏ ثـم خـرج سنـة اثنتيـن وخمسيـن علـى زيـاد بـن حـراش العجلـي فـي ثلاثمائـة بالسـواد فبعـث إليهـم زيـاد سعد بن حذيفة في خيل فقتلوهم وخرج أيضاً أصحاب المستورد حيان بن ظبيان ومعاذ من طيىء فبعث إليهما مـن قتلهمـا وأصحابهما‏.‏ وقيل بل استأمنوا وافترقوا‏.‏ ثـم اجتمـع بالبصـرة سنـة ثمـان وخمسيـن سبعون رجلاً من الخوارج من عبد القيس وبايعوا طواف بن على أن يفتكوا بابن زياد وكان سبب ذلك أن ابن زياد حبس جماعة من الخوارج بالبصرة وحملهم على قتل بعضهم بعضاً وخلى سبيل القاتلين ففعلوا وأطلقهم وكان منهم طواف‏.‏ ثم ندمـوا وعرضـوا علـى أوليـاء المقتوليـن القود والدية فأبوا وأفتاهم بعض علماء الخوارج بالجهاد لقوله تعالـى‏:‏ ‏"‏ ثـم إن ربـك للذيـن هاجـروا مـن بعـد مـا فتنـوا\] ‏"‏ الآية فاجتمعوا للخروج كما قلنا‏.‏ وسعى بهـم إلـى ابـن زيـاد فاستعجلـوا الخـروج وقتلـوا رجـلاً ومضـوا إلـى الجلحـاء كمـا قلنا‏.‏ فندب ابن زياد الشرط والمحاربة فقاتلوهم‏.‏ فانهزم الشرط أولاً ثم كثرهم الناس فقتلوا عن آخرهم واشتد ابن زياد على الخوارج وقتل منهـم جماعـة كثيـرة منهـم عـروة بـن أديـة أخـو مـرداس وأديـة أمهمـا وأبوهما جرير بن تميم‏.‏ وكـان وقـف علـى ابـن زيـاد يومـاً يعظه فقال‏:‏ أتبنون بكل ريع آية‏.‏ تعبثون الآيات‏.‏ فظن ابن زياد أن معه غيره فأخذه وقطعه وقتل ابنيه‏.‏ وكان أخوه مرداس من عظمائهم وعبادهم وممن شهد النهروان بالاستعراض‏.‏ ويحرم خروج النسـاء ولا يـرى بقتـال مـن لا يقاتلـه‏.‏ وكانـت امرأتـه مـن العابدات من بني يربوع وأخذها ابن زياد فقطعها‏.‏ وألح


عدل سابقا من قبل محمد منسى في الأحد 11 مايو 2008 - 2:37 عدل 1 مرات
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:34

ابن زياد في طلب الخوارج وقتلهم وخلى سبيل مرداس من بينهم لما وصف له من عبادته ثم خاف فخرج إلى الأهواز‏.‏ وكان يأخذ مال المسلمين إذا مر به فيعطي منه أصحابه ويرد الباقي‏.‏ وبعـث ابـن زيـاد إليهـم أسلـم بـن زرعـة الكلابـي فـي ألفي رجل ودعاهم إلى معاودة الجماعة فأبوا وقاتلوهم فهزموا أسلم وأصحابه‏.‏ فسرح إليهم ابن زياد عباد بن علقمة المازني ولحقهم بتوج وهـم يصلـون فقتلهـم أجمعيـن مـا بيـن راجـع وساجـد لـم يتغيـروا عـن حالهـم‏.‏ ورجـع إلـى البصـرة برأس أبـي بلـال مـرداس فرصـده عبيـدة بـن هلـال فـي ثلاثـة نفر عند قصر الإمارة ليستفتيه فقتلوه واجتمع عليهـم النـاس فقتلـوا منهـم‏.‏ وكـان علـى البصـرة عبيـد اللـه بـن أبـي بكـرة فأمـره زيـاد بتتبـع الخوارج إلى أن تقدم فحبسهم وأخذ الكفلاء على بعضهم وأتى بعروة بن أدية فقال‏:‏ أنا كفيلك وأطلقه‏.‏ ولما جاء ابن زياد قتل المحبوسين منهم والمكفولين وطانب ابن أبي بكرة بعروة بن أدية فبحث عنه حتى ظفر به وجاء به إلى ابن زياد فقطعه وصلبه سنة ثمان وخمسين‏.‏ ثم مات يزيد واستفحـل أمـر ابـن الزبيـر بمكـة وكـان الخـوارج لما اشتد عليهم ابن زياد بعد قتل أبي بلال مرداس أشار عليهم نافع بن الأزرق منهم باللحاق بابن الزبير لجهاد عساكر يزيد لما ساروا إليه قالوا‏:‏ وإن لـم يكـن على رأينا داحضاً عن البيت وقاموا يقاتلون معه فلما مات يزيد وانصرفت العساكر كشفـوا عـن رأي ابـن الزبير فيهم وجاؤوه يرمون من عثمان ويتبرؤون منه فصرح بمخالفتهم‏.‏ وقال بعد خطبة طويلة أثنى فيها على الشيخين وعلي وعثمان واعتذر عنه فيما يزعمون وقال‏:‏ أشهدكـم ومـن حضرنـي أني ولي لابن عفان وعدو لأعدائه قالوا‏:‏ فبرىء الله منك قال بل برىء وأقبل نافع بن الأزرق الحنظلي وعبد الله بن صفار السعدي وعبد الله بن إباض وحنظلة بن بيهـس وبنـو الماخـور‏:‏ عبـد اللـه وعبيد الله والزبير من بني سليط بن يربوع وكلهم من تميم حتى أتـوا البصـرة‏.‏ وانطلـق أبـو طالـوت عـن بنـي بكـر بن وائل وأبو فديك عبد الله بن نور بن قيس بن ثعلبـة بـن الأسـود اليشكـري إلـى اليمامـة فوثبـوا بهـا مع أبي طالوت‏.‏ ثم تركوه ومالوا عنه إلى نجدة بن عامر الحنفي‏.‏ ومن هنا افترقت الخوارج على أربع فرق‏:‏ الأزارقة أصحاب نافع بن الأزرق الحنفي وكان رأيـه البـراءة مـن سائـر المسلميـن وتكفيرهم والاستعراض وقتل الأطفال واستحلال الأمانة لأنه يراهم كفاراً‏.‏ والفرقة الثانية النجدية وهم بخلاف الأزارقة في ذلك كله‏.‏ والفرقة الثالثة الإباضيـة أصحاب عبد الله بن إباض المري وهم يرون أن المسلمين كلهم يحكم لهم بحكم المنافقين فلا ينتهون إلى الـرأي الـأول ولا يقفـون عنـد الثانـي ولا يحرمـون مناكحـة المسلميـن ولا موارثتهـم ولا المنافقين فيهم وهم عندهم كالمنافقيق وقول هؤلاء أقرب إلى السنة‏.‏ ومن هـؤلاء البيهسيـة أصحـاب أبـي بيهـس هيصـم بـن جابـر الضبعـي‏.‏ والفرقـة الرابعـة الصفرية وهم موافقون للإباضية إلا في العقدة فإن الإباضية أشد على العقدة منهم‏.‏ وربما اختلفت هذه الآراء من بعد ذلك واختلف في تسمية الصفرية فقيل نسبوا إلـى ابـن صفـار وقيـل اصفـروا بما نهكتهم العبادة‏.‏ وكانت الخوارج من قبل هذا الافتراق على رأي واحد لا يختلفـون إلا فـي الشـاذ مـن الفـروع‏.‏ وفـي أصـل اختلافهـم هـذا مكاتبـات بيـن نافـع بن الأزرق وأبي بيهس وعبد الله بن إباض ذكرها المبرد في كتاب الكامل فلينظر هناك‏.‏ ولما جاء نافع إلى نواحي البصرة سنة أربع وستين فأقام بالأهواز يعترض الناس وكان على البصـرة عبـد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب‏.‏ فسرح إليه مسلم عبس بن كويز بن ربيعة من أهل البصرة بإشارة الأحنف بن قيس فدافعه عن نواحي البصرة وقاتله بالأهواز وعلى


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:35

ميمنة مسلم الحجاج بن باب الحميري وعلى ميسرته حارثة بن بحر الغداني‏.‏ وعلـى ميمنـة ابـن الأزرق عبيدة بن هلال وعلى ميسرته الزبير بن الماخور التميمي‏.‏ فقتل مسلم ثم قتل نافع وأفر أهل البصرة عليهم الحجاج بن باب والخوارج عبد الله بن الماخور‏.‏ ثم قتل الحجاج وعبد الله فأمر أهل البصرة ربيعة بن الأخزم والخوارج عبيد الله بن الماخور‏.‏ ثم اقتتلوا حتى أمسوا وجاء إلى الخوارج مدد فحملوا على أهل البصرة فهزموهم‏.‏ وقتل ربيعة وولوا مكانه حارثة بن بدر فقاتل وردهم على الأعقاب ونزل الأهواز‏.‏ ثم عزل عن البصرة عبد الله بن الحارث وبعث ابن الزبير عليها الحارث القباع بن أبي ربيعة فزحـف الخـوارج إلـى البصـرة وأشـار الأحنف بن قيس بتولية المهلب حروبهم وقد كان ابن الزبير ولاه خراسان فكتبوا لابن الزبير بذلك فأجاب‏.‏ واشترطوا للمسلم ما سأل من ولاية ما غلب عليه والإعانة بالأموال فاختار من الجند اثني عشر ألفاً وسار إليهم فدفعهم عـن الجسـر‏.‏ وجـاء حارثـة بـن بـدر بمـن كـان معـه فـي قتـال الخوارج فردهم الحارث إلى المهلب‏.‏ وركب حارثة البحر يريد البصرة فغرق في النهر‏.‏ وسار المهلب وعلى مقدمته ابنه المغيرة فقاتلهم المقدمة ودفعوهم عن سوق الأهواز إلى مادر‏.‏ ونزل المهلب بسولاف وقاتله الخوارج وصدقوا الحملة فكشفوا أصحاب المهلب‏.‏ ثم ترك من الغد قتالهم وقطع دجيل ونزل العقيل ثم ارتحل فنزل قريباً منهم وخندق عليه وأذكى العيون والحرس‏.‏ وجـاء منهـم عبيـدة بـن هلـال والزبيـر بـن الماخـور في بعض الليالي ليبيتوا عسكر المهلب فوجدوهم حذريـن‏.‏ وخـرج إليهـم المهلـب مـن الغـد فـي تعبيـة والـأزد وتميـم في ميمنته وبكر وعبد القيس في ميسرتـه وأهـل العاليـة فـي القلـب‏.‏ وعلـى ميمنـة الخوارج عبيدة بن هلال اليشكري وعلى ميسرتهم الزبير بن الماخور وأقتتلوا ونزل الصبر‏.‏ ثم شدوا على الناس فأجفل عسكر المهلب وانهـزم وسبـق المنهزميـن إلـى ربـوة ونـادى فيهم فاجتمع له ثلالة آلاف أكثرهم من الأزد فرجع بهم وقصد عسكر الخوارج واشتد قتالهم ورموهم بالحجـارة وقتـل عبـد اللـه بـن الماخـور وكثيـر منهـم وانكفؤوا راجعين إلى كرمان وناحية أصبهان منهزمين واستخلفوا عليهم الزبير بن الماخور وأقام وأما نجدة وهو نجدة بن عامر بن عبد الله بن سيار بن مفرج الحنفـي وكـان مـع نافـع بـن الـأزرق‏.‏ فلمـا افترقـوا سـار إلـى اليمامة ودعا أبو طالوت إلى نفسه وهو من بكر بن وائل وتابعه نجدة ونهب الحصارم بلد بني حنيفة وكان فيها رقيق كثير يناهز أربعة آلاف فقسمها في أصحابه وذلك سنة خمس وستين‏.‏ واعترض عيراً من البحرين جاءت لابن الزبير فأخذها وجاء بها إلى أبي طالوت فقسمها بمن أصحابه‏.‏ ثم رأى الخوارج أن نجدة خير لهم من أبي طالـوت فخالفـوه وبايعـوا نجدة‏.‏ وسار إلى بني كعب بن ربيعة فهزمهم وأثخن فيهم ورجع نجدة إلـى اليمامـة فـي ثلاثـة آلـاف ثـم سـار إلـى البحريـن سنـة سبـع وستيـن فاجتمـع أهـل البحرين من عبد القيس وغيرهم على محاربته‏.‏ وسالمته الأزد والتقوا بالعطيف فانهزمت عبد القيس وأثخـن فيهـم نجـدة وأصحابـه وأرسـل سريـة إلى الخط فظفروا بأهله‏.‏ ولما قدم مصعب بن الزبير البصرة سنة تسع وستين بعث عبد الله بن عمر الليثي الأعور في عشرين ألفاً ونجـدة بالعطيـف فقاتلوهـم وهزمهـم نجـدة وغنـم مـا فـي عسكرهـم‏.‏ وبعـث عطيـة بـن الأسـود الحنفـي مـن الخـوارج إلى عمان وبها عباد بن عبـد اللـه شيـخ كبيـر فقاتلـه عطيـة فقتلـه وأقـام أشهـراً وسـار عنهـا‏.‏ واستخلف عليها بعض الخوارج فقتله أهل عمان وولوا عليهم سعيداً وسليمان ابني عباد‏.‏ ثم خالف عطية نجدة وجاء إلى عمان فامتنعت منه‏.‏ فركب البحر إلى كرمان وأرسل إليه المهلب جيشاً فهرب إلى سجستان ثم إلى السند فقتله خيل المهلب بقندابيل‏.‏ ثم بعث نجدة المعرفين إلـى البـوادي بعـد هزيمـة ابـن عميـر فقاتلـوا بنـي تميـم بكاظمـة وأعانهـم أهـل طويلـع فبعـث نجـدة من استباحهم وأخذ منهم الصدقة كرهاً‏.‏ ثم سار إلى صنعاء فبايعوه وأخذ الصدقة مـن مخالفيهـا‏.‏ ثـم بعث أبا فديك إلى حضرموت فأخذ الصدقة منهم‏.‏ وحج سنة ثمان وستين في تسعمائة رجل وقيل في ألفين ووقف ناحية عن ابن الزبير على صلح عقد بينهما‏.‏ ثم سار نجدة إلى المدينة وتأهبوا لقتاله فرجع إلى الطائف وأصاب بنتاً لعبد الله بن عمر بن عثمان فضمها إليه‏.‏ وامتحنه الخوارج بسؤاله بيعها فقال‏:‏ قـد أعتقـت نصيبـي منهـا‏.‏ قالـوا فزوجها قال هي أملك بنفسها وقد كرهت الزواج‏.‏ ولما قرب من الطائف جاءه عاصم بن عـروة بـن مسعـود فبايعـه عـن قومه وولى عليهم الخازرق وعلى يبانة والسراة‏.‏ وولى على ما يلي نجـران سعـد الطلائـع ورجـع إلـى البحريـن وقطع الميرة عن الحرمين‏.‏ وكتب إليه ابن عباس أو ثمامة بـن أثـال لمـا أسلـم قطـع الميـرة عـن مكـة وهـم مشركـون فكتـب إليـه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل مكة أهل الله فلا تمنعهم الميرة فخلاها لهم وأنك قطعت الميرة ونحن مسلمون فخلاها لهم نجدة‏.‏ ثم اختلف إليه أصحابه لأن أبا سنان حيي بن وائل أشار عليه بقتل من أطاعه تقية فانتهره نجـدة وقـال‏:‏ إنمـا علينـا أن نحكـم بالظاهـر‏.‏ وأغضبه عطية في منازعة جرت بينهما على تفضيله لسرية البر علـى سريـة البحـر فـي الغنيمـة فشتمـه نجـدة فغضـب‏.‏ وسألـه فـي درء الحـد فـي الخمـر عـن رجل من شجعانهم فأبى‏.‏ وكاتبه عبد الملك في الطاعة على أن يوليه اليمامة ويهدر لهم ما أصـاب مـن الدمـاء‏.‏ فاتهموه في هذه المكاتبة ونقموا عليه أمثال هذه وفارقه عطية إلى عمان‏.‏ ثـم انحـازوا عنـه وولوا أمرهم أبا فديك عبد الله بن ثور أحد بني قيس بن ثعلبة‏.‏ واستخفى نجـدة وألـح أبـو فديـك فـي طلبـه وكـان مستخفيـاً فـي قريـة من قرى حجر‏.‏ ثم نذر به فذهب إلى أخواله من تميم وأجمع المسير إلى عبد الملك فعلم به أبو فديك وجاءت سرية منهم وقاتلهم فقتلوه‏.‏ وسخط قتله جماعة من أصحاب أبي فديك واعتمده مسلم بن جبير فطعنه اثنتي عشرة طعنة وقتل مسلم لوقته وحمل أبو فديك إلى منزله‏.‏ ثم جاء مصعب إلى البصرة سنة ثمان وستين والياً على العراقين عن أخيه وكان المهلب في حرب الأزارقة فأراد مصعب أن يوليه بلاد الموصل والجزيرة وأرمينية ليكون بينه وبين عبد الملك‏.‏ فاستقدمه من فارس وولاه وولى على فارس وحرب الأزارقة عمر بن عبد الله بن معمر‏.‏ وكان الخوارج قد ولوا عليهم بعد قتل عبد الله بن الماخور سنة خمس وستين أخاه الزبيـر فجـاؤوا بـه إلـى إصطخـر وقـدم عمـر ابنـه عبيد الله إليهم فقتلوه ثم قاتل الزبير عمر فهزمهم وقتل منهم سبعون‏.‏ وفلق قطري بن الفجاءة وشتر صالح بن مخراق وساروا إلى نيسابور فقاتلهـم عمـر بهـا وهزمهم فقصدوا أصبهان فاستحموا بها‏.‏ ثم أقبلوا إلى فارس وتجنبوا عسكر عمر ومروا على ساجور ثم أرجان فأتوا الأهواز قاصدين العراق‏.‏ وأغذ عمر السير في أثرهم وعسكر مصعب عند الجسر‏.‏ فسار الزبير والخوارج فقطع أرض صرصر وشن الغارة على أهل المدائن يقتلون الولدان والرجال ويبقرون بطون الحبالى‏.‏ وهرب صاحب المدائن عنها وانتهت جماعة منهم إلى الكرخ فقاتلهم أبو بكر بن مخنف فقتلوه وخرج أمير الكوفة وهو الحارث بن أبي ربيعة القباع حتى انتهى إلى الصراة ومعه إبراهيم بن الأشتر وشبيب بن ربعي وأسماء بن خارجة ويزيد بن الحارث ومحمد بن عمير وأشـاروا عليه بعقد الجسر والعبور إليهم فانهزموا إلى المدائن‏.‏ وأمر الحارث عبد الرحمـن بـن مخنـف باتباعهـم فـي ستـة آلـاف إلـى حـدود أرض الكوفـة فانتهـوا إلـى الـري وعليهـا يزيـد بـن الحـارث بن دويم الشيباني وما والاهم عليه أهل الري فهزموه وقتلوه‏.‏ ثم انحطوا إلى أصبهان وبها عتاب بن ورقاء فحاصروه‏.‏ أشهراً وكان يقاتلهم على باب المدينة‏.‏ ثم دعا إلى الاستماتة في قتالهم فخرجوا وقاتلوهم وانهزمت الخوارج وقتل الزبير واحتووا على معسكرهم‏.‏ ثم بايع الخوارج قطري بن الفجاءة المازني ويكنى أبا نعامة وارتحل بهم إلى كرمـان حتـى استجمعـوا فرجعـوا إلـى أصبهـان فامتنعت فأتوا الأهواز وقاموا‏.‏ وبعث مصعب إلى المهلب فرده إلى قتال الخوارج وولى على الموصل والجزيرة إبراهيم بن الأشتر وجاء المهلـب فانتجعت الناس من البصرة وسار إلى الخوارج فلقيهم بسولاف‏.‏ واقتتلوا ثمانية أشهر وبعث مصعـب إلـى عتـاب بـن ورقـاء الرياحـي عامـل أصبهـان بقتـال أهـل الـري بمـا فعلـه في ابن دويم فسار إليهم وعليهم الفرخان فقاتلهم وافتتحها عنوة وقلاعها وعاث في نواحيها‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:34

خبر ابن الحر ومقتله
كـان عبيـد اللـه بـن الحـر الجعفـي مـن خيار قومه صلاحاً وفضلاً ولما قتل عثمان حزن عليه وكان مـع معاويـة علـى علـي وكانت له زوجة بالكوفة فتزوجت لطول مغيبه‏.‏ فأقبل من الشام وخاصم زوجهـا إلـى علـي فعـدد عليـه شهـوده صفين‏.‏ فقال‏:‏ أيمنعني ذلك من عدلك‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ ورد إليه امرأتـه‏.‏ فرجـع إلـى الشـام وجـاء إلـى الكوفـة بعـد مقتـل علـي ولقـي إخوانـه وتفاوضـوا فـي النكير على علـي ومعاويـة‏.‏ ولمـا قتـل الحسيـن تغيـب علـى ملحمتـه وسـأل عنـه ابـن زيـاد فلـم يـره‏.‏ ثم لقيه فأساء عذله وعرض له بالكون مع عدوه فأنكر وخرج مغضباً‏.‏ وراجع ابن زياد رأيه فيه فطلبه فلم يجـده فبعث عنه فامتنع وقال‏:‏ أبلغوه أني لا آتيه طائعاً أبداً‏.‏ وأتى منزل أحمد بن زياد الطائي فاجتمع إليه أصحابه وخرج إلى المدائن‏.‏ ومضى لمصارع الحسين وأصحابه فاستغفر لهم ولما مات يزيد ووقعت الفتنة اجتمع إليه أصحابه وخرج بنواحي المدائن ولم يعترض للقتل ولا للمال إنما كان يأخذ مال السلطان متى لقيه فيأخذ منه عطاءه وعطاء أصحابه ويرد الباقي ويأخذ لصاحب المال بما أخذ‏.‏ وحبـس المختـار امرأتـه بالكوفة وجاء فأخرجها من الحبس وأخرج كل من فيه‏.‏ وأراد المختـار أن يسطـو بـه فمنعـه إبراهيـم بـن الأشتر إلى الموصل لقتال ابن زياد‏.‏ ثم فارقه ولم يشهد معـه وشهـد مـع مصعـب قتـال المختـار وقتله‏.‏ ثم أغرى به مصعب فحبسه وشفع فيه رجال من وجـوه مذحج فشفعهم وأطلقه وأتى إليه الناس يهنؤونه فصرح بأن أحداً لا يستحق بعد الأربعة ولا يحل أن يعقد لهم بيعة في أعناقنا فليس لهم علينا من الفضل ما يستحقون به ذلك وكلهم عاص مخالف قوي الدنيا ضعيف الآخرة ونحن أصحاب الأيام مع فارس ثم لا يعرف حقنـا وفضلنا وإني قد أظهرت لهم العداوة‏.‏ وخـرج للحـرب فأغـار فبعث إليه مصعب سيف بن هانىء المرادي يعرض عليه الطاعة على أن يعطيه قطعة من بلاد فارس فأبى فسرح إليه الأبرد بن فروة الرياحي في عسكر فهزمه عبيد اللـه فبعـث إليه حريث بن زيد فهزمه فقتله فبعث إليه الحجاج حارثة الخثعمي ومسلم بن عمر فقاتلهما بنهر صرصر وهزمهما فأرسل إليه مصعب بالأمان والولاية فلم يقبل‏.‏ وأتى إلى فرس فهرب دهقانها بالمال وتبعه ابن الحر إلى عين التمر وعليه بسطام بن معلقة بن هبيرة الشيباني فقاتل عبيد الله‏.‏ ووافاهم الحجاج حارثة فهزمهما عبيد الله وأسرهما وأخذ المال الذي مع الدهقان‏.‏ وأقام بتكريت ليجبي الخراج فسرح مصعب لقتاله الأبرد بن فروة الرياحي والجون بن كعب الهمداني في ألف وأمدهم المهلب بيزيد بن المعقل في خمسمائة وقاتلهم عبيد الله يومين في ثلاثمائـة‏.‏ ثـم تحاجـزوا وقـال لأصحابـه إنـي سائـر بكـم إلـى عبـد الملك فتجهزوا ثم قال‏:‏ إني خائف أن أموت ولم أذعر مصعباً وقصد الكوفة وجاءته العساكر من كل جهة‏.‏ ولم يزل يهزمهم ويقتل منهم بنواحي الكوفة والمدائن وأقام يغير بالسواد ويجبي الخراج‏.‏ ثم لحق بعبد الملك فأكرمه وأجلسه معه على سريره وأعطاه مائة ألف درهم وقسم في أصحابه الأعطيات وسأل من عبـد الملـك أن يوجه معه عسكراً لقتال مصعب فقال‏:‏ سر بأصحابك وادع من قدرت عليه وأنا ممدك بالرجال فسار نحو الكوفة ونزل بناحية الأنبار وأذن لأصحابه في إتيان الكوفة ليخبروا أصحابه بقدومه‏.‏ وبعث الحارث بن أبي ربيعة إليه جيشاً كثيفاً فقاتلهم وتفرق عنه أصحابه وأثخنه الجراح فخاض البحر إلى سفينة فركبها حتى توسط الفرات فأشرفت خيالـة علـى السفينة وتبادروا به فقام يمشي في البحر فتعلقوا به فألقى نفسه في الماء مع بعضهم فغرقوه‏.‏ حروب الخوارج مع عبد الملك والحجاج ولما استمر عبد الملك بالكوفة بعد قتل مصعب بعث على البصرة خالد بن الله وكان المهلب يحارب الأزارقة فولاه على خراج الأهواز‏.‏ وبعث أخاه عبد العزيز بن عبد إلى قتال الخوارج ومعـه مقاتـل بـن مسمـع وأتـت الخوارج من ناحية إلى دارابجرد وبعث قطري بن الفجاءة صالح بن مخراق في تسعمائة فاستقبل عبد العزيز ليلاً على غير تعبية فانهزم‏.‏ وقتل مقاتل بن مسمع وأسرت بنت المنذر بن الجارود امرأة عبد العزيز فقتلها الخوارج‏.‏ وتغيـر عبـد العزيـز إلـى رامهرمـز‏.‏ وكتـب خالـد بالخبر إلى عبد الملك فكتب إليه على ولاية أخيه الحرب وولاية المهلب جباية الخراج وأمره بأن يسرح المهلب بحربهم‏.‏ وكتب إلى بشر بالكوفة بإمـداده بخمسـة آلـاف مع من يرضاه فإذا فرغوا من قتال الخوارج ساروا إلى الري فكانوا هنالك مسلحةً فأنفذ بشر العسكر وعليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث وكتب له عهده على الري وخرج خالد بأهل البصرة ومعه المهلب واجتمعوا بالأهواز‏.‏ وجاءت الأزارقة فأحرقـوا السفن‏.‏ ومر المهلب بعبد الرحمن بن الأشعث وأمره أن يخندق عليـه وأقامـوا كذلـك عشريـن ليلة‏.‏ ثم زحف الخوارج بالناس فهال الخوارج كثرتهم وانصرفوا‏.‏ وبعث خالد داود بن قحدم في آثارهم وانصرف إلى البصرة وكتب بالخبر إلى عبد الملك‏.‏ فكتـب إلـى أخيـه بشـر أن يبعـث أربعـة آلـاف مـن أهل الكوفة إلى فارس ويلحقوا بداود بن قحدم فـي طلـب الأزارقـة‏.‏ فبعـث بهـم بشـر بـن عتـاب ولحقـوا بـداود واتبعـوا الخـوارج حتـى أصابهـم الجهد ورجع عامتهم مشاة إلى الأهواز‏.‏ ثـم خـرج أبـو فديـك مـن بنـي قيـس بن ثعلبة فغلب على البحرين وقتل نجدة بن عامر الحنفي كما مـر‏.‏ وهـزم خالـداً فكتب إلى عبد الملك بذلك وأمر عبد الملك عمر بن عبيد الله بن معمر أن ينـدب النـاس مـن أهل الكوفة والبصرة ويسير لقتال أبي فديك‏.‏ فانتدب معه عشرة آلاف وسار بهـم وأهـل الكوفـة علـى ميمنتـه عليهـم محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله وأهل البصرة في ميسرته عليهم عمر بن موسى أخيه وهو في القلب‏.‏ وانتهوا إلى البحرين واصطفـوا للقتـال وحملوا على أبي فديك وأصحابه فكشفوا ميسرته حتى أبعدوا إلا المغيرة بن المهلب ومجاعة وعبد الرحمن وفرسان الناس فإنهم مالوا إلى أهل الكوفة بالميمنة ورجع أهل الميسرة‏.‏ وحمل أهل الميمنة على الخوارج فهزموهم واستباحوا عسكرهم وقتلوا أبا فديك وحصروا أصحابه ثم ولى عبد الملك أخاه بشراً على البصرة فسـار إليهـا وأمـره أن يبعـث المهلـب إلـى حـرب الأزارقة وأن ينتخب من أهل البصرة من أراد ويتركه ورأيه في الحرب ويمده بعسكر كثيف من أهل الكوفة مع رجل معروف بالنجدة‏.‏ فبعث المهلب لانتخاب الناس جديع بن سعيد بن قبيصة وشق على بشر ولاية المهلب من عبد الملك وأوغرت صدره‏.‏ فبعث على عسكر الكوفة عبد الرحمن بن مخنف وأغراه بالمهلب في ترك مشورته وتنغصه‏.‏ وسار المهلب إلى رامهرمز وبها الخوارج وأقبل ابن مخنف في أهل الكوفة فنزل على ميل منه بحيـث يتـراءى العسكـران‏.‏ ثـم أتاهـم نبـأ بشـر بـن مـروان وأنـه استخلـف خالـد بن عبد الله بن خالد على البصرة وخليفته على الكوفة عمر بن حريث فافترق ناس كثيرة من أهل البصرة وأهل الكوفة فنزلوا الأهـواز وكتـب إليهـم خالـد بـن عبـد الله يتهددهم فلم يلتفتوا إليه‏.‏ وأقبل أهل الكوفة إلى الكوفة وكتب إليهم عمر بن حريث بالنكير والعود إلى المهلب ومنعهم الدخول فدخلوا ليلاً إلى بيوتهم‏.‏ ثـم قدم الحجاج أميراً على العراقين سنة خمس وسبعين فخطب بالكوفة خطبته المعروفة كان منهـا‏:‏ ولقـد بلغني رفضكم المهلب وإقبالكم إلى مصركم عاصين مخالفين وأيم الله لا أجد أحداً متخلفاً عن عسكره بعد ثلاثة إلا ضربت عنقه وأنهب داره‏.‏ ثم دعا العرفاء وقـال‏:‏ ألحقـوا الناس بالمهلب وأتوني بالبراءة بموافاتهم ولا تغلقن أبواب الجسر‏.‏ ووجد عمر بن ضابىء من المتخلفين وأخبر أنه من قتلة عثمان فقتله‏.‏ فأخرج جند المهلب وازدحموا على الجسر وجاء العرفاء إلى المهلب برامهرمز فأخـذوا كتابـه بموافـاة النـاس وأمرهـم الحجـاج بمناهضـة الخـوارج فقاتلوهم شيئاً ثم انزاحوا إلى كازرون وسار المهلب وابن مخنف فنزلوا بهم‏.‏ وخندق المهلب ولم يخندق ابن مخنف وبيتهم الخوراج فوجدوا المهلب حذراً فمالوا إلى ابن مخنف فانهزم عنه أصحابه وقاتل حتى قتل‏.‏ وفي حديث أهل الكوفة أنهم لما ناهضوا الخوارج مالوا إلى المهلب واضطروه إلى معسكره وأمده عبد الرحمن بعامة عسكره وبقي في خف من الجند فمال إليه الخوارج فنزل ونزل معه الفراء وواحد وسبعون مـن أصحابـه فقتلـوا وجـاء المهلـب مـن الغـد فدفنـه وصلـى عليـه وكتـب بالخبـر إلى الحجاج فبعث على عتاب بن ورقاء وأمره بطاعة المهلب فأجـاب لذلـك وفـي نفسـه منـه شيء وعاتبه المهلب يوماً ورفع إليه القضيب فرده ابنه المغيرة عن ذلـك‏.‏ وكتـب عتـاب يشكـو المهلـب إلـى الحجـاج ويسألـه العـود وصـادف ذلـك أمـر شبيب فاستقدمه وبقي المهلب‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:36

حروب الصفرية وشبيب مع الحجاج
ثم خرج صالح بن مسرح التميمي من بني امرىء القيس بن زيد مناة وكان يرى رأي الصفرية وكان عابداً ومسكنه أرض الموصل والجزيرة وله أصحاب يقرئهم القرآن والفقه وكان يأتي الكوفة ويلقى أصحابه ويعد ما يحتاج إليه‏.‏ فطلبه الحجاج فترك وجاء إلى أصحابه بالموصل ودار فدعاهم إلى الخروج وحث الناس عليه‏.‏ وجاءه كتاب شبيب بن يزيد بن نعيم الشيباني من رؤوسهم يحثه علـى مثـل ذلـك‏.‏ فكتـب إليـه فـي انتظـارك فأقـدم‏.‏ فقـدم شبيـب فـي نفـر مـن أصحابـه منهم أخوه المضاد والمحلل بن وائل اليشكري ولقيه بدارا وأجمع صالح الخـروج‏.‏ وبعـث إلـى أصحابه في صفر سنة ست وسبعين‏.‏ وأمر بالدعاء قبل القتال وخير في الدماء والأموال‏.‏ وعرضت له دواب لمحمد بن مروان بالجزيرة فأخذوها وحملوا عليها أصحابهم‏.‏ وبلـغ محمـد بـن مـروان وهـو أميـر الجزيـرة خروجهم فسرح إليهم عدي بن عدي في ألف فسار من حران وكان ناسكاً فكره حروبهم وبعث إليهم بالخروج فحبسوا الرسول‏.‏ فساروا إليه فطلعوا عليه وهو يصلي الضحى وشبيب في الميمنة وسويد بن سليم في الميسرة‏.‏ وركب عدي علـى غيـر تعبيـة فانهـزم واحتـوى الخـوارج على معسكره ومضوا إلى آمد‏.‏ وسرح محمد بن مروان خالد بن حر السلمي في ألف وخمسمائة والحارث بن جعونة العامري في مثلها وقال‏:‏ أيكما سبق فهو أمير على صاحبه‏.‏ وبعث صالـح شبيبـاً إلـى الحـارث وتوجـه هـو نحـو خالـد وقاتلوهـم أشـد القتـال‏.‏ واعتصـم أصحاب محمد بخندقهم فسارت الخوارج عنهم وقطعوا أرض الجزيرة والموصل إلى الدسكرة‏.‏ فسـرح إليهـم الحجـاج الحـارث بـن عميـرة بـن ذي الشعـار فـي ثلاثـة آلـاف مـن أهـل الكوفة فلقيهم على تخـم ما بين الموصل وصرصر والخوارج في تسعين رجلاً‏.‏ فانهزم سويد بن سليم وقتل صالح وصرع شبيب‏.‏ ثم وقف على صالح قتيلاً فنادى بالمسلمين فلاذوا به ودخلوا حصناً هنالك وهـم سبعـون‏.‏ وعاث الحارث بهم وأحرق عليهم الباب ورجع حتى يصبحهم من الغداة‏.‏ فقال لهـم شبيـب‏:‏ بايعـوا مـن شئتـم مـن أصحابكـم واخرجـوا بنا إليهم‏.‏ فبايعوه وأطفؤوا النار بالماء في اللبود وخرجوا إليه فبيتوا وسرح الحارث فحملوا على أصحابه وانهزموا نحو المدائن وحـوى شبيب عسكرهم‏.‏ وسار شبيب إلى أرض الموصل فلقي سلامة بن سنان التميمي من تميم شيبان أوخاه فضالة من أكابر الخـوارج‏.‏ وكـان خـرج قبـل صالـح فـي ثمانيـة عشـر رجـلاً ونـزل علـى مـاء لبنـي عنـزة فقتلوهـم وأتوا برؤوسهم إلى عبـد الملـك يتقربـون لـه بهـم‏.‏ فلمـا دعـا شبيـب سلامـة إلـى الخـروج شـرط عليـه أن ينتخـب ثلاثيـن فارسـاً ويسيـر بهم إلى عنزة‏.‏ فيثأر منهم بأخيه فقبل شرطه‏.‏ وسار إلى عنزة فأثخـن فيهـم وجعـل يقتـل الحلـة بعـد الحلـة‏.‏ ثـم أقبـل شبيـب إلـى داران فـي نحـو سبعيـن رجـلاً ففرت منهم طائفة من بني شيبان نحو ثلاثة آلاف فنزلوا ديراً خراباً وامتنعوا منه وسار في بعض حاجاتـه واستخلف أخاه مضاد بن يزيد بجماعة من بني شيبان في أموالهم مقيمين فقتل منهم ثلاثين شيخاً فيهم حوثرة بن أسد‏.‏ وأشرف بنو شيبان على مضاد وأصحابه وسألوا الأمان ليخرجوا إليهم ويسمعوا دعوتهم فأخرجوا وقبلوا ونزلوا إليهم واجتمعـوا بهـم‏.‏ وجـاء شبيـب فاستصوب فعلهم‏.‏ وسار بطائفة أذربيجان‏.‏ وكـان الحجـاج قـد بعـث سفيـان بن أبي العالية الخثعمي إلى طبرستان يحاصرها في ألف فارس وكتب إليه الحجاج أن يرجع‏.‏ فصالح أهل طبرستان ورجع فأقـام بالدسكـرة يطلـب المـدد‏.‏ وبعـث الحجاج أيضاً إلى الحارث بن عميرة الهمداني قاتل صالح أن يأتيه بجيش الكوفة والمدائن وإلـى سـورة بـن أبجـر التميمـي فـي خيل المناظر‏.‏ ويعجل سفيان في طلب شبيب فلحقه بخانقين فاستطردهـم وأكمـن كمينـاً لهـم مـع أخيـه واتبعـوه فـي سفـح الجبـل فخـرج عليهـم الكمين فانهزموا بغير قتـال وثبت سفيان وقاتل‏.‏ ثم حمل شبيب فانكشف ونجا إلى بابل مهرود وكتب إلى الحجاج بالخبـر وبوصـول العساكـر إلا سـورة بـن أبجـر‏.‏ فكتب الحجاج إلى سورة يتهمله ويأمره أن يتخذ من المدائن خمسمائة فارس ويسير إلى شبيب فسار‏.‏ وانتهى شبيب إلى المدائن ثم إلى الهندوان فترحـم أصحابـه هنالـك‏.‏ وبيتهـم سورة هنالك وهم حذرون فلم يصب منهم الغرة‏.‏ ورجع نحو المدائن وشبيب في اتباعه‏.‏ وخـرج ابـن أبـي عصيفير عامل المدائن فقاتلهم وهرب كثير من جنده إلى الكوفة ومضى شبيب إلـى تكريـت‏.‏ ووصـل سـورة إلـى الكوفـة بالفـل فحبسـه الحجـاج ثـم أطلقـه‏.‏ وسـرح عثمـان بـن سعيد بـن شرحبيـل الكنـدي ويلقـب الجزل في أربعة آلاف ليس فيهم من المنهزمين أحد وساروا لحرب شبيـب وأصحابـه‏.‏ وقـدم بيـن يديـه عيـاض بـن أبـي لينـة الكنـدي وجعلـوا يتبعـون شبيباً من رستاق إلـى رستـاق وهـو علـى غيـر تعبيـة والجـزل علـى التبعيـة ويخندق على نفسه متى نزل‏.‏ وطال ذلك علـى شبيـب وكـان فـي مائـة وستيـن فقسمـه علـى أربـع فـرق وثبـت الجـزل ومشايخه فلم يصب منهم فرجع عنهم‏.‏ ثم صبحهم فلم يظهر منهم بشيء‏.‏ وسار الجـزل فـي التبعيـة كمـا كـان وشبيـب يسيـر فـي أرض الخـوارج وغيرهـا يكسـب الخـراج‏.‏ وكتـب الحجاج إلى الجزل ينكر عليه البطء ويأمره بالمناهضة‏.‏ وبعث سعيد بن المجالدي على جيش الجزل فجاءهم بالهندوان ووبخهم وعجزهم‏.‏ وجاءهم الخبر بأن قد دخل قطيطيا والدهقان يصلح لهم الغداء فنهض سعيد في الناس وترك الجزل مع العسكر وقد صف بهـم خـارج الخنـدق‏.‏ وجـاء سعيد إلى قطيطيا وعلم به شبيب فأكل وتوضأ وصلى‏.‏ وخرج فحمل على سعيد وأصحابه مستعرضاً فانهزموا وثبت سعيد فقتله وسار في اتباعهم إلى الجزل فقاتلهم الجـزل حتـى وقـع بيـن القتلـى جريحـاً‏.‏ وكتـب إلـى الحجـاج بالخبـر وأقام بالمدائن‏.‏ وانتهى شبيب إلى الكرخ وعبر دجلة إليه وأرسل إلى سوق بغداد فأتاهم في يوم سوقهم واشترى منه حاجاته وسار إلى الكوفة‏.‏ فلما قرب منها بعث الحجاج سويد بن عبد الرحمن السعدي في ألفي رجل فساروا إلـى شبيـب‏.‏ وأمـر عثمـان بـن قطن فعسكر في السبخة‏.‏ وخالفه شبيب إلى أهل السبخة فقاتلوه‏.‏ وجـاء سويد في آثاره فمضى نحو الحيرة وسويد في اتباعه‏.‏ ثم رحل من الحيرة وجاء كتاب الحجاج إلى سويد يأمره باتباعه‏.‏ فمضى في إتيانه وشبيب يغير في طريقه‏.‏ وأخذ على القطقطانة ثم على قصر بني مقاتل ثم على الأنبار ثم ارتفع على أدنى أذربيجان‏.‏ ولما أبعد سـار الحجاج إلى البصرة واستعمل على الكوفة عروة بن المغيرة بن شعبة فجاءه كتاب دهقان بابل مهرود يخبره بقصد شبيب الكوفة فبعث بالكتاب إلى الحجاج‏.‏ وأقبل شبيب حتى نزل عقرقوبا ونزل وسار منها يسابق الحجاج إلى الكوفة‏.‏ وطوى الحجاج المنازل فوصل الكوفة عند العصر ووصل شبيب عند المغـرب‏.‏ فـأراح وطعمـوا ثـم ركبـوا ودخلـوا إلـى السـوق‏.‏ وضـرب شبيـب القصـر بعمـوده‏.‏ ثم اقتحموا المسجد الأعظم فقتلوا فيه من الصالحيـن ومـروا بـدار صاحـب الشرطة فدعوه إلى الأمير ونكرهم فقتلوا غلامه‏.‏ ومروا بمسجد بني ذهل فقتلوا ذهل بن الحارث وكان يطيل الصلاة فيه‏.‏ ثم خرجوا من الكوفة واستقبلهم النضر بن القعقاع بن شور الذهلي وكان ممن أقبل مع الحجاج من البصرة فتخلف عنه‏.‏ فلما رآه قال‏:‏ السلام عليك أيها الأمير فقال له شبيب‏:‏ قل أمير المؤمنين ويلك فقالها‏.‏ وأراد شبيب أن يلقنه للقرابة بينهما‏.‏ وكان النضر ناحية بيت هانىء بن قبيصة الشيباني فقال له‏:‏ يا نضر لا حكم إلا لله ففطن بهم وقال‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون وشد عليه أصحاب شبيب فقتلوه‏.‏ ونـادى منـادي الحجـاج بالكوفة يا خيل الله اركبي وهو بباب القصر وكان أول من أتاه عثمان بن قطـن بـن عبـد اللـه بـن الحسيـن ذي القصـة‏.‏ ثم جاء الناس من كل جانب فبعث الحجاج خالد بن الأسدي وزائدة بن قدامة الثقفي وأبا الضريس مولى بني تميم وعبد الأعلى بن عبد الله بن عامـر وزيـاد بـن عبـد الله العتكي في ألفين ألفين وقال‏:‏ إن كان حرب فأميركم زائدة بن قدامة‏.‏ وبعث معهم محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله من سجستان وكان عبد الملك قد ولاه عليهـا وأمر الحجاج أن يجهزه ويبعثه في آلاف من الجنود إلى عمله فجهزه وحدث أمر شبيب‏.‏ فقال له الحجاج تجاهد ويظهر اسمك ثم تمضي إلى عملك فساروا جميعاً ونزلوا أسفل الفرات‏.‏ وأخـذ شبيب نحو القادسية وجرد الحجاج ألفاً وثمانمائة من نقاوة الجند مغ ذخر بن قيس وأمره بمواقعة شبيب أينما أدركه وإن ذهب فاتركه‏.‏ فأدركه بالسلخين وعطف عليه شبيب فقاتل ذخر حتى صرع وفيه بضعة عشر جرحاً‏.‏ وانهزم أصحابه يظنون أنه قتل‏.‏ ثم أفاق من برد السحر فدخل قرية وسار إلى الكوفة‏.‏ ثم قصد شبيب وأعوانه وهم على أربعة وعشرين فرسخاً من الكوفة فقال‏:‏ إن هزمناهم فليس دون الحجاج والكوفة مانع‏.‏ وانتهى إليهم وقد تعبؤوا للحرب وعلى الميمنة زياد بن عمر العتكي وعلى الميسرة بشر بن غالب الأسدي وكل أمير بمكانه‏.‏ وعبى شبيب أصحابه ثلاثة كتائب فحمل سويد بن سليم على زياد بن عمر فانكشفوا وثبت زياد قليلاً ثم حمل الثانية فانهزمـوا وانهـزم جريحـاً عنـد المسـاء‏.‏ ثـم حملـوا علـى عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر فانهزم ولم يقاتل ولحق بزياد بن عمر وحملـت الخـوارج حتـى انتهـت إلـى محمـد بـن موسـى بـن طلحـة عنـد الغـروب فقاتلـوه وصبر لهم‏.‏ ثم حمل مضاد أخو شبيب على بشر بن غالـب فـي الميسـرة فصبـر ونـزل فـي خمسيـن رجـلاً فقاتلـوه حتـى قتلـوا وحملـت الخـوارج علـى أبي الضريس مولى بني تميم فهزموه حتى انتهى إلى أعين ثم حملوا عليـه وعلـى أعيـن فهزموهمـا إلـى زائـدة بـن قدامـة‏.‏ فلمـا انتهـوا إليـه نـادى نـزال وقاتلهـم إلى السحر ثم حمل شبيب عليه فقتله وقتل أصحابه ودخل أبو الضريس مع الفل إلى الجوسق بإزائهم‏.‏ ورفـع الخـوارج عنهـم السيـف ودعوهـم إلـى البيعـة لشبيـب عند الفجر فبايعوه وكان فيمن بايعه أبو بردة وبقي محمد بن موسى لم ينهزم فلما طلع الفجرة سمع شبيب أذانهم وعلم مكانهم فأذن وصلى ثم حمل عليهم فانهزمت طائفة منهم وثبتت أخرى وقاتل محمد حتـى قتـل‏.‏ وأخـذ الخـوارج مـا فـي العسكـر وانهـزم الذيـن بايعـوا شبيباً فلم يبق منهم أحد وجاء شبيب إلى الجوسق الـذي فيـه أعيـن وأبو الضريس فتحصنوا منه فأقام يوماً عليهم وسار عنهم وأراده أصحابه على الكوفة وإزاءهم خوخى فتركها وخرج على نفر‏.‏ وسمـع الحجـاج بذلك فظن أنه يريد المدائن وهي باب الكوفة وأكثر السواد لها فهاله ذلك وبعث عثمـان بـن قطـن أميـراً علـى المدائـن وخوخـى والأنبـار وعـزل منها عبد الله بن أبي عصيفير‏.‏ وقيل فـي مقتـل محمـد بـن موسـى غيـر هـذا وهـو أنـه كـان شهد مع عمر بن عبد الله بن معمر قتال أبي فديك فزوجه عمر ابنته وكانت أخته تحت عبد الملك فولاه سجستان فمـر بالكوفـة وقيـل للحجـاج إن جـاء إلـى هـذا أحـد ممـن تطلبـه منعـك منـه فمـره بقتـال شبيـب فـي طريقه لعل الله يريحك منه ففعل الحجاج وعدل محمد‏.‏ إلى قتال شبيب وبعث إليه شبيب بدهاء الحجاج وخديعته إيـاه وأن يعـدل عنـه فأبـى شبيبـاً فبارزه وقتله شبيب ولما انهزم الأمراء وقتل موسى بن محمد بن طلحـة دعـا الحجـاج عبـد الرحمـن بـن الأشعـث وأمـره أن ينتخـب ستـة آلـاف فـارس ويسيـر في طلب شبيـب أيـن كـان فسـار لذلـك‏.‏ ثم كتب إليه وإلى أصحابه يتهددهم إن انهزموا ومر ابن الأشعث بالمدائن وعاد الجزل من


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:37

جراحته فوصاه وحفره وحمله على فرسه وكانت لا تجارى‏.‏ وسار شبيـب على دقوقا وشهرزور وابن الأشعث في اتباعه إلى أن وقف على أرض الموصل وأقام فكتب إليه الحجاج‏:‏ أما بعد فاطلب شبيباً واسلك في أثره أين سلك حتى تدركه فاقتله أو تنفيه فإنما السلطان سلطان أمير المؤمنين والجند جنده‏.‏ فجعل ابن الأشعث يتبعه وشبيب يقصد به الأرض الخشنة الغليظة وإذا دنا منه رجع يبيته فيجده علـى حـذره حتـى أتعـب الجيش وأحفى دوابهم ونزل بطن أرض الموصل ليس بينه وبين السواد إلا نهر حولايا في دادان الأعلـى مـن الـأرض خوخـى‏.‏ ونـزل عبـد الرحمـن فـي عواقيـل النهر وكانت أيام النحر وطلب شبيب الموادعـة فيهـا فأجابـه قصـداً للمطاولـة‏.‏ وكتـب عثمـان بـن قطـن بذلـك إلـى الحجاج فنكر وبعث إلى عثمان بن قطن بإمارة العسكر وأمره بالمسير وعزل عبد الرحمن بن الأشعث‏.‏ وبعث على المدائن مطرف بن المغيرة مكان ابن قطن وقدم ابن قطن على عسكر الكوفة عشية يوم التروية وناداهم إلى الحرب فاستمهلوه وأنزله عبد الرحمن بن الأشعث‏.‏ وأصبحوا إلى القتال ثالث يومهم على تعبية وفي الميمنة خالد بن نهيك بن قيس وفي الميسرة عقيل بن شداد السلولي وابن قطن في الرجالـة وعبـر إليهـم شبيـب فـي مائـة وثلاثيـن رجـلاً فوقـف فـي الميمنـة وأخـوه مضـاد فـي القلـب وسويـد بـن سليـم فـي الميسـرة وحمـل شبيـب على ميسرة عثمان بن قطن فانهزموا ونزل عقيل بن شداد فقاتل حتى قتل وقتل معه مالك بن عبد الله الهمداني‏.‏ وحمل سويد على ميمنة عثمان فهزمها وقاتل خالد بن نهيك فجاء شبيب من ورائه فقتله وتقدم عثمان إلى مضاد في القلب فاشتد القتال وحمل شبيب من وراء عثمان وعطف عليه سويد بن سليم ومضاد من القلب حتى أحاطوا بـه فقتلـوه‏.‏ وانهزمـت العساكـر ووقـع عبـد الرحمن‏.‏ بن الأشعث فأتاه ابن أبي شثبة الجعفي وهو على بغلة فأردفه ونادى في الناس باللحاق بدير أبي مريم‏.‏ ورفـع شبيـب السيـف عـن النـاس ودعاهم إلى البيعة فبايعوه ولحق ابن الأشعث بالكوفة فاختفى حتـى أمنـه الحجاج‏.‏ ومضى شبيب إلى ماه نهرادان فأقام فيه فصل الصيف فلحق به من كان للحجاج عليه تبعة‏.‏ ثم أقبـل إلـى المدائـن فـي ثمانمائـة رجـل وعليهـا مطـرف بـن المغيـرة‏.‏ وبلـغ الخبـر إلـى الحجاج فقـام فـي النـاس وتسخـط وتوعـد‏.‏ فقـال زهـرة بـن حويـة وهـو شيـخ كبيـر لا يستطيـع القيـام إلا معتمـداً‏.‏ أنـت تبعث الناس متقطعين فيصيبون منهم فاستنفر الناس جميعاً وابعث عليهم رجلاً شجاعـاً مجربـاً يـرى الفـرار عـاراً والصبـر مجداً وكرماً‏.‏ فقال الحجاج‏:‏ أنت ذلك الرجل‏!‏ فقال‏:‏ إنما يصلح من يحمل الدرع والرمح ويهز السيف ويثبت على الفرس ولا أطيق من هذا شيئاً وقد ضعف بصري ولكن أكون مع أمير وأشير عليه‏.‏ فقال له‏:‏ جزاك الله خيراً عن الإسلام وأهله أول أمرك وآخره‏.‏ ثم قال للناس‏:‏ سيروا فتجهزوا بأجمعكم فتجهزوا وكتب الحجاج إلى عبد الملك بأن شبيباً شارف المدائن يريد الكوفة وهم عاجزون عن قتاله بما هزم جندهم وقتل أمراءهم ويستمده مـن جنـد الشـام فبعـث إليـه عبـد الملـك سفيـان بـن الأبـرد الكلبي في أربعة آلاف وحبيب بن عبد الرحمن الحكمي في ألفين وذلك سنة ست وسبعين‏.‏ وكتـب الحجـاج إلى عتاب بن ورقاء الرياحي يستقدمه من عند المهلب وقد وقع بينهما كما مر فقدم عتاب وولاه على الجيش فشكر زهرة بن حوية له وقال‏:‏ رميتهم بحجرهم والله لا يرجع إليك حتى يظفر أو يقتل‏.‏ وبعث الحجاج إلى جند الشام يحذرهم البيات ويوصيهم الاحتياط وأن يأتـوا علـى عيـن التمـر‏.‏ وعسكـر عتاب بجماع أعين ثم قطع شبيب دجلة إلى المدائن وبعت إليـه مطـرف أن يأتيـه رجـال مـن وجوههـم ينظـر في دعوتهم فرجا منه وبعث إليه بغيث بن سويد في جماعـة مكثـوا عنـده أربعـاً ولـم يرجعـوا مـن مطـرف بشـيء ونـزل عتـاب الصـراة وخـرج مطـرف إلـى الجبال خوفاً أن يصل خبره مع شبيب إلى الحجاج‏.‏ فخـلا لهـم الجـو وجـاء مضـاد إلـى المدائن فعقد الجسر ونزل عتاب سوق حكم في خمسين ألفاً‏.‏ وسـار شبيـب بأصحابـه فـي ألـف رجـل فصلـى الظهـر بسابـاط وأشرف على عسكر عتاب عند المغرب وقد تخلف عنه أربعمائة من أصحابه فصلى المغرب وعبى أصحابه ستمائة سويد بن سليم في مائتيـن فـي الميسـرة والمحلـل بـن وائـل فـي مائتيـن فـي الميمنـة وهـو فـي مائتيـن فـي القلـب‏.‏ وكـان علـى ميمنـة عتـاب محمد بن عبد الرحمن بن سعيد وعلى ميسرته نعيم بن عليم وعلى الرجالة حنظلة بن الحارث اليربوعي وهو ابن عمه وهم ثلاثة صفوف بين السيوف والرماح والرماة‏.‏ ثم حرض الناس طويلاً وجلس في القلب ومعه زهرة بن مرثد وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعـث وأبـو بكـر بـن محمـد بـن أبـي جهـم العـدوي‏.‏ وأقبـل شبيب حين أضاء القمر بين العشاءين فحمـل علـى الميسـرة وفيهـا ربيعـة فانفضـوا وثبـت قبيصـة بـن والـق وعبيـد بـن الجليـس ونعيـم بـن عليم على رايتهـم حتـى قتلـوا‏.‏ ثـم حمـل شبيـب علـى عتـاب بـن ورقـاء وحمـل سويـد بـن سليـم علـى محمـد بـن سليـم فـي الميمنـة فـي تميـم وهمـدان‏.‏ واشتـد القتـال وخالـط شبيـب القلـب وانفضـوا وتركـوا عتاباً وفـر ابـن الأشعـث فـي نـاس كثيريـن وقتـل عتاب بن ورقاء وركب زهرة بن حوية فقاتل ساعة ثم طعنه عامر بن عمر الثعلبي من الخوارج ووطأته الخيل فقتله الفضل بن عامر الشيباني منهم ووقف عليه شبيب‏.‏ وتوجع له ونكر الخوارج ذلك وقالوا أتتوجع لرجل كافر فقـال أعـرف قديمه‏.‏ ثم رفع السيف عن الناس ودعا للبيعة فبايعوه وهربوا تحت ليلهم وحوى ما في العسكر وأتاه أخوه من المدائن وأقام يومين‏.‏ ثم سار نحو الكوفة ولحق سفيان بن الأبـرد وعسكـر الشـام بالحجاج فاستغنى بهم عن أهل الكوفة واشتد بهم وخطب فوبخ أهل الكوفة وعجزهم‏.‏ وجاء شبيب فنزل حمام أعين فسرح الحجاج إليه الحارث بن معاوية الثقفي في نحو ألف من الشـرط لـم يشهـدوا يـوم عتـاب فبـادر إليـه شبيـب فقتلـه وانهزم أصحابه إلى الكوفة وأخرج الحجاج مواليه فأخذوا بأفواه السكك وجاء شبيب فنزل السبخة ظاهر الكوفة وبنى فيها مسجداً وسـرح الحجـاج مولـاه أبـا الـورد فـي غلمـان لقتالـه فحمـل عليـه شبيـب وقتلـه يظنـه الحجـاج‏.‏ ثـم أخرج إليه مولاه طهمان كذلك فقتله فركب الحجاج في أهل الشام وجعل سبرة بن عبد الرحمن بن محنـف علـى أفـواه السكـك‏.‏ وقعد على كرسيه ونادى في أهل الشام وحرضهم فغضوا الأبصار وجثوا على الركب وشرعوا الرماح‏.‏ وأقبل شبيب في ثلاثة كراديس معه ومع سويد بن سليم ومع المحلل بن وائل‏.‏ وحمل سويد وبيتوا وطاعنوه حتى انصرف‏.‏ وقدم الحجاج كرسيه وحمل المحلل ثانية فكذلك وقدم الحجاج كرسيـه فثبتـوا لـه وألحقـوه بأصحابـه وسـرب شبيـب سويد بن سليم إلى أهل السكك وكان عليها عـروة بـن المغيـرة بـن شعبـة فلم يطق دفاعه‏.‏ ثم حمل شبيب فطاعنوه وردوه وانتهى الحجاج إلى مسجـده وصعـده وملـك العرصـة وقـال لـه خالـد بـن عتـاب ائـذن لـي فـي قتالهم فإني موتور فأذن له فجاءهم من ورائهم وقتل أخا شبيب وغزالة امرأته وخرق عسكرهم وحمل الحجاج عليهم فانهزمـوا‏.‏ وتخلـف شبيـب رداً لهـم فأمر الحجاج أصحابه بموادعتهم ودخل الكوفة فخطب وبشر ثـم سـرح حبيـب بـن عبـد الرحمـن الحكمـي فـي ثلاثـة


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 13 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:37

آلـاف فـارس لأتباعـه وحذره بياته فانتهى في أثره إلى الأنبار وقد افترق عن شبيب كثير من أصحابه للأمان الذي نادى الحجاج به فجاءه شبيـب عنـد الغـروب وقد قسم حبيب جنده أرباعاً وتواصوا بالاستماتة فقاتلهم شبيب طائفة بعـد طائفـة‏.‏ فمـا زالـت قـدم إنسـان عـن موضعهـا إلـى آخـر الليـل‏.‏ ثـم نزل شبيب وأصحابه واشتد القتـال وكثر القتلى وسقطت الأيدي وفقئت لأعين‏.‏ وقتل من أصحاب شبيب نحو ثلاثين ومن أهل الشام نحو مائة‏.‏ وأدركهم الإعياء والفشل جميعاً‏.‏ فانصرف شبيب بأصحابه وقطع دجلة ومر في أرض خوخـى‏.‏ ثـم قطـع دجلـة أخـرى عنـد واسـط ومضـى علـى الأهـواز وفـارس إلـى كرمـان ليريح بها‏.‏ وقـد قيل في هذه الحرب غير هذا وهو أن الحجاج بعث إليه أمراء واحداً بعد واحد فقتلهم وكان منهم أعين صاحب حمام أعين وكانت غزالة امرأة شبيب نذرت أن تصلي في مسجد الكوفة ركعتين بالبقرة وآل عمران‏.‏ فجاء شبيب ودخل الكوفة ليلاً وأوفت بنذرها ثم قاتلهم الناس وخرجوا‏.‏ وقام الحجاج في الناس يستشيرهم وبرز إليه قتيبة وعذله في بعث الرعاع ينهزمون ويموت قائدهـم والـرأي أن تخـرج بنفسـك فتحالمـه خـرج مـن الغـد إلـى السبخـة وبهـا شبيب واختفى مكانه عن القوم ونصب أبا الورد مولاه تحت اللواء فحمل عليه شبيب فقتله‏.‏ ونـزل عنـد ذلـك الحجـاج وأصحابـه وجلـس علـى عبـاءة ومعه عنبسة بن سعيد‏.‏ وبينما هم على ذلـك إذ اختلـف الخـوارج وقـال مصقلـة بـن مهلهـل الضبـي لشبيـب‏:‏ مـا تقـول فـي صالح بن سرح قال‏:‏ برئت منه فبريء مصقلة منه وفارقه وشعر الحجاج باختلافهم فسرح خالد بن عتاب لقتالهم فقاتلهم في عسكرهم وقتل غزالة وبعث برأسها إلى الحجاج فأمر شبيب من اعترضه فقتل حامله وجاء به فغسله ودفنه وانصرف الخـوارج وتبعهـم خالـد‏.‏ وقتـل مضـاد أخـو شبيـب ورجـع خالـد عنهـم بعـد أن أبلـى وسـار شبيـب إلـى كرمان وكتب الحجاج إلى عبد الملك يستمده فبعـث إليـه سفيـان بـن الأبـرد الكلبـي فـي العساكر فأنفق فيهم المال وسرحه بعد انصراف الخوارج بشهرين وكتب إلى عامل البصرة وهو الحكم بن أيوب زوج ابنته أن يبعث بأربعة آلاف فارس من جند البصرة إلى سفيان فبعثهم مع زياد بن عمر العتكي فلحقه انقضاء الحرب‏.‏ وكان شبيب بعد أن استجم بكرمان أقبل راجعاً فلقـي سفيـان بالأهـواز فعبـر إليـه جسـر دجيـل وزحـف فـي ثلاثـة كراديـس فقاتلهـم أشد قتال وحملوا عليهم أكثر من ثلاثين حملة وسفيان وأهـل الشـام مستميتـون يزحفـون زحفـاً حتـى اضطـر الخوارج إلى الجسر فنزل شبيب في مائة من أصحابه وقاتل إلى المساء حتى إذا جاء الليل انصرف وجاء إلى الجسر فقدم أصحابه وهو علـى أثرهـم‏.‏ فلمـا مـر بالجسـر اضطـرب حجـر تحـت حافـر فرسـه وهـو علـى حرف السفينة فسقط فـي المـاء وغـرق وهـو يقـول‏:‏ وكـان أمر الله مفعولاً ذلك تقدير العزيز العليم‏.‏ وجاء صاحب الجسر إلـى سفيـان وهـو يريـد الانصراف بأصحابه فقال إن رجلاً من الخوارج سقط فتنادوا بينهم غرق أمير المؤمنين ومروا وتركوا عسكرهم فكبر سفيان وأصحابه وركب إلى الجسر وبعث إلى عسكرهم فحوى ما فيه وكان كثير الخيرات ثم استخرجوا شبيباً من النهر ودفنوه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 13 من اصل 20 الصفحة السابقة  1 ... 8 ... 12, 13, 14 ... 16 ... 20  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى