تعالى اشطفها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تاريخ ابن خلدون

صفحة 14 من اصل 20 الصفحة السابقة  1 ... 8 ... 13, 14, 15 ... 20  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 4 مايو 2008 - 0:04

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

بسم الله الرحمن الرحيم



تمهيـــد
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه الغني بلطفه عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي وفقه الله تعالى‏:‏ الحمد لله الذي له العزة والجبروت وبيده الملك والملكوت وله الأسماء الحسنى والنعوت العالم فلا يعزب عنه ما تظهره النجوى أو يخفيه السكوت القادر فلا يعجزه شي في السماوات والأرض ولا يفوت‏.‏ أنشأنا من الأرض نسماً واستعمرنا فيها أجيالاً وأمماً ويسر لنا منها أرزاقاً وقسماً‏.‏ تكنفنا الأرحام والبيوت ويكفلنا الرزق والقوت وتبلينا الأيام والوقوت وتعتورنا الآجال التي خط علينا كتابها الموقوت وله البقاء والثبوت وهو الحي الذي لا يموت والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد النبي الأمي العربي المكتوب في التوراة والإنجيل المنعوت الذي تمخض لفصاله الكون قبل ان تتعاقب الآحاد والسبوت ويتباين زحل واليهموت وشهد بصدقه الحمائم والعنكبوت وعلى آله وأصحابه الذين لهم في محبته واتباعه الأثر البعيد والصيت والشمل الجميع في مظاهرته ولعدوهم الشمل الشتيت صلى الله عليه وعليهم ما اتصل بالإسلام جده المبخوت وانقطع بالكفر حبله المبتوت وسلم كثيراً‏.‏ أما بعد فإن فن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم والأجيال وتشد إليه الركائب والرحال وتسمو إلى معرفته السوقة والأغفال وتتنافس فيه الملوك والأقيال ويتساوى في فهمه العلماء والجهال إذ هو في ظاهره لا يزيد على إخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأول تنمو فيها الأقوال وتضرب فيها الأمثال وتطرف بها الأندية إذا غصها الاختفال وتؤدي إلينا شأن الخليقة كيف تقلبت بها ألاحوال واتسع للدول فيها النطاق والمجال وعمروا الأرض حتى نادى بهم الارتحال وحان منهم الزوال وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومباديها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق وجدير بأن يعد في علومها وخليق‏.‏ وإن فحول المؤرخين في الإسلام قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها وسطروها في صفحات الدفاتر وأودعوها وخلطها المتطفلون بدسائس من الباطل وهموا فيها أو ابتدعوها وزخارف من الروايات المضعفة لفقوها ووضعوها واقتفى تلك الآثار الكثير ممن بعدهم واتبعوها‏.‏ وأدوها إلينا كما سمعوها ولم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها ولا رفضوا ترهات الأحاديث ولا دفعوها فالتحقيق قليل وطرف التنقيح في الغالب كليل والغلط والوهم نسيب للأخبار وخليل والتقليد عريق في الآدميين وسليل والتطفل على الفنون عريض وطويل ومرعى الجهل بين الأنام وخيم وبيل‏.‏ والحق لا يقاوم سلطانه والباطل يقذف بشهاب النظر شيطانه والناقل إنما هو يملي وينقل والبصيرة تنقد الصحيح إذا تمقل والعلم يجلو لها صفحات الصواب ويصقل‏.‏ هذا وقد دون الناس في الأخبار وأكثروا وجمعوا تواريخ الأمم والدول في العالم وسطروا‏.‏ والذين ذهبوا بفضل الشهرة والأمانة المعتبرة واستفرغوا دواوين من قبلهم في صحفهم المتأخرة هم قليلون لا يكادون يجاوزون عدد الأنامل ولا حركات العوامل مثل ابن إسحاق والطبري وابن الكلبي ومحمد بن عمر الواقدي وسيف بن عمر الأسدي والمسعودي وغيرهم من المشاهير المتميزين عن الجماهير وإن كان فى كتب المسعودي والواقدي من المطعن والمغمز ما هو معروف عند الأثبات ومشهور بين الحفظة الثقات إلا أن الكافة اختصتهم بقبول أخبارهم واقتفاء سننهم في التصنيف واتباع آثارهم والناقد البصير قسطاس نفسه في تزييفهم فيما ينقلون‏.‏ أو اعتبارهم فللعمران طبائع في أحواله ترجع إليها الأخبار وتحمل عليها الروايات والآثار‏.‏ ثم إن أكثر التواريخ لهؤلاء عامة المناهج والمسالك لعموم الدولتين صدر الإسلام في الآفاق والممالك وتناولها البعيد من الغايات في المآخذ والمتارك‏.‏ ومن هؤلاء من استوعب ما قبل الملة هن الدول والأمم والأمر العمم كالمسعودي ومن نحا منحاه‏.‏ وجاء من بعدهم من عدل عن الإطلاق إلي التقييد ووقف في العموم والإحاطة عن الشأو البعيد فقيد شوارد عصره واستوعب أخبار أفقه وقطره واقتصر على أحاديث دولته ومصره‏.‏ كما فعل أبوحيان مؤرخ الأندلس والدولة الأموية بها وابن الرفيق مؤرخ إفريقية والدول التي كانت بالقيروان‏.‏ شم لم يأت من بعد هؤلاء إلا مقلد وبليد الطبع والعقل أو متبلد ينسج على ذلك المنوال ويحتذي منه بالمثال ويذهل عما أحالته الأيام من الأحوال واستبدلت به من عوائد الأمم والأجيال‏.‏ فيجلبون الأخبار عن الدول وحكايات الوقائع في العصور الأول صوراً قد تجردت عن موادها وصفاحاً انتضيت من أغمادها ومعارف تستنكر للجهل بطارفها وتلادها إنما هي حوادث لم تعلم أصولها وأنواع لم تعتبر أجناسها ولا تحققت فصولها يكررون في موضوعاتهم الأخبار المتداولة بأعيانها اتباعاً لمن عني من المتقدمين بشأنها ويغفلون أمر الأجيال الناشئة في ديوانها بما أعوز عليهم من ترجمانها فتستعجم صحفهم عن بيانها‏.‏ ثم إذا تعرضوا لذكر الدولة نسقوا أخبارها نسقاً محافظين على نقلها وهماً أو صدقاً لا يتعرضون لبدايتها ولا يذكرون السبب الذي رفع من رايتها وأظهر من آيتها ولا علة الوقوف عند غايتها فيبقى الناظر متطلعاً بعد إلى افتقاد أحوال مبادىء الدول ومراتبها مفتشاً عن أسباب تزاحمها أو تعاقبها باحثاً عن المقنع في تباينها أوتناسبها حسبما نذكر ذلك كله في مقدمة الكتاب‏.‏ ثم جاء آخرون بإفراط الاختصار وذهبوا إلى الاكتفاء بأسماء الملوك والاقتصار مقطوعة عن الأنساب والأخبار موضوعة عليها أعداد أيامهم بحروف الغبار كما فعله ابن رشيق في ميزان العمل ومن اقتفى هذا الأثر من الهمل‏.‏ وليس يعتبر لهؤلاء مقال ولا يعد لهم ثبوت ولا انتقال لما أذهبوا من الفوائد وأخلوا بالمذاهب المعروفة للمؤرخين والعوائد‏.‏ ولما طالعت كتب القوم وسبرت غور الأمس واليوم نبهت عين القريحة من سنة الغفلة والنوم وسمت التصنيف من نفسي وأنا المفلس أحسن السوم‏.‏ فأنشأت في التاريخ كتاباً رفعت به عن أحوال الناشئة من الأجيال حجاباً وفصلته في الأخبار والاعتبار باباً باباً وأبديت فيه لأولية الدول والعمران عللاً وأسباباً وبنيته على أخبار الأمم الذين عمروا المغرب في هذه الأعصار وملؤوا أكناف النواحي منه والأمصار وما كان لهم من الدول الطوال أو القصار ومن سلف من الملوك والأنصار وهم العرب البربر إذ هما الجيلان اللذان عرف بالمغرب مأواهما وطال فيه على الأحقاب مثواهما حتى لا يكاد يتصور فيه ما عداهما ولا يعرف أهله من أجيال الآدميين سواهما‏.‏ فهذبت مناحيه تهذيباً وقربته لأفهام العلماء والخاصة تقريباً وسلكت في ترتيبه وتبويبه مسلكاً غريباً واخترعته من بين المناحي مذهباً عجيباً وطريقة مبتدعة وأسلوباً‏.‏ وشرحت فيه من أحوال العمران والتمدن وما يعرض في الاجتماع الإنساني من العوارض الذاتية ما يمتعك بعلل الكوائن وأسبابها ويعرفك كيف دخل اهل الدول من أبوابها حتى تنزع من التقليد يدك وتقف على أحوال ما قبلك من الأيام والأجيال ما بعدك‏.‏ ورتبتة على مقدمة وثلاثة كتب‏:‏ المقدمة‏:‏ في فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه والإلماع بمغالط المؤرخين‏.‏ الكتاب الأول‏:‏ في العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الفلك والسلطان والكسب والمعاش والصنائع والعلوم وما لذلك من العلل والأسباب‏.‏ الكتاب الثاني‏:‏ في أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدإ الخليقة إلى هذا العهد وفيه الإلماع ببعض من عاصرهم من الأمم المشاهير ودولهم مثل النبط والسريانيين والفرس وبني إسرائيل والقبط واليونان والروم والترك والإفرنجة‏.‏ الكتاب الثالث‏:‏ في أخبار البربر ومن إليهم من زناتة وذكر أوليتهم وأجيالهم وما كان لهم بديار المغرب خاصة من الملك والدول‏.‏ ثم كانت الرحلة إلى المشرق لاجتلاء أنواره وقضاء الفرض والسنة في مطافه ومزاره والوقوف على آثاره في دواوينه وأسفاره فأفدت ما نقص من أخبار ملوك العجم بتلك الديار ودول الترك فيما ملكوه من الأقطار وأتبعت بها ما كتبته فى تلك
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:32

وفي سنة ثلاثين
ملك أبو مسلم خراسان وهرب عنها نصر بن سيار فمات بنواحي همذان سنة إحدى وثلاثين‏.‏ وجاء المسودة وعليهم قحطبة فطلبوا ابن هبيرة على العراق وملكـوه وبايعـوا خليفتهـم أبا العباس السفاح‏.‏ ثم غلبوا مروان على الشام ومصر وقتلوه‏.‏ وانقرض أمر بني أمية وعاد الأمر والخلافة لبني العباس‏.‏ والملك لله يؤتيه من يشاء من عباده‏.‏ وهذه أخبـار بنـي أميـة مخلصـة مـن كتـاب أبـي جعفـر الطبـري‏.‏ ولنرجـع إلـى أخبـار الخـوارج كمـا شرطنـا فـي أخبارها بالذكر‏.‏ والله المعين لارب غيره‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:34

الخبر عن الخوارج وذكر أوليتهم وتكرر خروجهم في الملة الإسلامية
قـد تقـدم لنـا خبـر الحكمين في حرب صفين واعتزل الخوارج علينا منكرين للتحكيم مكفرين به ولاطفهـم فـي الرجـوع عـن ذلـك وناظرهـم فيـه بوجـه الحـق فلجـوا وأبـوا إلا الحرب‏.‏ وجعلوا شعارهم النـداء بـلا حكـم إلا اللـه‏.‏ وبايعـوا عبـد اللـه بـن وهـب الراسبـي‏.‏ وقاتلهم علي بالنهروان فاستلحمهم أجمعين‏.‏ ثم خرج من فلهم طائفة بالأنبار فبعث إليهم من استلحمهم‏.‏ ثم طويفة أخرى مع هلال بن علية فبعث معقل بن قيس فقتلهم‏.‏ ثم أخرى ثالثة كذلك ثم أخرى على المدائن كذلك ثم أخرى بشهرزور كذلك‏.‏ وبعث شريح بن هانىء فهزموه فجرح واستلحمهم أجمعين واستأمن من بقي فأمنهم وكانوا نحو خمسين‏.‏ وافتـرق شمـل الخـوارج ثـم اجتمع من وجدانهم الثلاثة الذين توعدوا لقتل علي ومعاوية وعمرو بن العـاص‏.‏ فقتـل بالسهـم عبـد الرحمن بن ملجم علياً رضي الله عنه وباء بإثمه وسلم الباقون‏.‏ ثم اتفقت الجماعة على بيعة معاوية سنة إحدى وأربعين واستقل معاوية بخلافة الإسلام‏.‏ وقد كـان فـروة بـن نوفـل الأشجعـي اعتـزل عليـاً والحسـن ونـزل شهرزور وهو في خمسمائة من الخوارج‏.‏ فلمـا بويـع معاويـة قـال فـروة لأصحابـه‏:‏ قد جاء الحق فجاهدوا واقبلوا فنزلوا النخيلة عند الكوفة فاستنفر معاوية أهل الكوفة فخرجوا لقتالهم وسألوا أهل الكوفة أن يخلوا بينهم وبين معاوية فأبوا فاجتمعت أشجع على فروة فوعظوه فلم يرجع فأخذوه قهراً وأدخلوه الكوفة‏.‏ واستعمل الخوارج بعده عبد الله بن أبي الحريشي من طيىء‏.‏ وقاتلوا أهل الكوفة فقاتلوا وابن أبـي الحريشي معهم‏.‏ ثـم اجتمعـوا بعـده علـى حوثـرة بـن وداع الأسدي وقدموا إلى النخيلة في مائة وخمسين ومعهم فل بن أبي الحريشي‏.‏ وبعث معاوية إلى حوثرة أباه ليرده عن شأنه فأبى فبعث إليه عبد الله بن عـوف فـي معسكـر فقتلـه وقتـل أصحابه إلا خمسين دخلوا الكوفة وتفرقوا فيها وذلك في جمادى الأخيرة سنة إحدى وأربعين‏.‏ وسار معاوية إلى الشام وخلف المغيرة بن شعبة فعاد فروة بن نوفـل الأشجعـي إلـى الخـروج‏.‏ فبعـث إليـه المغيـرة خيـلاً عليهـا ابـن ربعي ويقال معقل بن قيس فلقيه بشهرزور فقتله‏.‏ ثم بعث المغيرة إلى شبيب بن أبجر من قتله وكان من أصحاب ابن ملجم‏.‏ وهـو الـذي أتـى معاويـة يبشـره بقتـل علـي فخافـه علـى نفسـه وأمـر بقتله‏.‏ فتنكر بنواحي الكوفة إلى أن بعث المغيرة من قتله‏.‏ ثم بلغ المغيرة أن بعضهم يريد الخروج وذكر له معن بن عبد الله المحاربي فحبسه ثم طالبه بالبيعـة لمعاويـة فأبـى فقتلـه ثـم خـرج علـى المغيـرة أبو مريم مولى بني الحارث بن كعب فأخرج معه النسـاء‏.‏ فبعـث المغيـرة مـن قتلـه وأصابـه‏.‏ ثـم حكـم أبـو ليلـى فـي المسجـد بمشهد الناس وخرج في اثنين من الموالي فأتبعه المغيرة معقل بن قيس الرياحي فقتله بسور الكوفة اثنتين وأربعين‏.‏ ثم خرج على ابن عامر فـي البصـرة سهـم بـن غانـم الجهنـي فـي سبعيـن رجـلاً منهـم الحطيـم وهـو يزيـد بـن حالك الباهلي ونزلوا بين الجسرين والبصرة‏.‏ ومر بهم بعض الصحابة منقلباً من الغزو فقتلوه وقتلوا ابنه وابن أخيه وقالوا هؤلاء كفرة‏.‏ وخرج إليهم ابن عامر فقتل منهم عدة وأمن باقيهم‏.‏ ولما أتى زياد البصرة سنة خمس وأربعين هرب منهم الحطيم إلى الأهواز وجمع ورجع إلى البصرة فافترق عنه أصحابه فاختفى وطلب الأمان من زياد فلـم يؤمنـه ثـم دل عليـه فقتلـه وصلبه بداره‏.‏ وقيل بل قتله عبد الله بعد زياد سنة أربع وخمسين‏.‏ ثـم اجتمـع الخـوارج بالكوفـة علـى المستـورد بـن عقلـة التيمـي مـن تيم الرباب وعلى حيان بن ظبيان السلمي وعلى معاذ بن جوين الطائي وكلهم من فل النهروان الذين ارتموا في القتلى ودخلوا الكوفـة بعـد مقتـل علي واجتمعوا في أربعمائة في منزل حيان بن ظبيان وتشاوروا في الخروج وتدافعـوا الإمـارة‏.‏ ثـم اتفقـوا علـى المستـورد وبايعـوه فـي جمـادى الأخيـرة‏.‏ وكبسهـم المغيـرة فـي منزلهـم فسجن حيان وأفلت المستورد فنزل الحيرة واختلف إليه الخوارج وبلغ المغيرة خبرهم فخطب الناس وتهدد الخوارج فقام إليه معقل بن قيس فقال‏:‏ ليكفك كل رئيس قومه‏.‏ وجـاء صعصعة بن صوحان

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:34

إلى عبد القيس وكان عالمًا بمنزلهم عند سليم بن مخدوج العبدي إلا أنـه لا يسلـم عشيرتـه فخرجـوا ولحقـوا بالصراة في ثلاثمائة فجهز إليهم معقل بن قيس في ثلاثة آلاف وجعل معظمهم من شيعة علي وخرج معقل في الشيعة وجاء الخوارج ليعبروا النهر إلى المدائـن فمنعهـم عاملهـا سمـال بـن عبـد العبسـي ودعاهم إلى الطاعة على الأمان فأبوا فساروا إلى المذار‏.‏ وبلغ ابن عامر بالبصرة خبرهم فبعث شريك بن الأعور الحارثي فى ثلاثة آلاف من الشيعة وجاء معقل بن قيس إلى المدائن وقد ساروا إلى المذار فقدم بين يديه أبـا الـرواع الشاكري في ثلاثمائة وسار لحقهم أبو الرواع بالمذار فقاتلهم‏.‏ ثم لحقه معقل بن قيس متقدماً أصحابه عند المساء فحملت الخوارج عليه فثبت باتوا على تعبيـة وجـاء الخبـر إلـى الخـوارج بنهـوض شريـك بـن الأعور من البصرة فأسروا من ليلتهم راجعين‏.‏ وأصبـح معقـل واجتمـع بشريك وبعث أبا الرواع في أتباعهم في ستمائة فلحقهم بجرجان فقاتلهم فهزمهم إلى ساباط وهو في اتباعهم‏.‏ ورأى المستورد أن هؤلاء مع أبي الرواع حماة أصحاب معقـل فتسـرب عنهـم إلى معقل وأبو الرواع في اتباعه‏.‏ ولما لحق بمعقل قاتلهم قتالاً وأدركهم أبو الـرواع بعـد أن لقـي كثيـراً مـن أصحـاب معقـل منهزميـن فردهـم واقتتلـوا قتـالاً شديـداً وقتـل المستورد معقلاً طعنـه بالرمـح فأنفـذه وتقـدم معقـل والرمـح فيـه إلـى المستـورد فقسـم دماغـه بالسيـف وماتـا جميعـاً‏.‏ وأخـذ الرايـة عمـر بـن محـرز بـن شهاب التميمي بعهد معقل بذلك‏.‏ ثم حل الناس على الخوارج فقتلوهم ولم ينج منهم إلا خمسة أو ستة‏.‏ وعند ابن الكلبي أن المستورد من تيم من بني رياح‏.‏ خرج بالبصرة أيام زياد قريب الأزدي ورجـاف الطائـي ابنـا الخالة وعلى البصرة سمرة بن جندب وقتلوا بعض بني ضبة فخرج عليهم شبان من بني علي وبني راسب فرموهم بالنيل وقتل قريب وجاء عبد الله بن أوس الطائي برأسه واشتـد زيـاد فـي أمـر الخـوارج وسمـرة وقتلـوا منهـم خلقـاً‏.‏ ثـم خـرج سنـة اثنتيـن وخمسيـن علـى زيـاد بـن حـراش العجلـي فـي ثلاثمائـة بالسـواد فبعـث إليهـم زيـاد سعد بن حذيفة في خيل فقتلوهم وخرج أيضاً أصحاب المستورد حيان بن ظبيان ومعاذ من طيىء فبعث إليهما مـن قتلهمـا وأصحابهما‏.‏ وقيل بل استأمنوا وافترقوا‏.‏ ثـم اجتمـع بالبصـرة سنـة ثمـان وخمسيـن سبعون رجلاً من الخوارج من عبد القيس وبايعوا طواف بن على أن يفتكوا بابن زياد وكان سبب ذلك أن ابن زياد حبس جماعة من الخوارج بالبصرة وحملهم على قتل بعضهم بعضاً وخلى سبيل القاتلين ففعلوا وأطلقهم وكان منهم طواف‏.‏ ثم ندمـوا وعرضـوا علـى أوليـاء المقتوليـن القود والدية فأبوا وأفتاهم بعض علماء الخوارج بالجهاد لقوله تعالـى‏:‏ ‏"‏ ثـم إن ربـك للذيـن هاجـروا مـن بعـد مـا فتنـوا\] ‏"‏ الآية فاجتمعوا للخروج كما قلنا‏.‏ وسعى بهـم إلـى ابـن زيـاد فاستعجلـوا الخـروج وقتلـوا رجـلاً ومضـوا إلـى الجلحـاء كمـا قلنا‏.‏ فندب ابن زياد الشرط والمحاربة فقاتلوهم‏.‏ فانهزم الشرط أولاً ثم كثرهم الناس فقتلوا عن آخرهم واشتد ابن زياد على الخوارج وقتل منهـم جماعـة كثيـرة منهـم عـروة بـن أديـة أخـو مـرداس وأديـة أمهمـا وأبوهما جرير بن تميم‏.‏ وكـان وقـف علـى ابـن زيـاد يومـاً يعظه فقال‏:‏ أتبنون بكل ريع آية‏.‏ تعبثون الآيات‏.‏ فظن ابن زياد أن معه غيره فأخذه وقطعه وقتل ابنيه‏.‏ وكان أخوه مرداس من عظمائهم وعبادهم وممن شهد النهروان بالاستعراض‏.‏ ويحرم خروج النسـاء ولا يـرى بقتـال مـن لا يقاتلـه‏.‏ وكانـت امرأتـه مـن العابدات من بني يربوع وأخذها ابن زياد فقطعها‏.‏ وألح


عدل سابقا من قبل محمد منسى في الأحد 11 مايو 2008 - 2:37 عدل 1 مرات

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:34

ابن زياد في طلب الخوارج وقتلهم وخلى سبيل مرداس من بينهم لما وصف له من عبادته ثم خاف فخرج إلى الأهواز‏.‏ وكان يأخذ مال المسلمين إذا مر به فيعطي منه أصحابه ويرد الباقي‏.‏ وبعـث ابـن زيـاد إليهـم أسلـم بـن زرعـة الكلابـي فـي ألفي رجل ودعاهم إلى معاودة الجماعة فأبوا وقاتلوهم فهزموا أسلم وأصحابه‏.‏ فسرح إليهم ابن زياد عباد بن علقمة المازني ولحقهم بتوج وهـم يصلـون فقتلهـم أجمعيـن مـا بيـن راجـع وساجـد لـم يتغيـروا عـن حالهـم‏.‏ ورجـع إلـى البصـرة برأس أبـي بلـال مـرداس فرصـده عبيـدة بـن هلـال فـي ثلاثـة نفر عند قصر الإمارة ليستفتيه فقتلوه واجتمع عليهـم النـاس فقتلـوا منهـم‏.‏ وكـان علـى البصـرة عبيـد اللـه بـن أبـي بكـرة فأمـره زيـاد بتتبـع الخوارج إلى أن تقدم فحبسهم وأخذ الكفلاء على بعضهم وأتى بعروة بن أدية فقال‏:‏ أنا كفيلك وأطلقه‏.‏ ولما جاء ابن زياد قتل المحبوسين منهم والمكفولين وطانب ابن أبي بكرة بعروة بن أدية فبحث عنه حتى ظفر به وجاء به إلى ابن زياد فقطعه وصلبه سنة ثمان وخمسين‏.‏ ثم مات يزيد واستفحـل أمـر ابـن الزبيـر بمكـة وكـان الخـوارج لما اشتد عليهم ابن زياد بعد قتل أبي بلال مرداس أشار عليهم نافع بن الأزرق منهم باللحاق بابن الزبير لجهاد عساكر يزيد لما ساروا إليه قالوا‏:‏ وإن لـم يكـن على رأينا داحضاً عن البيت وقاموا يقاتلون معه فلما مات يزيد وانصرفت العساكر كشفـوا عـن رأي ابـن الزبير فيهم وجاؤوه يرمون من عثمان ويتبرؤون منه فصرح بمخالفتهم‏.‏ وقال بعد خطبة طويلة أثنى فيها على الشيخين وعلي وعثمان واعتذر عنه فيما يزعمون وقال‏:‏ أشهدكـم ومـن حضرنـي أني ولي لابن عفان وعدو لأعدائه قالوا‏:‏ فبرىء الله منك قال بل برىء وأقبل نافع بن الأزرق الحنظلي وعبد الله بن صفار السعدي وعبد الله بن إباض وحنظلة بن بيهـس وبنـو الماخـور‏:‏ عبـد اللـه وعبيد الله والزبير من بني سليط بن يربوع وكلهم من تميم حتى أتـوا البصـرة‏.‏ وانطلـق أبـو طالـوت عـن بنـي بكـر بن وائل وأبو فديك عبد الله بن نور بن قيس بن ثعلبـة بـن الأسـود اليشكـري إلـى اليمامـة فوثبـوا بهـا مع أبي طالوت‏.‏ ثم تركوه ومالوا عنه إلى نجدة بن عامر الحنفي‏.‏ ومن هنا افترقت الخوارج على أربع فرق‏:‏ الأزارقة أصحاب نافع بن الأزرق الحنفي وكان رأيـه البـراءة مـن سائـر المسلميـن وتكفيرهم والاستعراض وقتل الأطفال واستحلال الأمانة لأنه يراهم كفاراً‏.‏ والفرقة الثانية النجدية وهم بخلاف الأزارقة في ذلك كله‏.‏ والفرقة الثالثة الإباضيـة أصحاب عبد الله بن إباض المري وهم يرون أن المسلمين كلهم يحكم لهم بحكم المنافقين فلا ينتهون إلى الـرأي الـأول ولا يقفـون عنـد الثانـي ولا يحرمـون مناكحـة المسلميـن ولا موارثتهـم ولا المنافقين فيهم وهم عندهم كالمنافقيق وقول هؤلاء أقرب إلى السنة‏.‏ ومن هـؤلاء البيهسيـة أصحـاب أبـي بيهـس هيصـم بـن جابـر الضبعـي‏.‏ والفرقـة الرابعـة الصفرية وهم موافقون للإباضية إلا في العقدة فإن الإباضية أشد على العقدة منهم‏.‏ وربما اختلفت هذه الآراء من بعد ذلك واختلف في تسمية الصفرية فقيل نسبوا إلـى ابـن صفـار وقيـل اصفـروا بما نهكتهم العبادة‏.‏ وكانت الخوارج من قبل هذا الافتراق على رأي واحد لا يختلفـون إلا فـي الشـاذ مـن الفـروع‏.‏ وفـي أصـل اختلافهـم هـذا مكاتبـات بيـن نافـع بن الأزرق وأبي بيهس وعبد الله بن إباض ذكرها المبرد في كتاب الكامل فلينظر هناك‏.‏ ولما جاء نافع إلى نواحي البصرة سنة أربع وستين فأقام بالأهواز يعترض الناس وكان على البصـرة عبـد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب‏.‏ فسرح إليه مسلم عبس بن كويز بن ربيعة من أهل البصرة بإشارة الأحنف بن قيس فدافعه عن نواحي البصرة وقاتله بالأهواز وعلى

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 2:35

ميمنة مسلم الحجاج بن باب الحميري وعلى ميسرته حارثة بن بحر الغداني‏.‏ وعلـى ميمنـة ابـن الأزرق عبيدة بن هلال وعلى ميسرته الزبير بن الماخور التميمي‏.‏ فقتل مسلم ثم قتل نافع وأفر أهل البصرة عليهم الحجاج بن باب والخوارج عبد الله بن الماخور‏.‏ ثم قتل الحجاج وعبد الله فأمر أهل البصرة ربيعة بن الأخزم والخوارج عبيد الله بن الماخور‏.‏ ثم اقتتلوا حتى أمسوا وجاء إلى الخوارج مدد فحملوا على أهل البصرة فهزموهم‏.‏ وقتل ربيعة وولوا مكانه حارثة بن بدر فقاتل وردهم على الأعقاب ونزل الأهواز‏.‏ ثم عزل عن البصرة عبد الله بن الحارث وبعث ابن الزبير عليها الحارث القباع بن أبي ربيعة فزحـف الخـوارج إلـى البصـرة وأشـار الأحنف بن قيس بتولية المهلب حروبهم وقد كان ابن الزبير ولاه خراسان فكتبوا لابن الزبير بذلك فأجاب‏.‏ واشترطوا للمسلم ما سأل من ولاية ما غلب عليه والإعانة بالأموال فاختار من الجند اثني عشر ألفاً وسار إليهم فدفعهم عـن الجسـر‏.‏ وجـاء حارثـة بـن بـدر بمـن كـان معـه فـي قتـال الخوارج فردهم الحارث إلى المهلب‏.‏ وركب حارثة البحر يريد البصرة فغرق في النهر‏.‏ وسار المهلب وعلى مقدمته ابنه المغيرة فقاتلهم المقدمة ودفعوهم عن سوق الأهواز إلى مادر‏.‏ ونزل المهلب بسولاف وقاتله الخوارج وصدقوا الحملة فكشفوا أصحاب المهلب‏.‏ ثم ترك من الغد قتالهم وقطع دجيل ونزل العقيل ثم ارتحل فنزل قريباً منهم وخندق عليه وأذكى العيون والحرس‏.‏ وجـاء منهـم عبيـدة بـن هلـال والزبيـر بـن الماخـور في بعض الليالي ليبيتوا عسكر المهلب فوجدوهم حذريـن‏.‏ وخـرج إليهـم المهلـب مـن الغـد فـي تعبيـة والـأزد وتميـم في ميمنته وبكر وعبد القيس في ميسرتـه وأهـل العاليـة فـي القلـب‏.‏ وعلـى ميمنـة الخوارج عبيدة بن هلال اليشكري وعلى ميسرتهم الزبير بن الماخور وأقتتلوا ونزل الصبر‏.‏ ثم شدوا على الناس فأجفل عسكر المهلب وانهـزم وسبـق المنهزميـن إلـى ربـوة ونـادى فيهم فاجتمع له ثلالة آلاف أكثرهم من الأزد فرجع بهم وقصد عسكر الخوارج واشتد قتالهم ورموهم بالحجـارة وقتـل عبـد اللـه بـن الماخـور وكثيـر منهـم وانكفؤوا راجعين إلى كرمان وناحية أصبهان منهزمين واستخلفوا عليهم الزبير بن الماخور وأقام وأما نجدة وهو نجدة بن عامر بن عبد الله بن سيار بن مفرج الحنفـي وكـان مـع نافـع بـن الـأزرق‏.‏ فلمـا افترقـوا سـار إلـى اليمامة ودعا أبو طالوت إلى نفسه وهو من بكر بن وائل وتابعه نجدة ونهب الحصارم بلد بني حنيفة وكان فيها رقيق كثير يناهز أربعة آلاف فقسمها في أصحابه وذلك سنة خمس وستين‏.‏ واعترض عيراً من البحرين جاءت لابن الزبير فأخذها وجاء بها إلى أبي طالوت فقسمها بمن أصحابه‏.‏ ثم رأى الخوارج أن نجدة خير لهم من أبي طالـوت فخالفـوه وبايعـوا نجدة‏.‏ وسار إلى بني كعب بن ربيعة فهزمهم وأثخن فيهم ورجع نجدة إلـى اليمامـة فـي ثلاثـة آلـاف ثـم سـار إلـى البحريـن سنـة سبـع وستيـن فاجتمـع أهـل البحرين من عبد القيس وغيرهم على محاربته‏.‏ وسالمته الأزد والتقوا بالعطيف فانهزمت عبد القيس وأثخـن فيهـم نجـدة وأصحابـه وأرسـل سريـة إلى الخط فظفروا بأهله‏.‏ ولما قدم مصعب بن الزبير البصرة سنة تسع وستين بعث عبد الله بن عمر الليثي الأعور في عشرين ألفاً ونجـدة بالعطيـف فقاتلوهـم وهزمهـم نجـدة وغنـم مـا فـي عسكرهـم‏.‏ وبعـث عطيـة بـن الأسـود الحنفـي مـن الخـوارج إلى عمان وبها عباد بن عبـد اللـه شيـخ كبيـر فقاتلـه عطيـة فقتلـه وأقـام أشهـراً وسـار عنهـا‏.‏ واستخلف عليها بعض الخوارج فقتله أهل عمان وولوا عليهم سعيداً وسليمان ابني عباد‏.‏ ثم خالف عطية نجدة وجاء إلى عمان فامتنعت منه‏.‏ فركب البحر إلى كرمان وأرسل إليه المهلب جيشاً فهرب إلى سجستان ثم إلى السند فقتله خيل المهلب بقندابيل‏.‏ ثم بعث نجدة المعرفين إلـى البـوادي بعـد هزيمـة ابـن عميـر فقاتلـوا بنـي تميـم بكاظمـة وأعانهـم أهـل طويلـع فبعـث نجـدة من استباحهم وأخذ منهم الصدقة كرهاً‏.‏ ثم سار إلى صنعاء فبايعوه وأخذ الصدقة مـن مخالفيهـا‏.‏ ثـم بعث أبا فديك إلى حضرموت فأخذ الصدقة منهم‏.‏ وحج سنة ثمان وستين في تسعمائة رجل وقيل في ألفين ووقف ناحية عن ابن الزبير على صلح عقد بينهما‏.‏ ثم سار نجدة إلى المدينة وتأهبوا لقتاله فرجع إلى الطائف وأصاب بنتاً لعبد الله بن عمر بن عثمان فضمها إليه‏.‏ وامتحنه الخوارج بسؤاله بيعها فقال‏:‏ قـد أعتقـت نصيبـي منهـا‏.‏ قالـوا فزوجها قال هي أملك بنفسها وقد كرهت الزواج‏.‏ ولما قرب من الطائف جاءه عاصم بن عـروة بـن مسعـود فبايعـه عـن قومه وولى عليهم الخازرق وعلى يبانة والسراة‏.‏ وولى على ما يلي نجـران سعـد الطلائـع ورجـع إلـى البحريـن وقطع الميرة عن الحرمين‏.‏ وكتب إليه ابن عباس أو ثمامة بـن أثـال لمـا أسلـم قطـع الميـرة عـن مكـة وهـم مشركـون فكتـب إليـه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل مكة أهل الله فلا تمنعهم الميرة فخلاها لهم وأنك قطعت الميرة ونحن مسلمون فخلاها لهم نجدة‏.‏ ثم اختلف إليه أصحابه لأن أبا سنان حيي بن وائل أشار عليه بقتل من أطاعه تقية فانتهره نجـدة وقـال‏:‏ إنمـا علينـا أن نحكـم بالظاهـر‏.‏ وأغضبه عطية في منازعة جرت بينهما على تفضيله لسرية البر علـى سريـة البحـر فـي الغنيمـة فشتمـه نجـدة فغضـب‏.‏ وسألـه فـي درء الحـد فـي الخمـر عـن رجل من شجعانهم فأبى‏.‏ وكاتبه عبد الملك في الطاعة على أن يوليه اليمامة ويهدر لهم ما أصـاب مـن الدمـاء‏.‏ فاتهموه في هذه المكاتبة ونقموا عليه أمثال هذه وفارقه عطية إلى عمان‏.‏ ثـم انحـازوا عنـه وولوا أمرهم أبا فديك عبد الله بن ثور أحد بني قيس بن ثعلبة‏.‏ واستخفى نجـدة وألـح أبـو فديـك فـي طلبـه وكـان مستخفيـاً فـي قريـة من قرى حجر‏.‏ ثم نذر به فذهب إلى أخواله من تميم وأجمع المسير إلى عبد الملك فعلم به أبو فديك وجاءت سرية منهم وقاتلهم فقتلوه‏.‏ وسخط قتله جماعة من أصحاب أبي فديك واعتمده مسلم بن جبير فطعنه اثنتي عشرة طعنة وقتل مسلم لوقته وحمل أبو فديك إلى منزله‏.‏ ثم جاء مصعب إلى البصرة سنة ثمان وستين والياً على العراقين عن أخيه وكان المهلب في حرب الأزارقة فأراد مصعب أن يوليه بلاد الموصل والجزيرة وأرمينية ليكون بينه وبين عبد الملك‏.‏ فاستقدمه من فارس وولاه وولى على فارس وحرب الأزارقة عمر بن عبد الله بن معمر‏.‏ وكان الخوارج قد ولوا عليهم بعد قتل عبد الله بن الماخور سنة خمس وستين أخاه الزبيـر فجـاؤوا بـه إلـى إصطخـر وقـدم عمـر ابنـه عبيد الله إليهم فقتلوه ثم قاتل الزبير عمر فهزمهم وقتل منهم سبعون‏.‏ وفلق قطري بن الفجاءة وشتر صالح بن مخراق وساروا إلى نيسابور فقاتلهـم عمـر بهـا وهزمهم فقصدوا أصبهان فاستحموا بها‏.‏ ثم أقبلوا إلى فارس وتجنبوا عسكر عمر ومروا على ساجور ثم أرجان فأتوا الأهواز قاصدين العراق‏.‏ وأغذ عمر السير في أثرهم وعسكر مصعب عند الجسر‏.‏ فسار الزبير والخوارج فقطع أرض صرصر وشن الغارة على أهل المدائن يقتلون الولدان والرجال ويبقرون بطون الحبالى‏.‏ وهرب صاحب المدائن عنها وانتهت جماعة منهم إلى الكرخ فقاتلهم أبو بكر بن مخنف فقتلوه وخرج أمير الكوفة وهو الحارث بن أبي ربيعة القباع حتى انتهى إلى الصراة ومعه إبراهيم بن الأشتر وشبيب بن ربعي وأسماء بن خارجة ويزيد بن الحارث ومحمد بن عمير وأشـاروا عليه بعقد الجسر والعبور إليهم فانهزموا إلى المدائن‏.‏ وأمر الحارث عبد الرحمـن بـن مخنـف باتباعهـم فـي ستـة آلـاف إلـى حـدود أرض الكوفـة فانتهـوا إلـى الـري وعليهـا يزيـد بـن الحـارث بن دويم الشيباني وما والاهم عليه أهل الري فهزموه وقتلوه‏.‏ ثم انحطوا إلى أصبهان وبها عتاب بن ورقاء فحاصروه‏.‏ أشهراً وكان يقاتلهم على باب المدينة‏.‏ ثم دعا إلى الاستماتة في قتالهم فخرجوا وقاتلوهم وانهزمت الخوارج وقتل الزبير واحتووا على معسكرهم‏.‏ ثم بايع الخوارج قطري بن الفجاءة المازني ويكنى أبا نعامة وارتحل بهم إلى كرمـان حتـى استجمعـوا فرجعـوا إلـى أصبهـان فامتنعت فأتوا الأهواز وقاموا‏.‏ وبعث مصعب إلى المهلب فرده إلى قتال الخوارج وولى على الموصل والجزيرة إبراهيم بن الأشتر وجاء المهلـب فانتجعت الناس من البصرة وسار إلى الخوارج فلقيهم بسولاف‏.‏ واقتتلوا ثمانية أشهر وبعث مصعـب إلـى عتـاب بـن ورقـاء الرياحـي عامـل أصبهـان بقتـال أهـل الـري بمـا فعلـه في ابن دويم فسار إليهم وعليهم الفرخان فقاتلهم وافتتحها عنوة وقلاعها وعاث في نواحيها‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:34

خبر ابن الحر ومقتله
كـان عبيـد اللـه بـن الحـر الجعفـي مـن خيار قومه صلاحاً وفضلاً ولما قتل عثمان حزن عليه وكان مـع معاويـة علـى علـي وكانت له زوجة بالكوفة فتزوجت لطول مغيبه‏.‏ فأقبل من الشام وخاصم زوجهـا إلـى علـي فعـدد عليـه شهـوده صفين‏.‏ فقال‏:‏ أيمنعني ذلك من عدلك‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ ورد إليه امرأتـه‏.‏ فرجـع إلـى الشـام وجـاء إلـى الكوفـة بعـد مقتـل علـي ولقـي إخوانـه وتفاوضـوا فـي النكير على علـي ومعاويـة‏.‏ ولمـا قتـل الحسيـن تغيـب علـى ملحمتـه وسـأل عنـه ابـن زيـاد فلـم يـره‏.‏ ثم لقيه فأساء عذله وعرض له بالكون مع عدوه فأنكر وخرج مغضباً‏.‏ وراجع ابن زياد رأيه فيه فطلبه فلم يجـده فبعث عنه فامتنع وقال‏:‏ أبلغوه أني لا آتيه طائعاً أبداً‏.‏ وأتى منزل أحمد بن زياد الطائي فاجتمع إليه أصحابه وخرج إلى المدائن‏.‏ ومضى لمصارع الحسين وأصحابه فاستغفر لهم ولما مات يزيد ووقعت الفتنة اجتمع إليه أصحابه وخرج بنواحي المدائن ولم يعترض للقتل ولا للمال إنما كان يأخذ مال السلطان متى لقيه فيأخذ منه عطاءه وعطاء أصحابه ويرد الباقي ويأخذ لصاحب المال بما أخذ‏.‏ وحبـس المختـار امرأتـه بالكوفة وجاء فأخرجها من الحبس وأخرج كل من فيه‏.‏ وأراد المختـار أن يسطـو بـه فمنعـه إبراهيـم بـن الأشتر إلى الموصل لقتال ابن زياد‏.‏ ثم فارقه ولم يشهد معـه وشهـد مـع مصعـب قتـال المختـار وقتله‏.‏ ثم أغرى به مصعب فحبسه وشفع فيه رجال من وجـوه مذحج فشفعهم وأطلقه وأتى إليه الناس يهنؤونه فصرح بأن أحداً لا يستحق بعد الأربعة ولا يحل أن يعقد لهم بيعة في أعناقنا فليس لهم علينا من الفضل ما يستحقون به ذلك وكلهم عاص مخالف قوي الدنيا ضعيف الآخرة ونحن أصحاب الأيام مع فارس ثم لا يعرف حقنـا وفضلنا وإني قد أظهرت لهم العداوة‏.‏ وخـرج للحـرب فأغـار فبعث إليه مصعب سيف بن هانىء المرادي يعرض عليه الطاعة على أن يعطيه قطعة من بلاد فارس فأبى فسرح إليه الأبرد بن فروة الرياحي في عسكر فهزمه عبيد اللـه فبعـث إليه حريث بن زيد فهزمه فقتله فبعث إليه الحجاج حارثة الخثعمي ومسلم بن عمر فقاتلهما بنهر صرصر وهزمهما فأرسل إليه مصعب بالأمان والولاية فلم يقبل‏.‏ وأتى إلى فرس فهرب دهقانها بالمال وتبعه ابن الحر إلى عين التمر وعليه بسطام بن معلقة بن هبيرة الشيباني فقاتل عبيد الله‏.‏ ووافاهم الحجاج حارثة فهزمهما عبيد الله وأسرهما وأخذ المال الذي مع الدهقان‏.‏ وأقام بتكريت ليجبي الخراج فسرح مصعب لقتاله الأبرد بن فروة الرياحي والجون بن كعب الهمداني في ألف وأمدهم المهلب بيزيد بن المعقل في خمسمائة وقاتلهم عبيد الله يومين في ثلاثمائـة‏.‏ ثـم تحاجـزوا وقـال لأصحابـه إنـي سائـر بكـم إلـى عبـد الملك فتجهزوا ثم قال‏:‏ إني خائف أن أموت ولم أذعر مصعباً وقصد الكوفة وجاءته العساكر من كل جهة‏.‏ ولم يزل يهزمهم ويقتل منهم بنواحي الكوفة والمدائن وأقام يغير بالسواد ويجبي الخراج‏.‏ ثم لحق بعبد الملك فأكرمه وأجلسه معه على سريره وأعطاه مائة ألف درهم وقسم في أصحابه الأعطيات وسأل من عبـد الملـك أن يوجه معه عسكراً لقتال مصعب فقال‏:‏ سر بأصحابك وادع من قدرت عليه وأنا ممدك بالرجال فسار نحو الكوفة ونزل بناحية الأنبار وأذن لأصحابه في إتيان الكوفة ليخبروا أصحابه بقدومه‏.‏ وبعث الحارث بن أبي ربيعة إليه جيشاً كثيفاً فقاتلهم وتفرق عنه أصحابه وأثخنه الجراح فخاض البحر إلى سفينة فركبها حتى توسط الفرات فأشرفت خيالـة علـى السفينة وتبادروا به فقام يمشي في البحر فتعلقوا به فألقى نفسه في الماء مع بعضهم فغرقوه‏.‏ حروب الخوارج مع عبد الملك والحجاج ولما استمر عبد الملك بالكوفة بعد قتل مصعب بعث على البصرة خالد بن الله وكان المهلب يحارب الأزارقة فولاه على خراج الأهواز‏.‏ وبعث أخاه عبد العزيز بن عبد إلى قتال الخوارج ومعـه مقاتـل بـن مسمـع وأتـت الخوارج من ناحية إلى دارابجرد وبعث قطري بن الفجاءة صالح بن مخراق في تسعمائة فاستقبل عبد العزيز ليلاً على غير تعبية فانهزم‏.‏ وقتل مقاتل بن مسمع وأسرت بنت المنذر بن الجارود امرأة عبد العزيز فقتلها الخوارج‏.‏ وتغيـر عبـد العزيـز إلـى رامهرمـز‏.‏ وكتـب خالـد بالخبر إلى عبد الملك فكتب إليه على ولاية أخيه الحرب وولاية المهلب جباية الخراج وأمره بأن يسرح المهلب بحربهم‏.‏ وكتب إلى بشر بالكوفة بإمـداده بخمسـة آلـاف مع من يرضاه فإذا فرغوا من قتال الخوارج ساروا إلى الري فكانوا هنالك مسلحةً فأنفذ بشر العسكر وعليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث وكتب له عهده على الري وخرج خالد بأهل البصرة ومعه المهلب واجتمعوا بالأهواز‏.‏ وجاءت الأزارقة فأحرقـوا السفن‏.‏ ومر المهلب بعبد الرحمن بن الأشعث وأمره أن يخندق عليـه وأقامـوا كذلـك عشريـن ليلة‏.‏ ثم زحف الخوارج بالناس فهال الخوارج كثرتهم وانصرفوا‏.‏ وبعث خالد داود بن قحدم في آثارهم وانصرف إلى البصرة وكتب بالخبر إلى عبد الملك‏.‏ فكتـب إلـى أخيـه بشـر أن يبعـث أربعـة آلـاف مـن أهل الكوفة إلى فارس ويلحقوا بداود بن قحدم فـي طلـب الأزارقـة‏.‏ فبعـث بهـم بشـر بـن عتـاب ولحقـوا بـداود واتبعـوا الخـوارج حتـى أصابهـم الجهد ورجع عامتهم مشاة إلى الأهواز‏.‏ ثـم خـرج أبـو فديـك مـن بنـي قيـس بن ثعلبة فغلب على البحرين وقتل نجدة بن عامر الحنفي كما مـر‏.‏ وهـزم خالـداً فكتب إلى عبد الملك بذلك وأمر عبد الملك عمر بن عبيد الله بن معمر أن ينـدب النـاس مـن أهل الكوفة والبصرة ويسير لقتال أبي فديك‏.‏ فانتدب معه عشرة آلاف وسار بهـم وأهـل الكوفـة علـى ميمنتـه عليهـم محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله وأهل البصرة في ميسرته عليهم عمر بن موسى أخيه وهو في القلب‏.‏ وانتهوا إلى البحرين واصطفـوا للقتـال وحملوا على أبي فديك وأصحابه فكشفوا ميسرته حتى أبعدوا إلا المغيرة بن المهلب ومجاعة وعبد الرحمن وفرسان الناس فإنهم مالوا إلى أهل الكوفة بالميمنة ورجع أهل الميسرة‏.‏ وحمل أهل الميمنة على الخوارج فهزموهم واستباحوا عسكرهم وقتلوا أبا فديك وحصروا أصحابه ثم ولى عبد الملك أخاه بشراً على البصرة فسـار إليهـا وأمـره أن يبعـث المهلـب إلـى حـرب الأزارقة وأن ينتخب من أهل البصرة من أراد ويتركه ورأيه في الحرب ويمده بعسكر كثيف من أهل الكوفة مع رجل معروف بالنجدة‏.‏ فبعث المهلب لانتخاب الناس جديع بن سعيد بن قبيصة وشق على بشر ولاية المهلب من عبد الملك وأوغرت صدره‏.‏ فبعث على عسكر الكوفة عبد الرحمن بن مخنف وأغراه بالمهلب في ترك مشورته وتنغصه‏.‏ وسار المهلب إلى رامهرمز وبها الخوارج وأقبل ابن مخنف في أهل الكوفة فنزل على ميل منه بحيـث يتـراءى العسكـران‏.‏ ثـم أتاهـم نبـأ بشـر بـن مـروان وأنـه استخلـف خالـد بن عبد الله بن خالد على البصرة وخليفته على الكوفة عمر بن حريث فافترق ناس كثيرة من أهل البصرة وأهل الكوفة فنزلوا الأهـواز وكتـب إليهـم خالـد بـن عبـد الله يتهددهم فلم يلتفتوا إليه‏.‏ وأقبل أهل الكوفة إلى الكوفة وكتب إليهم عمر بن حريث بالنكير والعود إلى المهلب ومنعهم الدخول فدخلوا ليلاً إلى بيوتهم‏.‏ ثـم قدم الحجاج أميراً على العراقين سنة خمس وسبعين فخطب بالكوفة خطبته المعروفة كان منهـا‏:‏ ولقـد بلغني رفضكم المهلب وإقبالكم إلى مصركم عاصين مخالفين وأيم الله لا أجد أحداً متخلفاً عن عسكره بعد ثلاثة إلا ضربت عنقه وأنهب داره‏.‏ ثم دعا العرفاء وقـال‏:‏ ألحقـوا الناس بالمهلب وأتوني بالبراءة بموافاتهم ولا تغلقن أبواب الجسر‏.‏ ووجد عمر بن ضابىء من المتخلفين وأخبر أنه من قتلة عثمان فقتله‏.‏ فأخرج جند المهلب وازدحموا على الجسر وجاء العرفاء إلى المهلب برامهرمز فأخـذوا كتابـه بموافـاة النـاس وأمرهـم الحجـاج بمناهضـة الخـوارج فقاتلوهم شيئاً ثم انزاحوا إلى كازرون وسار المهلب وابن مخنف فنزلوا بهم‏.‏ وخندق المهلب ولم يخندق ابن مخنف وبيتهم الخوراج فوجدوا المهلب حذراً فمالوا إلى ابن مخنف فانهزم عنه أصحابه وقاتل حتى قتل‏.‏ وفي حديث أهل الكوفة أنهم لما ناهضوا الخوارج مالوا إلى المهلب واضطروه إلى معسكره وأمده عبد الرحمن بعامة عسكره وبقي في خف من الجند فمال إليه الخوارج فنزل ونزل معه الفراء وواحد وسبعون مـن أصحابـه فقتلـوا وجـاء المهلـب مـن الغـد فدفنـه وصلـى عليـه وكتـب بالخبـر إلى الحجاج فبعث على عتاب بن ورقاء وأمره بطاعة المهلب فأجـاب لذلـك وفـي نفسـه منـه شيء وعاتبه المهلب يوماً ورفع إليه القضيب فرده ابنه المغيرة عن ذلـك‏.‏ وكتـب عتـاب يشكـو المهلـب إلـى الحجـاج ويسألـه العـود وصـادف ذلـك أمـر شبيب فاستقدمه وبقي المهلب‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:36

حروب الصفرية وشبيب مع الحجاج
ثم خرج صالح بن مسرح التميمي من بني امرىء القيس بن زيد مناة وكان يرى رأي الصفرية وكان عابداً ومسكنه أرض الموصل والجزيرة وله أصحاب يقرئهم القرآن والفقه وكان يأتي الكوفة ويلقى أصحابه ويعد ما يحتاج إليه‏.‏ فطلبه الحجاج فترك وجاء إلى أصحابه بالموصل ودار فدعاهم إلى الخروج وحث الناس عليه‏.‏ وجاءه كتاب شبيب بن يزيد بن نعيم الشيباني من رؤوسهم يحثه علـى مثـل ذلـك‏.‏ فكتـب إليـه فـي انتظـارك فأقـدم‏.‏ فقـدم شبيـب فـي نفـر مـن أصحابـه منهم أخوه المضاد والمحلل بن وائل اليشكري ولقيه بدارا وأجمع صالح الخـروج‏.‏ وبعـث إلـى أصحابه في صفر سنة ست وسبعين‏.‏ وأمر بالدعاء قبل القتال وخير في الدماء والأموال‏.‏ وعرضت له دواب لمحمد بن مروان بالجزيرة فأخذوها وحملوا عليها أصحابهم‏.‏ وبلـغ محمـد بـن مـروان وهـو أميـر الجزيـرة خروجهم فسرح إليهم عدي بن عدي في ألف فسار من حران وكان ناسكاً فكره حروبهم وبعث إليهم بالخروج فحبسوا الرسول‏.‏ فساروا إليه فطلعوا عليه وهو يصلي الضحى وشبيب في الميمنة وسويد بن سليم في الميسرة‏.‏ وركب عدي علـى غيـر تعبيـة فانهـزم واحتـوى الخـوارج على معسكره ومضوا إلى آمد‏.‏ وسرح محمد بن مروان خالد بن حر السلمي في ألف وخمسمائة والحارث بن جعونة العامري في مثلها وقال‏:‏ أيكما سبق فهو أمير على صاحبه‏.‏ وبعث صالـح شبيبـاً إلـى الحـارث وتوجـه هـو نحـو خالـد وقاتلوهـم أشـد القتـال‏.‏ واعتصـم أصحاب محمد بخندقهم فسارت الخوارج عنهم وقطعوا أرض الجزيرة والموصل إلى الدسكرة‏.‏ فسـرح إليهـم الحجـاج الحـارث بـن عميـرة بـن ذي الشعـار فـي ثلاثـة آلـاف مـن أهـل الكوفة فلقيهم على تخـم ما بين الموصل وصرصر والخوارج في تسعين رجلاً‏.‏ فانهزم سويد بن سليم وقتل صالح وصرع شبيب‏.‏ ثم وقف على صالح قتيلاً فنادى بالمسلمين فلاذوا به ودخلوا حصناً هنالك وهـم سبعـون‏.‏ وعاث الحارث بهم وأحرق عليهم الباب ورجع حتى يصبحهم من الغداة‏.‏ فقال لهـم شبيـب‏:‏ بايعـوا مـن شئتـم مـن أصحابكـم واخرجـوا بنا إليهم‏.‏ فبايعوه وأطفؤوا النار بالماء في اللبود وخرجوا إليه فبيتوا وسرح الحارث فحملوا على أصحابه وانهزموا نحو المدائن وحـوى شبيب عسكرهم‏.‏ وسار شبيب إلى أرض الموصل فلقي سلامة بن سنان التميمي من تميم شيبان أوخاه فضالة من أكابر الخـوارج‏.‏ وكـان خـرج قبـل صالـح فـي ثمانيـة عشـر رجـلاً ونـزل علـى مـاء لبنـي عنـزة فقتلوهـم وأتوا برؤوسهم إلى عبـد الملـك يتقربـون لـه بهـم‏.‏ فلمـا دعـا شبيـب سلامـة إلـى الخـروج شـرط عليـه أن ينتخـب ثلاثيـن فارسـاً ويسيـر بهم إلى عنزة‏.‏ فيثأر منهم بأخيه فقبل شرطه‏.‏ وسار إلى عنزة فأثخـن فيهـم وجعـل يقتـل الحلـة بعـد الحلـة‏.‏ ثـم أقبـل شبيـب إلـى داران فـي نحـو سبعيـن رجـلاً ففرت منهم طائفة من بني شيبان نحو ثلاثة آلاف فنزلوا ديراً خراباً وامتنعوا منه وسار في بعض حاجاتـه واستخلف أخاه مضاد بن يزيد بجماعة من بني شيبان في أموالهم مقيمين فقتل منهم ثلاثين شيخاً فيهم حوثرة بن أسد‏.‏ وأشرف بنو شيبان على مضاد وأصحابه وسألوا الأمان ليخرجوا إليهم ويسمعوا دعوتهم فأخرجوا وقبلوا ونزلوا إليهم واجتمعـوا بهـم‏.‏ وجـاء شبيـب فاستصوب فعلهم‏.‏ وسار بطائفة أذربيجان‏.‏ وكـان الحجـاج قـد بعـث سفيـان بن أبي العالية الخثعمي إلى طبرستان يحاصرها في ألف فارس وكتب إليه الحجاج أن يرجع‏.‏ فصالح أهل طبرستان ورجع فأقـام بالدسكـرة يطلـب المـدد‏.‏ وبعـث الحجاج أيضاً إلى الحارث بن عميرة الهمداني قاتل صالح أن يأتيه بجيش الكوفة والمدائن وإلـى سـورة بـن أبجـر التميمـي فـي خيل المناظر‏.‏ ويعجل سفيان في طلب شبيب فلحقه بخانقين فاستطردهـم وأكمـن كمينـاً لهـم مـع أخيـه واتبعـوه فـي سفـح الجبـل فخـرج عليهـم الكمين فانهزموا بغير قتـال وثبت سفيان وقاتل‏.‏ ثم حمل شبيب فانكشف ونجا إلى بابل مهرود وكتب إلى الحجاج بالخبـر وبوصـول العساكـر إلا سـورة بـن أبجـر‏.‏ فكتب الحجاج إلى سورة يتهمله ويأمره أن يتخذ من المدائن خمسمائة فارس ويسير إلى شبيب فسار‏.‏ وانتهى شبيب إلى المدائن ثم إلى الهندوان فترحـم أصحابـه هنالـك‏.‏ وبيتهـم سورة هنالك وهم حذرون فلم يصب منهم الغرة‏.‏ ورجع نحو المدائن وشبيب في اتباعه‏.‏ وخـرج ابـن أبـي عصيفير عامل المدائن فقاتلهم وهرب كثير من جنده إلى الكوفة ومضى شبيب إلـى تكريـت‏.‏ ووصـل سـورة إلـى الكوفـة بالفـل فحبسـه الحجـاج ثـم أطلقـه‏.‏ وسـرح عثمـان بـن سعيد بـن شرحبيـل الكنـدي ويلقـب الجزل في أربعة آلاف ليس فيهم من المنهزمين أحد وساروا لحرب شبيـب وأصحابـه‏.‏ وقـدم بيـن يديـه عيـاض بـن أبـي لينـة الكنـدي وجعلـوا يتبعـون شبيباً من رستاق إلـى رستـاق وهـو علـى غيـر تعبيـة والجـزل علـى التبعيـة ويخندق على نفسه متى نزل‏.‏ وطال ذلك علـى شبيـب وكـان فـي مائـة وستيـن فقسمـه علـى أربـع فـرق وثبـت الجـزل ومشايخه فلم يصب منهم فرجع عنهم‏.‏ ثم صبحهم فلم يظهر منهم بشيء‏.‏ وسار الجـزل فـي التبعيـة كمـا كـان وشبيـب يسيـر فـي أرض الخـوارج وغيرهـا يكسـب الخـراج‏.‏ وكتـب الحجاج إلى الجزل ينكر عليه البطء ويأمره بالمناهضة‏.‏ وبعث سعيد بن المجالدي على جيش الجزل فجاءهم بالهندوان ووبخهم وعجزهم‏.‏ وجاءهم الخبر بأن قد دخل قطيطيا والدهقان يصلح لهم الغداء فنهض سعيد في الناس وترك الجزل مع العسكر وقد صف بهـم خـارج الخنـدق‏.‏ وجـاء سعيد إلى قطيطيا وعلم به شبيب فأكل وتوضأ وصلى‏.‏ وخرج فحمل على سعيد وأصحابه مستعرضاً فانهزموا وثبت سعيد فقتله وسار في اتباعهم إلى الجزل فقاتلهم الجـزل حتـى وقـع بيـن القتلـى جريحـاً‏.‏ وكتـب إلـى الحجـاج بالخبـر وأقام بالمدائن‏.‏ وانتهى شبيب إلى الكرخ وعبر دجلة إليه وأرسل إلى سوق بغداد فأتاهم في يوم سوقهم واشترى منه حاجاته وسار إلى الكوفة‏.‏ فلما قرب منها بعث الحجاج سويد بن عبد الرحمن السعدي في ألفي رجل فساروا إلـى شبيـب‏.‏ وأمـر عثمـان بـن قطن فعسكر في السبخة‏.‏ وخالفه شبيب إلى أهل السبخة فقاتلوه‏.‏ وجـاء سويد في آثاره فمضى نحو الحيرة وسويد في اتباعه‏.‏ ثم رحل من الحيرة وجاء كتاب الحجاج إلى سويد يأمره باتباعه‏.‏ فمضى في إتيانه وشبيب يغير في طريقه‏.‏ وأخذ على القطقطانة ثم على قصر بني مقاتل ثم على الأنبار ثم ارتفع على أدنى أذربيجان‏.‏ ولما أبعد سـار الحجاج إلى البصرة واستعمل على الكوفة عروة بن المغيرة بن شعبة فجاءه كتاب دهقان بابل مهرود يخبره بقصد شبيب الكوفة فبعث بالكتاب إلى الحجاج‏.‏ وأقبل شبيب حتى نزل عقرقوبا ونزل وسار منها يسابق الحجاج إلى الكوفة‏.‏ وطوى الحجاج المنازل فوصل الكوفة عند العصر ووصل شبيب عند المغـرب‏.‏ فـأراح وطعمـوا ثـم ركبـوا ودخلـوا إلـى السـوق‏.‏ وضـرب شبيـب القصـر بعمـوده‏.‏ ثم اقتحموا المسجد الأعظم فقتلوا فيه من الصالحيـن ومـروا بـدار صاحـب الشرطة فدعوه إلى الأمير ونكرهم فقتلوا غلامه‏.‏ ومروا بمسجد بني ذهل فقتلوا ذهل بن الحارث وكان يطيل الصلاة فيه‏.‏ ثم خرجوا من الكوفة واستقبلهم النضر بن القعقاع بن شور الذهلي وكان ممن أقبل مع الحجاج من البصرة فتخلف عنه‏.‏ فلما رآه قال‏:‏ السلام عليك أيها الأمير فقال له شبيب‏:‏ قل أمير المؤمنين ويلك فقالها‏.‏ وأراد شبيب أن يلقنه للقرابة بينهما‏.‏ وكان النضر ناحية بيت هانىء بن قبيصة الشيباني فقال له‏:‏ يا نضر لا حكم إلا لله ففطن بهم وقال‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون وشد عليه أصحاب شبيب فقتلوه‏.‏ ونـادى منـادي الحجـاج بالكوفة يا خيل الله اركبي وهو بباب القصر وكان أول من أتاه عثمان بن قطـن بـن عبـد اللـه بـن الحسيـن ذي القصـة‏.‏ ثم جاء الناس من كل جانب فبعث الحجاج خالد بن الأسدي وزائدة بن قدامة الثقفي وأبا الضريس مولى بني تميم وعبد الأعلى بن عبد الله بن عامـر وزيـاد بـن عبـد الله العتكي في ألفين ألفين وقال‏:‏ إن كان حرب فأميركم زائدة بن قدامة‏.‏ وبعث معهم محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله من سجستان وكان عبد الملك قد ولاه عليهـا وأمر الحجاج أن يجهزه ويبعثه في آلاف من الجنود إلى عمله فجهزه وحدث أمر شبيب‏.‏ فقال له الحجاج تجاهد ويظهر اسمك ثم تمضي إلى عملك فساروا جميعاً ونزلوا أسفل الفرات‏.‏ وأخـذ شبيب نحو القادسية وجرد الحجاج ألفاً وثمانمائة من نقاوة الجند مغ ذخر بن قيس وأمره بمواقعة شبيب أينما أدركه وإن ذهب فاتركه‏.‏ فأدركه بالسلخين وعطف عليه شبيب فقاتل ذخر حتى صرع وفيه بضعة عشر جرحاً‏.‏ وانهزم أصحابه يظنون أنه قتل‏.‏ ثم أفاق من برد السحر فدخل قرية وسار إلى الكوفة‏.‏ ثم قصد شبيب وأعوانه وهم على أربعة وعشرين فرسخاً من الكوفة فقال‏:‏ إن هزمناهم فليس دون الحجاج والكوفة مانع‏.‏ وانتهى إليهم وقد تعبؤوا للحرب وعلى الميمنة زياد بن عمر العتكي وعلى الميسرة بشر بن غالب الأسدي وكل أمير بمكانه‏.‏ وعبى شبيب أصحابه ثلاثة كتائب فحمل سويد بن سليم على زياد بن عمر فانكشفوا وثبت زياد قليلاً ثم حمل الثانية فانهزمـوا وانهـزم جريحـاً عنـد المسـاء‏.‏ ثـم حملـوا علـى عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر فانهزم ولم يقاتل ولحق بزياد بن عمر وحملـت الخـوارج حتـى انتهـت إلـى محمـد بـن موسـى بـن طلحـة عنـد الغـروب فقاتلـوه وصبر لهم‏.‏ ثم حمل مضاد أخو شبيب على بشر بن غالـب فـي الميسـرة فصبـر ونـزل فـي خمسيـن رجـلاً فقاتلـوه حتـى قتلـوا وحملـت الخـوارج علـى أبي الضريس مولى بني تميم فهزموه حتى انتهى إلى أعين ثم حملوا عليـه وعلـى أعيـن فهزموهمـا إلـى زائـدة بـن قدامـة‏.‏ فلمـا انتهـوا إليـه نـادى نـزال وقاتلهـم إلى السحر ثم حمل شبيب عليه فقتله وقتل أصحابه ودخل أبو الضريس مع الفل إلى الجوسق بإزائهم‏.‏ ورفـع الخـوارج عنهـم السيـف ودعوهـم إلـى البيعـة لشبيـب عند الفجر فبايعوه وكان فيمن بايعه أبو بردة وبقي محمد بن موسى لم ينهزم فلما طلع الفجرة سمع شبيب أذانهم وعلم مكانهم فأذن وصلى ثم حمل عليهم فانهزمت طائفة منهم وثبتت أخرى وقاتل محمد حتـى قتـل‏.‏ وأخـذ الخـوارج مـا فـي العسكـر وانهـزم الذيـن بايعـوا شبيباً فلم يبق منهم أحد وجاء شبيب إلى الجوسق الـذي فيـه أعيـن وأبو الضريس فتحصنوا منه فأقام يوماً عليهم وسار عنهم وأراده أصحابه على الكوفة وإزاءهم خوخى فتركها وخرج على نفر‏.‏ وسمـع الحجـاج بذلك فظن أنه يريد المدائن وهي باب الكوفة وأكثر السواد لها فهاله ذلك وبعث عثمـان بـن قطـن أميـراً علـى المدائـن وخوخـى والأنبـار وعـزل منها عبد الله بن أبي عصيفير‏.‏ وقيل فـي مقتـل محمـد بـن موسـى غيـر هـذا وهـو أنـه كـان شهد مع عمر بن عبد الله بن معمر قتال أبي فديك فزوجه عمر ابنته وكانت أخته تحت عبد الملك فولاه سجستان فمـر بالكوفـة وقيـل للحجـاج إن جـاء إلـى هـذا أحـد ممـن تطلبـه منعـك منـه فمـره بقتـال شبيـب فـي طريقه لعل الله يريحك منه ففعل الحجاج وعدل محمد‏.‏ إلى قتال شبيب وبعث إليه شبيب بدهاء الحجاج وخديعته إيـاه وأن يعـدل عنـه فأبـى شبيبـاً فبارزه وقتله شبيب ولما انهزم الأمراء وقتل موسى بن محمد بن طلحـة دعـا الحجـاج عبـد الرحمـن بـن الأشعـث وأمـره أن ينتخـب ستـة آلـاف فـارس ويسيـر في طلب شبيـب أيـن كـان فسـار لذلـك‏.‏ ثم كتب إليه وإلى أصحابه يتهددهم إن انهزموا ومر ابن الأشعث بالمدائن وعاد الجزل من

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:37

جراحته فوصاه وحفره وحمله على فرسه وكانت لا تجارى‏.‏ وسار شبيـب على دقوقا وشهرزور وابن الأشعث في اتباعه إلى أن وقف على أرض الموصل وأقام فكتب إليه الحجاج‏:‏ أما بعد فاطلب شبيباً واسلك في أثره أين سلك حتى تدركه فاقتله أو تنفيه فإنما السلطان سلطان أمير المؤمنين والجند جنده‏.‏ فجعل ابن الأشعث يتبعه وشبيب يقصد به الأرض الخشنة الغليظة وإذا دنا منه رجع يبيته فيجده علـى حـذره حتـى أتعـب الجيش وأحفى دوابهم ونزل بطن أرض الموصل ليس بينه وبين السواد إلا نهر حولايا في دادان الأعلـى مـن الـأرض خوخـى‏.‏ ونـزل عبـد الرحمـن فـي عواقيـل النهر وكانت أيام النحر وطلب شبيب الموادعـة فيهـا فأجابـه قصـداً للمطاولـة‏.‏ وكتـب عثمـان بـن قطـن بذلـك إلـى الحجاج فنكر وبعث إلى عثمان بن قطن بإمارة العسكر وأمره بالمسير وعزل عبد الرحمن بن الأشعث‏.‏ وبعث على المدائن مطرف بن المغيرة مكان ابن قطن وقدم ابن قطن على عسكر الكوفة عشية يوم التروية وناداهم إلى الحرب فاستمهلوه وأنزله عبد الرحمن بن الأشعث‏.‏ وأصبحوا إلى القتال ثالث يومهم على تعبية وفي الميمنة خالد بن نهيك بن قيس وفي الميسرة عقيل بن شداد السلولي وابن قطن في الرجالـة وعبـر إليهـم شبيـب فـي مائـة وثلاثيـن رجـلاً فوقـف فـي الميمنـة وأخـوه مضـاد فـي القلـب وسويـد بـن سليـم فـي الميسـرة وحمـل شبيـب على ميسرة عثمان بن قطن فانهزموا ونزل عقيل بن شداد فقاتل حتى قتل وقتل معه مالك بن عبد الله الهمداني‏.‏ وحمل سويد على ميمنة عثمان فهزمها وقاتل خالد بن نهيك فجاء شبيب من ورائه فقتله وتقدم عثمان إلى مضاد في القلب فاشتد القتال وحمل شبيب من وراء عثمان وعطف عليه سويد بن سليم ومضاد من القلب حتى أحاطوا بـه فقتلـوه‏.‏ وانهزمـت العساكـر ووقـع عبـد الرحمن‏.‏ بن الأشعث فأتاه ابن أبي شثبة الجعفي وهو على بغلة فأردفه ونادى في الناس باللحاق بدير أبي مريم‏.‏ ورفـع شبيـب السيـف عـن النـاس ودعاهم إلى البيعة فبايعوه ولحق ابن الأشعث بالكوفة فاختفى حتـى أمنـه الحجاج‏.‏ ومضى شبيب إلى ماه نهرادان فأقام فيه فصل الصيف فلحق به من كان للحجاج عليه تبعة‏.‏ ثم أقبـل إلـى المدائـن فـي ثمانمائـة رجـل وعليهـا مطـرف بـن المغيـرة‏.‏ وبلـغ الخبـر إلـى الحجاج فقـام فـي النـاس وتسخـط وتوعـد‏.‏ فقـال زهـرة بـن حويـة وهـو شيـخ كبيـر لا يستطيـع القيـام إلا معتمـداً‏.‏ أنـت تبعث الناس متقطعين فيصيبون منهم فاستنفر الناس جميعاً وابعث عليهم رجلاً شجاعـاً مجربـاً يـرى الفـرار عـاراً والصبـر مجداً وكرماً‏.‏ فقال الحجاج‏:‏ أنت ذلك الرجل‏!‏ فقال‏:‏ إنما يصلح من يحمل الدرع والرمح ويهز السيف ويثبت على الفرس ولا أطيق من هذا شيئاً وقد ضعف بصري ولكن أكون مع أمير وأشير عليه‏.‏ فقال له‏:‏ جزاك الله خيراً عن الإسلام وأهله أول أمرك وآخره‏.‏ ثم قال للناس‏:‏ سيروا فتجهزوا بأجمعكم فتجهزوا وكتب الحجاج إلى عبد الملك بأن شبيباً شارف المدائن يريد الكوفة وهم عاجزون عن قتاله بما هزم جندهم وقتل أمراءهم ويستمده مـن جنـد الشـام فبعـث إليـه عبـد الملـك سفيـان بـن الأبـرد الكلبي في أربعة آلاف وحبيب بن عبد الرحمن الحكمي في ألفين وذلك سنة ست وسبعين‏.‏ وكتـب الحجـاج إلى عتاب بن ورقاء الرياحي يستقدمه من عند المهلب وقد وقع بينهما كما مر فقدم عتاب وولاه على الجيش فشكر زهرة بن حوية له وقال‏:‏ رميتهم بحجرهم والله لا يرجع إليك حتى يظفر أو يقتل‏.‏ وبعث الحجاج إلى جند الشام يحذرهم البيات ويوصيهم الاحتياط وأن يأتـوا علـى عيـن التمـر‏.‏ وعسكـر عتاب بجماع أعين ثم قطع شبيب دجلة إلى المدائن وبعت إليـه مطـرف أن يأتيـه رجـال مـن وجوههـم ينظـر في دعوتهم فرجا منه وبعث إليه بغيث بن سويد في جماعـة مكثـوا عنـده أربعـاً ولـم يرجعـوا مـن مطـرف بشـيء ونـزل عتـاب الصـراة وخـرج مطـرف إلـى الجبال خوفاً أن يصل خبره مع شبيب إلى الحجاج‏.‏ فخـلا لهـم الجـو وجـاء مضـاد إلـى المدائن فعقد الجسر ونزل عتاب سوق حكم في خمسين ألفاً‏.‏ وسـار شبيـب بأصحابـه فـي ألـف رجـل فصلـى الظهـر بسابـاط وأشرف على عسكر عتاب عند المغرب وقد تخلف عنه أربعمائة من أصحابه فصلى المغرب وعبى أصحابه ستمائة سويد بن سليم في مائتيـن فـي الميسـرة والمحلـل بـن وائـل فـي مائتيـن فـي الميمنـة وهـو فـي مائتيـن فـي القلـب‏.‏ وكـان علـى ميمنـة عتـاب محمد بن عبد الرحمن بن سعيد وعلى ميسرته نعيم بن عليم وعلى الرجالة حنظلة بن الحارث اليربوعي وهو ابن عمه وهم ثلاثة صفوف بين السيوف والرماح والرماة‏.‏ ثم حرض الناس طويلاً وجلس في القلب ومعه زهرة بن مرثد وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعـث وأبـو بكـر بـن محمـد بـن أبـي جهـم العـدوي‏.‏ وأقبـل شبيب حين أضاء القمر بين العشاءين فحمـل علـى الميسـرة وفيهـا ربيعـة فانفضـوا وثبـت قبيصـة بـن والـق وعبيـد بـن الجليـس ونعيـم بـن عليم على رايتهـم حتـى قتلـوا‏.‏ ثـم حمـل شبيـب علـى عتـاب بـن ورقـاء وحمـل سويـد بـن سليـم علـى محمـد بـن سليـم فـي الميمنـة فـي تميـم وهمـدان‏.‏ واشتـد القتـال وخالـط شبيـب القلـب وانفضـوا وتركـوا عتاباً وفـر ابـن الأشعـث فـي نـاس كثيريـن وقتـل عتاب بن ورقاء وركب زهرة بن حوية فقاتل ساعة ثم طعنه عامر بن عمر الثعلبي من الخوارج ووطأته الخيل فقتله الفضل بن عامر الشيباني منهم ووقف عليه شبيب‏.‏ وتوجع له ونكر الخوارج ذلك وقالوا أتتوجع لرجل كافر فقـال أعـرف قديمه‏.‏ ثم رفع السيف عن الناس ودعا للبيعة فبايعوه وهربوا تحت ليلهم وحوى ما في العسكر وأتاه أخوه من المدائن وأقام يومين‏.‏ ثم سار نحو الكوفة ولحق سفيان بن الأبـرد وعسكـر الشـام بالحجاج فاستغنى بهم عن أهل الكوفة واشتد بهم وخطب فوبخ أهل الكوفة وعجزهم‏.‏ وجاء شبيب فنزل حمام أعين فسرح الحجاج إليه الحارث بن معاوية الثقفي في نحو ألف من الشـرط لـم يشهـدوا يـوم عتـاب فبـادر إليـه شبيـب فقتلـه وانهزم أصحابه إلى الكوفة وأخرج الحجاج مواليه فأخذوا بأفواه السكك وجاء شبيب فنزل السبخة ظاهر الكوفة وبنى فيها مسجداً وسـرح الحجـاج مولـاه أبـا الـورد فـي غلمـان لقتالـه فحمـل عليـه شبيـب وقتلـه يظنـه الحجـاج‏.‏ ثـم أخرج إليه مولاه طهمان كذلك فقتله فركب الحجاج في أهل الشام وجعل سبرة بن عبد الرحمن بن محنـف علـى أفـواه السكـك‏.‏ وقعد على كرسيه ونادى في أهل الشام وحرضهم فغضوا الأبصار وجثوا على الركب وشرعوا الرماح‏.‏ وأقبل شبيب في ثلاثة كراديس معه ومع سويد بن سليم ومع المحلل بن وائل‏.‏ وحمل سويد وبيتوا وطاعنوه حتى انصرف‏.‏ وقدم الحجاج كرسيه وحمل المحلل ثانية فكذلك وقدم الحجاج كرسيـه فثبتـوا لـه وألحقـوه بأصحابـه وسـرب شبيـب سويد بن سليم إلى أهل السكك وكان عليها عـروة بـن المغيـرة بـن شعبـة فلم يطق دفاعه‏.‏ ثم حمل شبيب فطاعنوه وردوه وانتهى الحجاج إلى مسجـده وصعـده وملـك العرصـة وقـال لـه خالـد بـن عتـاب ائـذن لـي فـي قتالهم فإني موتور فأذن له فجاءهم من ورائهم وقتل أخا شبيب وغزالة امرأته وخرق عسكرهم وحمل الحجاج عليهم فانهزمـوا‏.‏ وتخلـف شبيـب رداً لهـم فأمر الحجاج أصحابه بموادعتهم ودخل الكوفة فخطب وبشر ثـم سـرح حبيـب بـن عبـد الرحمـن الحكمـي فـي ثلاثـة

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:37

آلـاف فـارس لأتباعـه وحذره بياته فانتهى في أثره إلى الأنبار وقد افترق عن شبيب كثير من أصحابه للأمان الذي نادى الحجاج به فجاءه شبيـب عنـد الغـروب وقد قسم حبيب جنده أرباعاً وتواصوا بالاستماتة فقاتلهم شبيب طائفة بعـد طائفـة‏.‏ فمـا زالـت قـدم إنسـان عـن موضعهـا إلـى آخـر الليـل‏.‏ ثـم نزل شبيب وأصحابه واشتد القتـال وكثر القتلى وسقطت الأيدي وفقئت لأعين‏.‏ وقتل من أصحاب شبيب نحو ثلاثين ومن أهل الشام نحو مائة‏.‏ وأدركهم الإعياء والفشل جميعاً‏.‏ فانصرف شبيب بأصحابه وقطع دجلة ومر في أرض خوخـى‏.‏ ثـم قطـع دجلـة أخـرى عنـد واسـط ومضـى علـى الأهـواز وفـارس إلـى كرمـان ليريح بها‏.‏ وقـد قيل في هذه الحرب غير هذا وهو أن الحجاج بعث إليه أمراء واحداً بعد واحد فقتلهم وكان منهم أعين صاحب حمام أعين وكانت غزالة امرأة شبيب نذرت أن تصلي في مسجد الكوفة ركعتين بالبقرة وآل عمران‏.‏ فجاء شبيب ودخل الكوفة ليلاً وأوفت بنذرها ثم قاتلهم الناس وخرجوا‏.‏ وقام الحجاج في الناس يستشيرهم وبرز إليه قتيبة وعذله في بعث الرعاع ينهزمون ويموت قائدهـم والـرأي أن تخـرج بنفسـك فتحالمـه خـرج مـن الغـد إلـى السبخـة وبهـا شبيب واختفى مكانه عن القوم ونصب أبا الورد مولاه تحت اللواء فحمل عليه شبيب فقتله‏.‏ ونـزل عنـد ذلـك الحجـاج وأصحابـه وجلـس علـى عبـاءة ومعه عنبسة بن سعيد‏.‏ وبينما هم على ذلـك إذ اختلـف الخـوارج وقـال مصقلـة بـن مهلهـل الضبـي لشبيـب‏:‏ مـا تقـول فـي صالح بن سرح قال‏:‏ برئت منه فبريء مصقلة منه وفارقه وشعر الحجاج باختلافهم فسرح خالد بن عتاب لقتالهم فقاتلهم في عسكرهم وقتل غزالة وبعث برأسها إلى الحجاج فأمر شبيب من اعترضه فقتل حامله وجاء به فغسله ودفنه وانصرف الخـوارج وتبعهـم خالـد‏.‏ وقتـل مضـاد أخـو شبيـب ورجـع خالـد عنهـم بعـد أن أبلـى وسـار شبيـب إلـى كرمان وكتب الحجاج إلى عبد الملك يستمده فبعـث إليـه سفيـان بـن الأبـرد الكلبـي فـي العساكر فأنفق فيهم المال وسرحه بعد انصراف الخوارج بشهرين وكتب إلى عامل البصرة وهو الحكم بن أيوب زوج ابنته أن يبعث بأربعة آلاف فارس من جند البصرة إلى سفيان فبعثهم مع زياد بن عمر العتكي فلحقه انقضاء الحرب‏.‏ وكان شبيب بعد أن استجم بكرمان أقبل راجعاً فلقـي سفيـان بالأهـواز فعبـر إليـه جسـر دجيـل وزحـف فـي ثلاثـة كراديـس فقاتلهـم أشد قتال وحملوا عليهم أكثر من ثلاثين حملة وسفيان وأهـل الشـام مستميتـون يزحفـون زحفـاً حتـى اضطـر الخوارج إلى الجسر فنزل شبيب في مائة من أصحابه وقاتل إلى المساء حتى إذا جاء الليل انصرف وجاء إلى الجسر فقدم أصحابه وهو علـى أثرهـم‏.‏ فلمـا مـر بالجسـر اضطـرب حجـر تحـت حافـر فرسـه وهـو علـى حرف السفينة فسقط فـي المـاء وغـرق وهـو يقـول‏:‏ وكـان أمر الله مفعولاً ذلك تقدير العزيز العليم‏.‏ وجاء صاحب الجسر إلـى سفيـان وهـو يريـد الانصراف بأصحابه فقال إن رجلاً من الخوارج سقط فتنادوا بينهم غرق أمير المؤمنين ومروا وتركوا عسكرهم فكبر سفيان وأصحابه وركب إلى الجسر وبعث إلى عسكرهم فحوى ما فيه وكان كثير الخيرات ثم استخرجوا شبيباً من النهر ودفنوه‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:38

خروج المطرف بن المغيرة بن شعبة
لما ولي الحجاج الكوفة وقدمها وجد بني المغيرة صلحاء أشرافاً فاستعمل عروة على الكوفة ومطرفاً على المدائن وحمزة على همذان فكانوا أحسن العمال سيرة وأشدهم على المريب‏.‏ ولما جاء شبيب إلى المدائن نزل نهر شير ومطرف بمدينة الأبواب فقطع مطرف الجسر وبعث إلى شبيب أن يرسل إليه من يعرض عليه الدعوة فبعث إليه رجلاً من أصحابه فقالوا‏:‏ نحن ندعو إلى كتاب الله وسنة رسوله وإنا نقمنا على قومنا الاستئثار بالفيء وتعطيل الحدود والتبسـط بالجزية فقال مطرف دعوتم إلى حق جوراً ظاهراً وأنا لكم متابع فبايعوني على قتال هؤلاء الظلمة بأحداثهم وعلى الدعاء إلى الكتاب والسنة وعلى الشورى كما تركها عمر بن الخطاب حتى يولي المسلمون من يرضونه فإن العرب إذا علمت أن المراد بالشورى الرضا من وأقاموا أربعة أيام يتناظرون في ذلك ولم يتفقوا وخرجوا من عنده ثم دعا مطرف أصحابه وأخبرهـم بمـا دار بينـه وبيـن أصحاب شبيب وأن رأيه خلع عبد الملك والحجاج فوجموا من قوله وأشـاروا عليـه بالكتمـان فقـال لـه يزيـد بـن أبـي زياد مولى أبيه‏:‏ لن والله يخفى على الحجاج شيء ممـا وقـع ولـو كنـت فـي السحـاب لاستنزلـك فالنجـاء بنفسـك ووافقه أصحابه فسار عن المدائن إلى الجبـال ولمـا كـان فـي بعـض الطريق دعا أصحابه إلى الخلع والدعاء إلى الكتاب والسنة وأن يكون الأمـر شـورى فرجـع عنـه بعـض إلـى الحجاج منهم سبرة بن عبد الرحمن بن مخنف وسار مطرف ومـر بحلـوان وبهـا سويد بن عبد الرحمن السعدي مع الأكراد فاعترضوه فأوقع مطرف بهم وأثخن في الأكراد ومال همذان ذات اليمين وبها أخوه حمزة واستمده بمال وسلاح فأمده سراً‏.‏ وسار إلى قم وقاشان فبعث عماله في نواحيها وفزع إليه من كل جانب فجاءه سويد بن سرحـان الثقفـي وبكيـر بـن هـارون النخعـي مـن الـري فـي نحـو مائـة رجـل‏.‏ وكـان علـى الـري عدي بن زيـاد الإيـادي وعلـى أصبهـان البراء بن قبيصة فكتب إلى الحجاج بالخبر واستمده فأمده بالرجال وكتـب إلـى عـدي بالـري أن يجتمع مع البراء على حرب مطرف فاجتمعوا في ستة آلاف وعدي أميرهـم‏.‏ وكتب الحجاج إلى قيس بن سعد البجلي وهو على شرطة حمزة بهمذان بأن يقبض على حمزة ويتولى مكانه فجاءه في جمع من عجل وربيعة وأقرأه كتاب الحجاج فقال‏:‏ سمعاً وطاعة وقبض قيس عليه وأودعه السجن‏.‏ وسار عدي والبراء نحو مطرف فقاتلوه وانهـزم أصحابـه وقتـل يزيـد مولـى أبيـه‏.‏ وكـان صاحـب الراية وقتل من أصحابه عبد الرحمن بن عبد الله بن عفيف الأزدي وكان ناسكاً صالحاً وكان الذي تولى قتل مطرف عمر بن هبيرة الفزاري‏.‏ وبعـث عـدي أهـل البلـاد إلـى الحجـاج وأمـر بكيـر بـن هـارون وسويـد بن سرحان وكان الحجاج يقول مطرف ليس بولد للمغيرة وإنما هو ابن مصقلة الحر لأن أكثر الخوارج كانوا من ربيعة ولم يكن فيهم من قيس‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:39

اختلاف الأزارقة
قـد تقـدم لنـا مقـام المهلـب فـي قتـال الأزارقـة على سابور بعد مسير عتاب عنه إلى الحجاج وأنه أقام في قتالهم سنة‏.‏ وكانت كرمان لهم وفارس للمهلب فانقطع عنهم الممد وضاقت حالهم فتأخروا إلى كرمان وتبعهم المهلب ونزل خيررفت مدينة كرمان وقاتلهم حتى أزالهم عنهـا‏.‏ وبعث الحجاج العمال على نواحيها وكتب إليه عبد الملك بتسويغ للمهلب معونة له على الحرب وبعـث الحجـاج إلـى المهلـب البـراء بن قبيصة يستحثه لقتال الخوارج فسار وقاتلهم والبراء مشرف عليه من ربوة واشتد قتاله وجاء البراء من الليل فتعجب‏.‏ لقتاله وانصرف إلى الحجاج وأنهى غـدر المهلـب وقاتلهـم ثمانيـة عشـر شهـراً لا يقدر منهم على شيء‏.‏ ثم وقع الاختلاف بينهم فقيل في سببه إن المقعطر الضبي وكان عاملاً لقطري على بعض نواحي كرمان قتل بعض الخوارج فطلبـوا القود منه فمنعه قطري وقال‏:‏ تأول فأخطأ وهو من ذوي السابقة فاختلفوا وقيل بل كان رجل في عسكرهم يصنع النصول مسمومة فيرمي بها أصحاب المهلب فكتب المهلب كتاباً مع رجل وامرأة أن يلتقيه في عسكرهم وفيه وصلت نصالك وقد أنفذت إليك ألف درهم‏.‏ فلما وقف على الكتاب سأل الصانع فأنكر فقتله فأنكر عليه عبد ربه الكبير واختلفوا‏.‏ وقيل بعث المهلب نصرانياً وأمره بالسجود لقطري فقتله بعض الخوارج وولوا عبد ربه الكبير وخلعـوا قطريـاً فبقـي فـي نحـو الخمسيـن منهـم وأقامـوا يقتتلون شهراً ثم لحق قطري بطبرستان وأقام عبد ربه بكرمان وقاتلهم المهلـب وحاصرهـم بخيررفـت‏.‏ ولمـا طـال عليهـم الحصـار خرجـوا بأموالهـم وحريمهـم وهـو يقاتلهـم حتى أثخن فيهم‏.‏ ثم دخل خيررفت وسار في أتباعهم فلحقهم علـى أربعـة فراسـخ فقاتلهـم هـو وأصحابـه حتـى أعيـوا وكـف عنهـم‏.‏ ثم استمات الخوارج ورجعوا فقاتلـوه حتـى يئس من نفسه‏.‏ ثم نصره الله عليهم وهزمهم وقتل منهم نحواً من أربعة آلاف كان منهم عبد ربه الكبير ولم ينج منهم إلا القليل‏.‏ وبعـث المهلب المبشر إلى الحجاج فأخبر‏.‏ وسأله عن بني المهلب فأثنى عليهم واحداً واحداً‏.‏ قال فأيهم كان أنجد قال كانوا كالحلقة المفرغة لا يعـرف طرفهـا فاستحسـن قولـه وكتـب إلـى المهلـب يشكـره ويأمره أن يولي على كرمان من يراه وينزل حامية ويقدم عليه فولى عليها ابنه يزيد وقـدم علـى الحجـاج فاحتفـل لقدومه وأجلسه إلى جانبه وقال‏:‏ يا أهل العراق أنتم عبيد المهلب‏.‏ وسرح سفيان بن الأبرد الكلبي فـي جيـش عظيـم نحـو طبرستـان لطلـب قطـري وعبيـدة بـن هلـال ومـن معهـم مـن الخـوارج‏.‏ والتقـوا هنالـك بإسحـاق بـن محمـد بن الأشعث في أهل الكوفة واجتمعا على طلبهم فلقوهم في شعب من شعاب طبرستان وقاتلوهم فافترقوا عن قطري ووقع عن دابته فتدهده إلى أسفل الشعب ومر به علج فاستقاه على أن يعطيه سلاحه‏.‏ فعمد إلى أعلى الشعـب وحـدر عليـه حجـراً مـن فـوق الشعـب فأصابـه في رأسه فأوهنه ونادى بالناس فجاء في أولهـم نفـر مـن أهل الكوفة فقتلوه منهم سورة بن أبجر التميمي وجعفر بن عبد الرحمن بن مخنف والسياح بن محمد بن الأشعث وحمل رأسه أبو الجهم إلى إسحق بن محمد فبعث به الحجاج وبعثه الحجاج إلى عبد الملك‏.‏ وركب سفيان فأحاط بالخوارج وحاصرهـم حتـى أكلـوا دوابهـم ثـم خرجـوا إليـه واستماتـوا فقتلهم أجمعين وبعث برؤوسهم إلى الحجاج ودخل دنباوند وطبرستان فكان هناك حتى عزله الحجاج قبل دير الجماجم قال بعض العلماء‏:‏ وانقرضـت الأزارقـة بعـد قطـري وعبيـدة آخـر رؤسائهم وأول رؤسائهم نافع بن الأزرق واتصل أمرهم بضعاً وعشرين سنة إلى أن افترقوا كما ذكرناه سنة سبع وسبعين فلم تظهر لهم جماعة إلى رأس المائة‏.‏ خروج شوذب خـرج شـوذب هـذا أيـام عمـر بـن عبد العزيز على رأس المائة واسمه بسطام وهو من بني يشكر‏.‏ فخـرج فـي مائتـي رجـل وسـار فـي خوخـى وعامـل الكوفة يومئذ عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيـد بـن الخطـاب‏.‏ فكتـب إليـه عمـران أن لا يعرض لهم حتى يقتلوا أو يفسدوا فيوجه إليهم الجند مع صليب حازم فبعث عبد الحميد بن جرير بن عبد الله البجلي في ألفين فأقام بإزائه لا يحركـه‏.‏ وكتـب عمـر إلـى شـوذب‏:‏ بلغنـي أنـك خرجـت غضبـاً لله ولرسوله وكنت أولى بذلك مني فهلم إلي أناظرك فإن كان الحق معنا دخلت مع الناس وإن


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:39

كان الحق معك نظرنا في أمرك‏.‏ فبعث إليه عاصماً الحبشي مولى بني شيبان من بني يشكر فقدما عليه بخاصر فسألهما‏:‏ ما أخرجكـم ومـا الـذي نقمتم‏.‏ فقال عاصم ما نقمنا سيرتك إنك لتتحرى العدل والإحسان فأخبرنا عن قيامك بهذا الأمر مشورة من الناس أم غلبت عليه‏:‏ قال عمر ما سألته وما غلبت عليه‏.‏ وعهد إلي رجل قبلي فقمت ولم ينكر أحد ومذهبكم الرضا لكل من عدل وإن أنا خالفت قـالا‏:‏ فقـد خالفـت أعمـال أهـل بيتـك وسميتهـا مظالم فتبرأ منهم والعنهم‏.‏ فقال عمر‏:‏ أنتم تريدون الآخـرة وقـد أخطأتـم طريقهـا وإن اللـه لـم يشـرع اللعـن‏.‏ وقد قال إبراهيم‏:‏ ومن عصاني فإنك غفور رحيـم‏.‏ وقـال‏:‏ أولئـك الذيـن هـدى اللـه فبهداهـم اقتـده‏.‏ وبقي تسمية أعمالهم مظالم ذماً ولو كان لعن أهل الذنوب فريضة لوجب عليكم لعن فرعون أنتم لا تلعنونه وهو أخبث الخلق فكيف ألعـن أنـا أهـل بيتـي وهـم مصلـون صائمـون ولـم يكفـروا بظلمهـم لـأن النبـي صلى الله عليه وسلم دعا إلى الإيمان والشريعة فمن عمل بها قبل منه ومن أحدث حدثاً فرض عليه الحد‏.‏ فقـالا‏:‏ فـإن النبـي صلـى اللـه عليـه وسلـم دعـا إلـى التوحيـد والإقرار بما نزل عليه‏.‏ فقال عمر ليس أحد ينكر ما نزل عليه ولا يقول لا أعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن القوم أسرفـوا علـى أنفسهـم‏.‏ قـال عاصـم‏:‏ فابـرأ منهـم ورد أحكامهـم قـال عمر‏:‏ أتعلمان أن أبا بكر سبى أهل الردة وأن عمر ردها بالفدية ولم يبرأ من أبي بكر وأنتم لا تبرؤون من واحد منهما قال‏:‏ فأهـل النهروان خرج أهل الكوفة منهم فلم يقتتلوا ولا استعرضوا وخرج أهل البصرة فقتلوا عبد اللـه بـن حبـاب وجاريـة حامـلاً ولـم يتبـرأ مـن لـم يقتـل ممـن قتـل واستعـرض ولا أنتم تتبرؤون من واحد منهما وكيف ينفعكم ذلك مع علمكم باختلاف أعمالكم‏.‏ ولا يسعني أنا البراءة من أهل بيتي والدين واحد‏.‏ فاتقوا الله ولا تقبلوا المردود وتردوا المقبول وقد أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد شهادة الإسلام وعصم ماله ودمه وأنتم تقتلونه ويأمـن عندكـم سائـر الأديـان وتحرمون دماءهم وأموالهم‏.‏ فقال اليشكري‏:‏ من استأمن على قوم وأموالهم فعدل فيها ثم صيرها بعده إلى رجل غير مأمون أتراه أدى الحق الذي لزمه فكيف تسلم هذا الأمر بعدك إلى يزيد مع علمك أنه لا يعدل فيه‏.‏ فقال‏:‏ إنما ولاه غيري والمسلمون أولى بذلك بعدي‏.‏ قال‏:‏ فهو حق ممن فعله وولاه قال انظرانـي ثلاثـاً‏.‏ ثـم جـاءه عاصـم فرجـع عـن رأي الخـوارج وقـال له اليشكري اعرض عليهم ما قلت واسمع حجتهم‏.‏ وأقام عاصم عند عمر وأمر له بالعطاء وتوفي عمر لأيام قلائل ومحمد بن جرير ينتظر عود الرسل‏.‏ ولما مات عمر كتب عبد الحميد إلى محمد بن جرير بمناجزة شوذب قبل أن يصل إليهم عمر فقالـت الخـوارج‏:‏ مـا خالـف هـؤلاء ميعادهـم إلا وقد مات الرجل الصالح‏.‏ واقتتلوا فانهزم محمد بن جريـر واتبعـه الخوارج إلى الكوفة ورجعوا وقدم على شوذب صاحباه أخبراه بموت عمر وسرح يزيد تميم بن الحباب في ألفين فهزمه أصحابه ثم بعث إليهم الشجاع بن وادع في ألفين فقتلوه وهزمـوه بعـد أن قتـل منهـم هدبـة ابـن عـم وبقـي الخـوارج بمكانهـم‏.‏ وجـاء مسلمـة إلى الكوفة فأرسل سعيـد بـن عمـرو الحرشـي فـي عسكر آلاف فاستماتت الخوارج وكشفوا العساكر مراراً ثم حملوا وقتل شوذب وأصحابه ولم يبق منهم أحد وضعف أمر الخوارج على ظهور أيام هشام سنة عشريـن ومايـة بهلـول بـن بشـر بـن شيبـان وبلغـت كنـارة‏.‏ وكـان لمـا عـزم علـى الخـوارج حج ولقي بمكة من كان على رأيه فأبعدوا إلى قرية من قرى الموصل واجتمعوا بها وهم أربعون وأمروا عليهم البهلـول وأخفـوا أنفسهـم بأنهـم قدمـوا مـن عنـد هشـام‏.‏ ومـروا بقريـة كان بهلول ابتاع منها خلاً فوجده خمراً وأبى البائع من رده واستعدى عليه عامل القرية فقال‏:‏ الخمر خير منك ومن قومك فقتلوه وأظهـروا أمرهـم وقصـدوا خالـداً القسـري بواسـط وتعللـوا عليه بأنه يهدم المساجد ويبني الكنائس ويولي المجرد على المسلمين‏.‏ وجـاء الخبـر إلـى خالـد فتوجـه مـن واسـط إلـى الحيـرة وكـان بهـا جنـد


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:40

مـن بنـي العيـن نحـو ستمائـة بعثـوا مـدداً لعامل الهند فبعثهم خالد مع مقدمهم لقتال بهلول وأصحابه وضم إليهم مائتين من الشرط والتقوا على الفرات فقتل مقدمهم وانهزموا إلى الكوفة‏.‏ وبعث خالد عابداً الشيباني من بني حوشـب بـن يزيـد بـن رويـم فلقيـه بين الموصل والكوفة فهزمهم إلى الكوفة وارتحل يريد الموصل ثم بدا له وسار يريد هشاماً بالشام وبعث من العراق وعامل الجزيرة جنداً وبعث هشام جنداً فاجتمعـوا بيـن الجزيـرة والموصـل وهم في عشرين ألفاً وبهلول في سبعين فقاتلوا واستماتوا وصرع بهلـول وسأله أصحابه العهد فعهد إلى دعامة الشيباني ثم إلى عمر اليشكري من بعده‏.‏ ومات ثم خرج على خالد بعد ذلك بسنتين الغفري صاحب الأشهب وبهذا كان يعرف فبعث إليه السمط بن مسلم البجلي في أربعة آلاف فالتقوا بناحية الفرات فانهزمت الخوارج ولقيهم عبيد أهل الكوفة وغوغاؤهم فرموهم بالحجارة حتى قتلوهم‏.‏ ثم خرج وزير السختياني على خالد بالحيرة فقتل وأحرق القرى فوجه إليه خالد جنداً فقتلوا أصحابه وأثخن بالجراح وأتى به خالد فوعظه فأعجبه وعظه فأعفاه من القتل‏.‏ وكان يسامره بالليـل وسعـى بخالـد إلـى هشام وأنه أخذ حرورياً يستحق القتل فجعله سميراً فكتب إليه هشام بقتله فقتله‏.‏ ثـم خـرج بعـد ذلـك النصـارى بن شبيب بإفريقية فمضى وندم خالد فطلبه فلم يرجع وأتى جبل وبهـا نفـر من اللات بن ثعلبة فأخبرهم وقال إنما أردت التوصل إليه لأقتله بفلان من قعدة الصفرية كـان خالـد قتلـه صبـراً‏.‏ ثـم خـرج معـه ثلاثـون منهـم فوجـه إليهم خالد جنداً فلقوهم بناحية المناذر فاقتتلوا فقتل الصحارى وأصحابه أجمعون‏.‏ ورد أمر الخوارج بعد ذلك مرة فلما وقعت الفتن أيام هشام بالعراق والشام وشغل مروان بمن انتقـض عليـه فخـرج بـأرض كفريمونـا سعيـد بـن بهـدل الشيبانـي فـي مائتيـن مـن أهـل الجزيرة وكان على رأي الحرورية وخرج بسطام البهسي في مثل عدتهم من ربيعة وكان مخالفاً لرأيه فبعث إليه سعيـد بـن بهـدل قائـده الخبيـري فـي مائـة وخمسيـن فبيتهـم وقتل بسطاماً ومن معه ولم ينج منهم إلا أربعـة عشـر رجـلاً‏.‏ ثـم مضـى سعيـد بـن بهدل نحو العراق فمات هنالك واستخلف الضحاك بن قيس الشيباني فبايعه السراة وأتى أرض الموصل وشهرزور‏.‏ وإجتمع إليه من الصفرية أربعة آلاف أو يزيدون‏.‏ وولـى مروان على العراق النضر بن سعيد الجريشي وعزل به عبد الله بن عمر بن عبد العزيز فامتنع عبد الله بالحيرة وسار إليه النضر وتحاربا أشهراً‏.‏ وكانت الصفرية مع النضر عصبة لمروان لطلبـه بـدم الوليـد وأمـه قيسيـة وكانـت اليمنيـة مـع ابـن عمـر عصبيـة لدخولهـم فـي قتـل الوليـد بمـا فعله مع خالد القسري فلما علم الضحاك والخوارج باختلافهم أقبل إلى العـراق سنـة سبـع وعشرين وزحف إليهم فتراسل ابن عمر والنضر وتعاقدا واجتمعا لقتاله بالكوفة وكل واحد منهما يصلي بأصحابه وابن عمر أمير على وإسماعيل أخو خالد القسري وغيرهم من الوجوه‏.‏ فلحـق ابـن عمـر بواسـط واستولـى الضحـاك علـى الكوفـة وعـادت الحـرب بين ابن عمر والنضر‏.‏ ثم زحف إليهما الضحاك فاتفقا وقالا حتى ضرستهما الحرب ولحق منصور بن جمهور بالضحاك والخوارج وبايعهم ثم صالحهم ابن عمر ليشغلوا مروان عنه وخرج إليهم وصلى خلف الضحاك وبايعه‏.‏ وكـان معـه سليمـان بن هشام وصل إلية هارباً من حمص لما انتقض بها وعليه‏.‏ عليها مروان فلحق بابن عمر وبايع معه الضحاك وصار معه وحرضها على مروان‏.‏ إنما لحق بالضحاك وهو يحاصر نضيراً وتزوج أخت شيبان الحروري‏.‏ فرجع الضحاك إلى الكوفة وسار منها إلى الموصـل بعـد عشرين شهراً من حصار واسط بعد أن دخل أهل الموصل وعليهم القطرن أم أكمه من بني شيبان عامل لمروان فأدخلهم أهل البلد وقاتلهم القطرن فقتل ومن معه وبلغ الخبر إلى مـروان وهـو يحاصـر حمـص فكتـب إلـى ابنه عبد الله أن يسير إلى‏.‏ يمانع الضحاك عن توسط الجزيرة فسار في ثمانيـة آلـاف فـارس والضحـاك فـي مائـة ألـف وحاصـره بنصيبيـن‏.‏ ثـم سـار مـروان بـن محمـد إليـه فالتقيـا عنـد كفريموتـا مـن نواحـي مارديـن فقاتلـه عامة يومه إلى الليل وترجل الضحاك في نحـو ستـة آلـاف وقاتلـوا حتـى قتلـوا عـن آخرهـم وعثـر علـى الضحـاك فـي القتلـى فبعـث مـروان برأسه إلى الجزيرة وأصبح الخوارج فبايعوا الخبيري قائد الضحاك وعاودوا الحرب مع مروان فهزموه وانتهوا إلى خيامه فقطعوا أطنابهم وجلس الخبيري على فرشه والجانحان ثابتان وعلى الميمنة عبـد اللـه بـن مـروان وعلى الميسرة إسحاق بن مسلم العقيلي فلما انكشفت قفة الخوارج أحاطوا بهم في مخيم مروان فقتلوهم جميعاً والخبيري معهم ورجع مروان من نحو ستة أميال‏.‏ وانصرف الخوارج وبايعوا شيبان الحروري وهو شيبان بن عبد العزيز اليشكري ويكنى أبا الدلفاء‏.‏ وقاتلهم مروان بعد ذلك بالكراديس وأبطل الصف من يومئذ وأقام في قتالهم أياماً وانصـرف عـن شيبـان كثيـر منهـم وارتحلـوا إلـى الموصـل بإشـارة سليمـان بـن هشام وعسكروا شرقي دجلة وعقدوا الجسور واتبعهم مروان فقاتلهم لتسعة أشهر وقتل الطائفتين خلق كثير‏.‏ وأسر ابـن أخ لسليمـان بـن هشـام اسمـه أميـة بـن معاويـة فقطعـه ثـم ضـرب عنقـه‏.‏ وكتـب مـروان إلـى يزيد بن عمـر بـن هبيـرة وهـو بمرقيسية يأمره بالسير إلى العراق وولاه عليها وعلى الكوفة يومئذ المثنى بن عمـران العائـذي مـن قريـش خليفـة للخوارج فلقي ابن هبيرة بعين التمر فاقتتلوا وانهزمت الخوارج‏.‏ ثم تجمعوا له بالنخيلة ظاهر الكوفة فهزمهم ثم تجمعوا بالبصرة فأرسل شيبان إليهم عبيدة بن سوار في خيل عظيمة فهزمهم ابن هبيرة وقتل عبيدة واستباح عسكرهم واستولى على العراق‏.‏ وكـان منصـور بـن جمهـور مـع الخوارج فمضى إلى الماهين وغلب عليها وعلى الجبل جميعاً وسار ابن هبيرة إلى واسط فحبس ابن عمر وكان سليمان بن حبيب عامل ابن عمر على الأهواز فبعث ابن هبيرة إليه نباتة بن حنظلة وبعث هو داود بن حاتم والتقيا على دجلة فانهزم داود وقتـل‏.‏ وكتب مروان إلى ابن هبيرة أن يبعث إليه عامر بن ضبابة المزني فبعثه في ثمانية آلاف وبعـث شيبان لاعتراضه الجون بن كلاب الخارجي في جمع فانهزم عامر وتحصن بالسند وجعل مروان يمده بالجنود وكان منصور بن جمهور بالجبل يمد شيبان بالأموال‏.‏ ثم كثرت جموع عامر فخـرج إلى الجون والخوارج الذين يحاصرونه فهزمهم وقتل الجون وسار قاصداً الخوارج بالموصل فارتحـل شيبـان عنهـا وقـدم عامـر علـى مـروان فبعثـه فـي اتبـاع شيبان فمر على الجبل وخرج على بيضاء فارس وبها يومئذ عامر بن عبد الله بن حطوبة بن جعفر في جموع كثيرة‏.‏ فسار ابن معاوية إلى كرمان وقاتله عامل فهزمه ولحق بهراة وسار عامر بمن معه فلقي شيبان والخوارج بخير رفت فهزمهم واستباح عسكرهم ومضى شيبان إلى سجستان فهلك بها سنة ثلاثين ومائة‏.‏ وقيل بل كان قتال مروان وشيبان على الموصل شهراً‏.‏ ثم انهزم شيبان ولحق بفارس وعامر بن صراة في أتباعه ثم سار شيبان إلى جزيرة ابن كاوان وأقام بها‏.‏ ولمـا ولـي السفـاح بعـث حارثـة بـن خزيمـة لحرب الخوارج هنالك لموجدة وجدها عليه فأشير عليه ببعثـه لذلـك‏.‏ فسـار فـي عسكـر إلـى البصـرة وركـب السفـن إلى جزيرة ابن كاوان وبعث فضالة بن نعيم النهيلي في خمسمائة فانهزم شيبان إلى عمان وقاتل هناك وقتله جلندي بن مسعود بن جعفـر بـن جلنـدي ومـن معـه سنـة أربـع وثلاثيـن‏.‏ وركـب سليمـان بـن هشـام السفـن بأهلـه ومواليـه إلى الهند بعد مسير شيبان إلى جزيرة ابن كاوان حتى إذا بويع السفاح قدم عليه وأنشده سديف البيتين المعروفين وهما‏:‏ لا يغرنـك مـا تـرى مـن رجال إن بين الضلوع داء دويا فقتلـه السفـاح وانصـرف مروان بعد مسير شيبان إلى الموصل إلى منزله بحران فلم يزل بها حتى سـار إلـى الـزاب‏.‏ ومضـى شيبان بعد سلمة إلى خراسان والفتنة بها يومئذ بين نصر بن سيار والكرمانـي والحـارث بـن شريح وقد ظهر أبو مسلم بالدعوة العباسية فكان له من الحوادث معهم ما ذكرناه واجتمع مع علي بن الكرماني على قتال نصر بن سيار‏.‏ فلما صالح الكرماني أبا مسلـم كمـا مـر وفـارق شيبـان تنحـى شيبـان عـن عمر لعلمه أنه لا يقاومه ثم هرب نصر بن سيار إلى سرخس واستقام أمر أبي مسلم بخراسان فأرسل إلى شيبان إلى البيعة ويأذنه بالحرب واستجـاش بالكرمانـي فأبـى‏.‏ فسـار إلـى سرخس واجتمع كثير من بكر بن وائل وأرسل إليه أبو مسلم في الموادعة فحبـس الرسـل فكتـب أبـو مسـام إلـى بسـام بـن إبراهيـم مولـى بنـي ليـث بالمسيـر إلـى شيبـان فسـار إليـه فهزمـه وقتـل فـي عـدة بكـر بـن وائـل ويقـال إن خزيمـة بـن حـازم حضـر مـع بسام في ذلك‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:41

خبر أبي حمزة وطالب وإسحاق
كان اسم أبي حمزة الخارجي المختار بن عوف الأزدي البصري وكان من الخوارج الإباضية وكان يوافي مكة كل موسم يدعو إلى خلاف مروان وجاء عبد الله بن يحيى المعروف بطالب الحـق سنـة ثمـان وعشريـن وهـو مـن حضرموت فقال له انطلق معي فإني مطاع في قومي‏.‏ فانطلق معه إلى حضرموت وبايعه على الخلافة‏.‏ وبعثه عبد الله سنة تسع وعشرين مع بلخ بن عقبة الأزدي في سبعمائة فقدموا مكة وحكمـوا بالموقـف وعامـل المدينـة يومئـذ عبـد الواحـد بـن سليمان بن عبد الملك فطلبهم في الموادعة حتى ينقضي الموسم‏.‏ وأقام للناس حجهم ونزل بمنى وبعث إلى أبي حمزة عبيد الله بن حسن بن الحسن ومحمد بن عبـد اللـه بـن عمـر بـن عثمـان وعبـد الرحمـن بـن القاسـم بـن محمد وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصـم بن عمر بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن في أمثالهم‏.‏ فكشر في وجه العلوي والعثماني وانبسـط إلـى البكـري والعمـري وقـال لهمـا مـا خرجنـا إلا بسيـرة أبويكما فقال له عبيد الله بن حسن ما جئنا للتفضيل بين آبائنا وإنما جئنا برسالة من الأمير وربيعة يخبرك بها‏.‏ ثـم أحكمـوا معـه الموادعـة إلـى مدتهـا ونفر عبد الواحد في النفر الأول فمضى إلى المدينة وضرب علـى أهلهـا البعـث وزادهـم في العطاء عشرة وبعث عليهم عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن عثمان فانتهوا إلى فديك‏.‏ وجاءتهم رسل أبي حمزة يسألونهم التجافي عن حربهم وأن يخلوا بينهـم وبيـن عدوهـم‏.‏ فلمـا نزلـوا قديـد وكانـوا مترفيـن ليسـوا بأصحاب حرب فطلع عليهم أصحاب أبـي حمـزة مـن الغيـاض فأثخنـوا فيهم وكان قتلاهم نحو سبعمائة من قريش‏.‏ وبلغ الخبر إلى عبد الواحد فلحق بالشام‏.‏ ودخل أبو حمزة المدينة منتصف صفر سنة ثلاثين وخطب على المنبر وأعلـن بدعوته ووعظ وذكر ورد مقالات من عابهم وسفه رأيهم وأحسن السيرة في أهل المدينة واستمالهـم حتـى سمعـوه يقـول‏:‏ مـن زنـا فهـو كافـر ومـن سرق فهو كافر وأقام ثلاثة أشهر ثم ودعهم وسار نحو الشام‏.‏ وكان مروان قد سرح إليهم عبد الملك بن محمد بن عطية بن هوازن في أربعة آلاف ليقاتل الخوارج حتى يبلغ اليمن فلقي أبا حمزة في وادي القرى فانهزمت الخوارج وقتل أبو حمزة ولحق فلهـم بالمدينـة‏.‏ وسـار عطيـة فـي أثرهـم إلـى المدينـة فأقـام بهـا شهـراً‏.‏ ثـم سـار إلـى اليمـن واستخلـف علـى المدينـة الوليـد ابـن أخيـه عـروة وعلـى مكة رجلاً من أهل الشام‏.‏ وبلغ عبد الله طالب الحق مسيره إليه وهو بصنعاء فخرج للقائه واقتتلوا وقتل طالب الحق وسار ابن عطية إلى صنعاء وملكها وجاء كتاب مروان بإقامة الحج بالناس فسار في اثني عشر رجلاً ومعه أربعون ألف دينـار وخلـف ثقلـه بصنعـاء ونـزل الحـرف فاعترضـه ابـن حمايـة المرادي في جمع وقال له ولأصحابه‏:‏ أنتـم لصـوص فاستظهروا بعهد مروان فكذبوه وقاتلهم فقتلوه‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:41

وركد ريح الخوارج من يومئذ إلى أن ظهرت الدولة العباسية وبويع المنصور بعد السفاح‏.‏ فخـرج سنـة سبـع وثلاثيـن بالجزيـرة ملبـد بن حرملة الشيباني فسارت إليه روابط الجزيرة في ألف فـارس فهزمهم وقاد منهم‏.‏ ثم سار إليه يزيد بن حاتم المهلبي ومهلل بن صفوان مولى المنصور ثم نزار من قواد خراسان ثم زياد بن مسكان ثم صالح بن صبيح فهزمهم كلهم واحدا بعد واحـد وقتل منهم‏.‏ ثم سار إليه حميد بن قحطبة وهو عامل الجزيرة فهزمه وتحصن حميد منه فبعـث المنصـور عبـد العزيـز بـن عبد الرحمن أخا عبد الجبار في الجيوش ومعه زياد بن مسكان فأكمـن لـه الملبـد وقاتلهم ثم خرج الكعبين فانهزم عبد العزيز وقتل عامة أصحابه فبعث المنصور حـازم بـن خزيمـة فـي ثمانيـة آلـاف مـن أهـل خراسـان فسـار إلـى الموصـل وعبـر إليه الملبد دجلة فقاتله فانهزم أهل الميمنة وأهل الميسرة من أصحـاب حـازم وترجـل حـازم وأصحابـه وترجـل ملبـد كذلك‏.‏ وأمـر حازم أصحابه فنضحوهم بالنبل واشتد القتال وتزاحفت الميمنة والميسرة ورشقوهم فقتل ملبـد فـي ثمانمائـة ممـن ترجـل معه وثلاثمائة قبل أن يترجل وتبعهم فضالة صاحب الميمنة فقتل منهم زهـاء مائـة وخمسيـن‏.‏ ثـم خـرج سنـة ثمـان وأربعين أيام المنصور بنواحي الموصل حسان بن مخالد بـن مالـك بـن الأجـدع الهمدانـي أخـو مسـروق‏.‏ وكـان علـى الموصل الصفر بن يجدة وليها بعد حرب ابـن عبـد اللـه فسـار إليهـم فهزمـوه إلـى الدجلـة‏.‏ وسـار حسـان إلـى العمـال ثم إلى البحر وركب إلى السنـد وقاتـل وكاتـب الخوارج بعمان يدعوهم ويستأذنهم في اللحاق بهم فأبوا وعاد إلى الموصل فخرج إليه الصفر بن الحسن بن صالح بن جنادة الهمذاني وهلال فقتل هلالاً واستبقى ابن الحسن فاتهمه بعض أصحابه بالعصبية وفارقوه‏.‏ وقد كان حسـان أمـه مـن الخـوارج وخالـه حفـص بـن أشتـم مـن فقهائهـم‏.‏ ولمـا بلغ المنصور خروجه قال خارجي من همذان فقيل له إنه ابن أخت حفص بن أشتم قال من هناك وإنما أنكر المنصور ذلك لأن عامة همذان شيعة‏.‏ وعزم المنصور على الفتك بأهل الموصل فإنهم عاهدوه على أنهم إن خرجوا فقد فلت ديارهم وأموالهـم وأحضـر أبـا حنيفـة وابـن أبـي ليلـى بـن شبرمـة واستفتاهـم فتلطفـوا له في العفو فأشار إلى أبـي حنيفـة فقـال‏:‏ أباحـوا مـا لا يملكـون كمـا لو أباحت امرأة فزوجها بغير عقد شرعي فكف عن أهل الموصل‏.‏ ثم خرج أيام المهدي بخراسان يوسف بن إبراهيم المعروف بالبرة واجتمع بشركس فبعث إليه المهدي يزيد بن مزيد الشيباني ابن أخي معن فاقتتلوا قتالاً شديداً وأسره يزيد وبعث به إلى المهدي موثقاً وحمل من النهروان على بعير وحول وجهه إلى ذنبه كذلك فدخلوا إلى الرصافة وقطعوا ثم صلبوا‏.‏ وكان حروباً متعوداً فغلب على بوشنج ومرو الروذ والطالقان والجوزجان وكان على بوشنج مصعب بن زريق جد طاهر بن الحسين فهرب منه وكان من أصحابه معاذ الفارياني وقبض معـه‏.‏ ثـم خـرج معـه أيـام المهـدي بالجزيـرة حمـزة بـن مالـك‏.‏ الخزاعـي سنة تسع وستين وهزم منصور بن زياد وصاحب الخراج وقوي أمره ثم اغتاله بعض أصحابه فقتله‏.‏ ثـم خـرج آخـر أيـام المهـدي بـأرض الموصـل خارجـي مـن بنـي تميـم اسمـه ياسيـن يميـل إلى مقاتلة صالح بن مسرح فهزم عسكر الموصل وغلب على أكثر ديار ربيعة والجزيرة فبعث إليها المهدي القائد أبا هريرة محمـد بـن مـروخ وهزيمـة بـن أعيـن مولـى بنـي ضبـة فحاربـاه حتـى قتـل فـي عـدة مـن أصحابـه وانهـزم الباقـون‏.‏ ثـم خـرج بالجزيـرة أيـام الرشيـد سنـة ثمان وسبعين الوليد بن طريف من بني تغلب وقتـل إبراهيـم بـن خالـد بـن خزيمـة بنصيبيـن ثـم دخل أرمينية وحاصر خلاط عشرين يوماً وافتدوا بثلاثيـن ألفـاً ثـم سـار إلـى أذربيجـان ثـم إلـى حلـوان وأرض السـواد وعبـر إلـى غـرب دجلـة وعـاث فـي أرض الجزيـرة فبعـث إليـه الرشيـد يزيـد بـن مزيـد بـن زائـدة الشيبانـي وهـو ابن أخي معن في العساكر فمكث يقاتله وكانت البرامكة منحرفة عن يزيد فأغروا به الرشيد وأنه أبقى على الوليد برجم وائل‏.‏ فكتـب إليـه الرشيـد يتهـدده فناجـزه يزيـد الحـرب فـي رمضـان سنـة تسـع وسبعيـن وقاتلهـم قتـالاً شديداً فقتل الوليد وجيء برأسه‏.‏ ثم أصبحـت أختـه مستلئمـة للحـرب فخـرج إليهـا يزيـد وضربهـا علـى رأسهـا بالرمـح وقـال لها‏:‏ أعدي فقد فضحت العشيرة فاستحيت وانصرفت وهي تقول في رثائه الأبيات المشهورة التي منها‏:‏ فتىً لا يحب الزاد إلا من التقى ولا المـال إلا مـن قنـاً وسيـوف وانقرضت كلمة هؤلاء بالعراق والشام فلم يخرج بعد ذلك إلا شذاذ متفرقون يستلحمهم الولاة بالنواحي إلا ما كان من خوارج البربر بأفريقية فإن دعوة الخارجية فشت فيهم من لدن مسيرة الظفري سنة ثلاث وعشرين ومائة‏.‏ ثم فشت دعوة الإباضية والصفرية منهم في هوارة ولماية ونفزة ومغيلة وفي مغراوة وبني يفرن من زناتة حسبما يذكر في أخبار البربر لسي رستم من الخـوارج بالمغـرب دولة في تاهرت من الغرب الأوسط نذكرها في أخبار البربر أيضاً‏.‏ ثم سار بإفريقيـة منهـم علـى دولـة العبيدييـن خلفـاء لقيـروان أبـو يزيـد بـن مخلـد المغربي وكانت له معهم حروب وأخبار نذكرها في موضعها‏.‏ ثـم لـم يـزل أمرهـم فـي تناقـص إلـى أن اضمحلـت ديانتهـم وافترقت جماعتهم وبقيت آثار نحلتهم في أعقاب البربر الذين دانوا بها أول الأمر‏.‏ ففي بلاد زناتة بالصحراء منها أثر باق لهذا العهد في قصـور ربع وواديه وفي مغراوة من شعوب زناتة يسمون الراهبية نسبة إلى عبد الله بن وهب الراهبـي أول مـن بويـع منهم أيام علي بن أبي طالب‏.‏ وهم في قصور هنالك مظهرين‏.‏ لبدعتهم لبعدهم عن مقال أهل السنة والجماعة‏.‏ وكذلك في جبال طرابلس وزناتة أثر باق من تلك النحلة يدين بها أولئك البربر في المجاورة لهم مثل ذلك‏.‏ وتطير إلينا هذا العهد من تلك البلاد دواوين ومجلدات من كلامهم في فقه الدين وتمهيد عقائده وفروعه مباينة لمناحي السنة وطرقها بالكلية إلا أنها ضاربة بسهم في إجادة التأليف والترتيب وبناء الفروع على أصولهم الفاسدة‏.‏ وكان بنواحي البحرين وعمان إلى بلاد حضرموت وشرقي اليمن ونواحي الموصل آثار تفشي وعـروق فـي كـل دولـة إلـى أن خـرج علـي بـن مهـدي مـن خولـان باليمـن ودعـا إلـى هـذه النحلـة‏.‏ وغلب يومئذ من كان من الملوك باليمن واستلحم بني الصليحي القائمين بدعوة العبيديين من الشيعة وغلبوهـم على ما كان بأيديهم من ممالك اليمن واستولوا أيضاً على زبيد ونواحيها من يد موالي بنـي نجـاح ومولـى ابـن زيـاد كمـا نذكـر ذلـك كلـه فـي أخبارهم إن شاء الله سبحانه وتعالى فلتصفح فـي أماكنها‏.‏ ويقال‏:‏ إن باليمن لهذا العهد شيعة من هذه الدعوة ببلاد حضرموت والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:42

الدولة الإسلامية بعد افتراق الخلافة
م يـزل أمـر الإسلـام جميعاً دولةً واحدةً أيام الخلفاء الأربعة وبني أمية من بعدهم لاجتماع عصبية العـرب‏.‏ ثـم ظهـر مـن بعـد ذلـك أمـر الشيعـة وهـم الدعـاة لأهـل البيـت فغلب دعاة بني العباس على الأمـر واستقلـوا بخلافة الملك ولحق الفل من بني أمية بالأندلس فقام بأمرهم فيها من كان هنالك مـن مواليهم ومن هرب فلم يدخلوا في دعوة بني العباس وانقسمت لذلك دولة الإسلام بدولتين لافتـراق عصبيـة العـرب‏.‏ ثـم ظهـر دعـاة أهـل البيـت بالمغـرب والعـراق مـن العلوية ونازعوا خلفاء بني العباس واستولوا على القاصية من النواحي كالأدارسة بالمغرب الأقصـى والعبيديـن بالقيـروان ومصر والقرامطة بالبحرين والدواعي بطبرستان والديلم والأطروش فيها من بعده‏.‏ وانقسمت دولة الإسلام بذلك دولاً متفرقة نذكرهـا واحـدة بعـد واحـدة‏.‏ ونبـدأ منهـا أولاً بذكـر الشيعـة ومبادىء دولهم وكيـف انساقـت إلـى العباسيـة ومـن بعدهـم إلـى آخـر دولهـم‏.‏ ثـم نرجـع إلـى دولـة بنـي أمية بالأندلس‏.‏ ثم نرجع إلى دولة الدعاة للدولة العباسية في النواحي من العرب والعجم كما ذكرناه في برنامج الكتاب والله الموفق الصواب‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:43

مبدأ دولة الشيعة
اعلم أن مبدأ هذه الدولة أن أهل البيت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يرون أنهـم أحـق بالأمر وأن الخلافة لرجالهم دون من سواهم من قريش‏.‏ وفي الصحيح أن العباس قال لعلـي فـي وجـع رسـول اللـه صلـى اللـه عليـه وسلـم الـذي توفـي فيـه اذهب بنا إليه نسأله فيمن هذا الأمر إن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا‏.‏ فقال علي إن منعناها لا يعطيناهـا النـاس بعـده‏.‏ وفـي الصحيـح أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الـذي توفـي فيـه‏:‏ هلمـوا أكتـب لكـم كتابـاً لـن تضلـوا بعـده أبـداً فاختلفـوا عنـده فـي ذلـك وتنازعـوا ولـم يتـم الكتـاب‏.‏ وكـان ابـن عبـاس يقـول‏:‏ إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلـم وبيـن ذلـك الكتـاب لاختلافهـم ولغطهـم حتـى لقـد ذهـب كثيـر مـن الشيعة إلى أن النبي صلى اللـه عليـه وسلـم أوصى في مرضه ذلك لعلي ولم يصح ذلك من وجه يعول عليه‏.‏ وقد أنكرت هذه الوصية عائشة وكفى بإنكارها‏.‏ وبقي ذلك معروفاً من أهل البيت وأشياعهم‏.‏ وفيما نقله أهل الآثار أن عمـر قـال يومـاً لابـن العبـاس‏:‏ إن قومكـم يعنـي قريشـاً مـا أرادوا أن يجمعـوا لكـم يعنـي بنـي هاشـم بيـن النبـوة والخلافة فتحموا عليهم وأن ابن عباس نكر ذلك وطلب مـن عمـر إذنـه فـي الكلـام فتكلـم بمـا عصـب لـه‏.‏ وظهـر مـن محاورتهمـا أنهم كانوا يعلمون أن في نفوس أهـل البيـت شيئـاً مـن أمـر الخلافـة والعـدول عنهـم بهـا‏.‏ وفـي قصـة الشـورى‏:‏ أن جماعة من الصحابة كانـوا يتشيعـون لعلي ويرون استحقاقه على غيره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك وأسفوا لـه‏:‏ مثـل الزبيـر ومعـه عمـار بـن ياسـر والمقداد بن الأسود وغيرهم‏.‏ إلا أن القوم لرسوخ قدمهم في الدين وحرصهم على الإلفة لم يزيدوا في ذلك على النجوى بالتأفف والأسف‏.‏ ثم لما فشا التكبر على عثمان والطعن في الآفاق كان عبد الله بن سبأ ويعرف السوداء من أشد الناس خوضاً في التشنيع لعلي بما لا يرضاه من الطعن على عثمان وعلى الجماعة في العدول إليه عن علي وأنه ولي بغير حق فأخرجه عبد الله بن عامر من البصرة ولحق بمصر‏.‏ فاجتمع إليه جماعة من أمثاله جنحوا إلى الغلو في ذلك وانتحال المذاهب الفاسدة فيه‏:‏ مثل خالد بن ملجم وسوذان بن حمدان وكنانة بن بشر وغيرهم‏.‏ ثـم كانـت بيعـة علـي وفتنـة الجمـل وصفيـن وانحـراف الخـوارج عنه بما أنكروا عليه من التحكيم في الديـن‏.‏ وتمحضـت شيعتـه للاستماتـة معـه فـي حـرب معاوية مع علي ابنه الحسن وخرج عن الأمر لمعاوية فسخط ذلك شيعة علي منه وأقاموا يتناجون في السر باستحقاق أهل البيت والميل إليهم وسخطوا من الحسن ما كان منه وكتبوا إلى الحسين بالدعاء له فامتنع وأوعدهم إلى هلاك معاوية‏.‏ فسـاروا إلـى محمـد بـن الحنفيـة وبايعـوه فـي السـر علـى طلـب الخلافـة متـى أمكنـه وولـى على كل بلد رجلاً وأقاموا على ومعاوية يكف بسياسته من غربهم ويقتلع الداء إذا تعين له منهم كما فعل بن عدي وأصحابه ويروض من شماس أهل البيت ويسامحهم في دعوى تقدمهم واستحقاقهم‏.‏ ولا يهيج أحداً منهم بالتثريب عليه في ذلك‏.‏ إلى أن مات وولي يزيد وكان من خروج الحسين وقتله ما هو معروف فكانت من أشنع الوقائع فـي الإسلـام‏.‏ عظمـت بهـا الشحنـاء وتوغـل الشيعـة فـي شأنهـم وعظـم النكيـر والطعـن علـى من تولى ذلـك أو قعـد عنـه‏.‏ ثـم تلاومـوا علـى مـا أضاعـوه مـن أمـر الحسيـن وأنهم دعوه ثم لم ينصروه فندموا ورأوا أن لا كفـارة فـي ذلـك إلا الاستماتـة دون ثـأره وسمـوا أنفسهـم التوابيـن‏.‏ وخرجـوا لذلك يقدمهم سليمان بن صرد الخزاعي ومعه جماعة من خيار أصحاب علي‏.‏ وكان ابن زياد قد انتقض عليه العراق ولحق بالشام وجمع وزرينج قاصد العراق فزحفوا إليه وقاتلوه حتى قتل سليمـان وكثيـر مـن أصحابـه كمـا ذكرنـا فـي خبـره وذلك سنة خمس وستين‏.‏ ثم خرج المختار بن أبـي عبيـد ودعـا لمحمـد بـن الحنفيـة كمـا قدمناه في خبره وفشا التعصب لأهل البيت في الخاصة والعامة بما خرج عن حدود الحق واختلفت مذاهب الشيعة فيمن هو أحق بالأمر من أهل البيت وبايعت كل طائفة لصاحبها سراً ورسخ الملك لبني أمية‏.‏ وطوى هؤلاء الشيعة قلوبهم على عقائدهم فيها وتستروا بها مع تعدد فرقهم وكثرة اختلافهم كمـا ذكرنـاه عنـد نقـل مذاهبهـم فـي فصـل الإمامـة مـن الكتـاب الـأول‏.‏ ونشأ زيد بن علي بن الحسين وقـرأ علـى واصـل بـن عطـاء إمـام المعتزلـة فـي وقتـه وكـان واصـل متردداً في إصابة علي في حرب صفيـن والجمـل فنقـل ذلـك عنـه‏.‏ وكـان أخـوه محمـد الباقـر يعذلـه فـي الأخذ عمن يرى سخطية جده وكـان زيـد أيضـاً مع قوله بأفضلية علي على أصحابه يرى أن بيعة الشيخين صحيحة وأن إقامة المفضول جائزة خلاف ما عليه الشيعة ويرى أنهما لم يظلما علياً‏.‏ ثـم دعتـه الحـال إلى الخروج بالكوفة سنة إحدى وعشرين ومائة‏:‏ واجتمع له عامة الشيعة ورجع عنـه بعضهـم لمـا سمعـوه يثنـي علـى الشيخيـن وأنهمـا لـم يظلمـا عليـاً‏.‏ وقالـوا لـم يظلمـك هـؤلاء ورفضوا دعوتـه فسمـوا الرافضـة مـن أجل ذلك‏.‏ ثم قاتل يوسف بن عمر فقتله يوسف وبعث برأسه إلى هشـام وصلـب شلـوه بالكناسـة ولحـق ابنـه يحيـى بخراسـان فأقام بها‏.‏ ثم دعته شيعته إلى الخروج فخرج هنالك سنة خمس وعشرين وسرح إليه نصر بن سيار العساكر مع سالم بن أحور المازني فقتلوه وبعث برأسه إلى الوليد وصلب شلوه بالجوزجان وانقرض شأن الزيدية‏.‏ وأقام الشيعـة علـى شأنهـم وانتظـار أمرهـم والدعـاء لهـم فـي النواحي يدعون على الأحجال للرضا من آل محمد ولا يصرحون بمن يدعون له حذراً عليه من أهل الدولة‏.‏ وكان شيعة محمد بن الحنفية أكثر شيعة أهل البيت وكانوا يرون أن الأمر بعد محمد بن الحنفية لابنه أبي هشام عبد الله‏.‏ وكـان كثيـراً مـا يغـدو علـى سليمـان بن عبد الملك فمر في بعض أسفاره محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بمنزله بالحميمة من أعمال البلقاء فنزل عليه وأدركه المرض عنده فمات وأوصى لـه بالأمـر‏.‏ وقـد كـان أعلـم شيعتـه بالعـراق وخراسان أن الأمر صائر إلى ولده محمد بن علي هذا فلمـا مـات قصدت الشيعة محمد بن علي وبايعوه سراً وبعث الدعاة منهم إلى الآفاق على رأس مائة من الهجرة أيام عمر بن عبد العزيز وأجابه عامة أهل خراسان‏.‏ وبعث عليهم النقبـاء وتداول أمرهم هنالك‏.‏ وتوفي محمد سنة أربع وعشرين وعهد لابنه إبراهيم وأوصى الدعاة بذلـك وكانـوا يسمونـه الإمـام‏.‏ ثم بعث أبو مسلم إلى أهل دعوته بخراسان ليقوم فيهم بأمره فهلك وكتـب إليهـم بولايتـه‏.‏ ثـم قبـض مـروان بـن محمـد علـى إبراهيـم الإمـام وحبسه بخراسان فهلك هنالك لسنـة‏.‏ وملـك أبـو مسلـم خراسـان وزحف إلى العراق فملكها كما ذكرنا ذلك كله من قبل وغلبوا بني أمية على أمرهم وانقرضت دولتهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:44

الخبر عن بني العباس من دول الإسلام
في هذه الطبقة الثالثة للعرب وأولية أمرهم وإنشاء دولتهم والإلمام بنكت أخبارهم وعيون أحاديثهم هذه الدولة من دولة الشيعة كما ذكرناه وفرقها منهم يعرفون بالكيسانية وهم القائلون بإمامـة محمـد بـن علـي بـن الحنفيـة بعـد علـي ثـم بعـده إلـى ابنـه أبـي هشـام عبـد اللـه‏.‏ ثـم بعـده إلـى محمـد بن علي بن عبـد اللـه بـن عبـاس بوصيتـه كمـا ذكرنـا‏.‏ ثـم بعـده إلـى ابنـه إبراهيـم الإمـام ابـن محمـد ثـم بعـده إلـى أخيـه أبـي العبـاس السفاح وهو عبد الله بن الحارثية‏.‏ هكذا مساقها عند هؤلاء الكيسانية ويسمـون أيضـا الحرماقيـة نسبـة إلى أبي مسلم لأنه كان يلقب بحرماق‏.‏ ولبني العباس أيضاً شيعة يسمون الراوندية من أهل خراسان يزعمون أن أحق الناس بالإمامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم هو العباس لأنه وارثه وعاصبه لقوله وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله‏.‏ وإن الناس منعوه من ذلك وظلموه إلى أن رده الله إلى ولده ويذهبون إلى البراءة من الشيخين وعثمـان ويجيـزون بيعـة علـي لـأن العبـاس قـال لـه يـا ابـن أخـي هلم أبايعك فلا يختلف عليك اثنان‏.‏ ولقـول داود بـن علـي عـم الخليفـة العباسـي علـى منبـر الكوفـة يـوم بويع السفاح‏:‏ يا أهل الكوفة إنه لم يقـم فيكـم إمـام بعـد رسـول الله صلى الله عليه وسلم إلا علي بن أبي طالب وهذا القائم فيكم يعني السفاح‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:45

دولة السفاح
قد تقدم لنا كيف كان أصل هذه الدعوة وظهورها بخراسان على يد أبي مسلم ثم استيلاء شيعتهـم علـى خراسـان والعـراق ثم بيعة السفاح بالكوفة سنة ثلاث وثلاثين ومائة ثم قتل مروان بـن محمـد وانقراض الدولة الأموية‏.‏ ثم خرج بعض أشياعهم وقوادهم وانتقضوا على أبي العباس السفاح وكان أول من انتقض حبيب بن مرة المري من قواد مروان وكان بخولان والبلقاء خاف علـى نفسـه وقومـه فخلـع وبيـض ومعنـاه لبـس البيـاض ونصـب الرايـات البيـض مخالفـة لشعـار العباسية في ذلك‏.‏ وتابعته قيس ومن يليهم والسفاح يومئذ بالحيرة بلغه أن أبا الورد مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابي انتقض بقنسرين وكان من قواد مروان‏.‏ ولما انهزم مروان وقدم عليه عبد الله بن علي بايعه ودخل في دعوة العباسية وكان ولد مسلمة بن عبد الملك مجاورين له ببالس والناعورة فعبث بهم وبنسائهم القائد الذي جاءهم من قبل عبد الله بن علي‏.‏ وشكوا ذلك إلى أبي الورد فقتل القائد وخلع معه أهل قنسرين وكاتبوا أهل حمص في الخلاف وقدموا عليهم أبا محمد عبد الله بن يزيد بن معاوية وقالوا هو السفياني الذي يذكر‏.‏ ولما بلغ ذلك عبد الله بن علي وادع حبيـب بـن مـرة وسـار إلـى أبـي الـورد بقنسريـن ومـر بدمشق فخلف بها أبا غانم عبد الحميد بن ربعي الطائي في أربعة آلاف فارس مع حرمه وأثقاله وسار إلى حمص فبلغه أن أهل دمشق خلعوا وبيضوا وقام فيهم بذلك عثمان بن عبد الأعلـى بـن سراقـة الأزدي‏.‏ وأنهم هزموا أبا غانم وعسكره وقتلوا منهم مقتلة عظيمة وانتهبوا ما خلف عندهم فأعرض عن ذلك وسار للقاء السفياني وأبي داود وقدم أخاه عبد الصمد في عشرة آلاف فكشف ورجع إلى أخيه عبد الله منهزماً‏.‏ فزحف عبد الله في جماعة القواد ولقيهـم بمـرج الأحـزم وهـم في أربعين ألفاًً فانهزموا وثبت أبو الورد في خمسمائة من قومه فقتلوا جميعاً‏.‏ وهرب أبو محمد إلى ترمذ وراجع أهل قنسرين طاعة العباسية ورجع عبد الله بن علي إلى قتال أهل دمشق ومن معهم‏.‏ فهرب عثمان بن سواقة ودخل أهل دمشق في الدعوة وبايعوا لعبـد اللـه بـن علـي‏.‏ ولـم يـزل أبـو محمـد السفيانـي بـأرض الحجـاز متغيبـاً إلـى أيام المنصور فقتله زياد بـن عبـد اللـه الحارثـي عامـل الحجـاز يومئـذ وبعـث برأسـه إلـى المنصـور مـع ابنيـن له أسيرين فأطلقهما المنصور‏.‏ ثم خلع أهل الجزيرة وبيضوا وكان السفاح قد بعث إليهم ثلاثة آلاف من جنده مع موسى بن كعـب من قواده وأنزلهم بحران وكان إسحاق بن مسلم العقيلي عامل مروان على أرمينية‏.‏ فلما بلغته هزيمة مروان سار عنها واجتمع إليه أهـل الجزيـرة وحاصـروا موسـى بـن كعـب بحـران شهرين فبعث السفاح أخاه أبا جعفـر إليهـم وكـان محاصـراً لابـن هبيـرة بواسـط فسـار لقتـال إسحاق بن مسلم ومر بقرقيسيا والرقة وأهلهما قد خلعوا وبيضوا‏.‏ وسار نحو حران فأجفل إسحاق بن مسلم عنها ودخل الرها وبعث أخاه بكار بن مسلم إلى قبائل ربيعة بنواحي ماردين ورئيسهم يومئذ برمكة من الحرورية فصمد إليهم أبو جعفر فهزمهم وقتل برمكة في المعركة وانصرف بكار إلى أخيه إسحاق فخلفه بالرها وسار إلى شمشاط بمعظم عسكره‏.‏ وجـاء عبـد اللـه بن علي فحاصره ثم جاء أبو جعفر فحاصروه سبعة أشهر وهو يقول‏:‏ لا أخلع البيعة من عنقي حتى أتيقن موت صاحبها‏.‏ ثم تيقن موت مروان فطلب الأمـان واستأذنـوا السفاح فأمرهم بتأمينه وخرج إسحاق إلى أبي جعفر فكان من مآثر أصحابه‏.‏ واستقام أهل الجزيرة والشام وولى السفاح أخاه أبو جعفر على الجزيرة وأرمينية وأذربيجان فلم يزل عليها حتى استخلف‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:46

حصار ابن هبيرة بواسط ومقتله
ثم تقدم لنا هزيمة يزيد بن هبيرة أمام الحسن بن قحطبة وتحصنه بواسط وكان جويرة وبعض أصحابـه أشـاروا عليـه بعـد الهزيمـة اللحـاق بالكوفـة فأبى‏.‏ وأشار عليه يحيى بن حصين باللحاق بمروان وخوفه عاقبة الحصار فأبى خشية على نفسه من مروان واعتصم بواسط‏.‏ وبعث أبو مسلمة الحسن بن قحطبة فـي العسكـر لحصـاره وعلـى ميمنتـه ابنـه داود فانهـزم أهـل الشـام واضطـروا إلـى دجلـة وغـرق منهـم كثير‏.‏ ثم تحاجزوا ودخل ابن هبيرة المدينة وخرج لقتالهم ثانية بعـد سبعـة أيـام فانهـزم كذلـك ومكثوا أياماً لا يقتتلون إلا رمياً‏.‏ وبلغ ابن هبيرة أن أبا أمية الثعلبي قـد سود فحبسه فغضبت لذلك ربيعة ومعن بن زائدة وحبسوا ثلاثة نفر من فزارة رهناً في أبـي أميـة‏.‏ واعتـزل معـن وعبـد اللـه بـن عبـد الرحمـن بـن بشيـر العجلـي فيمـن معهما فخلى ابن هبيرة سبيل أبي أمية وصالحهم وعادوا إلى اتفاقهم‏.‏ ثـم قـدم علـى الحسـن بن قحطبة من ناحية سجستان أبو نصر مالك بن الهيثم فأوفد غيلان بن عبد الله الخزاعي على السفاح يخبره بقدوم أبي نصر وكان غيلان واجداً على الحسن فرغب من السفاح أن يبعث عليهم رجلاً من أهل بيته‏.‏ فبعث أخاه أبا جعفر وكتب إلى الحسن‏:‏ العسكر لك والقواد قوادك ولكن أحببت أن يكون أخي حاضراً فأحسن طاعته ومؤازرته‏.‏ وقـدم أبـو جعفـر فأنزلـه الحسـن فـي خيمتـه وجعـل علـى حرسـه عثمـان بن نهيك‏.‏ ثم تقدم مالك بن الهيثـم لقتـال أهـل الشـام وابـن هبيـرة‏.‏ فخرجـوا لقتالـه وأكمنـوا معـن بـن زائـدة وأبا يحيى الجرافي‏.‏ ثم استطردوا لابن الهيثم وانهزموا للخنادق‏.‏ فخرج عليهم معن وأبو يحيـى فقاتلوهـم إلـى الليـل وتحاجزوا وأقاموا بعد ذلك أياماً‏.‏ ثم خرج أهـل واسـط مـع معـن ومحمـد بـن نباتـة فهزمهـم أصحـاب الحسـن إلـى دجلـة فتساقطـوا فيها‏.‏ وجاء مالك بن الهيثم فوجد ابنه قتيلاً في المعركة فحمل على أهل واسط حتى أدخلهم المدينة‏.‏ وكان مالك يملأ السفن حطباً ويضرمها ناراً فتحرق ما تمر به فيأمر ابن هبيرة بأن تجر بالكلاليب ومكثوا كذلك أحد عشر شهراً‏.‏ وجاء إسماعيل بن عبد الله القسري إلى ابن هبيرة بقتل مروان وفشلت اليمانية عن القتال معهـم وتبعهم الفزارية فلم يقاتل معه إلا الصعاليك‏.‏ وبعث ابن هبيرة إلى محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى بأن يبايع له فأبطأ عنه جوابه وكاتب السفاح اليمانية من أصحاب ابن هبيرة وأطمعهـم‏.‏ فخـرج إليـه زيـاد بـن صالـح وزيـاد بـن عبيـد اللـه الحرثيـان ووعـدا ابـن هبيرة أن يصلحا له جهـة السفـاح ولـم يفعـلا‏.‏ وتـردد الشعـراء بيـن أبـي جعفـر وابـن هبيـرة فـي الصلـح وأن يكتب له كتاب أمان على ما اختاره ابن هبيرة وشاور فيه العلماء أربعين يوماً حتى رضيه وأنفذه إلى أبي جعفر فأنفذه إلى السفاح وأمر بإمضائه وكان لا يقطع أمراً دون أبي مسلم‏.‏ فكتب إليه يحيى بـن هبيـرة قـد خرج بعد الأمان إلى أبي جعفر في ألف وثلاثمائة فلقيه الحاجب سلام بن سليم فأنزله وأجلسه على وسادة وأطاف بحجرة أبي جعفر عشرة آلاف من أهل خراسان‏.‏ ثم أذن لابن هبيرة فدخل على المنصور وحادثه وخرج عنه ومكث يأتيه يوماً ويغبه يوماً‏.‏ ثم أغـرى أبـا جعفـر أصحابـه بأنـه يأتـي فـي خمسمائـة فـارس وثلاثمائـة راجـل فيهتـز لـه العسكـر‏.‏ فأمـر أبو جعفر أن يأتي في حاشيته فقط‏.‏ فكان يأتي في ثلاثيـن ثـم آخـراً فـي ثلاثـة‏.‏ ثـم ألـح السفـاح علـى أبـي جعفـر فـي قتلـه وهـو يراجعـه للأمـان الـذي كتب له حتى كتب إليه السفاح‏:‏ والله لتقتلنه أو لأبعثن مـن يخرجـه مـن حجرتـك فيقتلـه‏.‏ فبعث أبو جعفر إلى وجوه القيسية والمضرية وقد أعد لهم ابن نهيك في مائة من الخراسانية في بعض حجره‏.‏ وجاء القوم في اثنين وعشرين رجلاً يقدمهم محمد بن نباتة وجويرة بن سهيل فدعاهم سلام الحاجـب رجليـن رجليـن وعثمـان ابـن نهيك يقيدهما إلى أن استكملهم وبعث أبو جعفر لحازم بن خزيمـة والهيثـم بـن شعبـة فـي مائـة إلـى ابـن هبيـرة فقالوا نريد حمل المال فدلهم حاجبه على الخزائن فأقاموا عندها الرجال وأقبلوا نحوه فقام حاجبه في وجوههم‏.‏ فضربه الهيثم فصرعه وقاتل ابنـه داود فقتـل فـي جماعـة مـن مواليـه‏.‏ ثـم قتـل ابـن هبيـرة آخراً وحملت رؤوسهم إلى أبي جعفر‏.‏ ونادى بالأمان للناس إلا الحكم بن عبد الملك أبي بشر وخالد بن مسلمة المخزومي وعمر بن در فهرب الحكم وأمن أبو جعفر خالداً فلم يجز السفاح أمانة وقتله واستأمن زياد بن عبيد الله لابن در فأمنه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:46

مقتل أبي مسلمة بن الخلال وسليمان بن كثير
قد تقدم لنا ما كان من أبي مسلمة الخلال في أمر أبي العباس السفاح واتهام الشيعة في أمره وتغير السفاح عليـه وهـو بعكـوة أعيـن ظاهـر الكوفـة‏.‏ ثـم تحـول إلـى مدينـة الهاشميـة ونـزل قصرهـا وهـو يتنكـر لأبـي مسلمـة وكتـب إلـى أبـي مسلـم ببغيتـه وبرأيه فيه فكتب إليه أبو مسلم بقتله‏.‏ وقال له داود بـن علـي‏:‏ لا تفعـل‏.‏ فيحتـج بهـا أبـو مسلـم عليـك والذيـن معك أصحابه وهم له أطوع‏.‏ ولكن اكتـب إليـه يبعـث من يقتله ففعل‏.‏ وبعث أبو مسلم مرار بن أنس الضبي فقتله‏.‏ فلما قدم نادى السفـاح بالرضـا عـن أبـي مسلمـة ودعـا بـه وخلـع عليه‏.‏ ثم دخل عنده ليلة أخرى فسهر عامة ليله ثم انصرف إلى منزله فاعترضه مرار بن أنس وأصحابه فقتلوه وقالوا قتله الخوارج‏.‏ وصلى عليه من الغد يحيى أخو السفاح وكان يسمى وزير آل محمد وأبو مسلم أمير آل محمد‏.‏ وبلغ الخبـر إلى أبي مسلم وسرح سليمان بن كثير بالنكير لذلك فقتله أبو مسلم وبعث على فارس محمد بن الأشعث وأمره أن يقتل ابن أبي مسلمة ففعل‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:46

عمال السفاح
ولما استقام الأمر للسفاح ولى على الكوفة والسواد عمه داود بن علي ثم عزله وولاه على الحجـاز واليمن واليمامة وولى مكانه على الكوفة عيسى ابن أخيه موسى بن محمد‏.‏ ثم توفي داود سنة ثلاث وثلاثين فولى مكانه على الحجاز واليمامة خالد بن زياد بن عبيد الله وعلى اليمن محمد بن يزيد بن عبيد الله بن عبد‏.‏ وولى السفاح على البصرة سفيان بن معاوية المهلبي ثم عزله وولى مكانه عمه سليمان بن علي وأضاف إليه كور دجلة والبحرين وعمان‏.‏ وولـى عمـه إسماعيـل بـن علي الأهواز وعمه عبد الله بن علي على الشام وأبا عون عبد الملك بـن يزيـد علـى مصـر‏.‏ وأبـا مسلـم علـى خراسـان وبرمـك علـى ديـوان الخراج‏.‏ وولى عمه عيسى بن علـي علـى فـارس فسبقـه إليهـا محمـد بـن الأشعـث مـن قبـل أبـي مسلم‏.‏ فلما قدم عليه عيسى هم محمد بقتله وقال‏:‏ أمرني أبو مسلم أن أقتل من جاءني بولاية من غيره‏.‏ ثم أقصر عن قتله وأستحلفه بأيمان لا مخارج لها أن لا يعلو منبراً ما عاش ولا يتقلد سيفاً إلا في جهـاد فوفـى عيسى بذلك بقية عمره‏.‏ واستعمل بعده على فارس عمه إسماعيل بن علي واستعمل على الموصل محمد بن صـول فطرده أهلها وقالوا‏:‏ بل علينا تولى خثعم وكانوا منحرفين عن بني العباس فاستعمل السفاح عليهم أخـاه يحيـى وبعثـه فـي اثنـي عشـر ألفـاً فنـزل قصـر الإمـارة وقتـل منهـم اثنـي عشـر رجـلاً فثـاروا به وحمل السلاح فنودي فيهم بالأمان لمن دخل المسجد الجامع فتسايل الناس عليه وقد أقام الرجال على أبوابه فقتلوا كل من دخل‏.‏ يقال قتل أحد عشر ألفاً ممن لبث وما لا يحصى من غيرهم‏.‏ وسمع صياح النساء بالليل فأمر من الغد بقتل النساء والصبيان واستباحهـم ثلاثـة أيام‏.‏ وكان في عسكره أربعة آلاف من الزنوج فعاثوا في النساء‏.‏ وركب في اليوم الرابع وبين يديه الحـراب والسيـوف فاعترضتـه امـرأة وأخـذت بعنـان دابتـه وقالـت لـه‏:‏ ألسـت مـن بني هاشم‏.‏ ألست ابن عم الرسول أما تعلم أن المؤمنات المسلمات ينكحهن الزنوج‏.‏ فأمسك عنها وجمع الزنج عن الغد للعطاء وأمر بهم فقتلوا عن آخرهم‏.‏ وبلغ السفاح سوء أمره في أهل الموصل فعزله وولى مكانه إسماعيل بن علي وولى يحيى مكان إسماعيل بالأهواز وفارس‏.‏ وملـك الـروم ملطيـة وقالقيـلا‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:48

وفي سنة ثلـاث وثلاثيـن
أقبـل قسطنطيـن ملـك الـروم فحصر ملطية والفتن يومئذ بالجزيرة وعاملهـا يومئـذ موسـى بـن كعـب بـن أسـان‏.‏ فلـم يـزل حاصرهم حتى نزلوا على الأمان وانتقلوا إلى بلاد الجزيرة وحملوا ما قدروا عليه‏.‏ وخـرب الـروم ملطيـة وسـاروا عنهـا إلـى مـرج الحصـى وأرسل قسطنطين العساكر إلى قالقيلا من نواحي ماردين مع قائده كوشان الأرمني فحصرها وداخل بعض الأرمن من أهل المدينة فنقبوا له السور فاقتحم البلد من ذلك النقب واستباها‏.‏ الثوار بالنواحي كان المثنى بن يزيد بن عمر بن هبيرة قد ولاه أبو علي اليمامة فلما قتل يزيد أبوه امتنع هو باليمامـة فبعـث إليـه زيـاد بـن عبيد المدن بالعساكر من المدينة مع إبراهيم بن حبان السلمي فقتله وقتـل أصحابـه وذلـك سنـة ثلـاث وثلاثيـن‏.‏ وفيهـا خـرج شريك ابن شيخ إسحاراً على أبي مسلم ونقـض أفعالـه واجتمـع إليـه أكثـر مـن ثلاثيـن ألفـاً فبعـث إليـه أبو مسلم زياد بن صالح الخزاعي فقاتله وقتله‏.‏ وفيها توجه أبو داود وخالد بن إبراهيم إلى الختل فتحصن ملكهم ابن السبيل منهما ومنعه الدهاقين فحاصره أبو داود حتى جهد الحصار فخرج من حصنه مع الدهاقين ولحق بفرغانـة‏.‏ ثـم سـار منهـا إلـى بلـد الصيـن وأخـذ أبـو داود مـن ظفـر بـه فـي الحصـن فبعـث بهـم إلى أبي مسلم‏.‏ وفيها الفتنة بين أخشيد فرغانة وملك الشاش واستمد الأخشيد ملك الصين فأمده بمائة ألف مقاتـل وحصـروا ملك الشاش حتى نزلوا على حكم ملك الصين فلم يعرض له ولا لقومه بسوء‏.‏ وبعث أبو مسلم زياد بن صالح لاعتراضهم فلقيهم على نهر الطرار فظفر بهم وقتل منهم نحواً من خمسين ألفاً وأسر نحواً من عشرين ألفاً ولحق بهم بالصين وذلك في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثيـن‏.‏ ثـم انتقـض بسـام بـن إبراهيـم بـن بسـام مـن فرسـان أهـل خراسـان وسـار مـن عسكـر السفاح وجماعـة علـى رأيـه سـراً إلـى المدائـن فبعـث السفـاح فـي أثرهـم خـازم بـن خزيمـة فقاتلهـم وقتل أكثرهم واستباحهم وبلغ ماه وانصرف فمر بذات المطامير وبها أخوال السفاح من بني عبد المدان في نحو سبعين من قرابتهم ومواليهم‏.‏ وقيل له‏:‏ إن المغيرة من أصحاب بسام عندهم فسألهم عنه فقالوا‏:‏ مر بنا مجتازاً فهددهم إن لم يأخذه فأغلظوا له في القول فقتلهم أجمعين ونهب أموالهم وهدم دورهم وغضبت اليمانية لذلـك ودخـل بهم زياد بن عبيد الله الحارثي على السفاح وشكوا إليه ما فعل بهم فهم بقتله‏.‏ وبلغ ذلك موسى بن كعب وأبا الجهم بن عطية فدخلا على السفاح وذكراه سابقة الشيعة وطاعتهـم وأنهـم آثروكـم على الأقارب والأولاد وقتلوا من خالفكم فإن كان لا بد من قتله فابعثه لوجه من الوجوه فإن قتل هو الذي تريد وإن ظفر فلك‏.‏ بعثه إلى الخوارج الذين بجزيرة ابن كاوان من عمان مع شيبـان بـن عبـد العزيـز اليشكـري فبعـث معـه سبعمائـة رجـل فحملهـم سليمـان بـن علـي مـن البصـرة فـي السفن وقد انضم إليه من أهله وعشيرته ومواليه وعدة من بني تميـم مـن البصـرة فلمـا أرسـوا بجزيـرة ابـن كـاوان قـدم خـازم فضلـة بن نعيم المنشلي في خمسمائة إلى شيبـان فانهـزم هـو وأصحابه وكانوا صفرية وركبوا إلى عمان فقاتلهم الجلندي في الإباضية فقتل شيبان ومن معه كما مر وشيبان هذا غير شيبان بن سلمة الذي قتل بخراسان فربما يشتبهان‏.‏ ثم ركب خازم البحر إلى ساحل عمان فنزل وقاتل الجلندي أياماً أمر خازم أصحابه في آخرها أن يجعلوا على أطراف أسنتهم المشاقة ويدوروها بالنفط ويشعلوها بالنيران ويرموهـا في بيوت القوم وكانت من خشب‏.‏ فلما اضطرمت فيها النار شغلوا بأهليهم وأولادهم عن القتل فحمل عليهم خازم وأصحابه فاستحملوهم‏.‏ وقتل الجلندي وعشرة آلاف فبعث خازم برؤوسهم إلى البصرة فبعثها سليمان إلى السفاح فندم‏.‏ ثم غزا خالد بن إبراهيم أهل كش فقتل الأخشيد ملكها وهو مطيع واستباحهم وأخذ من الأوانـي الصينيـة المنقوشـة المذهبـة ومـن الديبـاج والسـروج ومتاع الصين وظرفه ما لم ير مثله وحمله إلـى أبـي مسلـم بسمرقنـد‏.‏ وقتـل عدة من دهاقين كش وملك طازان أخا الأخشيد على كش‏.‏ ورجـع أبـو مسلـم إلـى مـرو بعـد أن فتـك فـي الصغـد وبخـارى وأمـر ببنـاء سـور سمرقنـد‏.‏ واستخلـف زيـاد بـن صالـح علـى بخـارى وسمرقنـد ورجـع أبـو داود إلـى بلـخ‏.‏ ثـم بلـغ السفـاح انتقاض منصور بن جمهور بالسند فبعث صاحـب شرطتـه موسـى بـن كعـب واستخلـف مكانـه علـى الشرطـة المسيب بن زهير‏.‏ وسار موسى لقتال ابن جمهور فلقيه بتخوم الهند وهو في نحو اثني عشر ألفاً فانهزم ومات عطشاً في الرمال‏.‏ ورحل عامله على السند بعياله وثقلته فدخل بهم بلاد الخزر‏.‏ ثم انتقض سنة خمس وثلاثين زياد بن صالح وراء النهر‏.‏ فسار أبو مسلم إليه من مرو وبعث أبو داود خالـد بـن إبراهيـم نصـر بـن راشـد إلـى ترمذ ليمنعها من زياد فلما وصل إليها خرج عليه ناس من الطالقـان فقتلـوه فبعـث مكانـه عيسـى بـن ماهان فسمع قتلة نصر فقتلهم‏.‏ وسار أبو مسلم فانتهى إلـى آمـد ومعـه سبـاع بـن النعمـان الـأزدي وكان السفاح قد دس معه إلى زياد بن صالح الأزدي أن ينتهـز فرصـة فـي أبـي مسلـم فيقتلـه‏.‏ ونمـى الخبـر إلى أبي مسلم فحبس سباعاً بآمد وسار عنها وأمر عامله بقتله‏.‏ ولقيه قواد زياد في طريقه وقد خلعوا زياداًً فدخل أبو مسلم بخارى ونجا زيـاد إلـى دهقـان هنـاك فقتله وحمل رأسه إلى أبى مسلم‏.‏ وكتب أبو مسلم إلى أبي داود فقتله وكـان قـد شغـل بأهـل الطالقـان فرجـع إلى كش وبعث عيسى بن ماهان إلى بسام فلم يظفر منها بشيء وبعث إلى بعض أصحاب أبي مسلم يعيب أبا داود وعيسى فضربه وحبسـه‏.‏ ثـم أخرجه فوثب عليه الجند فقتلوه ورجع أبو مسلم إلى مرو‏.‏ حج أبي جعفر وأبي مسلم


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:48

وفي سنة سـت وثلاثيـن
استـأذن أبـو مسلـم السفـاح فـي القـدوم عليـه للحـج وكـان منـذ ولـي خراسـان لم يفارقها فأذن له في القدوم مع خمسمائة من الجند فكتب إليه أبو مسلم أني قد عاديت النـاس ولسـت آمـن علـى نفسـي فـأذن لـه فـي ألـف وقال إن طريق مكة لا تحتمل العسكر فسار في ثمانيـة آلـاف فرقهـم مـا بيـن نيسابـور والـري وخلـف أموالـه وخزائنـه بالـري وقـدم في ألف وخرج القواد بأمـر السفـاح لتلقيـه فدخـل على السفاح وأكرمه وأعظمه‏.‏ واستأذن في الحج فأذن له وقال‏:‏ لولا أن أبـا جعفـر يريـد الحـج لاستعملتـك علـى الموسـم‏.‏ فأنزلـه بقريـة وكـان قـد كتـب إلـى أبـي جعفـر أن أبا مسلـم استأذننـي فـي الحـج وأذنـت لـه وهـو يريـد ولايـة الموسم فاسألني أنت في الحج فلا تطمع أن يتقدمك وأذن له فقدم الأنبار‏.‏ وكان ما بين أبي جعفر وأبي مسلم متباعداً من حيث بعث السفاح أبا جعفر إلى خراسان ليأخذ البيعة له ولأبي جعفر من بعده ويولي أبا مسلم على خراسان فاستخلى أبو مسلم بأبي جعفر‏.‏ فلما قدم ألان أبو جعفر السفاح بقتله وأذن له فيه ثـم نـدم وكفـه عـن ذلـك وسـار أبـو جعفـر إلـى الحج ومعه أبو مسلم واستعمل على حران مقاتل بن حكيم العكي‏.‏ موت السفاح وبيعة المنصور كـان أبـو العبـاس قـد تحـول مـن الحيـرة إلـى الأنبـار فـي ذي الحجـة سنـة أربع وثلاثين فأقام بها سنتين ثـم توفـي فـي ذي الحجـة سنـة سـت وثلاثيـن لثلـاث عشـرة ليلـة خلـت منـه ولأربـع سنيـن وثمانيـة أشهـر من لدن بويع وصلى عليه عمه عيسى ودفن بالأنبار‏.‏ وكان وزيره أبو الجهم بن عطية وكان قبـل موتـه قـد عهـد بالخلافـة لأخيـه أبي جعفر ومن بعده لعيسى ابن أخيهما موسى وجعل العهد في ثـوب وختمـه بخواتيمـه وخواتيـم أهـل بيتـه ودفعـه إلـى عيسـى‏.‏ ولمـا توفـي السفـاح وكـان أبـو جعفـر بمكـة فأخـذ البيعة على الناس عيسى بن موسى وكتب إليه بالخبر فجزع واستدعى أبا مسلم وكـان متأخـراً عنـه فأقـرأه الكتـاب فبكى واسترجع وسكن أبا جعفر عن الجزع فقال‏:‏ أخاف شر عبـد اللـه بـن علـي قـال‏:‏ أنا أكفيكه وعامة جنده أهل خراسان وهم أطوع لي منه فسري عنه‏.‏ وبايـع لـه أبـو مسلـم والنـاس وأقبلا حتى قدما الكوفة‏.‏ ويقال‏:‏ إن أبا مسلم كان متقدماً على أبي جعفر فإن الخبر قد أتاه قبله فكتب أبو مسلم إليه يعزيه ويهنيه بالخلافة وبعد يومين كتب له ببيعته‏.‏ وقدم أبو جعفر الكوفة سنة سبع وثلاثين وسار منها إلى الأنبار فسلم إليه عيسى بيوت الأموال والدواوين واستقام أمر أبي جعفر‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 9:49

انتقاض عبد الله بن علي وهزيمته
كان عبد الله بن علي قدم على السفاح قبل موته فبعثه إلى الصائفة في جنود أهل الشام وخراسان فانتهى إلى دلوك ولم يدر حتى جاءه كتاب عيسى بن موسى بوفاة السفاح وأخذ البيعـة لأبي جعفر وله من بعده كما عهد به السفاح فجمع عبد الله الناس وقرأ عليهم الكتاب وأعلمهم أن السفاح حين أراد أن يبعث الجنود إلى حران تكاسل بنو أبيه عنها فقال لهم‏:‏ من انتدب منكم فهو ولي عهدي فلم ينتدب غيري وشهد له أبو غانم الطائي وخفاف المروزي وغيرهما من القواد وبايعوه وفيهم حميد بن حكيم بـن قحطبـة وغيـره مـن خراسـان والشـام والجزيرة‏.‏ ثم سار عبد الله حتى نزل حران وحاصر مقاتل بن حكيم العكي أربعين يوماً وخشـي مـن أهـل خراسـان فقتـل منهـم جماعـة وولى حميد بن قحطبة على حلب وكتب معه إلى عاملها زفر بن عاصم بقتله فقرأ الكتاب في طريقه وسار إلى العراق‏.‏ وجاء أبو جعفر من الحج فبعث أبا مسلم لقتال عبد الله ولحقه حميد بن قحطبة نازعاً عن عبـد اللـه فسـار معـه وجعـل علـى مقدمتـه مالـك بن الهيثم الخزاعي‏.‏ ولما بلغ عبد الله خبر إقباله وهـو علـى حـران بـذل الأمـان لمقاتـل بـن حكيـم ومـن معه وملك حران‏.‏ ثم بعث مقاتلاً بكتابه إلى عثمـان بـن عبـد الأعلـى فلمـا قـرأ الكتـاب قتلـه وحبس ابنيه حتى إذا هزم عبد الله قتلهما‏.‏ وأمر المنصـور محمـد بن صول وهو على أذربيجان أن يأتي عبد الله بن علي ليمكر به فجاء وقال‏:‏ إنـي سمعـت السفاح يقول‏:‏ الخليفة بعدي عمي عبد الله فشعر بمكيدته وقتله وهو جد إبراهيم بن العباس الصولي الكاتب‏.‏ ثم أقبل عبد الله بن علي حتى نزل نصيبين وخندق عليه وقدم أبو مسلم فيمن معه‏.‏ وكان المنصـور قـد كتـب إلى الحسن بن قحطبة عامله على أرمينية بأن يوافي أبا مسلم‏.‏ فقدم عليه بالموصـل وسـار معـه‏.‏ ونـزل أبـو مسلـم ناحيـة نصيبيـن وكتـب إلـى عبـد اللـه أني قد وليت الشام ولم أؤمر بقتالك فقال أهل الشام لعبد الله سر بنا إلى الشام لنمنع نساءنا وأبناءنا‏.‏ فقال لهم عبد اللـه‏:‏ مـا يريـد إلا قتالنـا وإنمـا قصد المكر بنا فأبوا إلا الشام فارتحل بهم إلى الشام ونزل أبو مسلم فـي موضـع معسكره وغور ما حوله من المياه فوقف أصحاب عبد الله بكار بن مسلم العقيلي وعلـى ميسرتـه حبيـب بـن سويـد الأسـدي وعلـى الخيـل عبـد الصمـد بن علي أخو عبد الله وعلى ثـم حمـل أصحـاب عبد الله على عسكر أبي مسلم فأزالوهم عن مواضعهم وحمل عبد الصمد فقتـل منهـم ثمانيـة عشـر رجـلاً‏.‏ ثـم حمـل عليهـم ثانيـة فأزالـوا صفهـم‏.‏ ثـم نـادى منـادي أبـي مسلـم في أهـل خراسـان فتراجعوا‏.‏ وكان يجلس إذا لقي الناس على عريش ينظر منه إلى الحومة فإن رأى خللاً أرسل بسده‏.‏ فلا تزال رسله تختلف بينه وبين الناس حتى ينصرفوا‏.‏ فلما كان يوم الأربعاء لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين اقتتلوا وأمر أبو مسلم الحسن بن قحطبة أن يضم إلى الميسرة وينزل في الميمنة حماة أصحابه فانضم أهل الشام من الميسرة إلى الميمنة كما أمرهم وأمر أبو مسلم أهل القلب فحطموهم وركبهم أصحاب أبي مسلم‏.‏ فانهـزم أصحـاب عبـد اللـه فقـال لابـن سراقـة‏.‏ مـا تـرى قال الصبر إلى أن تموت فالفرار فيكم بمثلك قبيح‏.‏ قال بل آتي العراق فأنا معك فانهزموا وحوى أبو مسلم عسكرهم‏.‏ وكتب بذلك إلى المنصور ومضى عبد الله وعبد الصمد‏.‏ فقدم عبد الصمد الكوفة فاستأمن له عيسى بن موسـى وأمنـه المنصـور‏.‏ وقيـل بـل أقـام بالرصافـة حتى قدمها جمهور بن مروان العجلي في خيول أرسلها المنصور فبعث به موثقاً مـع أبـي الخطيـب فأطلقـه المنصـور‏.‏ وأمـا عبـد اللـه فقـدم البصـرة وأقـام عنـد أخيه سليمان متوارياً حتى طلبه وأشخص إليه‏.‏ ثم إن أبا مسلم أمن الناس بعد الهزيمة وأمر بالكف عنهم كان أبو مسلم لما حج مع المنصور يؤيد نفسه عليه ويتقـدم بالإحسان للوفود وإصلاح الطريق والمياه وكان الذكر له وكان الأعراب يقولون‏:‏ هذا المكذوب عليـه‏.‏ ولما صدروا عن الموسم تقدم أبو مسلم ولقيه الخبر بوفاة السفاح فبعث إلى أبي جعفر يعزيـه ولـم يهنئـه بالخلافـة ولا رجـع إليـه ولا أقام ينتظره‏.‏ فغضب أبو جعفر وكتب إليه وأغلظ في العتـاب فكتـب يهنئـه بالخلافـة ويقـدم إلى فدعا عيسى بن موسى إلى أن يبايع له فأبى وقدم أبو جعفر وقد خلع عبيد الله بن علي فسرح أبا مسلم لقتاله فهزمه كما مر وجمع الغنائم من عسكره‏.‏ فبعث المنصور مولاه أبا الخصيب لجمعها فغضب أبو مسلم وقال‏:‏ أنا أعين على الدعاء فكيف أخون الأموال وهم بقتل الخصيب ثم خلى عنه‏.‏ وخشي المنصور أن يمضي إلى خراسان فكتب إليه بولاية مصر والشام فازداد نفاراً وخرج من الجزيرة يريد خراسان وسار المنصور إلى المدائـن وكتـب إليـه يستقدمـه فأجابـه بالامتنـاع والمسك بالطاعة عن بعد والتهديد بالخلع إن طلب منه سوى ذلك فكتب إليه المنصور ينكر عليه هذا الشرط وأنه لا يحسن طاعة‏.‏ وبعث إليه عيسى بن موسى برسالة يؤنسه ويسليه وقيـل‏:‏ بـل كتـب إليـه أبـو مسلـم يعـرض لـه بالخلع وأنه قد تاب إلى الله مما جناه من القيام بدعوتهم وأخـذ أبـو مسلـم طريـق حلـوان وأمـر المنصـور عمـه عيسـى ومشيخـة بنـي هاشـم بالكتاب على أبي مسلم يحرضونه على التمسك بالطاعة ويحذرونه عاقبة البغي ويأمرونه بالمراجعة‏.‏ وبعث الكتب مع مولاه أبي حميد المروروذي وأمره بملاينته والخضوع له بالقول حتى ييأس منه فإذا يئس يخبره بقسم أمير المؤمنين لأوكلت أمرك إلى غيري ولو خضت البحر خضته وراءك ولـو اقتحمـت النـار لاقتحمتهـا حتـى أقتلـك وأمـوت‏.‏ فأوصـل أبـو حميـد الكتـب وتلطـف لـه في القول ما شاء واحتج عليه بما كان منه في التحريض على طاعتهم فاستشار أبو مسلم مالك بن الهيثم فأبى له من الإصغاء إلى هذا القول وقال‏:‏ والله لئن أتيته ليقتلنك‏.‏ ثم بعث إلى نيزك صاحب الري يستشيره فأبى له من ذلك وأشار عليه بنزول الري وخراسان من ورائه فيكون أمكن لسلطانه‏.‏ فأجاب أبا حميد بالامتناع فلما يئس منه أبلغه مقالة المنصور فوجم طويلاً ورعـب مـن ذلـك القـول وأكبـره‏.‏ وكـان المنصـور قـد كتب إلى عامل أبي مسلم بخراسان يرعبه في الانحـراف عنـه بولايـة خراسـان فأجاب سراً وكتب إلى أبي مسلم يحذره الخلاف والمعصية فزاده ذلـك رعبـاً وقـال لأبـي حميـد قبـل انصرافـه‏:‏ قد كنت عزمت على المضي إلى خراسان ثم رأيت أن أوجه أبا إسحاق إلى أمير المؤمنين يأتيني برايته فإني أثق به‏.‏ ولما قدم أبو إسحاق تلقاه بنو هاشم وأهل الدولة بكل ما يجب وداخله المنصور في صرف أبي مسلم عن وجهة خراسان ووعده بولايتها فرجع إليه وأشار عليه بلقاء المنصور فاعتزم علـى ذلـك‏.‏ واستخلـف مالـك بـن الهيثـم علـى عسكره بحلوان وسار فقدم المدائن في ثلاثة آلاف وخشي أبو أيوب وزير المنصور أن يحدث منه عند قدومه فتك فدعا بعض إخوانه وأشار عليـه بـأن يأتـي أبـا مسلـم ويتوسـل به إلى المنصور في ولاية كسكر ليصيب فيها مالاً عظيماً وأن يشرك أخاه في ذلك فإن أمير المؤمنين عازم أن يوليه ما يوري به ويريح نفسه‏.‏ واستأذن له المنصـور فـي لقـاء أبـي مسلـم فـأذن لـه فلقـي مسلم وتوسل إليه وأخبره الخبر فطابت نفسه وذهب عنه الحزن‏.‏ ولما قرب أمر الناس بتلقيه ثم دخل على المنصور فقبل يده وانصرف ليريح ليلته ودعا المنصور من الغد حاجبه عثمان بن نهيك وأربعة من الحرس منهم شبيب بن رواح وابن حنفية حرب بن قيس وأجلسهم خلف الرواق وأمرهم بقتل أبي مسلم إذا صفق بيديه‏.‏ واستدعـى أبا مسلم فلما دخل سأله عن سيفين أصابهما لعمه عبد الله بن علي وكان متقلداً بأحدهما فقال هذا أحدهما فقال أرني فانتضاه أبو مسلم وناوله إياه فأخذ يقلبه بيده ويهزه‏.‏ ثم وضعه تحت فراشه وأقبل يعاتبه فقال‏:‏ كتبت إلى السفاح تنهاه عن الموات كأنك تعلمه قال ظننت أنه لا يحل ثم اقتديت بكتاب السفاح وعلمت أنكم معدن العلم‏.‏ قـال‏:‏ فتوركك عني بطريق مكة قال كرهت مزاحمتك على المال قال فامتناعك من الرجوع إلي حيـن بلغـك مـوت السفـاح أو الإقامـة حتـى ألحقـك قـال طلبـت الرفـق بالناس والمبادرة إلى الكوفة قال فجارية عبد الله بن علي أردت أن تتخذها لنفسك قال لا إنما وكلت بها من يحفظها‏.‏ قـال‏:‏ فمراغمتـك ومسيـرك إلـى خراسان قال‏:‏ خشيت منك فقلت آتي خراساني وأكتب بعذري فأذهـب مـا فـي نفسـك منـي قـال‏:‏ فالمـال الـذي جمعتـه بحـران قـال‏:‏ أنفقتـه فـي الجنديـة تقويـة لكـم‏.‏ قال ألسـت الكاتـب إلـي تبـدأ بنفسـك وتخطـب آسيـة بنـت علـي وتزعـم أنـك ابـن سليـط بن عبد الله بن عباس لقد ارتقيت لا أم لك مرتقىً صعباً‏.‏ ثـم قـال له‏:‏ وما الذي دعاك إلى قتل سليمان بن كثير مع أثره في دعوتنا وهو أحد نقبائنا من قبـل أن ندخلـك فـي هـذا الأمـر قـال‏:‏ أراد الخلافـة فقتلتـه‏.‏ ثـم قال أبو مسلم‏:‏ كيف يقال هذا بعد بلائي وما كان مني قال يا ابن الخبيثة لو كانت أمة مكانك لأغنت إنما ذلك بدولتنا وربحنا‏.‏ وأكب أبو مسلم يقبل يده ويعتذر فازداد المنصور غضباً‏.‏ ثم قال أبو مسلم دع هذا فقد أصبحت لا أخاف إلا الله‏.‏ فشتمه المنصور وصفق بيديه فخرج الحرس‏.‏ وضربه عثمان بن نهيك فقطع حمائل سيفه‏.‏ فقال استبقني لعدوك فقال لا أبقاني الله إذاً وأي عدو أعدى منك وأخذه الحرس بسيوفهم حتى قتلوه وذلك لخمس بقين من شعبان سنة سبع وثلاثين‏.‏ وخرج الوزير أبو الجهم فصرف الناس وقال الأمير قائل عند أمير المؤمنين فانصرفوا وأمر لهم بالجوائز وأعطى إسحاق مائة ألف‏.‏ ودخل عيسى بن موسى على المنصور فسأل عنه وأخذ فـي الثنـاء علـى طاعته وبلائه وذكر رأي الإمام إبراهيم فيه‏.‏ فقال المنصور‏:‏ والله ما أعلم على وجـه الـأرض عدواً أعدى لكم منه هو ذا في البساط‏.‏ فاسترجع عيسى فأنكر عليه المنصور وقـال‏:‏ وهـل كـان لكم ملك معه ثم دعا جعفر بن حنظلة واستشاره في أمر أبي مسلم فأشار بقتلـه فقـال لـه المنصـور وفقـك اللـه ثـم نظـر إليـه قتيـلاً فقـال لـه يـا أمير المؤمنين عد خلافتك من هذا اليـوم‏.‏ ثـم دعـا أبـا إسحاق عن متابعة أبي مسلم وقال تكلم بما أردت وأخرجه قتيلاً‏.‏ فسجد أبو إسحاق ثم رفع رأسه يقول‏:‏ الحمد لله أميت هو ولله ما جئته قط إلا تكفنت وتحنطت ورفع ثيابه وأراه كفنه وحنوطه‏.‏ فرحمه وقال له استقبل طاعتك واحمد الله الذي أراحك‏.‏ وكتب المنصور بعد قتل أبي مسلم إلى أبي نصر بن الهيثم على لسان أبي مسلم يأمره بحمل أثقالـه وقـد كـان أبـو مسلم أوصاه إن جاءك كتاب بخاتمي تاماً فاعلم أني لم أكتبه فلما رآه كذلك فطـن وانحـدر إلـى همـذان يريـد خراسان فكتب له المنصور بولاية شهرزور وكتب إلى زهير بن التركـي بهمـذان بحبسـه‏.‏ فمر أبو نصر بهمذان وخادعه زهير ودعاه إلى طعامه وحبسه‏.‏ وجاء كتاب العهد بشهرزور لأبي نصر فأطلقه زهير ثم جاءه بعد ذلك الكتاب بقتله فقال جاءني كتاب عهده فخليت سبيله‏.‏ وقـدم أبـو نصـر علـى المنصـور فعذلـه فـي إشارتـه على أبي مسلم بخراسان فقال نعم استنصحني فنصحـت لـه‏.‏ وإن استنصحنـي أميـر المؤمنيـن نصحـت وشكـرت واستعملـه علـى الموصل‏.‏ وخطب أبو جعفر الناس بعد قتل أبي مسلم وانسهم وافترق أصحابه وخرج منهم بخراسان رجـل اسمـه سنبـاد ويسمـى فيـروز أصبهبـد وتبعـه أكثـر الجبال يطلبون بدم أبي مسلم وغلب على نيسابـور والـري وأخـذ الخزائـن أبـي مسلـم التـي خلفهـا بالـري حيـن شخـص إلـى السفـاح‏.‏ وسبـى الحرم ونهب الأموال ولم يعرض إلى التجار‏.‏ وكان يظهر أنه قاصد إلى الكعبة يهدمها فسرح إليه المنصور جمهور بن حرار العجلي والتقوا على طرق المفازة بين همذان والري فقاتلهم وهزمهم وقتل منهم نحواً من ستين ألفاً سبى ذراريهم ونساءهم‏.‏ ولحق سنباد بطبرستان فقتله بعض عمال صاحبها وأخذ ما معه‏.‏ وكتب إلى المنصور بذلك فكتـب إليـه المنصـور في الأموال فأنكرها فسرح إليه الجنود فهرب إلى الديلم‏.‏ ثم إن جمهور بن مرار لما حوى ما في عسكر سنباد ولم يبعث به خاف من المنصور فخلع واعتصم بالري فسرح إليه محمد بن الأشعث في الجيوش فخرج من الري إلى أصبهان فملكها وملك محمد الـري‏.‏ ثـم اقتتلـوا وانهـزم جمهـور فلحـق بأذربيجـان وقتلـه بعـض أصحابه وحملوا رأسه إلى المنصور وذلك سنة ثمان وثلاثين‏.‏ حبس عبد الله بن علي كـان عبـد اللـه بـن علـي بعـد هزيمتـه أمـام أبـي مسلم لحق بالبصرة ونزل على أخيه سليمان‏.‏ ثم إن المنصور عزل سليمان سنة تسع وثلاثين فاختفى عبد الله وأصحابه فكتب المنصـور إلـى سليمـان وأخيـه عيسـى بأمـان عبد الله وقواده ومواليه وأشخاصهم إلى المنصور منهما فشخصـوا‏.‏ ولمـا قدمـا عليـه فـأذن لهمـا فأعلمـاه بحضـور عبـد الله واستأذناه له فشغلهما بالحديـث وأمـر بحبسـه فـي مكـان قـد هيـىء لـه فـي القصـر فلمـا خـرج سليمـان وعيسـى لـم يجـد عبد الله فعلما أنه قد حبس وأن ذمتهما قد أخفرت فرجعا إلى المنصور فحبسا عنـه‏.‏ وتـوزع أصحاب عبد الله بين الحبس والقتل وبعث ببعضهم إلى أبي داود خالد بن إبراهيم بخراسان فقتلهـم بهـا‏.‏ ولم يزل عبد الله محبوساً حتى عهد المنصور إلى المهدي سنة تسع وأربعين وأمر موسى بن عيسى فجعله بعد المهدي ودفع إليه عبد الله وأمره بقتله وخرج حاجاً‏.‏ وسار عيسـى كاتبـه يونـس بـن فـروة فـي قتـل عبـد اللـه بـن علـي فقـال‏:‏ لا تفعـل فإنـه يقتلـك بـه وإن طلبـه منـك فـلا تـرده إليه سراً فلما قفل المنصور من الحج دس على أعمامه من يحرضهم على الشفاعة في أخيهم عبد الله فشفعهم وقال لعيسى‏:‏ جئنا به فقال قتلته كما أمرتني‏.‏ فأنكر المنصور وقال خذوه بأخيكم فخرجوا به ليقتلوه حتى اجتمع الناس واشتهر الأمر فجاء به وقال هوذا حي سوي فجعله المنصور في بيت أساسه ملح وأجرى عليه الماء فسقط ومات‏.‏ كان هؤلاء القوم من أهل خراسان ومن أتبـاع أبـي مسلـم يقولـون بالتناسـخ والحلـول وأن روح آدم فـي عثمـان بـن نهيـك وأن اللـه حـل فـي المنصـور وجبريـل فـي الهيثـم بـن معاوية‏.‏ فحبس المنصور نحـواً مـن مائتيـن منهم فغضب الباقون واجتمعوا وحملوا بينهم نعشاً كأنهم في جنازة وجاؤوا إلى السجـن فرمـوا بالنعـش وأخرجـوا أصحابهـم وحملوا على الناس في ستمائة رجل‏.‏ وقصدوا قصر المنصور وخرج المنصور من القصر ماشياً‏.‏ وجاء معن بن زائدة الشيباني وكان مستخفياً من المنصور لقتاله مع ابن هبيرة وقد اشتد طلب المنصور له فحضر عنده هـذا اليـوم متلثمـاً وترجـل وأبلـى‏.‏ ثـم جـاء إلـى المنصـور ولجـام بغلتـه فـي يـد الربيـع حاجبـه وقـال‏:‏ تنـح ذا أنـا أحق بهدا اللجام في هذا الوقت وأعظم فنازل وقاتل حتى ظفر بالراوندية‏.‏ ثم سأله فانتسب فأمنه واصطنعه‏.‏ وجاء أبو نصر مالك بن الهيثم ووقف على باب المنصور وقال‏:‏ أنا اليوم بواب ثم قاتلهم أهل السوق وفتح باب المدينة ودخل الناس وحمل عليهم خازم بن خزيمة والهيثم بن شعبة حتى قتلوهـم عـن آخرهـم‏.‏ وأصـاب عثمـان بـن نهيك في الحومة سهم فمات منه بعد أيام وجعل على الحبس بعده أخاه عيسى ثم بعده أبا العباس الطوسي وذلك كله بالهاشمية‏.‏ ثم أحضر معناً ورفع منزلته وأثنى عليه بما كان منه في ذلك اليوم مع عمه عيسى فقال معن‏:‏ والله يا أمير المؤمنين لقد جئت إلى الحكومة وجلاً حتى رأيت شدتك فحملني ذلك على ما رأيت مني وقيل‏:‏ إنه كان مختفياً عند أبي الخصيب حاجب المنصور وأنه جاء يوم الراوندية فاستأذن أبو الخصيب وشاوره المنصور فأشار ببث المال في الناس وأبى المنصور إلا الركوب إليهم بنفسه فخرج بين يديه وأبلى حتى قتلوا ثم تغيب فاستدناه وأمنه وولاه على اليمن‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:03

انتقاض خراسان ومسير المهدي إليها
كان السفاح قد ولى على خراسان أبا داود خالد بن إبراهيم الذهلي بعد انتقاض بسام بن إبراهيم ومهلكه‏.‏ فلما كان سنة أربعين ثار به بعض الجند وهو بكشماهن وجاؤوا إلى منزله فأشرف عليهم ليـلاً مـن السطـح فزلـت قدمـه فسقـط ومـات ليومـه‏.‏ وكـان عصـام صاحـب شرطته فقام بالأمر بعده‏.‏ ثم ولى المنصور على خراسان عبد الجبار بن عبد الرحمن فقدم عليها وحبس جماعة من القواد اتهمهم بالدعاء للعلوية منهم مجاشع بن حريث الأنصاري عامل بخـارى وأبـو المعـرة خالـد بـن كثيـر مولـى بنـي تميـم عامـل قهستـان والحريـش بـن محمد الذهلي ابن عم أبي داود في أخرين‏.‏ ثـم قتـل هـؤلاء وألـح علـى عمـال أبـي داود فـي استخراج المال وانتهت الشكوى إلى المنصور بذلك فقـال لأبـي أيـوب إنمـا يريـد بفنـاء شيعتنـا الخلع فأشار عليه أبو أيوب أن تبعث من جنود خراسان لغزو الروم فإذا فارقوه بعثت إليه من شئت واستمكن منه‏.‏ فكتب إليه بذلك فأجاب بأن التـرك قـد جاشـت وإن فرقـت الجنود خشيت على خراسان‏.‏ فقال له أبو أيوب اكتب إليه بأنك ممـده بالجيـوش وابعث معها من شئت يستمكن منه فأجاب عبد الجبار بأن خراسان مغلبة في عامها ولا تحتمل زيادة العسكر‏.‏ فقال له أبو يوسف هذا خلع فعاجله‏.‏ فبعث ابنه المهدي فسار ونزل الري‏.‏ وقدم خازم بن خزيمة لحرب عبد الجبار فقاتلوه فانهزم وجاء إلى مقطنة وتوارى فيها‏.‏ فعبر إليه المحشد بن مزاحم من أهل مرو الروذ وجاء به إلى خازم فحمله على بعير وعليه جبة صوف ووجهه إلى عجز البعير وحمله إلى المنصور في ولده وأصحابه‏.‏ فبسط إليهم العذاب حتـى استخـرج الأمـوال ثـم قطـع يديـه ورجليـه وقتلـه‏.‏ وذلـك سنة اثنتين وأربعين وبعث بولده إلى دهلك فعزلهم بها وأقام المهدي بخراسان حتى رجع إلى العراق سنة تسع وأربعين


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:03

وفي سنة اثنتيـن وأربعيـن
انتقض عيينة بن موسى بن كعب بالسند وكان عاملاً عليها من بعد أبيه وكان أبـوه يستخلـف المسيـب بـن زهيـر علـى الشرط فخشي المسيب إن حضر عيينة عند المنصور أن يوليه على الشرط فحذره المنصور وحرضه على الخلاف فخلع الطاعة‏.‏ وسار المنصور إلى البصـرة وسـرح من هنالك عمر بن حفص بن أبي صفوة العتكي لحرب عيينة وولاه على السند والهند فورد السند وغلب عليها‏.‏ وفي هذه السنة انتقض الأصبهبذ بطبرستان وقتل من كان فـي أرضـه مـن المسلميـن فبعث المنصور مولاه أبا الخصيب وخازم بن خزيمة وروح بن حاتم في العساكر فحاصروه في حصنه مدة ثم تحيلوا ففتح لهم الحصن من داخله وقتلوا المقاتلة وسبى الذرية وكان مع الأصبهبد سم فشربه ومات‏.‏ أمر بني العباس بنـو هاشم حين اضطرب أمر مروان بن محمد اجتمعوا إليه وتشاوروا فيمن يعقدون له الخلافة فاتفقوا على محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى بن علي وكان يقال إن المنصور ممن بايعه تلك الليلـة‏.‏ ولمـا حـج أيـام أخيـه السفـاح سنـة سـت وثلاثيـن تغيـب عنـه محمد وأخوه إبراهيم ولم يحضرا عنـده مـع بنـي هاشـم‏.‏ وسـأل عنهمـا فقـال لـه زياد بن عبيد الله الحرثي أنا آتيك بهما وكان بمكة فرده المنصور إلى المدينة‏.‏ ثم استخلف المنصور وطفق يسأل عن محمد ويختص بني هاشم بالسؤال سراً فكلهم يقول إنك ظهرت على طلبه لهذا الأمر فخافك على نفسه ويحسن العذر عنه إلا الحسن بن زيد بن الحسن بن علي فإنه قال له والله ما آمن وثوبه عليك فإنه لا ينام عنـك‏.‏ فكـان موسـى بـن عبـد اللـه بـن حسـن يقـول بعـد هـذا‏:‏ اللهـم اطلـب الحسن بن زيد بدمائنا‏.‏ ثـم إن المنصـور حـج سنـة وألـح علـى عبـد اللـه بـن حسـن فـي إحضـار ابنـه محمـد فاستشـار عبـد اللـه سليمان بن علي في إحضاره فقال له‏:‏ لو كان عافياً عفى عن عمه فاستمر عبد الله على الكتمان وبث المنصـور العيـون بيـن الأعـراب فـي طلبـه بسائـر بـوادي الحجـاز ومياههـا‏.‏ ثـم كتـب كتابـاً علـى لسـان الشيعـة إلـى محمـد بالطاعـة والمسارعـة وبعثـه مع بعض عيونه إلى عبد الله وبعث معه بالمال والألطاف كأنه من عندهم‏.‏ وكان للمنصور كاتب على سره يتشيع فكتب إلى عبد الله بن حسـن بالخبـر وكـان محمـد بجهينـة وألـح عليـه صاحـب الكتـاب أمـر محمـد ليدفـع إليـه كتـاب الشيعـة‏.‏ فقال له‏:‏ اذهب إلى علي بـن الحسـن المدعـو بالأغر يوصلك إليه في جبل جهينة فذهب وأوصله إليه‏.‏ ثم جاءهم حقيقة خبـره مـن كاتب المنصور وبعثوا أبا هبار إلى محمد وعلي بن حسن يحذرهما الرجل فجاء أبو هبار إلى علي بن حسن وأخبره ثم سار إلى محمد فوجد العين عنده جالساً مع أصحابه فخـلا بـه وأخبـره‏.‏ فقـال ومـا الرأي‏.‏ قال تقتله قال لا أقارف دم مسلم‏.‏ قال‏:‏ تقيده وتحمله معك قـال‏:‏ لا آمـن عليه لكثرة الخوف والإعجال‏.‏ قال‏:‏ فتودعه عند بعض أهلك من جهينة قال هذه إذن‏.‏ ورجع فلم يجد الرجل ولحق بالمدينة‏.‏ ثم قدم على المنصور وأخبره الخبر وسمى اسم أبي هبار وكنيته وقال معه وبر‏.‏ فطلب أبو جعفر وبرا المري فسأله عن أمر محمد فأنكره وحلف فضربه وحبسه‏.‏ ثم دعا عقبة بن سالم الـأزدي وبعثـه متنكراً بكتاب والطاف من بعض الشيعة بخراسان إلى عبد الله بن حسن ليظهر على أمره فجاءه بالكتاب فانتهره وقال‏:‏ لا أعرف هؤلاء القوم‏.‏ فلم يزل يتردد إليه حتى قبله وأنس به وسأله عقبة الجواب فقال لا أكتب لأحد ولكن أقرئهم مني سلاماً وأعلمهم أن ابني خارجان لوقت كذا‏.‏ فرجـع عقبـة إلـى المنصـور فأنشأ الحج فلما لقيه بنو حسن رفع


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:04

مجالسهم وعبد الله إلى جنبه ثم دعـا بالغـداء فأصابـوا منـه‏.‏ ثـم قـال لعبـد اللـه بـن حسـن قـد أعطيتني العهود والمواثيق أن لا تبغيني بسـوء ولا تكيـد لـي سلطانـاً فقـال وأنـا علـى ذلـك‏.‏ فلحـظ المنصـور عقبـة بـن سالـم فوقف بين عبد الله حتى ملأ عينه منه فبادر المنصور يسأله الإقالة فلم يفعل وأمر بحبسه‏.‏ وكان محمد يتردد فـي النواحـي وجـاء إلـى البصـرة فنـزل فـي بنـي راهـب وقيـل في بني مرة بن عبيد وبلغ الخبر إلى المنصور فجاء إلى البصرة وقد خرج عنها محمد فلقي المنصور عمر بن عبيد فقال له‏:‏ يا أبا عثمـان هـل بالبصـرة أحد نخافه على أمرنا فقال لا فانصرف واشتد الخوف على محمد وإبراهيم وسـار إلـى عـدن ثـم إلـى السنـد ثم إلى الكوفة ثم إلى المدينة‏.‏ وكان المنصور حج سنة أربعين وحـج محمـد وإبراهيـم وعزمـا علـى اغتيـال المنصـور وأبى محمد من ذلك‏.‏ ثم طلب المنصور عبد الله بإحضار ولديه وعنفه وهم به فضمنه زياد عامل المدينة‏.‏ وانصرف المنصور وقدم محمد المدينة قدمة فتلطف له زياد وأعطاه الأمان له ثـم قـال لـه‏:‏ الحق بأي بلاد شئت‏.‏ وسمع المنصور فبعث أبا الأزهر إلى المدينة في جمادى سنة إحدى وأربعين ليستعمل على المدينة عبد العزيز بن المطلب ويقبض زيـاداً وأصحابـه‏.‏ فسـار بهـم فحبسهـم المنصـور وخلـف زيـاد ببيـت المال ثمانين ألف دينار‏.‏ ثم استعمل على المدينة محمد بن خالد بن عبد الله القسري وأمره بطلب محمد وإنفاق المال في ذلك‏.‏ فكثرت نفقته واستبطأه المنصـور واستشـار فـي عزلـه فأشـار عليـه يزيـد بـن أسيـد السلمـي من أصحابه باستعمال رباح بن عثمـان بـن حسـان المزنـي فبعثـه أميـراً علـى المدينـة في رمضان سنة أربع وأربعين وأطلق يده في محمد بن خالد القسري‏.‏ فقدم المدينة وتهدد عبد الله بن حسن في إحضار ابنيه‏.‏ وقال له عبد الله يومئذ إنك لتريق المذبوح فيها كما تذبح الشاة فاستشعر ذلك ووجد فقال له حاجبه أبو البختري‏:‏ إن هذا ما اطلـع علـى الغيـب‏.‏ فقال ويلك والله ما قال إلا ما سمع فكان كذلك‏.‏ ثم حبس رباح محمد بن خالد وضربه وجد في طلب محمد فاخبر أنه في شعبان رضوى من أعمال ينبع وهو جبل جهينـة فبعـث عاملـه فـي طلـب فأفلـت منـه‏.‏ ثـم إن ربـاح بـن مـرة حبـس بنـي حسن وقيدهم وهم‏:‏ عبد الله بن حسن بن الحسن وإخوته حسن وإبراهيم وجعفر وابنه موسى بن عبد الله وبنو أخيه داود وإسماعيل وإسحاق بنو إبراهيم بن الحسن ولم يحضر معهم أخوه علي العائد‏.‏ ثم حضر من الغد عند رباح وقال جئتك لتحبسني مع قومي فحبسه وكتب إليه المنصور أن يحبـس معهـم محمـد بـن عبـد اللـه بـن عمـر بن عثمان المعروف بالديباجة‏.‏ وكان أخا عبد الله لأمه أمهما فاطمة بنت الحسين‏.‏ وكـان عامـل مصـر قـد عثـر علـى علي بن محمد بن عبد الله بن حسن بعثه أبوه إلى مصر يدعو لـه فأخـذه وبعـث بـه إلـى المنصـور فلـم يزل في حبسه‏.‏ وسمى من أصحاب أبيه عبد الرحمن بن أبي المولى وأبا جبير فضربهما المنصور وحبسهما‏.‏ وقيل عبد الله حبس أولاً وحده وطال حبسـه‏.‏ فأشـار عليـه أصحابـه بحبسـن الباقيـن فحبسهـم ثـم حج المنصور سنة أربع وأربعين فلما قـدم مكـة بعـث إليهـم وهـم فـي السجـن محمـد بـن عمـران بـن إبراهيـم بـن طلحـة ومـال بـن أنـس يسألهـم أن يرفعوا إليه محمداً وإبراهيم ابني عبد الله فطلب عبد الله الإذن في لقائه فقال المنصور لا والله حتى يأتيني به وبابنيه وكان محسناً مقبولاً لا يكلم أحداً إلا أجابه إلى رأيه‏.‏ ثم إن المنصور قضى حجه وخرج إلى الربذة وجاء رباح ليودعه فأمر بأشخاص بني حسن ومن معهم إلى العراق فأخرجهم في القيود والأغلال وأردفهم فـي محامـل بغيـر وطء وجعفـر الصادق يعاينهم من وراء ستر ويبكي‏.‏ وجاء محمـد وإبراهيـم مـع أبيهمـا عبـد اللـه يسايرانـه مستترين بزي الأعراب ويستأذنانه في الخروج فيقول‏:‏ لا تعجلا حتى يمكنكما وإن منعتما أن تعيشـا كريميـن فـلا تمنعـا أن تموتـا كريميـن وانتهوا إلى الزيدية‏.‏ وأحضر العثماني الديقا عند المنصور فضربـه مائـة وخمسيـن سوطـاً بعـد


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:04

ملاحـاة جـرت بينهمـا أغضبـت المنصور‏.‏ ويقال‏:‏ إن رباحاً أغرى المنصور به وقال له‏.‏ ‏:‏ إن أهل الشام شيعته ولا يتخلف عنه منهم أحد‏.‏ ثم كتب أبو عون عامل خراسان إلى المنصور بأن أهل خراسان منتظرون أمر محمد بن عبد اللـه واحـذر منهـم‏.‏ فأمـر المنصور بقتل العثماني وبعث برأسه إلى خراسان وبعث من يحلف أنه رأس محمد بن عبد الله وأن أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلـم ثـم‏.‏ قـدم المنصور بهم الكوفة وحبسهم بقصر ابن هبيرة‏.‏ يقال إنه قتل محمد بن إبراهيم بن حسن منهم علـى إسطوانـة وهـو حـي فمـات ثـم بعـده عبد الله بن حسن ثم علي بن حسن ويقال إن المنصور أمـر بهـم فقتلـوا ولـم ينـج منهـم إلا سليمـان وعبد الله ابنا داود وإسحاق وإسماعيل ابنا إبراهيم بن حسن وجعفر بن حسن والله أعلم‏.‏ ولمـا سـار المنصـور إلـى العـراق وحمـل معـه بنـي حسـن رجـع ربـاح إلى المدينة وألح في طلب محمد وهو مختف يتنقـل فـي اختفائـه مـن مكـان إلـى مكـان وقـد أرهقـه الطلـب حتـى تدلـى فـي بئـر‏.‏ فتدلـى فغمس في مائها وحتى سقط ابنه من جبل فتقطع ودل عليه رباح بالمداد فركب في طلبه فاختفـى عنـه ولـم يـره‏.‏ ولمـا اشتـد عليه الطلب أجمع الخروج وأغراه أصحابه بذلك‏.‏ وجاء الخبر إلـى ربـاح بأنـه الليلـة خـارج فأحضـر العبـاس بن عبد الله بن الحارث بن العباس ومحمد بن عمران بـن إبراهيـم بـن محمـد قاضـي المدينـة وغيرهما وقال لهم‏:‏ أمير المؤمنين يطلب محمداً شرق الأرض وغربهـا وهـو بيـن أظهركـم‏.‏ واللـه لئن خرج ليقتلنكم أجمعين‏.‏ وأمر القاضي بإحضار عشيرة بني زهرة فجاؤوا في جمع كثير وأجلسهم بالباب‏.‏ ثـم أحضـر نفـراً مـن العلوييـن فيهـم جعفـر بـن محمـد بـن الحسين وحسين بن علي بن حسين بن علي ورجال من قريش فيهم إسماعيل بن أيوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة وابنه خالد وبينما هم عنده إذ سمعوا التكبير وقيل قد خرج محمد فقال له ابن مسلم بن عقبة‏:‏ اعطني اضرب أعناق هؤلاء فأبى وأقبل من المداد في مائة وخمسين رجلاً وقصد السجن فأخرج محمد بن خالد بن عبد الله القسري وابن أخيه النذير بن يزيد ومن كان معهم وجعل علـى الرجالة خوات بن جبير وأتى دار الإمارة وهو ينادي بالكف عن القتل‏.‏ فدخلوا من باب المقصـورة وقبضـوا علـى ربـاح وأخيه عباس وابن مسلم بن عقبة فحبسهم ثم خرج إلى المسجد وخطب الناس وذكر المنصور بما نقمه عليـه ووعـد النـاس واستنصـر بهـم‏.‏ واستعمـل علـى المدينة عثمان بن محمد بن خالد بن الزبير وعلى قضائها عبد العزيز بن المطلب بن عبد الله المخزومي وعلى بيت السلاح عبد العزيز الدراوردي وعلى الشرط أبـا الغلمـش عثمـان بـن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعلى ديوان العطاء عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة‏.‏ وأرسل إلى محمد بن عبد العزيز يلومه على القعود عنه فوعده بالبصرة وسار إلى مكة ولم يتخلـف عـن محمـد مـن وجوه الناس إلا نفر قليل‏:‏ منهم الضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد بـن حـرام وعبـد اللـه بـن المنـذر بـن المغيـرة بـن عبـد الله بن خالد وأبو سلمة بن عبيد الله بن عبد اللـه بـن عمـر وحبيـب بـن ثابـت بـن عبـد الله بن الزبير واستفتى أهل المدينة مالكاً في الخروج مع محمـد وقالوا‏:‏ في أعناقنا بيعة المنصور‏.‏ فقال‏:‏ إنما بايعتم مكرهين‏.‏ فتشارع الناس إلى محمد ولـزم مالـك بيتـه وأرسـل محمـد إلـى إسماعيـل بن عبد الله بن جعفر يدعوه إلى بيعته وكان شيخاً كبيراً فقال‏:‏ أنت والله وابن


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:04

أخي مقتول فكيف أبايعك فرجع الناس عنه قليلاً وأسرع‏:‏ بنو معاويـة بـن عبـد اللـه بـن جعفـر إلـى محمـد فجاءت جمادة أختهم إلى عمها إسماعيل وقالت‏:‏ يا عم إن مقالتـك ثبطـت النـاس عـن محمـد وأخوتـي معـه فأخشى أن يقتلوا فردها‏.‏ فيقال إنها عدت عليه فقتلتـه ثـم حبـس محمـد بـن خالـد القسـري بعـد أن أطلقه واتهمه بالكتاب إلى المنصور فلم يزل في حبسه‏.‏ ولما استوى أمر محمد ركب رجل من آل أويس بن أبي سرح اسمه الحسين بن صخر وجاء إلـى المنصـور فـي تسـع فخبـره الخبـر فقـال أنـت رأيتـه قـال نعـم وكلمتـه علـى منبـر رسـول اللـه صلـى اللـه عليـه وسلـم ثـم تتابـع الخبـر وأشفـق المنصـور مـن أمـره واستشـار أهـل بيته ودولته‏.‏ وبعث إلى عمه عبـد اللـه وهو محبوس يستشيره فأشار عليه بأن يقصد الكوفة فإنهم شيعة لأهل البيت فيملك عليهم أمرهم ويحفها بالمسالح حتى يعرف الداخل والخارج ويستدعي سالم بن قتيبة من الري فيتحشد معه كافة أهل الشام ويبعثه وأن يبعث العطاء في الناس‏.‏ فخـرج المنصـور إلـى الكوفـة ومعـه عبـد اللـه بـن الربيـع بـن عبـد اللـه بـن عبـد المـدان‏.‏ ولمـا قدم الكوفة أرسل إلى يزيد بن يحيـى وكـان السفـاح يشـاوره فأشـار عليـه بـأن يشحـن الأهـواز بالجنـود وأشار عليه جعفر بن حنظلة الحراني بأن يبعث الجند إلى البصرة‏.‏ فلما ظهر إبراهيم بتلك الناحية تبين وجه إشارتهما‏.‏ وقال المنصور لجعفر‏:‏ كيف خفت البصرة قال‏:‏ لأن أهل المدينة ليسوا أهل حرب حبسهم أنفسهم وأهل الكوفة تحت قدمك وأهل الشام أعداء الطالبيين ولم ثم إن المنصور كتب إلى محمد المهدي كتاب أمان فأجابـه عنـه بالـرد والتعريـض بأمـور فـي الأنساب والأحوال فأجابه المنصور عن كتابه بمثل ذلك وانتصف كل واحد منهما لنفسه بما ينبغي الإعراض عنه مع أنهما صحيحان مرويان نقلهما الطبري فـي كتـاب الكامـل فمـن أراد الوقـوف فليلتمسهـا فـي أماكنهـا‏.‏ ثـم إن محمـد المهـدي استعمـل علـى مكـة محمـد بـن الحسن بن معاوية بـن عبـد اللـه بـن جعفـر وعلـى اليمـن القاسـم بن إسحاق وعلى الشام موسى بن عبد الله‏.‏ فسار محمد بن الحسن إلى مكة والقاسم معه ولقيهما السري بن عبد الله عامل مكة ببطن أذاخر فانهزم وملك محمد مكة حتى استنفره المهدي لقتال عيسى بن موسى فنفر هو والقاسم بن عبيد الله‏.‏ وبلغهما قتل محمد بنواحي قديد فلحق محمد بإبراهيم فكان معه بالبصرة واختفـى القاسـم بالمدينـة حتـى أخـذت لـه الأمـان امـرأة عيسـى وهـي بنت عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بـن جعفـر‏.‏ وأمـا موسـى بـن عبـد اللـه فسار إلى الشام فلم يقبلوا منه فرجع إلى المدينة‏.‏ ثم لحق بالبصرة مختفياً وعثر عليه محمد بن سليمان بن علي وعلى ابنه عبد الله وبعث بهما إلى المنصـور فضربهمـا وحبسهمـا‏.‏ ثـم بعـث المنصـور عيسى بن موسى إلى المدينة لقتال محمد فسار في الجنـود ومعـه محمـد بـن أبـي العبـاس بـن السفـاح وكثيـر بـن حصيـن العبـدي وحميـد بـن قحطبـة وهـو ازمرد وغيرهم فقال له‏:‏ إن ظفرت فأغمد سيفك وابذل الأمان وإن تغيب فخذ أهل المدينة فإنهم يعرفون مذاهبه ومن لقيك من آل أبي طالب فعرفني به ومن لم يلقك فاقبض ماله‏.‏ وكـان جعفر الصادق فيمن تغيب فقبض ماله‏.‏ ويقال إنه طلبه من المنصور لما قدم بالمدينة بعد ذلـك فقـال قبضـه مهديكـم‏.‏ ولمـا وصـل عيسـى إلـى فئتـه كتـب إلـى نفـر من أهل المدينة ليستدعيهم منهم‏:‏ عبد العزيز بن المطلب المخزومي وعبيد الله بن محمد بن صفوان الجمحي وعبـد اللـه بـن محمـد بـن عمـر بـن علي بن أبي طالب‏.‏ فخرج إليه عبد الله هو وأخوه عمر وأبو عقيـل محمـد بـن عبـد اللـه بـن محمـد بـن عقيل واستشار المهدي أصحابه في القيام بالمدينة ثم في الخندق عليها فأمر بذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وحفر الخندق الذي حفره رسـول اللـه صلـى اللـه عليـه وسلـم للأحـزاب‏.‏ ونـزل عيسـى الأعـرض وكـان محمد قد منع الناس من الخروج فخيرهم فخرج كثير منهم بأهلهم إلى الجبال وبقي في شرذمة يسيرة‏.‏ ثم تدارك رأيه وأمر أبا الغلمش بردهم فأعجزوه ونزل عيسى على أربعة أميال من المدينة وبعث عسكراً إلى طريق مكة يعترضون محمداً إن انهزم إلى مكة وأرسل إلى المهدي بالأمان والدعـاء إلـى الكتـاب


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:05

والسنـة ويحـذره عاقبـة البغـي‏.‏ فقـال‏:‏ إنما أنا رجل فررت من القتل‏.‏ ثم نزل عيسـى بالحـرف لاثنتـي عشـرة مـن رمضان سنة خمس وأربعين فقام يومين ثم وقف على مسلم ونادى بالأمان لأهل المدينة وأن يخلوا بينه وبين صاحبه فشتموه فانصرف وعاد من الغد وقد فـرق القـواد مـن سائـر جهـات المدينـة وبـرز محمـد في أصحابه ورأيته مع عثمان بن محمد بن خالد بن الزبير وشعارهم أحد أحد‏.‏ وطلب أبو الغلمش من أصحابه البراز فبرز إليه أخو أسد فقتله ثم آخر فقتلوا وقال أنا ابن الفـاروق‏.‏ وأبلـى محمد المهدي يومئذ بلاءً عظيماً وقتل بيده سبعين رجلاً‏.‏ ثم أمر عيسى بن موسى حميد بن قحطبة فتقدم في مائة من الرجال إلى حائط دون الخندق فهدمه وأجازوا الخندق وقاتلوا من وراءه وصابرهم أصاب محمد إلى العصر‏.‏ ثم أمر عيسى أصحابه فرموا الخنـدق بالحقائـب ونصبـوا عليهـا الأبـواب وجـازت الخيـل واقتتلوا وانصرف محمد فاغتسل وتحنـط‏.‏ ثـم رجـع فقـال‏:‏ اتـرك أهـل المدينـة واللـه لا أفعـل أو اقتـل وأنـت مني في سعة فمشى قليلاً معـه‏.‏ ثـم رجـع وافتـرق عنـه جـل أصحابـه وبقـي فـي ثلثمائـة أو نحوهـا‏.‏ فقـال لـه بعض أصحابه نحن اليوم في عدة أهل بدر وطفق عيسى بن حصين من أصحابه يناشده في اللحاق بالبصرة أو غيرها فيقول والله لا تبتلون بي مرتين‏.‏ ثـم جمـع بيـن الظهـر والعصـر ومضـى فأحـرق الديـوان الـذي فيـه أسمـاء من بايعهم‏.‏ وجاء إلى السجن وقتل رياح بن عثمان وأخاه عباساً وابن مسلم بن عقبة وتوثق محمد بن القسري بالأبواب فلم يصلـوا إليـه‏.‏ ورجـع ابـن حصيـن إلـى محمـد فقاتـل معـه وتقـدم محمد إلى بطن سلع ومعه بنو شجاع من الخمس‏.‏ فعرقبوا دوابهم وكسروا جفون سيوفهم واستماتوا وهزموا أصحاب عيسى مرتين أو ثلاثـة‏.‏ وصعـد نفـر مـن أصحـاب عيسـى الجبـل وانحـدروا منـه إلـى المدينـة‏.‏ ورفـع بعـض نسوة إلى العبـاس خمـاراً لهـا أسـود على منارة المسجد‏.‏ فلما رآه أصحاب محمد وهم يقاتلون هربوا وفتح بنو غفار طريقاً لأصحاب عيسى فجاؤوا من وراء أصحاب محمد‏.‏ ونادى حميد بن قحطبة للبراز فأبى ونادى ابن حصين بالأمان فلـم يصـغ إليـه وكثـرت فيـه الجـراح‏.‏ ثـم قتـل وقاتـل محمـد علـى شلوه فهد الناس عنه هداً حتى ضرب سقط لركبته وطعنه ابـن قحطبـة فـي صـدره‏.‏ ثـم أخـذ رأسـه وأتـى بـه عيسـى فبعثه إلى المنصور مع محمد بن الكرام عبد الله بن علي بن عبد الله بن جعفر وبالبشارة مع القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن وأرسل معه رؤوس بني شجاع وكان قتل محمد منتصف رمضان‏.‏ وأرسل عيسـى الألويـة فنصبت بالمدينة للأمان وصلب محمد وأصحابه ما بين ثنية الوداع والمدينة واستأذنت زينب أخته في دفنه بالبقيع وقطع المنصور الميرة في البحر عن المدينة حتى أذن فيها المهدي بعده وكان مع المهدي سيف علي ذو الفقار فأعطاه يومئذ رجلاً من التجار في دين كان له عليه‏.‏ فلما ولي جعفر بن سليمان المدينة أخذه منه وأعطاه من دينه‏.‏ ثم أخذه منه المهدي وكان الرشيـد يتقلـده وكـان فيه ثمان عشرة فقرة وكان معه من مشاهير بني هاشم أخو موسى وحمزة بـن عبـد اللـه بـن محمـد بـن علـي بـن الحسيـن وحسيـن وعلـي ابنـا زيد بن علي‏.‏ وكان المنصور يقول عجبـاً خرجـا علـي ونحـن أخذنـا بثـأر أبيهمـا‏.‏ وكـان معـه علـي وزيـد ابنا الحسن بن زيد بن الحسن وأبوهمـا الحسـن مـع المنصـور والحسـن ويزيـد وصالح بنو معاوية بن عبد الله بن جعفر والقاسم بن إسحـاق بـن عبـد اللـه بـن جعفـر والمرجـى علـي بـن جعفـر بـن إسحـاق بـن علـي بـن عبـد اللـه بـن جعفـر وأبـوه علي مع المنصور من غير بني هاشم محمد بن عبد الله بن‏.‏ عمر بن سعيد بن العاص ومحمـد بـن عجلـان وعبـد اللـه بـن عمـر بـن حفـص بـن عاصـم وأبـو بكـر بـن عبـد اللـه بـن محمـد بـن أبي سبرة أخذ أسيراً فضرب وحبس في سجن المدينة فلم يزل محبوساً إلى أن نازل السودان بالمدينة على عبد الله بن الربيع الحارثي وفر عنها إلى بطن نخل وملكوا المدينة ونهبوا طعام المنصور‏.‏ فخرج ابن أبي سبرة مقيداً وأتى المسجد وبعث إلى محمد بن عمران ومحمد بن عبد العزيز وغيرهما وبعثوا إلى السودان وردوهم عما كانوا فيه فرجعوا ولم يصل الناس يومئذ جمعة‏.‏ ووقـف الأصبـغ بـن أبـي سفيـان بـن عاصـم بـن عبـد العزيز لصلاة العشاء ونادى أصلي بالناس على طاعـة أميـر المؤمنين وصلى‏.‏ ثم أصبح ابن أبي سبرة ورد من العبيد ما نهبوه ورجع ابن الربيع وكـان مـع محمـد بـن عبـد اللـه أيضاً عبد الواحد بن أبي عون مولى الأزد وعبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وعبد الحميد بن جعفر وعبد الله بن عطاء بن يعقوب مولى بني سباع وبنوه تسعة وعيسى وعثمان ابنا خضير‏.‏ وعثمـان بـن محمـد بـن خالـد بـن الزبيـر قتلـه المنصـور مـن بعـد ذلك لما أخذ بالبصرة وعبد العزيز بن إبراهيـم بـن عبـد اللـه بـن مطيـع وعلي بن المطلب بن عبد الله بن حنطب وإبراهيم بن جعفر بن مصعب بن الزبير وهشام بن عميرة بن الوليد بن بن عبد الجبار وعبد الله بن يزيد بن هرمز وغيرهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:06

شأن إبراهيم بن عبد الله وظهوره ومقتله
كان إبراهيم بن عبد الله أخو المهدي محمد قد اشتد الطلب عليه وعلى أخيه منذ خمس سنيـن وكان إبراهيم يتنقل في النواحي بفارس وبكرمان والجبل والحجاز واليمن والشام وحضر مـرة مائـدة المنصور بالموصل وجاء أخرى إلى بغداد حين خطها المنصور مع النظار على قنطرة الفـرات حيـن شدهـا وطلبـه فغـاص في الناس فلم يوجد ووضع عليه الرصد بكل مكان‏.‏ ودخل بيت سفيان بن حيان العمى وكان معروفاً بصحبته فتحيل على خلاصه بأن أتى المنصور وقـال‏:‏ أنا آتيك بإبراهيم فاحملني وغلامي على البريد وابعث معي الجند ففعل‏.‏ وجاء بالجند إلـى البيت وأركب معه إبراهيم في زي غلامه وذهب بالجند إلى البصرة ولم يزل يفرقهم على البيوت ويدخلها موهماً أنه يفتشه حتى بقي وحده فاختفى‏.‏ وطلبه أمير البصرة سفيان بن معاوية فأعجزه وكان قدم قبل ذلك الأهواز فطلبه محمد بن حصيـن واختفـى منه عند الحسن بن حبيب ولقي من ذلك غياً‏.‏ ثم قدم إبراهيم البصرة سنة خمـس وأربعيـن بعـد ظهـور أخيـه محمد بالمدينة يحيى بن زياد بن حيان النبطي وأنزله بداره في بني ليث‏.‏ فدعا الناس إلى بيعة أخيه وكان أول من بايعه نميلة بن مرة العبسي وعبد الله بن سفيان وعبد الواحد بن زيـاد وعمـر بـن سلمـة الهجيمـي وعبـد اللـه بـن حـي بـن حصيـن الرقاشي وبثوا دعوته في الناس واجتمع لهم كثير من الفقهاء‏.‏ وأهل العلم‏.‏ وأحصى ديوانه أربعة آلاف واشتهر أمره‏.‏ ثم حولوه إلى وسط البصرة‏.‏ ونـزل دار أبـي مـروان مولـى بنـي سليـم فـي مقبـرة بنـي يشكـر وليقـرب مـن النـاس وولـاه سفيـان أميـر البصـرة علـى أمـره‏.‏ وكتـب إليـه أخـوه محمـد يأمـره بالظهور وكان المنصـور بظاهـر وأرسل من القواد مدد السفيان على إبراهيم أن ظهر‏.‏ ثم إن إبراهيم خرج أول رمضان من سنة خمس وأربعين وصلى الصبح فـي الجامـع وجـاء دار الإمـارة بابـن سفيـان وحبسـه وحبـس القـواد معـه وجـاء جعفـر ومحمـد ابنـا سليمـان بن علي في ستمائة رجل‏.‏ وأرسل إبراهيم إليهـا المعيـن بـن القاسـم الحـدروري فـي خمسيـن رجـلاً فهزمهمـا إلـى بـاب زينـب بنـت سليمـان بـن علـي وإليها ينسب الزينبيون من بني العباس‏.‏ فنادى بالأمان وأخذ من بيت المال ألفي ألف درهم وفرض لكل رجل من أصحابه خمسين‏.‏ ثـم أرسـل المغيـرة علـى الأهواز في مائة رجل فغلب عليها محمد بن الحصين وهو أربعه آلاف‏.‏ وأرسـل عمـر بـن شـداد إلـى فـارس وبهـا إسماعيل وعبد الصمد ابنا علي فتحصنا في دار بجرد وملك عمر نواحيها فأرسل هارون بن شمس العجلي في سبعة عشر ألفاً إلى واسط فغلب عليها هارون بن حميد الإيادي وملكها‏.‏ وأرسل المنصور لحربه عامر بن إسماعيل في خمسة آلـاف وقيـل في عشرين‏.‏ فاقتتلوا أياماً ثم تهادنوا حتى يروا مآل الأميرين المنصور وإبراهيم‏.‏ ثم جاء نعي محمد إلى أخيه إبراهيم قبل الفطر فصلى يوم العيد وأخبرهم فازدادوا حنقاً على المنصور‏.‏ ونفر في حره وعسكر من الغد واستخلف على البصرة غيلة وابنه حسنًـا معـه وأشار عليه أصحابه من أهل البصرة بالمقام وإرسال الجنود وإمدادهم واحداً بعد واحد‏.‏ وأشار أهل الكوفة باللحوق إليها لأن الناس في انتظارك ولو رأوك ما توانوا عنك فسار‏.‏ وكتـب المنصـور إلـى عيسـى بـن موسـى بإسـراع العـود وإلـى مسلـم بـن قتيبـة بالـري وإلـى سالم بقصد إبراهيـم وضم إليه غيرها من القواد‏.‏ وكتب إلى المهدي بإنفاذ خزيمة بن خازم الأهواز وفارس والمدائـن وواسـط والسـواد وإلـى جانبـه أهـل الكوفـة فـي مائة ألف يتربصون به‏.‏ ثم رمى كل ناحية بحجرها وأقام خمسين يوماً على مصلاه ويجلس ولم ينزع عنه جبته ولا قميصه وقد توسخا ويلبـس السـواد إذا ظهـر للنـاس وينزعه إذا دخل بيته‏.‏ وأهديت له من المدينة امرأتان فاطمة بنت محمـد بـن عيسـى بـن طلحـة بـن عبيـد اللـه وأمـة الكريـم بنـت عبـد الله من ولد خالد بن أسيد فلم يحفل بهما‏.‏ وقال‏:‏ ليست هذه أيام نساء حتى أنظر رأس إبراهيم إلي أو رأسي له‏.‏ وقـدم عليـه عيسـى بـن موسـى فبعثـه لحـرب إبراهيـم فـي خمسـة عشر ألفاً وعلى مقدمته حميد بن قحطبـة فـي ثلاثـة آلـاف وسـار إبراهيـم مـن البصرة ومائة ألف حتى نزلا بإزاء عيسى بن موسى على ستة عشر فرسخاً من الكوفة‏.‏ وأرسل إليه مسلم بن قتيبة بأن يخندق على نفسه أو يخالـف عيسـى إلـى المنصـور فهـو فـي حـف مـن الجنون ويكون أسهل عليك‏.‏ فعرض ذلك إبراهيم علـى أصحابـه فقالـوا‏:‏ نحـن هـارون وأبـو جعفـر فـي أيدينـا فأسمـع ذلـك رسـول سالـم فرجـع ثـم تصافـوا للقتال‏.‏ وأشار عليه بعض أصحابه أن يجعلهم كراديس ليكون أثبت والصف إذا انهزم بعضه تداعى سائره فأبى إبراهيم إلا الصف صف أهل الإسلام ووافقه بقية أصحابه‏.‏ ثم اقتتلـوا وانهـزم حميـد بـن قحطبـة وانهـزم معـه النـاس وعـرض لهـم عيسـى يناشدهـم اللـه والطاعـة‏.‏ فقـال لهـم حميـد لا طاعـة فـي الهزيمـة‏.‏ ولـم يبـق مـع عيسـى إلا فـل قليـل فثبـت واستمـات‏.‏ وبينما هو كذلك إذ قدم جعفر ومحمد بن سليمان بن علي وجاء من وراء إبراهيم وأصحابه فانعطفوا لقتالهم واتبعهم أصحاب عيسى‏.‏ ورجع المنهزمون من أصحابه بأجمعهم اعترضهـم أمامهـم فـلا يطيقـون مخافـة ولا وثوبـة فانهـزم أصحـاب إبراهيـم وثبت هو في ستمائة أو أربعمائة من أصحابـه وحميـد يقاتلـه‏.‏ ثـم أصابـه سهـم بنحره فأنزلوه واجتمعوا عليه‏.‏ وقال حميد‏:‏ شدوا على تلـك الجماعـة فأحصروهـم عن إبراهيم وقطعوا رأسه وجاؤوا به إلى عيسى فسجد وبعثه إلى المنصـور وذلـك لخمـس بقيـن مـن ذي القعـدة الحـرام سنـة خمـس وأربعيـن‏.‏ ولما وضع رأسه بين يدي المنصـور بكـى وقـال‏:‏ واللـه إنـي كنـت لهـذا كارهـاً ولكنـي ابتليـت بك وابتليت بي ثم جلس للعامة فأذن للناس فدخلوا ومنهم من يثلب إبراهيم مرضاة للمنصور حتى دخل جعفر بن حنظلة الهرانـي فسلـم ثـم قـال‏:‏ عظـم الله أجرك يا أمير المؤمنين في ابن عمك وغفر له ما فرط فيه من حقك فتهلل وجه المنصور وأقبل عليه وكناه بأبي خالد واستدناه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:06

بناء مدينة بغداد وابتدأ المنصور
سنة ست وأربعين في بناء مدينة بغداد وسبب ذلك ثورة الراوندية عليه بالهاشمية ولأنه كان يكره أهل الكوفة ولا يأمن على نفسه منهم‏.‏ فتجافى عن جوارهم وسار إلـى مكـان بغـداد اليـوم وجمع من كان هنالك من البطارقة فسألهم عن أحوال مواضعهم في الحر والبـرد والمطـر والوحـل والهـوام واستشارهـم فأشاروا عليه بمكانها‏.‏ وقالوا تجيئك الميرة في السفن مـن الشام والرقة ومصر والمغرب إلى المصرات‏.‏ ومن الصين والهند والبصرة وواسط وديار بكر والـروم والموصل في دجلة ومن أرمينية وما اتصل بها في تامر حتى يتصل بالزاب‏.‏ وأنت بين أنهار كالخنادق لا تعبر إلا على القناطر والجسور‏.‏ وإذا قطعتها لم يكن لعـدوك مطمـع وأنـت متوسط بين البصرة والكوفة وواسط والموصل قريب من البر والبحر والجبل‏.‏ فشرع المنصور في عمارتها‏.‏ وكتب إلى الشام والجبل والكوفة وواسط والبصرة في الصناع والفعلة واختار من ذوي الفضل والعدالة والعفة والأمانة والمعرفة بالهندسة فأحضرهم لذلك‏.‏ منهم الحجاج بن أرطاة وأبو حنيفـة الفقيـه‏.‏ وأمـر بخطهـا بالرمـاد فشكلـت أبوابهـا وفضلانهـا وطاقاتها ونواحيها وجعل على الرماد حب القطن‏.‏ فأضرم ناراً ثم نظر إليها وهـي تشتعـل فعرف رسمها وأمر أن تحفر الأسس على ذلك الرسم‏.‏ ووكل بها أربعة من القواد يتولى كل واحـد منهـم ناحيـة‏.‏ ووكـل أبـا حنيفـة بعد الآجر واللبن‏.‏ وكان أراده على القضاء والمظالم فأبى‏.‏ فحلف أن لا يقلع عنه حتى يعمل له عملاً فكان هذا‏.‏ وأمر المنصور أن يكون عرض أساس القصر من أسفله خمسين ذراعاً ومن أعلاه عشرين وجعل في البناء القصب والخشب ووضع بيده أول لبنة وقال‏:‏ بسم الله والحمد لله والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين‏.‏ ثم قال ابنوا على بركة الله فلما بلغ مقدار قامة جاء الخبر بظهور محمد المهدي فقطع البناء وسار إلى الكوفة حتى فرغ من حرب محمد وأخيه ورجع من مدينة ابن هبيرة إلى بغداد واستمـر فـي بنائهـا واستشـار خالـد بـن برمـك فـي نقـض المدائن والإيوان‏.‏ فقال لا أرى ذلك لأنه من آثار الإسلام وفتوح العرب وفيه مصلى علي بن أبي طالب فاتهمه بمحبة العجم وأمر بنقض القصـر الأبيض فإذا الذي ينفق في نقضه أكثر من ثمن الجديد فأقصر عنه‏.‏ فقال خالد‏:‏ لا أرى إقصـارك عنـه لئـلا يقـال عجـزوا عـن هـدم مـا بنـاه غيرهـم فأعـرض عنه ونقل الأبواب إلى بغداد من واسط ومن الشام ومن الكوفة وجعل المدينة مدورة وجعل قصره وسطها ليكون الناس منه على حد سواء‏.‏ وجعل المسجد الجامع بجانب القصر وعمل لها سورين والداخل أعلـى مـن الخـارج‏.‏ ووضـع الحجاج بن أرطاة قبلة المسجد وكان وزن اللبنة التي يبني بها مائة رطل وسبعة عشر رطلاً وطولها ذراع في ذراع وكانت بيوت جماعة من الكتاب والقواد تشرع أبوابها إلى رحبة الجامع وكانت الأسواق داخل المدينة فأخرجهم إلى ناحية الكرخ لما كان الغرباء يطرقونها ويبيتون فيها وجعل الطرق أربعين ذراعاً وكان مقدار النفقة عليها في المسجد والقصر والأسواق والفصلان والخنـادق والأبـواب أربعـة آلـاف ألـف وثمانمائـة ألـف وثلاثة وثلاثين ألف درهم‏.‏ وكان الأستاذ من البنائين يعمل يومه بقيراط والروز كاري بحبتين وحاسب القواد عند الفراغ منها فألزم كلاً بما بقي عنده وأخذه حتى أخذ من خالد بن الصلت منهم خمسة عشر درهماً بعد أن حبسه عليها‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:07

العهد للمهدي وخلع عيسى بن موسى
كـان السفـاح قـد عهـد إلـى عيسى بن موسى بن علي وولاه على الكوفة فلم يزل عليها فلما كبر المهـدي أراد المنصـور أبـوه أن يقدمـه فـي العهد على عيسى وكان يكرمه في جلوسه فيجلس عن يمينه والمهدي عن يساره فكلمه في التأخر عن المهدي في العهد فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين كيف بالإيمـان التـي علـي وعلـى المسلميـن وأبـى ذلـك فتغيـر لـه المنصـور وباعـده بعـض الشـيء‏.‏ وصـار يـأذن للمهدي قبله ولعمه عيسى بن علي وعبد الصمد‏.‏ ثم يدخل عيسى فيجلس تحت المهدي واستمر المنصور على التنكر له وعزله عن الكوفة لثلاث عشرة سنةً من ولايته وولى مكانه محمد بن سليمان بن علي ثم راجع عيسى نفسه فبايع المنصور للمهدي بالعهد وجعل عيسى مـن بعـده‏.‏ ويقـال‏:‏ إنـه أعطـاه أحـد عشـر ألـف ألـف درهم ووضع الجند في الطرقات لأذاه وإشهاد خالد بن برمك عليه جماعة من الشيعة بالخلع تركت جميعها لأنها لا تليق بالمنصور وعدالته المقطوع بها فلا يصح من تلك الأخبار شيء‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:07

خروج أستادسيس
كان رجل ادعى النبوة في جهات خراسان فاجتمع إليه نحو ثلثمائة ألف مقاتل من أهل هراة وباذغيس وسجستان وسار إليه الأخثم عامل مرو الروذ في العساكر فقاتل لأخثم وعامـة أصحابـه وتتابـع القـواد فـي لقائـه فهزمهـم‏.‏ وبعـث المنصـور وهـو بالبـرداق خـازم بـن خزيمة إلى المهدي فـي اثنـي عشـر ألفـاً فولـاه المهـدي حربـه فزحـف إليـه فـي عشريـن ألفـاً‏.‏ وجعـل علـى ميمنتـه الهيثم بن شعبة بن ظهير وعلى ميسرته نهار بن حصن السعدي وفي مقدمته بكار بن مسلم العقيلي ودفع لواءه للزبرقان‏.‏ ثم راوغهم في المزاحفة وجاء إلى موضع فخندق عليه وجعل له أربعة أبواب وأتى أصحاب أستادسيس بالفؤوس والمواعيل ليطموا الخندق فبدؤوا بالباب الذي يلي بكـار بـن مسلـم فقاتلهـم بكـار وأصحابـه حتـى ردوهـم عن بابهم‏.‏ فأقبلوا على باب خازم وتقدم منهم الحريش من أهل سجستان فأمر خازم الهيثم بن شعبة أن يخرج من باب بكار ويأتي العدو من خلفهم كانوا متوقعين قدوم أبي عون وعمر بن مسلم بن قتيبة وخرج خازم على الحريش واشتد قتاله معهم‏.‏ وبدت أعلام الهيثم من ورائهم فكبر أهل العسكر وحملوا عليهم فكشفوهم ولقيهم أصحاب الهيثم فاستمر فيهم القتال فقتل سبعون ألفاً وأسر أربعة عشر وتحصـن أستادسيـس علـى حكم أبي عون فحكم بأن يوثق هو وبنوه ويعتق الباقون وكتب إلى المهدي بذلك فكتب المهدي إلى المنصور‏.‏ ويقال‏:‏ إن أستادسيس أبو مراجل أم المأمون وابنه غالب خال المأمون الذي قتل الفضل بن سهل‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:08

ولاية هشام بن عمرو التغلبي علي السند
كان على السند أيام المنصور عمر بن حفص بن عثمان بن قبيصة بـن أبـي صفـرة ويلقـب هزارمـرد - يعنـي ألـف رجـل - ولمـا كـان مـن أمـر المهـدي مـا قدمنـاه بعـث ابنه عبد الله الأشتر إلى البصـرة ليدعـو له فسار من هنالك إلى عمر بن حفص وكان يتشيع فأهدى له خيلاً يتمكن بها من لقائه‏.‏ ثم دعاه فأجاب وبايع له وأنزله عنده متخفياً ودعا القواد وأهل البلد فأجابوا فمزق الأعلام وهيأ لبسة من البياض يخطب فيها وهو في ذلك إذ فجأه الخبر بقتل المهدي فدخل علـى ابنـه أشتـر وعـزاه‏.‏ فقـال لـه اللـه في دمي فأشار عليه باللحاق بملك من ملوك السند عظيم المملكة كان يعظم جهة النبي صلى الله عليه وسلم وكان معروفاً بالوفاء فأرسل إليه بعد أن عاهد عليه واستقر عند ذلك الملك‏.‏ وتسلل إليه جماعة من الزيدية نحوًا من أربعمائة وبلغ ذلك المصور فغاظه وكتب إلى عمر بن حفـص بعزلـه وأقـام يفكـر فيمـن يوليـه السنـد وعـرض لـه يومًـا هشـام بن عمرو التغلبي وهو راكب ثم اتبعـه إلـى بيتـه وعـرض عليـه أختـه فقـال للربيع‏:‏ لو كانت لي حاجة في النكاح لقبلت فجزاك الله خيراً وقد وليتك السند فتجهز لها وأمره أن يحارب ملك السند ويسلـم إليـه الأشتـر ففعـل وأقام المنصور يستحثه‏.‏ ثم خرجت خارجة بالسند فبعث هشام أخاه سفيحاً لحسم الداء عنها فمر بنواحي ذلك الملك فوجد الأشتر يتنزه في شاطىء همذان في عشرة من الفرسان فجاء ليأخذه فقاتلهم حتى قتل وقتل أصحابه جميعاً‏.‏ وكتب هشام بذلك إلـى المنصـور‏.‏ فشكـره وأمـر بمحاربـة ذلـك الملـك فظفـر به وغلب على مملكته‏.‏ وبعث بسراري عبد الله الأشتر ومعـه ولـد منـه اسمـه عبـد اللـه بعـث بهـم المنصـور إلـى المدينـة وأسلمـه إلـى أهلـه‏.‏ ولمـا ولـى هشام بن عمـر علـى السنـد وعـزل عمـر بـن حفـص عنهـا‏.‏ ثـم حـدث فتـق بإفريقيـة بعثه إلى سده كما سيأتي في أخبارها‏.‏ ولما رجع المهدي من خراسـان قـدم عليـه أهـل بيتـه مـن الشـام والكوفـة والبصـرة فأجازهـم وكساهم وجملهم وكذلك المنصور‏.‏ ثم شعب عليهم الجند فأشار عليهم قثم بن العباس بن عبيد الله بن العباس بأن يفرق بينهم ويستكفيه في ذلك وأمر بعض غلمانه أن يعترضه بدار الخلافة ويسأله بحق الله ورسله والعباس وأمير المؤمنين أبي الحسين من أشرف اليمن أم مضر فقـال‏:‏ مضـر كـان منهـا رسـول اللـه صلـى اللـه عليه وسلم وفيها كتاب الله وعندها بيت الله ومنها خليفـة اللـه فغضـب اليمـن إذ لـم يذكر لها فضلاً ثم كبح بعضهم بغلة قثم فامتنعت مضر وقطعوا الذي كبحها فتشاجر الحيان وتعصبت لليمن ربيعة والخراسانية وللدولة وأصبحوا أربع فرق وقـال قثـم للمنصـور اضـرب كـل واحـدة بالأخـرى وسيـر لابنـك المهـدي فلل أثير له بجنده فيتناظرون في أهل مدينتك فقبل رأيه وأمر صالحاً صاحب المصلى ببناء الرصافة للمهدي‏.‏ مقتل معن بن زائدة كـان المنصـور قـد ولـى علـى سجستـان معـن بـن زائـدة الشيبانـي وأرسـل إلـى رتبيـل فـي الضريبـة التـي عليـه فبعـث بهـا عروضـاً زائـدة الثمـن فغضب معن وسار إلى الرخج على مقدمته يزيد ابن أخيه يزيد ففتحها وسبى أهلها وقتلهم ومضى رتبيل إلى عزمه وانصرف معن إلى بست فشتى بهـا‏.‏ ونكـر قـوم مـن الخـوارج سيرتـه فهجموا عليه وفتكوا به في بيته‏.‏ وقام يزيد بأمر سجستان وقتـل قاتليـه واشتـدت علـى أهـل البلـاد وطأتـه فتحيل بعضهم بأن كتب المنصور على لسانه كتاباً يتضجـر مـن كتب المهدي إليه ويسأله أن يعفى من معاملته‏.‏ فأغضب ذلك المنصور وأقرأ المهدي كتابـه وعزلـه وحبسـه ثـم شفـع فيـه شخـص إلـى مدينـة السلـام فلـم يـزل مجفـواً حتى بعث إلى يوسف البرم بخراسان كما يذكر بعد‏.‏ العمال على النواحي أيام السفاح والمنصور كـان السفـاح قـد ولى عند بيعته على الكوفة عمه داود بن علي وجعل على حجابته عبد الله بن بن بسام وعلى شرطته موسى بن كعب وعلى ديوان الخراج خالد بن برمك وبعث عمه عبـد اللـه قتـال مـروان مـع أبـي عـون بـن يزيـد بـن قحطبـة تقدمة‏.‏ وبعث يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس إلى المدائن وكان أحمد بن قحطبة تقدمة وبعث أبا اليقظان عثمان بن عروة بن عمار بـن ياسـر إلـى الأهـواز مـددًا لبسـام بـن إبراهيـم‏.‏ ودفـع ولايـة خراسـان إلـى أبـي مسلـم فولـى أبـو مسلم عليهـا إيـاداً وخالـد بن إبراهيم وبعث عمه عبد الله في مقدمته لحرب مروان أخاه صالحًا ومعه أبو عون بن يزيد فلما ظفر وانصرف ترك أبا عون يزيد بمصر واستقل عبد الله بولاية الشام‏.‏ وولـى السفـاح أخـاه أبـا جعفر على الجزيرة وأرمينية وأذربيجان فولى على أرمينية يزيد بن أسد وعلـى أذربيجـان محمـد بـن صـول ونـزل الجزيـرة‏.‏ وكـان أبـو مسلـم ولـى علـى فـارس محمـد بـن الأشعث حيـن قتـل أبـا مسلمـة الخلـال فبعـث السفـاح عليهـا عيسـى فمنعـه محمد بن الأشعث واستخلفه على الولايـة فبعـث عليهـا عمـه إسماعيـل‏.‏ وولـى علـى الكوفـة ابن أخته موسى وعلى البصرة سفيان بن معاويـة المهلبـي وعلـى السنـد منصـور بـن جمهـور ونقـل عمـه داود إلى ولاية الحجاز واليمن واليمامة‏.‏ ثم ولى على البصرة وأعمالها وكور دجلة والبحرين وعمان‏.‏ وتوفي داود بن علي سنة ثلاث وثلاثيـن فولى مكانه على اليمن محمد بن يزيد بن عبد الله بن عبد المدان وعلى مكة والمدينة والطائف واليمامة خاله زياد بن عبد الله بن عبد المدان الحارثي وهو عم محمد بن يزيد‏.‏ وفيها بعث محمـد بـن الأشعـث إلـى إفريقيـة ففتحهـا‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:08

وفي سنة أربـع وثلاثيـن
بعـث صاحـب الشرطـة موسى بن كعب لقتال منصور بن جمهور وولاه مكانه على السنـد فاستخلـف مكانـه علـى الشرطـة المسيـب بـن زهيـر‏.‏ وتوفـي عامـل اليمـن محمـد بـن يزيـد فولـى مكانـه علـي بـن الربيـع بـن عبيد اللـه الحارثـي‏.‏ ولمـا استخلـف المنصـور وانتقـض عبـد اللـه بـن علـي وأبـو مسلـم ولـى علـى خراسـان أبـا داود خالد بن إبراهيم وعلى مصر صالح بن علي وعلى الشام عبد الله بن علي‏.‏ ثـم هلـك خالـد بـن إبراهيـم سنـة أربعيـن فولـى مكانـه عبـد الجبـار بـن عبـد الرحمـن فانتقض لسنة من ولايته فبعث المنصور ابنه المهدي على خراسان وفي مقدمته خازم بن خزيمة فظفر بعبد الجبـار‏.‏ وتوفـي سليمـان عامـل البصـرة سنـة أربعيـن فولـى مكانـه سفيـان بـن معاويـة ومـات موسى بن كعب بالسند وولى مكانه ابنه عيينة فانتقض فبعث المنصور مكانه عمر بن حفص بن أبي صفـرة‏.‏ وولـى علـى مصـر فـي هـذه السنة حميد بن قحطبة وولى على الجزيرة والثغور والعواصم أخاه العباس بن محمد وكان بها يزيد بن أسيد وعزل عمه إسماعيل عن الموصل وولى مكانه مالك بن الهيثم الخزاعي‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:09

وفي سنة سـت وأربعيـن
عـزل الهيثـم بـن معاويـة وولى على مكة والطائف مكانه السري بن عبد اللـه بـن الحـارث بـن العبـاس نقلـه إليهـا مـن اليمامـة وولـى مكانـه من اليمن قثم بن العباس بن عبد الله بـن العبـاس وعـزل حميـد بـن قحطبـة عـن مصـر وولى مكانه نوفل بن الفرات‏.‏ ثم عزله وولى مكانه يزيـد بـن حاتـم بـن قبيصـة بـن المهلـب بـن أبـي صفـرة وولـى على المدينة محمد بن خالد بن عبد الله القسري ثم اتهمه في أمر ابن أبي الحسن فعزله وولى مكانه رباح بن عثمان المزني‏.‏ ولما قتله أصحاب محمد المهدي ولى مكانه عبد الله بن الربيع الحارثي‏.‏ ولما قتل إبراهيم أخو المهدي سنة خمس وأربعين ولى المنصور على البصرة سالم بن قتيبة الباهلـي وولـى علـى الموصل ابنه جعفراً مكان مالك بن الهيثم وبعث معه بن عبد الله من أكابر قـواده ثـم عـزل سالـم بـن قتيبـة عـن البصـرة سنـة سـت وأربعيـن وولـى مكانـه محمـد بـن سليمان وعزل عبـد اللـه بـن الربيـع عـن المدينـة وولـى مكانـه جعفـر بـن سليمان وعزل السري بن عبد الله عن مكة وولـى مكانـه عمـه عبـد الصمـد بـن علي وولى سنة سبع وأربعين على الكوفة محمد بن سليمان مكـان عيسـى بـن موسـى لمـا سخطـه لـه بسبب العهد وولى مكان محمد بن سليمان على البصرة محمد بن السفاح فاستعفاه ورجع إلى بغداد فمات واستخلف بها عقبة بن سالم فأقره وولى على المدينة جعفر بن سليمان وولى سنة ثمان وأربعين على الموصل خالد بن برمك لإفساد الأكـراد فـي نواحيها وعزل سنة تسع وأربعين عمه عبد الصمد عن مكة وولى مكانه محمد بن إبراهيم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:09

وفي سنة خمسيـن
عـزل جعفـر بـن سليمـان عـن المدينـة وولـى مكانـه الحسـن بـن زيـد بـن الحسـن‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:10

وفي سنة إحـدى وخمسيـن
عـزل عمـر بـن حفـص عـن السنـد وولى مكانه هشام بن عمرو التغلبي وولى عمـر بـن حفـص علـى أفريقيـة‏.‏ ثـم بعـث يزيـد بن حاتم من مصر مدداً له وولى مكانه بمصر محمد بـن سعيـد‏.‏ وفي هذه السنة قتل معن بن زائدة بسجستان كما تقدم فقام بأمره يزيد ابن أخيه يزيـد فأقـره المنصـور ثـم عزلـه‏.‏ وفـي هـذه السنـة سـار عقبـة بـن سالـم مـن البصـرة واستخلـف نافـع بن عقبة فغزا البحرين وقتل ابن حكيم العدوي واستقصره المنصور بإطلاق أسراهم فعزله وولى جابـر بـن مومـة الكلابـي ثـم عزلـه وولـى مكانـه عبد الملك بن ظبيان النميري ثم عزله وولى الهيثم بن معاوية العكي‏.‏ وفيها ولى على مكة والطائف محمد بن إبراهيم الإمام ثم عزله وولى مكانه إبراهيم ابن أخيه يحيى بن محمد وولى على الموصل إسماعيل بن خالد بن عبد الله القسري‏.‏ ومات أسيد بن عبد الله أمير خراسان فولى مكانه حميـد بـن قحطبـة‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:10

وفي سنة ثلـاث وخمسيـن
توفـي عبيـد اللـه ابـن بنـت أبـي ليلـى قاضـي الكوفة فاستقضى شريك بن عبد الله النخعي وكان على اليمن يزيد بن منصور‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:11

وفي سنة خمـس وأربعيـن
بـل أربـع وخمسيـن عـزل عـن الجزيـرة أخـاه العبـاس وأغرمـه مـالاً وولى مكانه موسى بن كعب الخثعمي وكان سبب عزله شكاية يزيد بن أسيد منه ولم يزل ساخطاً على العباس حتى غضب على عمه إسماعيل فشفع فيه أخوته عمومة المنصور‏.‏ فقال عيسى بن عيسـى‏:‏ يـا أميـر المؤمنيـن شفعـوا فـي أخيهـم وأنـت ساخـط علـى أخيـك العبـاس منـذ كـذا ولـم يكلمـك فيه أحد منهم فرضي عنه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:11

وفي سنة خمـس وخمسيـن
عـزل محمـد بـن سليمـان عن الكوفة وولى مكانه عمر بن زهير الضبي أخا المسيب صاحب الشرطة وكان من أسباب عزله أنه حبس عبد الكريم بن أبي العوجاء خال معن بن زائدة على الزندقة وكتب إليه أن يتبين أمره فقتله قبل وصول الكتاب‏.‏ فغضب عليـه المنصور وقال‏:‏ لقد هممت أن أقيده به وعزل عمه عيسى في أمره لأنه الذي كان أشار بولايتـه‏.‏ وفيهـا عـزل الحسـن بـن زيـد عـن المدينـة وولـى مكانـه عمـه عبـد الصمد بن علي وكان على الأهواز وفارس عمارة بن حمزة‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:12

وفي سنة سبـع وخمسيـن
ولـى علـى البحريـن سعيـد بـن دعلـج صاحـب الشرطـة بالبصرة فأنفذ إليها ابنـه تميمـاً ومـات سـوار بـن عبـد الله قاضي البصرة فولى مكانه عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبـري‏.‏ وعزل محمد بن الكاتب عن مصر وولى مكانه مولاه مطراً وعزل هشام بن عمرو عن السنـد وولـى مكانـه معبـد بـن الخليـل‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:14

وفي سنة ثمـان وخمسين
عزل موسى بن كعب عن الموصل لشيء بلغه عنه فأمر ابنه المهدي أن يسير إلى الرقة مورياً بزيارة القدس ويكفل طريقه على الموصل فقبض عليه وكان المنصور قد ألزم خالد بن برمك ثلاثة آلاف ألف درهم وأجله في إحضارهـا ثلاثـاً وإلا قتله فبعث ابنه يحيى إلى عمارة بن حمزة ومبارك التركي وصالح صاحب المصلـى وغيرهـم مـن القـواد ليستقـرض منهـم قـال يحيـى‏:‏ فكلهـم بعث إلا أن منهم من منعني الدخول ومنهـم مـن يجيبنـي بالـرد إلا عمـارة بـن حمـزة فإنـه أذن لـي ووجهـه إلـى الحائـط ولم يقبل علي وسلمت فرد خفيفاً وسأل كيف خالد فعرفته واستقرضته فقال‏:‏ إن أمكنني شيء يأتيك فانصرفت عنه ثم أنفذ المال فجمعناه في يومين وتعذرت ثلثمائة ألف‏.‏ وورد على المنصور انتقاض الموصل والجزيـرة وانتشار الأكراد بها وسخط موسى بن كعب فأشار عليه المسيب بن زهير بخالد بن برمـك فقـال‏:‏ كيـف يصلـح بعدمـا فعلنا‏.‏ فقال أنا ضامنه فصفح له عما بقي عليه وعقد له على الموصل ولابنه يحيى على أذربيجان‏.‏ وسارا مع المهدي فعزل موسى بن كعب وولاهما‏.‏ قـال يحيـى‏:‏ وبعثنـي خالـد إلـى عمـارة بقرضـه وكـان مائـة ألـف فقـال لـي أكنـت لأبيـك صديقـاً قـم عنـي لا قمـت ولـم يـزل خالـد علـى الموصـل إلـى وفـاة المنصـور‏.‏ وفـي هـذه السنـة عـزل المنصـور المسيـب بن زهيـر عـن شرطتـه وحبسـه مقيـداً لأنـه ضـرب أبـان بـن بشيـر الكاتـب بالسياط حتى قتله وكان مع أخيـه عمـر بـن زهيـر بالكوفـة‏.‏ وولـى المنصـور علـى فـارس نصر بن حرب بن عبد الله‏.‏ ثم على الشرطة ببغداد عمر بن عبد الرحمن أخا عبد الجبار وعلى قضائها عبد الله بن محمد بن صفوان‏.‏ ثم شفع المهدي في المسيب وأعاده إلى شرطته‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:14

الصوائف
كان أمر الصوائف قد انقطع منذ سنة ثلاثين بما وقع من الفتن فلما كانت سنة ثلاث وثلاثين أقبل قسطنطين ملك الروم إلى ملطية ونواحيها فنـازل حصـن بلـخ واستنجـدوا أهـل ملطيـة فأمدوهم بثمانمائة مقاتل فهزمهم الروم وحاصروا ملطية والجزيرة مفتوحـة وعاملهـا موسـى بـن كعـب بخراسـان فسلمـوا البلـد علـى الأمـان لقسطنطيـن‏.‏ ودخلوا إلى الجزيرة وخرب الروم ملطية ثم ساروا إلى قاليقـلا ففتحوهـا‏.‏ وفـي هـذه السنـة سـار أبـو داود وخالـد بـن إبراهيـم إلـى الجتـن فدخلهـا فلم تمتنع عليه وتحصن منه السبيل ملكهم وحاصره مدة ثم فرض الحصن ولحق بفرغانة‏.‏ ثـم دخلـوا بلـاد التـرك وانتهـوا إلـى بلـد الصيـن وفيهـا بعـث صالـح بـن علـي بـن فلسطيـن سعيـد بـن عبد الله لغزو الصائفة وراء الدروب‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:14

وفي سنة خمس وثلاثين
غزا عبد الرحمن بن حبيب عامل أفريقية جزيـرة صقليـة فغنـم وسبـى وظفـر بمـا لـم يظفـر بـه أحـد قبلـه‏.‏ ثـم سفـل ولـاة إفريقيـة بفتـن البربـر فأمن أهل صقلية وعمر الحصون والمعاقل وجعلوا الأساطيل تطوف بصقليـة للحراسـة وربمـا صادفـوا تجـار المسلميـن فـي البحـر فأخذوهـم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:15

وفي سنة ثمـان وثلاثيـن
خـرج قسطنطين ملك الروم فأخذ ملطية عنوةً وهدم سورها وعفا عن أهلها‏.‏ فغزا العباس بن محمد الصائفة ومعه عماه صالح وعيسى وبنى ما خربه الروم من سور ملطية أثناء ثورة الروم ورد إليها أهلها وأنزل بها الجند ودخل دار الحرب من درب الحرث وتوغل في أرضهم ودخل جعفر بن حنظلة البهراني من درب ملطية‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:15

وفي سنة تسع وثلاثين
كـان الفـداء بيـن المسلميـن والـروم فـي أسـرى قاليقـلا وغيرهـم‏.‏ ثـم غـزا بالصائفـة سنـة أربعيـن عبـد الوهـاب بـن إبراهيـم الإمـام ومعـه الحسـن بـن قحطبـة وسار إليهم قسطنطين ملك الروم في مائة ألف فبلغ جيحان وسمع كثرة المسلمين فأحجم عنهم ورجع ولم تكن بعدها صائفة إلى سنـة سـت وأربعيـن لاشتغـال المنصـور بفتنـة بنـي حسـن‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:16

وفي سنة سـت وأربعيـن
خـرج الترك والحدر من باب الأبواب وانتهوا إلى أرمينية وقتلوا من أهلها جماعة ورجعوا‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:16

وفي سنة سبـع وأربعيـن
أغـار أسترخـان الخوارزمـي فـي جمـع مـن التـرك علـى أرمينية فغنم وسبى ودخل تفليس فعاث فيها‏.‏ وكان حرب بن عبد الله مقيماً بالموصل في ألفين من الجند لمكان الخوارزمي بالجزيرة فأمره المنصور بالمسير لحرب الترك مع جبريل بن يحيى فانهزموا وقتل حرب فـي كثيـر مـن المسلميـن‏.‏ وفيهـا غـزا بالصائفـة مالـك بـن عبـد اللـه الخثعمي من أهل فلسطين ويقال له ملـك الصوائـف فغنـم غنائـم كثيرة وقسمها بدرب الحرث‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:16

وفي سنة تسع وأربعين
غزا بالصائفة العباس بن محمد ومعه الحسن بـن قحطبـة ومحمـد بـن الأشعـث فدخلـوا أرض الـروم وعاثـوا ورجعوا‏.‏ ومات محمد بن الأشعث في طريقه في سنة إحدى وخمسين وقتل أخوه محمد ولم يدر‏.‏ ثـم غـزا بالصائفـة سنـة أربـع وخمسيـن زفـر بـن عاصـم الهلالـي‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:17

وفي سنة خمـس
بعدهـا طلـب ملك الروم الصلح على أن يؤدي الجزية وغزا بالصائفة يزيد بن أسيد السلمي وغزا بها سنة ست وخمسين وغزا بالصائفة معيوب بن يحيى من درب الحرث ولقي العدو فاقتتلوا ثم تحاجزوا‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:17

وفي سنة ثمـان وخمسيـن
توفـي المنصـور منصرفـاً مـن الحج ببئر ميمون لست خلت من ذي الحجة وكان قد أوصى المهدي عند وداعه فقال‏:‏ لم أدع شيئاً إلا تقدمـت إليـك فيـه وسأوصيـك بخصـال ومـا أظنـك تفعـل واحـدة منهـا وله سفط فيه دفاتر علمه وعليه قفل لا يفتحه غيره‏.‏ فقال المهدي‏:‏ انظر إلى هذا السفط فاحتفظ به فإن فيه علم آبائك ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة فإن أحزنك أمر فانظر في الدفتر الكبير فإن أصبت فيـه مـا تريـد وإلا ففـي الثانـي والثالث حتى تبلغ سبعة‏.‏ فإن ثقل عليك فالكراسة الصغيرة فإنك واجد ما تريد فيها وما أظنك تفعل‏.‏ فانظر هذه المدينة وإياك أن تستبدل بها غيرها وقد جمعت فيها من الأموال ما أنكر عليك الخـراج عشـر سنيـن كفـاك لـأرزاق الجند والنفقات والذرية ومصلحة البيوت‏.‏ فاحتفظ بها فإنك لا تزال عزيزاً ما دام بيت مالك عامراً وما أظنك تفعل‏.‏ وأوصيك بأهل بيتك وأن تظهر كرامتهم وتحسن إليهم وتقدمهم وتوطىء الناس أعقابهم وتوليهم المنابر فإن عزك عزهم وذكرهم لك وما أظنك تفعل‏.‏ وأوصيـك بأهـل خراسـان خيـراً فإنهـم أنصـارك وشيعتـك الذيـن بذلـوا أموالهـم ودماءهم في دولتك وأن لا تخرج محبتك من قلوبهم وأن تحسن إليهـم وتتجـاوز عـن مسيئهـم وتكافئهـم عمـا كـان منهـم وتخلـف مـن مات منهم في أهله وولده وما أظنك تفعل‏.‏ وإياك أن تبني مدينة الشرقيـة فإنـك لا تتـم بناءهـا وأظنـك ستفعـل‏.‏ وإيـاك أن تستعيـن برجـل مـن بنـي سليـم وأظنـك ستفعل‏.‏ وإياك أن تدخل النساء في أمرك وأظنك ستفعل‏.‏ وقيل قال له إني ولدت في ذي الحجـة ووليـت فـي ذي الحجـة وقـد يحـس فـي نفسـي أن أمـوت فـي ذي الحجـة فـي هـذه السنـة وإنمـا حـد لـي الحـج علـى ذلـك‏.‏ فاتـق اللـه فيمـا أعهـد إليـك مـن أمـور المسلمين بعـدي يجعـل لـك فيما كربك وحزنك فرجاً ومخرجاً ويرزقك السلامة وحسن العاقبة من حيث لا تحتسـب‏.‏ يـا بنـي احفـظ محمـداً صلـى اللـه عليـه وسلم في أمته يحفظك الله ويحفظ عليك أمورك وإيـاك والـدم الحـرام فإنـه حـوب عنـد الله عظيم وعار في الدنيا لازم مقيم والزم الحدود فإن فيها صلاحـك فـي الأجـل وصلاحـك فـي العاجـل ولا تعتـد فيها فتبور فإن الله تعالى لو علم أن شيئاً أصلح منها لدينه وأزجر عن معاصيه لأمر به في كتابه‏.‏ واعلـم أن مـن شـدة غضـب اللـه لسلطانـه أمـر في كتابه بتضعيف العذاب والعقاب على من سعى فـي الـأرض فسـاداً مـع مـا ادخـر لـه مـن العـذاب الأليـم فقـال‏:‏ ‏"‏ .إنمـا جـزاء ]
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:21

:‏ ‏"‏ إنمـا جـزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعـون فـي الـأرض فسـاداً ‏"‏ الآيـة‏.‏ فالسلطـان يـا بنـي حبل الله المتين وعروته الوثقى ودينه المقيم فاحفظه وحصنه وذب عنه وأوقع بالملحدين واقمع المارقين منه وقابل الخارجين عنه بالعقاب ولا تجاوز ما أمر الله به في محكم القرآن‏.‏ واحكم بالعدل ولا تشطط فإن ذلك أقطع للشعب وأحسم للعدو وأنجع في الدواء واعف عن الفيء فليس بك إليه حاجة مع ما أخلفه لك‏.‏ وافتتح بصلة الرحم وبر القرابة وإياك والأثرة والتبديد لأموال الرعية واشحن الثغور واضبط الأطراف وأمن السبيل وسكن العامة وأدخل المرافق عليهم وارفع المكاره عنهم وأعد الأموال واخزنها وإياك والتبديد فإن النوائب غير مأمونة وهي من شيم الزمان‏.‏ وأعد الأكراع والرجال والجند ما استطعت‏.‏ وإياك وتأخير عمل اليوم لغد فتتداول الأمور وتضيع وخذ في أحكام الأمور النازلـات فـي أوقاتهـا أولاً أولاً واجتهـد وشمـر فيهـا وأعـد رجـالاً بالليل لمعرفة ما يكون بالنهار ورجالاً بالنهار لمعرفة ما يكون بالليل‏.‏ وباشر الأمور بنفسك ولا تضجر ولا تكسل واستعمل حسن الظن وأسىء الظن بعملك وكتابك وخذ نفسك بالتيقظ وتفقد من يبيت على بابك وسهل إذنـك للنـاس وانظـر فـي أمـر النـزاع إليـك وكـل بهـم عيناً غير نائمة ونفساً غير ساهية‏.‏ ولا تنم فإن أبـاك لـم ينـم منـد ولـي الخلافـة ولا دخـل عينيـه الغمـض إلا وقلبـه مستيقـظ‏.‏ هـذه وصيتي إليك والله خليفتي عليك‏.‏ ثم ودعه وسار إلى الكوفة فأحرم منها قارناً وساق الهدي وأشعره وقلده لأيام خلت من ذي القعدة‏.‏ ولما سار منازل عرض له وجعه الذي مات به‏.‏ ثم اشتد فجعل يقول للربيع - وكان عديلـه - بـادر بـي إلـى حـرم ربـي هاربـاً مـن ذنوبـي فلمـا وصـل بئر ميمون مات سحر السادس من ذي الحجـة لـم يحضـر إلا خدمـه والربيـع مولـاه‏.‏ فكتموا الأمر ثم غدا أهل بيته على عادتهم فدعا عيسى بن علي العم ثم عيسى بن موسى بن محمد ولي العهد ثم الأكابر وذوي الأنساب ثم عامتهـم‏.‏ فبايعهـم الربيع للمهدي ثم بايع القواد وعامة الناس‏.‏ وسار العباس بن محمد ومحمد بن سليمـان إلـى مكـة فبايعـا النـاس للمهـدي بيـن الركـن والمقـام وجهزوه إلى قبره وصلى عليه عيسى بن موسى وقيل إبراهيم بن يحيى‏.‏ ودفن في مقبرة المعلاة وذلك لاثنتين وعشرين سنة من خلافته‏.‏ وذكـر علـي بـن محمـد النوفلي عن أبيه وهو من أهل البصرة وكان يختلف إلى المنصور تلك الأيام قال‏:‏ جئت من مكة صبيحة موته إلى العسكر فإذا موسى بن المهدي عند عمود السرادق والقاسم بن المنصور في ناحية فعلمت أنه قد مات‏.‏ ثـم أقبـل الحسـن بـن زيـد العلوي والناس حتى ملؤوا السردق وسمعنا همس البكاء‏.‏ ثم خرج أبو العنبـر الخـادم مشقـوق الأقبيـة وعلـى رأسـه التـراب وهـو يستغيـث وقام القاسم فشق ثيابه ثم خرج الربيع وفي يده قرطاس فقرأه على الناس وفيه‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏من عبد الله المنصور أمير المؤمنين إلى من خلف من بني هاشم وشيعة من أهل خراسان وعامـة المسلميـن ثـم بكـى وبكى الناس ثم قال‏:‏ البكاء إمامكم فانصتوا رحمكم الله ثم قرأ‏:‏ أما بعـد فإنـي كتبـت كتابـي هذا وأنا حي في آخر يوم من أيام الدنيا أقرأ عليكم السلام وأسأل الله أن لا يفتنكم بعدي ولا يلبسكم شيعاً ولا يذيق بعضكم بأس بعض‏.‏ ثم أخذ في وصيتهم للمهدي وحثهم على الوفاء بعهده‏.‏ ثم تناول الحسن بن زيد وقال‏:‏ قم فبايع‏:‏ فبايع موسى بن المهدي لأبيه ثم بايع الناس الأول فالأول‏.‏ ثم دخل بنو هاشم وهو في أكفانه مكشوف الرأس لمكان الإحرام فحملوه على ثلاثة أميال من مكة فدفنوه‏.‏ وكان عيسى بن موسى لما بايع الناس أبى من الشيعة فقال له علي بن عيسى بن ماهان‏:‏ والله لتبايعن وإلا ضربنا عنقك‏.‏ ثم بعث موسى بن المهدي والربيع بالخبر والبردة والقضيب وخاتم الخلافة إلى المهدي وخرجوا من مكة‏.‏ ولما وصل الخبر إلى المهدي منتصف ذي الحجة اجتمع إليه أهل بغداد وبايعوه وكان أول ما فعلـه المهـدي حيـن بويـع أنـه أطلـق مـن كـان فـي حبـس المنصـور إلا مـن كـان فـي دم أو مـال أو ممـن يسعـى بالفساد وكان فيمن أطلق يعقوب بن داود وكان محبوسًا مع الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن الحسن‏.‏ فلما أطلق ساء ظن إبراهيم وبعث إلى من يثق به بحفر سرب يفضي إلى محبسه وبلغ ذلك يعقـوب بـن داود فجـاء إلـى ابـن علاثـة القاضـي وأوصلـه إلـى أبـي عبيـد اللـه الوزيـر ليوصلـه إلـى المهـدي فأوصله واستخلاه فلم يحدثه حتى قام الوزير والقاضي وأخبره بتحقيق الحال فأمره بتحويل الحسـن ثـم هـرب بعـد ذلـك ولـم يظفـر بـه‏.‏ وشـاور يعقـوب بـن داود فـي أمـره فقـال‏:‏ اعطه الأمان وأنا أحضره وأحضره‏.‏ ثم طلب من المهدي أن يجعل له السبيل في رفع أمور الناس وراء بابه إليه فأذن له وكان يدخل كلما أراد ويرفع إليه النصائح في أمر الثغور وبناء الحصون وتقوية الغزاة وترويح العذاب وفكاك الأسرى والمحبوسين والقضاء على الغارميـن والصدقـة علـى المتعففيـن فحظـي بذلـك وتقدمـت منزلته وسقطت منزلة أبي عبد الله ووصله المهدي بمائة ألف وكتب له التوقيع بالإخاء في الله‏.‏ ظهور المقنع ومهلكه كان هذا المقنع من أهل مرو ويسمى حكيماً وهاشمياً وكان يقول بالتناسخ وأن الله خلق آدم فتحول في صورتـه ثـم فـي صـورة نـوح ثـم إلـى أبـي مسلـم ثـم إلـى هاشـم وهـو المقنـع‏.‏ فظهـر بخراسـان وادعـى الإلهيـة واتخـذ وجهـاً مـن ذهب فجعله على وجهه فسمي المقنع وأنكر قتل يحيى بن زيد وزعـم أنـه يأخـذ بثـأره وتبعـه خلق عظيم من الناس وكانوا يسجدون له‏.‏ وتحصن بقلعة بسام من رساتيق


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:22

كش وكان قد ظهر ببخارى والصغد جماعة من المبيضة فاجتمعوا معه على الخلاف وأعانهـم كفـار الأتـراك وأغـاروا على المسلمين من ناحيتهم وحاربهم أبو النعمان والجنيد وليث بن نصر بن سيار فقتلوا أخاه محمد بن نصر وحسان ابن أخيه تميم‏.‏ وأنفذ المهدي إليهم جبريل بن يحيى وأخاه يزيد لقتال المبيضة فقاتلوهم أربعة أشهر في بعض حصـون بخـارى وملكـوه عنـوةً فقتـل منهـم سبعمائـة ولحـق فلهـم بالمقنـع وجبريـل في اتباعهم‏.‏ ثم بعث المهـدي أبـا عـون لمحاربـة المقنـع فلـم يبالـغ فـي قتالـه فبعـث معـاذ بـن مسلم في جماعة القواد والعساكر وعلـى مقدمتـه سعيـد الحريشـي وأتـاه عقبـة بـن مسلـم مـن ذم فاجتمعـوا بالطواويـس وأوقعـوا بأصحـاب المقنـع فهزموهـم ولحـق فلهـم بالمقنـع فـي بسـام فتحصنوا بها‏.‏ وجاء معاذ فنازلهم وفسد ما بينه وبين الحريشي فكتب الحريشي إلى المهدي بالسعاية في معاذ ويضمن الكفاية إن أفرد بالحـرب فأجابـه المهـدي إلـى ذلـك وانفـرد بحـرب المقنع وأمده معاذ بابنه وجاؤوا بآلات الحرب حتى طلـب أصحاب المقنع الأمان سراً فأمنهم وخرج إليه ثلاثون ألفاً وبقي معه زهاء ألفين وضايقوه بالحصار فأيقن بالهلاك وجمع نساءه وأهله‏.‏ فيقال سقاهم السم ويقال بل أحرقهم وأحرق نفسه بالنار ودخلوا القلعة وبعث الحريشي برأس المقنع إلى المهدي فوصـل إليـه بحلـب سنـة ثلـاث وتسعين‏.‏ وعزل المهدي سنة تسع وخمسين عمه إسماعيل عن الكوفة وولى عليها إسحق بن الصفاح الكنـدي ثـم الأشعـي وقتـل عيسـى بـن لقمـان بـن محمـد بـن صاحـب الجمحـي وعـزل سعيد بن دعلج عن أحداث البصرة وعبيد الله بن الحسن عن الصلاة وولى مكانهما عبد الملك بن أيوب بن ظبيان النميـري‏.‏ ثـم جعـل الأحـداث إلـى عمـارة بـن حمـزة فولاهـا للسـود بـن عبـد اللـه الباهلـي‏.‏ وعـزل قثم بن العباس عن اليمامة وولى مكانه الفضل بن صالح وعزل مطراً مولى المنصور عن مصر وولى مكانه أبا ضمرة محمد بن سليمان‏.‏ وعزل عبد الصمد بن علي عن المدينة وولى مكانه محمـد بـن عبـد اللـه الكثيـري ثـم عزلـه وولـى عبـد اللـه بـن محمـد بـن عبـد الرحمن بن صفوان ثم عزله وولى مكانه زفر بن عاصم الهلالي‏.‏ وتوفـي معبـد بـن الخليـل عامـل السنـد فولـى مكانـه روح بـن حاتـم بإشـارة وزيـره أبـي عبـد الله وتوفي حميـد بـن قحطبـة بخراسـان فولـى عليهـا مكانـه أبـا عـون عبـد الملـك بـن يزيـد ثم سخطه سنة ستين فعزلـه وولـى معـاذ بـن مسلـم‏.‏ وولـى علـى سجستـان حمـزة بـن يحيـى وعلـى سمرقنـد جبريل بن يحيى فبنـى سورهـا وحصنهـا‏.‏ وكـان علـى اليمـن رجـاء بـن روح وولـى علـى قضـاء الكوفـة شريـك‏.‏ وولى علـى فـارس والأهـواز ودجلـة قاضـي البصرة عبيد الله بن الحسن ثم عزله وولى مكانه محمد بن سليمان‏.‏ وولى على السند بسطام بن عمر وولى على اليمامة بشر بن المنذر‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:22

وفي سنة إحـدى وتسعيـن
ولـى علـى السنـد محمـد بـن الأشعث واستقضى عافية القاضي مع ابن علاثة بالرصافة وعزل الفضل بن صالح عن الجزيرة وولى مكانه عبد الصمد بن علي وولى عيسـى بـن لقمـان علـى مصـر ويزيـد بـن منصـور علـى سـواد الكوفة وحسان السروري على الموصل وبسطام بن عمرو التغلبي على أذربيجان وعزله عن السند‏.‏ وتوفي نصر بن مالك بن صالح صاحب الشرطة فولى مكانه حمزة بن مالك وكان الأبان بن صدقة كاتباً للرشيد فصرفه وجعله مع الهادي وجعل هو مع هارون يحيى بن خالد وعزل محمـد بـن سليمـان أبـا ضمـرة عن مصر وولى مكانه سليمان بن رجاء‏.‏ وكان على سواد الكوفة يزيد بن منصور وعلى أحداثها إسحاق بن منصور‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:23

وفي سنة ست وستين
عزل علي بن سليمان عن اليمن وولى مكانه عبد الله بن سليمان وعزل مسلمة بن رجاء عن مصر وولى مكانه عيسى بن لقمان ثم عزله لأشهر وولى مكانه مولا واضحاً ثم عزله وولى مكانه يحيى الحريشي وكان على طبرستان عمر بن العلاء‏.‏ وسعيد بن دعلج وعلى جرجان مهليل بن صفوان ووضع ديوان الأرمة وولى عليها عمر بن بزيع مولاه‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 14 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 11 مايو 2008 - 10:23

العهد للهادي وخلع عيسى
كان جماعة من بني هاشم وشيعة المهدي خاضوا في خلع عيسى بن موسى من ولاية العهد والبيعـة لموسـى الهـادي بـن المهـدي ونمـي ذلـك إلى المهدي فسر به واستقدم عيسى بن موسى من منزلـه بالرحبـة مـن أعمال الكوفة فامتنع من القدوم‏.‏ فاستعمل المهدي على الكوفة روح بن حاتم وأوصاه بالأضرار فلم يجد سبيلاً إلى ذلك‏.‏ وكان عيسى لا يدخل الكوفة إلا يوم جمعة أو عيد‏.‏ وبعث إليه المهدي يتهدده فلم يجب ثم بعث عمه العباس يستقدمه فلم يحضر‏.‏ فبعث قائدين من الشيعة فاستحضراه إليه وقدم على عسكر المهدي وأقام أياماً يختلف إليه ولا يكلم بشيء‏.‏ حضر الدار يوماً وقد اجتمع رؤساء الشيعة لخلعه فثاروا به وأغلق الباب الذي كان خلفه فكسروه وأظهر المهدي النكير عليهم فلم يرجعوا إلا أن كاشفه أكابر أهل بيته وأشدهم محمد بن سليمان واعتذر بالأيمان التي عليه‏.‏ فأحضر المهدي القضاة والفقهاء وفيهم محمد بن علاثة ومسلم بن خالد الزنجي فأفتوه بمخارج الأيمان وخلع نفسه وأعطاه المهدي عشرة آلاف درهم وضياعاً بالزاب وكسكر وبايع لابنه موسى الهادي بالعهد‏.‏ ثم جلس المهدي من الغد وأحضر أهل بيته وأخذ بيعتهم وخرج إلى الجامع وعيسى معه فخطب وأعلم الناس ببيعة الهادي ودعاهم إليها فبادروا وأشهد عيسى بالخلع‏.‏ وبعث المهدي سنة تسع وخمسين عبد الملك بن شهاب المسمعي في جمع كثير من الجند والمقطوعـة إلـى بلاد الهند فركبوا البحر من فارس ونزلوا بأرض الهند وفتحوا باربد فافتتحوها عنوةً ولجأ أهلها إلى البد فأحرقوه عليهم فاحترق بعض وقتل الباقون واستشهد من المسلمين بضعـة وعشـرون وأقامـوا بعـض أيـام إلـى أن يطيب الريح فوقع فيهم موتان فهلك ألف فيهم إبراهيم بـن صبيـح‏.‏ ثـم ركبـوا البحـر إلـى فـارس فلمـا انتهـوا إلـى ساحـل حـران عصفت بهم الريح فانكسرت عامة مراكبهم وغرق الكثير منهم‏.‏ حج المهدي


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 14 من اصل 20 الصفحة السابقة  1 ... 8 ... 13, 14, 15 ... 20  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى