تعالى اشطفها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تاريخ ابن خلدون

صفحة 9 من اصل 20 الصفحة السابقة  1 ... 6 ... 8, 9, 10 ... 14 ... 20  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأحد 4 مايو 2008 - 0:04

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

بسم الله الرحمن الرحيم



تمهيـــد
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه الغني بلطفه عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي وفقه الله تعالى‏:‏ الحمد لله الذي له العزة والجبروت وبيده الملك والملكوت وله الأسماء الحسنى والنعوت العالم فلا يعزب عنه ما تظهره النجوى أو يخفيه السكوت القادر فلا يعجزه شي في السماوات والأرض ولا يفوت‏.‏ أنشأنا من الأرض نسماً واستعمرنا فيها أجيالاً وأمماً ويسر لنا منها أرزاقاً وقسماً‏.‏ تكنفنا الأرحام والبيوت ويكفلنا الرزق والقوت وتبلينا الأيام والوقوت وتعتورنا الآجال التي خط علينا كتابها الموقوت وله البقاء والثبوت وهو الحي الذي لا يموت والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد النبي الأمي العربي المكتوب في التوراة والإنجيل المنعوت الذي تمخض لفصاله الكون قبل ان تتعاقب الآحاد والسبوت ويتباين زحل واليهموت وشهد بصدقه الحمائم والعنكبوت وعلى آله وأصحابه الذين لهم في محبته واتباعه الأثر البعيد والصيت والشمل الجميع في مظاهرته ولعدوهم الشمل الشتيت صلى الله عليه وعليهم ما اتصل بالإسلام جده المبخوت وانقطع بالكفر حبله المبتوت وسلم كثيراً‏.‏ أما بعد فإن فن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم والأجيال وتشد إليه الركائب والرحال وتسمو إلى معرفته السوقة والأغفال وتتنافس فيه الملوك والأقيال ويتساوى في فهمه العلماء والجهال إذ هو في ظاهره لا يزيد على إخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأول تنمو فيها الأقوال وتضرب فيها الأمثال وتطرف بها الأندية إذا غصها الاختفال وتؤدي إلينا شأن الخليقة كيف تقلبت بها ألاحوال واتسع للدول فيها النطاق والمجال وعمروا الأرض حتى نادى بهم الارتحال وحان منهم الزوال وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومباديها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق وجدير بأن يعد في علومها وخليق‏.‏ وإن فحول المؤرخين في الإسلام قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها وسطروها في صفحات الدفاتر وأودعوها وخلطها المتطفلون بدسائس من الباطل وهموا فيها أو ابتدعوها وزخارف من الروايات المضعفة لفقوها ووضعوها واقتفى تلك الآثار الكثير ممن بعدهم واتبعوها‏.‏ وأدوها إلينا كما سمعوها ولم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها ولا رفضوا ترهات الأحاديث ولا دفعوها فالتحقيق قليل وطرف التنقيح في الغالب كليل والغلط والوهم نسيب للأخبار وخليل والتقليد عريق في الآدميين وسليل والتطفل على الفنون عريض وطويل ومرعى الجهل بين الأنام وخيم وبيل‏.‏ والحق لا يقاوم سلطانه والباطل يقذف بشهاب النظر شيطانه والناقل إنما هو يملي وينقل والبصيرة تنقد الصحيح إذا تمقل والعلم يجلو لها صفحات الصواب ويصقل‏.‏ هذا وقد دون الناس في الأخبار وأكثروا وجمعوا تواريخ الأمم والدول في العالم وسطروا‏.‏ والذين ذهبوا بفضل الشهرة والأمانة المعتبرة واستفرغوا دواوين من قبلهم في صحفهم المتأخرة هم قليلون لا يكادون يجاوزون عدد الأنامل ولا حركات العوامل مثل ابن إسحاق والطبري وابن الكلبي ومحمد بن عمر الواقدي وسيف بن عمر الأسدي والمسعودي وغيرهم من المشاهير المتميزين عن الجماهير وإن كان فى كتب المسعودي والواقدي من المطعن والمغمز ما هو معروف عند الأثبات ومشهور بين الحفظة الثقات إلا أن الكافة اختصتهم بقبول أخبارهم واقتفاء سننهم في التصنيف واتباع آثارهم والناقد البصير قسطاس نفسه في تزييفهم فيما ينقلون‏.‏ أو اعتبارهم فللعمران طبائع في أحواله ترجع إليها الأخبار وتحمل عليها الروايات والآثار‏.‏ ثم إن أكثر التواريخ لهؤلاء عامة المناهج والمسالك لعموم الدولتين صدر الإسلام في الآفاق والممالك وتناولها البعيد من الغايات في المآخذ والمتارك‏.‏ ومن هؤلاء من استوعب ما قبل الملة هن الدول والأمم والأمر العمم كالمسعودي ومن نحا منحاه‏.‏ وجاء من بعدهم من عدل عن الإطلاق إلي التقييد ووقف في العموم والإحاطة عن الشأو البعيد فقيد شوارد عصره واستوعب أخبار أفقه وقطره واقتصر على أحاديث دولته ومصره‏.‏ كما فعل أبوحيان مؤرخ الأندلس والدولة الأموية بها وابن الرفيق مؤرخ إفريقية والدول التي كانت بالقيروان‏.‏ شم لم يأت من بعد هؤلاء إلا مقلد وبليد الطبع والعقل أو متبلد ينسج على ذلك المنوال ويحتذي منه بالمثال ويذهل عما أحالته الأيام من الأحوال واستبدلت به من عوائد الأمم والأجيال‏.‏ فيجلبون الأخبار عن الدول وحكايات الوقائع في العصور الأول صوراً قد تجردت عن موادها وصفاحاً انتضيت من أغمادها ومعارف تستنكر للجهل بطارفها وتلادها إنما هي حوادث لم تعلم أصولها وأنواع لم تعتبر أجناسها ولا تحققت فصولها يكررون في موضوعاتهم الأخبار المتداولة بأعيانها اتباعاً لمن عني من المتقدمين بشأنها ويغفلون أمر الأجيال الناشئة في ديوانها بما أعوز عليهم من ترجمانها فتستعجم صحفهم عن بيانها‏.‏ ثم إذا تعرضوا لذكر الدولة نسقوا أخبارها نسقاً محافظين على نقلها وهماً أو صدقاً لا يتعرضون لبدايتها ولا يذكرون السبب الذي رفع من رايتها وأظهر من آيتها ولا علة الوقوف عند غايتها فيبقى الناظر متطلعاً بعد إلى افتقاد أحوال مبادىء الدول ومراتبها مفتشاً عن أسباب تزاحمها أو تعاقبها باحثاً عن المقنع في تباينها أوتناسبها حسبما نذكر ذلك كله في مقدمة الكتاب‏.‏ ثم جاء آخرون بإفراط الاختصار وذهبوا إلى الاكتفاء بأسماء الملوك والاقتصار مقطوعة عن الأنساب والأخبار موضوعة عليها أعداد أيامهم بحروف الغبار كما فعله ابن رشيق في ميزان العمل ومن اقتفى هذا الأثر من الهمل‏.‏ وليس يعتبر لهؤلاء مقال ولا يعد لهم ثبوت ولا انتقال لما أذهبوا من الفوائد وأخلوا بالمذاهب المعروفة للمؤرخين والعوائد‏.‏ ولما طالعت كتب القوم وسبرت غور الأمس واليوم نبهت عين القريحة من سنة الغفلة والنوم وسمت التصنيف من نفسي وأنا المفلس أحسن السوم‏.‏ فأنشأت في التاريخ كتاباً رفعت به عن أحوال الناشئة من الأجيال حجاباً وفصلته في الأخبار والاعتبار باباً باباً وأبديت فيه لأولية الدول والعمران عللاً وأسباباً وبنيته على أخبار الأمم الذين عمروا المغرب في هذه الأعصار وملؤوا أكناف النواحي منه والأمصار وما كان لهم من الدول الطوال أو القصار ومن سلف من الملوك والأنصار وهم العرب البربر إذ هما الجيلان اللذان عرف بالمغرب مأواهما وطال فيه على الأحقاب مثواهما حتى لا يكاد يتصور فيه ما عداهما ولا يعرف أهله من أجيال الآدميين سواهما‏.‏ فهذبت مناحيه تهذيباً وقربته لأفهام العلماء والخاصة تقريباً وسلكت في ترتيبه وتبويبه مسلكاً غريباً واخترعته من بين المناحي مذهباً عجيباً وطريقة مبتدعة وأسلوباً‏.‏ وشرحت فيه من أحوال العمران والتمدن وما يعرض في الاجتماع الإنساني من العوارض الذاتية ما يمتعك بعلل الكوائن وأسبابها ويعرفك كيف دخل اهل الدول من أبوابها حتى تنزع من التقليد يدك وتقف على أحوال ما قبلك من الأيام والأجيال ما بعدك‏.‏ ورتبتة على مقدمة وثلاثة كتب‏:‏ المقدمة‏:‏ في فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه والإلماع بمغالط المؤرخين‏.‏ الكتاب الأول‏:‏ في العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الفلك والسلطان والكسب والمعاش والصنائع والعلوم وما لذلك من العلل والأسباب‏.‏ الكتاب الثاني‏:‏ في أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدإ الخليقة إلى هذا العهد وفيه الإلماع ببعض من عاصرهم من الأمم المشاهير ودولهم مثل النبط والسريانيين والفرس وبني إسرائيل والقبط واليونان والروم والترك والإفرنجة‏.‏ الكتاب الثالث‏:‏ في أخبار البربر ومن إليهم من زناتة وذكر أوليتهم وأجيالهم وما كان لهم بديار المغرب خاصة من الملك والدول‏.‏ ثم كانت الرحلة إلى المشرق لاجتلاء أنواره وقضاء الفرض والسنة في مطافه ومزاره والوقوف على آثاره في دواوينه وأسفاره فأفدت ما نقص من أخبار ملوك العجم بتلك الديار ودول الترك فيما ملكوه من الأقطار وأتبعت بها ما كتبته فى تلك
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:46

غانيس فدبرها خمساً وعشرين سنة ونصب فيها الأساقفة وتنصرت امرأة من بيت الملك فعضدت النصارى ولقي النصارى الذين بالقدس شدائد من اليهود وكان الأسقف عليهم يومئذ يعقوب بن يوسف الخطيب‏.‏ وقال ابن العميد عن المسبحي‏:‏ إن فيلبس ملك مصر غزا اليهود أول سنة من ملك غانيس واستعبدهم سبع سنين‏.‏ قال وفي الرابعة من ملكه أمر عامله على اليهود بسورية وهي أورشاليم وهي بيت المقدس أن ينصب الأصنام في محاريب اليهود‏.‏ ووثب عليه بعض قواده فقتله‏.‏ وملك من بعده قلوديش قيصر‏.‏ قال هروشيوش‏:‏ هو ابن طباريش وعلى عهده كتب متى الحواري إنجيله في بيت المقدس بالعبرانية‏.‏ قال ابن العميد ونقله يوحنا بن زبدي إلى الرومية قال‏:‏ وفي أيامه كتب بطرس رأس الحواريين إنجيله بالرومية وبعث به إلى مرقص تلميذه‏.‏ وكتب لوقا من الحواريين إنجيله بالرومية وبعث به إلى بعض الأكابر من الروم وكان لوقا طبيباً‏.‏ ثم عظم الفساد بين اليهود ولحق ملكهم أغرباش برومة فبعث معه أقلوديش عساكر الروم فقتلوا من اليهود خلقاً وحملوا إلى أنطاكية ورومة منهم سبياً عظيماً وخربت القدس وانجلى أهلها‏.‏ فلم يول عليهم القياصرة أحداً لخرابها‏.‏ قال ولسبع من ملك أقلوديش دخلت بطريقة من الروم في دين النصارى على يد شمعون الصفا وسمعت منه بالصليب فجاءت إلى القدس لإظهاره ورجعت إلى رومة‏.‏ وهلك أقلوديش قيصر لأربع عشرة سنة من ملكه وملك من بعده ابنه نيرون‏.‏ قال هروشيوش‏:‏ هو سادس القياصرة وكان غشوماً فاسقاً وبلغه أن كثيراً من أهل رومة أخذوا بدين المسيح فنكر ذلك وقتلهم حيث وجدوا‏.‏ وقتل بطرس رأس الحواريين وأقام أريوس بطركاً برومة مكان بطرس من بعد خمس وعشرين سنة مضت لبطرس في كرسيها وهو رأس الحواريين ورسول المسيح إلى رومة‏.‏ وقتل مرقص الإنجيلي بالإسكندرية لاثنتي عشرة من ملكه وكان هنالك من منذ سبع سنين بها مساعداً إلى النصرانية بالإسكندرية ومصر وبرقة والمغرب وولى مكانه حنانيا ويسمى بالقبطية جنبار وهو أول البطارقة بها واتخذ معه الأقسة الاثني عشر‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:48

قال ابن العميد عن المسبحي‏:‏ وفي الثانية من ملك نيرون عزل بلخس القاضي كان على اليهود من جهة الروم وولى مكانه قسطس القاضي وقتل بوثار رئيس الكهنونية بالمقدس ومات القاضي قسطس فصار اليهود على من كان بالمقدس من النصارى وقتلوا أسقفهم هنالك وهو يعقوب بن يوسف النجار وهدموا البيعة وأخذوا الصليب والخشبتين ودفنوها إلى أن استخرجتها هلانة أم قسطنطين كما نذكر بعد‏.‏ وولي مكان يعقوب النجار ابن عمه شمعون بن كنابا ثم ثار بهم اليهود وأخرجوهم من المقدس لعشر من ملك نيرون فأجازوا الأردن وأقاموا هنالك‏.‏ وبعث نيرون قائده أسباشيانس وأمر بقتل اليهود وخراب القدس وتحصن اليهود منه وبنوا عليهم ثلاثة حصون وحاصرهم أسباشيانس وخرب جميع حصونهم وأحرقها وأقام عليهم سنة كاملة‏.‏ وقال هروشيوش‏:‏ إن نيرون قيصر انتقض عليه أهل مملكته فخرج عن طاعته أهل برطانية من أرض الجوف ورجع أهل أرمينية والشام إلى طاعة الفرس‏.‏ فبعث صهره على أخته وهو يشبشيان ابن لوجية فسار إليهم في العساكر وغلبهم على أمرهم‏.‏ ثم زحف إلى اليهود بالشام وكانوا قد انتقضوا فحاصرهم بالقدس وبينما هو في حصاره إذ بلغه موت نيرون لأربع عشرة سنة من ملكه ثار به جماعة من قواده فقتلوه‏.‏ وكان قد بعث قائداً إلى جهة الجوف والأندلس فافتتح برطانية ورجع إلى رومة بعد مهلك نيرون قيصر فملكه الروم عليهم وأنه قتل أخاه يشبشبان فأشار عليه أصحابه بالانصراف إلى رومة‏.‏ وبشره رئيس اليهود وكان أسيراً عنده بالملك‏.‏ ويظهر أنه يوسف بن كريون الذي مر ذكره فانطلق إلى رومة وخلف ابنه طيطش على حصار القدس فافتتحها وخرب مسجدها وعمرانها كما مر ذكره‏.‏ قال‏:‏ وقتل منهم نحواً من ستمائة ألف ألف مرتين وهلك في حصارها جوعاً نحو هذا العدد وبيع من سراريهم في الآفاق نحواً من تسعين ألفاً وحمل منهم إلى رومة نحواً من مائة ألف استبقاهم لفتيان الروم يتعلمون المقاتلة فيهم ضرباً بالسيوف وطعناً بالرماح‏.‏ وهي الجلوة الكبرى كانت لليهود بعد ألف ومائة وستين سنة من بناء بيت المقدس ولخمسة آلاف ومائتين وثلاثين من مبدإ الخليقة ولثمانمائة وعشرين من بناء رومة‏.‏ فكان معه إلى أن افتتحها وكان المستبد بها بعد مهلك نيرون قيصر وانقطع ملك آل بولس قيصر لمائة وست عشرة سنة من مبدإ دولتهم‏.‏ واستقام ملك يشبشيان في جميع ممالك الروم وتسمى قيصر كما كان من قبل كلام هروشيوش‏.‏ وقال ابن العميد‏:‏ إن أسباشيانس لما بلغه وهو محاصر للقدس أن نيرون هلك ذهب بالعساكر الذين معه وبشره يوسف بن كريون كهنون طبرية من اليهود بأن مصير ملك القياصرة إليه‏.‏ ثم بلغه أن الروم بعد مهلك نيرون ملكوا غلبان بن قيصر فأقام عليهم تسعة أشهر وكان رديء السيرة وقتله بعض خدمه غيلة وقدموا عوضه أنون ثلاثة أشهر ثم خلعوه وملكوا أبطالس ثمانية أشهر فبعث أسباشيانس وهو الذي سماه هروشيوش يشبشيان قائدين إلى رومة فحاربوا أبطانش وقتلوه وسار أسباشيانس إلى رومة وبعث إليه طيطش المحاصر للقدس بالأموال والغنائم والسبي‏.‏ قال‏:‏ وكانت عدة القتلى ألف ألف والسبي تسعمائة ألف واحتمل الخوارج الذين كانوا قال ولما ملك طيطش بيت المقدس رجع النصارى الذين كانوا عبروا إلى الأردن فبنوا كنيسة بالمقدس وسكنوا‏.‏ وكان الأسقف فيهم سمعان بن كلوبا ابن عم يوسف النجار وهو الثاني من أساقفة المقدس‏.‏ ثم هلك أسباشيانس وهو يشبشيان لتسع سنين من ملكه وملك بعده ابنه طيطش قيصر سنتين وقيل ثلاثاً‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ لاربعمائة من ملك الإسكندر وقال هيروشيوش‏:‏ كان متفنناً في العلوم ملتزماً للخير عارفاً باللسان الغريقي واللطيني وولي بعده أخوه دومريان خمس عشرة سنة قال هيروشيوش‏:‏ وهو ابن أخت نيرون قيصر‏.‏ قال‏:‏ وكان غشوماً كافراً وأمر بقتل النصارى فعل خاله نيرون وحبس يوحنا الحواري وأمر بقتل اليهود من نسل داود حذراً أن يملكوا وهلك في حروب الإفرنج وسماه ابن العميد دانسطيانوس‏.‏ وقال‏:‏ ملك ست عشرة سنة وقيل تسعاً وكان شديداً على اليهود‏.‏ وقتل أبناء ملوكهم‏.‏ وقيل له إن النصارى يزعمون أن المسيح يأتي ويملك فأمر بقتلهم وبعث عن أولاد يهوذا بن يوسف من الحواريين وحملهم إلى رومة مقيدين وسألهم عن شأن المسيح فقالوا‏:‏ إنما يأتي عند انقضاء العالم فخلى سبيلهم‏.‏ وفي الثالثة من دولته طرد بطرك اسكندرية لسبع وثمانين سنة للمسيح وقدم مكانه ملموا فأقام ثلاث عشرة سنة ومات فولى مكانه كرماهو‏.‏ قال ابن العميد عن المسبحي‏:‏ ولعهده كان أمر ليونيوس صاحب الطلسمات برومة فنفى ذوسطيالوس جميع الفلاسفة والمنجمين من رومة وأمر أن لا يغرس بها كرم‏.‏ ثم هلك ذوسطيالوس وهو الذي سماه هروشيوش دومريان وقال‏:‏ هلك في حروب الإفرنج وملك بعده برما ابن أخيه طيطش نحواً من سنتين وسماه ابن العميد تاوداس وقال أن المسبحي سماه قارون‏.‏ قال‏:‏ ويسمى أيضاً برسطوس وقال ملك على الروم سنة أو سنة ونصفاً وأحسن السيرة وأمر برد من كان منفياً من النصارى وخلاهم ودينهم ورجع يوحنا الإنجيلي إلى أفسس بعد ست سنين‏.‏ وقال هروشيوش‏:‏ أطلقه من السجن‏.‏ قال‏:‏ ولم يكن له ولد فعهد بالملك إلى طريانس من عظماء قواده وكان من أهل مالقة فولي بعده وتسمى قيصر‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ واسمه أنديانوس وسماه المسبحي طرينوس وملك على الروم باتفاق المؤرخين سبع عشرة سنة وقتل سمعان بن كلاويا أسقف بيت المقدس وأغناطيوس بطرك أنطاكية‏.‏ ولقي النصارى في أيامه شدة وتتبع أئمتهم بالقتل واستعبد عامتهم‏.‏ وهو ثالث القياصرة بعد نيرون في هذه الدولة‏.‏ ولعهده كتب يوحنا إنجيله برومة في بعض الجزائر لسادسة من ملكه وكان قد رجع اليهود إلى بيت المقدس فكثروا بها وعزموا على الانتقاض فبعث عساكره وقتل منهم خلقاً كثيراً‏.‏ وقال هروشيوش‏:‏ إن الحرب طالت بينه وبين اليهود فخربوا كثيراً من المدن إلى عسقلان ثم إلى مصر والإسكندرية فانهزموا هنالك وقتلوا وزحفوا بعدها إلى الكوفة فأثخن فيهم بالقتل وخضد من شوكتهم‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وفي تاسعة من ملكة مات كوثبانو بطرك الإسكندرية لإحدى عشرة سنة من ولايته وولي مكانه أمرغو عشر سنوات أخرى‏.‏ وقال بطليموس صاحب كتاب المجسطي‏:‏ إن شيلوش الحكيم رصد برومة في السنة الأولى من ملك طرينوس وهو أندريانوس لأربعمائة وإحدى وعشرين للإسكندر ولثمانمائة وخمس وأربعين لبختنصر‏.‏ وقال ابن العميد‏:‏ خرج عليه خارجي ببابل فهلك في حروبه لتسع عشرة سنة من ولايته كما قلناه فولي من بعده أندريانوس إحدى وعشرين سنة‏.‏ وقال ابن العميد عن ابن بطريق عشرين سنة‏.‏ وقال هروشيوش‏:‏ إنه أثخن في اليهود ثم بنى مدينة المقدس وسماها إيلياء‏.‏ وقال ابن العميد‏:‏ كان شديداً على النصارى وقتل منهم خلقاً وأخذ الناس بعبادة الأوثان وفي ثامنة ملكه خرب بيت المقدس وقتل عامة أهلها وبنى على باب المدينة عموداً وعليه لوح نقش فيه مدينة إيلياء‏.‏ ثم زحف إلى الخارجي الذي خرج على طرنيوس قبله فهزمه إلى مصر وألزم أهل مصر حفر خليج من مجرى النيل إلى بحر القلزم وأجرى فيه الحلو ثم ارتدم بعد ذلك‏.‏ وجاء الفتح والدولة الإسلامية فألزمهم عمرو بن العاص حفره حتى جرى فيه الماء ثم انسد لهذا العهد‏.‏ وكان أندريانوس هذا قد بنى مدينة القدس ورجع إليها اليهود وبلغه أنهم يرومون الانتقاض وأنهم ملكوا عليهم زكريا من أبناء الملوك‏.‏ فبعث إليهم العساكر وتتبعهم بالقتل وخرب المدينة حتى عادت صحراء وأمر أن لا يسكنها يهودي وأسكن اليونان بيت المقدس‏.‏ وكان هذا الخراب لثلاث وخمسين سنة من خراب طيطش

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:49

الذي هو الجلوة الكبرى‏.‏ وامتلأ القدس من اليونان وكانت النصارى يتردوون إلى موضع القبر والصليب يصلون فيه‏.‏ وكانت اليهود يرمون عليه الزبل والكناسات فمنعهم اليونان من الصلاة فيه وبنوا هنالك هيكلاً على اسم الزهرة‏.‏ وقال ابن العميد عن المسبحي‏:‏ وفي الرابعة من ملك أندريانوس بطل الملك من الرها وتداولتها القضاة من قبل الروم وبنى أندريانوس بمدينة أثنوس بيتاً ورتب فيه جماعة من الحكماء لمدارسة العلوم‏.‏ قال‏:‏ وفي خامسة ملكه قدم نسطس بطركاً على اسكندرية وكان حكيماً فاضلاً فلبث إحدى عشرة سنة ثم مات وقدم مكانه أمانيق في سادسة عشر من ملك أندريانوس فلبث إحدى عشرة سنة وهو سابع البطارقة‏.‏ ثم مات أندريانوس لإحدى وعشرين من ملكه كما مر وولي ابنه أنطونيش‏.‏ قال هروشيوش‏:‏ ويسمى قيصر الرحيم‏.‏ وقال ابن العميد‏:‏ ملك اثنتين وعشرين‏.‏ وقال الصعيديون إحدى وعشرين‏.‏ قال‏:‏ وفي خامسة ملكه قدم مرتيانو بطركاً باسكندرية وهو الثامن منهم فلبث تسع سنين ومات وكان فاضل السيرة‏.‏ وقدم بعده كلوتيانو فلبث أربع عشرة سنة ومات في سابعة ملكه أوراليانوس بعده وكان محبوباً‏.‏ وقال بطليموس صاحب المجسطي‏:‏ إنه رصد الاعتدال الخريفي في ثالثة ملك أنطونيوس‏.‏ فكان لاربعمائة وثلاث وستين بعد الإسكندر‏.‏ ثم هلك أنطونيوس لاثنتين وعشرين كما مر‏.‏ فملك من بعده أوراليانوس‏.‏ قال هروشيوش‏:‏ وهو أخو أنطونيوس وسماه أورالش وأنطونيوس الأصغر‏.‏ وقال كانت له حروب مع أهل فارس‏.‏ وبعد أن غلبوا على أرمينية وسورية من ممالكه فدفعهم عنهما وغلبهم في حروب طويلة‏.‏ ‏.‏ وأصاب الأرض على عهده وباء عظيم وقحط الناس سنتين واستسقى لهم النصارى فأمطروا وارتفع الوباء والقحط بعد أن كان اشتد على النصارى وقتل منهم خلقاً وهي الشدة الرابعة من بعد نيرون‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وفي السابعة من ملكه قدم على الإسكندرية البطرك أغريبوس فلبث اثني عشر سنة ومات في تاسعة عشر من ملك أنطونيوس الأصغر‏.‏ قال‏:‏ وفي أيامه ظهرت مبتدعة من النصارى واختلفت أقوالهم وكان منهم ابن ديصان وغيره فجاهدهم أهل الحق من الأساقفة وأبطلوا بدعتهم‏.‏ وهلك أنطونيوس هذا لتسع عشرة من ملكه وفي عاشرة ملكه ظهر أردشير بن بابك أول ملوك الساسانية واستولى علي ملك الفرس وكان صاحب الحض متملكاً على السواد فغلبه وملك السواد وقتله وقصته معروفة‏.‏ وكان لعهده جالينوس المشهور بالطب وكان ربي معه فلما بلغه أنه ملك على الروم قدم عليه من بلاد اليونان وأقام عنده وكان لعهده أيضاً ديمقراطس الحكيم ولأول سنة من ملكه قدم بليانوس بطركاً على إسكندرية وهو الحادي عشر من بطاركتها فلبث فيهم عشر سنين ومات‏.‏ وولي مكانه ديمتريوس فلبث فيهم ثلاثاً وثلاثين سنة‏.‏ ومات كمودة قيصر لثلاثة عشر كما قلناه فولي من بعده ورمتيلوش ثلاثة أشهر‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وسماه ابن بطريق فرطنوش وقال‏:‏ وملك ثلاثة أشهر‏.‏ وسماه غيره فرطيخوس وسماه الصعيديون برطانوس ومدة ملكه باتفاقهم شهران‏.‏ وقال هروشيوش‏:‏ اسمه اللبيس بن طيجليس وهو عم كمودة قيصر‏.‏ قال‏:‏ وولي سنة واحدة وقتله بعض قواده وأقام في الملك ستة أشهر وقتل‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وملك بعده يوليانس قيصر شهرين ومات‏.‏ ثم ولي سوريانوس قيصر وسماه بعضهم سويرس وسماه هروشيوش‏:‏ طباريش بن أرنت بن أنطونيش‏.‏ واختلفوا في مدته فقال ابن العميد عن ابن بطريق‏:‏ سبع عشرة سنة وقال المسبحي ثمان عشرة‏.‏ وعن أبي فانيوس ست عشرة وعن ابن الراهب ثلاث عشرة وعن الصعيديين سنتين‏.‏ قال وملك في رابعة من ملك أردشير واشتد على النصارى وفتك فيهم وسار إلى مصر‏.‏ والإسكندرية فقتلهم وهدم كنائسهم وشردهم كل مشرد وبنى بالإسكندرية هيكلاً سماه هيكل الإله قال هروشيوش‏:‏ هي الشدة الخامسة من بعد شدة نيرون‏.‏ قال‏:‏ ثم انتقض عليه اللطينيون ولم يزل محصوراً إلى أن هلك‏.‏ وملك من بعده أقطونيش‏.‏ قال ابن العميد عن ابن بطريق‏:‏ ست سنين‏.‏ وعن المسبحي‏:‏ سبع سنين‏.‏ وسماه أنطونيش قسطس‏.‏ قال‏:‏ وكان ابتداء ملكه عندهم لخمس وعشرين وخمسمائة من ملك الإسكندر ولعهده سار أردشير ملك الفرس إلى نصيبين فحاصرها وبنى عليها حصناً‏.‏ ثم بلغه أن خارجاً خرج عليه بخراسان فأجفل عنهم بعد المصالحة على أن لا يتعرضوا لحصنه‏.‏ فلما رحل بنوا من وراء الحصن وأدخلوه في مدينتهم‏.‏ ورجع أردشير فنازلهم وامتنعوا عليه فأشار بعض الحكماء بأن يجمع أهل العلم فيدعون الله دعوة رجل واحد ففعلوا فملك الحصن لوقته‏.‏ وقال هروشيوش لما ولي أنطونيش ضعف عن مقاومة الفرس فغلبوا على أكثر مدن الشام ونواحي أرمينية وهلك في حروبهم‏.‏ وولي بعده مفريق بن مركة وقتله قواد رومة لسنة من ملكه وكذا قال ابن العميد‏.‏ وسماه ابن بطريق بقرونشوش والمسبحي هرقليانوس قالوا جميعاً‏:‏ وملك من بعده أنطونيش‏.‏ قال ابن العميد عن ابن بطريق وابن الراهب‏:‏ ثلاث سنين وعن المسبحي والصعيديين‏:‏ أربع سنين‏.‏ قال‏:‏ وفي أول سنة من ملكه بنيت مدينة عمان بأرض فلسطين‏.‏ وملك سابور بن بن أردشير مدناً كثيرة من الشام‏.‏ ومات أنطونيش فملك من بعده إسكندروس لثلاث وعشرين من ملك سابور بن أردشير فملك على الروم ثلاث عشرة سنة‏.‏ وكانت أمه محبة في النصارى‏.‏ وقال هروشيوش‏:‏ ملك عشرين سنة وكانت أمه نصرانية وكانت النصارى معه في سعة من أمرهم‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وفي سابعة ملكه قدم تاوكلاً بطركاً بالإسكندرية وهو الثالث عشر من البطاركة فلبث فيهم ست عشرة سنة ومات‏.‏ قال هروشيوش‏:‏ ولعشر من ملكه غزا فارس فقتل سابور بن أردشير وانصرف ظافراً فثار عليه أهل رومة وقتلوه‏.‏ وملك من بعده مخشميان بن لوجية ثلاث سنين‏.‏ ولم يكن من بيت الملك وإنما ولوه لأجل حرب الافرنج واشتد على النصارى الشدة السادسة من بعد نيرون‏.‏ وأما ابن العميد فسماه فقيموس ووافق على الثلاث سنين في مدته وعلى ما لقي النصارى منه وأنه قتل منهم سرحبوس في سلمية وواجوس في بالس على الفرات‏.‏ وقتل بطرك أنطاكية فسمع أسقف بيت المقدس بقتله فهرب وترك الكرسي‏.‏ قال وفي ثالثة ملكه ملك سابور بن أردشير خلاف ما زعم هروشيوش من أنه قتله ثم هلك فقيموس أرمشميان وولي من بعده يونيوس ثلاثة أشهر وقتل فيما قال ابن العميد‏.‏ وقال‏:‏ سماه أبو فانيوس لوكس قيصر وابن بطريق بلينايوس ولم يذكره هروشيوش‏.‏ ثم ملك عرديانوس قيصر‏.‏ قال ابن العميد عن ابن بطريق وابن الراهب‏:‏ أربع سنين وعن المسبحي والصعيديين‏:‏ سنين وسماه أبو فانيوس فودينوس والصعيديون قرطانوس‏.‏ قال‏:‏ وكان ملكه لإحدى وخمسين وخمسمائة من ملك الإسكندر‏.‏ وقال هروشيوش غرديار بن بليسان‏.‏ قال‏:‏ وملك سبع سنين وطالت حروبه مع الفرس وكان ظافراً عليهم وقتله أصحابه على نهر الفرات‏.‏ قال وولي بعده فيلبس بن أولياق بن أنطونيش سبع سنين وهو ابن عم الإسكندر الملك قبله وأول من تنصر من ملوك الروم‏.‏ وقال ابن العميد عن الصعيديين‏:‏ ملك ست سنين وقيل تسع سنين وكان ملكه لخمس وخمسين وخمسمائة من ملك الإسكندر وآمن بالمسيح‏.‏ وفي أول من ملكه قدم دنوشيوش بطركاً بالإسكندرية وهو رابع عشر البطاركة بها فلبث تسع عشرة سنة‏.‏ ولعهد فيلبس هذا قدم غرديانوس أسقفاً على بيت المقدس بعد هروب مركيوس ثم عاد من هروبه فأقام شريكاً معه سنة واحدة‏.‏ ومات غرديانوس فانفرد مركيوش أسقفاً ببيت المقدس عشر سنين‏.‏ قال‏:‏ وقتل فيلبس قيصر قائد من قواده يقال له دافيس وملك مكانه خمس سنين‏.‏ وقال عن المسبحي وابن الراهب سنة وعن ابن طريق سنتين‏.‏ قال‏:‏ وكان يعبد الأصنام ولقي النصارى منه شدة وكان من أولاد الملوك وقتل بطرك رومة وأجاز من مدينة قرطاجنة إلى مدينة أفسس وبنى بها هيكلاً وحمل النصارى على السجود له‏.‏ قال‏:‏ وفي أيامه كانت قصة فتية أهل الكهف وظهروا بعده في أيام تاودسيوس‏.‏ وأما هروشيوش فسماه داجية بن مخشيميان وقال‏:‏ ملك سنة واحدة وكانت على النصارى في أيامه الشدة السابعة وقتل بطرك رومة منهم‏.‏ وولي من بعده غالش قيصر سنتين واستباح في قتل النصارى وباء عظيم أقفلت له المدن‏.‏ وقال هروشيوش‏:‏ هو غالش بن يولياش‏.‏ وقال ابن بطريق‏:‏ إن يولياش كان شريكاً له في ملكه ومات قبله‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ إحدى عشرة سنة لسبعين وخمسمائة من ملك الإسكندر‏.‏ وقال هروشيوش وابن بطريق ملك خمس عشرة سنة واسمه غاليوش‏.‏ وقال المسبحي خمس عشرة سنة وسماه داقيوس وغاليوش ابنه‏.‏ وقال آخرون اسمه أورليوش وملك خمس سنين‏.‏ وقال أبو فانيوس اسمه غليوس وملك أربع عشرة سنة‏.‏ وقال الصعيديون ملك كذلك واسمه أراليونوس‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وكان يعبد الأصنام ولقي النصارى منه شدة‏.‏ وفي أول سنة من ملكه قدم مكسيموس بطركاً بالإسكندرية وهو الخامس عشر من بطاركتها فلبث اثنتي عشرة سنة ومات‏.‏ وهو خامسة ملكه قدم اسكندروس إسقفاً ببيت المقدس ثم قتله بعد سبع سنين وبعث ابنه في عساكر الروم لغزو الفرس فانهزم وحمل أسيراً إلى كسرى بهرام فقتله‏.‏ وقال هروشيوش‏:‏ ولي غلينوس خمس عشرة سنة فاشتد على النصارى الأمر وقتلهم وقتل معهم بطرك بيت المقدس وكانت له حروب مع الفرس أسره في بعضها ملكهم سابور ثم من عليه وأطلقه‏.‏ ووقع في أيامه برومة وباء عظيم فرفع طلبه عن النصارى بسببه‏.‏ وفي أيامه خرج القوط من بلادهم وتغلبوا على بلاد الغريقيين ومقدونية وبلاد النبط‏.‏ وكان هؤلاء القوط يعرفون بالسنسبين وكانت مواطنهم في ناحية بلاد السريانيين فخرجوا لعهد غلينوس هذا وغلبوا كما قلناه على بلاد الغريقيين ومقدونية وعلى مرية وهلك غلينوس قتيلاً على يد قواد رومة‏.‏ ثم ملك أقاويدوش قيصر سنة واحدة‏.‏ وقال ابن العميد عن المسبحي سنة وتسعة أشهر لثمانين وخمسمائة للاسكندر وفي أول سنة من ملكه قدم يونس السميصاني بطركاً بانطاكية فلبث ثمان سنين وكان يقول بالوحدانية ويجحد الكلمة بالروح‏.‏ ولما مات اجتمع الأساقفة بأنطاكية وردوا مقالته‏.‏ وقال هروشيوش‏:‏ ولي بعد غلينوش فلوديش ابن يلاريان بن موكله فنسبه هكذا‏.‏ وقال فيه من عظماء القواد ولم يكن من بيت الملك ودفع القوط المتغلبين عن مقدونية من منذ خمس عشرة سنة عليها ومات لسنتين من ملكه وهذا كما قال المسبحي‏.‏ وقال هروشيوش ولي بعده أخوه نطيل سبع عشرة يوماً وقتله بعض القواد ولم يذكر ذلك ابن العميد‏.‏ ثم ملك بعده أوريليانس ست سنين وسماه ابن بطريق أوراليوس والمسبحي أرينوس وأبو فانيوس أوليوش وهروشيوش أوراليان بن بلنسيان وقال‏:‏ ملك خمس سنين‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وفي الرابعة من ملكه قدم تاوناً بطركاً بالإسكندرية سادس عشر البطاركة فلبث عشر سنين‏.‏ وكان النصارى يقيمون الدين خفية‏.‏ فلما صار بطركاً قابل الروم ولاطفهم بالهدايا فأذنوا له في بناء كنيسة مريم وأعلنوا فيها بالصلاة‏.‏ قال‏:‏ وفي سادسة ملكه ولد قسطنطين وقال هروشيوش‏:‏ إن أورليان بن بلنسيان هذا حاب القوط فظفر بهم ودد بناء رومة واشتد على النصارى تاسعة بعد نيرون ثم قتل‏.‏ فولي بعده طانيش بن إلياس وملك قريباً من سنة‏.‏ وقال ابن العميد اسمه طافسوس وملك ستة أشهر‏.‏ وقال ابن بطريق اسمه طافساس وملك تسعة أشهر‏.‏ ثم ملك فروفش قيصر خمس سنين‏.‏ وقال أبو فانيوس‏:‏ اسمه فروش وقال ابن بطريق وابن الراهب والصعيديون ست سنين‏.‏ وقال المسبحي سبع سنين وسماه ألاكيوس وأرفيون‏.‏ وسماه ابن بطريق بروش وسماه هروشيوش فاروش بن أنطويش‏.‏ قال‏:‏ وتغلب على كثير من بلاد الفرس‏.‏ وقال ابن العميد كان ملكه لسابعة من ملك سابور ذي الأكتاف ولخمسمائة واثنتين وتسعين من ملك الإسكندر وكان شديداً على النصارى وقتل منهم خلقاً كثيراً وهلك هو وإبناه في الحرب‏.‏ وقال هروشيوش‏:‏ ولما هلك فاروش ولي من بعده أبنه مناربان وقتل لحينه ولم يذكره ابن العميد‏.‏ ثم ملك بقلاديانوش إحدى وعشرين سنة‏.‏ وقال المسبحي عشرين سنة‏.‏ وقال غيره ثماني عشرة سنة‏.‏ وملك لخمسمائة وخمس وتسعين للإسكندر‏.‏ وقال غيرهم‏:‏ كان اسمه عربياً وارتقى في أطوار الخدمة عند القياصرة إلى أن استخلصه فاريوش وجعله على خيله وكان حسن المزمار‏.‏ ويقال إن الخيل كانت ترقص طرباً لمزاميره وعشقته بنت فاريوش الملك‏.‏ ولما مات أبوها وإخوتها ملكها الروم عليهم فتزوجته وسلمت له في الملك فاستولى على جميع ممالك الروم وما والاها وقسطنطش ابن عمه على بلاد أشيا وبيزنطية وأقام هو بأنطاكية وله الشام ومصر إلى أقصى المغرب‏.‏ وفي تاسعة عشر من ملكه انتقض أهل مصر الإسكندرية فقتل منهم خلقاً ورجع إلى عبادة الأصنام وأمر بغلق الكنائس ولقي النصارى منه شدة وقتل القسيس مار جرس وكان مش أكابر أبناء البطارقة وقتل ملقوس منهم أيضاً‏.‏ وفي عاشرة ملكه قدم مار بطرس بطركاً بالإسكندرية فلبث عشر سنين وقتله وجعل مكانه تلميذه اسكندروس وكان كبير تلامذته أريوش كثيراً لمخالفة له فسخطه وطرده ولما مات مار بطرس قال ابن العميد‏:‏ وفي أيام ديقلاديانوس خرج قسطنطش ابن عمه ونائبه على بيزنطيا وأشيا ورأى هلانة وكانت تنصرت على يد أسقف الرها فأعجبته وتزوجها وولدت له قسطنطين وحضر المنجمون لولادته فأخبروا بملكه فأجمع ديقلاديانوس على قتله فهرب إلى الرها‏.‏ ثم جاء بعد موت ديقلاديانوس فوجد أباه قسطنطس قد ملك على الروم فتسلم الملك من يده على ما نذكر‏.‏ وهلك ديقلاديانوس لعشرين سنة من ملكه ولستمائة وست عشرة سنة من ملك الإسكندر وملك من بعده ابنه مقسيمانوس‏.‏ قال ابن بطريق‏:‏ سبع سنين وقال المسبحي وابن الراهب‏:‏ سنة واحدة‏.‏ قالوا وكان شريكه في الملك مقطوس وكان أشد كفراً من ديقلاديانوس ولقي النصارى منهما شدة وقتلا منهم خلقاً كثيراً‏.‏ وفي أول سنة من ملكه قدم الإسكندروس تلميذ مار بطرس الشهير بطركاً بالإسكندرية فلبث فيهم ثلاثاً وعشرين سنة‏.‏ وعلى عهد مقسيمانوس تذكر تلك الخرافة بين المؤرخين من أن سابور ملك الفرس دخل أرض الروم متنكراً وحضر مكان مقسيمانوس وسجنه في جلد بقرة وسار إلى مملكة فارس وسابور في ذلك الجلد وهرب منه ولحق بفارس وهزم الروم في حكاية مستحيلة وكلها أحاديث خرافة‏.‏ والصحيح منه أن سابور سار إلى مملكة الروم فخرج إليه مقسيمانوس واستولى على ملكه كما نذكر بعد‏.‏ ثم قال‏:‏ وقام بملكهم ديوقاريان وثأر من قاتله‏.‏ ثم خرج عليه أقرير بن قاريوس فقتله ديوقاريان بعد حروب طويلة‏.‏ ثم انتقض عليه أهل ممالكه وثار الثوار ببلاد الافرنجة والأندلس وأفريقية ومصر وسار إليه سابور ذو الأكتاف فدفع ديوقاريان إلى هذه الحروب كلها مخشميان هركوريش وصيره قيصراً فبدأ أولاً ببلاد الافرنجة فغلب الثوار بها وأصلحها‏.‏ وكان الثائر الذي بالأندلس قد ملك برطانية سبع سنين فقتله بعض أصحابه ورجعت برطانية إلى ملك ديوقاريان‏.‏ ثم استعمل مخشميان خليفة ديوقاريان صهره قسطنطش وأخاه مخشمس ابني وليتنوس فمضى إلى أفريقية وقهر الثوار بها وردها إلى طاعة الرومانيين‏.‏ وزحف ديوقاريان قيصر الأعظم إلى مصر والإسكندرية فحصر الثائر بها إلى أن ظفر به وقتله‏.‏ ومضى قسطنطش إلى الليمانيين في ناحية بلاد الافرنج فظفر بهم بعد حروب طويلة وزحف مخشميان خليفة ديوقاريان إلى سابور ملك الفرس فكانت حروبه معه سجالاً حتى غلبه وأصاب منه واستأصل مدينة غورة والكوفة من بلاده سبياً وقتلاً ورجع إلى رومة‏.‏ ثم سرحه ديوقاريان قيصر إلى حروب أهل غالش من الافرنجة فأثخن فيهم قتلاً وسبياً‏.‏ ثم اشتد ديوقاريان على النصارى الشدة العاشرة بعد نيرون وأثخن فيهم بالقتل ودام ذلك عليهم عشر سنين‏.‏ ثم اعتزل ديوقاريان وخليفته مخشميان الملك ورفضاه ودفعاه إلى قسطنش ابن وليتنوش وأخيه مخشمس ويسمى غلاريس فاقتسما ملك الرومانيين‏.‏ فكان لمخشمس غلاريش ناحية الشرق وكان لقسطنش ناحية المغرب‏.‏ وكانت أفريقية وبلاد الأندلس وبلاد الافرنج في ملكته‏.‏ وهلك ديوقاريان ومخشميان معتزلين عن الملك بناحية الشام وأقام قسنطش في الملك‏.‏ ثم هلك ببرطانية وأقام بملك اللطينيين من بعده ابنه قسطنطين‏.‏ انتهى كلام هروشيوش‏.‏ ويظهر أن هذا الملك الذي سماه ابن العميد ديتلاديانوس هو الذي سماه هروشيوش ديوقاريان والخبر من بعد ذلك متشابه والأسماء مختلفة ولا يخفى عليك وضع كل اسم في مكانه من الآخر والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:52

الخبر عن القياصرة المتنصرة من اللطينيين وهم الكيتم واستفحال ملكهم بقسطنطينية ثم بالشام بعدها إلى حين الفتح الإسلامي ثم بعده إلى انقراض أمرهم
هؤلاء الملوك القياصرة المنتصرة من أعظم ملوك العالم وأشهرهم وكان لهم الاستيلاء على جانب البحر الرومي من الأندلس إلى رومة إلى القسطنطينية إلى الشام إلى مصر والإسكندرية إلى أفريقية والمغرب‏.‏ وحاربوا الترك والفرس بالمشرق والسودان بالمغرب من النوبة فمن وراءهم‏.‏ وكانوا أولاً على دين المجوسية ثم بعد ظهور الحواريين ونشر دين النصرانية بأرضهم وتسلطهم عليهم بأرضهم مرة بعد أخرى أخذوا بدينهم‏.‏ وكان أول من أخذ به قسطنطين بن قسنطش بن وليتنوه وأمه هلانة بنت مخشميان قيصر خليفة ديوقاريان قيصر الثالث والثلاثون من القياصرة وقد مر ذكره آنفاً‏.‏ وإنما سمي هذا الدين دين النصرانية نسبة إلى ناصرة‏:‏ القرية التي كان فيها مسكن عيسى عليه السلام عندما رجع من مصر مع أمه‏.‏ وأما نسبه إلى نصران فهو من أبنية المبالغة ومعناه أن هذا الدين في غير أهل عصابة فهو دين من ينصره من أتباعه‏.‏ ويعرف هؤلاء القياصرة ببني الأصفر وبعض الناس ينسبهم إلى عيصو بن إسحاق وقد أنكر ذلك المحققون وأبوه‏.‏ وقال أبو محمد بن حزم عند ذكر إسرائيل عليه السلام‏:‏ كان لإسحاق عليه السلام ابن آخر غير يعقوب وأسمه عيصاب وكان بنوه يسكنون جبال السراة من الشام إلى الحجاز وقد بادوا جملة‏.‏ إلا أن قوماً يذكرون أن الروم من ولده وهو خطأ وإنما وقع لهم هذا الغلط لأن موضوعهم كان يقال له أروم فظنوا أن الروم من ذلك الموضع وليس كذلك لأن الروم إنما نسبوا إلى روملس باني رومة‏.‏ وربما يحتجون بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزوة تبوك للحرث بن قيس‏:‏ ‏"‏ هل لك في جلاد بني الأصفر ‏"‏ ولا حجة فيه لاحتمال أن يريد بني عيصاب على الحقيقة لأن قصده كان إلى ناحية السراة وهو مسكن بني عيصو‏.‏ قلت‏:‏ مسكن عيصو هؤلاء كما يقال له أيذوم بالذال المعجمة إلى الظاء أقرب فعربتها العرب راء ومن هنا جاء الغلط والله تعالى أعلم‏.‏ وهذا الموضع يقال له يسعون أيضاً والاسمان له في التوراة‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ خرج قسطنطين المؤمن على مقسيمانوس فهزمه ورجع إلى رومة وازدحم العسكر على الجسر فوقع بهم في البحر وغرق مقسيمانوس مع من غرق ودخل قسطنطين رومة وملكها بعد أن أقام ملكاً على بيزنطية من بعد أبيه ستاً وعشرين سنة فبسط الدل ورفع الجور وخرخ قائده يسكن ناحية قسطنطينية وولاه على رومة وأعمالها وألزمه بإكرام النصارى‏.‏ ثم انتقض عليه وقتل النصارى وعبد الأصنام‏.‏ وكان فيمن قتل ماردياس سق بطرك بطارقة فبعث قسطنطين العساكر إلى رومة لحربه فساقوه أسيراً وقتله‏.‏ ثم تنصر قسطنطين في مدينة نيقية لاثنتي عشر من ملكه وهدم بيوت الأصنام وبنى الكنائس وللتاسعة عشرة من ملكه كان مجمع الأساقفة بمدينة نيقية ونفى أريوس كما ذكرنا ذلك كله من قبل‏.‏ وأن رئيس هذا المجمع كان اسكندروس بطرك الإسكندرية‏.‏ وفي الخامسة عشرة من رياسته توفي بعد المجمع بخمسة أشهر‏.‏ وقال ابن بطريق‏:‏ كانت ولاية اسكندروس في الخامسة من ملك قسطنطين وبقي ست عشرة سنة وقتل في السادسة والعشرين من ملك ديقلاديانوس وأنه كان على عهده أرسيانوس أسقف قيسارية‏.‏ قال المسبحي‏:‏ مكث بطركاً ثلاثاً وعشرين وكسر صنم النحاس الذي هو هيكل زحل باسكندرية‏.‏ وجعل مكانه كنيسة فهدمها العبيديون عند ملكهم اسكندرية‏.‏ وقال ابن الراهب‏:‏ إن اسكندروس البطرك ولى أول سنة من ملك قسطنطين فمكث اثنتين وعشرين سنة وعلى عهده جاءت هلانة أم قسطنطين لزيارة بيت المقدس وبنت الكنائس وسألت عن موضع الصليب فأخبرها مقاريوس الأسقف أن اليهود أهالوا عليه التراب والزبل‏.‏ فأحضرت الكهنونية وسألتهم عن موضع الصليب وسألتهم رفع ما هنالك من الزبل‏.‏ ثم استخرجت ثلاثة من الخشب وسألت أيتها خشبة المسيح فقال لها الأسقف‏:‏ علامتها أن الميت يحيا بمسيسها فصدقت ذلك بتجربتها واتخذوا ذلك اليوم عيداً لوجود الصليب‏.‏ وبنت على الموضعع كنيسة القمامة وأمرت مقاريوس الأسقف ببناء الكنائس وكان ذلك لثلثمائة وثمان وعشرين من مولد المسيح عليه السلام‏.‏ وفي حادية وعشرين من ملك قسطنطين كان مهلك اسكندروس البطرك وولي مكانه تلميذه أثناسيوس كانت أمه تنصرت على يده فربي ابنها عنده وعلمه وولى بطركاً مكانه وسعى به أصحاب أريوش إلى الملك بعده مرتين بقي فيهما على كرسيه ثم رجع‏.‏ وحمل قسطنطين اليهود بالقدس على النصرانية فأظهروها وافتتحوا في الامتناع من أكل الخنزير فقتل منهم خلقاً‏.‏ وتنصر بعضهم فزعموا أن أحبار اليهود نقصوا من سني مواليد الآباء نحواً من ألف وخمسمائة سنة ليبطلوا مجيء المسيح في السوابيع التي ذكر دانيال أن المسيح يظهر عندها وأنها لم يحن وقتها وأن التوراة الصحيحة هي التي فسرها السبعون من أحبار اليهود ملك مصر‏.‏ وزعم ابن العميد أن قسطنطين أحضرها واطلع منها على النقص الذي قاله‏.‏ قال وهي التوراة التي بيد النصارى الآن‏.‏ قال‏:‏ ثم أمر قسطنطين بتجديد مدينة بيزنطية وسماها قسطنطينية باسمه وقسم ممالكه بين أولاده فجعل لقسطنطين قسطنطينية وما والاها ولقسطنطين الآخر بلاد الشام إلى أقصى المشرق ولقسطوس الثالث رومة وما والاها‏.‏ قال وملك خمسين سنة منها ست وعشرون ببزنطية قبل غلبة مقسميانوس ومنها أربع وعشرون بعد استيلائه على الروم‏.‏ وتنصر في اثنتي عشرة من آخر ملكه وهلك لستمائة وخمسين للاسكندر‏.‏ قال هروشيوش‏:‏ كان قسطنطين بن قسنطش على دين المجوسية وكان شديداً على النصارى ونفى بطرك رومة فدعا عليه وابتلي بالجذام ووصف له في مداواته أن ينغمس في دماء الأطفال فجمع منهم لذلك عدداً ثم أدركته الرقة عليهم فأطلقهم فرأى في منامه من يحضه على الاقتداء بالبطرك فرده إلى رومة وبرىء من الجذام‏.‏ وجنح من حينئذ إلى دين النصرانية ثم خشي خلاف قومه في ذلك فارتحل إلى القسطنطينية ونزلها وشيد بناءها وأظهر ديانة المسيح وخالف أهل رومة فرجع إليهم وغلبهم على أمرهم وأظهر دين النصرانية‏.‏ ثم جاهد الفرس حتى غلبهم على كثير من ممالكهم‏.‏ ولعشرين سنة من ملكه خرجت طائفة من القوط إلى بلاده فأغاروا وسبوا فزحف إليهم وأخرجهم من بلاده‏.‏ ثم رأى في منامه عرباً وبنودا على تمثال الصلبان وقائلاً يقول‏:‏ هذا علامة الظفر لك‏.‏ فخرجت أمه هلانة إلى بيت المقدس لطلب آثار المسيح وبنت الكنائس في البلدان ورجعت ثم هلك قسطنطين لإحدى وثلاثين سنة من ملكه كلام هروشيوش‏.‏ ثم ولي قسطنطين الصغير بن قسطنطين وسماه هروشيوش قسنطش‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ ملك أربعاً وعشرين سنة وكان أخوه قسطوس برومة بولاية أبيهما ففي خامسة من ملك قسطنطين بعث العساكر فقتل مقنيطوس وأتباعه وولى على رومة من جهته فكانت له صاغية إلى أريوس فأخذ بمذهبه وغلبت تلك المقالة على أهل قسطنطينية

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:53

وأنطاكية ومصر والإسكندرية وغلب أتباع أريوس على الكنائس ووثبوا على بطرك اسكندرية ليقتلوه فهرب كما مر‏.‏ ثم هلك لأربع وعشرين سنة من ملكه‏.‏ وقال ابن العميد ملك سنتين باتفاق لثلاثة من ملك سابور وكان كافراً وقتل النصارى وعزلهم عن الكنائس واطرحهم من الديوان وسار لقتل الفرس فمات من سهم أصابه‏.‏ وقال هروشيوش‏:‏ تورط في طريقه في مفازة ضل فيها عن سبيله فتقبض عليه أعداوه وقتلوه‏.‏ قال هروشيوش‏:‏ وولي بعده بليان ابن قسطنطي سنة أخرى وزحف إلى الفرس وملكهم يومئذ سابور فحجم عن لقائهم فصالحهم ورجع وهلك في طريقه‏.‏ ولم يذكر ابن العميد بليان هذا وإنما قال‏:‏ ملك من بعد يوليانوس الملك يوشانوش سنة واحدة باتفاق في السادسة عشرة من ملك سابور وكان مقدم عساكر يوليانوس فلما قتل اجتمعوا إليه وبايعوه واشترط عليهم الدخول في النصرانية فغلبوه‏.‏ وأشار سابور بتوليته ونصب له صليباً في العسكر‏.‏ ولما ولي نزل على نصيبين للفرس ونقل الروم الذي بها إلى آمد ورجع إلى كرسي مملكتهم فرد الأساقفة إلى الكنائس ورجع فيمن رجع أثناسيوس بطرك اسكندرية وطلب منه أن يكتب له أمانة أهل مجمع نيقية فجمع الأساقفة وكتبوها وأشار عليه بلزومها ولم يذكر هروشيوش يوشانوش هذا وذكر مكانه آخر قال وسماه بلنسيان بن قسنطس‏.‏ قال‏:‏ وقاتل أمماً من القوط والافرنجة وغيرهم‏.‏ قال‏:‏ وافترق القوط في أيامه فرقتين على مذهبي أريوس وأمانة نيقية‏.‏ قال‏:‏ وفي أيامه ولى داماش بطركاً برومة ثم هلك بالفالج وملك بعده أخوه واليس أربع سنين وعمل على مذهب أريوس واشتد على أهل الأمانة وقتلهم وثار عليه بأهل أفريقية بعض النصارى مع البربر فأجاز إليهم البحر وحاربهم فظفر بالثائر وقتله بقرطاجنة ورجع إلى قسطنطينية فحارب القوط والأمم من ورائهم وهلك في حروبهم‏.‏ وقال ابن العميد في قيصر الذي قتل واليس وسماه واليطنوس أنه ملك اثنتي عشرة سنة فيما حكاه ابن بطريق وابن الراهب‏.‏ وحكى عن المسبحي خمسة عشرة سنة وأن أخاه والياس كان شريكه في الملك وأنه كان مبايناً وأنه ملك لستمائة وست وسبعين للاسكندر وسبع عشرة لسابور كسرى‏.‏ قال وفي أيامه وثب أهل إسكندرية على اثناسيوس البطرك ليقتلوه فهرب وقدموا مكانه لوقيوس وكان على رأي أريوس‏.‏ ثم اجتمع أهل الأمانة بعد خمسة أشهر ورجعوه إلى كرسيه وطردوا لوقيوس وأقام أثناسيوس بطركاً إلى أن مات فولوا بعده تلميذه بطرس سنتين ووثب به أصحاب لوقيوس فهرب ورجع لوقيوس إلى الكرسي فأقام ثلاث سنين‏.‏ ثم وثب به أهل الأمانة ورجعوا بطرس ومات لسنة من رجعته‏.‏ ولقي من داريانوس قيصر ومن أصحاب أريوس شدائد ومحناً‏.‏ قال المسجي‏:‏ كان واليطينوس يدين بالأمانة وأخوه واليس يدين بمذهب أريوس أخذه عن ثاودكسيس أسقف القسطنطينية وعاهده على إظهاره فلما ملك نفى جميع أساقفة الأمانة وسار أريوس أسقف أنطاكية بإذنه إلى الإسكندرية فحبس بطرس البطرك وأقام مكانه أريوس من أهل سميساط وهرب بطرس من السجن وأقام برومة وكانت بين واليطينوس قيصر وبين سابور كسرى فتنة وحروب وهلك في بعض حروبه معهم وولى بعده أخوه واليس‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ عن ابن الراهب سنتين وعن أبي فانيوس ثلاث سنين وسماه والاس‏.‏ وقال هو أبو الملكين اللذين تركا الملك وترهبا وسمي مكسينموس ودوقاديوس‏.‏ قال‏:‏ وفي الثانية من ملكه بعث طيماناوس أخا بطرس بطركاً على إسكندرية فلبث فيهم سبع سنين ومات وفي سادسة ملكه كان المجمع الثاني بقسطنطينية وقد مر ذكره‏.‏ وفي أيام واليس قيصر هذا مات بطرك قسطنطينية فبعث أغريوس أسقف يزناروا وولاه مكانه فوليه أربع سنين ومات‏.‏ ثم خرج على واليس خارج من العرب فخرج إليه فقتل في حروبه‏.‏ ثم ولى أغراديانوس قيصر‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وهو أخو واليس وكان والنطوس بن واليس شريكاً له في الملك وملك سنة واحدة‏.‏ وقال عن أبي فانيوس سنتين وعن ابن بطريق ثلاث سنين‏.‏ وذكر عن ابن المسبحي وابن الراهب أن تاوداسيوس الكبير كان شريكاً لهما وأن ابتداء ملكهم لستمائة وتسعين من ملك الإسكندر وأنه رد جميع ما نفاه واليس قبله من الأساقفة إلى كرسيه وخلى كل واحد مكانه‏.‏ ومات أغراديانوس وابن أخيه في سنة واحدة‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وملك بعدهما ثاوداسيوس سبع عشرة سنة باتفاق لستمائة وتسعين من ملك الإسكندر ولإحدى وثلاثين من ملك سابور كسرى‏.‏ وفي سادسة ملكه مات أثناسيوس بطرك اسكندرية فولي مكانه كاتبه تاوفيلا وكان بطرك القسطنطينية يوحنا فم الذهب وأسقف قبرس أبو فانيوس كان يهودياً وتنصر‏.‏ قال‏:‏ وكان لتاوداسيوس ولدان أرقاديوس وبرباريوس‏.‏ قال‏:‏ وفي خامسة عشر من ملكه ظهر الفتية السبعة أهل الكهف الذين قاموا أيام دقيانوس ولبثوا في نومهم ثلثمائة سنة وتسع سنين كما قصه القرآن ووجد معهم صندوق النحاس والصحيفة التي أودع البطريق فيها خبرهم‏.‏ وبلغ الأمر إلى قيصر تاوداسيوس فبعث في طلبهم فوجدهم قد ماتوا فأمر أن يبنى عليهم كنيسة ويتخذ يوم ظهورهم عيداً‏.‏ قال المسبحي‏:‏ وكان أصحاب أريوس قد استولوا على الكنائس منذ أربعين سنة فأزالهم عنها ونفاهم وأسقط من عساكره كل من يدين بتلك المقالة‏.‏ وعقد المجمع الثاني بقسطنطينية لمائتين وخمسين سنة من مجمع نيقية وقرر فيه الأمانة الأولى بنيقية وعهدوا أن لا يزاد فيها ولا ينقص‏.‏ وفي الخامسة عشرة من ملكه مات سابور بن سابور وملك بعده بهرام‏.‏ ثم هلك تاوداسيوس لسبع عشرة سنة من ملكه‏.‏ سنين وهو الموفى أربعين عدداً من ملوك القياصرة قال‏:‏ واستعمل طودوشيش بن أنطيونش بن لوخيان على ناحية المشرق‏.‏ فملك الكثير منها‏.‏ ثم هجم أهل رومة على قائدهم فقتلوه وخلعوا وليطيانش الملك فلحق بطودوشيش بالمشرق فسلم إليه في الملك فأقبل طودوشيش إلى رومة وقتل الثائر بها واستقل بملك القياصرة‏.‏ وهلك لأربع عشرة سنة من ولايته‏.‏ فولي ابنه كاديكش ويظهر من كلام هروشيوش أن طودوشيش هو تاوداسيوس الذي ذكره ابن العميد لأنهما متفقان في أن ابنه أركاديس ومتقاربان في المدة‏.‏ فلعل وليطانش الذي ذكره هروشيوش هو أغراديانوس الذي ذكره ابن العميد‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وملك أركاديش ولد تاوداسيوس الأكبر ثلاث عشرة سنة باتفاق في ثالثة ملك بهرام بن سابور وكان مقيماً بالقسطنطينية وولى أخاه أنوريش على رومة‏.‏ قال وولد لأركاديش ابن سماه طودوشيش باسم أبيه‏.‏ ولما كبر طلب معلمه أريانوس ليعلم ولده فهرب إلى مصر وترهب ورغبه بالمال فأبى وأقام في مغارة بالجبل المقطم على قرية طرا ثلاث سنين‏.‏ ومات فبنى الملك على قبره كنيسة وديراً يسمى دير القصير ويقال‏:‏ دير البغل‏.‏ وفي أيامه غرق أبو فانيوس بمرجعه إلى قبرص‏.‏ ومات يوحنا فم الذهب بطرك القسطنطينية وكان نفاه أركاديش بموافقة أبي فانيوس ودعا كل منهما على صاحبه فهلكا‏.‏ وفي التاسعة من ملك ثم هلك أركاديش وملك من بعده طودوشيش الأصغر ابن أركاديش ثلاث عشرة سنة وولى أخاه أنوريش على رومة فاقتسما ملك اللطينيين وانتقض لعهديهما قومس أفريقية وخالفه إلى طاعة القياصرة فحدثت بأفريقية فتنة لذلك‏.‏ ثم غلب القومس أخاه فلحق بقبرص وترهب بها‏.‏ ثم زحف القوط إلى رومة وفر عنها أنوريش فحاربوها ودخلوها عنوة واستباحوها ثلاثاً وتجافوا عن أموال الكنائس‏.‏ قال‏:‏ ولما هلك أركاديش قيصر استبد أخوه أنوريش بالملك خمس عشرة سنة وأحسن في دفاع القوط عن رومة وهلك فولي من بعده طودوشيش ابن أخيه أركاديش ولم يذكر ابن العميد أنوريش وإنما ذكر بعد أركاديش ابنه طودشيش وسماه الأصغر‏.‏ قال وملك اثنتين وأربعين سنة باتفاق في خامسة ملك يزدجرد وكانت بينه وبين الفرس حروب كثيرة‏.‏ قال‏:‏ وفي أول سنة من ملكه مات تاوفيلا بطرك إسكندرية فولي مكانه كيرلوس ابن أخته‏.‏ في السابعة عشرة من ملكه قدم نسطوريش بطركاً بالقسطنطينية فأقام أربع سنين وظهرت عنه العقيدة التي دان بها وقد تقدمت وبلغت مقالته إلى كيرلس بطرك الإسكندرية‏.‏ فخاطب في ذلك بطرك رومة‏.‏ أنطاكية وبيت المقدس ثم اجتمعوا بمدينة أفسيس في مائتي أسقف وأجمعوا على كفر نسطوريس ونفوه فنزل أخميم من صعيد مصر أقام بها سبع سنين وأخذ بمقالته نصارى الجزيرة والموصل إلى الفرات ثم العراق وفارس إلى المشرق‏.‏ وولى طودوشيش بالقسطنطينية مقسيموس عوضاً عن نسطورس فأقام بها ثلاث سنين‏.‏ وفي ثامنة وثلاثين من ملك طودوشيش الأصغر مات كيرلس بطرك الإسكندرية وولي مكانه ديسقرس ولقي شدائد من مرقيان الملك بعده‏.‏ وفي السادسة عشرة من ملك طودوشيش الأصغر مات يزدجرد كسرى وولي ابنه بهرام جور وكانت بينه وبين خاقان ملك الترك وقائع‏.‏ ثم عدل عن حروبهم ودخل إلى أرض الروم فهزمه طودوشيش وملك ابنه يزدجرد‏.‏ قال هروشيوش‏:‏ وفي أيام طودوشيش

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:54

الأصغر تغلب القوط على رومة وملكوها وهلك ملكهم أبطريك كما نذكر في أخبارهم‏.‏ ثم صالحوا الروم على أن يكون لهم الأندلس فانقلبوا إليها وتركوا رومة انتهى‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ ثم ملك مرقيان بعده ست سنين باتفاق وتزوج أخت طودوشيش وسماه هروشيوش مركيان بن مليكة‏.‏ قالوا وكان في أيامه المجمع الرابع بمقدونية وقد تقدم ذكره وإنه كان بسبب ديسقوس بطرك إسكندرية وما أحدث من البدعة في الأمانة فأجمعوا على نفيه وجعلوا مكانه برطارس‏.‏ وافترقت النصارى إلى ملكية وهم أهل الأمانة فنسبوا إلى مركيان قيصر الملك الذي جمعهم وعهد بأن لا يقبل ما اتفق عليه أهل المجمع الخلقدوني‏.‏ وإلى يعقوبية وهم أهل مذهب ديسقوس وتقدم الكلام في تسميتهم يعقوبية‏.‏ وإلى نسطورية وهم نصارى المشرق‏.‏ وفي أيام مركيان سكن شمعون الحبيس الصومعة بأنطاكية وترهب وهو أول من فعل ذلك من النصارى‏.‏ وعلى عهده مات يزدجرد كسرى‏.‏ ومات مركيان قيصر لست سنين من ملكه وملك بعده لاون الكبير‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ لسبعمائة وسبعين من ملك الإسكندر ولثانية من ملك نيرون ملك ست عشرة سنة‏.‏ ووافقه هروشيوش على مدته وقال فيه ليون بن شمخلية‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وكان على مذهب الملكية ولما سمع أهل إسكندرية بموت مركيان وثبوا على برطارس البطرك فقتلوه بعد ست سنين من ولايته وأقاموا مكانه طيمناوس‏.‏ وكات يعقوبياً فجاء قائد من قسطنطينية بعد ثلاث سنين من ولايته فنفاه وأبدل عنه سوريس من الملكية وأقام تسع سنين‏.‏ ثم عاد طيماناوس بالأمر لاون قيصر ويقال أنه بقي بطركاً اثنتين وعشرين سنة ولثانية عشر من ملك لاون زحف الفرس إلى مدينة آمد وحاصروها وامتنعت عليهم‏.‏ وفي أيامه مات شمعون الحبيس صاحب العمود‏.‏ ثم هلك لاون قيصر لست عشرة سنة من ملكه‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وولي من بعده لاون الصغير وهو أبو زينون الملك بعده‏.‏ وقال ابن بطريق هو ابن سينون وكان يعقوبياً وملك سنة واحدة‏.‏ ولم يذكره هووشيوش وإنما ذكر زينون الملك بعده وسماه سينون بالسين المهملة وقال‏:‏ ملك سبع عشرة سنة وقال ابن العميد مثله‏.‏ ولثمانية عشر من ملك نيرون ولسبعمائة وسبع وثمانين للاسكندر قال وكان يعقوبياً وخرج عليه ولده ورجل من قرابته وحاربهما عشرين شهراً‏.‏ ثم قتلهما وأتباعهما ودخل قسطنينية ووجد بطركها وكان رديء العقيدة قد غير كتب الكنيسة وزاد ونقص‏.‏ فكتب زينون قيصر إلى بطرك رومة وجمع الأساقفة فناظروه ونفوه‏.‏ وفي سابعة ملك زينون مات طيماناوس بطرك إسكندرية فولي مكانه بطرس وهلك بعد ثمان سنين فولي مكانه أثناسيوس وهلك لسبع سنين وكان قيماً ببعض البيع في بطركيته‏.‏ قال المسبحي وفي أيام زينون احترق ملعب الخيل الذي بناه بطليموس الأرنبا بالإسكندرية‏.‏ وقال ابن بطريق‏:‏ وفي أيام زينون هاجت الحرب بين نيرون والهياطلة وهزموه في بعض حروبهم ورد الكرة عليه بعض قواده كما في أخبارهم ومات نيرون وتنازع الملك ابناه قياد ويلاش وفي عاشرة من ملك زينون غلب يلاش أخاه واستقل بالملك‏.‏ ولحق أخوه قياد بخاقان ملك الترك‏.‏ ثم هلك يلاش لأربع سنين ورجع قياد واستولى على مملكة فارس وذلك في أربعة عشر من ملك زينون فأقام ثلاثاً وأربعين سنة‏.‏ وهلك زينون لسبع عشر من ولايته فملك بعده نسطاس سبعاً وعشرين سنة في أربعة من ملك قياد ولثمانمائة وثلاث للاسكندر وكان يعقوبياً وسكن حماة ولذلك أمر أن تشيد وتحصن فبنيت في سنتين‏.‏ وعهد لأول ملكه أن يقتل كل امرأة كاتبة‏.‏ وفي ثالثة ملكه أمر ببناء مدينة في المكان الذي قتل فيه دارا فوق نصيبين‏.‏ ثم وقعت الحرب بينه وبين الأكاسرة وخرب قياد مدينة آمد ونازلت عساكر الفرس إسكندرية وأحرقوا ما حولها من البساتين والحصون‏.‏ وقتل بين الأمتين خلق كثير‏.‏ وفي سادسة ملكه مات أثناسيوس بطرك الإسكندرية فصير مكانه يوحنا وكان يعقوبياً ومات لتسع سنين فصير بعده يوحنا الحسن ومات بعد إحدى عشرة‏.‏ وفي أيام نسطاس قدم ساريوس بطركاً بأنطاكية وكان كلاهما على أمة ديسقوس‏.‏ وفي سابعة وعشرين من ملك نسطاس قدم ساريوس بطركاً بأنطاكية‏.‏ ومات يوحنا بطرك إسكندرية فولى مكانه ديسقوس الجديد ومات لسنتين ونصف‏.‏ وقال سعيد بن بطريق‏:‏ إن إيليا بطرك المقدس كتب إلى نسطاس قيصر يسأله الرجوع إلى الملكية ويوضح له الحق في مذهبهم وصبا إليه في ذلك جماعة من الرهبان فأحضرهم وسمع كلامهم وبعث إليهم بالأموال للصدقات وعمارة الكنائس وكان بقسطنطينية رجل على رأي ديسقوس فمضى إلى نشطانش قيصر ومضى وأشارعليه باتباع مذهب ديسقوس وأن يرفض المجمع الخلقدوني فقبل ذلك منه وبعث إلى جميع أهل مملكته‏.‏ وبلغ ذلك بطرك أنطاكية فكتب إلى نشطانش قيصر بالملامة على ذلك فغضب ونفاه‏.‏ وجعل مكانه بإنطاكية سويوس وبلغ ذلك إلى إيليا بطرك القدس‏.‏ فجمع الرهبان ورؤساء الديور في نحو عشرة آلاف ولعنوا سويوس وأجرموه والملك نشطانش معه‏.‏ فنفاه نشطانش إلى إيليا وذلك في ثالثة وعشرين من ملكه‏.‏ فاجتمع جميع البطاركة والأساقفة من الملكية وأجرموا نشطانش الملك وسويوس وديسقوس إمام اليعقوبية ونسطورس‏.‏ قال ابن بطريق‏:‏ وكان لسيوس تلميذ اسمه يعقوب البرادعي يطوف البلاد داعياً إلى مقالة سويروس ودسقوس فنسب اليعاقبة إليه‏.‏ وقال ابن العميد‏:‏ وليس كذلك لأن اليعاقبة سموا بذلك من عهد ديسقوس كما مر‏.‏ ثم هلك نشطانش أسمبع وعشرين من ملكه وملك بعده يشطيانش قيصر لثمانية وثلاثين من ملك قياد بن نيرون ولثمانية وثلاثين للاسكندر‏.‏ وملك تسع سنين باتفاق‏.‏ وقال هروشيوش سبعاً‏.‏ وقال المسبحي كان معه شريك في ملكه اسمه يشطيان‏.‏ وفي ثالثة ملكة غزت الفرس بلاد الروم فوقعت بين الفرس والروم حروب كثيرة‏.‏ وزحف كسرى في آخرها لثمانية من ملك يشطيانش ومعه المنذر ملك العرب فبلغ الرها وغلب الروم وغرق من الفريقين في الفرات خلق كثير وحمل الفرس أسارى الروم وسباياهم‏.‏ ثم وقع الصلح بينهما بعد موت قيصر‏.‏ وفي تاسعة ملكه أجاز البربر من المغرب إلى رومة وغلبوا عليها‏.‏ قال ابن بطريق وكان

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:54

يشطيانش على دين الملكية فرد كل من نفاه نشطانش قبله منهم‏.‏ وصير طيماناوس بطركاً بالإسكندرية وكان يعقوبياً فلبث فيهم ثلاث سنين وقيل سبع عشرة سنة‏.‏ وقال ابن الراهب‏:‏ كان يشطيانش خلقدونياً ونفى طيماناوس البطرك عن إسكندرية وجعل مكانه أيوليناريوس وكان ملكياً وعقد مجمعاً بالقسطنطينية يريد جمع الناس على رأي الخلقدونية مذهبه‏.‏ وأحضر شاويرش بطرك إنطاكية وأساقفة المشرق فلم يوافقوه فاعتقل بطرك أنطاكية سنين ثم أطلقه فسار إلى مصر وبقي مختفياً في الديور‏.‏ ثم وصل أيوليناريوس بطرك إسكندرية ومعه كتاب الأمانة الخلقدونية فقبل الناس منه وتبعوا مذهبه فيها وصاروا إليه‏.‏ وهلك يشطيانش لتسع سنين من ملكه‏.‏ ثم ملك يشطيانش قيصر لإحدى وأربعين من ملك قياد ولثمانمائة وأربعين للاسكندر وكان ملكياً وهو ابن عم يشطيانش الملك قبله‏.‏ وقال المسبحي‏:‏ بل كان شريكه كما مر وملك أربعين سنة باتفاق‏.‏ وقال أبو فانيوس‏:‏ ثلاثاً وثلاثين وفي سابعة ملكه غزا كسرى بلاد الروم وأحرق إيليا وأخذ الصليب الذي كان فيها وفي حادية عشر من ملكه عصت السامرية عليه فغزاهم وخرب بلادهم وفي سادسة عشر من ملكه غزا الحارث بن جبلة أمير غسان والعرب ببرية الشام وغزا بلاد الأكاسرة وهزم عساكرهم وخرب بلادهم‏.‏ ولقيه بعض مرازبة كسرى فهزمهم ورد السبي منهم‏.‏ عهد بأن يتخذ عيد الميلاد في رابع وعشرين من كانوا الأول وعيد الغطاس في ست منه وكانا من قبل ذلك جميعاً في سادس كانون‏.‏ وقال المسبحي‏:‏ أراد يشطيانش حمل الناس على رأي الملكية طيماناوس بطرك إسكندرية وكان يعقوبياً وأراده على ذلك فامتنع فهم بقتله ثم أطلقه فرجع إلى مصر مختفياً ثم نفاه بعد ذلك وجعل مكانه بولس وكان ملكياً فلم يقبله اليعاقبة وأقام على ذلك سنين‏.‏ قال سعيد بن بطريق‏:‏ ثم بعث قيصر قائداً من قواده اسمه يوليناريوس وجعله بطرك إسكندرية فدخل الكنيسة بزي الجند ثم لبس زي في البطاركة وقدس فهموا به فصار إلى سياستها فأقصدوا ثم حملهم على رأي اليعقوبية وقتل من امتنع وكانوا مائتين‏.‏ وفي أيام يشطيانش هذا ثار السامرة بأرض فلسطين وقتلوا النصارى وهدموا كنائسهم فبعث العساكر وأثخنوا فيهم وأمر ببناء الكنائس كما كانت‏.‏ وكانت كنيسة بيت لحم صغيرة فأمر بأن يوسع فيها فبنيت كما هي لهذا العهد‏.‏ وفي عهده كان المجمع الخامس بقسطنطينية بعد مائة وثلاث وستين من المجمع الخلقدوني ولتاسعة وعشرين من ملك يشطيانش وقد مر ذكر ذلك‏.‏ وفي عهد قيصر هذا مات أيوليناريوس القائد الذي جعل بطركاً بإسكندرية لسبع عشرة سنة من ولايته وهو كان رئيس هذا المجمع وجعل مكانه يوحنا وكان أمانيا وهلك لثلاث سنين وانفرد اليعاقبة بالإسكندرية وكان أكثرهم القبط وقدموا عليهم طودوشيوش بطركاً لبث فيهم اثنتين وثلاثين سنة‏.‏ وجعل الملكية بطركهم داقيانوس وطردوا طودوشيوش من كرسيه ستة أشهر‏.‏ ثم أمر يشطيانش قيصر بأن يعاد فأعيد وطلب منه المغامسة أن يقدم دقيانوس بطرك الملكية على الشمامسة فأجابهم‏.‏ ثم كتب يشطيانش إلى طودوشيوش البطرك باجتماع المجمع الخلقدوني أو يترك البطركية فتركها ونفاه وجعل مكانه بولس التنسي فلم يقبله أهل إسكندرية ولا ما جاء به‏.‏ ثم مات وغلقت كنائس القبط اليعقوبية ولقوا شدائد من الملكية ومات طودوشيوش البطرك في سابعة وثلاثين من ملكة يشطيانش وجعل مكانه بإسكندرية بطرس ومات بعد سنتين‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وسار كسرى أنو شروان في مملكة يشطيانش قيصر إلى بلاد الروم وحاصر أنطاكية وفتحها وبنى قبالتها مدينة سماها رومة ونقل إليها أنطاكية‏.‏ ثم هلك يشطيانش وملك بعده يوشطونش قيصر لست وثلاثين من ملك أنو شروان ولثمانمائة وثمانين للإسكندر فملك ثلاث عشرة سنة‏.‏ وقال هروشيوش‏:‏ إحدى عشرة سنة ولثانية من ملكه مات بطرس ملك إسكندرية فجعل مكانه داميانو فمكث ستاً وثلاثين سنة‏.‏ وخربت الديور على عهده وفي الثانية عشرة من ملكه مات كسرى أنو شروان بعد أن كان بعث العساكر من الديلم مع سيف بن ذي يزن من التبابعة ففتحوا اليمن وصارت للأكاسرة‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:55

ثم هلك يوشطونش قيصر لإحدى عشرة أو ثلاث عشرة من ملكه‏.‏ وملك بعده طيباريوس قيصر لثالثة من ملك هرمز ابن أنوشروان‏.‏ ولثمانمائة واثنتين وتسعين للإسكندر‏.‏ فملك ثلاث سنين عند ابن بطريق وابن الراهب وأربعاً عند المسبحي ولعهده انتقض الصلح بين الروم وفارس واتصلت الحرب وانتهت عساكر الفرس إلى رأس عين الخابور فثار إليهم موريق من بطاركة الروم فهزمهم‏.‏ ثم جاء طباريش قيصر على أثره فعظمت الهزيمة واستمر القتل في الفرس وأسر الروم منهم نحواً من أربعة آلاف غربهم إلى جزيرة قبرص‏.‏ ثم انتقض بهرام مرزبان هرمز كسرى وطرده عن الملك بمنجع من تخوم بلاد الروم وبعث بالصريخ إلى طباريش قيصر فبعث إليه المدد من الفرسان والأموال‏.‏ يقال كان عسكر المدد أربعين ألفاً فسار هرمز ولقيه بهرام بين المدائين‏.‏ وواسط فانهزم واستبيح وعاد هرمز إلى ملكه وبعث إلى طباريش بالأموال والهدايا أضعاف ما أعطاه ورد إليه ما كانت الفرس أخذته من بلادهم وسألهم‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ وغيرها ونقل من كان فيها من الفرس إلى بلاده‏.‏ وسأله طباريش بأن يبني هيكلين للنصارى بالمدائن وواسط فأجابه إلى ذلك‏.‏ ثم هلك طباريش قيصر وملك من بعده موريكش قيصر في السادسة لهرمز ولثمانمائة وخمس وتسعين للإسكندر وملك عشرين سنة باتفاق المؤرخين فأحسن السيرة‏.‏ وفي حادية عشر من ملكه بلغه عن بعض اليهود بأنطاكية أنهم بالوا على صورة المسيح فأمر بقتلهم ونفيهم‏.‏ ولعهده انتقض على هرمز كسرى قريبه بهرام وخلعه واستولى على ملكه وقتله وسار أبنه أبرويز إلى موريكش قيصر صريخاً فبعث معه العساكر ورد أبرويز إلى ملكه‏.‏ وقتل بهرام الخارج عليه وبعث إليه بالهدايا والتحف كما فعل أبوه من قبله مع القياصرة وخطب أبرويز من موريكش قيصر ابنتة مريم فزوجه إياها وبعث معها من الجهاز والأمتعة والأقمشة ما يضيق عنه الحصر ثم وثب على موريكيش بعض مماليكه بمداخلة قريبه البطريق قوقا فدسه عليه فقتله وملك على الروم وتسمى قيصر وذلك لتسعمائة وأربع عشرة للإسكندر وخمس عشرة لأبرويز‏.‏ فملك ثماني سنين وقتل أولاد موريكش وأفلت صغير منهم فلحق بطور سينا وترهب ومات هنالك وبلغ أبرويز كسرى ما جرى على موريكش وأولاده فجمع عساكره وقصد بلاد الروم ليأخذ ثأر صهره وبعث عساكره مع مرزبانه خزرويه إلى القدس وعهد إليه بقتل اليهود وخراب البلد‏.‏ وبعث بمرزبان آخر إلى مصر والإسكندرية‏.‏ وجاء بنفسه في عساكر الفرس إلى القسطنطينية وحاصرها وضيق عليها‏.‏ وأما خزرويه المرزبان فسار إلى الشام وخرب البلاد‏.‏ واجتمع يهود طبرية والخليل وناصرة وصور وأعانوا الفرس على قتل النصارى وخراب الكنائس فنهبوا الأموال وأخذوا قطعة من الصليب وعادوا إلى كسرى بالسبي وفيهم زخريا بطرك القدس فاستوهبته مريم بنت موريكش من زوجها أبرويز فوهبه إياها مع قطعة الصليب‏.‏ ولما خلت الشام من الروم واجتمع الفرس على القسطنطينية تراسل اليهود من القدس والخليل وطبرية ودمشق وقبرص واجتمعوا في عشرين ألفاً وجاؤوا إلى صور ليملكوها وكان فيها من اليهود نحو من أربعة آلاف فتقبض بطركها عليهم وقيدهم وحاصرهم عساكر اليهود وهدموا الكنائس خارج صور‏.‏ والبطرك يقتل المقيدين ويرمي برؤوسهم إلى أن فنوا‏.‏ وارتحل كسرى عن القسطنطينية جاثياً فأجفل اليهود عن صور وانهزموا‏.‏ وقال ابن العميد‏:‏ وفي رابعة من قوقاص قيصر قدم يوحنا الرحوم بطركاً على الملكية بإسكندرية ومصر‏.‏ وإنما سمي الرحوم لكثرة رحمته وصدقته‏.‏ وهو الذي عمل البيمارستان للمرضى بإسكندرية‏.‏ ولما سمع بمسير الفرس هرب مع البطريق الوالي بإسكندرية إلى قبرص فمات بها لعشر سنين من ولايته‏.‏ وخلا كرسي الملكية بإسكندرية سبع سنين‏.‏ وكان اليعاقبة بإسكندرية قدموا عليهم في أيام قوقاص قيصر بطركاً اسمه أنسطانيوش مكث فيهم اثنتي عشرة سنة واسترد ما كانت الملكية استولت عليه من الكنائس اليعقوبية‏.‏ وجاءه أثناسيوس بطرك أنطاكية بالهدايا سروراً بولايته فتلقاه هو بالأساقفة والرهبان‏.‏ واتخذت الكنيسة بمصر والشام وأقام عنده أربعين يوماً ورجع إلى مكانه‏.‏ ومات أنسطانيوش بعد اثنتي عشرة من ولايته لثلثمائة وثلاثين من ملك ديقلاديانوس‏.‏ ولما انتهى أبرويز في حصار القسطنطينية نهايته وضيق عليها وعدموا الأقوات واجتمع البطاركة بعلوقيا وبعثوا السفن مشحونة بالأقوات مع هرقل أحد بطاركة الروم‏.‏ ففرحوا به ومالوا إليه وداخلهم في الملك وأن قوقاص سبب هذه الفتنة فثاروا عليه وقتلوه وملكوا هرقل‏.‏ وذلك لتسعمائة واثنتين وعشرين للإسكندر فارتحل أبرويز عن القسطنطينية راجعاً إلى بلاده‏.‏ وملك هرقل بعد ذلك إحدى وثلاثين سنة ونصف عند المسبحي وابن الراهب واثنتين وثلاثين عند ابن بطريق‏.‏ وكانت ملكته أول سنة من الهجرة‏.‏ وقال هروشيوش لتسع وسماه هرقل بن هرقل بن أنطونيش‏.‏ ولما تملك هرقل بعث أبرويز بالصلح بوسيلة قتلهم موريكش فأجابهم على تقرير الضريبة عليهم فامتنعوا فحاصرهم ست سنين أخرى إلى الثمان التي تقدمت وجهدهم الجوع فخادعهم هرقل بتقرير الضريبة على أن يفرج عنهم حتى يجمعوا له الأموال‏.‏ وضربوا الموعد معه ستة أشهر ونقض هرقل فخالف كسرى إلى بلاده واستخلف أخاه قسطنطين على قسطنطينية وسار في خمسة آلاف من عساكر الروم إلى بلاد فارس فخرب وقتل وسبى وأخذ بني أبرويز كسرى من مريم بنت موريكش وهما قباذ وشيرويه‏.‏ ومر بحلوان وشهرازور إلى المدائن ودجلة ورجع إلى أرمينية ولما قرب من القسطنطينية وارتحل أبرويز كسرى إلى بلاده فوجدها خراباً وكان ذلك مما أضعف من مملكة الفرس وأوهنها‏.‏ وخرج هرقل لتاسعة من ملكه لجمع الأموال وطلب عامل دمشق منصور بن شرخون فاعتذر بأنه كان يحمل الأموال إلى كسرى فعاقبه واستخلص منه مائة ألف دينار وأبقاه على عمله‏.‏ ثم سار إلى بيت المقدس وأهدى إليه فأمنهم أولاً ثم عرفه الأساقفة والرهبان بما فعلوه في الكنائس ورآها خراباً وأخبروه بمن قتلوه من النصارى فأمر هرقل بقتلهم فلم ينج منهم إلا من اختفى أو أبعد المفر إلى الجبال والبراري وأمر بالكنائس فبنيت‏.‏ وفي العاشرة من ملكه قدم أندرسكون بطركاً لليعاقبة بإسكندرية فأقام ست سنين خربت فيها الديور‏.‏ ثم مات فجعل مكانه بنيامين‏.‏ فمكث سبعاً وثلاثين سنة ومات‏.‏ والفرس يومئذ قد ملكوا مصر والإسكندرية‏.‏ وأما هرقل فسار من بيت المقدس إلى مصر وملكها وقتل الفرس وولى على الإسكندرية فوس وكان أمانيا وجمع له بين البطركة والولاية‏.‏ ورأى بنيامين البطرك في نومه شخصاً يقول قم فاختف إلى أن يجوز غضب الرب‏.‏ فاختفى وتقبض هرقل على أخيه مينا وأراده على الأخذ بالأمانة الخلقدونية فامتنع فأحرقه بالنار ورمى بجثته في البحر‏.‏ ثم عاد هرقل إلى قسطنطينية بعد أن جمع الأموال من دمشق وحمص وحماة وحلب عمر البلاد إلى أن ملك مصر عمرو بن العاص وفتحها لثلثمائة وسبع وخمسين لديقلاديانوس وكتب لبنيامين البطرك بالأمان فرجع إلى إسكندرية بعد أن غاب عن كرسيه ثلاث عشرة سنة‏.‏ قال ابن العميد‏:‏ وانتقل التاريخ إلى الهجرة لإحدى عشرة من ملك هرقل وذلك لتسعمائة وثلاث وثلاثين للإسكندر وستمائة وأربع عشرة للمسيح‏.‏ قال المسعودي‏:‏ وقيل إن مولده عليه السلام كان لعهد نيشطيانش الثاني الذي ذكر أنه نوسطيونس الذي بنى كنيسة الرها وأن ملكه كان عشرين سنة‏.‏ ثم هرقل بن نوسطيونس خمس عشرة سنة وهو الذي

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:55

ضرب السكة الهرقلية وبعده مورق بن هرقل‏.‏ قال‏:‏ والمشهور بين الناس أن الهجرة وأيام الشيخين كان ملك الروم لهرقل‏.‏ قال‏:‏ وفي كتب السير أن الهجرة كانت على عهد قيصر بن مورق ثم كان بعده ابنه قيصر بن قيصر أيام أبي بكر ثم هرقل بن قيصر أيام عمر وعليه كان الفتح وهو المخرج من الشام‏.‏ قال‏:‏ ومدة ملكهم إلى الهجرة مائة وخمس وسبعون سنة‏.‏ قال الطبري‏:‏ مدة ما بين عمارة المقدس بعد تخريب بختنصر إلى الهجرة على قول النصارى ألف سنة وتزيد ومن ملك الإسكندر إليها تسعمائة ونيف وعشرين سنة ومنه إلى مولد عيسى ثلثمائة وثلاث سنين وعمره إلى رفعه اثنان وثلاثون سنة ومن رفعه إلى الهجرة خمسمائة وخمس وثمانون سنة‏.‏ وقال هروشيوش أن ملك هرقل كانت الهجرة في تاسعته وسماه هرقل بن هرقل ابن أنطونيوس لستمائة وإحدى عشرة من تاريخ المسيح ولألف ومائة من بناء رومة‏.‏ والله تعالى أعلم‏.‏

محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:56

الخبر عن ملوك القياصرة من لدن هرقل والدولة الإسلامية إلى حين انقراض أمرهم وتلاشي أحوالهم
قال ابن العميد‏:‏ وفي الثانية من الهجرة بعث أبرويز عساكره إلى الشام والجزيرة فملكها وأثخن في بلاد الروم وهدم كنائس النصارى واحتمل ما فيها من الذهب والفضة والآنية حتى نقل الرخام الذي كان بالمباني‏.‏ وحمل أهل الرها على رأي اليعقوبية باغراء طبيب منهم كان عنده فعرجوا إليه وكانوا ملكية‏.‏ وفي سابعة الهجرة بعث عساكر الفرس ومقدمهم مرزبانه شهريار فدوخ بلاد الروم وحاصر القسطنطينية ثم تغير له فكتب إلى المرازبة معه بالقبض عليه‏.‏ واتفق وقوع الكتاب بيد هرقل فبعث به إلى شهريار فانتقض ومن معه وطلبوا هرقل في المدد فخرج معهم بنفسه في ثلثمائة ألف من الروم وأربعين ألفاً من الخزر الذين هم التركمان‏.‏ وسار إلى بلاد الشام والجزيرة وافتتح مدائنهم التي كان ملكها كسرى من قبل وفيما افتتح أرمينية‏.‏ ثم سار إلى الموصل فلقيه جموع الفرس وقائدهم المرزبان فانهزموا وقتل‏.‏ وأجفل أبرويز عن المدائن واستولى هرقل على ذخائر ملكهم‏.‏ وكان شيرويه بن كسرى محبوساً فأخرجه شهريار وأصحابه وملكوه وعقدوا مع هرقل الصلح ورجع هرقل إلى آمد بعد أن ولى أخاه تداوس على الجزيرة والشام‏.‏ ثم سار إلى الرها ورد النصارى اليعاقبة إلى مذهبهم الذي أكرهوا على تركه وأقام بها سنة كاملة‏.‏ وعن غير ابن العميد‏:‏ وفي آخر سنة ست من الهجرة كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل كتابه من المدينة مع دحية الكلبي يدعوه إلى الإسلام‏.‏ ونصه على ما وقع في صحيح البخاري‏.‏ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم‏.‏ سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين‏.‏ ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا إشهدوا بأنا مسلمون‏.‏ فلما بلغه الكتاب جمع من كان بأرضه من قريش وسألهم عن أقربهم نسباً منه فأشاروا إلى ابن سفيان بن حرب‏.‏ فقال لهم‏:‏ إني سائله عن شأن هذا الرجل فاستمعوا ما يقوله‏.‏ ثم سأل أبا سفيان عن أحوال تجب أن تكون للنبي صلى الله عليه وسلم أوينزه عنها‏.‏ وكان هرقل عارفاً بذلك فأجابه أبو سفيان عن جميع ما سأله من ذلك‏.‏ فرأى هرقل أنه نبي لا محالة مع أنه كان حزاء ينظر في علم النجوم وكان عنده علم من القرآن الكائن قبل الملة بظهور الملة والعرب فاستيقن بنبوته وصحة ما يدعو إليه حسبما ذكر البخاري في صحيحه‏.‏ وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرث بن أبي شمر الغساني ملك غسان بالبلقاء من أرض الشام وعامل قيصر على العرب مع شجاع بن وهب الأسدي يدعوه إلى الإسلام‏.‏ قال لشجاع‏:‏ فأتيته وهو بغوطة دمشق يهيىء النزل لقيصر حين جاء من حمص إلى إيليا‏.‏ فشغل عني إلى أن دعاني ذات يوم وقرأ كتابي وقال‏:‏ من ينتزع مني ملكي أنا سائر إليه ولو كان باليمن‏.‏ ثم أمر بالخيول تنعل وكتب بالخبر إلى قيصر فنهاه عن المسير‏.‏ ثم أمرني بالانصراف وزودني بمائة دينار‏.‏ ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثامنة من الهجرة جيشه إلى الشام وهي غزوة مؤتة كان المسلمون فيها ثلاثة آلاف وأمر عليهم زيد بن حارثة وقال‏:‏ إن أصيب فجعفر فعبد الله بن رواحة فانتهوا إلى معان من أرض الشام ونزل هرقل صاب من أرض البلقا في مائة ألف من الروم‏.‏ وانضمت إليهم جموع جذام والغيد وبهرام وبلى وعلى بلى مالك بن زافلة‏.‏ ثم زحف المسلمون إلى البلقا ولقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب على مؤتة فكان التمحيص والشهادة‏.‏ واستشهد زيد ثم جعفر ثم عبد الله‏.‏ وانصرف خالد بن الوليد بالناس فقدموا المدينة ووجد النبي صلى الله عليه وسلم على من قتل من المسلمين ولا كوجده على جعفر بن أبي طالب لأنه كان تلاده‏.‏ ثم أمر بالناس في السنة التاسعة بعد الفتح وحنين والطائف أن يتهيأوا لغزو الروم فكانت غزوة تبوك‏.‏ فبلغ تبوك وأتاه صاحب أيلة وجرباء وأذرح وأعطوا الجزية وصاحب أيلة يومئذ يوحنا بن رؤبه بن نفاثة أحد بطون جذام وأهدى له بغلة بيضاء‏.‏ وبعث خالد بن الوليد إلى دومة الجندل وكان بها أكيدر بن عبد الملك فأصابوه بضواحيها في ليلة مقمرة فأسروه وقتلوا أخاه وجاؤوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحقن دمه وصالحه على الجزية ورده إلى قريته‏.‏ وأقام بتبوك بضع عشرة ليلة وقفل إلى المدينة‏.‏ وبلغ خبر يوحنا إلى هرقل فأمر بقتله وصلبه عند قريته ورجعنا إلى كلامه قال‏:‏ وفي الثالثة عشرة من الهجرة جهز أبو بكر العساكر من المسلمين من العرب لفتح الشام‏:‏ عمرو بن العاص لفلسطين ويزيد بن أبي سفيان لحمص وشرحبيل بن حسنة للبلقاء وقائدهم أبو عبيدة بن الجراح‏.‏ وبعث خالد بن سعيد بن العاصي إلى سماوة فلقيه ماهاب البطريق في جموع الروم فهزمهم خالد إلى دمشق ونزل موضع الصفراء‏.‏ ثم أخذوا عليه الطريق ونازلوه ثانية فتجهز إلى جهة المسلمين‏.‏ وقتل ابنه وبعث أبو بكر خالد بن الوليد بالعراق يسير إلى الشام أميراً على المسلمين‏.‏ فسار ونزل معهم دمشق وفتحوها كما نذكر في الفتوحات‏.‏ وزحف عمرو بن العاصي إلى غيره ولقيته الروم هنالك فهزمهم وتحصنوا ببيت المقدس وقيسارية‏.‏ ثم زحف عساكر الروم من كل جانب في مائتين وأربعين ألفاً والمسلمون في بضع وثلاثين ألفاً والتقوا باليرموك فانهزم الروم وقتل منهم من لا يحصى وذلك في الخامسة عشر من الهجرة‏.‏ ثم تتابعة عليهم الهزائم ونازل أبو عبيدة وخالد بن الوليد حمص فصالحوهم على الجزية‏.‏ ثم سار خالد إلى قنسرين فلقيه منباس البطريق في


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:56

جموع الروم فهزمهم وقتل منهم خلق كثير‏.‏ وفتح قنسرين ودوخ البلاد‏.‏ ثم سار عمرو بن العاصي وشرحبيل بن حسنة فحاصروا مدينة الرملة وجاء عمر بن الخطاب إلى الشام فعقد لأهل الرملة الصلح على الجزية وبعث عمراً وشرحبيل لحصار بيت المقدس فحاصروها‏.‏ ولما أجهدهم البلاء طلبوا الصلح على أن يكون أمانهم من عمر نفسه فحضر عندهم وكتب أمانهم ونصه‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم من عمر بن الخطاب لأهل إيلياء أنهم آمنون على دمائهم وأولادهم ونسائهم وجميع كنائسهم لا تسكن ولا تهدم‏.‏ ودخل عمر بن الخطاب بيت المقدس وجاء كنيسة القمامة فجلس في صحنها وحان وقت الصلاة فقال للبترك أريد الصلاة فقال له صل موضعك فامتنع وصلى على الدرجة التي على باب الكنيسة منفرداً‏.‏ فلما قضى صلاته قال للبترك‏:‏ ‏"‏ لو صليت داخل الكنيسة أخذها المسلمون بعدي وقالوا هنا صلى عمر ‏"‏‏.‏ وكتب لهم أن لا يجمع على الدرجة للصلاة ولا يؤذن عليها‏.‏ ثم قال للبترك أرني موضعاً أبني فيه مسجداً‏.‏ فقال‏:‏ على الصخرة التي كلم الله عليها يعقوب ووجد عليها ردماً كثيراً فشرع في إزالته وتناوله بيده يرفعه في ثوبه واقتدى به المسلمون كافة فزال لحينه‏.‏ وأمر ببناء المسجد‏.‏ ثم بعث عمرو بن العاصي إلى مصر فحاصرها وأمده بالزبير بن العوام في أربعة آلاف من المسلمين فصالحهم المقوقس على الجزية ثم سار إلى الإسكندرية فحاصرها وافتتحها‏.‏ أبو عبيدة فهزمهم واستلحمهم‏.‏ ورجع هرقل إلى أنطاكية وقد استكمل المسلمون فتح فلسطين وطبرية والساحل كله‏.‏ واستنفر العرب المتنصرة من غسان ولخم وجذام وقدم عليهم ما هاب البطريق وبعثه للقاء العرب‏.‏ وكتب إلى عامله على دمشق منصور بن سرحون أن يمده بالأموال‏.‏ وكان يحقد عليه نكبته من قبل واستصفى ماله حين أفرج الفرج عن حصاره بالقسطنطينية لأول ولايته‏.‏ فاعتذر العامل للبطريق عن المال وهون عليه أمر العرب‏.‏ فسار من دمشق للقائهم ونازلهم بجابية الخولان ثم أتبعه العامل ببعض مال جهزه العساكر‏.‏ وجاء العسكر ليلاً وأوقد المشاعل وضرب الطبول ونفخ البوقات فظنهم الروم عسكر العرب جاءوا من خلفهم وأنهم أحيط بهم فأجفلوا وتساقطوا في الوادي وذهبوا طوائف إلى دمشق وغيرها من ممالك الروم‏.‏ ولحق ماهاب بطور سيناء وترهب إلى أن هلك وأتبع المسلمون الفل مع منصور إلى دمشق وحاصروها ستة أشهر فرقوا على أبوابها‏.‏ ثم طلب منصور العامل الأمان للروم من خالد فأمنه ودخل المدينة من الباب الشرقي وتسامع الروم الذين بسائر الأبواب فهربوا وتركوها‏.‏ ودخل منها الأمراء الآخرون عنوة ومنصور ينادي بأمان خالد فاختلف المسلمون قليلاً ثم اتفقوا على أمان الروم الذين كانوا بالإسكندرية بعد أن افتتحها عمرو بن العاصي ركبوا إليه البحر ووافوه بها‏.‏ ثم هلك هرقل لإحدى وعشرين من الهجرة ولإحدى وثلاثين من ملكه‏.‏ فملك على الروم بقسطنطنية قسطنطين وقتله بعض نساء أبيه لستة أشهر من ملكه‏.‏ وملك أخوه هرقل بن هرقل‏.‏ ثم تشاءم به الروم فخلعوه وقتلوه وملكوا عليهم قسطنطينيوس بن قسطنطين فملك ست عشرة سنة ومات لسابعة وثلاثين من الهجرة‏.‏ وفي أيامه غزا معاوية بلاد الروم سنة أربع وعشرين وهو يومئذ أمير على الشام في خلافة عمر بن الخطاب فدوخ البلاد وفتح منها مدناً كثيرة وقفل ثم أغزى عساكر المسلمين إلى قبرص في البحر ففتح منها حصوناً وضرب الجزية على أهلها وذلك سنة سبع وعشرين‏.‏ وكان عمرو بن العاصي لما فتح الإسكندرية كتب لبنيامين بطرك اليعاقبة بالأمان فرجع بعد ثلاث عشرة من مغيبه وكان ولاه هرقل في أول الهجرة كما قدمنا‏.‏ وملك الفرس مصر والإسكندرية عشر سنين عند حصار قسطنطينية أيام هرقل ثم غاب عن الكرسي عندما ملك الفرس وقدموا الملكية وبقي غائباً ثلاث عشرة سنة أيام الفرس عشرة وثلاث من ملكة المسلمين‏.‏ ثم أمنه عمرو بن العاصي فعاد ثم مات في تاسعة وثلاثين من الهجرة وخلفه في مكانه أغاثوا فملك سبع عشرة سنة‏.‏ ولما هلك قسنطينوس بن قسطنطين في سابعة وثلاثين من الهجرة كما قلناه ملك على الروم في القسطنطينية ابنه يوطيانوس فمكث اثنتي عشرة سنة وتوفي سنة خمسين فملك بعده طيباريوس ومكث سبع سنين‏.‏ وفي أيامه غزا يزيد بن معاوية القسطنطينية في عساكر المسلمين وحاصرها مدة ثم أفرج عنها واستشهد أبو أيوب الأنصاري في حصارها ودفن في ساحتها‏.‏ ولما قفل عنها توعدهم بتعطيل كنائسهم بالشام إن تعرضوا لقبره‏.‏ ثم قتل طيباريوس قيصر سنة ثمان وخمسين وملك أوغسطس قيصر‏.‏ وفي أيام ولايته مات أغاثوا بطرك اليعاقبة القبط بإسكندرية وقدم مكانه يوحنا‏.‏ ثم قتل أوغسطس قيصر ذبحه بعض عبيده سنة ‏)‏‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏(‏ وملك ابنه أصطفانيوس وكان لعهد عبد الملك بن مروان وفي سنة خمس وستين من الهجرة زاد عبد الملك في المسجد الأقصى وأدخل الصخرة في الحرم‏.‏ ثم خلع أصطفانيوس ثم ملك بعده لاون ومات سنة ثمان وسبعين وملك طيباريوس سبع سنين ومات سنة ست وثمانين فملك سطيانوس وذلك في أيام الوليد بن عبد الملك وهو الذي بنى مسجد بني أمية بدمشق‏.‏ ويقال إنه أنفق فيه أربعمائة صندوق في كل صندوق أربعمائة عشر ألف دينار‏.‏ وكان فيه من جملة الفعلة اثنا عشر ألف مرخم‏.‏ ويقال كانت فيه ستمائة سلسلة من الذهب لتعليق القناديل‏.‏ فكانت تغشى عيون الناظرين وتفتن المسلمين فأزالها عمر بن عبد العزيز وردها إلى بيت المال‏.‏ وكان الوليد لما اعتزم على الزيادة في المسجد أمر بهدم كنيسة النصارى وكانت ملاصقة للمسجد فأدخلها فيه وهي معروفة عندهم بكنيسة مار يوحنا‏.‏ ويقال إن عبد الملك طلبهم في ذلك فامتنعوا وأن الوليد بذل لهم فيها أربعين ألف دينار فلم يقبلوا فهدمها ولم يعطهم شيئاً‏.‏ وشكوا أمرها إلى عمر بن عبد العزيز وجاؤوا بكتاب خالد بن الوليد وعهده أن لا تخرب كنائسهم ولا تسكن فراودهم على أخد الأربعين ألفاً التي بذل لهم الوليد فأبوا فأمر أن ترد عليهم فعظم ذلك على الناس‏.‏ وكان قاضيه أبو إدريس الخولاني فقال لهم‏:‏ تتركون هذه الكنيسة في الكنائس التي في العنوة في المدينة وإلا هدمناها فأذعنوا وكتب لهم عمر الأمان على ما بقي من كنائسهم‏.‏ وفي سنة ست وسبعين بعث كاتب الخراج إلى سليمان بن عبد الملك بأن مقياص حلوان بطل فأمر ببناء مقياس في الجزيرة بين الفسطاط والجزيرة فهو لهذا العهد‏.‏ وفي سنة إحدى ومائة من الهجرة ملك تداوس على الروم سنة ونصفاً ثم ملك بعده لاون أربعاً وعشرين سنة وبعده ابنه قسطنطين وفي سنة ثلاث عشرة ومائة غزا هشام بن عبد الملك الصائفة اليسرى وأخوه سليمان الصائفة اليمنى ولقيهم قسطنطين في جموع الروم فانهزموا وأخذ أسيراً ثم أطلقوه بعد‏.‏ وفي أيام مروان بن محمد وولاية موسى بن نصير لقي النصارى بالإسكندرية ومصر شدة وأخذوا بغرامة المال واعتقل بطرك الإسكندرية أبي ميخايل‏.‏ وطلب بجملة من المال فبذلوا موجودهم وانطلقوا يستسعون ما يحصل لهم من الصدقة‏.‏ وبلغ ملك النوبة ما حل بهم فزحف في مائة ألف من العساكر إلى مصر فخرج إليه عامل مصر فرجع من غير قتال‏.‏ وفي أيام هشام ردت كنائس الملكية من أيدي اليعاقبة وولي عليهما بطرك قريباً من مائة سنة كانت رياسة البطرك فيها لليعاقبة وكانوا يبعثون الأساقفة للنواحي ثم


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:58

صارت النوبة من ورائهم للحبشة يعاقبة‏.‏ ثم ملك بالقسطنطينية رجل من غير بيت الملك اسمه جرجس فبقي أيام السفاح والمنصور وأمره مضطرب‏.‏ ثم مات وملك بعده قسطنطين بن لاون وبنى المدن وأسكن أهل أرمينية وغيرها‏.‏ ثم مات قسطنطين بن لاون وملك ابنه لاون‏.‏ ثم هلك لاون وملك بعده نقفور‏.‏ وفي سنة سبع وثمانين ومائة غزا الرشيد هرقلة ودوخ جهاتها وصالحه نقفور ملك الروم على الجزية فرجع إلى الرقة وأقام شاتياً وقد كلب البرد‏.‏ وأمن نقفور رجوعهم فانتقض فعاد إليه الرشيد وأناخ عليه حتى قرر الموادعة والجزية عليه ورجع ودخلت عساكر الصائفة بعدها من درب الصفصاق فدوخوا أرض الروم‏.‏ وجمع نقفور ولقيهم فكانت عليه هزيمة شنعاء قتل فيها أربعون ألفاً ونجا يقفور جريحاً‏.‏
وفي سنة تسعين ومائة دخل الرشيد بالصائفة إلى بلاد الروم في مائة وخمسة وثلاثين ألفاً سوى المطوعة وبث السرايا في الجهات وأناخ على هرقلة ففتحها وبلغ سبيها ستة عشر ألفاً‏.‏ وبعث نقفور بالجزية فقبل وشرط عليهم أن لا يعمر هرقلة‏.‏ وهلك نقفور في خلافة الأمين وولى ابنه أستبران قيصر‏.‏ وغزا المأمون سنة خمس عشرة ومائتين إلى بلاد الروم ففتح حصوناً عدة ورجع إلى دمشق‏.‏ ثم بلغه أن ملك الروم غزا طرسوس والمصيصة وقتل منها نحواً من ألف وستمائة رجل فرجع وأناخ على أنطواغوا حتى فتحها صلحاً وبعث المعتصم ففتح ثلاثين من حصون الروم وبعث يحيى بن أكثم بالعساكر فدوخ أرضهم‏.‏ ورجع المأمون إلى دمشق‏.‏ ثم دخل بلاد الروم وأناخ على مدينة لؤلؤة مائة يوم وجهز إليها العساكر مع عجيف مولاه‏.‏ ورجع ملك الروم فنازل عجيفاً فأمده المأمون بالعسكر فرحل عنه ملك الروم وافتتح لؤلؤة صلحاً‏.‏ ثم سار المأمون إلى بلاد الروم ففتح سلعوس والبروة وبعث ابنه العباس بالعساكر فدوخ أرضهم وبنى مدينة الطولية ميلاً في ميل وجعل لها أربعة أبواب‏.‏ ثم دخل غازياً بلاد الروم ومات في غزاته سنة ثمان عشرة ومائتين‏.‏ وفي أيامه غلب قسطنطين على مملكة الروم وطرد ابن نقفور عنها‏.‏ وفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين فتح المعتصم عمورية وقصتها معروفة في أخباره‏.‏ وأغفلنا من كلامه أخبار البطاركة من لدن فتح الإسكندر لأنا رأيناه مستغنى عنه وقد صارت بطركيتهم الكبرى التي كانت بالإسكندرية بمدينة رومة وهي هنالك للملكية ويسمونه البابا ومعناه أبو الآباء‏.‏ وبقي ببلاد مصر بطرك اليعاقبة على المعاهدين من النصارى بتلك الجهات وعلى ملوك النوبة والحبشة‏.‏ وأما المسعودي فذكر ترتيب هؤلاء القياصرة من بعد الهجرة والفتح كما ذكره ابن العميد‏.‏ قال‏:‏ والمشهور بين الناس أن الهجرة وأيام الشيخين كان ملك الروم فيها لهرقل‏.‏ قال‏:‏ وفي كتب أهل السير أن الهجرة كانت على عهد قيصر بن مورق ثم كان بعده ابنه قيصر بن قيصر أيام أبي بكر ثم هرقل بن قيصر أيام عمر وعليه كان الفتح وهو المخرج من الشام أيام أبي عبيدة وخالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان فاستقر بالقسطنطينية‏.‏ وبعده مورق بن هرقل أيام عثمان وبعده مورق بن مورق أيام علي ومعاوية وبعده قلفط بن مورق آخر أيام معاوية وأيام يزيد ومروان بن الحكم وكان معاوية يراسله ويراسل أباه مورق وكانت تختلف إليه علامة نياق وبشره مورق بالملك وأخبره أن عثمان يقتل وأن الأمر يرجع إلى معاوية وهادى ابنه قلفط حين سار إلى حرب علي رضي الله عنه‏.‏ ثم نزلت جيوش معاوية مع ابنه اليزيد قسطنطينية وهلك عليها في حصاره أبو أيوب الأنصاري‏.‏ ثم ملك بعد قلفط بن مورق لاون بن قلفط أيام عبد الملك بن مروان وبعده جيرون بن لاون أيام الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز‏.‏ ثم غشيهم المسلمون في ديارهم وغزوهم في البر والبحر ونازل مسلمة القسطنطينية واضطرب ملك الروم وملك عليهم جرجس بن مرعش وملك تسع عشرة سنة ولم يكن من بيت الملك‏.‏ ولم يزل أمرهم مضطرب إلى أن ملك عليهم قسطنطين بن ألبون وكانت أمه مستبدة عليه لمكان صغره ومن بعده نقفور بن استيراق أيام الرشيد وكانت له معه حروب وغزاه الرشيد فأعطاه الانقياد ودفع إليه الجزية‏.‏ ثم نقض العهد فتجهز الرشيد إلى غزوه ونزل هرقلة وافتتحها سنة تسعين ومائة وكانت من أعظم مدائن الروم‏.‏ وانقاد نقفور بعد ذالك وحمل الشروط‏.‏ وملك بعده استيراق بن نقفور أيام الأمين وغلب عليه قسطنطين بن قلفط وملك أيام المأمون وبعده نوفيل أيام المعتصم واسترد زبطرة ونازل عمورية وافتتحها وقتل من كان بها من أمم النصرانية‏.‏ ثم ملك ميخائيل بن نوفيل أيام الواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين‏.‏ ثم تنازع الروم وملكوا عليهم نوفيل بن ميخاييل ثم غلب على الملك بسيل الصقلبي ولم يكن من بيت الملك‏.‏ وكان ملكه أيام المعتز والمهتدي وبعضاً من أيام المعتمد ومن بعده إليون بن بسيل بقية أيام المعتمد وصدراً من أيام المعتضد‏.‏ ومن بعده الإسكندروس ونقموا سيرته فخلعوه وملكوا أخاه لاوي بن إليون بقية أيام المعتضد والمكتفي وصدراً من أيام المقتدر‏.‏ ثم هلك وملك ابنه قسطنطين صغيراً وقام بأمره أرمنوس بطريق البحر وزوجه ابنته ويسمى الدمستق وهو الذي كان يحارب سيف الدولة ملك الشام من بني حمدان‏.‏ واتصل ذلك أيام المقتدر والقاهر والراضي والمتقي‏.‏ وافترق أمر الروم وأقام بعض بطارقتهم ويعرف أستفانوس في بعض النواحي وخوطب بالملك أرمنوس بطركاً بكرسي القسطنطينية‏.‏ إلى هنا انتهى كلام المسعودي‏.‏ وقال عقبه فجميع سني الروم المتنصرة من أيام قسطنطين بن هلانة إلى عصرنا وهو حدود الثلثمائة والثلاثين للهجرة خمسمائة سنة وسبع سنين وعدد ملوكهم إحدى وأربعون ملكاً قال‏:‏ فيكون ملكهم إلى الهجرة مائة وخمساً وسبعين سنة‏.‏ وفي تاريخ ابن الأثير‏:‏ إن أرمانوس لما مات ترك ولدين صغيرين وكان الدمستق على عهده قوقاش وملك ملطية من يد المسلمين بالأمان سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة وكان أمر الثغور لسيف الدولة بن حمدان‏.‏ وملك قوقاشق مرعش وعرزربة وحصونهما وأوقع بجابية طرسوس مراراً وسار سيف الدولة في بلادهم فبلغ خرشنة وصارخة ودوخ البلاد وفتح حصوناً عدة‏.‏ ثم رجع ثم ولى أرمانوس نقفور دمستقاً‏.‏ واسم الدمستق عندهم على من يلي شرقي الخليج حيث ملك ابن عثمان لهذا العهد‏.‏ فأقام نقفور دمستقاً‏.‏ وهلك أرمانوس وترك ولدين صغيرين وكان نقفور غائباً في بلاد المسلمين فلما رجع اجتمع إليه زعماء الروم وقدموه لتدبير أمر الولدين وألبسوه التاج‏.‏ وسار إلى بلاد المسلمين سنة إحدى وخمسين وثلثمائة إلى حلب فهزم سيف الدولة وملك البلد وحاصر القلعة فامتنعت عليه‏.‏ وقتل ابن أخت الملك في حصارها فقتل جميع الأسرى الذين عنده‏.‏ ثم بنى سنة ست وخمسين مدينة بقيسارية ليجلب منها على بلاد الإسلام فخافه أهل طرسوس واستأمنوا إليه فسار إليهم وملكها بالأمان‏.‏ وملك المصيصة عنوة‏.‏ ثم بعث أخاه في العساكر سنة تسع وخمسين إلى حلب فملكها وهرب أبو المعالي بن سيف الدولة إلى البرية وصالحه مرعويه بعد أن امتنع بالقلعة ورجع‏.‏ ثم إن أم الملكين ابني أرمانوس اللذين كانا مكفولين له استوحشت منه وداخلت في قتله ابن الشميشق فقتله سنة ستين وقام ابن أرمانوس الأكبر وهو بسيل بتدبير ملكه وجعل ابن الشميشق دمستقاً وقام على الأورق أخي نقفور وعلى ابنه ورديس ابن لاون واعتقلهما وسار إلى الرها وميافارقين‏.‏ وعاث في نواحيهما وصانعه أبو تغلب بن حمدان صاحب الموصل بالمال فرجع ثم خرج سنة اثنتين وستين‏.‏ فبعث أبو تغلب ابن عمه أبا عبد الله بن حمدان فهزمه وأسره وأطلقه‏.‏ وكان لأم بسيل أخ قام بوزارتها فتحيل في قتل ابن الشميشق بالسم‏.‏ ثم ولى بسيل بن أرمانوس سقلاروس دمستقاً فعصى عليه سنة خمس وستين وطلب الملك لنفسه ثم خرج على بسيل ورد بن منير من عظماء البطاركة واستجاش بأبي تغلب بن حمدان وملكوا الأطراف وهزم عساكر بسيل مرة بعد مرة‏.‏ فأطلق ورديس لاون وهو ابن أخي نقفور من معقله وبعثه في العساكر لقتاله فهزمه ورديس‏.‏ ولحق ورد بن منير بميافارقين صريخاً بعضد الدولة وراسله بسيل في شأنه فجنح عضد الدولة إلى بسيل وقبض على ورديس واعتقله ببغداد ثم أطلقه ابنه صمصام الدولة لخمس سنين من اعتقاله وشرط عليه إطلاق أسرى المسلمين والنزول عن حصون عدة من معاقل الروم وأن لا يغير على بلاد الإسلام‏.‏ وسار فاستولى على ملطية ومضى إلى القسطنطينية فحاصرها وقتل ورديس بن لاون‏.‏ واستنجد بسيل بملك الروم وزوجه أخته ثم صالح ورداً على ما بيده‏.‏ ثم هلك ورد بعد ذلك بقليل واستولى بسيل على أمره وسار إلى قتال البلغار فهزمهم وملك بلادهم وعاث فيها أربعين سنة‏.‏ واستمد صاحب حلب أبو الفضائل بن سيف الدولة‏.‏ فلما زحف إليه منجوتكين صاحب دمشق من قبل الخليفة بمصر سنة إحدى وثمانين فجاء بسيل لمدده وهزمه منجوتكين ورجع مهزوماً‏.‏ ورجع منجوتكين إلى دمشق ثم عاودوا الحصار فجاء بسيل صريخاً لأبي الفضل فأجفل منجوتكين من مكانه على حلب وسار إلى حمص وشيزر فملكها وحاصر طرابلس وصالحه ابن مروان على ديار بكر ثم بعث الدوقس الدمستق إلى أمامه فبعث إليه صاحب مصر أبا عبد الله بن ناصر الدولة بن حمدان في العساكر فهزمه وقتله‏.‏ ثم هلك بسيل سنة عشر وأربعمائة لنيف وسبعين من ملكه وملك بعده أخوه قسطنطين وأقام تساً ثم هلك عن ثلاث بنات‏.‏ فملك الروم عليهم الكبرى منهن وأقام بأمرها ابن خالها أرمانوس وتزوجت به فاستولى على مملكة الروم‏.‏ وكان خاله ميخاييل متحكماً في دولته ومداخلاً لأهله فمالت إليه الملكة وحملته على قتل أرمانوس فقتله واستولى على الأمر‏.‏ ثم أصابه الصرع وآذاه فعمد لابن أخته واسمه ميخاييل أيضاً وكان أرمانوس قد خرج سنة إحدى وعشرين إلى حلب في ثلاثة آلاف مقاتل ثم خار عن اللقاء فاضطرب ورجع واتبعه العرب فنهبوا عساكره‏.‏ وكان معه ابن الدوقس من عظماء البطارقة فارتاب وقبض عليه‏.‏ وخرج سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة في جموع الروم فملك الرها


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:59

وسروج وهزم عساكر ابن مروان‏.‏ ولما ملك ميخاييل سار إلى بلاد الإسلام فلقيه الدربري صاحب الشام من قبل العلوية فهزمه واقتصر الروم بعدها عن الخروج إلى بلاد الإسلام‏.‏ وملك ميخاييل ابن أخته كما قلناه وقبض على أخواله وقرابتهم وأحسن السيرة في المملكة‏.‏ ثم طلب زوجته في الخلع فأبت فنفاها إلى بعض الجزائر واستولى على المملكة سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة‏.‏ ونكر عليه البترك ما وقع فيه فهم بقتله ودخل بعض حاشيته في ذلك‏.‏ ونمى الخبر إلى البترك فنادى في النصرانية بخلعه وحاصره في قصره واستدعى الملكة التي خلعها ميخاييل من مكانها وأعادوها إلى الملك فنفت ميخاييل كما نفاها أولاً‏.‏ ثم اتفق البترك والروم على خلع الملكة بنت قسطنطين وملكوا أختها الأخرى تودورة وسلموا ميخاييل لها‏.‏ ثم وقعت الفتنة بين شيعة تودورة وشيعة ميخاييل واتصلت‏.‏ وطلب الروم أن يملكوا عليهم من يمحو هذه الفتنة وأقرعوا على المرشحين فخرجت القرعة على قسطنطين منهم فملكوه أمرهم وتزوج بالملكة الصغيرة تودورة وجعلت أختها الكبرى على ما بذلته لها وذلك سنة أربع وثلاثين وأربعمائة‏.‏ ثم توفي قسطنطين سنة ست وأربعين وملك على الروم أرمانوس وقارن ذلك بظهور الدولة السلجوقية واستيلاء طغرلبك على بغداد فردد الغزو إليهم من ناحية أذربيجان‏.‏ ثم سار ابنه الملك ألبأرسلان وملك مدناً من بلاد الكرج منها مدينة آي وأثخن في بلادهم‏.‏ ثم سار ملك الروم إلى منبج وهزم ابن مرداس وابن حسان وجموع العرب فسار ألبأرسلان إليه سنة ثلاث وستين وخرج أرمانوس في مائتي ألف من الروم والعرب والدوس والكرج ونزل على نواحي أرمينية فزحف إليه ألبأرسلان من أذربيجان فهزمه وحصل في أسره ثم فاداه على مال يعطيه وأجروه عليه وعقد معه صلحاً‏.‏ وكان أرمانوس لما انهزم وثب ميخاييل بعده على مملكة الروم فلما انطلق من الأسر ورجع دفعه ميخاييل عن الملك والتزم أحكام الصلح الذي عقده معه ألبأرسلان وترهب أرمانوس‏.‏ إلى هنا انتهى كلام ابن الأثير‏.‏ ثم استفحل ملك الافرنج بعد ذلك واستبدوا بملك رومة وما وراءها وكان الروم لما أخذوا بدين النصرانية حملوا عليه الأمم المجاورين لهم طوعاً وكرهاً فدخل فيه طوائف من الأمم منهم الأرمن وقد تقدم نسبهم إلى ناحور أخي إبراهيم عليه السلام وبلدهم أرمينية وقاعدتها خلاط ومنهم الكرج وهم من شعوب الروم وبلادهم الخزر بين أرمينية والقسطنطينية شمالاً في جبال ممتنعة ومنهم الجركس في جبال بالعدوة الشرقية من بحر نيطش وهم من شعوب الترك ومنهم الروس في جزائر ببحر نيطش وفي عدوته الشمالية ومنهم البلغار نسبة إلى مدينة لهم في العدوة الشمالية أيضاً من بحر نيطش ومنهم البرجان أمة كبيرة متوغلون في الشمال لا تعرف أخبارهم لبعدها‏.‏ وهؤلاء كلهم من شعوب الترك وأعظم من أخذ به من الأمم الافرنج وقاعدة بلادهم فرنجة ويقولون فرنسة بالسين وملكهم الفرنسيس وهم في بسائط على عدو البحر الرومي من شماليه وجزيرة الأندلس من ورائهم في المغرب تفصل بينهم وبينها جبال متوعرة ذت مسالك ضيقة يسمونها ألبون وساكنها الجلالقة من شعوب الافرنج وهؤلاء فرنسة أعظم ملوك الافرنجة بالعدوة الشمالية من هذا البحر واستولوا من الجزير البحرية منه على صقلية وقبرص وأقريطش وجنوة واستولوا أيضاً على قطعة من بلاد الأندلس إلى برشلونة واستفحل ملكهم بعد القياصرة الأول‏.‏ ومن أمم الافرنجة البنادقة وبلادهم حفافي خليج يخرج من بحر الروم متضايقاً إلى ناحية الشمال ومغرباً بعض الشيء على سبعمائة ميل من البحر‏.‏ وهذا الخلج مقابل لخليج القسطنطيية‏.‏ وفي القرب منه وعلى ثمان مراحل من بلاد جنوة ومن وراءها مدينة رومة حاضرة الافرنجة ومدينة ملكهم وبها كرسي البطرك الأكبر الذي يسمونه البابا‏.‏ ومن أمم الافرنجة الجلالقة وبلادهم الأندلس وهؤلاء كلهم دخلوا في دين النصرانية تبعاً للروم إلى من دخل فيهم منهم من أمم السودان والحبشة والنوبة ومن كان على ملكة الروم من برابرة العدوة بالمغرب مثل نغزاوة هوارة بأفريقية والمصامدة بالمغرب الأقصى‏.‏ واستفحل ملك الروم ودين النصرانية‏.‏ ولما جاء الله بالإسلام وغلب دينه على الأديان وكانت مملكة الروم قد انتشرت في حفافي البحر الرومي من عدوتيه فانتزعوا منهم لأول أمرهم عدوته الجنوبية كلها من الشام ومصر وأفريقية والمغرب وأجازوا من خليج طنجة فملكوا الأندلس كلها من يد القوط والجلالقة وضعف أمر الروم وملكهم بعد الانتهاء إلى غايته شأن كل أمة‏.‏ ثم شغل الافرنجة بما دهمهم من الغرب في الأندلس والجزائر بما كانوا يتخيمونهم ويرددون الصوائف إلى بسائطهم أيام عبد الرحمن الداخل وبنيه بالأندلس وعبد الله الشيعي وبنيه بالأفريقية‏.‏ وملكوا عليهم جزائر البحر الرومي التي كانت لهم صقلية وميورقة ودانية وإخواتها إلى أن فشل ريح الدولتين وضعف ملك العرب فاستفحل الإفرنجة ورجعت لهم واسترجعوا ما ملكه المسلمون إلا قليلاً بسيف البحر الرومي مضائق العرض في طول أربع عشرة مرحلة واستولوا على جزائر البحر كلها‏.‏ ثم سموا إلى ملك الشام وبيت المقدس مسجد أنبيائهم ومطلع دينهم فسربوا إليه آخر المائة الخامسة وتواثبوا على الأمصار والحصون وسواحله‏.‏ ويقال‏:‏ إن المستنصر العبيدي هو الذي دعاهم لذلك وحرضهم عليه لما رجا فيه من اشتغال ملوك السلجوقية بأمرهم واقامتهم سداً بينه وبينهم عندما سموا إلى ملك الشام ومصر‏.‏ وكان ملك الإفرنجة يومئذ اسمه بردويل وصهره روجيه ملك صقلية من أهل طاعته‏.‏ فتظاهروا على ذلك وساروا إلى القسطنطينية سنة إحدى وتسعين ليجعلوها طريقاً إلى الشام فمنعهم ملك الروم يومئذ ثم أجازهم على أن يعطوه ملطية إذا ملكوها فقبلوا شرطه ثم ساروا إلى بلاد ابن قلطمش وقد استولى يومئذ على مرية وأعمالها وأرزن الروم وأقصر وسيواس‏.‏ بينهم وبين الروم بالقسطنطينية واستنجد كل منهم بملوك المسلمين في ثغور الشام والجزيرة وعظمت الفتن في تلك الآفاق ودامت الحال على ذلك نحواً من مائة سنة وملك الروم بالقسطنطينية في تناقص واضمحلال‏.‏ وكان روجيه صاحب صقلية يغزو القسطنطينية من البحر ويأخذ ما يجد في مرساها من سفن التجار وشواني المدينة‏.‏ ولقد دخل جرجي بن ميخاييل صاحب أسطوله إلى ميناء القسطنطينية سنة أربع وأربعين وخمسمائة ورمى قصر الملك بالسهام‏.‏ فكانت تلك أنكى على الروم من كل ناحية‏.‏ ثم كان استيلاء الإفرنج على القسطنطينية آخر المائة السادسة وكان من خبرها أن ملك الروم بالقسطنطينية أصهر إلى الفرنسيس عظيم ملوك الإفرنج في أخته فزوجها له الفرنسيس وكان له منها ابن ذكر‏.‏ ثم وثب بملك الروم أخوه فسمله وملك القسطنطينية مكانه ولحق الابن بخاله الفرنسيس صريخاً به على عمه فوجده قد جهز الأساطيل لارتجاع بيت المقدس واجتمع فيها ثلاثة من ملوك الإفرنجة بعساكرهم‏:‏ دوقس البنادقة صاحب المراكب البحرية وفي مراكبه كان ركوبهم وكان شيخاً أعمى نقاداً ذا ركب والمركس مقدم الفرنسيس وكيدفليد وهو أكبرهم فأمر الفرنسيس بالجواز على القسطنطينية ليصلحوا بين ابن أخته وبين عمه ملك الروم‏.‏ فلما وصلوا إلى مرسى القسطنطينية خرج عمه وحاربهم فهزموه ودخلوا البلد وهرب إلى أطراف البلد وقتل حاضروه وأضرموا النار في البلد فاشتغل الناس بها وأدخل الصبي بشيعته فدخل الإفرنج معه وملكوا البلد وأجلسوا الصبي في ملكه وساء أثرهم في البلد وصادروا أهل النعم وأخذوا أموال الكنائس وثقلت وطأتهم على الروم فعقلوا الصبي وأخرجوهم واستدعوا ملكهم عم الصبي من مكان مقره وملكوه عليهم‏.‏ وحاصرهم الإفرنج فاستنجد بسليمان بن قليج أرسلان صاحب قونية وبلاد الروم شرقي الخليج وكان في البلد خلق من الإفرنج فقبل أن يصل سليمان ثاروا فيها وأضرموا النيران حتى شغل بها الناس وفتحوا الأبواب فدخل الإفرنج واستباحوها ثمانية أيام حتى أقفرت‏.‏ واعتصم الروم بالكنيسة العظمى منها وهي صوفيا‏.‏ ثم خرجت جماعة القسيسين والأساقفة والرهبان في أيديهم الإنجيل والصلبان فقتلوهم أجمعين ولم يراعوا لهم ذمة ولا عهداً‏.‏ ثم خلعوا الصبي واقترعوا ثلاثتهم على الملك فخرجت القرعة على كيدفليد كبيرهم فملكوه على القسطنطينية وما يجاورها وجعلوا لدوقس البنادقة الجزائر البحرية مثل أقريطش ورودس وغيرهما وللمركيس مقدم الفرنسيس البلاد التي في شرقي الخليج‏.‏ ثم تغلب عليهم بفريق من بطارقة الروم اسمه لسكري ودفع عنها الإفرنج وبقيت بيده واستولى بعدها على القسطنطينية وكان اسمه ميخاييل‏.‏ وفي كتاب


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 9:59

المؤيد صاحب حماة أنه أقام ببعض الحصون ثم بنيت القسطنطينية وملكها وفر الإفرنج في مراكبهم وملكه الروم وقتل الذي كان ملكاً قبله‏.‏ وتوفي سنة إحدى وثمانين وستمائة وعقد معه الصلح المنصور قلاون صاحب مصر والشام لذلك العهد‏.‏ قال‏:‏ وملك بعده ابنه ماند ويلقب الدوقس وشهرتهم جميعاً اللسكري‏.‏ ثم انقرضت دولة بني قليج أرسلان وملك أعمالهم التتر كم نذكر في أخبارهم وبقي بني اللسكري ملوكاً على القسطنطينية إلى هذا العهد‏.‏ وملك شرقي الخليج بعد انقضاء دولة التتر من بلاد الروم ابن عثمان جق أمير التركمان وهو الآن على صاحب القسطنطينية ومتغلب على نواحيه من سائر جهاته‏.‏ هذا ما بلغنا من أخبار الروم من أول دولتهم منذ يونان والقياصرة لهذا العهد‏.‏ والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 10:00

الخبر عن القوط وما كان لهم من الملك بالإندلس إلى حين الفتح الإسلامي وأولية ذلك ومصايره
هذه الأمة من أمم أهل الدولة العظيمة المعاصرة لدول الطبقة الثانية من العرب وقد ذكرناهم عقب اللطينين لأن الملك صار إليهم من بينهم كما ذكرناه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 10:00

الخبر عن هم أنهم كانوا يعرفون في الزمن القديم بالسيسيين نسبة إلى الأرض التي كانوا يعمرونها بالمشرق
فيما بين الفرس واليونان وهم في نسبهم إخوة الصين ولد ماغوغ بن يافث وكانت لهم مع الملوك السريانيين حروب موصوفة زحف إليهم فيها مومن مالي ملك سريان فدافعوه لعهد إبراهيم الخليل عليه السلام‏.‏ ثم كانت لهم حروب مع الفرس عند تخريب بيت المقدس وبناء رومة‏.‏ ثم غلبهم الإسكندر وصاروا في ملكته واندرجوا في قبائل الروم ويونان‏.‏ ثم لما ضعف أمر الروم بعد الإسكندر وتغلبوا على بلاد الغريقيين ومقدونية ونبطة أيام غلينوش بن بارايان من ملوك القياصرة وكانت بينه وبينه حروب سجال‏.‏ ثم غلبهم القياصرة من بعدد وظفروا بهم حتى إذا انتقل القياصرة إلى القسطنطينية وفشل أمرهم برومة زحف إليها هؤلاء القوط واقتحموها عنوة فاستباحوها ثم خرجوا عنها أيام طودوسيوس ابن أركاديوس بعد حروب كثيرة‏.‏ وكان أميرهم لذلك العهد أنطرك كما ذكرناه‏.‏ ومات لعهده طودوسيوس وأراد أن يجعل اسمه سمة الملوك برومة منهم مكان سمة قيصر فاختلف عليه أصحابه في ذلك فرجع عنه‏.‏ ثم صالح الرومانيين على أن يكون له ما يفتح من بلاد الأندلس لما كان أمر الرومانيين قد ضعف عن الأندلس ولحق بها ثلاث طوائف من الغريقيين فاقتسموا ملكها وهم الأبيون والشوانيون والفندلس وباسم فندلس سميت الأندلس‏.‏ وكان بالأندلس من قبلهم الأرباريون من ولد طوال بن يافث وهم أخوة الأنطاليس سكنوها من بعد الطوفان وصاروا إلى طاعة أهل رومة حتى دخل إليهم هؤلاء الطوالع من الغريقيين عندما اقتحم القوط مدينة رومة وغلبوا الأمم الذين كانوا بها من ولد طوال‏.‏ وقد يقال‏:‏ إن هؤلاء الطوالع كلهم من ولد طوال بن يافث وليسوا من الغريقيين‏.‏ واقتسم هؤلاء الطوالع ملكها وكانت جلقية لفندلس ولشبونة وماردة وطليطلة ومرسية لشوانش وكانوا أشرافهم‏.‏ وكانت إشبيلية وقرطبة وجيان وطالعة للأنبيق وأميرهم عند ريقش أخو لشيقش أربعين سنة حين زحف إليهم القوط من رومة‏.‏ وكان قد ولى عليهم بعد أطفانش ملك آخر منهم اسمه طشريك وقتله الرومانيون وولي مكانه منهم ماستة ثلاث سنين وزوج أخته من طودوسيوس ملك الرومانيين وصالحه على أن يكون له ما يفتحه من الأندلس‏.‏ ثم مات وولي مكانه لزريق ثلاث عشرة سنة وهو الذي زحف إلى الأندلس وقتل ملوكها وطرد الطوائف الذين كانوا بها فأجازوا إلى طنجة وتغلبوا على بلاد البربر وصرفوا البربر الذين كانوا بالعدوة عن طاعة القسطنطين إلى طاعتهم فلم يزالوا على ذلك إلى دولة يستنيانوس نحواً من ثمانين سنة‏.‏ ثم هلك طوريق ملك القوط بالأندلس وولي مكانه ‏)‏‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏(‏ سبع عشرة سنة وانتقض عاصيه اليسكتس إحدى طوائف القوط فزحف إليهم وردهم إلى طاعته‏.‏ ثم هلك وولي بعده الديك ثلاثاً وعشرين سنة‏.‏ وكانت الإفرنج لعهده قد طمعوا في ملك الأندلس وأن يغلبوا عليها القوط فجمعوا لهم وملكوا على أنفسهم منهم فزحف إليهم الديك في أمم القوط إلى أن توغل في بلاد الإفرنج فغلبوه وقتلوه وعامة أصحابه‏.‏ وكانت القوط قبل دخولهم إلى الأندلس فرقتين كما ذكرنا في دولة بلنسيان بن قسطنطين من القياصرة المتنصرة وكانت إحدى الفرقتين قد أقامت بمكانها من نواحي رومة فلما بلغهم خبر الديك صاحب الأندلس منهم امتعضوا لذلك وكان أميرهم طودريك منهم فزحف إلى الإفرنج وغلبهم على ما كانوا يملكونه من الأندلس‏.‏ ودخل القوط الذين كانوا بالأندلس في طاعته فولي عليهم ابنه أشتريك ورجع إلى مكانه من نواحي رومة فزحف الإفرنج إلى محاربة اشتريك حتى غلبوه على طلوسة من ناحيتهم‏.‏ وهلك اشتريك بعد خمس سنين من ملكه وولي عليهم بعده بشليقش أربع سنين ثم بعده طودريق إحدى وستين سنة وقتله بعض أصحابه بإشبيلية وولي بعده أبرليق خمس سنين وبعده طودس ثلاث عشرة سنة وبعده طودشكل سنتين وبعده أيلة خمس سنين‏.‏ وانتقض عليه أهل قرطبة فحاربهم وتغلب عليهم‏.‏ وبعده طنجاد خمس عشرة سنة وبعده ليولة سنة واحدة وبعده لوبليدة ثماني عشرة سنة‏.‏ وانتقضت عليه الأطراف فحاربهم وسكنهم ونكر عليه النصارى تثليث أريش وراودوه على الأخذ بتوحيدهم الذين يزعمونه فأبى وحاربهم فقتل وولي ابنه زدرق ست عشرة سنة ورجع إلى توحيد النصارى بزعمهم وهو الذي بنى البلاد المنسوبة إليه بقرطبة‏.‏ ولما هلك ولي بعده على القوط ليوبة سنتين وبعده تبديقا عندمار سنتين وبعده شيشوط ثماني سنين وعلى عهده كان هرقل ملك قسطنطينية والشام‏.‏ ولعهده كانت الهجرة‏.‏ وهلك شيشوط ملك القوط وولي بعده زدريق آخر منهم ثلاثة أشهر وبعده شتله ثلاث سنين‏.‏ وبعده سنشادش خمس سنين وبعده خنشوند سبع سنين وبعده وجنشوند ثلاثاً وعشرين سنة‏.‏ ولهذه العصور أبتدأ ضعف الأحكام للقوط‏.‏ وبعده مانيه ثمان سنين وبعده لوري ثمان سنين وبعده ايقه ست عشرة سنة وبعده غطسة أربع عشرة سنة وهو الذي وقع من قصته مع ابنه يليان عامل طنجة ما وقع‏.‏ ثم بعده زدريق سنتين وهو الذي دخل عليه المسلمون وغلبوه على ملك القوط وملكوا الأندلس‏.‏ ولذلك العهد كان الوليد بن عبد الملك حسبما نذكره عند فتح الأندلس إن شاء الله تعالى‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 10:01

الخبر عن هؤلاء القوط نقلته من كلام هروشيوش

وهو أصح ما رأيناه في ذلك والله سبحانه وتعالى الموفق المعين بفضله وكرمه لا رب غيره ولا الطبقة الثالثة من العرب وهم العرب التابعة للعرب وذكر أفاريقهم و أنسابهم وممالكهم وما كان لهم من الدول على اختلأفها والبادية والرحالة منهم وملكها‏.‏ هذه الأمة من العرب البادية أهل الخيام الذين لا اغلاق لهما لم يزالوا من أعظم أمم العالم وأكثر أجيال الخليقة يكثرون الأمم تارة وينتهي إليهم العز والغلبة بالكثرة فيظفرون بالملك ويغلبون على الأقاليم والمدن والأمصار‏.‏ ثم يهلكهم الترفه والتنعم ويغلبون عليهم ويقتلون ويرجعون إلى باديتهم وقد هلك المتصدرون منهم للرياسة بما باشروه من الترف ونضارة العيش وتصيير الأمر لغيرهم من أولئك المبعدين عنهم بعد عصور أخرى‏.‏ هكذا سنة الله في خلقه‏.‏ وللبادية منهم مع من يجاورهم من الأمم حروب ووقائع في كل عصر وجيل بما تركوا من طلب المعاش وجعلوا طلب المعاش رزقهم في معاشهم بترصد السبيل وانتهاب متاع الناس‏.‏ ولما استفحل الملك للعرب في الطبقة الأولى للعمالقة وفي الثانية للتبابعة وكان ذلك عن كثرتهم‏.‏ فكانوا منتشرين لذلك العهد باليمن والحجاز ثم بالعراق والشام‏.‏ فلما تقلص ملكهم وكانوا يقال في مبدأ كونهم هنالك أن بختنصر لما سلطه الله على العرب وعلى بني إسرائيل بما كانوا من بغيهم وقتلهم الأنبياء قتل أهل الوبر بناحية عدن اليمن نبيهم شعيب بن ذي مهدم على ما وقع في تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون ‏"‏ فأوحى الله إلى إرمياء بن حزقيا وبزخيا أن يسيرا بختنصر إلى العرب الذين لا إغلاق لبيوتهم أن يقتل ولا يستحي ويستلحمهم أجمعين ولا يبقى منهم أثراً‏.‏ وقال بختنصر‏:‏ وأنا رأيت مثل ذلك‏.‏ وسار إلى العرب وقد نظم ما بين أيلة والأبلة خيلاً ورجلاً‏.‏ وتسامع العرب بأقطار جزيرتهم واجتمعوا للقائه فهزم عدنان أولاً ثم استلحم الباقين ورجع إلى بابل وجمع السبايا فأنزلهم بالأنبار ثم خالطهم بعد ذلك النبطة‏.‏ وقال ابن الكلبي‏:‏ إن بختنصر لما نادى بغزو العرب افتتح أمره بالقبض على من كان في بلاده من تجارتهم للميرة وأنزلهم الحيرة ثم خرج إليهم في العساكر فرجعت قبائل منهم إليه آثروا الإذعان والمسالمة وأنزلتهم بالسواد على شاطىء الفرات وابتنوا موضع عسكرهم وسموه الاثبالي‏.‏ ثم أنزلتهم الحيرة فسكنوها سائر أيامه ورجعوا إلى الأنبار بعد مهلكه‏.‏
وقال الطبري‏:‏ إن تبع أبا بكر لما غزا العراق أيام أردشير بهمن كانت طريقه على جبل طيء ومنه إلى الأنبار وانتهى إلى موضع الحيرة ليلاً فتحير وأقام فسمي المكان الحيرة‏.‏ ثم سار لوجهه وخلف هنالك قوماً من الأزد ولخم وجذام وعاملة وقضاعة وطنوا وبنوا ولحق بهم ناس من طيء وكلب والسكون وإياد والحرث بن كعب فكانوا معهم‏.‏ وقيل وهو قريب من الأول‏:‏ خرج تبع في العرب حتى تحيروا بظاهر الكوفة فنزل بها ضعفاء الناس فسميت الحيرة‏.‏ ولما رجع ووجدهم قد استوطنوا تركهم هنالك وفيهم من كل قبائل العرب من هذيل ولخم وجعفى وطيء وكلب وبني لحيان من جرهم‏.‏ قال هشام بن محمد‏:‏ مات بختنصر انتقل الذين أسكنهم بالحيرة إلى الأنبار ومعهم من انضم إليهم من بني إسماعيل وبني معد وانقطعت طوالع العرب من اليمن عنهم‏.‏ ثم كثر أولاد معد وفرقتهم العرب وخرجوا يطلبون المنسع والريف فيما يليهم من بلاد اليمن ومشارف الشام‏.‏ ونزلت قبائل منهم البحرين وبها يومئذ قوم من الأزد نزلوها أيام خروح مزيقياء من اليمن‏.‏ وكان الذين اقبلوا من تهامة من العرب مالك وعمرو ابنا فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن قضاعة وابن أخيهما مالك بن زهير وابن عمرو بن فهم في جماعة من قومهم والختفار بن الحيق بن عمرو بن معد بن عدنان في قفص كلها‏.‏ ولحق بهم غطفان بن عمرو بن لطمان بن عبد مناف بن بعدم بن دعمى بن أياد بن أرقص بن صبيح بن الحارث بن أفصى بن دعمى وزهير بن الحرث بن أليل بن زهير بن أياد‏.‏ واجتمعوا بالبحرين وتحالفوا على المقام والتناصر وأنهم يد واحدة‏.‏ وكان هذا الاجتماع والحلف أزمان الطوائف وكان ملكهم قليلاً ومفترقاً وكان كل واحد منهم يغير على صاحبه ويرجع على أكثر من ذلك‏.‏ فتطلعت نفوس العرب بالبحرين إلى ريف العراق وطمعوا في غلب الأعاجم عليه أو مشاركتهم فيه واهتبلوا الخلاف الذي كان بين الطوائف وأجمع رؤساؤهم المسير إلى العراق‏.‏ فسار منهم الأول الحنفار بن الحبق في أشلاء قفص بن معد ومن معهم من أخلاط الناس فوجدوا بأرض بابل إلى الموصل بني إرم بن سام الذين كانوا ملوكاً بدمشق وقيل لها مات أجلهم دقشق إرم وهم من بقايا العرب الأولى‏.‏ فوجدوهم يقاتلون ملوك الطوائف فدفعوهم عن سواد العراق فارتفعوا عنه إلى أشلاء قفص هؤلاء ينسبون إلى عمرو بن عدي بن ربيعة جد بني المنذر عند نسابة مصر‏.‏ وفي قول حماد الراوية كما يأتي ذكره‏.‏ ثم طلع مالك وعمرو ابنا فهم وابن مالك بن زهير من قضاعة وغطفان بن عمرو وصبح بن صبيح وزهير بن الحرث من إياد فيمن معهم من غسان وحلفائهم بالأنبار وكلهم تنوخ كما قدمنا فغلبوا بني إرم ودفعوهم عن جهات السواد‏.‏ وجاء على أثرهم نمارة بن قيس ونمارة بن لخم نجدة من قبائل كندة فنزلوا الحيرة وأوطنوها وأقامت طالعة الأنبار وطالعة الحيرة لا يدينون للأعاجم ولا تدين لهم حتى مر بهم تبع وترك فيهم ضعفة عساكره كما تقدم وأوطنوا فيهم من ونزل كثير من تنوخ ما بين الحيرة والأنبار بادين في الخيام لا يأوون إلى المدن ولا يخالطون أهلها‏.‏ وكانوا يسمون عرب الضاحية وأول من ملك منهم أزمان الطوائف مالك بن فهم وبعده أخوه عمرو وبعده ابن أخيه جذيمة الأبرش كما يأتي ذكر ذلك كله‏.‏ وكان أيضاً ولد عمرو مزيقياء بعد خروجه من اليمن بالأزد قومه عند خروجه أنذرهم بسيل العرم في القصة المشهورة‏.‏ وقد انتشروا بالشام والعراق وتخلف من تخلف منهم بالحجاز وهم خزاعة فنزلوا مر الظهران وقاتلوا جرهماً بمكة فغلبوهم عليها ونزل نصر بن الأزد عمان ونزلت غسان جبال الشراة‏.‏ وكانت لهم حروب مع بني معد إلى أن استقروا هنالك في التخوم بين الحجاز والشام‏.‏ هذا شأن من أوطن العراق والشام من قبائل سبا‏.‏ تشاءم منهم أربعة وبقي باليمن ستة وهم مذحج وكندة والأشعريون وحمير وأنمار وهو أبو خثعم وبجيلة فكان الملك لهؤلاء باليمن في حمير ثم التبابعة منهم ويظهر من هذا أن خروج مزيقياء والأزد كان لأول ملك التبابعة أو قبله بيسير‏.‏ وأما بنو معد بن عدنان فكان إرميا وبرخيا لما أوحي إليهما بغزو بختنصر العرب أمرهما الله أن يستخرجا معد بن عدنان لان من ولده محمداً صلى الله عليه وسلم أخرجه آخر الزمان أختم به النبيين وأرفع به من الضعة فأخرجاه على البراق وهو ابن اثنتي عشرة سنة وذهبا به إلى حران فربي عندهما‏.‏ وغزا بختنصر العرب واستلحمهم وهلك عدنان وبقيت بلاد العرب خراباً‏.‏ ثم هلك بختنصر فخرج معد بن عدنان مع أنبياء بني إسرائيل فحجوا جميعاً وطفق يسأل عمن بقي من ولد الحرث بن مضاض الجرهمي‏.‏ وكانت قبائل دوس ‏)‏‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏(‏ أكثر جرهم على يده فقيل له بقي جرهم بن جلهة‏.‏ فتزوج ابنته معانة وولدت له نزار بن معد‏.‏ قال السهيلي‏:‏ وكان رجوع معد إلى الحجاز بعدما رفع الله بأسه عن العرب ورجعت بقاياهم التي كانت بالشواهق إلى مجالاتهم بعد أن دوخ بختنصر بلادهم وخرب معمورهم واستأصل حضورا وأهل الرس التي كانت سطوة الله بالعرب من أجلهم‏.‏ ثم كثر نسل معد في ربيعة ومضر وإياد وتدافعوا إلى العراق والشام وتقدم منهم أشلاء قفص كما ذكرنا وجاءوا على أثرهم فنزلوا مع أحياء اليمنية الذين ذكرناهم قبل وكانت لهم مع تبع حروب وهو الذي يقول‏:‏ لست بالتبع اليماني إن لم تركض الخيل في سواد العراق أو تودي ربيعة الخرج قسراً لم تعقها موانع العواق ثم كان بالعراق والشام والحجاز أيام الطوائف ومن بعدهم في أعقاب ملك التبابعة اليمنية والعدنانية ملك ودول وبعد أن درست الأجيال قبلهم وتبدلت الأحوال السابقة لعصرهم فاستحق بذلك أن يكون جيلاً منفرداً عن الأول وطبقة مباينة للطباق السالفة‏.‏ ولما لم يكن لهم أثر في إنشاء العروبية كما للعرب العاربة ولا في لغتها عنهم كما في المستعربة وكانوا تبعاً لمن تبعهم في سائر أحوالهم استحقوا التسمية بالعرب التابعة للعرب‏.‏ واستمرت الرياسة والملك في هذه الطبقة اليمانية أزمنة وآماداً بما كانت صبغتها لهم من قبل وإحياء مضر وربيعة تبعاً لهم‏.‏ فكان الملك بالحيرة للخم في بني المنذر وبالشام لغسان في بني جفنة وبيثرب كذلك في الأوس والخزرج ابني قيلة وما سوى هؤلاء من العرب فكانوا ظواعن بادية وأحياء ناجعة وكانت في بعضهم رياسة بدوية وراجعة في الغالب إلى أحد هؤلاء‏.‏ ثم نبضت عروق الملك في مضر وظهرت قريش على مكة ونواحي الحجاز أزمنة عرف فيها منهم ودانت الدول بتعظيمهم‏.‏ ثم صبح الإسلام أهل هذا الجيل وأمرهم على ما ذكرناه فاستحالت صبغة الملك إليهم وعادت الدول لمضر من بينهم واختصت كرامة الله بالنبوة بهم فكانت فيهم الدول الإسلامية كلها إلا بعضاً من دولها قام بها العجم اقتداء بالملة وتمهيداً للدعوة حسبما نذكر ذلك كله‏.‏ فلنأت الآن بذكر قبائل هذه الطبقة من قحطان وعدنان وقضاعة وما كان لكل واحدة منها من الملك قبل الإسلام وبعده‏:‏ ومن كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني في أخبار خزيمة بن نهد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة قال‏:‏ كان بدء تفرق بني إسماعيل من تهامة ونزوعهم عنها إلى الآفاق وخروج من خرج منهم عن نسبه أن قضاعة كانوا مجاورين لنزار وكان حزيمة بن نهد فاسقاً متعرضاً للنساء فشبب بفاطمة بنت يذكر وهو عامر بن عنزة وذكرها في شعره حيث يقول‏:‏ إذا الجوزاء أردفت الثريا ظننت بآل فاطمة الظنونا وحالت دون ذلك من هموم هموم تخرج الشجر الربينا أرى ابنة يذكر ظعنت فحلت جنوب الحزن يا شحطاً مبينا وسخط ذلك يذكر خشية حزيمة على نفسه فاغتاله وقتله وانطفت نار يذكر ولم يصح على حزيمة شيء حتى تتوجه به المطالبة على قضاعة حتى قال في شعره‏:‏ فاه كان عند رضاب العصير ففيها يعل به الزنجبيل قتلت أباها على حبها فتبخل إن بخلت أوتقيل فلما سمعت نزار شعر حزيمة بن نهد وقتله يذكر بن عنزة ثاروا مع قضاعة وتساندوا مع أحياء العرب الذين كانوا معهم وكانت هذه مع نزار ونسبها يومئذ كندة بن جنادة بن معد وجيرانهم يومئذ أجأ بن عمرو بن أد بن أدد ابن أخي عدنان بن أدد‏.‏ وكانت قضاعة تنتسب إلى معد‏.‏ ومعد إلى عدنان والأشعريون إلى الأشعر بن أدد ابن عدنان وكانوا يظنون من تهامة إلى الشام ومنازلهم بالصفاع‏.‏ وكانت عسقلان من ولد ربيعة وكانت قضاعة ما بين مكة والطائف وكندة من العمد إلى ذات عرق ومنازل أجأ والأشعر ومعد ما بين جدة والبحر‏.‏ فلما اقتتلوا هزمت نزار قضاعة وقتل حزيمة وخرجوا متفرقين فسارت تيم اللات من قضاعة وبعض بني رفيدة منهم وفرقة من الأشعريين نحو البحرين ونزلوا هجر وأجلوا من كان بها من النبط وملكوها‏.‏ وكانت الزرقاء بنت زهير كاهنة منهم فتكهنت لهم بنزول ذلك المكان والخروج عن تهامة


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 10:02

وقالت في شعرها‏:‏ ودع تهامة لاوداع مخالف بذمامة لكن قلى وملام لاتنكري هجراً مقام غريبة لن تعدمي من ظاعنين تهام ثم تكهنت لهم في سجع بأنهم يقيمون بهجر حتى ينعق غراب أبقع عليه خلخال ذهباً ويقع على نخلة وصفتها فيسيرون إلى الحيرة وكان في سجعها مقام وتنوخ فسميت تلك القبائل تنوخ من أجل هذه اللفظة‏.‏ ولحق بهم قوم من الأزد فدخلوا في تنوخ وأصاب بقية قضاعة الموتان وسارت فرقة من بني حلوان فنزلوا عبقرة من أرض الجزيرة ونسج نساؤهم البرود العبقرية من الصوف والبرود التزيدية إليهم لأنهم بنو تزيد وأغارت عليهم الترك فأصابوا منهم‏.‏ وأقبل الحرث بن قراد البهراني ليستجيش بني حلوان له أبان بن سليح صاحب العين فقتله الحرث ولحقت بهرا بالترك فاستنقذوا ما أخذوه من بني تزيد وهزموهم وقال الحرث‏:‏ كأن الدهر جمع في ليال ثلاث بينهن بشهر زور صفننا للأعاجم من معد صفوفاً بالجزيرة كالسعير وسارت سليح بن عمرو بن الحاف وعليهم الهدرجان بن مسلمة حتى نزلوا فلسطين على بني أدينة بن السميدع بن عاملة‏.‏ وسارت أسلم بن الحاف وهي عذرة ونهد وحويكة وجهينة حتى نزلوا بين الحجر ووادي القرى وأقامت تنوخ بالبحرين سنين‏.‏ ثم أقبل الغراب بحلقتي الذهب ووقع على النخلة ونعق كما قالت الزرقاء فذكروا قولها وارتحلوا إلى الحيرة فنزلوها وهم أول من اختطها‏.‏ وكان رئيسهم مالك بن زهير واجتمع إليه ناس كثيرة من بسائط القرى وبنوا بها المنازل وأقاموا زماناً ثم أغار عليهم سابور الأكبر وقاتلوه وكان شعارهم يا لعباد الله فسموا العباد‏.‏ وهزمهم سابور فافترقوا وسار أهل المهبط منهم مع الضيزن بن معاوية التنوخي فنزل بالحضر الذي بناه الساطرون الجرمقاني فأقاموا عليه وأغارت حمير على قضاعة فأجلوهم وهم كلب‏.‏ وخرج بنوزبان بن تغلب بن حلوان فلحقوا بالشام‏.‏ ثم أغارت عليهم كنانة بعد ذلك بحين واستباحوهم فلحقوا بالسماوة وهي إلى اليوم منازلهم‏.‏ قلت‏:‏ وأحياء جدهم لهذا العهد ما بين عنزة وقلتة وفلسطين إلى معان من أرض الحجاز‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 10:02

الخبر عن أنساب العرب من هذه الطبقة الثالثة واحدة وذكر مواطنهم ومن كان له الملك منهم
أعلم أن جميع العرب يرجعون إلى ثلاثة أنساب‏:‏ وهي عدنان وقحطان وقضاعة‏.‏ فأما عدنان فهو من ولد إسماعيل بالاتفاق إلا ذكر الآباء الذي بينه وبين إسماعيل فليس فيه شيء يرجع إلى يقينه وغير عدنان من ولد إسماعيل قد انقرضوا فليس على وجه الأرض منهم أحد‏.‏ وأما قحطان فقيل من ولد إسماعيل وهو ظاهر كلام البخاري في قوله‏:‏ باب نسبة اليمن إلى إسماعيل وساق في الباب قوله صلى الله عليه وسلم لقوم من أسلم يناضلون‏:‏ ارموا يا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً‏.‏ ثم قال‏:‏ وأسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر من خزاعة يعني وخزاعة من سبأ والأوس والخزرج منهم وأصحاب هذا المذهب على أن قحطان ابن الهميسع بن أبين بن قيذار بن نبت بن إسماعيل‏.‏ والجمهور على أن قحطان هو يقطن المذكور في التوراة في ولد عابر وأن حضرموت من شعوب قحطان‏.‏ وأما قضاعة فقيل أنها حمير قاله ابن إسحق والكلبي وطائفة وقد يحتج لذلك بما رواه ابن لهيعة عن عقبة بن عامر الجهني قال‏:‏ يا رسول الله ممن نحن قال أنتم من قضاعة بن مالك‏.‏ وقال عمرو بن مرة وهو من الصحابة‏:‏ نحن بنو الشيخ العجاز الأزهري قضاعة بن مالك بن حمير النسب المعروف غير المنكر وقال زهير‏:‏ قضاعية وأختها مضرية‏.‏ فجعلهما أخوين وقال أنهما من حمير بن معد بن عدنان وقال بن عبد البر وعليه الأكثرون‏:‏ ويروي عن ابن عباس وابن عمرو وجبير بن مطعم وهو اختيار الزبير بن بكار وابن مصعب الزبير وابن هشام‏.‏ قال السهيلي‏:‏ والصحيح أن أم قضاعة وهي عبكرة مات عنها مالك بن حمير وهي حامل بقضاعة فتزوجها معد وولدت قضاعة فتكنى به ونسب إليه وهو قول الزبير‏.‏ وفي كتب الحكماء الأقدمين من يونان مثل بطليموس وهروشيوش ذكر القضاعيين والخبر عن حروبهم فلا يعلم أهم أوائل قضاعة هؤلاء وأسلافهم أو غيرهم‏.‏ وربما يشهد للقول بأنهم من عدنان وأن بلادهم لا تتصل ببلاد اليمن وإنما هي ببلاد الشام وبلاد بني عدنان والنسب البعيد يحيل الظنون ولا يرجع فيه إلى يقين‏.‏ ولنبدأ بقحطان وبطونها‏:‏ لما أن الملك الأقدم للعرب كان في نسب سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ومنه تشعب بطون حمير بن سبأ وكهلان بن سبأ‏.‏ وينفرد بنو حمير بالملك وكان منهم التبابعة أهل الدولة المشهورة وغيرهم كما نذكر‏.‏ فلنبدأ بذكر حمير أولاً من القحطانية ونذكر بعدهم قضاعة لانتسابهم في المشهور إلى حمير ثم نتبعهم بذكر كهلان إخوان حمير من القضاعية ثم نرجع إلى ذكر عدنان‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 10:03

الخبر عن حمير من القحطانية وبطونها وتفرع شعوبها
قد تقدم لنا ذكر الشعوب من حمير الذين كان لهم الملك قبل التبابعة فلا حاجة لنا إلى إعادة ذكرهم‏.‏ وتقدم لنا أن حمير بن سبأ كان له من الولد تسعة وهم‏:‏ الهميسع ومالك وزيد وعريب وواثل ومشروح ومعد يكرب وأوسع ومرة‏.‏ فبنو مرة دخلوا إلى حضرموت‏.‏ وكان من حمير أبين بن زهير بن الغوث بن أبين بن الهميسع بن حمير‏.‏ وإليهم تنسب عدن أبين ومنهم بنو الأملوك وبنو عبد شمس وهما إبنا وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير وعريب وأبين أخوان ومن بني عبد شمس بنو شرعب بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس وقد تقدم قول من ذهب إلى أن جشم وعبد شمس أخوان وهما ابنا واثل والصحيح ما ذكرناه هنا فلترجع‏.‏ وبنو خيران وشعبان وهما ابنا عمرو أخي شرعب بن قيس وزيد الجمهور بن سهل أخي خيران وشعبان‏.‏ ورابعهم حسان القيل بن عمرو وقد مر ذكره‏.‏ ومن زيد الجمهور ذو رعين واسمه يريم بن زيد بن سهل وإليه ينسب عبد كلال الذي تقدم ذكره في ملوك التبابعة‏.‏ والحارث وعريب ابنا عبد كلال بن عريب بن يشرح بن مدان بن ذي رعين وهما اللذان كتب لهما النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ومنهم كعب بن زيد الجمهور ويلقب كعب الظلم وأبناء سبا الأصغر بن كعب وإليه ينتهي نسب ملوك التبابعة‏.‏ ومن زيد الجمهور بنو حضور بن عدي بن مالك بن زيد وقد مر ذكرهم‏.‏ وتقول اليمن أن منهم كان شعيب بن ذي مهدم النبي الذي قتله قومه فغزاهم بختنصر فقتلهم‏.‏ وقيل بل هو من حضور بن قحطان الذي اسمه في التوراة يقطن ومنهم أيضاً بنو ميثم وبنو حالة ابني سعد بن عوف بن عدي بن مالك أخي ذي رعين‏.‏ وعوف هذا أخو حضور وأخوه أحاظة وميثم بنو حراز بن سعد‏.‏ فمن ميثم كعب الأحبار وقد مر ذكره‏.‏ وهو كعب بن ماتع بن هلسوع بن ذي هجري بن ميثم‏.‏ ومن أحاظة رهط ذي الكلاع وهو ومن عمرو بن سعد الخبائر والسحول بنو سوادة بن عمرو بن الغوث بن سعد يحصب وذو أصبح أبرهة بن الصباح وكان من ملوك اليمن لعهد الإسلام وقد مر ذكره ونسبه‏.‏ ومنهم مالك بن أنس إمام دار الهجرة وكبير فقهاء السلف وهو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر وهو نافع بن عمرو بن الحرث بن عثمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح وأبناء يحيى ومحمد وأعمامه أويس وأبو سهل والربيع وكانوا خلفاء لبني تيم من قريش ومن زيد الجمهور مرثد بن علس بن ذي جدن بن الحرث بن زيد وهو الذي استجاشه امرؤ القيس على بني أسد قاتلي أبيه‏.‏ ومن بني سبا الأصغر الأوزاع وهم بنو مرثد بن زيد بن شدد بن زرعة بن سبأ الأصغر‏.‏ ومن إخوان هؤلاء الأوزاع بنو يعفر الذين استبدوا بملك اليمن كما يأتي عند ذكر ملوك اليمن في الدولة العباسية‏.‏ وهو يعفر بن عبد الرحمن بن كريب بن عثمان بن الوضاح بن إبراهيم بن مانع بن عون بن تدرص بن عامر بن ذي مغار البطين بن ذي مرايش بن مالك بن زيد بن غوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن شدد بن زرعة‏.‏ وكان آخر ملوك بني يعفر هؤلاء باليمن أبو حسان أسعد بن أبي يعفر إبراهيم بن محمد بن يعفر ملك أبو إبراهيم صنعاء وبنى قلعة كحلان باليمن‏.‏ وورث ملكه بنوه من بعده إلى أن غلب عليهم الصليحيون من همدان بدعوة العبيديين من الشيعة كما نذكر في أخبارهم‏.‏ ومن زيد الجمهور ملوك التبابعة وملوك حمير من ولد صيفي بن سبا الأصغر بن كعب بن زيد‏.‏ قال ابن حزم‏:‏ فمن ولد صيفي هذا تبع وهو تبان وهو أيضاً أسعد أبو كرب بن كليكرب وهو تبع بن زيد وهو تبع بن عمرو وهو تبع ذو الأذعار بن أبرهة وهو تبع ذو المنار بن الرايش بن قيس بن صيفي‏.‏ قال‏:‏ فولد تبع أسعد أبو كرب حسان ذو معاهر وتبع زرعة وهو ذو نواس الذي تهود وهود أهل اليمن ويسمى يوسف وقتل أهل نجران من النصارى‏.‏ وعمرو بن سعد وهو موثبان‏.‏ قال‏:‏ ومن هؤلاء التبابعة شمر يرعش بن ياسر ينعم بن عمرو ذي الأذعار وأفريقش بن قيس بن صيفي وبلقيس بنت إيلي أشرح بن ذي جدن بن إيلي أشرح بن الحرث بن قيس بن صيفي‏.‏ قال‏:‏ وفي أنساب التبابعة تخليط واختلاف ولا يصح منها ومن أخبارهم إلا القليل‏.‏ ومن زيد الجمهور ذو يزن بن عامر بن أسلم بن زيد‏.‏ وقال ابن حزم‏:‏ إن عامر هو ذو يزن قال ومن ولده سيف بن النعمان بن عفير بن زرعة بن عفير بن الحرث بن النعمان بن قيس بن عبيد بن سيف بن ذي يزن الذي استجاش كسرى على الحبشة وأدخل الفرس إلى اليمن‏.‏ هذه بطون حمير وأنسابها وديارهم باليمن من صنعاء إلى ظفار إلى عدن‏.‏ وأخبار دولهم قد تقدمت‏.‏ ونلحق بالكلام في أنساب حمير بن سبأ أنساب حضرموت وجرهم وما ذكره النسابون من شعوبهما‏:‏ فإنهم يذكرونهما مع حمير لأن حضرموت وجرهم إخوة سبأ كما وقع في التوراة وقد ذكرناه ولم يبق من ولد قحان بعد سبأ معروف العقب غير هذين‏.‏ فأما حضرموت فقد تقدم ذكرهم في العرب البائدة ومن كان منهم من الملوك يومئذ ونبهنا هنالك أن منهم بقية في الأجيال المتأخرة اندرجوا في غيرهم فلذلك ذكرناهم في هذه الطبقة الثالثة‏.‏ قال ابن حزم‏:‏ ويقال إن حضرموت هو ابن يقطن أخي قحطان والله أعلم‏.‏ وكان فيهم رياسة إلى الإسلام‏.‏ منهم وائل بن حجر له صحبة وهو وائل بن حجر بن سعيد بن مسروق بن وائل بن النعمان بن ربيعة بن الحارث بن عوف بن سعد بن عوف بن عدي بن شرحبيل بن الحرث بن مالك بن مرة بن حمير بن زيد بن لابي بن مالك بن قدامة بن أعجب بن مالك ابن لابي بن قحطان‏.‏ وابنه علقمة بن وائل‏.‏ وسقط عنده بين حجر أبي وائل وسعيد بن مسروق أب اسمه سعد وهو ابن سعيد‏.‏ ثم قال ابن حزم‏:‏ ويذكر بنو خلدون الأشبيليون فيقال‏:‏ إنهم من ولد الجبار بن علقمة بن وائل منهم علي المنذر بن محمد وابنه بقرمونة وأشبيلية اللذين قتلهما إبراهيم بن حجاج اللخمي غيلةً وهما ابنا عثمان أبي بكر بن خالد بن عثمان أبي بكر بن مخلوف المعروف بخلدون الداخل المشرق‏.‏ وقال غيره في خلدون الأول‏:‏ إنه ابن عمرو بن خلدون‏.‏ وقال ابن حزم في خلدون أنه ابن عثمان بن هانيء بن الخطاب بن كريب بن معد يكرب بن الحرث بن وائل بن حجر‏.‏ وقال غيره خلدون بن مسلم بن عمر بن الخطاب بن هانيء بن كريب بن معد يكرب بن الحرث بن وائل‏.‏ قال ابن حزم‏:‏ والصدف من بني حضرموت وهو الصدف بن أسلم بن زيد بن مالك بن زيد بن حضرموت الأكبر‏.‏ قال ومن حضرموت العلاء بن الحضرمي الذي ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم البحرين وأبو بكر وعمر من بعده إلى أن توفي سنة إحدى وعشرين وهو العلاء بن عبد الله بن عبدة بن حماد بن مالك حليف بني أمية بن عبد شمس وأخوه ميمون بن الحضرمي بن الصدف‏.‏ فيقال عبد الله بن حماد بن أكبر بن ربيعة بن مالك بن أكبر بن غريب بن مالك بن الخزرج بن الصدف‏.‏ قال وأخت العلاء الصعبة بنت الحضرمي أم طلحة بن عبد الله‏.‏ وأما جرهم فقال ابن سعيد‏:‏ إنهم أمتان أمة على عهد عاد وأمة من ولد جرهم بن قحطان‏.‏ ولما ملك يعرب بن قحطان اليمن ملك أخوه جرهم الحجاز ثم ملك من بعده ابنه عبد ياليل بن جرهم ثم ابنه جرشم بن عبد ياليل ثم ملك من بعده ابنه عبد المدان بن جرشم ثم ابنه نفيلة بن عبد المدان‏.‏ ثم ابنه عبد المسيح بن نفيلة ثم ابنه مضاض بن عبد المسيح ثم ابنه عمرو بن مضاض ثم أخوه الحرث بن مضاض ثم ابنه عمرو بن الحرث ثم أخوه بشر بن الحرث ثم مضاض بن عمرو بن مضاض‏.‏ قال وهذه الأمة الثانية هم الذين بعث إليهم إسماعيل وتزوج فيهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 7 مايو 2008 - 10:04

الخبر عن قضاعة وبطونها والإلمام ببعض الملك الذي كان فيها
قد تقدم آنفاً ذكر الخلاف الذي في قضاعة هل هم لحمير أو لعدنان ونقلنا الحجاج لكلا المذهبين وأتينا بذكر أنسابهم تالية حمير ترجيحاً للقول بأنهم منهم وعلى هذا فقيل هو قضاعة بن مالك بن حمير‏.‏ وقال ابن الكلبي‏:‏ قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير‏.‏ وكان قضاعة فيما قال ابن سعيد ملكاً على بلاد الشحر وصارت بعده لابنه الحاف ثم لابنه مالك‏.‏ ولم يذكر ابن حزم في ولد الحاف مالكاً‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ وكانت بين قضاعة وبين واثل بن حمير حروب‏.‏ ثم استقل ببلاد الشحر مهرة بن حيدان بن الحاف بن قضاعة وعرفت به‏.‏ قال وملك بنو قضاعة أيضاً نجران ثم غلبهم عليها بنو الحرث بن كعب بن الأزد وساروا إلى الحجاز فدخلوا في قبائل معد ومن هنا غلط من نسبهم إلى معد‏.‏ ولنذكر الآن تشعب البطون من قضاعة‏:‏ أتفق النسابون على أن قضاعة لم يكن له من الولد إلا الحاف ومنه سائر بطونهم وللحافي ثلاثة من الولد عمر وعمران وأسلم بضم اللام قاله ابن حزم‏.‏ فمن عمرو بن الحاف حيدان وبلى وبهرا‏.‏ فمن حيدان مهرة ومن بلى جماعة من مشاهير الصحابة‏:‏ منهم كعب بن عجرة وخديج بن سلامة وسهل بن رافع وأبو بردة ابن نيار‏.‏ ومن بهرا جماعة من الصحابة أيضاً منهم المقداد بن عمرو وينسب إلى الأسود ابن عبد يغوث بن وهب خال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخي أمه وتبناه فنسب إليه‏.‏ ويقال إن خالد بن برمك مولى بني بهرا‏.‏ ومن أسلم سعد هذيم وجهينة ونهد بنو زيد بن ليث بن سود بن أسلم‏.‏ فجهينة ما بين الينبع ويثرب إلى الآن في متسع من برية الحجاز وفي شماليهم إلى عقبة أيلة مواطن بلى وكلاهما على العدوة الشرقية من بحر القلزم وأجاز منهم أمم إلى العدوة الغربية وانتشروا ما بين صعيد مصر وبلاد الحبشة وكثروا هنالك سائر الأمم وغلبوا على بلاد النوبة وفرقوا كلمتهم وأزالوا ملكهم‏.‏ وحاربوا الحبشة فارهقوهم إلى هذا العهد‏.‏ ومن سعد هذيم بنو عذرة المشهورون بين العرب في المحبة‏.‏ كان منهم جميل بن عبد الله بن معمر وصاحبته بثينة بنت حبابا‏.‏ قال ابن حزم‏:‏ كان لأبيها صحبة‏.‏ ومنهم عروة بن حزام وصاحبته عفرا‏.‏ ومن بني عذرة كان رزاح بن ربيعة أخو قصي بن كلاب لأمه وهو الذي استظهر قصي به وبقومه على بني سعد بن زيد بن قناة ابن عم تميم فغلبهم على الاجازة بالناس من عرفة وكانت مفتاح رياسته ومن عمران بن الحافي بنو سليح وهو عمرو بن حلوان بن عمران‏.‏ ومن بني سليح الضجاعم بنو ضجعم بن سعد بن سليح كانوا ملوكاً بالشام للروم قبل غسان‏.‏ ومن بني عمران بن الحاف بنو جرم بن زبان بن حلوان بن عمران بطن كبير وفيهم كثير من الصحابة ومواطنهم ما بين غزة وجبال الشراة من الشام‏.‏ وجبال الشراة من جبال الكرك‏.‏ ومن تغلب بن حلوان بنو أسد وبنو النمر وبنو كلب قبائل ضخمة كلهم بنو وبرة بن تغلب‏.‏ فمن النمر خشين بن النمر ومن بني أسد بن وبرة تنوخ وهم فهم بن تيم اللات بن أسد منهم مالك بن زهير بن عمرو بن عمرو بن فهم وعليه تنخت تنوخ‏.‏ وعلى عهد أبيه مالك بن فهم كما مر وكانوا حلفاء لبني حزم‏.‏ فتنوخ على ثلاثة أبطن‏:‏ بطن اسمه فهم وهم هؤلاء وبطن اسمه نزر وهم ليس نزاز لهم بوالد لكنهم من بطون قضاعة كلها‏.‏ ومن بني تيم اللات ومن غيرهم بطون ثلاث يقال لهم الأحلاف من جميع قبائل العرب من كندة ولخم وجذام وعبد القيس‏.‏ ومن بني أسد بن وبرة بنو القين واسمه النعمان بن جسر بن شيع اللات بن أسد‏.‏ ومن بني كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بنو كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب‏.‏ قبيلة ضخمة فيها ثلاثة بطون‏:‏ بنو عدي وبنو زهير وبنو عليم‏.‏ وبنو جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بطون ضخمة ومنهم عبيدة بن هبيل شاعر قديم ويقول نبكي الديار كما بكى ابن حرام‏.‏ وقد قيل‏:‏ إنه من بكر بن وائل‏.‏ وقال هشام بن السائب الكلبي‏:‏ إذا سئلوا بم بكى ابن حرام الديار‏.‏ انشدوا خمسة أبيات من كلمات امرؤ القيس المشهورة‏:‏ قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل‏.‏ ويقولون إن بقيتها لامرىء القيس بن حجر‏.‏ وهذا امرؤ القيس بن حرام شاعر قديم دثر شعره لأنه لم يكن للعرب كتاب لبدأتها وإنما بقي من أشعارهم ما ذكره رواة الإسلام وقيدوه من رواية الكتاب من محفوظ الرجال‏.‏ ومن بني عدي بنو حصين بن ضمضم بن عدي كانت منهم نائلة بنت الفرافصة بني الأحوص بن عمرو بن ثعلبة بن الحرث بن حصن امرأة عثمان بن عفان ومنهم أبو الخطار الحسام بن ضرار بن سلامان بن جشم بن ربيعة بن حصن أمير الأندلس ومنسبة بن شحيم بن منجاش بن مزغور بن منجاش بن هذيم بن عدي بن زهير وابن ابنه حسان بن مالك بن بحدل الذي قام بمروان يوم مرج راهط‏.‏ وكانت رياسة الإسلام في كلب لبني بحدل هؤلاء ومن عقبهم بنو منقذ ملوك شيزر‏.‏ ومن بني زهير بن جناب حنظلة بن صفوان بن توبل بن بشر بن حنظلة بن علقمة بن شراحيل بن هرير بن أبي جابر بن زهير ولي أفريقية لهشام‏.‏ ومن عليم بن جناب بنو معقل وربما يقال إن عرب المعقل الذين بالمغرب الأقصى لهذا العهد وفي زمانه ينتسبون فيهم‏.‏ ومن بطون كلب بن عوف بن بكر بن عوف بن كعب بن عوف بن عامر بن عوف دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرىء القيس بن الخزرج بن عامر بن بكر بن عامر بن عوف صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أتاه جبريل عليه السلام في صورته‏.‏ ومنصور بن جهور بن حفر بن عمرو بن خالد بن حارثة بن العبيد بن عامر بن عوف القائم مع يزيد بن الوليد وولاه الكوفة‏.‏ وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبدود بن عوف سبي أبوه زيد في الجاهلية وصار إلى خديجة فوهبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وجاءه أبوه وخيره النبي صلى الله عليه وسلم فاختاره على أبيه وأهله وأقام في كفالة النبي صلى الله عليه وسلم ثم أعتقه‏.‏ وربي ابنه أسامة في بيته ومع مواليه وأخباره مشهورة‏.‏ ومن بني كلب ثم من بني كنانة بن بكر بن عوف النسابة بن الكلبي وهوأبو المنذر هشام بن محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحرث بن عبد العزى بن امرىء القيس‏.‏ قال ابن حزم‏:‏ هكذا ذكره ابن الكلبي في نسبه‏.‏ وأرى امرأ القيس هذا هو عامر بن النعمان بن عامر ابن عبدود بن عوف بن كنانة بن غزرة وقدمن بقية نسبه‏.‏ وكان لقضاعة هؤلاء ملك ما بين الشام والحجاز إلى العراق في أيلة وجبال الكرك إلى مشارف الشام واستعملهم الروم على باب بادية العرب هنالك‏.‏ وكان أول الملك فيهم في تنوخ وتتابعت فيهم فيما ذكر المسعودي ثلاثة ملوك‏:‏ النعمان بن عمرو ثم ابنه عمرو بن النعمان ثم ابنه الحواري بن عمرو‏.‏ ثم غلبهم على أمرهم سليح من بطون قضاعة وكانت رياستهم في ضجعم بن معد منهم‏.‏ وقارن ذلك استيلاء طيطش من القياصرة على الشام فولاهم ملوكاً على العرب من قبله يجيبون له من ساحتهم إلى أن ولي منهم زيادة بن هبولة بن عمرو بن عوف بن ضجعم‏.‏ وخرجت غسان من اليمن فغلبوهم على أمرهم وصار ملك العرب بالشام لبني جفنة وانقرض ملك الضجاعم حسبما نذكر‏.‏ وقال ابن سعيد‏:‏ سار زيادة بن هبولة بن أبقى السيف منهم بعد غسان إلى الحجاز فقتله حجر‏.‏ آكل المرار الكندي كان على الحجاز من قبل التبابعة وأفنى بقيتهم فلم ينج منهم إلا القليل قال‏:‏ ومن الناس من يطلق تنوخ على الضجاعمة ودوس الذين تنخوا بالبحرين أي أقاموا قال‏:‏ وكان لبني العبيد بن الأبرص بن عمر بن أشجع بن سليح ملك يتوارثونه بالحضر آثاره باقية في برية سنجار وكان آخرهم الضيزن بن معاوية بن العبيد المعروف عند الجرامقة بالساطرون‏.‏ وقصته مع سابور ذي الجنود من الأكاسرة معروفة‏.‏ قال‏:‏ وكان لقضاعة ملك آخر في كلب بن وبرة يتداولونه مع السكون من كندة فكانت لكلب دومة الجندل وتبوك ودخلوا في دين النصرانية وجاء الإسلام والدولة في دومة الجندل لأكيدر بن عبد الملك بن السكون ويقال أنه كندي من ذرية الملوك الذين ولاهم التبابعة على كلب فأسره خالد بن الوليد وجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فصالح على دومة وكان في أول من ملكها دجانة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب‏.‏ قال‏:‏ وبقيت بنو كلب الآن في خلق عظيم على خليج القسطنطينية منهم مسلمون ومنهم متنصرون‏.‏ قال ابن حزم‏:‏ وجميع قبائل العرب راجعة إلى أب واحد حاش ثلاث قبائل‏:‏ وهي تنوخ والعتقي وغسان‏.‏ فأما تنوخ فقد ذكرناهم وأما العتقي فهم من حجر حمير ومن حجر من ذي رعين ومن سعد العشيرة ومن كنانة بن خزيمة ومنهم زبيد بن الحرث العتقي من حجر حمير وهو مولى عبد الرحمن بن القاسم وخالد بن جنادة المصري صاحب مالك بن أنس وهو مولى زبيد لاحظ الشكل المذكور من أسفل‏.‏ وأما غسان فإنهم من بني أب لا يدخل بعضهم في هذا النسب ويدخل فيهم من غيرهم وسموا العتقا لأنهم اجتمعوا ليفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فظفر بهم فأعتقهم وكانوا جماعة من بطون شتى وسموا تنوخ لأن التنوخ الإقامة فتحالفوا على الإقامة بموضعهم بالشام وهم من بطون شتى‏.‏ وأما غسان فإنهم أيضاً طوائف


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:09

الخبر عن بطون كهلان
من القحطانية وشعوبهم واتصال بعضها مع بعض وانقضائها هؤلاء بنو كهلان بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان إخوة بني حميربن سبا‏.‏ وتداولوا معهم الملك أول أمرهم ثم انفرد بنو حمير به وبقيت بطون بني كهلان تحت ملكتهم باليمن‏.‏ ثم لما تقلص ملك حمير بقيت الرياسة على العرب البادية لبني كهلان لما كانوا بادين لم يأخذ ترف الحضارة منهم ولا أدركهم الهرم الذي أودى بحمير‏.‏ إنما كانوا أحياء ناجعة في البادية والرؤساء والأمراء في العرب إنما كانوا منهم‏.‏ وكان لكندة من بطونهم ملك باليمن والحجاز‏.‏ ثم خرجت الأزد من شعوبهم أيضاً من اليمن مع مزيقيا وافترقوا بالشام‏.‏ وكان لهم ملك بالشام في بني جفنة وملك بيثرب في الأوس والخزرج وملك بالعراق في بني فهم‏.‏ ثم خرجت لخم وطيء من شعوبهم أيضاً من اليمن‏.‏ وكان لهم ملك بالحيرة في آل المنذر حسبما نذكر ذلك كله‏.‏ وأما شعوبهم فهي كلها تسعة من زيد بن كهلان في مالك بن زيد وعريب بن زيد‏.‏ فمن مالك بطون همدان وديارهم لم تزل باليمن في شرقيه وهم بنو أوسلة وهو همدان بن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الجبار بن مالك بن زيد بن نوف بن همدان‏.‏ ومن شعوب حاشد بنو يام بن أصغى بن مانع بن مالك بن جشم بن حاشد ومنهم طلحة بن مصرف‏.‏ ولما جاء الله بالإسلام افترق كثير من همدان في ممالكه وبقي منهم من بقي باليمن وكانوا شيعة لعلي كرم الله وجهه ورضي عنه عندما شجر بين الصحابة وهو المنشد فيهم متمثلاً‏.‏ فلو كنت بوباً على باب جنة لقلت لهمدان ادخلوا بسلام ولم يزل التشيع دينهم أيام الإسلام كلها ومنهم كان علي بن محمد الصليحي من بني يام القائم بدعوة العبيديين باليمن في حصن حرار من بني يام وهو من بطونهم وهو من بني يام من بطون حاشد‏.‏ فاستولى عليه وورث ملكه لبنيه حسبما نذكره في أخبارهم وكانت بعد ذلك وقبله دولة بني الرسى أيام الزيدية بصعدة فكانت على يدهم وبمظاهرتهم ولم يزل التشيع دينهم لهذا العهد‏.‏ وقال البيهقي‏:‏ وتفرقوا في الإسلام فلم تبق لهم قبيلة وبرية إلا باليمن وهم أعظم قبائله وهم عصبة المعطي من الزيدية القائمين بدعوته باليمن وملكوا جملة من حصون اليمن باليمن ولهم بها إقليم بكيل وإقليم حاشد من بطونهم‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ ومن همدان بنو الزريع وهم أصحاب الدعوة والملك في عدن والحيرة وهم زيدية وإخوة همدان الهان بن مالك بن زيد بن أوسلة ومن مالك بن زيد أيضاً الأزد وهو أزد بن الغوث بن نبت بن مالك وخثعم وبجيلة ابنا أنمار بن وقد يقال أنمار هو ابن نزار بن معد وليس بصحيح‏.‏ فأما الأزد فبطن عظيم متسع وشعوب كثيرة‏.‏ فمنهم بنو دوس من بني نصر بن الأزد وهو دوس بن عدنان بالثاء المثلثة ابن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحرث بن كعب بن مالك بن نصر بن الأزد بطن كبير‏.‏ ومنهم كان جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس وديارهيم بنواحي عمان‏.‏ وكان بعد دوس وجديمة ملك بعمان في إخوانهم بني نصر بن زهران بن كعب‏.‏ كان منهم قبيل الإسلام المستكبر بن مسعود بن الجرار بن عبد الله بن مغولة بن شمس بن عمرو بن غنم بن غالب بن عثمان بن نصر بن زهران‏.‏ والذي أدرك الإسلام منهم جيفر بن الجلندي بن كركر بن المستكبر وأخوه عبد الله ملك عمان‏.‏ كتب إليهما النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا‏.‏ واستعمل على نواحيهما عمرو بن العاص‏.‏ ومن الأزد ثم من بني مازن بن الأزد بنوعمرو مزيقيا بن عامر ويلقب ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرىء القيس البهلول بن ثعلبة بن مازن بن الأزد‏.‏ وعمرو هذا وآباؤه كانوا ملوكاً على بادية كهلان باليمن مع حمير واستفحل لهم الملك من بعدهم وكانت أرض سبأ باليمن لذلك العهد من أرفه البلاد وأخصبها وكانت مدافع للسيول المنحدرة بين جبلين هنالك فضرب بينهما سد بالصخر والقار يحبس سيول العيون والأمطار حتى يصرفوه من خروق في ذلك السد على مقدار ما يحتاجون إليه في سقيهم ومكث كذلك ما شاء الله أيام حمير‏.‏ فلما تقلص ملكهم وانحل نظام دولتهم وتغلب بادية كهلان على أرض سبا وانطلقت عليها الأيدي بالعيث والفساد وذهب الحفظة القائمون بأمر السد نذروا بخرابه‏.‏ وكان الذي نذر به عمرو مزيقيا ملكهم لما رأى من اختلال أحواله‏.‏ ويقال أن أخاه عمران الكاهن أخبره ويقال طريفة الكاهنة‏.‏ وقال السهيلي‏:‏ طريفة الكاهنة امرأة عمرو بن عامر وهي طريفة بنت الخير الحميرية لعهده‏.‏ وقال ابن هشام‏:‏ عن أبي زيد الأنصاري أنه رأى جرذاً تحفر السد فعلم أنه لا بقاء للسد مع ذلك فأجمع النقلة من اليمن‏.‏ وكاد قومه بأن أمر أصغر بنيه أن يلطمه إذا أغلظ له ففعل‏.‏ فقال لا أقيم في بلد يلطمني فيها أصغر ولدي وعرض أمواله فقال أشراف اليمن اغتنموا غضبة عمرو فاشتروا أمواله وانتقل في ولده وولد ولده‏.‏ فقال الأزد لا نتخلف عن عمرو فتجشموا للرحلة وباعوا أموالهم وخرجوا معه‏.‏ وكان رؤساؤهم في رحلتهم بنو عمرو مزيقيا ومن إليهم من بني مازن ففصل الأزد من بلادهم باليمن إلى الحجاز‏.‏ قال السهيلي‏:‏ كان فصولهم على عهد حسان بن تبان أسعد من ملوك التبابعة ولعهده كان خراب السد‏.‏ ولما فصل الأزد من اليمن كان أول نزولهم ببلاد عك ما بين زبيد وزمع‏.‏ وقتلوا ملك عك من الأزد ثم افترقوا إلى البلاد ونزل بنو نصر بن الأزد بالشراة وعمان‏.‏ ونزل بنو ثعلبة بن عمرو مزيقيا بيثرب‏.‏ وأقام بنو حارثة بن عمرو بمر الظهران بمكة‏.‏ وهم فيما يقال خزاعة‏.‏ ومروا على ماء يقال له غسان بين زبيد وزمع‏.‏ فكل من شرب منه من بني مزيقيا شفي به‏.‏ والذين شربوا منه بنو مالك وبنو الحرث وبنو جفنة وبنو كعب فكلهم يسمون غسان‏.‏ وبنو ثعلبة العتقاء لم يشربوا منه فلم يسموا به‏.‏ فمن ولد جفنة ملوك الشام الذين يأتي ذكرهم ودولتهم بالشام‏.‏ ومن ولد ثعلبة العتقاء الأوس والخزرج ملوك يثرب في الجاهلية وسنذكرهم‏.‏ ومن بطن عمرو مزيقيا بنو أفصى بن حارثة بن عمرو‏.‏ ويقال أنه أفصى بن عامر بن قمعة بلا شك بن الياس ابن مضر‏.‏ قال ابن حزم‏:‏ فإن كان أسلم بن أفصى منهم فمن بني أسلم بلا شك وبنو أبان وهو سعد بن عدي بن حارثة بن عمرو‏.‏ وبنو العتيك من الأزد عمران بن عمرو‏.‏ وأما بجيلة فبلادهم في سروات البحرين والحجاز إلى تبالة وقد افترقوا على الآفاق أيام الفتح فلم يبق منهم بمواطنهم إلا القليل‏.‏ ويقدم الحاج منهم على مكة في كل عام عليهم أثر الشظف ويعرفون من أهل الموسم بالسرو وأما حالهم لأول الفتح الإسلامي فمعروف ورجالاتهم مذكورة‏.‏ فمن بطون بجيلة قسر وهو مالك بن عبقر بن أنمار وهو أحمس بن الغوث بن أنمار‏.‏ وأما بنو عريب بن زيد بن كهلان فمنهم طيء والاشعريون ومذحج وبنو مرة وأربعتهم بنو أدد بن زيد بن يشجب بن عريب‏.‏ فأما الأشعريون فهم بنو أشعر وهو نبت بن أدد وبلادهم في ناحية الشمال من زبيد‏.‏ وكان لهم ظهور أول الإسلام ثم افترقوا في الفتوحات وكان لمن بقي منهم باليمن حروب مع ابن زياد لأول إمارته عليها أيام المأمون ثم ضعفوا عن ذلك وصاروا في عدد الرعايا‏.‏ وأما بنو طيء بن أدد فكانوا باليمن وخرجوا منه على أثر الأزد إلى الحجاز ونزلوا سميرا وفيد في جوار بني أسد ثم غلبوهم على أجا وسلمى وهما جبلان من بلادهم فاستقروا بهما وافترقوا لأول الإسلام في الفتوحات‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ ومنهم في بلادهم الآن أمم كثيرة ملأوا السهل والجبل حجازاً وشاماً وعراقاً يعني قبائل طيء هؤلاء وهم أصحاب الدولة في العرب لهذا العهد في العراق والشام وبمصر منهم سنبس والثعالب بطنان مشهوران‏.‏ فسنبس بن معاوية بن شبل بن عمرو بن الغوث بن طيء ومعهم بحتر بن ثعل‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ ومنهم زبيد بن معن بن عمرو بن عس بن سلامان بن ثعل‏.‏ وهم في برية سنجار‏.‏ والثعالب بنو ثعلبة بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن قطرة بن طيء وثعلبة بن جدعا بن ذهل بن رومان‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ ومنهم بنو لام بن ثعلبة منازلهم من المدينة إلى الجبلين وينزلون في أكثر أوقاتهم مدينة يثرب والثعالب الذين بصعيد مصر من ثعلب بن عمرو بن الغوث بن طيء‏.‏ قال ابن حزم‏:‏ لام بن طريف بن عمرو بن ثمامة بن مالك بن جدعا ومن الثعالب بنو ثعلبة بن ذهل بن رومان‏.‏ وبجهة بنيامين والشام بنو صخر ومن بطونهم غزية المرهوب صولتهم بالشام والعراق‏.‏ وهم بنو غزية بن أفلث بن معبد بن عمرو بن عس بن سلامان بن ثعل‏.‏ وبنو غزية كثيرون وهم في طريق الحاج بين العراق ونجد‏.‏ وكانت الرياسة على طيء في الجاهلية لبني هني بن عمرو بن الغوث ابن طيء وهم رمليون وإخوتهم جبليون‏.‏ ومن ولده إياس بن قبيصة الذي أدال به كسرى أبرويز النعمان المنذز حين قتله وأنزل طيا بالحيرة مكان لخم قوم النعمان وولى على العرب منهم إياساً هذا‏.‏ وهو إياس بن قبيصة بن أبي يعفر بن النعمان بن حبيب بن الحرث بن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن سعد بن هني فكانت لهم الرياسة إلى حين انقراض ملك الفرس‏.‏ ومن عقب إياس هذا بنو ربيعة بن علي بن مفرح بن بدر بن سالم بن قصة بن بدر بن سميع‏.‏ ومن ربيعة شعب آل مراد وشعب آل فضل‏.‏ وآل فضل شعبان آل علي وآل مهنا‏.‏ فعلي ومهنا ابنا فضل وفضل ومراد ابنا ربيعة وسميع الذين ينسبون إليه من عقب قبيصة بن أبي يعفر‏.‏ ويزعم كثير من جهلة البادية أنه الذي جاءت به العباسة أخت الرشيد من جعفر بن يحيى زعماً كاذباً لا أصل له‏.‏ وكانت الرياسة على طيء أيام العبيديين لبني المفرح ثم صارت لبني مراد بن ربيعة وكلهم ورثوا أرض غسان بالشام وملكهم على العرب‏.‏ ثم صارت الرياسة لبني علي وبني مهنا ابني فضل بن ربيعة اقتسموها مدة ثم انفرد بها لهذا العهد بنو مهنا الملوك على العرب إلى هذا العهد بمشارف الشام والعراق وبرية نجد‏.‏ وكان ظهورهم لأمر الدولة الأيوبية ومن بعدهم من ملوك الترك بمصر والشام ويأتي ذكرهم والله وارث الأرض ومن عليها‏.‏ وأما مذحج واسمه مالك بن زيد بن أدد بن زيد بن كهلان ومنهم مراد واسمه يخابر بن مذحج ومنهم سعد العشيرة بن مذجج بطن عظيم لهم شعوب كثيرة‏.‏ منهم جعفر بن سعد العشيرة وزبيد بن صعب بن سعد العشيرة‏.‏ ومن بطون مذحج النخع ورها ومسيلة وبنو الحرث بن كعب‏.‏ فأما النخع فهو جسر بن عمرو بن علة بن جلد بن مذحج ومسيلة بن عامر بن عمرو بن علة وأما رها فهو ابن منبه بن حرب بن علة‏.‏ وبقي من مذحج وبرية ينجعون مع أحياء طيء في جملة أيام بني مهنا مع العرب بالشام زمن أحلافهم وأكثرهم من زبيد‏.‏ وأما بنو الحرث فالحرث أبوهم ابن كعب بن علة وديارهم بنواحي نجران يجاورون بها ذهل بن مزيقيا من الأزد وبني حارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد وكان نجران قبلهم لجرهم ومنهم كان ملكها الأفعى الكاهن الذي حكم بين ولد نزار بن معد لما تنافروا إليه بعد موت نزار واسمه الغلس بن غمر ماء بن همدان بن مالك بن منتاب بن زيد بن واثل بن حمير‏.‏ وكان داعية لسليمان عليه السلام بعد أن كان والياً لبلقيس على نجران وبعثته إلى سليمان فصدق وآمن وأقام على دينه بعد موته‏.‏ ثم نزل نجران بنو الحرث بن كعب علة بن جلد بن مذحج فغلبوا عليها بني الأفعى‏.‏ ثم خرجت الأزد من اليمن فمروا بهم وكانت بينهم حروب‏.‏ وأقام من أقام في جوارهم من بني نصر بن الأزد وبني ذهل بن مزيقيا واقتسموا الرياسة فنجران معهم‏.‏ وكان من بني الحرث بن كعب هؤلاء المذحجيين بنو الزياد واسمه يزيد بن قطن بن زياد بن الحرث بن مالك بن كعب بن الحرث وهم بيت مذحج وملوك نجران‏.‏ وكانت رياستهم في عبد المدان بن الديان‏.‏ وانتهت قبيل البعثة إلى يزيد بن عبد المدان‏.‏ ووفد أخوه عبد الحجر بن عبد المدان على النبي صلى الله عليه وسلم على يد خالد بن الوليد وكان بن أخيهم زياد بن عبد الله بن عبد المدان خال السفاح وولاه نجران واليمامة‏.‏ وقال ابن سعيد‏:‏ ولم يزل الملك بنجران في بني عبد المدان ثم في بني أبي الجواد منهم وكان منهم في المائة السادسة عبد القيس بن أبي الجواد ثم صار الأمر لهذا العهد إلى الأعاجم شأن النواحي كلها بالمشرق‏.‏ ثم من بطون الحرث بن كعب بنو معقل وهو ربيعة بن الحرث بن كعب‏.‏ وقد يقال إن المعقل الذين هم بالمغرب الأقصى لهذا العهد إنما هم من هذا البطن وليسوا من معقل بن كعب القضاعيين ويؤيد هذا أن هؤلاء المعقل جميعاً ينتسبون إلى ربيعة وربيعة اسم معقل هذا كما رأيت والله تعالى أعلم‏.‏ وأما بنو مرة بن أدد إخوة طيء ومذحج والأشعريين فهم أبطم كثيرة وتنتهي كلها إلى الحرث بن مرة مثل خولان ومعافر ولخم وجذام وعاملة وكندة‏.‏ فأما معافر فهم بنو يعفر بن مالك بن الحرث بن مرة وافترقوا في الفتوحات وكان منهم المنصور بن أبي عامر صاحب هشام بالأندلس‏.‏ وأما خولان واسمه أفكل بن عمرو بن مالك وعمرو وأخو يعفر وبلادهم في جبال اليمن من شرقيه وافترقوا في الفتوحات وليس منهم اليوم وبرية إلا باليمن وهم لهذا العهد‏.‏ وهمدان أعظم قبائل العرب باليمن ولهم الغلب على أهله والكثير من حصونه‏.‏ وأما لخم واسمه مالك بن عدي بن الحرث بن مرة فبطن كبير متسع ذو شعوب وقبائل منهم الدار بن هانىء بن حبيب بن انمارة بن لخم ومن أكبرهم بنو نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحرث بن مسعود بن مالك بن عمم بن انمارة بن لخم ويقال نمارة وهم رهط آل المنذر وحافده عمرو بن عدي بن نصر هو ابن أخت جذيمة الوضاح الذي أخذ بثأره من الزبا قاتلته‏.‏ وولي الملك على العرب للأكاسرة بعد خاله جذيمة وأنزلوه بالحيرة حسبما يأتي الخبر عن ملكه وملك بنيه‏.‏ ومن شعوب بني لخم هؤلاء كان بنو عباد ملوك أشبيلية ويأتي ذكرهم‏.‏ وأما جذام واسمه عمرو بن عدي أخو لخم بن عدي فبطن متسع له شعوب كثيرة مثل غطفان وأمصى وبنو حرام بن جذام وبنو ضبيب وبنو مخرمة وبنو بعجة وبنو نفاثة وديارهم حوالي أيلة من أول أعمال الحجاز إلى الينع من أطراف يثرب‏.‏ وكانت لهما رياسة في معان وما حولها من أرض الشام لبني النافرة من نفاثة ثم لفروة بن عمرو بن النافرة منهم وكان عاملاً للروم على قومه وعلى من كان حوالي معان من العرب وهو الذي بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه وأهدى له بغلة بيضاء‏.‏ وسمع بذلك قيصر فأغرى به الحارث بن أبي شمر الغساني ملك غسان فأخذه وصلبه بفلسطين‏.‏ وبقيتهم اليوم في مواطنهم الأولى في شعبين من شعوبهم يعرف أحدهما بنو عائد وهم ما بين بلبيس من أعمال مصر إلى عقبلة أيلة إلى الكرك من ناحية فلسطين وتعرف الثانية بنو عقبة وهم من الكرك إلى الأزلم من برية الحجاز‏.‏ وضمان السابلة ما بين مصر والمدينة النبوية إلى حدود غزة من الشام عليهم‏.‏ وغزة من مواطن جرم إحدى بطون قضاعة كما مر‏.‏ وبأفريقية لهذا العهد منهم وبرية كبيرة ينتجعون مع ذياب بن سليم بنواحي طرابلس‏.‏ وأما عاملة واسمه الحرث بن عدي وهم إخوة لخم وجذام وإنما سمي الحرث عاملة بأمه القضاعية وهم بطون متسع ومواطنهم ببرية الشام‏.‏ وأما كندة وإسمه ثور بن عفير بن عدي وعفير أخو لخم وجذام‏.‏ وتعرف كندة الملوك لأن الملك كان لهم على بادية الحجاز من بني عدنان كما نذكر‏.‏ وبلادهم بجبال اليمن مما يلي حضرموت ومنها دمون التي ذكرها امرؤ القيس في شعره‏.‏ وبطونهم العظيمة ثلاثة‏:‏ معاوية بن كندة ومنه الملوك بنو الحرث بن معاوية الأصغر بن ثور بن مرتع بن معاوية والسكون وسكسك وابنهما أشرش بن كندة‏.‏ ومن السكون بطن تجيب وهم بنو عدي وبنو سعد بن أشرش بن شبيب ابن السكون وتجيب اسم أمهما‏.‏ وكان للسكون ملك بدومة الجندل وكان عليها عبد المغيث بن أكيدر بن عبد الملك بن عبد الحق بن أعمى بن معاوية بة حلاوة بن أمامة بن شكامة بن شبيب بن السكون بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك خالد بن الوليد فجاء به أسيراً وحقن صلى الله عليه وسلم دمه وصالحه على الجزية ورده إلى موضعه‏.‏ ومن معاوية بن كندة بنو حجر بن الحرث الأصغر بن معاوية بن كندة منهم حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية وهو حجر أبو الملوك ابن كندة الذين يأتي ذكرهم‏.‏ والحرث الولادة أخو حجر وكان من عقبه الخارجين باليمن المسلمين طالب الحق وكان أباضياً وسيأتي ذكره‏.‏ ومنهم الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية وجبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحرث الأكبر جاهلي إسلامي وابنه محمد بن الأشعث وابنه عبد الرحمن بن الأشعث القائم على عبد الملك والحجاج وهو مشهور‏.‏ وابن عمهم أيضاً ابن عدي وهو الأذمر بن عدي بن جبلة له صحبة فيما يقال وهو الذي قتله معاوية على الثورة بأخيه زياد وخبره معروف‏.‏ هذه قبائل اليمن من قحطان استوفينا ذكر بطونهم وأنسابهم ونرجع الآن إلى ذكر من كان الملك منهم بالشام والحجاز والعراق حسبما نقصه‏.‏ والله تعالى المعين بكرمه ومنه لارب غيره ولاخير إلا خيره‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:10

الخبر عن ملوك الحيرة من آل المنذرمن هذه الطبقة وكيف انساق الملك إليهم ممن قبلهم
وكيف صار إلى طيء من بعدهم أما أخبار العرب بالعراق في الجيل الأول وهم العرب العاربة فلم يصل إلينا تفاصيلها وشرح حالها إلا أن قوم عاد والعمالقة ملكوا العراق والمسند في بعض الأقوال أن الضحاك بن سنان منهم كما مر‏.‏ وأما في الجيل الثاني وهم العرب المستعربة فلم يكن لهم بهم مستبد وإنما كان ملكهم به بدوياً ورياستهم في أهل الظواعن‏.‏ وكان ملك العرب كما مر في التبابعة من أهل اليمن وكانت بينهم وبين فارس حروب وربما غلبوهم على العراق وملكوه أو بعضه كما مر‏.‏ لكن اليمن لم يغلبوا ثانياً على ما ملكوا منه وقد مر إيقاع بختنصر وإثخانه فيهم ما تقدم‏.‏ وكان في سواد العراق وأطراف الشام والجزيرة الأرمانيون من بني إرم بن سام ومن كان من بقية عساكر ابن تبع من جعفر طيء وكلب وتميم وغيرهم من جرهم ومن نزل معهم بعد ذلك من تنوخ ونمارة بن لخم وقنص بن معد ومن إليهم كما قدمنا ذكر ذلك‏.‏ وكان ما بين الحيرة والفرات إلى ناحية الأنبار موطن لهم وكانوا يسمون عرب الضاحية وكان أول من ملك منهم في زمن الطوائف مالك بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن قضاعة‏.‏ وكان منزله مما يلي الأنبار‏.‏ وملك من بعده أخوه عمرو بن فهم ثم ملك من بعدهما جذيمة الأبرش اثنتي عشرة سنة‏.‏ وقد تقدم أنه صهرهما وأن مالك بن زهير بن عمرو بن فهم زوجه أخته وصاروا حلفاء مع الأزد من قوم جذيمة‏.‏ ونسب جذيمة في الأزد إلى بني زهران ثم إلى دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران وهو جذيمة بن ملك بن فهم بن غنم بن دوس هكذا قال ابن الكلبي‏.‏ ويقال‏:‏ إنه من وبار بن أقيم بن لاوذ بن سام‏.‏ وكان بنو زهران من الأزد خرجوا قبل خروج مزيقيا من اليمن ونزلوا بالعراق وقيل ساروا من اليمن مع أولاد جفنة بن مزيقيا‏.‏ الطوائف ملك‏.‏ وكان مالك بن فهم هذا من ملوكهم وكان بشاطىء الفرات من الجانب الشرقي عمرو بن الظرب بن حسان بن أدينة من ولد السميدع بن هوثر من بقايا العمالقة‏.‏ كان عمرو بن الظرب على مشارف الشام والجزيرة وكان منزله بالمضيق بين الخابور وقرقيسا فكانت بينه وبين مالك بن فهم حروب هلك عمرو في بعضها وقامت بملكه من بعده ابنته الزباء بنت عمرو واسمها نائلة عند الطبري وميسون عند ابن دريد‏.‏ قال السهيلي‏:‏ ويقال إن الزباء الملكة كانت من ذرية السميدع بن هوثر من بني قطورا أهل مكة وهو السميدع بن مرثد بالثاء المثلثة ابن لاي بن قطور بن كركي بن عملاق وهي بنت عمرو بن أدينة بن الظرب بن حسان‏.‏ وبين حسان هذا والسميدع آباء كثيرة ليست بصحيحة لبعد زمن الزباء من زمن السميدع انتهى كلام السهيلي ولم تزل الحرب بين مالك بن فهم وبين الزباء بنت عمرو إلى أن ألجأها إلى أطراف مملكتها‏.‏ وكان يغير على ملوك الطوائف حتى غلبهم على كثير مما في أيديهم‏.‏ قال أبو عبيدة‏:‏ وهو أول ملك كان بالعراق من العرب وأول من نصب المجانيق وأوقد الشموع وملك ستين سنة‏.‏ ولما هلك قام بأمره من بعد جذيمة الوضاح ويقال له الأبرش وكان يكنى بأبي مالك وهو منادم الفرقدين‏.‏ قال أبو عبيدة‏:‏ كان جذيمة بعد عيسى بثلاثين سنة فملك أزمان الطوائف خمساً وسبعين سنة وأيام أردشير كلها خمس عشرة سنة وثماني سنين من أيام سابور‏.‏ وكان بينه وبيز الزباء سلم وحرب‏.‏ ولم تزل تحاول الثأر منه بأبيها حتى تحيلت عليه وأطمعته في نفسها فخطبها وأجابته‏.‏ وأجمع المسير إليها وأبى عليه وزيره قصير بن سعد فعصا ودخل إليها ولقيته بالجنود وأحس بالشر فنجا قصير ودخل جذيمة إلى قصرها فقطعت رواهشه وأجرت دمه إلى أن هلك في حكاية منقولة في كتب الإخباريين‏.‏ قال الطبري‏:‏ وكان جذيمة من أفضل ملوك العرب رأياً وأبعدهم مغاراً وأشدهم حزماً وأول من استجمع له الملك بأرض العراق وسرى بالجيوش‏.‏ وكان به برص فكنوا عنه بالوضاح إجلالاً له‏.‏ وكانت منازله بين الحيرة والأنبار وهيت ونواحيها وعين التمر وأطراف البر إلى العمق والقطقطانية وجفنة‏.‏ وكانت تجبى إليه الأموال وتفد إليه الوفود وغزا في بعض الأيام طسماً وجديساً في منازلهم باليمامة‏.‏ ووجد حسان بن تبع قد أغار عليهم فانكفأ هو راجعاً بمن معه وأتت خيول حسان على سرايا فأجاحوها وكان أكثر غزو جذيمة للعرب العاربة وكان قد تكهن وأدعى النبوة‏.‏ وكانت منازل إياد بعين أباغ سميت باسم رجل من العمالقة نزل بها‏.‏ وكان جذيمة كثيراً ما يغزوهم حتى طلبوا مسالمته‏.‏ وكان بينهم غلام من لخم من بني أختهم وكانوا أخوالاً له وهو عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحرث بن مسعود بن مالك بن عمرو بن نمارة بن لخم‏.‏ وكان له جمال وضرب وطلبه منهم جذيمة فامتنعوا من تسميمه إليه فألح عليهم الغزو وبعثت إياد من سرق لهم صنمين كانا عند جذيمة يدعو بهما ويستسقي بهما وعرفوه أن الصنمين عندهم وأنهم يردونهما بشريطة رفع الغزو عنهم فأجابهم إلى ذلك بشريطة أن يبعثوا مع الصنمين عدي بن نصر فكان ذلك‏.‏ ولما جاء عدي بن نصر استخلصه لنفسه وولاه شرابه وهويته رقاش أخته فراسلته فدافعها بالخشية من جذيمة فقالت له اخطبني منه إذا أخذت الخمر منه واشهد عليه القوم ففعل وأعرس بها من ليلته‏.‏ وأصبح مضرجاً بالخلوق وراب جذيمة شأنه ثم أعلم بما كان منه فعض على يديه آسفاً‏.‏ وهرب عدي فلم يظهر له أثر ثم سألها في أبيات شعر معروفة فأخبرته بما كان منه فعرف عذرها وكف‏.‏ وأقام عدي في أخواله إياد إلى أن هلك‏.‏ وولدت رقاش منه غلاماً وسمته عمرا وربي عند خاله جذيمة وكان يستظرفه‏.‏ ثم استهوته الجن فغاب وضرب له جذيمة في الآفاق إلى أن ردده عليه وافدان من العتقا ثم من قضاعة وهما مالك وعقيل ابنا فارج بن مالك بن العنس أهديا له طرفاً ومتاعاً ولقيا عمراً بطريقهما وقد ساءت حاله وسألاه فأخبرهما باسمه ونسبه فأصلحا من شأنه وجاآ به إلى جذيمة بالحيرة فسر به وسرت أمه‏.‏ وحكم الرجلين فطلبا منادمته فأسعفهما وكانا ينادمانه حتى ضرب المثل بهما وقيل ندماني جذيمة‏.‏ والقصة مبسوطة في كتب الإخباريين بأكثر من هذا‏.‏ قال الطبري‏:‏ وكان ملك العرب بأرض الحيرة ومشارف الشام عمرو بن ظرب بن حسان بن أدينة بن السميدع بن هوثر العملاقي فكانت بينه وبين جذيمة حرب قتل فيها عمرو بن الظرب وفضت جموعه‏.‏ وملكت بعده بنته الزبا واسمها نائلة وجنودها بقايا العمالقة من عاد الأولى ومن نهد وسليح ابني حلوان ومن كان معهم من قبائل قضاعة وكانت تسكن على شاطىء الفرات وقد بنت هنالك قصراً وتربع عند بطن المجافز وتصيف بتدمر‏.‏ ولما استحكم لها الملك أجمعت أخذ الثأر من جذيمة بأبيها فبعثت إليه توهمه الخطبة وأنها امرأة لا يليق بها الملك فيجمع ملكها إلى ملكه فطمع في ذلك ووافقه قومه وأبى عليه منهم قصير بن سعد بن عمرو بن جذيمة بن قيس بن أربى بن نمارة بن لخم وكان حازماً ناصحاً وحذره عاقبة ذلك فعصاه واستشار ابن أخته عمرو بن عدي فوافقه فاستخلفه على قومه وجعل على خيوله عمرو بن عبد الحق‏.‏ وسار هو على غربي الفرات إلى أن نزل رحبة مالك ابن طوق‏.‏ وأتته الرسل منها بالألطاف والهدايا ثم استقبلته الخيول‏.‏ فقال له قصير إن أحاطت بك الخيول فهو الغدر فاركب فرسك العصا وكانت لا تجارى‏.‏ فأحاطت به الخيول ودخل جذيمة على الزبا فقطعت رواهشه فسال دمه حتى نزل ومات‏.‏ وقدم قصير على عمرو بن عدي وقد اختلف عليه قومه ومال جماعة منهم إلى عمرو بن عبد الجن فأصلح أمرهم حتى انقادوا جميعاً لعمرو بن عدي‏.‏ وأشار عليه بطلب الثأر من الزبا بخاله جذيمة وكانت الكاهنة قد عرفتها بملكها وأعطتها علامات عمرو فحذرته وبعثت رجلاً من مصوراً يصور لها عمراً في جميع حالاته فسار إليه متنكراً واختلط بحشمه وجاء إليها بصورته فاستثبتته وتيقنت أن مهلكها منه‏.‏ واتخذت نفقاً في الأرض من مجلسها إلى حصن داخل مدينتها‏.‏ وعمد عمرو إلى قصير فجدع أنفه بمواطأة منه على ذلك فلحق بالزبا يشكو ما أصابه من عمرو وأنه إتهمه بمداخلة الزبا في أمر خاله جذيمة وما رأيت بعدما فعل بي أنكى له من أن أكون معك فأكرمته وقربته حتى إذا رضي منها من الوثوق به أشار عليها بالتجارة في طرق العراق وأمتعته فأعطته مالاً وحميراً‏.‏ وذهب إلى العراق ولقي عمرو بن عدي بالحيرة فجهزه بالطرف والأمتعة كيما يرضيها‏.‏ وأتاها بذلك فازدادت به وثوقاً وجهزته بأكثر من الأولى‏.‏ ثم عاد الثالثة وحمل بغاة الجند من أصحاب عمرو في الغرائر على الجمال وعمرو فيهم وتقدم فبشرها بالعير وبكثرة ما حمل إليها من الطرف فخرجت تنظر فانكرت ما رأته في الجمال من التكارد‏.‏ ثم دخلت العير المدينة فلما توسطت أنيخت وخرج الرجال وبادر عمرو إلى النفق فوقف عنده ووضع الرجال سيوفهم في أهل البلد وبادرت الزبا إلى النفق فوجدت عمراً قائماً عنده فلحمها بالسيف وماتت وأصاب ما أصاب من المدينة وانكفأ راجعاً‏.‏ قال الطبري‏:‏ وعمرو بن عدي أول من اتخذ الحيرة منزلاً من ملوك العرب وأول من تجده أهل الحيرة في كتبهم من ملوك العرب بالعراق وإليه ينسبون وهم ملوك آل نصر‏.‏ ولم يزل عمرو بن عدي ملكاً حتى مات وهو ابن مائة وعشرين سنة مستبداً منفرداً يغزوهم ويغنم‏.‏ وتفد عليه الوفود ولا يدين لملوك الطوائف ولا يدينون له حتى قدم أردشير بن بابك في أهل فارس‏.‏ قال الطبري‏:‏ وإنما ذكرنا في هذا الموضع أمر جذيمة وابن أخته عمرو بن عدي لما قدمناه عند ذكر ملوك اليمن وأنهما لم يكن لهم ملك مستفحل وإنما كانوا طوائف على المخاليف يغير كل واحد على صاحبه إذا استغفله ويرجع خوف الطلب‏.‏ حتى كان عمرو بن عدي فاتصل له ولعقبه الملك على من كان بنواحي العراق وبادية الحجاز بالعرب فاستعمله ملوك فارس على ذلك إلى آخر أمرهم‏.‏ وكان أمر آل نصر هؤلاء ومن كان من ولاة الفرس وعمالهم على العرب معروفاً مثبتاً عندهم في كنائسهم وأشعارهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:11

وقال هشام بن الكلبي‏:‏ كنت أستخرج أخبار العرب وأنسابهم وأنساب آل نصر بن ربيعة ومبالغ أعمار من ولي منهم لآل كسرى وتاريخ نسبهم من كتبهم بالحيرة‏.‏ وأما ابن إسحق فذكر في آل نصر ومصيرهم إلى العراق أن ذلك كان بسبب الرؤيا التي رآها ربيعة بن نصر وعبرها الكاهنان شق وسطيح‏.‏ وفيها أن الحبشة يغلبون على ملكهم باليمن‏.‏ قال‏:‏ فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خرازاد فأسكنهم الحيرة‏.‏ ومن بقية ربيعة بن نصر كان النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر‏.‏ وقد يقال أن المنذر من أعقاب ساطرون ملك الحضر من تنوخ قضاعة‏.‏ رواه ابن إسحق من علماء الكوفة ورواه عن جبير بن مطعم‏.‏ قال‏:‏ لما أتى عمر رضي الله عنه بسيف النعمان دعا بجبير بن مطعم وكان أنسب قريش لقريش والعرب تعلمه من أبي بكر رضي الله عنه فسلمه إياه‏.‏ ثم قال‏:‏ ممن كان النعمان يا جبير قال‏:‏ كان من أسلاف قنص بن معد‏.‏ قال السهيلي‏:‏ كان ولد قنص بن معد انتشروا بالحجاز فوقعت بينهم وبين بني أبيهم حرب وتضايق بالبلاد وأجدبت الأرض فساروا نحو سواد العراق وذلك في أيام ملوك الطوائف فقاتلهم الأردوانيون وبعض ملوك الطوائف وأجلوهم عن السواد وقتلوهم إلا أشلاء لحقت بقبائل العرب ودخلوا فيهم فانتسبوا إلهم‏.‏ قال الطبري‏:‏ حين سأله عمر عن النعمان قال‏:‏ كانت العرب تقول أن أشلاء قنص بن معد وهم من ولد عجم بن قنص إلا أن الناس صحفوا عجم وجعلوا مكانه لخم‏.‏ قال ابن إسحق‏:‏ وأما سائر العرب فيقولون النعمان بن المنذر رجل من لخم ربي بين ولد ربيعة بن نصر‏.‏ ولما هلك عمرو بن عدي ولي بعده على العرب وسائر من ببادية العراق والحجاز والجزيرة امرؤ القيس بن عمرو بن عدي ويقال له البدء وهو أول من تنصر من ملوك آل نصر وعمال الفرس وعاش فيما ذكر هشام بن الكلبي مائة وأربع عشرة سنة‏.‏ منها أيام سابور ثلاثاً وعشرين سنة وأيام هرمز بن سابور سنة واحدة وأيام بهرام بن هرمز ثلاث سنين وأيام بهرام بن بهرام ثماني عشرة سنة‏.‏ ومن أيام سابور سبعون سنة‏.‏ وهلك لعهده فولي مكانه ابنه عمرو بن امرىء القيس البدء فأقام في ملكه ثلاثين سنة بقية أيام سابور بن سابور‏.‏ ثم ولي مكانه أوس بن قلام العمليقي فيما قال هشام بن محمد وهو من بني عمرو بن عملاق‏.‏ فأقام في ولايته خمس سنين ثم سار به جحجبا بن عتيك بن لخم فقتله وولي مكانه‏.‏ ثم هلك في عهد بهرام بن سابور وولي من بعده امرؤ القيس بن عمرو خمساً وعشرين سنة وهلك أيام يزدجرد الأثيم‏.‏ فولي مكانه ابنه النعمان بن امرىء القيس وأمه شقيقة بنت ربيعة بن ذهل بن شيبان وهو صاحب الخورنق‏.‏ ويقال إن سبب بنائه إياه أن يزدجرد الأثيم دفع إليه ابنه بهرام جور ليربيه وأمره ببناء هذا الخورنق مسكناً له وأسكنه إياه‏.‏ ويقال‏:‏ إن الصانع الذي بناه كان اسمه سنمار وأنه لما فرغ من بنائه ألقاه من أعلاه فمات من أجل محاورة وقعت اختلف الناس في نقلها والله أعلم بصحتها‏.‏ وذهب ذلك مثلاً بين العرب في قبح الجزاء ووقع في أشعارهم منه كثير وكان النعمان هذا من أفحل ملوك آل نصر وكانت له سنانان إحداهما للعرب والأخرى للفرس‏.‏ وكان يغزو بهما بلاد العرب بالشام ويدوخها‏.‏ وأقام في ملكه ثلاثين سنة ثم زهد وترك الملك ولبس المسوح وذهب فلم يوجد له أثر‏.‏ قال الطبري‏:‏ وأما العلماء بأخبار الفرس فيقولون‏:‏ إن الذي تولى تربية بهرام هو المنذر بن النعمان بن امرىء القيس دفعه إليه يزدجرد الأثيم لإشارة كانت عنده فيه من المنجمين فأحسن تربيته وتأديبه وجاءه بمن يلقنه الخلال من العلوم والآداب والفروسية والنقابة حتى اشتمل على ذلك كله بما رضيه‏.‏ ثم رده إلى أبيه فأقام عنده قليلاً ولم يرض بحاله ووفد على أبيه وافد قيصر وهو أخوه قياودس فقصده بهرام أن يسأل له من أبيه الرجوع إلى بلاد العرب فرجع ونزل على المنذر ثم هلك يزدجرد فاجتمع أهل فارس وولوا عليهم شخصاً من ولد أردشير وعدلوا عن بهرام لمرباه بين العرب وخلوه عن آداب العجم‏.‏ وجهز المنذر العساكر لبهرام لطلب ملكه وقدم ابنه النعمان فحاصر مدينة الملك ثم جاء على أثره بعساكر العرب وبهرام معه‏.‏ فأذعن له فارس وأطاعوه واستوهب المنذر ذنوبهم من بهرام فعفا عنهم واجتمع أمره‏.‏ ورجع المنذر إلى بلاده وشغل باللهو وطمع فيه الملوك حوله وغزاه خاقان ملك الترك في خمسين ألفاً من العساكر‏.‏ وسار إليه بهرام فانتهى إلى أذربيجان ثم إلى أرمينية ثم ذهب يتصيد وخلف أخوه نرسي على العساكر فرماه أهل فارس بالجبن وأنه خار عن لقاء الترك فراسلوا خاقان في الصلح على ما يرضاه فرجع عنهم‏.‏ وانتهى الخبر بذلك إلى بهرام فسار في اتباعه وبيته فانفض بعسكره وقتله بيده‏.‏ واستولى بهرام على ما في العساكر من الأثقال والذراري وظفر بتاج خاقان وأكليله وسيفه بما كان فيه من الجواهر واليواقيت وأسر زوجته وغلب على ناحية من بلاده فولى عليها بعض مرازبته وأذن له في الجلوس على سرير الفضة وأغزى ما وراء النهر فدانوا بالجزية وانصرف إلى أذربيجان فجعل سيف خاقان وأكليله معلقاً ببيت النار وأخدمه خاتون امرأة خاقان‏.‏ ورفع الخراج عن الناس ثلاث سنين شكراً لله تعالى على النصر وتصدق بعشرين ألف ألف درهم مكررة مرتين‏.‏ وكتب بالخبر إلى النواحي‏.‏ وولى أخاه نرسي على خراسان واستوزر له بهرنرسي بن بدارة بن فرخزاد ووصل الطبري نسبه من هنا بعد أربعة فكان رابعهم أشك بن دارا وأغزى بهرام أرض الروم في أربعين ألفاً فانتهى إلى القسنطينية ورجع‏.‏ قال هشام بن الكلبي‏:‏ ثم جاء الحرث ابن عمرو بن حجر الكندي في جيش عظيم إلى بلاد معد والحيرة وقد ولاه تبع بن حسان بن تبع فسار إليه النعمان بن امرىء القيس بن الشقيقة وقاتله فقتل النعمان وعدة من أهل بيته وانهزم أصحابه وأفلت المنذر بن النعمان الأكبر وأمه ماء السماء امرأة من اليمن‏.‏ وتشتت ملك آل النعمان وملك الحرث بن عمرو ما كانوا يملكونه‏.‏ وقال غير هشام بن الكلبي إن النعمان الذي قتله الحرث هو ابن المنذر بن النعمان وأمه هند بنت زيد مناة بن زيد الله بن عمرو بن ربيعة بن ذهل بن شيبان وهو الذي أسرته فارس‏.‏ ملك عشرين سنة منها في أيام فيروز بن يزدجرد عشر سنين وأيام يلاوش بن يزدجرد أربع سنين وفي أيام قباذ بن فيروز ست سنين‏.‏ قال هشام بن محمد الكلبي‏:‏ ولما ملك الحرث بن عمرو ملك آل النعمان بعث إليه قباذ يطلب لقاءه وكان مضعفاً فجاءه الحرث وصالحه على أن لا يتجاوز بالعرب الفرات‏.‏ ثم استضعفه فأطلق العرب للغارة في نواحي السواد وراء الفرات فسأله اللقاء بابنه واعتذر إليه أشظاظ العرب وأنه لا يضبطهم إلا المال فاقطعه جانباً من السواد‏.‏ فبعث الحرث إلى ملك اليمن تبع يستنهضه بغزو فارس في بلادهم ويخبره بضعف ملكهم فجمع وسار حتى نزل الحيرة وبعث ابن أخيه شمراً ذا الجناح إلى قباذ فقاتله واتبعه إلى الري فقتله‏.‏ ثم سار شمر إلى خراسان وبعث تبع ابنه حسان إلى الصعد وأمرهما معاً أن يدوخا أرض الصين‏.‏ وبعث ابن أخيه يعفر إلى الروم فحاصر القسطنطينية حتى أعطوا الطاعة والأتاوة‏.‏ وتقدم إلى رومة فحاصرها‏.‏ ثم أصابهم الطاعون ووهنوا له فوثب عليهم الروم فقتلوهم جميعاً‏.‏ وتقدم شمر إلى سمرقند فحاصرها واستعمل الحيلة فيها فملكها‏.‏ ثم سار إلى الصين وهزم الترك ووجد أخاه غسان قد سبقه إلى الصين منذ ثلاث سنين فأقاما هنالك إحدى وعشرين سنة إلى أن هلك‏.‏ قال‏:‏ والصحيح المتفق عليه أنهما رجعا إلى بلادهما بما غنماه من الأموال والذخائر وصنوف الجواهر والطيوب‏.‏ وسارى حتى قدم مكة ونزل شعب حجاز وكانت وفاته باليمن بعد أن ملك مائة وعشرين سنة‏.‏ ولم يخرج أحد بعده من ملوك اليمن غازياً‏.‏ ويقال‏:‏ إنه دخل في دين اليهود للأحبار الذين خرجوا معه من يثرب‏.‏ وأما ابن إسحق فعنده أن الذي سار إلى المشرق من التبابعة تبع الأخير وهو تبان أسعد أبو كرب‏.‏ قال هشام بن محمد‏:‏ وولي أنوشروان بعد الحرث بن عمرو المنذر بن النعمان الذي أفلت يوم قتل أبوه ونزل الحيرة‏.‏ وأبوه هو النعمان الأكبر‏.‏ فلما قوي سلطان أنوشروان واشتد أمره بعث إلى المنذر فملكه الحيرة وما كان يليه الحرث بن عمرو آكل المرار فلم يزل كذلك حتى هلك‏.‏ قال‏:‏ وملك العرب من قبل الفرس بعد الأسود بن المنذر أخوه المنذر بن المنذر وأمه ماوية بنت النعمان سبع سنين‏.‏ ثم ملك بعده النعمان بن الأسود بن المنذر وأمه أم الملك أخت الحرث بن عمرو أربع سنين‏.‏ ثم استخلف أبو يعفر بن علقمة بن مالك بن عدي بن الذميل بن ثور بن أسد بن أربى بن نمارة بن لخم ثلاث سنين‏.‏ ثم ملك المنذر بن امرىء القيس وهو ذو القرنين لضفيرتين كانتا له من شعره وأمه ماء السماء بنت عوف بن جشم بن هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن عامر بن الضبيب بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط‏.‏ فملك تسعاً وأربعين سنة‏.‏ ثم ملك ابنه عمرو بن المنذر وأمه هند بنت الحرث بن عمرو بن حجر آكل المرار ست عشرة سنة ولثمان سنين من ملكه كان عام الفيل الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ثم ولى عمرو بن هند شقيقه قابوس أربع سنين سنة منها أيام أنوشروان وثلاثة أيام ابنه هرمز‏.‏ ثم ولى بعده أخوهما المنذر أربع سنين‏.‏ ثم ولى بعده النعمان بن المنذر وهو أبو قابوس اثنين وعشرين سنة منها ثمان سنين أيام هرمز وأربع عشرة أيام أبرويز‏.‏ وفي أيام النعمان هذا اضمحل ملك آل نصر بالجزيرة‏.‏ وعليه أنقرض‏.‏ وهو الذي قتله كسرى أبرويز وأبدل منه في الولاية على الحيرة والعرب باياس بن قبيصة الطائي‏.‏ ثم رد رياسة الحيرة لمرازبة فارس إلى أن جاء الإسلام وذهب ملك فارس‏.‏ وكان الذي دعا أبرويز إلى قتله سعاية زيد بن عدي العبادي فيه عند أبرويز بسبب أن النعمان قتل أباه عدي بن زيد‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:14

الخبر عن ذلك أن عدي بن زيد
كان من تراجمة أبرويز وكان سبب قتل النعمان أن أباه وهو زيد بن حماد بن أيوب ابن محروب بن عامر بن قبيصة بن امرىء القيس بن زيد مناة والد عدي هذا كان جميلاً شاعراً خطيباً وقارئاً كتاب الحرب والفرس وكانوا أهل بيت يكونون مع الأكاسرة ويقطعونهم القطائع على أن يترجموا عندهم عن العرب‏.‏ وكان المنذر بن المنذر لما ملك جعل ابنه النعمان في حجر عدي فأرضعه أهل بيته ورباه قوم من أشراف الحيرة ينسبون إلى لخم ويقال لهم بنو مرسي وكان للمنذر بن المنذر عشرة سوى النعمان يقال لهم الأشاهب لجمالهم وكان النعمان من بينهم أحمر أبرش قصيراً أمه سلمى بنت وائل بن عطية من أهل فدك كانت أمة للحرث بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب بن كلب‏.‏ وكان قابوس بن المنذر الأكبر عم النعمان بعث إلى أنوشروان بعدي بن زيد وإخوته فكانوا في كتابه يترجمون له‏.‏ فلما مات المنذر أوصى على ولده إياس بن قبيصة الطائي وجعل أمره كله بيده فأقام على ذلك شهراً‏.‏ ونظر أنوشروان فيمن يملكه على العرب وشاور عدي بن زيد واستنصحه في بني المنذر فقال بقيتهم في بني المنذر بن المنذر فاستقدمهم كسرى وأنزلهم على عدي‏.‏ وكان هواه مع النعمان فجعل يرعى إخوته تفضيلهم عليه ويقول لهم‏:‏ إن أشار عليكم كسرى بالملك وبمن يكفوه أمر العرب تكفلوا بشأن ابن أخيكم النعمان وشمر للنعمان إن سأله كسرى عن شأن إخوته أن يتكفله ويقول‏:‏ إن عجزت عنهم فأنا عن سواهم أعجز‏.‏ وكان مع أخيه الأسود بن المنذر رجل من بني مرسي الذين ربوهم اسمه عدي بن أوس بن مرسي فنصحه في عدي أعلمه أنه يغشه فلم يقبل‏.‏ ووقف كسرى على مقالاتهم فمال إلى النعمان وملكه وتوجه بقيمة ستين ألف دينار ورجع إلى الحيرة ملكاً على العرب وعدي بن أوس في خدمته‏.‏ وقد أضمر السعايا بعدي بن زيد فكان يظهر الثناء عليه ويتواصى به مع أصحابه وأن يقولوا مثل قوله إلا أنه يستصغر النعمان ويزعم أنه ملكه وأنه عامله حتى آسفوه بذلك وبعث إليه في الزيارة فأتاه وحبسه‏.‏ ثم ندم وخشي عاقبة إطلاقه فجعل يمنيه‏.‏ ثم خرج النعمان إلى البحرين وخالفه جفنة ملك غسان إلى الحيرة وغار عليها ونال منها‏.‏ وكان عدي بن زيد كتب إلى أخيه عند كسرى يشعره بطلب الشفاعة من كسرى إلى النعمان فجاء الشفيع إلى الحيرة وبها خليفة النعمان وجاء إلى عدي فقال له أعطني الكتاب أبعثه أنا ولازمني أنت هنا لئلا اقتل‏.‏ وبعث أعداؤه من بني بقيلة إلى النعمان بأن رسول كسرى دخل عنده فبعث من قتله فلما وفد وافد كسرى في الشفاعة أظهر له الإجابة وأحسن له بأربعة آلاف دينار وجارية وأذن له أن يخرجه من محبسه‏.‏ فوجده قد مات منذ ليال‏.‏ فجاء إلى النعمان مثرباً‏.‏ فقال‏:‏ والله لقد تركته حياً‏.‏ فقال‏:‏ وكيف تدخل إليه وأنت رسول إلي فطرده فرجع إلى كسرى وأخبره بموته وطوى عنه ما كان من دخوله إليه‏.‏ ثم ندم النعمان على قتله ولقي يوماً وهو يتصيد ابنه زيداً فاعتذر إليه من أمر أبيه‏.‏ وجهزه إلى كسرى ليكون خليفة أبيه على ترجمة العرب فأعجب به كسرى وقربه وكان أسيراً عنده‏.‏ ثم أن كسرى أراد خطبة بنات العرب فأشار عليه عدي بالخطبة في بني منذر فقال له كسرى‏:‏ اذهب إليهم في ذلك فقال‏:‏ إنهم لا ينكحون العجم ويستريبون في ذلك فابعث معي من يفقه العربية فلعلي آتيك بغرضك‏.‏ فلما جاء إلى النعمان قال لزيد‏:‏ إما في عير السواد وفارس ما يغنيكم عن بناتنا وسألى الرسول عن العير فقال له زيد‏:‏ هي البقر‏.‏ ثم رجعا إلى كسرى بالخيبة‏.‏ وأغراه زيد فغضب كسرى وحقدها على النعمان‏.‏ ثم استقدمه بعد حين لبعض حاجاته وقال له‏:‏ لا بد من المشافهة لأن الكتاب لا يسعها ففطن فذهب إلى طيء وغيرهم من قبائل العرب ليمنعوه فأبوا وفرقوا من معاداة كسرى إلا بني رواحة بن سعد من بني عبس فإنهم أجابوه لو كانوا يغنون عنه فعذرهم وانصرف عنهم إلى بني شيبان بذي قار والرياسة فيهم لهانىء بن مسعود بن عامر بن الخطيب بن عمرو المزدلف ابن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان ولقيس بن خالد بن ذي الخدين وعلم أن هانئاً يمنعه وكان كسرى قد أقطعه‏.‏ فرجع إليه النعمان ماله ونعمه وحلقته وهي سلاح ألف فارس شاكه‏.‏ وسار إلى كسرى فلقيه زيد بن عدي بساباط وتبين الغدر فلما بلغ إلى كسرى قيده وأودعه السجن إلى أن هلك فيه بالطاعون ودعا ذلك إلى واقعة ذي قار بين العرب وفارس‏.‏ وذلك أن كسرى لما قتل النعمان استعمل إياس بن قبيصة الطائي على الحيرة مكان النعمان ليده التي أسلفها طيء عند كسرى يوم واقعة بهرام على أبرويز وطنب من النعمان فرسه ينجو عليها فأبى‏.‏ واعترضه حسان بن حنظلة بن جنة الطائي وهو ابن عم إياس بن قبيصة فأركبه فرسه ونجا عليه‏.‏ ومر في طريقه بإياس فأهدى له فرساً وجزوراً‏.‏ فرعى له أبرويز هذه الوسائل وقدم إياساً مكان النعمان وهو إياس بن قبيصة بن أبي عمير بن النعمان بن جنة‏.‏ فلما هلك النعمان بعث إياس إلى هانىء بن مسعود في حلقة النعمان ويقال كانت أربعمائة درع وقيل ثمانمائة فمنعها هانىء وغضب كسرى وأراد استئصال بكر بن وائل وأشار عليه النعمان بن زرعة من بني تغلب أن يمهل إلى فصل القيظ عند ورودهم مياه ذي قار‏.‏ فلما قاظوا ونزلوا تلك المياه جاءهم النعمان بن زرعة يخيرهم في الحرب أو إعطاء اليد فاختاروا الحرب‏.‏ اختاره حنظلة بن سنان العجلي وكانوا قد ولوه أمرهم وقال لهم إنما هو الموت قتلاً إن أعطيتم باليد أو عطشاً إن هربتم‏.‏ وربما لقيكم بنو تميم فقتلوكم‏.‏ ثم بعث كسرى إلى إياس بن قبيصة أن يسير إلى حربهم ويأخذ معه مسالح فارس وهم الجند الذين كانوا معه بالقطقطانية وبارق وتغلب وبعث إلى قيس بن مسعود بن قيس بن خالد بن ذي الخدين وكان على طف شقران أن يوافي إياساً فجاءت الفرس معها الجنود والأفيال عليها الأساورة‏.‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة فقال اليوم انتصف العرب من العجم ونصروا‏.‏ وحفظ ذلك اليوم فإذا هو يوم الوقعة‏.‏ ولما تواقف الفريقان جاء قيس بن مسعود إلى هانىء وأشار عليه أن يفرق سلاح النعمان على أصحابه ففعل‏.‏ واختلف هانىء بن مسعود وحنظلة بن ثعلبة بن سنان فأشار هانىء بركوب الفلاة وقطع حنظلة حزم الرجال وضرب على نفسه وآلى أن لا يفر ثم استقوا الماء لنصف شهر واقتتلوا وهرب العجم من العطش واتبعهم بكر بن وعجل فاصطف العجم وقاتلوا وصبروا وراسلت إياد بكر بن وائل‏:‏ إنا نفر عند اللقاء فصحبوهم واشتد القتال وقطعوا الآمال حتى سقطت الرجال إلى الأرض ثم حملوا عليهم‏.‏ واعترضهم يزيد بن حماد السكوني في قومه كان كميناً أمامهم فشدوا على إياس بن قبيصة ومن معه من العرب فولت إياد منهزمة‏.‏ وانهزمت الفرس وجاوزوا الماء في حر الظهيرة في يوم قائظ فهلكوا أجمعين قتلاً وعطشاً‏.‏ وأقام إياس في ولاية الحيرة مكان النعمان ومعه الهمرجان من مرازبة فارس تسع سنين‏.‏ وفي الثامنة منها كانت البعثة‏.‏ وولي بعده على الحيرة آخر من المرازبة اسمه زاذويه بن ماهان الهمذاني سبع عشرة سنة إلى أيام بوران بنت كسرى‏.‏ ثم ولي المنذر بن النعمان بن المنذر وتسميه العرب الغرور اذي قتل بالبحرين يوم أجداث‏.‏ ولما زحف المسلمون إلى العراق ونزل خالد بن الوليد الحيرة حاصرهم بقصورها فلما أشرفوا على الهلكة خرج إليهم إياس بن قبيصة في أشراف أهل الحيرة وأتقى من خالد والمسلمين بالجزية فقبلوا منه وصالحهم على مائة وستين ألف درهم‏.‏ وكتب لهم خالد بالعهد والأمان وكانت أول جزية بالعراق‏.‏ وكان فيهم هانىء بن قبيصة أخو إياس بن قبيصة بالقصر الأبيض وعدي بن عدي العبادي بن عبد القيس وزيد بن عدي بقصر العدسيين وأهل نصر بني عدس من قصور الحيرة وهو بنو عوان بن عبد المسيح بن كلب بن وبرة وأهل قصر بني بقيلة لأنه خرج على قومه في بردين أخضرين فقالوا‏:‏ يا حارث ما أنت إلا بقيلة خضراء وعبد المسيح هذا هو المعمر وهو الذي بعثه كسرى أبرويز إلى سطيح في شأن رؤيا المرزبان‏.‏ ولما صالح إياس بن قبيصة المسلمين وعقد لهم الجزية سخطت عليه الأكاسرة وعزلوه‏.‏ فكان ملكه تسع سنين ولسنة منها وثمانية أشهر كانت البعوث وولي حينئذ الخلافة عمر بن الخطاب‏.‏ وعقد لسعد بن أبي وقاص على حرب فارس‏.‏ فكان أول عمل يزدجرد أن أمر مرزبان الحيرة أن يبعث قابوس بن قابوس بن المنذر وأغراه بالعرب ووعده بملك آبائه‏.‏ وقال له ادع العرب وأنت على من أجابك كما كان آباؤك‏.‏ فنهض قابوس إلى القادسية ونزلها وكاتب بكر بن وائل بمثل ما كان للنعمان فكاتبهم مقاربةً ووعداً‏.‏ وانتهى الخبر إلى المثنى بن حارثة الشيباني عقب مهلك أخيه المثنى وقبل وصول سعد فأسرى من ذي قار وبيت قابوس بالقادسية ففض جمعه وقتله‏.‏ وكان آخر من بقي من ملوك آل نصر بن ربيعة وانقرض أمرهم مع زوال ملك فارس‏.‏ وقد كان المغيرة بن شعبة تزوج هنداً بنت النعمان وسعد بن أبي وقاص تزوج صدقة بنت النعمان وخبرهما معروف ذكره المسعودي وغيره‏.‏ وعدة ملوك إلى نصر عند هشام بن الكلبي عشرون ملكاً ومدتهم خمسمائة وعشرون سنة‏.‏ وعند المسعودي ثلاث وعشرون ملكاً ومدتهم ستمائة وعشرون سنة‏.‏ قال‏:‏ وقد قيل أن مدة عمران الحيرة إلى أن خربت عند بناء الكوفة خمسمائة سنة‏.‏ قال‏:‏ ولم يزل عمرانها يتناقص إلى أيام المعتضد ثم أقفرت‏.‏ وفيما نقله بعض الإخباريين أن خالداً بن الوليد قال لعبد المسيح‏:‏ أخبرني بما رأيت من الأيام قال نعم‏!‏ قال‏:‏ رأيت المرأة من الحيرة تضع مكتلها على رأسها ثم تخرج حتى تأتي الشام في قرى متصلة وبساتين ملتفة وقد أصبحت اليوم خراباً والله يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين‏.‏ هذا ترتيب الملك من ولد نصر بن ربيعة بن كعب بن عمرو بن عدي الأول منهم وهو الترتيب الذي ذكره الطبري عن ابن الكلبي وغيره وبين الناس فيه خلاف في ترتيب ملوكهم بعد اتفاقهم على أن الذي ملك بعد عمرو بن عدي ابنه امرؤ القيس ثم ابنه عمرو بن امرىء القيس وهو الثالث منهم‏.‏ قال علي بن عبد العزيز الجرجاني في أنسابه بعد ذكر عمرو هذا‏:‏ ثم ثار أوس بن قلام العملقي وملك فثار به جحجب بن عتيك اللخمي فقتله وملك‏.‏ ثم ملك من بعده امرؤ القيس البدء بن عمرو الثالث ثم ملك من بعده ابنه النعمان الأكبر ابن امرىء القيس بن الشقيقة وهو الذي ترك الملك وساح ثم ملك من بعده ابنه المنذر ثم ابنه الأسود بن المنذر ثم أخوه المنذر بن المنذر ثم النعمان بن الأسود بن المنذر ثم أبو يعفر بن علقمة بن مالك بن عدي بن الذميل بن ثور بن أسنش بن زبى بن نمارة بن لخم‏.‏ ثم ملك من بعده امرؤ القيس بن النعمان الأكبر ثم ابنه امرؤ القيس‏.‏ ثم كان أمر الحرث بن عدي الكندي حتى تصالحا وتزوج المنذر بنته هنداً فولدت له عمراً‏.‏ ثم ملك بعد المنذر عمرو بن هند ثم قابوس بن المنذر أخوه ثم المنذر بن المنذر أخو الآخر ثم ابنه النعمان بن المنذر‏.‏ وهكذا نسبه الجرجاني وهو موافق لترتيب الطبري إلا في الحرث بن عمرو الكندي فإن الطبري جعله بعد النعمان الأكبر بن امرىء القيس وابنه المنذر والجرجاني جعله بعد المنذر بن امرىء لقيس بن النعمان‏.‏ وبين هذا المنذر والمنذر بن النعمان الأكبر خمسة من ملوكهم فيهم أبو يعفر بن الذميل فالله أعلم بالصحيح من ذلك‏.‏ وأما المسعودي فخالف ترتيبهم فقال‏:‏ بعد النعمان الأكبر بن امرىء القيس وسماه قائد الفرس ملك خمساً وستين سنة‏.‏ ثم ملك ابنه المنذرخمساً وعشرين سنة وهذا مثل ترتيب الطبري والجرجاني ثم خالفهما وقال‏:‏ وملك النعمان بن المنذر الحيرة وهو الذي بنى الخورنق خمساً وثلاثين سنة وملك الأسود بن النعمان عشرين سنة وملك ابنه المنذر أربعين سنة وأمه ماء السماء من النمير بن قاسط من ربيعة وبها عرف وملك ابنه عمرو بن المنذر أربعاً وعشرين سنة‏.‏ ثم ملك بعده أخوه النعمان وأمه مامة وقتله كسرى وهو آخرهم‏.‏ هكذا ساق المسعودي نسق ملوكهم ونسبهم وهو مخالف لما ذكره الطبري والجرجاني‏.‏ وقال السهيلي‏:‏ كان للمنذر بن ماء السماء من الولد المملكين عمرو والنعمان وكان عمرو لهند بنت الحرث آكل المرار‏.‏ قال‏:‏ وكان عمرو هذا من أعاظم ملوك الحيرة ويعرف بمحرق لأنه حرق مدينة الملهم عند اليمامة‏.‏ وكان يملك من قبل كسرى أنوشران‏.‏ ومن بعده ملك أخوه النعمان بن المنذر وأمه مامة وقتله كسرى أبرويز بن هرمز بن أنوشروان لموجدة وجدها بسعاية زيد بن عدي بن زيد العبادي‏.‏ وساق قصة مقتله وولاية إياس بن قبيصة الطائي من بعده وما وقع بعد ذلك من حرب ذي قار وغلب العرب فيها على العجم إلى آخرها‏.‏ فالله أعلم بالصحيح في ترتيب ملوكهم‏.‏ وقال ابن سعيله‏:‏ أول حديثهم في الملك أن بني نمارة كانوا جنداً للعمالقة بأطراف الشام والجزيرة وكانوا مع الزباء‏.‏ ولما قتلت جذيمة عمرو بن عدي منهم بثأره وكان ابن أخته حتى أدركه وقتلها وبنى الحيرة على فرع من الفرات في أرض العراق‏.‏ وقال صاحب تواريخ الأمم‏:‏ ملك مائة وثمانية وعشرين سنة أيام ملوك الطوائف وبعده امرؤ القيس بن عمرو ولما مات ولى أردشير بن سابور على الحيرة أوس بن قلام من العمالقة ثم كان ملك الحيرة فوليها امرؤ القيس بن عمرو بن امرىء القيس المعروف بمحرق‏.‏ قال‏:‏ وهو المذكور في قصيدة الأسود بن يعفر التي على روي الدال‏.‏ وبعده ابنه النعمان بن شقيقة وهي من بني شيبان وجعل معه كسرى والياً للفرس وهو باني الخورنق والسدير على مياه وملك بعده ابنه المنذر وهو الذي سعى لبهرام جور في الملك حتى تم له‏.‏ وملك أربعاً وأربعين سنة وملك بعده ابنه الأسود ثم أخوه المنذر بن المنذر ثم النعمان بن الأسود‏.‏ وغضب عليه كسرى وولى مكانه الذميل بن لخم من غير بيت الملك‏.‏ ثم عاد الملك إليهم فولي امرؤ القيس بن النعمان الأكبر وهو ابن الشقيقة وهو الذي غزا بكر بن وائل‏.‏ وملك بعده ابنه المنذر بن ماء السماء وهي أمه أخت كليب سيد وائل‏.‏ وطالبه قباذ باتباع مزدك على الزندقة فأبى وولى مكانه الحرث بن عمرو بن حجر الكندي ثم رده أنوشروان إلى ملك الحيرة‏.‏ وقتله الحرث الأعرج الغساني يوم حليمة كما يأتي‏.‏ وملك بعده ابنه عمرو بن هند وهي مامة عمة امرىء القيس بن حجر المعروف بمضرط الحجازة لشدة بأسه‏.‏ وهو محرق الثاني‏.‏ حرق بني دارم من تميم لأنهم قتلوا أخاه وحلف ليحرقن منهم مائة فحرقهم وملك ستة عشر سنة أيام أنوشروان‏.‏ فتك به في رواق بين الحيرة والفرات عمرو بن كلثوم سيد تغلب ونهبوا حياءه‏.‏ وملك بعده أخوه قابوس بن هند وكان أعرج وقتله بعض بني يشكر فولى أنوشروان على الحيرة بعض مرازبة الفرس فلم تستقم له طاعة العرب‏.‏ فولى عليهم المنذر بن المنذر بن ماء السماء فخرج إلى جهة الشام طالباً ثأر أبيه من الحرث الأعرج الغساني فقتله الحرث أيضاً يوم وملك بعده ابنه النعمان بن المنذر وكان ذميماً أشقر أبرش وهو أشهر ملوك الحيرة وعليه كثرت وفود العرب وطلبه بثأر أبيه‏.‏ وحرد من بني جفنة حتى أسر خلقاً كثيراً من أشرافهم وحمله عدي بن زيد على أن تنصر وترك دين آبائه‏.‏ وحبس عدياً فشفع كسرى فيه بسعاية أخ له كان عنده فقتله النعمان في محبسه‏.‏ ثم نشأ ابنه زيد بن عدي وصار ترجماناً لكسرى فأغراه بالنعمان وحضر مع كسرى أبرويز في وقعة بين الفرس والروم وانهزمت الفرس ونجا النعمان على فرسه التخوم بعد أن طلبه منه كسرى ينجو عليه فأعرض عنه‏.‏ ونزل له إياس بن قبيصة الطائي عن فرسه فنجا عليه ووفد عليه النعمان بعد ذلك فقتله وولى على الحيرة إياس بن قبيصة فلم تستقم له طاعة العرب وغضبوا لقتل النعمان وكان لهم على الفرس يوم ذي قار سنة ثلاث من البعثة‏.‏ ومات إياس وصارت الفرس يولون على الحيرة منهم إلى أن ملكها المسلمون‏.‏ وذكر البيهقي أن دين بني نصر كان عبادة الأوثان وأول من تنصر منهم النعمان بن الشقيقة وقيل بل النعمان الأخير‏.‏ وملكت العرب بتلك الجهات ابنه المنذر فقتله جيش أبي بكر رضي الله عنه وفي تواريخ الأمم أن جميع ملوك الحيرة من بني نصر وغيرهم خمسة وعشرون ملكاً في نحو ستمائة سنة والله أعلم‏.‏ وهذا الترتيب مساو لترتيب الطبري والجرجاني والله وارث الأرض


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:16

الخبر عن ملوك كندة من هذه الطبقة ومبدأ أمرهم وتصاريف أحوالهم

قال الطبري عن هشام بن محمد الكلبي‏:‏ كان يخدم ملوك حمير أبناء الأشراف من حمير وغيرهم‏.‏ وكان ممن يخدم حسن بن تبع عمرو بن حجر سيد كندة لوقته‏.‏ وأبوه حجر هو الذي تسميه العرب آكل المرار وهو حجر بن عمرو بن معاوية بن الحرث الأصغر ابن معاوية بن الحرث الأكبر ابن معاوية بن كندة وكان أخاه حسان بن تبع لأمه‏.‏ فلما دوخ حسان بلاد العرب وسار في الحجاز وهم بالانصراف ولى على معد بن عدنان كلها أخاه حجر بن عمرو هذا وهو آكل المرار‏.‏ فدانوا له وسار فيهم أحسن سيرة‏.‏ ثم هلك وملك من بعده ابنه عمرو المقصور‏.‏ قال الطبري عن هشام‏:‏ ولما سار حسان إلى جديس خلفه على بعض أمور ملكه في حمير فلما قتل حسان وولي بعده أخوه عمرو بن تبع وكان ذا رأي ونبل فأراد أن يكرم عمرو بن حجر بما نقصه من ابن أخيه حسان فزوجه بنت أخيه حسان بن تبع‏.‏ وتكلمت حمير في ذلك وكان عندهم من الأحداث التي ابتلوا بها أن لا يتزوج في ذلك البيت أحد من العرب سواهم‏.‏ فولدت بنت حسان لعمرو بن حجر الحرث بن عمرو‏.‏ وملك بعد عمرو بن تبع عبد بن متون أصغر أولاد حسان‏.‏ واستهوت الجن منهم تبع بن حسان فولوا عبد كلال مخافة أن يطمع في ملكهم أحد من بيت الملك‏.‏ فولي عبد كلال لسرو رحمه وكان على دين النصرانية الأولى وكان ذلك يسوء قومه‏.‏ ودعا إليه رجل من غسان قدم عليه من الشام‏.‏ ووثب حمير بالغساني فقتلوه‏.‏ ثم رجع تبع بن حسان من استهواء الجن وهوأعلم الناس بنجم وأعقل من يعلم في زمانه وأكثرهم حديثاً عما كان ويكون‏.‏ فملك على حمير وهابته حمير والغرب وبعث بابن أخته الحرث بن عمرو بن حجر الكندي في جيش عظيم إلى بلاد معد والحيرة وما والاها فسار إلى النعمان بن امرىء القيس بن الشقيقة فقاتله فقتل النعمان وعدة من أهل بيته وهزم أصحابه‏.‏ وأفلت المنذر بن النعمان الأكبر وأمه ماء السماء إمرآة من النمير بن قاسط وذهب ملك آل النعمان وملك الحرث بن عمرو وما كانوا يملكون‏.‏
وفي كتاب الأغاني قال‏:‏ لما ملك قباذ وكان ضعيف الملك توثبت العرب على المنذر الأكبر ابن ماء السماء وهو ذو القرنين بن النعمان بن الشقيقة فأخرجوه‏.‏ وإنما سمي ذا القرنين لذؤابتين كانتا له فخرج هارباً منهم حتى مات في إياد وترك ابنه المنذر الأصغر فيهم وكان أنكى ولده وجاءوا بالحرث بن عمرو بن حجر آكل المرار فملكوه على بكر وحشدوا له وقاتلوا معه وظهر على من قاتله من العرب‏.‏ وأبى قباذ أن يمد المنذر بجيش‏.‏ فلما رأى ذلك كتب إلى الحرث بن عمرو‏:‏ إني في غير قومي وأنت أحق من ضمني وأنا متحول إليك فحوله وزوجه ابنته هنداً‏.‏ وقال غير هشام بن محمد‏:‏ إن الحرث بن عمرو لما ولي على العرب بعد أبيه اشتدت وطأته وعظم بأسه ونازع ملوك الحيرة وعليهم يومئذ المنذر بن امرىء القيس وبين لهم إذ ولي كسرى قباذ بعد أبيه فيروز بن يزدجرد وكان زنديقاً على رأي ماني‏.‏ فدعا المنذر إلى رأيه فأبى عليه وأجابه الحرث بن عمرو فملكه على العرب وأنزله بالحيرة‏.‏ ثم هلك قباذ وولي ابنه أنوشروان فرد ملك الحيرة إلى المنذر وصالحه الحرث على أن له ما وراء نهر السوادة فاقتسما ملك العرب‏.‏ وفرق الحرث ولده في معد فملك حجراً على بني أسد وشرحبيل على بني سعد والرباب وسلمة على بكر وتغلب ومعد يكرب على قيس وكنانة‏.‏ ويقال بل كان سلمة على حنظلة وتغلب وشرحبيل على سعد والرباب وبكر‏.‏ وكان قيس بن الحرث سيارة أي قوم نزل بهم فهو ملكهم‏.‏ وفي كتاب الأغاني‏:‏ إنه ملك ابنه شرحبيل على بكر وائل وحنظلة على بني أسد وطوائف من بني عمرو بن تميم والرباب وغلفا وهو معد يكرب على قيس وسلمة بن الحرث على بني تغلب والنمر بن قاسط والنمر بن زيد مناة‏.‏ فأما شرحبيل فإنه فسد ما بينه وبين أخيه سلمة واقتتلوا بالكلاب ما بين البصرة والكوفة على سبع من اليمامة وعلى تغلب السفاح وهو سلمة بن خالد بن كعب بن زهير ابن تميم بن أسامة بن مالك بن بكر بن حبيب‏.‏ وسبق إلى الكلاب سفيان بن مجاشع بن دارم من أصحاب سلمة في تغلب مع إخوته لأمه‏.‏ ثم ورد سلمة وأصحابه فاقتتلوا عامة يومهم وخذلت بنو حنظلة وعمرو بن تميم والرباب بكر بن وائل وانصرفت بنو سعد واتباعها عن تغلب وصبر بنو بكر وتغلب ليس معهم غيرهم إلى الليل‏.‏ ونادى منادي سلمة في ذلك اليوم من يقتل شرحبيل ولقاتله مائة من الإبل فقتل شرحبيل في ذلك اليوم قتله عصيم بن النعمان بن مالك بن غياث بن سعد بن زهير بن بكر بن حبيب التغلبي‏.‏ وبلغ الخبر إلى أخيه معد يكرب فاشتد جزعه وحزنه على أخيه وزاد ذلك حتى اعتراه منه وسواس هلك به‏.‏ وكان معتزلاً عن الحرث ومنع بنو سعد بن زيد مناة عيال شرحبيل وبعثوا بهم إلى قومهم فعل ذلك عوف بن شحنة بن الحرث بن عطارد بن عوف بن سعد بن كعب‏.‏ وأما سلمة فإنه فلج فمات‏.‏ وأما حجر بن الحرث فلم يزل أميراً على بني أسد إلى أن بعث رسله في بعض الأيام لطلب الأتاوة من بني أسد فمنعوها وضربوا الرسل‏.‏ وكان حجر بتهامة فبلغه الخبر فسار إليهم في ربيعة وقيس وكنانة فاستباحهم وقتل أشرافهم وسرواتهم وحبس عبيداً بن الأبرص في جمع منهم فاستعطفه بشعر بعث به إليه فسرحه وأصحابه وأوفدهم فلما بلغوا إليه هجموا عليه ببيته فقتلوه‏.‏ وتولى قتله علباء بن الحرث الكاهلي كان حجر قتل أباه‏.‏ وبلغ الخبر امرأ القيس فحلف أن لا يقرب لذة حتى يدرك بثأره من بني أسد‏.‏ وسار صريخاً إلى بني بكر وتغلب فنصروه وأقبل بهم فأجفل بنو أسد‏.‏ وسار إلى المنذر بن امرىء القيس ملك الحيرة وأوقع امرؤ القيس في كنانة فاثخن فيهم‏.‏ ثم سار في اتباع بني أسد إلى أن أعيا ولم يظفر منهم بشيء ورجعت عنه بكر وتغلب‏.‏ فثار إلى مؤثر الخير بن ذي جدن من ملوك حمير صريخاً بنصره بخمسمائة رجل من حمير بجمع من العرب سواهم‏.‏ وجمع المنذر لامرىء القيس ومن معه وأمده كسرى أنوشروان بجيش من الأساورة والتقوا فانهزم أمرؤ القيس وفرت حمير ومن كان معه ونجا بدمه‏.‏ وما زال يتنقل في القبائل والمنذر في طلبه‏.‏ وسار إلى قيصر صريخاً فأمده ثم سعى به الطماح عند قيصر أنه يشبب ببنته فبعث إليه بحلة مسمومة كان فيها هلاكه ودفن بأنقرة‏.‏ قال الجرجاني‏:‏ ولا يعلم لكندة بعد هؤلاء ملوك اجتمع لهم أمرها وأطيع فيها سوى أنهم قد كان لهم رياسة ونباهة وفيهم سؤدد حتى كانت العرب تسميهم كندة الملوك‏.‏ وكانت الرياسة يوم جبلة على العساكر لهم‏.‏ فكان حسان بن عمرو بن الجور على تميم ومعاوية بن شرحبيل بن حصن على بني عامر‏.‏ والجور هو معاوية بن حجر آكل المرار أخو الملك المقصور عمرو بن حجر‏.‏ والله وارث الأرض ومن عليها‏.‏ وفي كتاب الأغاني‏:‏ أن امرأ القيس لما سار إلى الشام نزل على السموأل بن عاديا بالأبلق بعد إيقاعه ببني كنانة على أنهم بنو أسد وتفرق عنه أصحابه كراهة لفعله واحتاج إلى الهرب فطلبه المنذر بن ماء السماء وبعث في طلبه جموعاً من إياد وبهرا وتنوخ وجيوشاً من الأساورة أمده بهم أنوشروان وخذلته حمير وتفرقوا عنه‏.‏ فالتجأ إلى السموأل ومعه أدراع خمسة مسماة كانت لبني آكل المرار يتوارثونها ومعه بنته هند وابن عمه يزيد بن الحرث بن معاوية بن الحرث ومال وسلاح كان بقي معه والربيع بن ضبع بن نزارة‏.‏ وأشار عليه الربيع بمدح السموأل فمدحه ونزل به فضرب لابنته قبة وأنزل القوم في مجلس له براح فمكثوا ما شاء الله‏.‏ وسأله امرؤ القيس أن يكتب له إلى الحرث بن أبي شمر يوصله إلى قيصر ففعل واستصحب رجلاً يدله على الفريق وأودع ابنته وماله وأدراعه السموأل وخلف ابن عمه يزيد بن الحرث مع ابنته هند ونزل الحرث بن ظالم غازياً على الأبلق‏.‏ ويقال الحرث بن أبي شمر ويقال ابن المنذر‏.‏ وبعث الحرث بن ظالم ابنه يتصيد ويهدده بقتله فأبى من إخفار ذمته وقتل ابنه فضرب به المثل في الوفاء بذلك‏.‏ وأما نسب السموأل فقال ابن خليفة عن محمد بن سالم البيكندي عن الطوسي عن ابن حبيب‏:‏ إنه السموأل بن عريض بن عاديا بن حيا ويقال إن الناس يدرجون عريضاً في النسب ونسبه عمرو بن شبة ولم يذكر عريضاً‏.‏ وقال عبد الله بن سعد عن دارم بن عقال‏:‏ من ولد السموأل بن عاديا بن رفاعة بن ثعلبة بن كعب بن عمرو بن عامر مزيقيا وهذا عند محال‏.‏ لأن الأعشى أدرك سريح بن السموأل وأدرك الإسلام وعمرو مزيقيا قديم لا يجوز أن يكون بينه وبين السموأل ثلاثة آباء ولا عشرة‏.‏ وقد قيل إن أمه من غسان وكلهم قالوا هو صاحب الحصن المعروف بالأبلق بتيما المشهور بالزباء وقيل من ولد الكوهن بن هارون‏.‏ وكان هذا الحصن لجده عاديا واحتفر فيه أروية عذبة وتنزل به العرب فتصيبها وتمتار من حصنه وتقيم هنالك سوقاً اه كلام الأغاني‏.‏ وقال ابن سعيد‏:‏ كندة لقب لثور بن عفير بن الحرث بن مرة بن أدد بن يشجب بن عبيد الله بن زيد بن كهلان وبلادهم في شرقي اليمن‏.‏ ومدينة ملكهم دمون‏.‏ وتوالى الملك منهم في بني معاوية بن عنزة‏.‏ وكان التبابعة يصاهرونهم ويولونهم على بني معد بن عدنان بالحجاز‏.‏ فأول من ولي منهم حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية الأكبر ولاه تبع بن كرب الذي كسا الكعبة‏.‏ وولى بعده ابنه عمرو بن حجر ثم ابنه الحرث المقصور وهو الذي أبى أن يتزندق مع قباذ ملك الفرس فقتل في بني كلب ونهب ماله وكان قد ولى أولاده على بني معد فقتل أكثرهم وكان على بني أسد منهم حجر بن الحرث فجار عليهم فقتلوه وتجرد للطلب بثأره ابنه امرؤ القيس‏.‏ وسار إلى قيصر فأغراه به الطماح الأسدي‏.‏ وقال‏:‏ إنه يتغزل ببنات الملوك فألبسه حلةً مسمومة تقطع بها‏.‏ وقال صاحب التواريخ‏:‏ إن الملك انتقل بعدهم إلى بني جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين واشتهر منهم قيس بن معد يكرب بن جبلة ومنهم الأعشى وابنته العمردة من مردة الإنس ولها في قتال المسلمين أخبار في الردة وأسلم أخوها الأشعث ثم ارتد بعد الوفاة واعتصم بالحبر ففتحه جيش أبي بكر رضي الله عنه وجيء به إليه أسيرأ فمن عليه وزوجه أخته وخرج من نسله بنو الأشعث المذكورون في الدولة الأموية‏.‏ ومن بطون كندة السكون والسكاسك‏.‏ وللسكاسك مجالات شرقي اليمن متميزة وهم معروفون بالسحر والكهانة ومنهم تجب بطن كبير كان منهم بالأندلس بنو صمادح وبنو ذي النون وبنو الأفطس من ملوك الطوائف‏.‏ والله تعالى وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين لا رب غيره‏.‏ ملوك غسان وكيف انساق الملك إليه ممن قبلهم أول ملك كان للعرب بالشام فيما علمناه للعمالقة ثم لبني إرم بن سام ويعرفون بالأرمانيين‏.‏ وقد ذكرنا خلاف الناس في العمالقة الذين كانوا بالشام هل هم من ولد عمليق بن لاوذ بن سام أو من ولد عماليق بن أليفاز بن عيصو‏.‏ وأن المشهور المتعارف أنهم من عمليق بن لاوذ‏.‏ كان بنو إرم يومئذ بادية في نواحي الشام والعراق وقد ذكروا في التوراة وكان لهم مع ملوك الطوائف حروب كما تقدمت الاشارة إلى ذلك كله من قبل‏.‏ وكان آخر هؤلاء العمالقة ملك السميدع بن هوثر وهو الذي قتله يوشع بن نون حين تغلب بنو إسرائيل على الشام وبقي في عقبه ملك في بني الظرب بن حسان من بني عاملة العماليق‏.‏ وكان آخرهم ملكا الزبا بنت عمرو بن السميدع‏.‏ وكانت قضاعة مجاورين لهم في ديارهم بالجزيرة وغلبوا العمالقة لما فشل ريحهم‏.‏ فلما هلكت الزبا وانقرض أمر بني الظرب بن حسان ملك أمر العرب تنوخ من بطون قضاعة‏.‏ وهم تنوخ بن مالك بن فهم بن تيم الله بن الأسود بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة‏.‏ وقد تقدم ذكر نزولهم بالحيرة والأنبار ومجاورتهم للارمانيين‏.‏ فملك من تنوخ ثلاثة ملوك فيما ذكر المسعودي‏:‏ النعمان بن عمرو ثم ابنه عمرو بن النعمان ثم أخوه الحوار بن عمرو‏.‏ وكانوا مملكين من قبل الروم‏.‏ ثم تلاشى أمر تنوخ واضمحل وغلبت سليح من بطون قضاعة ثم الضجاعم منهم من ولد ضجعم بن سعد بن سليح واسمه عمرو بن حلوان بن عمران بن الحاف فتنصروا وملكتهم الروم على العرب وأقاموا على ذلك مدة‏.‏ وكان نزولهم ببلاد مؤاب من أرض البلقاء‏.‏ ويقال‏:‏ إن الذي ولى سليخ على نواحي الشام هو قيصر طيطش ابن قيصر ماهان‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ كان لبني سليح دولتان في بني ضجعم وبني العبيد فأما بنو ضجعم فملكوا إلى أن جاءهم غسان فسلبوهم ملكهم وكان آخرهم زياد بن الهبولة سار بمن أبقى السيف منهم إلى الحجاز فقتله والي الحجاز للتبابعة حجر آكل المرار‏.‏ قال ومن النسابين من يطلق تنوخ على بني ضجعم ودوس الذين تنخوا بالبحرين أي أقاموا ثم سار الضجاعم إلى برية الشام ودوس إلى برية العراق‏.‏ قال وأما بنو العبيد بن الأبرص بن عمرو بن أشجع بن سليح فتوارثوا الملك بالحضر الذي آثاره باقية في برية سنجار‏.‏ والمشهور منهم الضيزن بن معاوية بن العبيد المعروف عند الجرامقة بالساطرون وقصته مع سابور معروفة اه‏.‏ كلام ابن سعيد‏.‏ ثم استحالت صبغة الرياسة عن العرب لحمير وصارت إلى كهلان إلى بلاد الحجاز‏.‏ ولما فصلت الأزد من اليمن كان نزولهم ببلاد عك ما بين زبيد وزمع فحاربوهم وقتلوا ملك عك‏.‏ قتله ثعلبة بن عمرو مزيقيا‏.‏ قال بعض أهل اليمن‏:‏ عك بن عدنان بن عبد الله بن أدد قال الدارقطني‏:‏ عك بن عبد الله بن عدثان بالثاء المثلثة وضم العين ولا خلاف أنه بنونين كما لم يختلف في دوس بن عدثان قبيلة من الأزد أنه بالثاء المثلثة‏.‏ ثم نزلوا بالظهران وقاتلوا جرهم بمكة ثم افترقوا في البلاد‏.‏ فنزل بنو نصر بن الأزد الشراة وعمان ونزل بنو ثعلبة بن عمرو مزيقيا بيثرب وأقام بنو حارثة بن عمرو بمر الظهران بمكة وهم يقال لهم خزاعة‏.‏ وقال المسعودي‏:‏ سار عمرو مزيقيا حتى إذا كان بالشراة بمكة أقام هنالك بنو نصر بن الأزد وعمران الكاهن وعدي بن حارثة بن عمرو بالأزد حتى نزلوا بين بلاد الأشعريين وعك على ماء يقال له غسان بين واديين يقال لهما زبيد وزمع فشربوا من ذلك الماء فسموا غسان‏.‏ وكانت بينهم وبين معد حروب إلى أن ظفرت بهم معد فأخرجوهم إلى الشراة وهو جبل الأزد الذين هم به وهم على تخوم الشام ما بينه وبين الجبال مما يلي أعمال دمشق والأردن‏.‏ قال ابن الكلبي‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:17

ولد عمرو بن عامر مزيقيا جفنة ومنه الملوك والحرث وهو محرق أول من عاقب بالنار وثعلبة وهو العنقا وحارثة وأبا حارثة ومالكاً وكعبأ ووداعة وهو في همدان‏.‏ وعوفا وذهل وائل ودفع ذهل إلى نجران ومنه أسقف وعبيدة وذهلاً وقيساً‏.‏ درج هؤلاء الثلاثة وعمران بن عمرو فلم يشرب أبو حارثة ولا عمران ولا وائل ماء غسان فليس يقال لهم غسان‏.‏ وبقي من أولاد مزيقيا ستة شربوا منه فهم غسان وهم‏:‏ جفنة وحارثة وثعلبة ومالك وكعب وعوف‏.‏ ويقال‏:‏ إن ثعلبة وعوفاً لم يشربا منه‏.‏ ولما نزلت غسان الشام جاوروا الضجاعم وقومهم من سليح ورئيس غسان يومئذ ثعلبة بن عمرو بن المجالد بن الحرث بن عمرو بن عدي بن عمرو بن مازن بن الأزد‏.‏ ورئيس الضجاعم يومئذ داود اللثق بن هبولة بن عمرو بن عوف بن ضجعم‏.‏ وكانت الضجاعة هؤلاء ملوكاً على العرب عمالاً للروم كما قلناه يجمعون ممن نزل بساحتهم لقيصر‏.‏ فغلبتهم غسان على ما بأيديهم من رياسة العرب لما كانت صبغة رياستهم الحميرية قد استحالت وعادت إلى كهلان وبطونها وعرفت الرياسة منها باليمن قبل فصولهم‏.‏ وربما كانوا أولى عدة وقوة وإنما العزة للكاثر‏.‏ وكانت غسان لأول نزولها بالشام طالبها ملوك الضجاعة بالأتاوة فمانعتهم غسان فاقتتلوا فكانت الدائرة على غسان وأقرت بالصغار وأدت الأتاوة حتى نشأ جذع بن عمرو بن المجالد بن الحرث بن عمرو بن المجالد بن الحرث بن عمرو بن عدي بن عمرو بن مازن بن الأزد‏.‏ ورجال سليح من ولد رئيسهم داود اللثق وهو سبطة بن المنذر بن داود ويقال بل قتلة‏.‏ فالتقوا فغلبهم غسان وأقاد بهم وتفردوا بملك الشام وذلك عند فساد كان بين الروم وفارس فخاف ملك الروم أن يعينوا عليه فارساً‏.‏ فكتب إليهم واستدناهم‏.‏ ورئيسهم يومئذ ثعلبة بن عمرو أخو جذع بن عمرو وكتبوا بينهم الكتاب على أنه إن دهمهم أمر من العرب أمدهم بأربعين ألفاً من الروم وإن دهمه أمر أمدته غسان بعشرين ألفاً‏.‏ وثبت ملكهم على ذلك وتوارثوه‏.‏ أول من ملك منهم ثعلبة بن عمرو فلم يزل ملكها إلى أن هلك وولي مكانه منهم ثعلبة بن عمرو مزيقيا‏.‏ قال الجرجاني‏:‏ وبعد ثعلبة بن عمرو ابنه الحرث بن ثعلبة يقال أنه ابن مارية‏.‏ ثم بعده ابنه المنذر بن الحرث ثم ابنه النعمان بن المنذر بن الحرث ثم أبو بشر بن الحرث بن جبلة بن الحرث بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة‏.‏ هكذا نسبه بعض النساب والصحيح أنه ابن عوف بن الحرث بن عوف بن عمرو بن عدي بن عمرو بن مازن ثم الحرث الأعرج بن أبي شمر ثم عمرو بن الحرث الأعرج ثم المنذر بن الحرث الأعرج ثم الأيهم بن جبلة بن الحرث بن جبلة بن الحرث بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة ثم ابنه جبلة‏.‏ وقال المسعودي‏:‏ أول من ملك منهم الحرث بن عمرو مزيقيا ثم بعده الحرث بن ثعلبة بن جفنة وهو ابن مارية ذات القرطين وبعده النعمان بن الحرث بن جفنة بن الحرث ثم أبو شمر بن الحارث بن ثعلبة بن جفنة بن الحارث‏.‏ ثم ملك بعده أخوه المنذر بن الحارث ثم أخوه جبلة بن الحارث ثم بعده عوف بن أبي شمر ثم بعده الحارث بن أبي شمر‏.‏ وعلى عهده كانت البعثة وكتب له النبي صلى الله عليه وسلم فيمن كتب إليه من ملوك تهامة والحجاز واليمن‏.‏ وبعث إليه شجاع بن وهب الأسدي يدعوه إلى الإسلام ويرغبه في الدين كذا عند ابن إسحق‏.‏ وكان النعمان بن المنذر على عهد الحارث بن أبي شمر هذا وكانا يتنازعان في الرياسة ومذاهب المدح وكانت شعراء العرب تفد عليهما مثل الأعشى وحسان بن ثابت وغيرهما‏.‏ ومن شعر حسان رضي الله تعالى عنه في مدح أبناء جفنة‏:‏ لله در عصابة نادمتهم يوماً بجلق في الزمان الأول أولاد جفنة حول قبر أبيهم قبر ابن مارية الكريم المفضل يغشون حتى ما تهر كلابهم لا يسألون عن السواد المقبل ثم ملك بعد الحارث بن أبي شمر ابنه النعمان ثم ملك بعده جبلة بن الأيهم بن جبلة‏.‏ وجبلة جده هو الذي ملك بعد أخويه شمر والمنذر‏.‏ وقال ابن سعيد‏:‏ أول من ملك من غسان بالشام وأذهب ملك الضجاعم جفنة بن مزيقيا‏.‏ ونقل عن صاحب تواريخ الأمم‏:‏ لما ملك جفنة بنى جلق وهي دمشق وملك خمساً وأربعين سنة‏.‏ واتصل الملك في بنيه إلى أن كان منهم الحارث الأعرج ابن أبي شمر وأمه مارية ذات القرطين من بني جفنة بنت الهانىء المذكورة في شعر حسان بأرض البلقاء ومعان‏.‏ قال ابن قتيبة‏:‏ وهو الذي سار إليه المنذر بن ماء السماء من ملوك الحيرة في مائة ألف فبعث إليه الحارث مائة من قبائل العرب فيهم لبيد الشاعر وهو غلام‏.‏ فأظهروا أنهم رسل في الصلح حتى إذا أحاطوا برواق المنذر فتكوا به وقتلوا جميع من كان معه في الرواق وركبوا خيولهم‏.‏ فمنهم من نجا ومنهم من قتل‏.‏ وحملت غسان على عسكر المنذر وقد اختبطوا فهزموهم‏.‏ وكانت حليمة بنت الحارث تحرض الناس وهم منهزمون على القتال فسمي يوم حليمة‏.‏ ويقال إن النجوم ظهرت فيه بالنهار من كرة العجاج‏.‏ ثم توالى الملك في ولد الحارث الأعرج إلى أن ملك منهم جفنة بن المنذر بن الحارث الأعرج وهو محرق لأنه حرق الحيرة دار ملك آل النعمان وكان جوالاً في الآفاق وملك ثلاثين سنة‏.‏ ثم كان ثالثه في الملك النعمان بن عمرو بن المنذر الذي بنى قصر السويدا وقصر حارث عند صيدا وهو مذكور في شعر النابغة‏.‏ ولم يكن أبوه ملكا وإنما كان يغزو بالجيش‏.‏ ثم ملك جبلة بن النعمان وكان منزله بصفين وهو صاحب عين أباغ يوم كانت له الهزيمة فيه على المنذر ابن المنذر ابن ماء السماء وقتل المنذر في ذلك اليوم‏.‏ ثم اتصل الملك في تسعة منهم بعده وكان العاشر أبو كرب النعمان بن الحارث الذي رثاه النابغة‏.‏ وكان منزله بالجولان من جهة دمشق‏.‏ ثم ملك الأيهم بن جبلة‏.‏ بن الحارث وكان له رأي في الإفساد بين القبائل حتى أفنى بعضهم بعضاً‏.‏ فعل ذلك ببني جسر وعاملة وغيرهم‏.‏ وكان منزله بتدمر‏.‏ وملك بعده منهم خمسة فكان السادس منهم ابنه جبلة بن الأيهم وهو آخر ملوكهم اه‏.‏ كلام ابن سعيد‏.‏ واستفحل ملك جبلة هذا وجاء الله بالإسلام وهو على ملكه‏.‏ ولما افتتح المسلمون الشام أسلم جبلة وهاجر إلى المدينة‏.‏ واستشرف أهل المدينة لمقدمه حتى تطاول النساء من خدورهن لرؤيته لكرم وفادته‏.‏ وأحسن عمر رضي الله نزوله وأكرم وفادته وأجله بأرفع رتب المهاجرين‏.‏ ثم غلب عليه الشقاء ولطم رجلاً من المسلمين من فزارة وطيء فضل أزاره وهو يسحبه في الأرض ونابذه إلى عمر رضي الله عنه في القصاص فأخذته العزة بالإثم فقال له عمر رضي الله عنه لا بد أن أقيده منك‏.‏ فقال له‏:‏ إذن أرجع عن دينكم هذا الذي يقاد فيه للسوقة من الملوك‏.‏ فقال له عمر رضي الله عنه إذن أضرب عنقك‏!‏ فقال أمهلني الليلة حتى أرى رأيي‏!‏ واحتمل رواحله وأسرى‏.‏ فتجاوز الدروب إلى قيصر ولم يزل بالقسطنطينية حتى مات سنة عشرين من الهجرة‏.‏ وفيما تذكره الثقات أنه ندم ولم يزل باكياً على فعلته تلك‏.‏ وكان فيما يقال يبعث بالجوائز إلى حسان بن ثابت لما كان منه في مدح قومه ومدحه في الجاهلية‏.‏ وعند ابن هشام‏:‏ أن شجاع بن وهب إنما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبلة‏.‏ قال المسعودي‏:‏ جميع ملوك غسان بالشام أحد عشر ملكاً‏.‏ وقال أن النعمان والمنذر أخوة جبلة وأبي شمر وكلهم بنو الحارث بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة ملكوا كلهم‏.‏ قال‏:‏ وقد ملك الروم على الشام من غير آل جفنة مثل الحارث الأعرج وهو أبو شمر بن عمرو بن الحارث بن عوف وعوف هذا جد ثعلبة بن عامر قاتل داود اللثق‏.‏ وملكوا عليهم أيضا أبا جبيلة بن عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج بن ثعلبة بن مزيقيا وهو أبو جبيلة الذي استصرخه مالك بن العجلان على يهود يثرب حسبما نذكر بعد‏.‏ وقال ابن سعيد‏:‏ عن صاحب تواريخ الأمم‏:‏ إن جميع ملوك بني جفنة اثنان وثلاثون ومدتهم ستمائة سنة ولم يبق لغسان بالشام قائمة‏.‏ وورث أرضهم بها قبيلة طيء‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ وأمراؤهم بنو مرا‏.‏ وأما الآن فأمراؤهم بنو مهنا وهما معاً لربيعة بن علي بن مفرج بن بدر بن سالم بن علي بن سالم بن قصة بن بدر بن سميع‏.‏ وقامت غسان بعد منصرفها من الشام بأرض القسطنطينية حتى انقرض ملك القياصرة فتجهزوا إلى جبل شركس وهو ما بين بحر طبرستان وبحر نيطش الذي يمده خليج القسطنطينية‏.‏ وفي هذا الجبل باب الأبواب وفيه من شعوب الترك المتنصرة الشركس واركس واللاص وكسا ومعهم اخلاط من الفرس ويونان‏.‏ والشركس غالبون على جميعهم‏.‏ فانحازت قبائل غسان إلى هذا الجبل عند انقراض القياصرة والروم وتحالفوا معهم واختلطوا بهم ودخلت أنساب بعضهم في بعض حتى ليزعم كثير من الشركس أنهم من نسب غسان‏.‏ ولله حكمة بالغة في خلقه‏.‏ والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين لا انقضاء لملكه ولا رب غيره‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:18

الخبر عن الأوس والخزرج أبناء قبيلة من هذه الطبقة ملوك يثرب دار الهجرة
وذكر أوليتهم والإلمام بشأن نصرتهم وكيف انقرض أمرهم قد ذكرنا فيما تقدم شأن يثرب وأنها من بناء يثرب بن فانية بن مهلهل بن إرم بن عبيل بن عوض وعبيل أخو عاد‏.‏ وفيما ذكر السهيلي أن يثرب ابن قائد بن عبيد بن مهلاييل بن عوص بن عمليق بن لاوذ بن إرم وهذا أصح وأوجه‏.‏ وقد ذكرنا كيف صار أمر هؤلاء لإخوانهم جاسم من الأمم العمالقة وأن ملكهم كان يسمى الأرقم وكيف تغلب بنو إسرائيل عليه وقتلوه وملكوا الحجاز دونه كله من أيدي العمالقة‏.‏ ويظهر من ذلك أن الحجاز لعهدهم كان آهلاً بالعمران وجميع مياهه‏.‏ يشهد بذلك أن داود على السلام لما خلع بنو إسرائيل طاعته وخرجوا عليه بابنه أشبوشت فر مع سبط يهوذا إلى خيبر وملك ابنه الشام وأقام هو وسبط يهوذا بخيبر سبع سنين في ملكه حتى قتل ابنه وعاد إلى الشام‏.‏ فيظهر من هذا أن عمرانه كان متصلاً بيثرب ويجاوزها إلى خيبر‏.‏ وقد ذكرنا هنالك كيف أقام من بني إسرائيل من أقام بالحجاز وكيف تبعتهم يهود خيبر وبنو قريظة‏.‏ قال المسعودي‏:‏ وكانت الحجاز إذ ذاك أشجر بلاد الله وأكثرها ماءً فنزلوا بلاد يثرب واتخذوا بها الأموال وبنوا الآطام والمنازل في كل موطن وملكوا أمر أنفسهم وانضافت إليهم قبائل من العرب نزلوا معهم واتخذوا الأطم والبيوت وأمرهم راجع إلى ملوك المقدس من عقب سليمان عليه السلام‏.‏ قال شاعر بني نعيف‏:‏ ولو نطقت يوماً قباء لخبرت بأنا نزلنا قبل عاد وتبع وآطامنا عادية مشمخرة تلوح فتنعى من يعادي ويمنع فلما خرج مزيقيا من اليمن وملك غسان بالشام ثم هلك وملك ابنه ثعلب العنقاء ثم هلك ثعلبة العنقاء‏.‏ وولي أمرهم بعد ثعلبة عمرو ابن أخيه جفنة سخط مكانه ابنه حارثة فأجمع الرحلة إلى يثرب وأقام بنو جفنة بن عمرو ومن انضاف إليهم بالشام‏.‏ ونزل حارثة يثرب على يهود خيبر وسألهم الحلف والجوار على الأمان والمنعة فأعطوه من ذلك ما سأل‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ وملك اليمن يومئذ شريب بن كعب فكانوا باديةً لهم إلى أن انعكس الأمر بالكثرة والغلبة‏.‏ وفي كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني قال‏:‏ بنو قريظة وبنو النضير الكاهنان من ولد الكوهن بن هارون عليه السلام كانوا بنواحي يثرب بعد موسى عليه السلام وقبل تفرق الأزد من اليمن بسيل العرم ونزول الأوس والخزرج يثرب وذلك بعد الفجار ونقل ذلك عن علي بن سليمان الأخفش‏.‏ يسنده إلى العماري قال‏:‏ ساكنو المدينة العماليق وكانوا أهل عدوان وبغي وتفرقوا في البلاد‏.‏ وكان بالمدينة منهم بنو نعيف وبنو سعد وبنو الأزرق وبنو نظرون‏.‏ وملك الحجاز منهم الأرقم ما بين تيما إلى فدك وكان ملوك المدينة ولهم بها نخل وزرع‏.‏ وكان موسى عليه السلام قد بعث الجنود إلى الجبابرة يغزونهم وبعث إلى العماليقة جيشاً من بني إسرائيل وأمرهم أن لا يستبقوا أحداً فأبقوا ابناً للأرقم ضنوا به على القتل‏.‏ فلما رجعوا بعد وفاة موسى عليه السلام وأخبروا بني إسرائيل بشأنه فقالوا هذه معصية لا تدخلوا علينا الشام فرجعوا إلى بلاد العمالقة ونزلوا المدينة وكان هذا أولية سكنى اليهود بيثرب‏.‏ وانتشروا في نواحيها واتخذوا بها الآطام والأموال والمزارع ولبثوا زمانا‏.‏ وظهر الروم على بني إسرائيل بالشام وقتلوهم وسبوا‏.‏ فخرج بنو النضير وبنو قريظة وبنو يهدل هاربين إلى الحجاز وتبعهم الروم فهلكوا عطشاً في المفازة بين الشام والحجاز‏.‏ وسمي الموضع ثمر الروم‏.‏ ولما قدم هؤلاء الثلاثة المدينة نزلوا العالية فوجدوها وابيةً وارتادوا‏.‏ ونزل بنو النضير مما يلي البهجان وبنو قريظة وبنو يهدل على نهر وز‏.‏ وكان ممن سكن المدينة من اليهود حين نزلها الأوس والخزرج بنو الشقمة وبنو ثعلبة وبنو زرعة وبنو قينقاع وبنو يزيد وبنو النضير وبنو قريظة وبنو يهدل وبنو عوف وبنو عصص‏.‏ وكان بنو يزيد من بلي وبنو نعيف من بلي وبنو الشقمة من غسان‏.‏ وكان يقال لبني قريظة وبني النضير الكاهنان


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:21

كما مر‏.‏ فلما كان سيل العرم وخرجت الأزد نزلت أزد شنوءة الشام بالسراة وخزاعة بطوى‏.‏ ونزلت غسان بصرى وأرض الشام ونزلت أزد عمان الطائف ونزلت الأوس والخزرج يثرب‏.‏ نزلوا في ضرار‏.‏ بعضهم بالضاحية وبعضهم بالقرى مع أهلها ولم يكونوا أهل نعم وشاء لأن المدينة كانت ليست بلاد مرعى ولا نخل لهم ولا زرع إلا الأعذاق اليسيرة والمزرعة يستخرجها من الموات والأموال لليهود فلبثوا حيناً‏.‏ ثم وفد مالك بن عجلان إلى أبي جبيلة الغساني وهو يومئذ ملك غسان فسأله فأخبره عن ضيق معاشهم فقال‏:‏ ما بالكم لم تغلبوهم حين غلبنا أهل بلدنا‏.‏ ووعده أنه يسير إليهم فينصرهم‏.‏ فرجع مالك وأخبرهم أن الملك آبا جبيلة يزورهم فأعدوا له نزلاً فأقبل ونزل بذي حرض وبعث إلى الأوس والخزرج بقدومه وخشي أن يتحصن منه اليهود في الآطام فاتخذ حائراً وبعث إليهم فجاءوه في خواصهم وحشمهم وأذن لهم في دخول الحائر وأمر جنوده فقتلوهم رجلاً رجلاً إلى أن أتوا عليهم‏.‏ وقال الأوس والخزرج إن لم تغلبوا على البلاد بعد قتل هؤلاء فلأحرقنكم ورجع إلى الشام فأقاموا في عداوة مع اليهود‏.‏
ثم أجمع مالك بن العجلان وصنع لهم طعاماً ودعاهم فامتنعوا لغدرة أبي جبيلة فاعتذر لهم مالك عنها وأنه لا يقصد نحو ذلك فأجابوه وجاءوا إليه فغدرهم وقتل منهم سبعة وثمانين من رؤسائهم‏.‏ وفطن الباقون فرجعوا وصورت اليهود بالحجاز مالك بن العجلان في كنائسهم وبيعهم وكانوا يلعنونه كلما دخلوا‏.‏ ولما قتلهم مالك ذلوا وخافوا وتركوا مشي بعضهم إلى بعض في الفتنة كما كانوا يفعلون من قبل‏.‏ وكان كل قوم من اليهود قد لجأوا إلى بطن من الأوس والخزرج يستنصرون بهم ويكونون لهم أحلافاً اه كلام الأغاني‏.‏ وكان لحارثة بن ثعلبة ولدان أحدهما أوس والآخر خزرج وأمهما قيلة بنت الأرقم بن عمرو بن جفنة وقيل بنت كاهن بن عذرة من قضاعة‏.‏ فأقاموا كذلك زماز حتى أثروا وامتنعوا في جانبهم وكثر نسلهم وشعوبهم‏.‏ فكان بنو الأوس كلهم لمالك بن الأوس منهم خطمة بن جشم بن مالك‏.‏ وثعلبة ولوذان وعوف كلهم بنو عمرو بن عوف بن مالك‏.‏ ومن بني عوف بن عمرو حنش ومالك وكلفة كلهم بنو عوف ومن مالك بن عوف معاوية وزيد‏.‏ فمن زيد عبيد وضبيعة وأمية‏.‏ ومن كلفة بن عوف جحجباً بن كلفة‏.‏ ومن مالك بن الأوس أيضا الحارث وكعب ابنا الخزرج بن عمرو بن مالك‏.‏ فمن كعب بنو ظفر ومن الحارث بن الخزرج حارثة وجشم‏.‏ ومن جشم بنو عبد الأشهل‏.‏ ومن مالك بن الأوس أيضا بنو سعد وبنو عامر ابنا مرة بن مالك فبنو سعد الجعادرة‏.‏ ومن بني عامر عطية وأمية ووائل كلهم بنو زيد بن قيس بن عامر‏.‏ ومن مالك وأما الخزرج فخمسة بطون من كعب وعمرو وعوف وجشم والحارث‏.‏ فمز كعب بن الخزر بنو ساعدة بن كعب ومن عمرو بن الخزرج بنو النجار وهم تيم الله بن ثعلبة بن عمرو وهم شعوب كثيرة‏:‏ بنو مالك وبنو عدي وبنو مازن وبنو دينار كلهم بنو النجار‏.‏ ومن مالك بن النجار مبدول واسمه عامر وغانم وعمرو‏.‏ ومن عمرو عدي ومعاوية ومن عوف بن الخزرج بنو سالم والقواقل وهما عوف بن عمرو بن عوف والقواقل ثعلبة ومرضخة بنو قوقل بن عوف‏.‏ ومن سالم بن عوف بنو العجلان بن زيد بن عصم بن سالم وبنو سالم بن عوف‏.‏ ومن جشم بن الخزرج بنو غضب بن جشم وتزيد بن جشم‏.‏ فمن غضب بن جشم بنو بياضة وبنو زريق ابنا عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب‏.‏ ومن تزيد بن جشم بنو سلمة بن سعد بن علي بن راشد بن ساردة بن تزيد‏.‏ ومن الحارث بن الخزرج بنو خدرة وبنو حرام ابنا عوف بن الحارث بن الخزرج‏.‏ فهذه بطون الخزرج فلما انتشر بيثرب هذان الحيان من الأوس والخزرج وكثروا يهود خافوهم على أنفسهم فنقضوا الحلف الذي عقدوه لهم وكانت العزة يومئذ بيثرب لليهود‏.‏ قال قيس بن الحطيم‏:‏ كنا إذا رابنا قوم بمظلمة شدت لنا الكاهنان الخيل واعتزموا بنوا الرهون وواسونا بأنفسهم بنوا الصريخ فقد عفوا وقد كرموا ثم نتج فيهم بعد حين مالك بن العجلان وقد ذكر نسب العجلان‏.‏ فعظم شأن مالك وسوده الحيان‏.‏ فلما نقض يهود الحلف واقعهم وأصاب منهم ولحق بأبي جبيلة ملك غسان بالشام وقيل بعث إليه الرنق بن زيد بن امرىء القيس فقدم عليه فأنشده‏:‏ أقسمت أطعم من رزق قطرةً حتى تكثر للنجاة رحيل حتى ألاقي معشرأ أنى لهم خل ومالهم لنا مبذول أرض لنا تدعى قبائل سالم ويجيب فيها مالك وسلول قوم أولو عز وعزة غيرهم إن الغريب ولو يعز ذليل فأعجبه وخرج في نصرتهم‏.‏ وأبو جبيلة هو ابن عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج‏.‏ كان حبيب بن عبد حارثة وأخوه غانم ابنا الجشمي ساروا مع غسان إلى الشام وفارقوا الخزرج‏.‏ ولما خرج أبو جبيلة إلى يثرب لنصرة الأوس والخزرج لقيه أبناء قيلة وأخبروه أن يهود علموا بقصده فتحصنوا في آطامهم فوري عن قصده باليمن وخرجوا إليه‏.‏ فدعاهم إلى صنيع أعده لرؤسائهم ثم استلحمهم‏.‏ فعزت الأوس والخزرج من يومئذ وتفرقوا في عالية يثرب وسافلتها يتبوأون منها حيث شاءوا وملكت أمرها على يهود فذلت اليهود وقل عددهم وعلت قدم أبناء قيلة عليهم‏.‏ فلم يكن لهم امتناع إلا بحصونهم وتفرقهم أحزاباً على وفي كتاب ابن إسحق‏:‏ إن تبعاً أبا كرب غزا المشرق فمر بالمدينة وخلف بين أظهرهم ابناً له فقتل غيلة‏.‏ فلما رجع أجمع على تخريبها واستئصال أهلها فجمع هذا الحي من الأنصار رئيسهم عمرو بن ظلة وظلة أمه وأبوه معاوية بن عمرو‏.‏ قال ابن إسحق‏:‏ وقد كان رجل من بني عدي بن النجار يقال له أحمر نزل بهم تبع‏.‏ وقال إنما التمر لمن أبره فزاد ذلك تبعاً حنقاً عليهم فاقتتلوا‏.‏ وقال ابن قتيبة في هذه الحكاية إن الذي عدا على التبعي هو مالك بن العجلان‏.‏ وأنكره السهيلي وفرق بين القصتين بأن عمرو بن ظلة كان لعهد تبع ومالك بن العجلان لعهد أبي جبيلة واستبعد ما بين الزمانين‏.‏ ولم يزل هذان الحيان قد غلبوا اليهود على يثرب‏.‏ وكان الاعتزاز والمنعة تعرف لهم في ذلك‏.‏ ويدخل في حلفهم من جاورهم من قبائل مضر وكانت بينهم في الحيين فتن وحروب ويستصرخ كل بمن دخل في حلفه من العرب واليهود‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ ورحل عمرو بن الإطنابة من الخزرج إلى النعمان بن المنذر ملك الحيرة فملكه على الحيرة واتصلت الرياسة في الخزرج والحرب بينهم وبين الأوس ومن أشهر الوقائع التي كانت بينهم يوم بعاث قبل المبعث‏.‏ كان على الخزرج فيه عمرو بن النعمان بن صلاة بن عمرو بن أمية بن عامر بن بياضة‏.‏ وكان على الأوس يومئذ حضير الكتائب ابن سماك بن عتيك بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل‏.‏ وكان حلفاء الخزرج يومئذ أشج من غطفان وجهينة من قضاعة‏.‏ وخلفاء الأوس مزينة من أحياء طلحة بن إياس وقريظة والنضير من يهود وكان الغلب صدر النهار للخزرج‏.‏ ثم نزل حضير وحلف لا أركب أو أقتل‏.‏ فتراجعت الأوس وحلفاؤها وانهزم الخزرج‏.‏ وقتل عمرو بن النعمان رئيسهم‏.‏ وكان آخر الأيام بينهم وصبحهم الإسلام وقد سئموا الحرب وكرهوا الفتنة فأجمعوا على أن يتوجوا عبد الله بن أبي بن سلول‏.‏ ثم اجتمع أهل العقبة منهم بالنبي صلى الله عليه وسلم بمكة ودعاهم إلى نصرة الإسلام فجاءوا إلى قومهم بالخبر كما نذكر وأجابوا واجتمعوا على نصرته‏.‏ ورئيس الخزرج سعد بن عبادة والأوس بن معاذ‏.‏ قالت عائشة‏:‏ كان يوم بعاث يوماً قدمه الله لرسوله ولما بلغهم خبر مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وما جاء به من الدين وكيف أعرض قومه عنه وكذبوه وآذوه وكان بينهم وبين قريش إخاء قديم وصهر فبعث أبو قيس بن الأسلت من بني مرة بن مالك بن الأوس ثم من بني وائل منهم واسمه صيفي بن عامر بن شحم بن وائل وكان يحبهم لمكان صهره فيهم‏.‏ فكتب إليهم قصيدة يعظم لهم فيها الحرمة ويذكر فضلهم وحلمهم وينهاهم عن الحرب ويأمرهم بالكف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكرهم بما رفع الله عنهم من أمر الفيل وأولها‏:‏ تناهز خمساً وثلاثين بيتاً ذكرها ابن إسحق في كتاب السير فكان ذلك أول ما ألقح بينهم من الخير والإيمان‏.‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يئس من إسلام قومه يعرض نفسه على وفود العرب وحجاجهم أيام الموسم أن يقوموا بدين الإسلام وبنصره حتى يبلغ ما جاء به من عند الله وقريش يصدونهم عنه ويرمونه بالجنون والشعر والسحر كما نطق به القرآن‏.‏ وبينما هو في بعض المواسم عند العقبة لقي رهطاً من الخزرج ست نفر اثنان من بني غانم بن مالك وهما أسعد بن زرارة بن عدي بن عبيد الله بن ثعلبة بن غانم وعوف بن الحرث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غانم وهو ابن عفراء‏.‏ ومن بني زريق بن سواد بن مالك بن غانم وهو ابن عفراء‏.‏ ومن بني زريق بن عامر رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق‏.‏ ومن بني غانم بن كعب بن سلمة بن سعد بن عبد الله بن عمرو بن الحرث بن ثعلبة بن الحرث بن حرام بن كعب بن غانم كعب بن رئاب بن غانم وقطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو بن غانم بن سواد بن غانم وعقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن حرام بن كعب بن غانم‏.‏ فلما لقيهم قال لهم‏:‏ من أنتم قالوا نفر من الخزرج قال‏:‏ أمن موالي يهود قالوا نعم‏!‏ فقال ألا تجلسون أكلمكم فجلسوا معه فدعاهم إلى الله وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن‏.‏ فقال بعضهم لبعض‏:‏ تعلموا والله أنه النبي الذي تعدكم يهود به فلا يسبقنكم إليه‏.‏ فأجابوه فيما دعاهم وصدقوه وآمنوا به وأرجأوا الأمر في نصرته إلى لقاء قومهم‏.‏ وقدموا المدينة فذكروا لقومهم شأن النبي صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى الإسلام‏.‏ ففشا فيهم‏.‏ فلم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ثم وافى الموسم في العام المقبل اثنا عشر منهم فوافوه بالعقبة وهي العقبة الأولى‏.‏ وهم أسعد بن زرارة وعوف بن الحرث وأخوه معاذ إبنا عفراء ورافع بن مالك بن العجلان وعقبة بن عامر من الستة الأولى وستة آخرون منهم من بني غانم بن عوف بن القواقل‏.‏ منهم عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غانم‏.‏ ومن بني زريق ذكوان بن عبد القيس بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق والعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان‏.‏ هؤلاء التسعة من الخزرج‏.‏ وأبو عبد الرحمن بن زيد بن ثعلبة بن خزيمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة من بني عصية من بلي إحدى بطون قضاعة حليف لهم‏.‏ ومن الأوس رجلان الهيثم بن التيهان واسمه مالك بن التيهان بن مالك بن عتيك بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل وعويم بن ساعدة من بني عمرو بن عوف‏.‏ فبايعوه على الإسلام بيعة النساء وذلك قبل أن يفترض الحرب‏.‏ ومعناه أنه حينئذ لم يؤمر بالجهاد وكانت البيعة على الإسلام فقط كما وقع في بيعة النساء على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن‏:‏ الأية‏.‏ وقال لهم فإن وفيتم فلكم الجنة وإن غشيتم من ذلك شيئاً فأخذتم بحده في الدنيا فهو كفارة له‏.‏ وإن سترتم عليه في الدنيا إلى يوم القيامة فأمركم إلى الله إن شاء عذب وإن شاء غفر‏.‏ وبعث معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي يقريهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين‏.‏ فكان يصلي بهم وكان منزله على أسعد بن زرارة وغلب الإسلام في الخزرج وفشا فيهم وبلغ المسلمون من أهل يثرب أربعين رجلاً فجمعوا‏.‏ ثم أسلم من الأوس سعد بن معاذ بن النعمان بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل وابن عمه أسيد بن حضير الكتائب وهما سيدا بني عبد الأشهل‏.‏ وأوعب الإسلام بني عبد الأشهل وأخذ من كل بطن من الأوس ما عدا بني أمية بن زيد وخطمة ووائل وواقف وهي أوس أمه من الأوس من بني حارثة‏.‏ ووقف بهم عن الإسلام أبو قيس بن الأسلت يرى رأيه حتى مضى صدر من الإسلام ولم يبق دار من دور أبناء قيلة إلا وفيها رجال ونساء مسلمون‏.‏ ثم رجع مصعب إلى مكة‏.‏ وقدم المسلمون من أهل المدينة معه فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق فبايعوه وكانوا ثلثمائة وسبعين رجلاً وامرأتين بايعوه على الإسلام وأن يمنعوه ممن أراده بسوء ولو كان دون ذلك القتل‏.‏ وأخذ عليهم النقباء اثني عشر تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس وأسلم ليلتئذ عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر بن عبد الله وكان أول من بايع البراء بن معرور من بني تزيد بن جشم من الخزرج وصرخ الشيطان بمكانهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وتنطست قريش الخبر فوجدوه قد كان فخرجوا في طلب القوم وأدركوا سعد بن عبادة وأخذوه وربطوه حتى أطلقه جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل والحرث بن حرب بن أمية بن عبد شمس لجوار كان له عليهما ببلده‏.‏ فلما قدم المسلمون المدينة أظهروا الإسلام ثم كانت بيعة الحرب حتى أذن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في القتال فبايعوه‏.‏
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:24

على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وأثرته عليهم وأن لا ينازعوا الأمر أهله وأن يقوموا بالحق أينما كانوا ولا يخافوا في الله لومة لائم‏.‏ ولما تمت بيعة العقبة وأذن الله لنبيه في الحرب أمر المهاجرين الذين كانوا يؤذون بمكة أن يلحقوا بإخوانهم من الأنصار بالمدينة فخرجوا أرسالاً وأقام هو بمكة ينتظر الإذن في الهجرة‏.‏ فهاجر من المسلمين كثير سماهم ابن إسحق وغيره‏.‏ وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه في من هاجر هو وأخوه زيد وطلحة بن عبيد الله وحمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة وأنيسة وأبو كبشة موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وعثمان بن عفان رضي الله عنهم‏.‏ ثم أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فهاجر وصحبه أبو بكر رضي الله عنه فقدم المدينة ونزل في الأوس على كلثوم بن مطعم بن امرىء القيس بن الحرث بن زيد بن عبيد بن مالك بن عوف‏.‏ وسيد الخزرج يومئذ عبد الله بن أبي بن سلول‏.‏ وأبي هو ابن مالك بن الحرث بن عبيد واسم أم عبيد سلول‏.‏ وعبيد هو ابن مالك بن سالم بن غانم بن عوف بن غانم بن مالك بن النجار‏.‏ وقد نظموا له الخرز ليملكوه على الحيين فغلب على أمره واجتمعت أبناء قيلة كلهم على الإسلام فضغن لذلك لكنه أظهر أن يكون له اسم منه‏.‏ فأعطى الصفقة وطوى على النفاق كما يذكر بعد‏.‏ وسيد الأوس يومئذ أبو عامر بن عبد عمرو بن صيفي بن النعمان أحد بني ضبيعة بن زيد‏.‏ فخرج إلى مكة هارباً من الإسلام حين رأى اجتماع قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بغضاً في الدين‏.‏ ولما فتحت مكة فر إلى الطائف ولما فتح الطائف فر إلى الشام فمات هنالك‏.‏ ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي أيوب الأنصاري حتى ابتنى مساكنه ومسجده ثم انتقل إلى بيته‏.‏ وتلاحق به المهاجرون واستوعب الإسلام سائر الأوس والخزرج وسموا الأنصار يومئذ بما نصروا من دينه‏.‏ وخطبهم النبي صلى الله عليه وسلم وذكرهم وكتب بين المهاجرين والأنصار كتاباً وادع فيه يهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم واشترط عليهم وشرط لهم كما يفيده كتاب ابن إسحق فلينظر هنالك‏.‏ ثم كانت الحرب بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قومه فغزاهم وغزوه وكانت حروبهم سجالاً ثم كان الظهور والظفر لرسول الله صلى الله عليه وسلم آخراً كما نذكر في سيرته صلى الله عليه وسلم وصبر الأنصار في المواطن كلها واستشهد من أشرافهم ورجالاتهم كثير هلكوا في سبيل الله وجهاد عدوه‏.‏ ونقض أثناء ذلك اليهود الذين بيثرب على المهاجرين والأنصار ما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وظاهروا عليه‏.‏ فأذن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فيهم وحاصرهم طائفة بعد أخرى‏.‏ وأما بنو قينقاع فإنهم تثاوروا مع المسلمين بسيوفهم وقتلوا مسلماً‏.‏ وأما بنو النضير وقريظة فمنهم من قتله الله وأجلاه‏.‏ فأما بنو النضير فكان من شأنهم بعد أحد وبعد بئر معونة جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية بن القرى‏.‏ ولم يكن علم بعقدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبما نذكره فهموا بقتل رسول صلى الله عليه وسلم حين جاءهم لذلك خديعة منهم ومكراً فحاصرهم حتى نزلوا على الجلاء وأن يحملوا ما استقلت به الإبل من أموالهم إلا الحلقة‏.‏ وافترقوا في خيبر وبني قريظة‏.‏ وأما بنو قريظة فظاهروا قريشاً في غزوة الخندق فلما فرج الله كما نذكره حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين ليلة حتى نزلوا على حكمه وكلمته وشفع الأوس فيهم وقالوا تهبهم لنا كما وهبت بني قينقاع للخزرج‏.‏ فرد حكمهم إلى سعد بن معاذ وكان جريحاً في المسجد وأثبت في غزوة الخندق‏.‏ فجاء وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بم تحكم في هؤلاء بعد أن استحلف الأوس أنهم راضون بحكمه فقال يا رسول الله تضرب الأعناق وتسبي الأموال والذرية‏.‏ فقال‏:‏ حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة فقتلوا عن آخرهم وهم ما بين الستمائة والتسعمائة‏.‏ ثم خرج إلى خيبر بعد الحديبية سنة ست فحاصرهم وافتتحها عنوة وضرب رقاب اليهود وسبى نساءهم وكان في السبي صفية بنت حيي بن أخطب وكان أبوها قتل مع بني قريظة وكانت تحت كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وقتله محمد بن مسلمة غزاه من المدينة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ستة نفر فبيته‏.‏ فلما افتتحت خيبر اصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه وقسم الغنائم في الناس من القمح والتمر وكان عدد السهام التي قسمت عليها أموال خيبر ألف سهم وثمانمائة سهم برجالهم وخيلهم الرجال ألف وأربعمائة والخيل مائتان‏.‏ وكانت أرضهم الشق ونطاة والكتيبة‏.‏ فحصلت الكتيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والخمس ففرقها على قرابته ونسائه ومن وصلهم من المسلمين‏.‏ وأعمل أهل خيبر على ولما كان فتح مكة سنة ثمان وغزوة حنين على أثرها وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم فيمن كان يستألفه على الإسلام من قريش وسواهم وجد الأنصار في أنفسهم وقالوا‏:‏ سيوفنا تقطر من دمائهم وغنائمنا تقسم فيهم‏.‏ مع أنهم كانوا ظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فتح بلاده وجمع على الدين قومه أنه سيقيم بأرضه وله غنية عنهم‏.‏ وسمعوا ذلك من بعض المنافقين وبلغ ذلك كله رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمعهم وقال يا معشر الأنصار‏:‏ ما الذي بلغكم عني فصدقوه الحديث‏.‏ فقال ألم تكونوا ضلالاً فهداكم الله وعالةً فأغناكم الله ومتفرقين فجمعكم الله فقالوا الله ورسوله أمن‏.‏ فقال لو شئتم لقلتم جئتنا طريداً فآويناك ومكذباً فصدقناك‏.‏ ولكن والله إني لأعطي رجالاً استألفهم على الدين وغيرهم أحب إلي‏.‏ ألا ترضون أن ينقلب الناس بالشاء والبعير وتنقلبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم أما والذي نفسي بيده لولا الهجرة لكنت أمرأً من الأنصار‏.‏ الناس دثار وأنتم شعار‏.‏ ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار‏!‏ ففرحوا بذلك ورجعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يثرب فلم يزل بين أظهرهم إلى أن قبضه الله إليه‏.‏ ولما كان يوم وفاته صلى الله عليه وسلم اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة بن كعب ودعت الخزرج إلى بيعة سعد بن عبادة وقالوا لقريش‏:‏ منا أمير ومنكم أمير ضنا بالأمر أو بعضه فيهم لما كان من قيامهم بنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وامتنع المهاجرون واحتجوا عليهم بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بالأنصار في الخطبة ولم يخطب بعدها‏.‏ قال‏:‏ أوصيكم بالأنصار أنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فأوصيكم بأن تحسنوا إلى محسنهم وتتجاوزوا عن مسيئهم‏.‏ فلو كانت الإمارة لكم لكانت ولم تكن الوصية بكم‏.‏ فحجوهم فقام بشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس بن زيد بن مالك بن الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحرث بن الخزرج فبايع لأبي بكر واتبعه الناس‏.‏ فقل حباب بن المنذر بن الجموح بن حرام بن كعب بن غانم بن سلمة بن سعد‏:‏ يا بشير أنفست بها ابن عمك يعني الإمارة‏.‏ قال لا والله ولكني كرهت أن أنازع الحق قوما جعله الله لهم‏.‏ فلما رأى الأوس ما صنع بشير بن سعد وكانوا لا يريدون الأمر للخزرج قاموا فبايعوا أبا بكر‏.‏ ووجد سعد فتخلف عن البيعة ولحق بالشام إلى أن هلك وقتله الجن فيما يزعمون وينشدون من شعر الجن‏:‏ نحن قتلنا سيد الخززج سعد بن عباده ضربناه بسهم فلم تخط فؤاده وكان لابنه قيس من بعده غناء في الأيام وأثر في فتوحات الإسلام‏.‏ وكان له انحياش إلى علي في حروبه مع معاوية وهو القائل لمعاوية بعد مهلك علي رضي الله عنه وقد عرض به معاوية في تشيعه فقال‏:‏ والآن ماذا يا معاوية‏.‏ والله إن القلوب التي أبغضناك بها لفي صدورنا وأن السيوف التي قاتلناك بها لعلى عواتقنا‏.‏ وكان أجود العرب وأعظمهم جثماناً‏.‏ يقال‏:‏ إنه كان إذا ركب تخط رجلاه الأرض‏.‏ ولما ولي يزيد بن معاوية وظهر من عسفه وجوره وادالته الباطل من الحق ما هو معروف امتعضوا للدين وبايعوا لعبد الله بن الزبير حين خرجوا بمكة‏.‏ واجتمعوا على حنظلة بن عبد الله الغسيل ابن أبي عامر بن عبد عمرو بن صيفي بن النعمان بن مالك بن صيفي بن أمية بن ضبيعة بن زيد‏.‏ وعقد ابن الزبير لعبد الله بن مطيع بن إياس على المهاجرين معهم‏.‏ وسرح يزيد إليهم مسلم بن عقبة المري وهو عقبة بن رباح بن أسعد بن ربيعة بن عامر بن مرة بن عوف بن سعد بن دينار بن بغيض بن ريث بن غطفان فيمن فرض عليه من بعوث الشام والمهاجرين فالتقوا بالحرة حرة بني زهرة وكانت الدبرة على الأنصار واستلحمهم جنود يزيد‏.‏ ويقال‏:‏ إنه قتل في ذلك اليوم من المهاجرين والأنصار سبعون بدرياً‏.‏ وهلك عبد الله بن حنظلة يومئذ فيمن هلك‏.‏ وكانت إحدى الكبر التي أتاها يزيد‏.‏ واستفحل ملك الإسلام من بعد ذلك واتسعت دولة العرب وافترقت قبائل المهاجرين والأنصار في قاصية الثغور بالعراق والشام والأندلس وأفريقية والمغرب حاميةً ومرابطين‏.‏ فافترق الحي أجمع من أبناء قيلة وافترقت وأقفرت منهم يثرب ودرسوا فيمن درس من الأمم‏.‏ وتلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم‏.‏ والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين لا خالق سواه ولا معبود إلا إياه ولا خير إلا خيره ولا رب غيره وهو نعم المولى ونعم النصير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:26

الخبر عن بني عدنان وانسابهم وشعوبهم وما كان لهم من الدول والملك في الإسلام واولية ذلك ومصايره

قد تقدم لنا أن نسب عدنان إلى إسماعيل عليه السلام باتفاق من النسابين وأن الآباء بينه وبين إسماعيل غير معروفة‏.‏ وتنقلب في غالب الأمر مخلطة مختلفة بالقلة والكثرة في العمر حسبما ذكرناه‏.‏ فأما نسبته إليه فصحيحة في الغالب ونسب النبي صلى الله عليه وسلم منها إلى عدنان صحيح باتفاق من النسابين‏.‏ وأما بين عدنان وإسماعيل فبين الناس فيه اختلاف كثير‏.‏ فقيل من ولد نابت بن إسماعيل وهو عدنان بن أدد المقدم ابن ناحور بن تنوخ بن يعرب بن يشجب بن نابت قاله البيهقي‏.‏ وقيل من ولد قيذار بن إسماعيل وهو عدنان بن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل بن قيذار‏.‏ قاله الجرجاني علي بن عبد العزيز النسابة‏.‏ وقيل عدنان بن يشجب بن أيوب بن قيذار‏.‏ ويقال إن قصي بن كلاب كان يومي شعره بالإنتساب إلى قيذار‏.‏
ونقل القرطبي عن هشام بن محمد‏:‏ فيما بين عدنان وقيذار نحواً من أربعين أباً‏.‏ وقال سمعت رجلاً من أهل تدمر من مسلمة يهود وممن قرأ كتبهم يذكر نسب معد بن عدنان إلى إسماعيل من كتاب إرمياء النبي عليه السلام وهو يقرب من هذا النسب في العدد والأسماء إلا قليلاً‏.‏ ولعل الخلاف أنما جاء من قبل اللغة لأن الأسماء ترجمت من العبرانية‏.‏ ونقل القرطي عن الزبير بن بكار بسنده إلى ابن شهاب‏:‏ فيما بين عدنان وقيذار قريباً من ذلك العدد ونقل عن بعض النسابين أنه حفظ لمعد بن عدنان أربعين أباً إلى إسماعيل‏.‏ وأنه قابل ذلك بما عند أهل الكتاب في نفسه فوجده موافقاً‏.‏ وأنما خالف في بعض الأسماء‏.‏ قال‏:‏ واستمليته فأملاه علي ونقله الطبري إلى آخره‏.‏ ومن النسابين من بعد بين عدنان وإسماعيل عشرين أو خمسة عشر ونحو ذلك‏.‏ وفي الصحيح عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ معد بن عدنان بن أدد بن زيد بن برا بن أعراق الثرى‏.‏ قالت أم سلمة‏:‏ وزيد هو الهميسع وبرا هو نبت أو نابت وأعراق الثرى هو إسماعيل وقد تقدم هذا أول الكتاب‏.‏ وأن السهيلي رد تفسير أم سلمة وقال‏:‏ ليس المراد بالحديث عد الآباء بين معد وإسماعيل وإنما معناه معنى قوله في الحديث الآخر‏:‏ أنتم بنو آدم وآدم من التراب‏.‏ وعضد ذلك باتفاق النسابين على بعد المدة بين عدنان وإسماعيل بحيث يستحيل في العادة أن يكون بينهما أربعة آباء أو خمسة أو عشرة إذ المدة أطول من هذا كله بكثير‏.‏ وكان لعدنان من الولد على ما قال الطبري ستة‏:‏ الربب وهو عك وعرق وبه سميت عرق اليمن وأد وأبي الضحاك وعبق وأمهم مهدد‏.‏ قال هشام بن محمد‏:‏ هي من جديس وقيل من طسم وقيل من الطواسيم من نسل لفشان بن إبراهيم‏.‏ قال الطبري‏:‏ ولما قتل أهل حضورا شعيب بن مهدم نبيهم أوحى الله إلى إرميا وأبرخيا من أنبياء بني إسرائيل بأن يأمرا بختنصر يغزو العرب ويعلماه أن الله سلطه عليهم وأن يحتملا معد بن عدنان إلى أرضهم ويستقذاه من الهلكة لما أراده من شأن النبوة المحمدية في عقبه كما مر ذلك من قبل‏.‏ فحملاه على البراق ابن اثنتي عشرة سنة وخلصا به إلى حران‏.‏ فأقام عندهما وعلماه علم كتابهما‏.‏ وسار بختنصر إلى العرب فلقيه عدنان فيمن اجتمع إليه من حضور أو غيرهم بذات عرق فهزمهم بختنصر وقتلهم أجمعين ورجع إلى بابل بالغنائم والسبي وألقاها بالأنبار‏.‏ ومات عدنان عقب ذلك وبقيت بلاد العرب خراباً حقباً من الدهر‏.‏ حتى إذا هلك بختنصر خرج معد في أنبياء بني إسرائيل إلى مكة فحجوا وحج معهم ووجد أخويه وعمومته من بني عدنان قد لحقوا بطوائف اليمن وتزوجوا فيهم وتعطف عليهم أهل اليمن بولادة جرهم فرجعهم إلى بلادهم‏.‏ وسأل عمن بقي من أولاد الحرث بن مضاض الجرهمي فقيل له جرهم بن جلهة فتزوج ابنته معانة وولدت له نزار بن معد‏.‏ وأما مواطن بني عدنان هؤلاء فهي مختصة بنجد وكلها بادية رحالة إلا قريشاً بمكة ونجد هو مرتع من جانبي الحجاز وطوله مسيرة شهر من أول السروات التي تلي اليمن إلى آخرها المطلة على أرض الشام مع طول تهامة‏.‏ وأوله في أرض الحجاز من جهة العراق العذيب مما يلي الكوفة وهو ماء لبني تميم‏.‏ وإذا دخلت في أرض الحجاز فقد أنجدت‏.‏ وأوله من جهة تهامة الحجاز حضن ولذلك يقال انجد من رأى حضناً‏.‏ قال السهيلي‏:‏ وهو جبل متصل بجبل الطائف الذي أعلى نجد تبيض فيه النسور‏.‏ قال‏:‏ وسكانه بنو جشم بن بكر وهو أول حدود نجد‏.‏ وأرض تهامة من الحجاز في قرب نجد مما يلي بحر القلزم في سمت مكة والمدينة وتيما وأيلة وفي شرقها بينها وبين جبل نجد غير بعيد‏.‏ منها العوالي وهي ما ارتفع عن هذه الأرض ثم تعلو عن السروات ثم ترتفع إلى نجد وهي أعلاها‏.‏ والعوالي والسروات بلاد تفصل بين تهامة ونجد متصلة من اليمن إلى الشام كسروات الخيل تخرج من نجد منفصلة من تهامة داخلة في بلاد أهل الوبر‏.‏ وفي شرقي هذا الجبل برية نجد ما بينه وبين العراق متصلة باليمامة وعمان والبحرين إلى البصرة‏.‏ وفي هذه البرية مشاتي للعرب تشتو بها منهم خلق أحياء لا يحصيهم إلا خالقهم‏.‏ قال السهيلي‏:‏ واختص بنجد من العرب بنو عدنان لم تزاحمهم فيه قحطان إلا طيء من كهلان فيما بين الجبلين سلمى وأجأ وافترق أيضاً من عدنان في تهامة والحجاز ثم في العراق والجزيرة ثم افترقوا بعد الإسلام على الأوطان‏.‏ وأما شعوبهم فمن عدنان عك ومعد فمواطن عك في نواحي زبيد ويقال عك بن الديث بالدال غير منقوطة والثاء مثلثة ابن عدنان‏.‏ يقال إن عكا هذا هو ابن عدثان بالثاء المثلثة ابن عبد الله من بطون الأزد ومن عك بن عدنان بنو عايق بن الشاهد بن علقمة بن عك بطن متسع كان منهم في الإسلام رؤساء وأمراء‏.‏ وأما معد فهو البطن العظيم ومنه تناسل عقب عدنان كلهم وهو الذي تقدم الخبر عنه بأن إرمياء النبي من بني إسرائيل أوحى المحه إليه أن يأمر يختنصر


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:27

بالإنتقام من العرب وأن يحمل معداً على البراق أن تصيبه النقمة لأنه مستخرج من صلبه نبياً كريماً خاتماً للرسل فكان كذلك‏.‏ ومن ولده إياد ونزار ويقال وقنص وانمار‏.‏ فأما قنص فكانت له الإمارة بعد أبيه على العرب وأراد إخراج أخيه نزار من الحرم فأخرجوه أهل مكة وقدموا عليه نزارأ‏.‏ ولما احتضر قسم ماله بين ولديه فجعل لربيعة الفرس ولضر القبة الحمراء ولأنمار الحمار ولإياد عند من جعله من ولد الحلمة والعصا‏.‏ ثم تحاكموا في هذا الميراث إلى أفعى نجران في قصة معروفة ليست من غرض الكتاب‏.‏ وأما إياد فتشعبوا بطونا كثيرة وتكاثر بنو إسماعيل وانفرد بنو مضر بن نزار برياسة الحرم وخرج بنو إياد إلى العراق ومضى أنمار إلى السروات بعد بنيه في اليمانية وهم خثعم وبجيلة‏.‏ ونزلوا آبار يافه وكان لهم في بلاد الأكاسرة آثار مشهورة إلى أن تابع لهم الأكاسرة الغزو وأبادوهم‏.‏ وأعظم ما باد منهم سابور ذو الأكتاف هو الذي استلحمهم وأفناهم‏.‏ وأما نزار فمنه البطنان العظيمان ربيعة ومضر ويقال‏:‏ إي إياداً يرجعون إلى نزار وكذلك أنمار‏.‏ فأما ربيعة فديارهم ما بين الجزيرة والعراق وهم ضبيعة وأسد ابنا ربيعة‏.‏ ومن أسد عنزة وجديلة ابنا أسد فعنزة بلادهم في عين التمر في برية العراق على ثلاثة مراحل من الأنبار‏.‏ ثم انتقلوا عنها إلى جهات خيبر فهم هنالك‏.‏ وورثتت بلادهم غزية من طيء الذين لهم الكثرة والإمارة بالعراق لهذا العهد‏.‏ ومن عنزة هؤلاء بأفريقية حي قليل مع رياح من بني هلال بن عامر‏.‏ ومنهم أحياء مع طيء ينتجعون ويشتون في برية نجد‏.‏ وأما جديلة فمنهم عبد القيس وهنب ابنا أفصى بن دعمي بن جديلة‏.‏ فأما عبد القيس وكانت مواطنهم بتهامة ثم خرجوا إلى البحرين وهي بلاد واسعة على بحر فارس من غربيه وتتصل باليمامة من شرقيها والبصره من شماليها وبعمان من جنوبها وتعرف ببلاد هجر‏.‏ ومنها القطيف وهجر والعسير وجزيرة أوال والأحسا‏.‏ وهجر هي باب اليمن من العراق‏.‏ وكانت أيام الأكاسرة من أعمال الفرس وممالكهم‏.‏ وكان بها بشر كثير من بكر بن وائل وتميم في باديتها‏.‏ فلما نزل معهم بنو عبد القيس زاحموهم في ديارهم تلك وقاسموهم في الموطن ووفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأسلموا‏.‏ ووفد منهم المنذر بن عائد بن المنذر بن الحارث بن النعمان بن زياد بن نصر بن عمرو بن عوف بن جذيمة بن عوف بن انمار بن عمرو بن وديعة بن بكر‏.‏ وذكروا أنه سيدهم وقائدهم إلى الإسلام فكانت له صحبة ومكانة من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ووفد أيضاً الجارود بن عمرو بن حنش بن المعلى بن زيد بن حارثة بن معاوية بن ثعلبة بن جذيمة‏.‏ وثعلبة أخو عوف بن جذيمة وفد في عبد القيس سنة تسع مع المنذر بن ساوي من بني تميم وسيأتي ذكره‏.‏ وكان نصرانياً فأسلم وكانت له أيضاً صحبة ومكانة‏.‏ وكان عبد القيس هؤلاء من أهل الرفق بعد الوفاة‏.‏ وأمروا عليهم المنذر بن النعمان الذي قتل كسرى أباه فبعث إليهم أبو بكر بن العلا بن الحضرمي في فتح البحرين وقتل المنذر‏.‏ ولم تزل رياسة عبد القيس في بني الجارود أولاً ثم في ابنه المنذر وولاه عمر على البحرين ثم ولاه على إصطخر ثم عبد الله بن زياد ولاه على الهند‏.‏ ثم ابنه حكيم بن المنذر‏.‏ وتردد على ولاية البحرين قبل ولاية العراق‏.‏ وأما هنب بن أفضى فمنهم النمر ووائل ابنا قاسط بن هنب‏.‏ فأما بنو النمر بن قاسط فبلادهم رأس العين ومنهم صهيب بن سنان بن مالك بن عبد عمرو بن عقيل بن عامر بن جندلة بن جذيمة بن كعب بن سعد بن أسلم بن أوس مناة بن النمر بن قاسط صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم المشهور وينسب إلى الروم‏.‏ وكان سنان أبوه استعمله كسرى على الأبلة وكان لبني النمر بن قاسط شأن في الردة مذكور‏.‏ ومنهم ابن القرية المشهور بالفصاحة أيام الحجاج ومنصور بن النمر الشاعر مادح الرشيد‏.‏ وأما بنو وائل فبطن عظيم متسع أشهرهم بنو تغلب وبنو بكر بن وائل وهما اللذان كانت بينهما الحروب المشهورة التي طالت فيما يقال أربعين سنة‏.‏ فلبني تغلب شهرة وكثرة وكانت بلادهم بالجزيرة الفراتية بجهات سنجار ونصيبين وتعرف بديار ربيعة‏.‏ وكانت النصرانية غالبة عليهم لمجاورة الروم‏.‏ ومن بني تغلب عمرو بن كلثوم الشاعر‏.‏ وهو عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غانم بن تغلب وأمه هند بنت مهلهل‏.‏ ومن ولده مالك بن طوق بن مالك بن عتاب بن زافر بن شريح بن عبد الله بن عمرو بن كلثوم وإليه تنسب رحبة مالك بن طوق على الفرات‏.‏ وعاصم بن النعمان عم عمرو بن كلثوم هو الذي قتل شرحبيل بن الحرث الملك آكل المرار يوم الكلاب‏.‏ ومن بني تغلب كليب ومهلهل ابنا ربيعة بن الحرث بن زهير بن جشم‏.‏ وكان كليب سيد بني تغلب وهو الذي قتله جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان وكان متزوجاً بأخته فرعت ناقة البسوس في حمى كليب فرماها بسهم فأثبتها‏.‏ وقتله جساس لأن البسوس كانت جارته فقام أخو كليب وهو مهلهل بن الحرث كمن برياسة تغلب وطلب بكر بن وائل بثأر كليب فاتصلت الحرب بينهم أربعين سنة وأخبارها معروفة‏.‏ وطال عمر مهلهل وتغرب إلى اليمن فقتله عبدان له في طريقه‏.‏ وبنو شعبة الذين بالطائف لهذا العهد من ولد شعبة بن مهلهل‏.‏ ومن تغلب الوليد بن طريف بن عامر الخارجي وهو من بني صيفي بن حي بن عمرو بن بكر بن حبيب وهو الذي رثته أخته ليلى بقولها‏:‏ أيا شجر الخابور مالك مورقاً كأنك لم تجزع على ابن طريف فتى لا يريد العز إلا من التقى ولا المال إلا من قناً وسيوف خفيف على ظهر الجواد إلى الوغى وليس على أعدائه بخفيف فلو كان هذا الموت يقبل فديةً فديناه من ساداتنا بألوف ومنهم بنو حمدان ملوك الموصل والجزيرة أيام المتقي ومن بعده من خلفاء العباسيين وسيأتي ذكرهم في أخبار بني العباس وهم بنو حمدان من بني عدي بن أسامة بن غانم بن تغلب كان منهم سيف الدولة الملك المشهور‏.‏ وأما بكر بن وائل ففيهم الشهرة والعدد فمنهم يشكر بن بكر بن وائل‏.‏ وبنو عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ومنهم بنو حنيفة وبنو عجل ابني لجيم بن صعب ففي بني حنيفة بطون متعددة أكثرهم بنو الدول بن حنيفة فيهم البيت والعدد ومواطنهم باليمامة وهي من أوطان الحجاز كما هي نجران من اليمن‏.‏ والشرقي منها يوالي البحري وبني تميم والغرب يوالي أطراف اليمن والحجاز والجنوب نجران والشمالي أرض نجد وطول اليمامة عشرون مرحلة وهي على أربعة أيام من مكة بلاد نخل وزرع وقاعدتها حجر بالفتح وبها بلد اسمه اليمامة ويسمى أيضاً جو باسم الزرقا‏.‏ وكانت مقراً للملوك قبل بني حنيفة‏.‏ واتخذ بنو حنيفة بعدها بلد حجر وبقي كذلك في الإسلام‏.‏ وكانت مواطن اليمامة لبني همدان بن يعفر بن السكسك بن وائل ب


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:29

بن حمير غلبوا على من كان بها من طسم وجديس‏.‏ وكان آخر ملوكهم بها فيما ذكره الطبري قرط بن يعفر‏.‏ ثم هلك فغلب عليها بعده طسم وجديس‏.‏ وكانت منهم الزرقا أخت رياح بن مرة بن طسم كما تقدم في أخبارهم‏.‏ ثم استولى على اليمامة آخراً بنو حنيفة وغلبوا عليها طسمأ وجديساً‏.‏ وكان ملكها منهم هوذة بن علي بن ثمامة بن عمرو بن عبد العزى بن سحيم بن مرة ابن الدول بن حنيفة وتوجه كسرى وابن عمه عمرو بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن عبد العزى قاتل المنذر ابن ماء السماء يوم عين أباغ‏.‏ وكان منهم ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة ملك اليمامة عند المبعث وثبت عند الردة‏.‏ ومنهم الخارجي نافع بن الأزرق بن قيس بن صبرة بن ذهل بن الدول بن حنيفة وإليه تنسب الأزارقة ومنهم محلم بن سبيع بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة صاحب مسيلمة الكذاب وهو‏:‏ من بني عدي بن حنيفة‏.‏ وهو مسيلمة بن ثمامة بن كثير بن حبيب بن الحرث بن عبد الحرث بن عدي‏.‏ وأخبار مسلمة في الردة معروفة وسيأتي الخبر عنها‏.‏ وأما بنو عجل بن لجيم بن صعب وهم الذين هزموا الفرس بمؤتة يوم في قار كما مر فمنازلهم من اليمامة إلى البصرة وقد دثروا وخلفهم اليوم في تلك البلاد بنو عامر المنتفق بن عقيل بن عامر وكان منهم بنو أبي دلف العجلي‏.‏ كانت لهم دولة بعراق العجم يأتي ذكرها‏.‏ وأما عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل فمنهم تيم الله وقيس ابنا ثعلبة بن عكابة وشيبان بن ذهل بن ثعلبة بطون ثلاثة عظيمة وأوسعها وأكثرها شعوبأ بنو شيبان‏.‏ وكانت لهم كثرة في صدر الإسلام شرقي دجلة في جهات الموصل‏.‏ وأكثر أئمة الخوارج في ربيعة منهم وسيدهم في الجاهلية مرة بن ذهل بن شيبان كان له أولاد عشرة نسلوا عشرة قبائل أشهرهم همام وجساس وسادهما بعد أبيه‏.‏ وقال ابن حزم‏:‏ تفرع من هام ثمانية وعشرون بطناً‏.‏ وأما جساس فقتل كليبا زوج أخته وهو سيد تغلب حين قتل ناقة البسوس جارته‏.‏ وأقام ابن كليب عند بني شيبان إلى أن كبر وعقل أن جساساً خاله هو الذي قتل أباه قتله ورجع إلى تغلب‏.‏ فمن ولد جساس بنو الشيخ كانت لهم رياسة بآمد وانتقطعت على يد المعتضد‏.‏ ومن بني شيبان هانىء بن مسعود الذي منع حلقة النعمان من أبرويز لما كانت وديعة عنده‏.‏ وكان سبب ذلك يوم ذي قار‏.‏ وهو هانىء بن مسعود بن عامر بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان‏.‏ ومنهم الضحاك بن قيس الخارجي الذي بويع أيام مروان بن محمد على مذهب الصفرية وملك الكوفة وغيرها وبايعه بالخلافة جماعة من بني أمية‏.‏ منهم سليمان بن هشام بن عبد الملك وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز‏.‏ وقتله آخراً مروان بن محمد وهو الضحاك بن قيس بن الحصين بن عبد الله بن ثعلبة بن زيد مناة بن أبي عمرو بن عوف بن ربيعة بن محلم بن ذهل بن شيبان وسيأتي الإلمام بخبره‏.‏ ومنهم المثنى بن حارثة الذي فتح سواد العراق أيام أبي بكر وعمر وأخوه المعنى بن حارثة‏.‏ منهم عمران بن حظان من أعلام الخوارج وهذا انقضاء الكلام في ربيعة بن نزار والله المعين‏.‏ مضر بن نزار وأما مضر بن نزار وكانوا أهل الكثرة والغلب بالحجاز من سائر بني عدنان وكانت لهم رياسة بمكة فيجمعهم فخذان عظيمان وهما خندف وقيس لأنه كان له من الولد اثنان الياس وقيس عيلان عبد حضنة قيس فنسب إليه وقيل هو فرس‏.‏ وقد قيل أن عيلان هو ابن مضر واسمه الياس وأن له ابنين قيس ودهم وليس ذلك بصحيح‏.‏ وكان لالياس ثلاثة من الولد مدركة وطابخة وقمعة لأمرأة من قضاعة تسمى خندف فانتسب بنو الياس كلهم إليها‏.‏ وانقسمت مضر إلى خندف وقيس عيلان‏.‏ فأما قيس فتشعبت إلى ثلاث بطون من كعب وعمرو وسعد بنيه الثلاثة‏.‏ فمن عمرو بنو فهم وبنو عدوان ابني عمرو بن قيس وعدوان بطن متسع وكانت منازلهم الطائف من أرض نجد نزلها بعد إياد العمالقة ثم غلبتهم عليها ثفيف فخرجوا إلى تهامة‏.‏ وكان منهم عامر بن الظرب بن عمرو بن عباد بن يشكر بن عدوان حكم العرب في الجاهلية‏.‏ وكان منهم أيضاً أبو سيارة الذي يدفع بالناس في الموسم وعميلة بن الأعزل بن خالد بن سعد بن الحرث بن رايش بن زيد بن عدوان‏.‏ وبأفريقية لهذا العهد منهم أحياء بادية بالقفر يظعنون مع بني سليم تارة ومع رياح بن هلال بن عامر أخرى‏.‏ ومن بني فهم بن عمرو فيما ذكر البيهقي بنو طرود بن فهم بطن متسع كانوا بأرض نجد وكان منهم الأعشى وليس منهم الآن بها أحد‏.‏ وبأفريقية لهذا العهد حي يظعنون مع سليم ورياح‏.‏ وانقضى الكلام في بني عمرو بن قيس‏.‏ وأما سعد بن قيس فمنهم غني وباهلة وغطفان ومرة‏.‏ فأما غني فهم بنو عمرو بن أعصر بن سعد وأما باهلة فمنهم بنو مالك أعصر بن سعد صاحب خراسان المشهور‏.‏ ومنهم أيضاً الأصمعي راوية العرب المشهور وهو عبد الملك بن علي بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع بن مطر بن رياح بن عمرو بن عبد شمس بن أعيا بن سعد بن عبد غانم بن قتيبة بن معن بن مالك‏.‏ وأما بنو غطفان بن سعد‏:‏ فبطن عظيم متسع كثير الشعوب والبطون ومنازلهم بنجد مما يلي وادي القرى وجبلي طيء‏.‏ ثم افترقوا في الفتوحات الإسلامية واستولت عليها قبائل طيء وليس منهم اليوم عمودة رجالة في قطر من الأقطار إلا ما كان لفزارة ورواحة في جوار هيب ببلاد برقة وبنو غطفان بطون ثلاثة‏:‏ منهم أشجع بن ريث بن غطفان وعبس بن بغيض بن ريث بن غطفان وذبيان‏.‏ فأما اشجع فكانوا عرب المدينة يثرب وكان سيدهم معقل بن سنان من الصحابة وكان منهم نعيم بن مسعود بن أنيف بن ثعلبة بن قند بن خلاوة بن سبيع بن أشجع الذي شتت جموع الأحزاب عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخرين مذكورين منهم وليس لهذا العهد منهم بنجد أحد إلا بقايا حوالي المدينة النبوية وبالمغرب الأقصى‏.‏ منهم حي عظيم الآن يظعنون مع عرب المعقل بجهات سجلماسة ووادي ملوية ولهم عدد وذكر‏.‏ وأما بنو عبس فبيتهم في بني عدة بن قطيعة كان منهم الربيع بن زياد وزير النعمان ثم إخوتهم بنو الحرث بن قطيعة كان منهم زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن آزر بن الحرث سيدهم وكانت له السيادة على غطفان أجمع‏.‏ وله بنون أربعة منهم قيس ساد بعده على عبس وابنه زهير هو صاحب حرب داحس والغبرا‏:‏ فرسين كانت إحداها وهي داحس لقيس والأخرى وهي الغبرا لحذيفة بن بدر سيد فزارة فأجرياهما وتشاحا في الحكم بالسبق فتشاجرا وتحاربا وقتل قيس حذيفة ودامت الحرب بين عبس وفزارة وأخوة قيس بن زهير الحرث وشاس ومالك وقتل مالك في تلك الحرب‏.‏ وكان منهم الصحابي المشهور خذيفة بن اليماني بن حسل بن جابر بن ربيعة بن جروة بن الحرث بن قطيعة‏.‏ ومن عبس بن جابر بنو غالب بن قطيعة‏.‏ ثم عنترة بن معاوية بن شداد بن مراد بن مخزوم بن مالك بن غالب الفارس المشهور وأحد الشعراء الستة في الجاهلية‏.‏ وكان بعده من أهل نسبه وقرابته الحطيئة الشاعر المشهور واسمه جرول بن أوس بن جؤية بن مخزوم‏.‏ وليس بنجد لهذا العهد أحد من بني عبس‏.‏ وفي أحياء زغبة من بني هلال لهذا العهد أحياء ينتسبون إلى عبس فما أدري من عبس هؤلاء أم هو عبس آخر من زغبة نسبوا إليه‏.‏ وأما ذبيان بن بغيض‏:‏ فلهم بطون ثلاثة‏:‏ مرة وثعلبة وفزارة‏.‏ فأما فزارة فهم خمسة شعوب‏:‏ عدي وسعد وشمخ ومازن وظالم‏.‏ وفي بدر بن عدي كانت رياستهم في الجاهلية وكانوا يرأسون جميع غطفان‏.‏ ومن قيس وإخوتهم بنو ثعلبة بن عدي كان منهم حنيفة بن بدر بن جؤية بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة الذي راهن قيس بن زهير العبسي على جري داحس والغبرا وكانت بسبب ذلك الحرب المعروفة‏.‏ ومن ولده عيينة بن حصن بن حنيفة الذي قاد الأحزاب إلى المدينة وأغار على المدينة لأول بيعة أبي بكر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسميه الأحمق المطاع‏.‏ ومنهم أيضأ الصحابي المشهور سمرة بن جندب بن هلال بن خديج بن مرة بن خرق بن عمرو بن جابر بن خشين في الرأسين بن لاي بن عصيم بن شمخ بن فزارة‏.‏ ومن بني سعد بن فزارة يزيد بن عمرو بن هبيرة بن معية بن سكين بن خديج بن بغيض بن مالك بن سعد بن عدي بن فزارة ولي العراقين هو وأبوه أيام يزيد بن عبد الملك ومروان بن محمد وهو الذي قتله المنصور بعد أن عاهده‏.‏ ومن بني مازن بن فزارة هرم بن قطبة أدرك الإسلام وأسلم إلى آخرين يطول ذكرهم ولم يبق بنجد منهم أحد‏.‏ وقال ابن سعيد‏:‏ إن أبرق الحنان وأبانا من وادي القرى من معالم بلادهم وأن جيرانهم من طيء مولدها لهذا العهد وأن بأرض برقة منهم إلى طرابلس قبائل رواحة وهيب وفزان‏.‏ قلت‏:‏ وبأفريقية والمغرب لهذا العهد أحياء كثيرة اختلطوا مع أهله فمنهم مع المعقل بالمغرب الأقصى أحياء كثيرة لهم عدد وذكر بالمعقل إلى الإستظهار بهم حاجة‏.‏ ومنهم مع بني سليم بن منصور بأفريقية طائفة أخرى أحلاف لأولاد أبي الليل من شعوب بني سليم يستظهرون بهم في مواقف حروبهم ويولونهم على ما يتولونه للسلطان من أمور باديتهم نيابةً عنهم شأن الوزراء في الدول‏.‏ وكان من أشهرهم معن بن معاطن وزير حمزة بن عمر بن أبي الليل أمير الكعوب بعده حسبما نذكره في أخبارهم وربما يزعم بنو مرين أمراء الزاب لهذا العهد أنهم منهم وينتسبون إلى مازن بن فزارة وليس ذلك بصحيح‏.‏ وهو نسب مصون يتقرب به إليهم بعض البدو من فزارة هؤلاء طمعأ فيما بأيديهم لمكانهم من ولاية الزاب والإنفراد بجبايته ومصانعة الناس بوفرها فيلهجونهم بذلك ترفعاً على أهل نسبهم بالحقيقة من الأثابج كما يذكر لكونه تحت أيديهم وأما بنو مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان فمنهم هرم بن سنان بن غيظ بن مرة وهو سيدهم في الجاهلية الذي مدحه زهير بن أبي سلمى‏.‏ ومنهم أيضأ الفاتك وهو الحرث بن ظالم بن جذيمة بن يربوع بن غيظ‏.‏ فتك بخالد بن جعفر بن كلاب وشرحبيل بن الأسود بن المنذر وحصل ابن الحرث في يد النعمان بن المنذر فقتله‏.‏ وشاعره في الجاهلية النابغة زياد بن عمرو الذبياني أحد الشعراء الستة‏.‏ ومنهم أيضاً مسلم بن عقبة بن رياح بن سعد بن ربيعة بن عامر بن مالك بن يربوع قائد يزيد بن معاوية صاحب يوم الحرة على أهل المدينة إلى آخرين يطول ذكرهم‏.‏ وهذا آخر الكلام في بني غطفان وبلادهم بنجد مما يلي وادي القرى‏.‏ وبها من المعالم أبنى والحاجر والهباءة وأبرق الحنان‏.‏ وتفرقوا على بلاد الإسلام في الفتوحات ولم يبق لهم في تلك البلاد ذكر ونزلت بها قبائل طيء‏.‏ وبانقضاء ذكرهم انقضى بنو سعد بن قيس‏.‏ وأما خصفة بن قيس‏:‏ فتفرع منهم بطنان عظيمان وهما بنو سليم بن منصور وهوازن بن منصور‏.‏ ولهوازن بطون كثيرة يأتي ذكرها‏.‏ ويلحق بهذين البطنين بنو مازن بن منصور وعددهم قليل وكان منهم عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نشيب بن وهب بن زيد بن مالك بن عبد عوف بن الحرث بن مازن الصحابي المشهور الذي بنى البصرة لعمر بن الخطاب وإليه ينسب العتبيون الذين سادوا بخراسان‏.‏ ويلحق أيضا بنو محارب بن خصفة‏.‏ فأما بنو سليم فشعوبهم كثيرة منهم بنو ذكوان بن رفاعة بن الحارث بن رجا بن الحارث بن بهثة بن سليم وإخوتهم بنو عبس بن رفاعة الذين منهم عباس بن مرداس بن أبي عامر بن حارثة بن عبد عبس الصحابي المشهور الذي أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين في المؤلفة قلوبهم‏.‏ ثم زاده حين غضب استقلالاً لعطائه وأنشد الأبيات المعروفة في السير‏.‏ وكان أبوه مرداس تزوج الخنساء وولدت منه‏.‏ ومن بني سليم أيضاً بنو ثعلبة بن بهثة بن سليم‏.‏ كان منهم عبيد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الأعور والي أفريقية وجد أبو الأعور من قواد ماوية واسمه عمرو بن سفيان بن عبد شمس بن سعد بن قائف بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة والرود بن خالد بن حذيفة بن عمرو بن خلف بن مازن بن مالك بن ثعلبة وكان على بني سليم يوم الفتح‏.‏ وعمرو بن عتبة بن منقذ بن عامر بن خالد كان صديقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية‏.‏ وأسلم ثلاث أبو بكر وبلال فكان يقول كنت يومئذ ربع الإسلام‏.‏ ومن بني سليم أيضاً بنو علي بن مالك بن امرىء القيس بن بهثة وبنو عصية بن خفاف بن امرىء القيس وهما اللذان لعنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بئر معونة وقتلهم إياهم‏.‏ ومن شعوب عصية الشريد واسمه عمرو بن يقظة بن عصية‏.‏ وقال ابن سعيد‏:‏ الشريد بن رياح بن ثعلبة بن عصية الذين كانت منهم الخنساء وأخواها صخر ومعاوية ابنا عمرو بن الحرث بن الشريد والشريد بيت سليم في الجاهلية‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ كان عمرو بن الشريد يمسك بيده ابنيه صخراً ومعاوية في الموسم فيقول أنا أبو خيري مضر ومن أنكر فليعتبر فلا ينكر أحد‏.‏ وابنته الخنساء الشاعرة وقد تقدم ذكرها وحضرت بأولادها حروب القادسية‏.‏ وبنو الشريد لهذا العصر في جملة بني سليم في أفريقية ولهم شوكة وصولة ومنهم إخوة عصية بن خفاف الذين كان منهم الخفاف كبير أهل الردة الذي أحرقه أبو بكر بالنار واسمه إياس بن عبد الله بن أليل بن سلمة بن عميرة‏.‏ ومن بني سليم أيضاً‏:‏ بنو بهز بن امرىء القيس بن بهثة كان منهم الحجاج بن علاط بن خالد بن نديرة بن حبتربن هلال بن عبد ظفر بن سعد بن عمرو بن تميم بن بهز الصحابي المشهور وابنه نصر بن حجاج الذي نفاه عمر عن المدينة إلى آخرين من سليم يطول ذكرهم‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ ومن بني سليم بنو زغبة بن مالك بن بهثة كانوا بين الحرمين ثم انتقلوا إلى المغرب فسكنوا بأفريقية في جوار إخوتهم بني ذياب بن مالك ثم صاروا في جوار بني كعب‏.‏ ومن بني سليم بنو ذياب بن مالك ومنازلهم ما بين قابس وبرقة يجاورون مواطن يعهب‏.‏ وبجهة المدينة خلق منهم يؤذون الحاج ويقطعون الطريق‏.‏ وبنو سليمان بن ذياب في جهة فزان وودان ورؤساء ذياب لهذا العهد الجواري ما بين طرابلس وقابس وبيتهم بنو صابر والمحامد بنواحي فاس وبيتهم في بني رصاب بن محمود وسيأتي ذكرهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:30

ومن بني سليم بنو عوف بن بهثة‏:‏ ما بين قابس وبلد العناب من أفريقية وجرما هم مرداس وعلاق فأما مرداس فرياستهم في بني جامع لهذا العهد وأما علاق فكان رئيسهم الأول في دخولهم أفريقية رافع بن حماد ومن أعقابه بنو كعب رؤساء سليم لهذا العهد بأفريقية‏.‏ ومن بني سليم بنو يعهب بن بهثة إخوة بني عوف بن بهثة وهم ما بين السدرة من برقة إلى العدوة الكبيرة‏.‏ ثم الصغيرة من حدود الإسكندرية‏.‏ فأول ما يلي الغرب منهم بنو أحمد لهم أجدابية وجهاتها وهم عدد يرهبهم الحاج ويرجعون إلى شماخ‏.‏ وقبائل شماخ لها عدد وأسماء متمايزة ولها العز في بيت لكونها جازت المحصب من بلاد برقة مثل المرج وطلميثا ودرنا‏.‏ وفي المشرق عن بني أحمد إلى العقبة الكبيرة وأما الصغيرة فسال ومحارب والرياسة في هذين القبيلتين لبني عزاز وهبيب بخلاف سائر سليم لأنها استولت على إقليم طويل خربت مدنه ولم يبق فيه مملكة ولا ولاية إلا لأشياخها وتحت أيديهم خلق من البرابرة واليهود زراعاً وتجاراً‏.‏ وأما رواحة وفزارة اللذين في بلاد هبيب فهم من غطفان وهذا آخر الكلام في بني سليم بن منصور وكانت بلادهم في عالية نجد بالغرب وخيبر ومنها حرة بني سليم وحرة النار بين وادي القرى وتيماً وليس لهم الآن عدد ولا بقية في بلادهم وبأفريقية منهم خلق عظيم كما يأتي ذكره في أخبارهم عند ذكر الطبقة الرابعة من العرب‏.‏ وأما هوازن بن منصور‏:‏ ففيهم بطون كثيرة يجمعهم ثلاثة أجرام كلهم لبكر بن هوازن وهم بنو سعد بن بكر وبنو معاوية بن بكر وبنو منبه بن بكر‏.‏ فأما بنو سعد بن بكر وهم أظآر النبي صلى الله عليه وسلم أرضعته منهم حليمة بنت أبي ذؤيب بن عبد الله بن الحرث بن سحنة بن ناصرة بن عصية بن نصر بن أسعد وبنوها عبد الله وأنيسة والشيما بنو الحرث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملاذ بن ناصرة‏.‏ وحصلت الشيما في سبي هوزان فأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وردها إلى قومها وكان فيها أثر عضة عضها إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تحمله‏.‏ فأما بنو منبة بن بكر فمنهم ثقيف وهم بنو قسي بن منبه بطن عظيم متسع منهم بنو جهم بن ثقيف كان منهم عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن حبيب بن الحرث بن مالك بن حطيط صاحب لوائهم يوم حنين وقتل يومئذ كافراً وكان من ولده أمير الأندلس لسليمان بن عبد الملك وهو الحر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان‏.‏ ومنهم بنو عوف بن ثقيف ويعرفون بالأحلاف‏.‏ فمنهم بنو سعد بن عوف كان منهم عتبان بن مالك بن كعب بن عمرون بن سعد بن عوف الذي وضعته ثقيف رهينة عند أبي مكسورة وأخوه معتب‏.‏ كان من بنيه عروه بن مسعود بن معتب الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه داعيأ إلى الإسلام فقتلوه وهو أحد عظيمي القريتين ومن بنيه أيضأ الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب صاحب العراقين لعبد الملك وابنه الوليد‏.‏ ومنهم يوسف بن عمر بن محمد بن عبد الحكم والي العراقين لهشام بن عبد الملك والوليد بن يزيد وكثير من قومه كانوا ولاة بالعراق والشام واليمن ومكة‏.‏ ومن بني معتب أيضأ غيلان بن مسلمة بن معتب كانت له وفادة على كسرى‏.‏ ومنهم بنو غيرة بن عوف الذين منهم الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العزى بن غيرة بن عوف بن ثقيف‏.‏ والحرث بن كلدة بن عمرو بن علاج طبيب العرب وأبو عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن غيرة الصحابي المقتول يوم الجسر من أيام القادسية وابنه المختار بن أبي عبيد الذي ادعى النبوة بالكوفة وكان عاملأ عليها لعبد الله بن الزبير فانتقض عليه ودعا لمحمد بن الحنفية ثم ادعى النبوة‏.‏ ومنهم أبو محجن بن حبيب بن عمرو بن عمير في آخرين يطول ذكرهم‏.‏ ومواطن ثقفيت كانت بالطائف وهي مدينة من أرض نجد قريباً من مكة‏.‏ ثم جلس في شرقها وشمالها وهي على قبة الجبل كانت تسمى واج وبوج‏.‏ وكانت في الجاهلية للعمالقة ثم نزلتها ثمود قبل وادي القرى‏.‏ ومن ثم يقال أن ثقيفاً كانت من بقايا ثمود ويقال‏:‏ أن الذي سكنها بعد العمالقة عدوان وغلبهم عليها ثقيف وهي الآن دارهم كذا ذكره السهيلي‏.‏ ويقال‏:‏ أنهم موال لهوازن ويقال أنهم من إياد‏.‏ ومن أعمال الطائف سوق عكاظ والعرج‏.‏ وعكاظ حجر بين اليمن والحجاز وكانت سوقها في الجاهلية يوماً في السنة يقصدها العرب من الأقطار فكانت لهم موسماً‏.‏ وأما بنو معاوية بن بكر بن هوازن ففيهم بطون كثيرة‏:‏ منهم بنو نصر بن معاوية الذين منهم مالك بن سعد بن عوف بن سعد بن ربيعة بن يربوع بن واثلة بن دهمان بن نصر قائد المشركين يوم حنين وأسلم وحسن إسلامه‏.‏ ومنهم بنو جشم بن معاوية ومن جشم غزية رهط بن دريد الصمة ومواطنهم بالسروات وهي بلاد تفصل بين تهامة ونجد متصلة من اليمن إلى الشام كسروات الجبل وسروات جشم متصلة بسروات هذيل‏.‏ وانتقل معظمهم إلى الغرب وهم الآن به كما يأتي ذكره في الطبقة الرابعة من العرب ولم يبق بالسروات منهم إلا من ليس له صولة‏.‏ ومنهم بنو سلول ومنهم بنو مرة بن صعصعة بن معاوية‏.‏ وإنما عرفرا بأمهم سلول‏.‏ وكانوا في الغرب كثيراً وفي الغرب منهم كثير لهذا العهد‏.‏ ومنهم فيما يزعم العرب بنو يزيد أهل وطن حمزة غربي بجاية وبعض أحياء بجيل عياض‏.‏ كما نذكر منهم بنو عامر بن صعصعة بن معاوية جرم كبير من أجرام العرب لهم بطون أربعة‏:‏ نمير وربيعة وهلال وسوأة فأما نمير بن عامر فهم إحدى جمرات العرب وكانت لهم كثرة وعزة في الجاهلية والإسلام ودخلوا إلى الجزيرة الفراتية وملكوا حرار وغيرها واستلحمهم بنو العباس أيام المعتز فهلكوا ودثروا‏.‏ وأما سوأة بن عامر فشعوبهم في رباب من سمرة بن سوأة فمنهم جابر بن سمرة بن جنادة بن جندب بن رباب الصحابي المشهور ومن بطون رباب هؤلاء بأفريقية حي ينجعون مع رياح بن هلال ويعرفون بهذا النسب كما يأتي في أخبار هلال من الطبقة الرابعة‏.‏ وأما هلال بن عامر فبطون كثيرة كانوا في الجاهلية بنجد ثم ساروا إلى ديار المصرية في حروب القرامطة‏.‏ ثم ساروا إلى أفريقيا أجازهم الوزير البارزي في خلافة المستنصر العبيدي لحرب المعز بن باديس‏.‏ فملك عليه ضواحي أفريقية ثم زاحمهم بنو سليم فساروا إلى الغرب ما بين بونة وقسنطينة إلى البحر المحيط‏.‏ وكان لهلال خمسة من الولد‏:‏ شعبة وناشرة ونهيك وعبد مناف وعبد الله


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:31

وبطونهم كلها ترجع إلى هؤلاء الخمسة‏.‏ فكان من بني عبد مناف زينب أم المؤمنين بنت خزيمة بن الحرث بن عبد الله بن عمرو بن عبد الله بن عبد مناف وكان من بني عبد الله ميمونة أم المؤمنين بنت الحرث بن حزن بن بحير بن هرم بن رويبة بن عبد الله‏.‏ قال ابن حزم‏:‏ ومن بطون بني هلال بنو قرة وبنو نعجة الذين بين مصر وأفريقية وبنو حرب الذين بالحجاز وبنو رياح الذين أفسدوا أفريقية‏.‏ وقال ابن سعيد‏:‏ وجيل بني هلال مشهور بالشام وقد صار عربه حرائر وفيه قلعة صرخد مشهورة‏.‏ قال‏:‏ وقبائلهم في العرب ترجع لهذا العهد إلى أثبج ورياح وزغبة وقارع‏.‏ فأما الأثبج فمنهم سراح بجهة برقة وعياض بجبل القلعة المسمى لهم ولغيرهم‏.‏ وأما رياح فبلادهم بنواحي قسنطينة والسلم والزاب‏.‏ ومنهم عتبة بنواحي بجاية ومنهم بالغرب الأقصى خلق كثير كما يأتي في أخبارهم‏.‏ وأما زغبة فإنهم في بلاد زناتة خلق كثير‏.‏ وأما قارع فإنهم في الغرب الأقصى مع المعقل وقرة وجشم‏.‏ وبنو قرة كانت منازلهم ببرقة وكانت رياستهم أيام الحاكم العبيدي لما مضى ابن مقرب ولما بايعوا لأبي ركوة من بني أمية بالأندلس وقتله الحاكم سلط عليهم العرب والجيوش فأفنوهم‏.‏ وانتقل جلهم إلى المغرب الأقصى فهم مع جشم هنالك كما يأتي ذكره ويأتي الكلام في نسب هلال وشعوبهم ومواطنهم بالمغرب الأوسط وأفريقية عند الكلام عليهم في الطبقة الرابعة‏.‏ وأما بنو ربيعة بن عامر فبطون كثيرة وعامتها ترجع إلى ثلاثة من بنيه وهم عامر وكلاب وكعب وبلادهم بأرض نجد الموالية لتهامة بالمدينة وأرض الشام‏.‏ ثم دخلوا إلى الشام وافترق منهم على ممالك الإسلام فلم يبق منهم بنجد أحد‏.‏ فمن عامر بن ربيعة بنو التكما وهو ربيعة بن عامر بن ربيعة الذي اشترك ابنه حندج مع خالد بن جعفر بن كلاب في قتل زهير بن جذيمة العبسي وبنو ذي السهمين معاوية بن عامر بن ربيعة وهو ذو الحجر عوف بن عامر بن ربيعة وبنو فارس الضحيا عمرو بن عامر بن ربيعة منهما خداش بن زهير بن عمرو من فرسان الجاهلية وشعرائها وأما بنو كلاب بن ربيعة فمنهم بنو الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب وبنو ربيعة المجنون بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب وبنو عمرو بن كلاب‏.‏ قال ابن حزم‏:‏ يقال إن منهم بني صالح بن مرداس أمراء حلب‏.‏ ومن بني كلاب بنو رواس واسمه الحرث بن كلاب وبنو الضباب واسمه معاوية بن كلاب الذين منهم شهر بن ذي الجوش بن الأعور بن معاوية قاتل الحسين بن علي‏.‏ ومن عقبه كان الصهيل بن حاتم بن شمر وزير عبد الرحمن بن يوسف الفهري بالأندلس‏.‏ وبنو جعفر بن كلاب الذين منهم عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر وعمه أبو عامر بن مالك ملاعب الأسنة وربيعة بن مالك وتبع المعتبرين وأبوه لبيد بن ربيعة شاعر معروف مشهور‏.‏ وكانت بلاد بني كلاب حمى ضرية والربذة في جهات المدينة وفدك والعوالي‏.‏ وحمى ضرية هي حمى كليب وائل نباته النضر تسمن عليه الخيل والإبل‏.‏ وحمى الربذة هو الذي أخرج عليه عثمان أبا ذر رضي الله عنهما‏.‏ ثم انتقل بنو كلاب إلى الشام فكان لهم في الجزيرة الفراتية صيت وملك وملكوا حلب وكثيراً من مدن الشام‏.‏ تولى ذلك منهم بنو صالح بن مرادس ثم ضعفوا فهم الآن تحت خفارة العرب المشهورين بالشام وهنالك بالإمارة من طيء‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ وكان لهم في الإسلام دولة باليمامة‏.‏ ومن بني كعب بن ربيعة بطون كثيرة منهم الحريش بن كعب بطن كان منهم مطرف بن عبد الله بن الشخير بن عوف بن وقدان بن الحريش الصحابي المشهور‏.‏ ويقال‏:‏ إن منهم ليلى التي شبب بها قيس بن عبد الله بن عمرو بن عدس بن ربيعة بن جعدة الشاعر مادح النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن الحشرج بن الأشهب بن ورد بن عمرو بن ربيعة بن جعدة الذي غلب على ناب فارس أيام الزبير وعم أمه زياد بن الأشهب الذي وفد على علي ليصلح بينه وبين معاوية ومالك بن عبد الله بن جعدة الذي أجار قيس بن زهير العبسي‏.‏ وبنو قشير بن كعب منهم مرة بن هبيرة بن عامر بن مسلمة الخير بن قشير وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فولاه صدقات قومه‏.‏ وكلثوم بن عياض بن رصوح بن الأعور بن قشير الذي ولي أفريقية وابن أخيه بلخ بن بشر‏.‏ ومن بني قشير بخراسان أعيان‏.‏ منهم أبو القاسم القشيري صاحب الرسالة ومنهم عريسة الأندلس بنو رشيق ملكها منهم عبد الرحمن بن رشيق وأخرج منها ابن عمارة‏.‏ ومنهم الصمة بن عبد الله من شعراء الحماسة وبنو العجلان بن عبد الله بن كعب وشاعرهم تميم بن مقبل‏.‏ وبنو عقيل بن كعب وهم بطون كثيرة منهم بنو المنتفق بن عامر بن عقيل‏.‏ ومن أعقاب بني المنتفق هؤلاء العرب المعروفون في الغرب بالخلط‏.‏ قال علي بن عبد العزيز الجرجاني‏:‏ الخلط بنو عوف وبنو معاوية ابنا المنتفق بن عامر بن عقيل انتهى‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ ومنازل المنتفق الآجام التي بين البصرة والكوفة والإمارة منهم في بني معروف‏.‏ قلت والخلط لهذا العهد في أعداد جشم بالمغرب ومن بني عقيل بن كعب بنو عبادة بن عقيل منهم الأخيل واسمه كعب بن الرحال بن معاوية بن عبادة ومن عقبه ليلى الأخيلة بنت حذيفة بن سداد بن الأخيل‏.‏ وذكر ابن قتيبة أن قيس بن الملوح المجنون منهم وبنو عباد هؤلاء لهذا العهد فيما قال ابن سعيد بالجزيرة الفراتية فيما يلي العراق‏.‏ ولهم عدد وذكر وغلب منهم على الموصل وحلب في أواسط المائة الخامسة قريش بن بدران بن مقلد فملكها هو وابنه مسلم بن قريش من بعده ويسمى شرف الدولة‏.‏ وتوالى الملك في عقب مسلم بن قريش منهم إلى أن انقرضوا‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ ومنهم لهذا العهد بقية بين الحازر والزاب يقال لهم عرب شرف الدولة‏.‏ ولهم إحسان من صاحب الموصل وهم في تجمل وعز إلا أن عددهم قليل نحو مائة فارس‏.‏ ومن بني عقيل بن كعب خفاجة بن عمرو بن عقيل وانتقلوا في قرب من هذه العصور إلى العراق والجزيرة ولهم ببادية العراق دولة‏.‏ ومن بني عامر بن عقيل بن عامر بن عوف بن مالك بن عوف وهم إخوة بني المنتفق وهم ساكنون بجهات البصرة وقد ملكوا البحرين بعد بني أبي الحسن ملكوها من تغلب‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ وملكوا أرض اليمامة من بني كلاب وكان ملكهم لعهد الخمسين من المائة السابعة عصفور وبنوه وقد انقضى الكلام في بطون قيس عيلان‏.‏ والله المعين لا رب غيره ولا خير إلا خيره وهو نعم المولى ونعم النصير وهو حسبي ونعم الوكيل واسأله الستر الجميل آمين‏.‏ بطون خندف وأما بطون خندف بن الياس بن نصر‏:‏ ولد الياس مدركة وطابخة وقمعة وأمهم امرأة من قضاعة اسمها خندف فانتسب ولد الياس كلهم إليها‏.‏ فمن بطون قمعة أسلم وخزاعة‏.‏ فأسلم بنو أفصى بن عامر بن قمعة وخزاعة بن عمرو بن عامر بن لحي وهو ربيعة بن عامر بن قمعة واسمه حارثة‏.‏ وعمرو بن لحي هو أول من غير دين إسماعيل وعبد الأوثان وأمر العرب بعبادتها‏.‏ وفيه قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار يعني أحشاءه‏.‏ ومواطنهم بأنحاء مكة في مر الظهران وما يليه وكانوا حلفاء لقريش‏.‏ ودخلوا عام الحديبية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فغزا قريشاً وغلبهم على أمرهم وافتتح مكة وكان عام الفتح‏.‏ وقد يقال‏:‏ إن خزاعة هؤلاء من غسان وأنهم بنو حارثة بن عمرو مزيقيا وأنهم أقاموا بمر الظهران حين سارت غسان إلى الشام وتخزعوا عنهم فسموا خزاعة وليس ذلك بصحيح كما ذكر‏.‏ وكانت لخزاعة ولاية البيت قبل قريش في بني كعب بن عمرو بن لحي وانتهت إلى حليل بن حبشية بن سلول وهو الذي أوصى بها لقصي بن كلاب حين زوجه ابنته حبى بنت حليل‏.‏ ويقال‏:‏ إن أبا غبشان بن حليل واسمه المحترش باع الكعبة من قصي بزق خمر وفيه جرى المثل المعروف‏.‏ يقال‏:‏ أخسر صفقة من أبي غبشان‏.‏ ومن ولد حليل بن حبشية كان كرز بن علقمة بن هلال بن حريبة بن عبد فهم بن حليل الذي قفا أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى الغار ورأى عليه نسج العنكبوت وعش اليمامة ببيضها فرخوا عنه‏.‏ ولخزاعة هؤلاء بطون كثيرة‏:‏ منهم بنو المصطلق بن سعد بن عمرو بن لحي وبنو كعب بن عمرو‏.‏ ومنهم عمران بن الحصين صحابي وسليمان بن صرد أمير التوابين القائمين بثار الحسين ومالك بن الهيثم من نقباء بني العباس وبنو عدي بن عمرو‏.‏ ومنهم جويوية بنت الحارث أم المؤمنين وبنو مليح بن عمرو‏.‏ ومنهم طلحة الطلحات وكثير الشاعر صاحب عزه وهو ابن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر بن عويمر بن مخلد بن سبيع بن خثعمة بن سعد بن مليح‏.‏ وبنو عوف بن عمرو ومنهم العباد أهل الحيرة وهم بنو جهينة بن عوف‏.‏ ومن إخوة خزاعة بنو أسلم بن أفصى بن عامر بن قمعة وبنو مالك بن أفصى وماثان بن أفصى‏.‏ فمن أسلم سلمة بن الأكوع الصحابي ودعبل وبنو الشيص الشاعران ومحمد بن الأشعث قائد بني العباس‏.‏ ومنهم مالك بن سليمان بن كثير من دعاة بني العباس قتله أبو مسلم‏.‏ وأما طابخة فلهم بطون كثيرة أشهرها ضبة والرباب ومزينة وتميم وبطون صغار إخوة لتميم منهم صوفة ومحارب‏.‏ فأما بنو تميم بن مر فهم بنو تميم بن مر بن أد بن طابخة‏.‏ وكانت منازلهم بأرض نجد دائرة من هنالك


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:32

على البصرة واليمامة وانتشرت إلى العذيب من أرض الكوفة وقد تفرقوا لهذا العهد في الحواضر ولم تبق منهم باقية‏.‏ وورث منازلهم الحيان العظيمان بالمشرق لهذا العهد غزية من طيء وخفاجة من بني عقيل بن كعب‏.‏ ولميم بطون كثيرة منهم الحارث بن تميم وفيهم ينسب المسيب بن شريك الفقيه وهم قليل‏.‏ وبنو العنبر الني بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقات وزفر الفقيه بن ذهيل بن قيس بن مسلم بن قيس بن مكمل بن ذهل بن ذويب بن جذيمة بن عمرو بن جيجور بن جندب بن العنبر صاحب أبي حنيفة والناسك الفاضل عامر بن عبد قيس بن ثابت بن بشامة بن حذيفة بن معاوية بن الجون بن كعب بن جندب وربيعة بن رفيع بن سلمة بن محلم بن صلاة بن عبدة بن عدي بن جندب‏.‏ وبنو الهجيج بن عمرو بن تميم وبنو أسيد بن عمير‏.‏ وكان منهم أبو هالة هند بن زرارة بن النباش بن عدي بن نمير بن أسيد الصحابي المشهور‏.‏ وحنضلة بن الربيع بن صيفي بن رياح بن الحرث بن مخاشن بن معاوية بن شريف بن جروة بن أسيد كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم والحليم المشهور أكثم بن صيفي بن رياح ويحيى بن أكثم قاضي المأمون من ولد صيفي بن رياح‏.‏ وبنو مالك بن عمرو بن تميم منهم النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم بن عبدة بن زهير بن عروة بن جميل بن حجر بن خزاعي بن مازن بن مالك النحوي المحدث‏.‏ وسلم بن أخوز بن أربد بن مخزر بن لاي بن مهل بن ضباب بن حجبة بن كابية بن حرقوص بن مازن بن مالك صاحب الشرطة لنصر بن سيار وقاتل يحيى بن زيد بن زين العابدين وإخوة هلال بن أخوز قاقل آل المهلب وقطري بن الفجاءة‏.‏ واسم الفجاءة جعونة بن يزيد بن زياد بن جنز بن كابية بن حرقوص الخارجي الأزرقي سلم عليه بالخلافة عشرين سنة‏.‏ ومالك بن الريب بن جوط بن قرط بن حسيل بن ربيعة بن كنانة بن حرقوص صاحب القصيدة المشهورة نعى بها نفسه وبعث بها إلى قومه وهو في خراسان في دعاني الهوى من أهل ودي ورفقتي بذي الشيطين فالتفت ورائيا يقولون لا تبعد وهم يدفنونني وأين مكان البعد إلا مكانيا وبنو عمرو بن العلاء بن عمار بن عدنان بن عبيد الله بن الحصى بن الحرث بن جلهم بن خزاعي بن مازن بن مالك‏.‏ وبنو الحرث بن عمرو بن تميم وهم الحبطات‏.‏ منهم عباد بن الحصين بن يزيد بن أوس بن سيف بن عدم بن جبلدة بن قيار بن سعد بن الحرث وهو الملقب بالحبط لعظم بطنه‏.‏ وبنو امرىء القيس بن زيد مناة بن تميم وكان منهم زيد بن عد بن زيد بن أيوب بن مخوف بن عامر بن عطية بن امرىء القيس صاحب النعمان بن المنذر بالحيرة الذي سعى به إلى كسرى حتى قتله‏.‏ ومقاتل بن حسان بن ثعلبة بن أوس بن إبراهيم بن أيوب بن مخوف صاحب قصر بني مقاتل بن منصور بالحيرة‏.‏ ولاهز بن قريط بن سري بن الكاهن بن زيد بن عصية من دعاة بني العباس الذي قتله أبو مسلم لنذارته لنصر بن سيار‏.‏ وبنو سعد بن زيد مناة بن تميم منهم الأبناء كان منهم رؤبة بن العجاج بن رؤبة بن لبيد بن صخر بن كنيف بن عمير بن حي بن ربيعة بن سعد بن مالك بن سعد‏.‏ وعبدة بن الطيب الشاعر وبنو منقر بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة‏.‏ كان منهم قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقات قومه وكان من ولده مية صاحبة ذي الرمة بنت مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم‏.‏ ومن بني منقر عمرو بن الأهتم صحابي وبنو مرة بن عبيد بن مقاعس‏.‏ منهم الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين بن حفص بن عبادة بن النزال بن مرة وأبو بكر الأبهري المالكي وهو محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح بن عمرو بن حفص بن عمرو بن مصعب بن الزبير بن سعد بن كعب بن عبادة بن النزال‏.‏ وبنو صريم بن مقاعس منهم عبد الله بن أباض رئيس الأباضية من الخوارج‏.‏ وعبد الله بن صفار رئيس الصفرية‏.‏ والبرك بن عبد الله الذي اشترط بقتل معاوية وضربه فجرحه‏.‏ وبنو عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة منهم ثم من بني بهدلة بن عوف الزبرقان واسمه الحصين بن بدر بن امرىء القيس بن خلف بن بهدلة وأويس ابن أخيه حنظلة الذي أسر هوذة بن علي الحنفي‏.‏ ومن بني عطارد بن عوف كرب بن صفوان بن شحمة بن عطارد الذي كان يجيز بأهل الموسم في الجاهلية‏.‏ ومن بني قريع بن عوف بن كعب جعفر الملقب أنف الناقة وكان ولده يغضبون منها إلى أن مدحهم الحطيئة بقوله‏:‏ قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ومن يسوي بأنف الناقة الناقة الذنبا وبنو الحرث الأعرج بن كعب بن سعد بن زيد مناة كان منهم زهرة بن جؤية بن عبد الله بن قتادة بن مرثد بن معاوية بن قطن بن مالك بن أرتم بن جشم بن الحرث الذي أبلى في القادسية وقتل الجالنوس أمير الفرس وقتله هو بعد ذلك أصحاب شبيب الخارجي مع عتاب بن ورقاء‏.‏ وبنو مالك بن سعد بن زيد مناة كان منهم الأغلب بن سالم بن عقال بن خفافة بن عبادة بن عبد الله بن محرث بن سعد بن حرام بن سعد بن مالك أبو الولاة بافريقية لبني العباس‏.‏ وبنو ربيعة بن مالك بن زيد مناة كان منهم عروة بن جرير بن عامر بن عبد بن كعب بن ربيعة أول خارجي قال‏:‏ لا حكم إلا لله يوم صفين‏.‏ ويعرف بأن أباه نسبه إلى أمه‏.‏ ومن بني حنظلة بن مالك البراجم وهم بنو عمرو‏.‏ والظلم وغالب وكلبة وقيس كلهم بنو حنظلة‏.‏ كان منهم ضابىء بن الحرث بن أرطأة بن شهاب بن عبيد بن جندال بن قيس‏.‏ وابن عمير بن ضابىء الذي قتله الحجاج‏.‏ وبنو ثعلبة بن يربوع بن حنظلة وبنو الحرث بن يربوع منهم الزبير بن الماحور أمير الخوارج وأخوه عثمان وعلي وهم بنو بشير بن يزيد الملقب بالماحور بن الحارث بن ساحق بن الحرث بن سليط بن يربوع وكلهم أمراء الأزارقة‏.‏ وبنو كليب بن يربوع كان منهم جرير الشاعر ابن عطية بن الخطفي وهو حذيفة بن بدر بن سلم بن عوف بن كليب‏.‏ وبنو العنبر بن يربوع منهم كانت سجاح المتنبئة بنت أويس بن جوين بن سامة بن عنبر‏.‏ وبنو رياح كان منهم شبث بن ربعي بن حصين بن عميم بن ربيعة بن زيد بن رياح‏.‏ كان منهم رياح أسلم ثم سار مع الخوارج ثم رجع عنهم تائباً‏.‏ ومعقل بن قيس أوفده عمار بن ياسر على أيام عمر بفتح تستر‏.‏ وعتاب بن ورقاء بن الحارث بن عمرو بن همام بن رياح أمير أصبهان وقتله شبيب الخارجي‏.‏ وبنو طهية بن مالك وهم بنو أبي سود وعوف ابني مالك‏.‏ وبنو دارم بن مالك بن حنظلة كان منهم ثم من بني نهشل بن دارم بن حازم بن خزيمة بن عبد الله بن حنظلة نضلة بن حدثان بن مطلق بن أصحر بن نهشل صاحب الشرطة لبني العباس‏.‏ ومن بني مجاشع بن دارم الأقرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع والفرزدق بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال والحتات بن يزيد بن علقمة الذي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان‏.‏ ومن بني عبد الله بن دارم المنذر بن ساوى بن عبد الله بن زيد بن عبد مناة بن دارم صاحب هجر‏.‏ ومن بني غرس بن زيد بن دارم حاجب بن زرارة غرس وابنه عطارد وبنوهم‏.‏ كان فيهم رؤساء وأمراء وانقضى الكلام في تميم‏.‏ وأما بنو مزينة وهم بنو مر بن أد بن طابخة بن الياس واسم ولده عثمان وأوس وأمهما مزينة فسمي جميع ولدهما بها‏.‏ فكان منهم زهير بن‏.‏ أبي سلمى وهو ربيعة ابن أبي رياح بن قرة بن الحرث بن مازن بن خلاوة بن ثعلبة بن ثور بن هرمة بن لاظم بن عثمان أحد الشعراء الستة‏.‏ وابناه بجبر وكعب الذي مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ والنعمان بن مقرن بن عامر بن صبح بن هجيم بن نصر بن حبشية بن كعب بن عفراء بن ثور بن هرمة‏.‏ وأخوه سويد الذي قتل يوم نهاوند‏.‏ ومعقل بن يسار بن عبد الله بن معير بن حراق بن لأبي بن كعب بن عبد ثور الصحابي المشهور‏.‏ وأما الرباب وهم بنو عبد مناة بن أد بن طابخة فمن بنيه تميم وعدي وعوف وثور وسموا الرباب لأنهم غمسوا في الرب أيديهم في حلف على بني ضبة‏.‏ وبلادهم جوار بني تميم بالدهنا وفي أشعارهم ذكر حزوى وعالج من معالهما وتفرقوا لهذا العهد ولم يبق منهم أحد هنالك‏.‏ وكان من بني تميم بن عبد مناة المستورد بن علقمة بن الفريس بن صبارى بن نشبة بن ربيع بن عمرو بن عبد الله بن لؤي بن عمرو بن الحرث بن تميم الخارجي قتله معقل بن قيس الرياحي في إمارة المغيرة بن شعبة‏.‏ وابن باخمة ورد بن مجالد بن علقمة حضر مع عبد الرحمن بن ملجم في قتل علي وقتل قطام بنت بحنة بن عدي بن عامر بن عوف بن


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:32

ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تميم التي تزوجها عبد الرحمن بن ملجم ومهرها قتل علي فيما قيل حيث يقول‏:‏ ثلاثة آلاف وعبد وقينة وضرب علي بالحسام المصمم وكانت خارجية وقتل أبوها شحمة وعمها الأخضر يوم النهروان‏.‏ ومن بني عدي بن عبد مناة ذي الرمة الشاعر‏.‏ وهو غيلان بن عقبة بن بهس بن مسعود بن حارثة بن عمرو بن ربيعة بن ساعدة بن كعب بن عوف بن ثعلبة بن ربيعة بن ملكان بن عدي‏.‏ ومن بني ثور بن عبد مناة ويسمى أطمل سفيان الثوري وهو سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن منقر بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن عامر بن ملكان بن ثور وأخواه عمرو والمبارك والربيع بن خثيم الفقيه‏.‏ وأما ضبة مهم بنو ضبة بن أد وكانت ديارهم جوار بني تميم اخوتهم بالناحية الشمالية التهامية من نجد ثم انتقلوا في الإسلام إلى العراق بجهة النعمانية وبها قتلوا المثنى الشاعر‏.‏ فمنهم ضرار بن عمرو بن مالك بن زيد بن كعب بن بجالة بن ذهل بن مالك بن بكر بن أسعد بن ضبة سيد بني ضبة في الجاهلية‏.‏ وبقيت سيادتهم في بنيه‏.‏ وكان له ثمانية عشر ولدأ ذكراً شهدوا معه يوم القريتين وابنه حصين كان مع عائشة يوم الجمل‏.‏ ومن ولده القاضي أبو شبرمة عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسان بن المنذر بن ضرار بن عنبسة بن إسحق بن شمر بن عبس بن عنبسة بن شعبة بن المختبر بن عامر بن العباب بن حسل بن بجالة المذكور في قواد بني العباس ولي مصر أيام المتوكل‏.‏ ويقال إن الديلم من بني باسل بن ضبة بن أد والله أعلم‏.‏ وأما صوفة‏:‏ فهم بنو الغوث بن مر بن أد كانوا يجيزون بالحاج في الموسم لا يجوز أحد حتى يجوزوا ثم انقرضوا عن آخرهم في الجاهلية‏.‏ وورث ذلك آل صفوان بن شحمة من بني سعد بن زيد مناة بن تميم وقد مر ذكر ذلك وانقضى بنو طابخة بن الياس‏.‏ وأما مدركة بن الياس‏:‏ فهم بطون كثيرة أعظمها هذيل والقارة وأسد وكنانة وقريش‏.‏ فأما هذيل فهم بنو هذيل بن مدركة وديارهم بالسروات وسراتهم متصلة بجبل غزوان المتصل بالطاثف‏.‏ ولهم أماكن ومياه في أسفلها من جهات نجد وتهامة بين مكة والمدينة ومنها الرجيع وبئر معونة وهم بطنان سعد بن هذيل ولحيان بن هذيل‏.‏ فمن بني سعد بن هذيل أبو بكر الشاعر والحطيئة فيما يقال وعبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ فار بن مخزوم بن صاهلة بن الحارث بن تميم بن سعد الصحابي المشهور وأخواه عتبة وعميس وبنوه عبد الرحمن وعتبة والمسعودي المؤرخ ابن عتبة وهو علي بن الحسين بن علي بن عبد الله بن زيد بن عتبة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود‏.‏ ومن عتبة أخوه عتبة بن عبد الله بن زيد بن عتبة فقيه المدينة وقد افترقوا في الإسلام على الممالك ولم يبق لهم حي يطرف‏.‏ وبأفريقية منهم قبيلة بنواحي باجة يعسكرون مع جند السلطان ويؤدون المغرم‏.‏ وأما بنو أسد فمنهم بنو أسد بن خزيمة بن مدركة بطن كبير متسع ذو بطون وبلادهم فيما يلي الكرخ من أرض نجد وفي مجاورة طيء‏.‏ ويقال‏:‏ إن بلاد طيء كانت لبني أسد‏.‏ فلما خرجوا من اليمن غلبوهم على أجا وسلمى وجاءوا واصطلحوا وتجاوروا لبني أسد والتغلبية وواقصة وغاضرة‏.‏ ولهم من المنازل المسماة في الأشعار غاضرة والنعف‏.‏ وقد تفرقوا من بلاد الحجاز على الأقطار ولم يبق لهم حي وبلادهم الآن في ذكر ابن سعيد لطيء وبني عقيل الأمراء كانوا بأرض العراق والجزيرة وكانوا في الدولة السلجوقية قد عظم أمرهم وملكوا الحلة وجهاتها وكان بها منهم الملوك بنو مرين الذي ألف الهباري بهم أرجوزته المعروفة به في السياسة‏.‏ ثم اضمحل ملكهم بعد ذلك وورث بلادهم بالعراق خفاجة‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:33

وكانت بنو أسد بطوناً كثيرة كان منها بنو كاهل قاتل حجر بن عمرو الملك والد امرىء القيس وبنو غنم بن دودان بن أسد‏:‏ منهم عبيد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم الذي أسلم ثم تنصر ومات نصرانياً وأخته زينب أم المؤمنين رضي الله عنها‏.‏ وعكاشة بن محصن بن حدثان بن قيس بن مرة بن كثير الصحابي المشهور‏.‏ وبنو ثعلبة بن دودان بن أسد منهم الكميت الشاعر ابن زيد بن الأخنس بن ربيعة بن امرىء القيس بن الحرث بن عمرو بن مالك بن سعد بن ثعلبة وضرار بن الأزور وهو مالك بن أويس بن خزيمة بن ربيعة بن مالك بن ثعلبة الصحابي قاتل مالك بن نويرة والحضرمي بن عامر بن مجمع بن موالة بن همام وبنو عمرو بن قعيد بن الحارث بن ثعلبة بن دودان‏:‏ منهم الطماح بن قيس بن طريف بن عمرو بن قعيد الذي سعى عند قيصر في هلاك امرىء القيس وطليحة بن خويلد بن نوفل بن نضلة بن الأشتر بن جحوان بن فقعس بن طريف بن عمرو الذي كان كاهناً وادعى النبوة ثم أسلم‏.‏ وفي بني أسد بطون يطول ذكرها‏.‏ وأما القارة وعكل فهم بنو الهون بن خزيمة بن مدركة بن الياس إخوة بني أسد وكانوا حلفاء لبني زهرة من قريش‏.‏ وأما كنانة فهم كنانة بن خزيمة بن مدركة إخوة بني أسد وديارهم بجهات مكة وفيهم بطون كثيرة وأشرفها قريش وهم بنو النضر بن كنانة وسيأتي ذكرهم‏.‏ ثم بنو عبد مناة بن كنانة وبنو مالك بن كنانة‏.‏ فمن بني عبد مناة بنو بكر وبنو مرة وبنو الحارث وبنو عامر‏.‏ فمن بني بكر بنو ليث بن بكر منهم بنو الملوح بن يعمر وهو الشداخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث‏.‏ ومنهم الصعب بن جثامة بن قيس بن الشداخ الصحابي المشهور والشاعر عروة بن أدينة بن يحيى بن مالك بن الحرث بن عبد الله بن الشداخ‏.‏ ومنهم بنو شجع بن عامر بن ليث بن بكر ومنهم أبو واقد الليثي الصحابي وهو الحرث بن عوف بن أسيد بن جابر بن عديدة بن عبد مناه بن شجع وبنو سعد بن ليث بن بكر منهم أبو الطفيل عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جابر بن خميس بن عدي بن سعد آخر من بقي ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ مات سنة سبع ومائة‏.‏ وواثلة بن الأسقع بن عبد العزى بن عبد يا ليل بن ناشب بن عبدة بن سعد الصحابي المشهور‏.‏ وبنو جذع بن بكر بن ليث بن بكر‏:‏ منهم أمير خراسان نصر بن سيار بن رافع بن عدي بن ربيعة بن عامر بن عوف بن جندع‏.‏ ورافع بن الليث بن نصر القائم بسمرقند أيام الرشيد بدعوة بني أمية‏.‏ ثم استأمن إلى المأمون‏.‏ ومن بني عبد مناف بنو عريج بن بكر بن عبد مناف وبنو الديل بن بكر‏:‏ منهم الأسود بن رزق بن يعمر بن نافثة بن عدي بن الديل الذي كان بسببه فتح مكة‏.‏ وسارية بن زنيم بن عمرو بن عبد الله بن جابر بن محية بن عبد بن عدي بن الديل الذي ناداه عمر فيما اشتهر من المدينة وهو بالعراق يقاتل‏.‏ وأبو الأسود واضع النحو وهو ظالم بن عمرو بن سفيان بن عمرو بن جندب بن يعمر بن حليس بن نافثة بن علي‏.‏ وبنو ضمرة بن بكر‏:‏ منهم عامرة بن مخشى بن خويلد بن عبد بن نهم بن يعمر بن عوف بن جري بن ضمرة الذي وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه‏.‏ وعمرو بن أمية بن خويلد بن عبد الله بن إياس بن عبيد بن ناشرة بن كعب بن جري الصحابي والبراض بن قيس بن رافع بن قيس بن جري الفاتك قاتل عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب وكان بسببها حرب الفجار‏.‏ ومن ضمرة غفار بن مليل بن ضمرة بطن كان منهم أبو ذر الغفاري الصحابي وهو جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار وصاحبه كثير الشاعر الذي تشبب بعزة بنت جميل بن حفص بن إياس بن عبد العزى بن حاجب غافر بن غفار‏.‏ ومنهم كلثوم بن الحصين بن خالد بن معيسير بن بدر بن خميس بن غفار‏.‏ واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوة الفتح‏.‏ وبنو مدلج بن مرة بن عبد مناة‏:‏ منهم شراقة بن مالك بن جعشم بن مالك بن عمرو بن مالك بن تميم بن مدلج الذي اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجعالة قريش ليرده فظهرت فيه الآية وصرفه الله تعالى عنه‏.‏ ومجزز المدلجي الذي سر النبي صلى الله عليه وسلم يقيافته في أسامة وزيد وهو مجزز بن الأعور بن جعد بن معاذ بن عتوارة بن عمرو بن مدلج‏.‏ وبنو عامر بن عبد مناة منهم بنو مساحق بن الأفرم بن جذيمة بن عامر الذين قتلهم خالد بن الوليد بالغميصا ووداهم النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر فعل خالد‏.‏ وبنو الحارث بن عبد مناة منهم الحليس بن علقمة بن عمرو بن الأوقح بن عامر بن جذيمة بن عوف بن الحرث الذي عقد حلف الأحابيش مع قريش وأخوه تيم الذي عقد حلف القارة معهم‏.‏ وبنو فراس بن مالك بن كنانة‏:‏ منهم فارس العرب ربيعة بن المكدم بن عامر بن خويلد بن جذيمة بن علقمة بن جذل الطعان بن فارس‏.‏ وبنو عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة‏:‏ منهم نسأة المشهور في الجاهلية‏.‏ قام الإسلام فيهم على جنادة بن أمية بن عوف بن قلع بن جذيمة بن فقيم بن علي بن عامر‏.‏ وكل من صارت إليه هذه المرتبة كان يسمى القلمس وأول من نسأ الشهور سمير بن ثعلبة بن الحارث وكان منهم الرماحس بن عبد العزيز بن الرماحس بن الرسارس بن واقد بن وهب بن هاجر بن عز بن وائلة بن الفاكه بن عمرو بن الحرث ولاه عبد الرحمن الداخل حين جاء إلى الأندلس على الجزيرة وشذونة وامتنع بها ثم زحف إليه ففر إلى العدوة وبها مات‏.‏ وكان له بالأندلس عقب ولهم في الدولة الأموية ذكر وولايات‏.‏ كان منها على الأساطيل فكان لهم فيها غناء‏.‏ وكانوا يغزون سواحل العبيديين بأفريقية فتعظم نكايتهم فيها‏.‏ وهو وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين لا رب غيره ولا خير إلا خيره ولا يرجى إلا إياه ولا معبود سواه وهو نعم المولى ونعم النصير وأسأله الستر الجميل ولا حولا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏ صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين‏.‏ والحمد لله رب العالمين حمداً كثيرأ والله ولي التوفيق‏.‏ قريش وأما قريش وهم ولد النضر بن كنانة بن فهر بن مالك بن النضر والنضر هو الذي يسمى قريشاً‏.‏ قيل للتقرش وهو التجارة وقيل تصغير قرش وهو الحوت الكبير المفترس دواب البحر‏.‏ وأنما انتسبوا إلى فهر لأن عقب النضر منحصر فيه لم يعقب من بني النضر غيره‏.‏ فهذا وجه القول بأن قريشأ من بني فهر بن مالك أعني انحصار نسبهم فيه‏.‏ وأما الذي اسمه قريش فهو النضر فولد فهر غالب والحارث ومحارب فبنو محارب بن فهر من قريش الظواهر منهم الضحاك بن قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة بن واثلة بن عمرو بن شيبان بن محارب صاحب مرج واهط قاتل فيه مروان بن الحكم حين بويع له بالخلافة وقتل‏.‏ وضرار بن الخطاب بن مرداس بن كثير بن عمرو آكل السقف بن حبيب بن عمرو بن شيبان الفارس المشهور في الصحابة وأبوه الخطاب بن مرداس سيد الظواهر في الجاهلية وكان يأخذ المرباع منهم وحضر حروب الفجار وابنه من فرسان الإسلام وشعرائه‏.‏ وعبد الملك بن قطي بن نهشل بن عمرو بن عبد الله بن وهب بن سعد بن عمرو آكل السقف‏.‏ شهد يوم الحرة وعاش حتى ولي الأندلس وصلبه أصحاب بلخ بن بشر القشيري‏.‏ وكرز بن جابر بن حسل بن لاحب بن حبيب بن عمرو بن شيبان قتل يوم الفتح وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وسار بنو الحرث بن فهر من الظواهر‏.‏ منهم أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن وهب بن ضبة بن الحرث من العشيرة وأمير المسلمين بالشام عند الفتح‏.‏ وعقبة بن نافع بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ضرب بن الحرث فاتح أفريقية ومؤسس القيروان بها‏.‏ ومن عقبه عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة والي أفريقية أبوه حبيب بن عقبة هو قاتل عبد العزيز بن موسى بن نصير‏.‏ ويوسف بن عبد الرحمن بن أبي عبيدة صاحب الأندلس وعليه دخل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك فقتله ووليها هو وبنوه من بعده‏.‏ وأما غالب بن فهر‏:‏ وهو في عمود النسب الكريم فولد تيم الأدرم وولدين فبنو تيم الأدرم من الظواهر وهم بادية كان منهم ابن خطل الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله يوم الفتح فقتل وهو متعلق باستار الكعبة‏.‏ وهو هلال بن عبد الله بن عبد مناة بن أسعد بن جابر ابن كبير بن تيم الأدرم‏.‏ وأما لؤي بن غالب‏:‏ في عمود النسب الكريم فولد كعباً وعامراً وبطوناً أخرى يختلف في نسبها إلى لؤي خزيمة وسامة وسعد وجشم وهو الحارث وعوف وهم من قريش الظواهر على أقل فمنهم خزيمة بن لؤي وبنو سامة بن لؤي‏.‏ ويقال ليس بنو سامة من قريش وهم بعمان‏.‏ ويقال‏:‏ إن منهم بني سامان ملوك ما وراء النهر‏.‏ فأمما بنو عامر بن لؤي فهم شقير حسل بن عامر ومعيص بن عامر فمن بني معيص بشر بن أرطأة وهو عويمر ضمران بن الحليس بن يسار بن نزار بن معيص بن عامر وهو أحد قواد معاوية ومكرز بن حفص بن الأحنف بن علقمة بن عبد الحارث بن منقذ بن عمرو بن معيص من سادات قريش الذي أجار أبا جندل بن سهيل فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وهو عمرو بن قيس بن زايدة بن جندب الأصم ابن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص وهو ابن خال خديجة وأمه أم كلثوم عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة بن عامر بن مخزوم‏.‏ ومن بني حسل‏:‏ عامر بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب بن خزيمة بن مالك بن حسل بن عامر أمير المسلمين في فتح إفريقية أيام عثمان وولي مصر وكان كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى مكة ثم جاء تائباً وحسنت حاله وقصته معروفة‏.‏ وحويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل له صحبة‏.‏ وعبد عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك صاحب الحديبية وأخوه السكران وابنه أبو جندل سهيل واسمه العاصي وهو الذي جاء في قيوده يوم صلح الحديبية إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرده وقصته معروفة‏.‏ وزمعة بن قيس بن عبد شمس وابنه عبد بن زمعة وبنته سودة بنت زمعة أم المؤمنين وكانت زوجة السكران ابن عمها ثم تزوجها بعده رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وأما كعب بن لوي وهو في عمود النسب الكريم فولده مرة وهصيص وعدي وهم قريش البطاح أي بطائح مكة‏.‏ فمن ابن كعب هصيص بن كعب بن لؤي بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب منهم العاصي بن وائل بن هشام بن سعيد بن سهم وابناه عمرو وهشام ابنا العاصي‏.‏ وعبد الرحمن بن معيص بن أبي وداعة وهو الحارث بن سعيد بن سعد بن سهم قارىء أهل مكة واسماعيل بن جامع بن عبد المطلب بن أبي وداعة مفتي مكة ونبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم قتلا يوم بدر كافرين والقيا في القليب‏.‏ وقتل يومئذ العاصي بن منبه‏.‏ وكان له ذو الفقار سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وعبد الله بن الزبعرى بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم كان يؤذي بشعره ثم أسلم وحسن إسلامه‏.‏ وحذافة بن قيس أبو الأخنس وخنيس‏.‏ وكان خنيس على حفصة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن حذافة من مهاجرة الحبشة وهو الذي مضى بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى‏.‏ وبنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب‏.‏ كان منهم أمية بن خلف بن وهب بن حذافة قتل يوم بدر وأخوه أبي قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بيده وابنه صفوان بن أمية أسلم يوم الفتح


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:34

وابنه عبد الله بن صفوان قتل مع الزبير وعثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة وإخوته قدامة والسائب وعبد الله مهاجرون بدريون وبنو عدي بن كعب‏:‏ منهم زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي‏.‏ رفض الأوثان في الجاهلية والتزم الحنيفية ملة إبراهيم إلى أن قتل بقرية من قرى البلقاء قتله لخم أو جذام وابنه سعيد بن زيد أحد العشرة المشهود لهم بالجنة‏.‏ وعمر بن الخطاب أمير المؤمنين وابنه عبد الله وعاصم وعبيد الله وغيرهم وخارجة بن حذافة بن غانم بن عامر بن عبيد الله بن عويج بن عدي بن كعب الذي قتله الحروري بمصر يظنه عمرو بن العاصي‏.‏ وقال أردت عمراً وأراد الله خارجة فطارت مثلاً‏.‏ أبو الجهم بن حذيفة بن غانم صاحب النفل يوم حنينن ومطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة بن عوف بن عبيد بن عويج صحابي‏.‏ وابنه عبد الله بن مطيع كان على المهاجرين يوم الحرة قتل مع ابن الزبير مكة‏.‏ وأما مرة بن كعب‏:‏ وهو من عمود النسب الكريم فكان له من الولد كلاب وتيم ويقظة‏.‏ فأما تيم بن مرة فمنهم عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم يد قريش في الجاهلية وتنسب إليه الدار المشهورة يومئذ بمكة‏.‏ ومنهم أبو بكر الصديق اسمه عبد الله بن أبي قحافة وهو عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب وابناه عبد الرحمن ومحمد‏.‏ وطلحة بن عبد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب قتل يوم الجمل وابنه محمد السجاد وأعقابهم كثيرة‏.‏ وبنو يقظة بن مرة منهم بن مخزوم بن يقظة بن مرة‏.‏ فمنهم صيفي بن أبي رفاعة وهو أمية عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم قتل هو وأخوه ببدر كافراً والأرقم بن أبي الأرقم واسمه عبد مناف بن أبي جندب واسمه أسد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم صحابي بدري كان يجتمع بداره النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون سرا قبل أن يفشو الإسلام وأبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم من قدماء المهاجرين كان زوج أم سلمة قبل النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ والفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم واسمه أبو قيس قتل يوم بدر كافراً وأبو جهل بن هشام بن المغيرة واسمه عمرو قتل يومئذ كافراً وابنه عكرمة صحابي‏.‏ والحارث بن هشام بن المغيرة أسلم وحسن إسلامه وله عقب كثير مشهورون‏.‏ وأبو أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة قتل يوم بدر كافراً وبنته أم سلمة أم المؤمنين وهشام بن أبي حذيفة من مهاجرة الحبشة وعبد الله ابن أبي ربيعة وهو عمرو بن المغيرة من الصحابة من ولده الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المعروف بالقباع والوليد بن المغيرة مات بمكة كافراً وابنه خالد بن الوليد سيف الله صاحب الفتوحات الإسلامية‏.‏ وسعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم تابعي وأبوه المسيب من أهل بيعة الرضوان‏.‏ وأما كلاب بن مرة‏:‏ من عمود النسب الكريم فولد له قصي وزهرة فبنو زهرة بن كلاب منهم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة أم النبي صلى الله عليه وسلم وابن أخيها عبد الله بن الأرقم ابن عبد يغوث بن وهب‏.‏ وسعد بن أبي وقاص واسمه مالك بن وهب بن عبد مناف أمير المسلمين في فتح العراق‏.‏ وهاشم ابن أخيه عتبة في الأمراء يومئذ وابنه عمر بن سعد الذي بعثه عبيد الله بن زياد لقتال الحسين وقتله المختار بن أبي عبيد وأخوه محمد بن سعد قتله الحجاج بن أبي الأشعث والمسور بن مخرمة بن نوفل بن وهب صحابي وأبوه من المؤلفة قلوبهم وعبد الله بن عوف بن عبد عوف بن الحرث بن زهرة وابنه سلمة وله عقب كثير‏.‏ وأما قصي بن كلاب من عمود النسب الكريم وهو الذي جمع أمر قريش وأثل مجدهم فولد له عبد مناف وعبد الدار وعبد العزى‏.‏ فبنو عبد الدار كان منهم النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار أسر يوم بدر مع المشركين‏.‏ ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومر بالصفراء أمر به فضرب عنقه هنالك‏.‏ ومصعب بن عمرو بن هاشم بن عبد مناف صحابي بدري استشهد يوم أحد وكان صاحب اللواء‏.‏ ومن عقبه كان عامر بن وهب القائم بسرقسطة من الأندلس بدعوة أبي جعفر المنصور وقتله يوسف بن عبد الرحمن الفهري أمير الأندلس قبل عبد الرحمن الداخل‏.‏ ومنهم أبو السنابل بن بعكك بن السباق بن عبد الدار الذي دفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح مفتاح الكعبة وقيل إنما دفعه إلى أخيه شيبة‏.‏ وصارت حجابة البيت إلى بني شيبة بن طلحة من يومئذ‏.‏ وبنو عبد العزى بن قصي منهم أبو البختري العاصي بن هاشم بن الحارث بن أسعد بن عبد العزى أراد التملك على قريش من قبل قيصر فمنعوه فرجع عنهم إلى الشام وسجن من وجد بها من قريش‏.‏ وكان في جملتهم أبو أحيحة سعيد بن العاصي فدست قريش إلى عمرو بن جفنة الغساني‏.‏ فسم عثمان بن الحويرث ومات بالشام‏.‏ وهبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى كان من عقبه عمر بن عبد العزيز بن المنذر بن الزبير بن عبد الرحمن بن هبار صاحب السند وليها في ابتداء الفتنة إثر قتل المتوكل وتداول أولاده ملكها إلى أن انقطع أمرهم على يد محمود بن سبكتكين صاحب غزنة وما دون النهر من خراسان وكانت قاعدتهم المنصورة‏.‏ وكان جده المنذر بن الربيع قد قام بقرقيسيا أيام السفاح فأسر وصلب‏.‏ واسماعيل بن هبار قتله مصعب بن عبد الرحمن غيلة وهبار كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ثم ابنه عوف أسلم فمدحه وحسن إسلامه‏.‏ وعبد الله بن زمعة بن الأسود له صحبة‏.‏ وتزوج زينب بنت أبي سلمة من أم سلمة أم المؤمنين وخديجة أم المؤمنين بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى والزبير بن العوام بن خويلد أحد العشرة وابناه عبد الله ومصعب وحكيم بن حزام بن خويلد عاش ستين سنة في الإسلام وباع داره الندوة من معاوية بمائة ألف وابنه هشام بن حكيم‏.‏ وأما عبد مناف وهو صاحب الشوكة في قريش وسنام الشرف وهو في عمود النسب الكريم فولد له عبد شمس وهاشم والمطلب ونوفل‏.‏ وكان بنو هاشم وبنو عبد شمس متقاسمين رياسة بني عبد مناف والبقية أحلاف لهم‏.‏ فبنو المطلب أحلاف لبني هاشم وبنو نوفل أحلاف لبني عبد شمس‏.‏ فأما بنو عبد شمس فمنهم العبلات وهم بنو أمية الأصغر وبنته الثريا صاحبة عمر بن أبي ربيعة وهي سيدة القريض المغني وبنو ربيعة بن عبد شمس‏:‏ منهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة‏.‏ ومن عتبة ابنه الوليد وقتل يوم بدر كافراً وأبو حذيفة صحابي وهو مولى سالم قتل يوم اليمامة‏.‏ وهند بنت عتبة أم معاوية رضي الله عنها‏.‏ وبنو عبد العزى صهر النبي وكانت له منها أمامة تزوجها علي بعد فاطمة رضي الله عنهما‏.‏ وبنو أمية الأكبر بن عبد شمس‏:‏ منهم سعيد بن أبي أحيحة العاصي بن أمية مات كافراً وابنه خالد بن سعيد قتل يوم اليرموك وسعيد بن العاصي بن سعيد قديم الإسلام ولي صنعاء واستشهد في فتح الشام وابنه سعيد قتل يوم اليرموك وسعيد بن العاصي بن سعيد بن العاصي بن أمية ولي الكوفة لعثمان‏.‏ وابنه عمرو الأشدق القائم على عبد الملك وقتله‏.‏ وأمير المؤمنين عثمان بن عفان بن العاصي بن أمية‏.‏ ومروان بن الحكم بن أبي العاصي وأعقابه الخلفاء الأولون في الإسلام والملوك بالأندلس معروفون يأتي ذكرهم عند أخبار دولهم‏.‏ وأبو سفيان بن حرب بن أمية‏:‏ وأبناؤه معاوية أمير المؤمنين ويزيد وحنظلة وعتبة وأم حبيبة أم المؤمنين‏.‏ وعقب معاوية بين الخلفاء والإسلام بين معروف يذكر عند ذكرهم‏.‏ وعتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة اذ فتحها فلم يزل عليها إلى أن مات يوم ورود الخبر بموت أبي بكر الصديق‏.‏ ومنهم بنو أبي الشوارب القضاة ببغداد من عهد المتوكل إلى المقتدر‏.‏ وهم بنو أبي عثمان بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العاص وعقبة بن أبي معيط واسمه أبان بن عمرو بن أمية قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر صبراً‏.‏ وابنه الوليد صحابي ولي الكوفة وهو الذي حد على الخمر بين يدي عثمان وابنه أبو قطيفة الشاعر‏.‏ ومن عقبة بن أبي معيط المعيطي الذي بويع بدانية من شرق الأندلس‏.‏ بايع له ملكها مجاهد زمن الفتنة بعد المائة الرابعة في آخر الدولة الأموية‏.‏ وهو عبد الله بن عبد الله بن عبيد الله بن الوليد بن محمد بن يوسف بن عبد الله بن عبد العزيز بن خالد بن عثمان بن عبد الله بن عبد العزيز بن خالد بن عقبة بن أبي معيط‏.‏ وبنو نوفل بن عبد مناف‏:‏ منهم جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل الصحابي المشهور‏.‏ وأبو مطعم هو الذي نوه به النبي صلى الله عليه وسلم يوم الطائف ومات قبل بدر‏.‏ وطعيمة بن عدي قتل يوم بدر كافراً ومولاه وحشي هو الذي قتل يوم أحد حمزة بن عبد المطلب‏.‏ وبنو المطلب بن عبد مناف‏:‏ منهم قيس بن مخرمة بن المطلب صحابي وابنه عبد الله بن قيس


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:34

مولى يسار جد محمد بن اسحق بن يسار صاحب المغازي‏.‏ ومسطح وهو عوف بن أثاثة بن عباد بن المطلب أحد من تكلم بالإفك وهو ابن خالة أبي بكر الصديق‏.‏ وركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب كان م أشد الرجال‏.‏ وصارعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرعه وكانت آية من آياته والسائب بن عبد يزيد كان يشبه رسول صلى الله عليه وسلم وأسر يوم بدر‏:‏ ومن عقبه الشافعي محمد بن إدريس بن العباس بن عثما بن شافع بن السائب‏.‏ وأما بنو هاشم بن عبد مناف فسيدهم عبد المطلب بن هاشم ولم يذكر من عقبه إلا عقب عبد المطلب هذا‏.‏ وكان بنوه عشرة‏:‏ عبد الله أبو النبي صلى الله عليه وسلم وهو أصغرهم وحمزة والعباس وأبو طالب والزبير والمقوم ويقال اسمه الغيداق وضرار وحجل وأبو لهب وقثم والزبير لا عقب لهما وعقب حمزة انقرض فيما قال ابن حزم‏.‏ ومن عقب أبي لهب ابنه عتبة صحابي‏.‏ وأما عقب العباس وأبي طالب فأكثر من أن يحصر والبيت والشرف من بني العباس في عبد الله بن العباس‏.‏ ومن بني أبي طالب في علي أمير المؤمنين وبعده أخوه جعفر رضي الله عنهم أجمعين‏.‏ وسنذكر من مشاهيرهم عند ذكر أخبارهم ودولهم ما فيه كفاية إن شاء الله تعالى‏.‏ هذا آخر الكلام في أنساب قريش وانقضى بتمامها الكلام في أنساب مضر وعدنان‏.‏ فلنرجع الآن إلى أخبار قريش وسائر مضر وما كان لهم من الدول الإسلامية‏.‏ والله المستعان لا رب غيره ولا خير إلا خيره ولا معبود سواه ولا يرجى إلا إياه‏.‏ وهو حسبي ونعم الوكيل وأسأله الستر الجميل‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:37

الخبر عن قريش من هذه الطبقة وملكهم بمكة وأولية أمرهم وكيف صار الملك إليهم فيها ممن قبلهم من الأمم السابقة

قد ذكروا عند الطبقة الأولى أن الحجاز وأكناف العرب كانت ديار العمالقة من ولد عمليق بن لاوذ وأنهم كان لهم ملك هنالك‏.‏ وكانت جرهم أيضأ من تلك الطبقة من ولد يقطن بن شالخ بن أرفخشذ‏.‏ وكانت ديارهم اليمن مع إخوانهم حضرموت‏.‏ وأصاب اليمن يومئذ قحط ففروا نحو تهامة يطلبون الماء والمرعى وعثروا في طريقهم بإسماعيل مع أمه هاجر عند زمزم‏.‏ وكان من شأنه وشأنهم معه ما ذكرناه عند ذكر إبراهيم عليه السلام‏.‏ ونزلوا على قطورا من بقية العمالقة وعليهم يومئذ السميدع بن هوثر بثاء مثلثة ابن لاوى بن ذكر بن عملاق أو عمليق‏.‏ واتصل خبر جرهم من ورائهم من قومهم باليمن وما أصابوا من النجعة بالحجاز فلحقوا بهم وعليهم مضاض بن عمرو بن سعيد بن الرقيب بن هنء بن نبت بن جرهم‏.‏ فنزلوا على مكة بقعيقعان‏.‏ وكانت قطورا أسفل مكة‏.‏ وكان مضاض يعشر من دخل مكة من أعلاها والسميدع من أسفلها‏.‏ هكذا عند ابن إسحق والمسعودي أن قطورا من العمالقة وعند غيرهما أن قطورا من بطون جرهم وليسوا من العمالقة‏.‏ ثم افترق أمر قطورا وجرهم وتنافسوا الملك واقتتلوا وغلبهم المضاض وقتل السميدع وانقضت العرب العاربة قال الشاعر‏:‏ مضى آل عملاق فلم يبق منهمو حقير ولاذ وعزة متشاوس عتوا فأدال الدهر منهم وحكمه على الناس هذا واغذ ومبايس ونشأ إسماعيل صلوات الله عليه بين جرهم وتكلم بلغتهم وتزوج منهم حرا بنت سعد بن عوف بن هنء نبت بن جرهم‏.‏ وهي المرأة التي أمره أبوه بتطليقها لما زاره ووجده غائباً‏.‏ فقال لها‏:‏ قولي لزوجك فليغير عتبته فطلقها وتزوج بنت أخيها مامة بنت مهلهل بن سعد بن عوف‏.‏ ذكر هاتين المرأتين الواقدي في كتاب انتقال النور‏.‏ وتزوج بعدهما السيدة بنت الحرث بن مضاض بن عمرو بن جرهم‏.‏ ولثلاثين سنة من عمر إسماعيل قدم أبوه الحجاز فأمر ببناء الكعبة البيت الحرام وكان الحجر زرباً لغنم اسماعيل فرفع قواعدها مع ابنه إسماعيل وصيرها خلوة لعبادته وجعلها حجاً للناس كما أمره الله وانصرف إلى الشام فقبض هنالك كما مر‏.‏ وبعث الله إسماعيل إلى العمالقة وجرهم وأهل اليمن فآمن بعض وكفر بعض إلى أن قبضه الله ودفن بالحجر مع أمه هاجر ويقال آجر‏.‏ وكان عمره فيما يقال مائة ثلاثين سنة وعهد بأمره لابنه قيذار‏.‏ ومعنى قيذار صاحب الإبل وذلك لأنه كان صاحب إبل أبيه إسماعيل كذا قال السهيلي‏.‏ وقال غيره معناه الملك‏.‏ ويقال إنما عهد لابنه نابت فقام ابنه بأمر البيت ووليها‏.‏ وكان ولده فيما ينقل أهل التوراة كما نقل اثني عشر‏:‏ قيذار قيايوت أدبئيل مبسام مشمع دوما مسا حدار ديما يطور ياقيس قدما‏.‏ أمهم السيدة بنت مضاض قاله السهيلي وهكذا وقعت أسماؤهم في الإسرائيليات‏.‏ والحروف خالفة للحروف العربية بعض الشيء باختلاف المخارج فلهذا يقع الخلاف بين العلماء في ضبط هذه الألفاظ‏.‏ وقد ضبط ابن إسحاق تيما منهم بالطاء والياء وضبطه الدارقطني بالضاد المعجمة والميم قبل الياء كأنها تأنيث آضم وذكر ابن إسحاق ديما‏.‏
وقال البكري‏:‏ به سميت دومة الجندل لأنه كان نزلها‏.‏ وذكر أن الطور بيطون ابن إسماعيل‏.‏ ثم هلك نابت بن إسماعيل وولي أمر البيت جده الحرث بن مضاض وقيل وليها مضاض بن عمرو بن سعد بن الرقيب بن هنء بن نبت بن جرهم ثم ابنه الحرث بن عمرو‏.‏ ثم قسمت الولاية بين ولد إسماعيل بمكة وأخوالهم من جرهم ولاة البيت لا ينازعهم ولد إسماعيل إعظامأ للحرم أن يكون به بغي أو قتال‏.‏ ثم بغت جرهم في البيت ووافق بغيهم تفرق سبأ ونزول بني حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر أرض مكة‏.‏ فأرادوا المقام مع جرهم فمنعوهم واقتتلوا فغلبهم بنو حارثة وهم فيما قيل خزاعة وملكوا البيت عليهم ورئيسهم يومئذ عمرو بن لحي وشرد بقية جرهم‏.‏ ولحي هذا هو ربيعة بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقيا بن عامر وقيل إنما ثعلبة بن حارثة بن عامر‏.‏ وفي الحديث رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار يعني أحشاءه‏.‏ لأنه الذي بحر البحيرة وسيب السائبة وحمى الحامي وغير دين إسماعيل ودعا إلى عبادة الأوثان‏.‏ وفي طريق آخر رأيت عمرا بن عامر‏.‏ قال عياض المعروف في نسب أبي خزاعة‏.‏ هذا هو عمرو بن لحي بن قمعة بن الياس‏.‏ وأنما عامر اسم أبيه أخو قمعة وهو مدركة بن الياس‏.‏ وقال السهيلي‏:‏ كان حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر خلف على أم لحي بعد أبيه قمعة‏.‏ ولحي تصغير‏.‏ واسمه ربيعة تبناه حارثة وانتسب إليه فالنسب صحيح بالوجهين‏.‏ وأسلم بن أفصى بن حارثة أخو خزاعة‏.‏ وعن ابن أسحق أن الذي أخرج جرهم من البيت ليست خزاعة وحدها وأنما تصدى للنكير عليهم خزاعة وكنانة‏.‏ وتولى كبره بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة وبنو غبشان بن عبد عمرو بن بوي بن ملكان بن أفصى بن حارثة فاجتمعو لحربهم واقتتلوا وغلبهم بنو بكر وبنو غبشان بن كنانة وخزاعة على البيت ونفوهم من مكة‏.‏ فخرج عمرو وقيل عامر بن الحرث بن مضاض الأصغر بمن معه من جرهم إلى اليمن بعد أن دفن حجر الركن وجميع أموال الكعبة بزمزم‏.‏ ثم اسفوا على ما فارقوا من أمر مكة وحزنوا حزناً شديداً‏.‏ وقال عمرو بن الحرث وقيل عامر‏:‏ كان لم يكن بين الحجون إلى الصف أنيس ولم يسمر بمكة سامر بلى نحن كنا أهلها فأزالنا صروف الليالي والجدود العواثر وكنا ولاة البيت من بعد نابت نطوف فما تحظى لدينا المكاثر ملكنا فعززنا فأعظم ملكنا فليس لحي عندنا ثم فاخر ألم تنكحوا من خير شخص علمته فأبناؤنا منا ونحن الأصاهر فإن تنثني الدنيا علينا بحالها فإن لها حالاً وفيها التشاجر فأخرجنا منها المليك بقدرة كذلك يا للناس تجري المقادر وبدلت منها أوجهاً لا أحبها قبائل منها حمير وبحائر وصرنا أحاديثاً وكنا بغبطة بذلك عصتنا السنون الغوابر فساحت دموع العين تبكي لبلدة بها حرم أم وفيها المشاعر ونبكي لبيب ليس يؤذى حمامة يظل بها أمناً وفيها العصافر وفيه وحوش لا ترام أنيسة إذا خرجت منه فليست تغادر ثم غلبت بنو حبشية على أمر البيت بقومهم من خزاعة واستقلوا بولايتها دون بني بكر عبد مناة وكان الذي يليها لآخر عهدهم عمرو بن الحرث وهو غبشان‏.‏ وذكر الزبير أن الذين أخرجوا جرهم من البيت من ولد إسماعيل هم إياد بن نزار‏.‏ ومن بعد ذلك وقعت الحرب بين مضر وإياد فأخرجتهم مضر‏.‏ ولما خرجت إياد قلعوا الحجر الأسود ودفنوه في بعض المواضع ورأت ذلك امرأة من خزاعة فأخبرت قومها فاشترطوا على مضر إن دلوهم عليه أن لهم ولاية البيت دونهم فوفوا لهم بذلك‏.‏ وصارت ولاية البيت لخزاعة إلى أن باعها أبو غبشان لقصي‏.‏ ويذكر أن من وليها منهم عمرو بن لحي ونصب الأصنام وخاطبه رجل من جرهم‏:‏ يا عمرو لا تظلم بم كة إنها بلد حرام سائل بعاد أين هم وكذاك تخترم الأنام وكانت ولاية البيت لخزاعة وكان لمضر ثلاث خصال‏:‏ الإجازة بالناس يوم عرفة لبني الغوث بن مرة إخوتهم وهو صوفة‏.‏ والإضافة بالناس غداة النحر من جمع إلى منىً لبني زيد بن عدي وانتهى ذلك منهم إلى أبي سيارة عميرة بن الأعزل بن خالد بن سعد بن الحرث بن كانس بن زيد فدفع من مزدلفة أربعين سنة على حمار ونسء الشهور الحرم كان لبني مالك بن كنانة‏.‏ وانتهى إلى القلمس كما مر‏.‏ وكان إذا أراد الناس الصدور من مكة قال‏:‏ اللهم إني أحللت أحد الصفرين ونسأت الآخر للعام المقبل‏.‏ قال عمرو بن قيس من بني فراس‏:‏ ونحن الناسئون على معد شهور الحل فجعلها حراما قال ابن اسحق‏:‏ فأقام بنو خزاعة وبنو كنانة على ذلك مدة الولاية لخزاعة دونهم كما قلناه‏.‏ وفي أثناء ذلك تشعبت بطون كنانة ومن مضر كلها وصاروا جرماً وبيوتات متفرقين في بطن قومهم من بني كنانة وكلهم إذ ذاك أحياء حلول بظواهرها‏.‏ وصارت قريش على فرقتين‏:‏ قريش البطاح وقريش الظواهر‏.‏ فقريش البطاح ولد قصي بن كلاب وسائر بني كعب بن لؤي‏.‏ وقريش الظواهر من سواهم‏.‏ وكانت خزاعة بادية لكنانة ثم صار بنو كنانة لقريش‏.‏ ثم صارت قريش الظواهر بادية لقريش البطاح وقريش الظواهر من كان على أقل من مرحلة ومن الضواحي من كان على أكثر من ذلك‏.‏ وصار من سوى قريش وكنانة من قبائل مضر في الضواحي أحياء بادية وظعوناً ناجعة من بطون قيس وخندف من أشجع وعبس وفزارة ومرة وسليم وسعد بن بكر وعامر بن صعصعة وثقيف‏.‏ ومن تميم والرباب وضبعي بني أسد وهذيل والقارة وغير هؤلاء من البطون الصغار وكان التقدم في مضر كلها لكنانة ثم لقريش والتقدم في قريش لبني لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر‏.‏ وكان سيدهم قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي‏.‏ كان له فيهم شرف وقرابة وثروة وولد وكان له في قضاعة ثم في بني عروة بن سعد بن زيد من بطونهم نسب ظئر ورحم كلالة كانوا من أجلها فيه شيعة‏.‏ وذلك بما كان ربيعة بن حرام بن عذرة قدم مكة قبل مهلك كلاب بن مرة وكان كلاب خلف قصياً في حجر أمه فاطمة بنت سعد بن باسل بن خثعمة الأسدي من اليمن فتزوجها ربيعة وقصي يومئذ فطيم فاحتملته إلى بلاد بني عذرة وتركت ابنها زهرة بن كلاب لأنه كان رجلاً بالغاً وولدت لربيعة بن حزام رزاح بن ربيعة ولما شب قصي وعرف نسبه رجع إلى قومه وكان الذي يلي أمر البيت لعهده من خزاعة حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو فأصهر إلى قصي في ابنته حبى فأنكحه إياها فولدت له عبد الدار وعبد مناف وعبد العزى وعبد قصي‏.‏ ولما انتشر ولد قصي وكثر ماله وعظم شرفه هلك حليل فرأى قصي أنه أحق بالكعبة وبأمر مكة وخزاعة وبني بكر لشرفه في قريش‏.‏ ولما كثرت قريش سائر الناس واعتزت عليهم وقيل أوصي له بذلك حليل‏.‏ ولما بدا له ذلك مشى في رجالات قريش ودعاهم إلى ذلك فأجابوه وكتب إلى أخيه رزاخ في قومه عذرة مستجيشاً بهم فقدم مكة في إخوته من ولد ربيعة ومن تبعهم من قضاعة في جملة الحاج مجمعاً نصر قصي‏.‏ قال السهيلي‏:‏ وذكر غير ابن إسحق إن حليلأ كان يعطي مفاتيح البيت بنته حبى حين كبر وضعف فكانت بيدها وكان قصي ربما أخذها يفتح البيت للناس ويغلقه فلما هلك حليل أوصى بولاية البيت إلى قصي وأبت خزاعة أن يمضي ذلك لقصي فعند ذلك هاجت الحرب بينه وبين خزاعة وأرسل إلى رزاح أخيه يستنجده عليهم‏.‏ وقال‏:‏ الطبري لما أعطى حليل مفاتيح الكعبة لابنته حبى لما كبر وثقل قالت إجعل لرجل يقوم لك به فجعله إلى أبي غبشان سليمان بن عمرو بن لؤي بن ملكان بن قصي وكانت له ولاية الكعبة‏.‏ ويقال‏:‏ إن أبا غبشان هو ابن حليل باعه من قصي بزق خمر قيل فيه أخسر من صفقة أبي غبشان‏.‏ فكان من أول ما بدأوا به نقض ما كان لصوفة من إجازة الحاج وذلك أن بني سعد بن زيد مناة بن تميم كانوا يلون الإجازة للناس بالحج من عرفة ينفر الحاج لنفرهم ويرمون الجمار لرميهم ورثوا ذلك من بني الغوث بن مرة‏.‏ كانت أمه من جرهم وكانت لا تلد فنذرت إن ولدت أن تتصدق به على الكعبة عبدأ يخدمها فولدت الغوث وخلى أخواله من جرهم بينه وبين من نافسه بذلك‏.‏ فكان له ولولده وكان يقال لهم صوفة‏.‏ وقال السهيلي عن بعض الإخباريين‏:‏ إن ولاية الغوث بن مرة كانت من قبل ملوك كندة ولما انقرضوا ورث بالتعدد بنو سعد بن زيد مناة‏.‏ ولما جاء الإسلام كانت تلك الإجازة منهم لكرب بن صفوان بن حتات بن سحنة وقد مر ذكره في بطون تميم‏.‏ فلما كان العام الذي أجمع فيه قصي الإنفراد بولاية البيت وحضر إخوته من عفرة تعرض لبني سعد أصحاب صوفة في قومهم من قريش وكنانة وقضاعة عند الكعبة‏.‏ فلما وقفوا للإجازة قال لا نحن أولى بهذا منكم فتناجزا وغلبهم قصي على ما كان بأيديهم وعرفت خزاعة وبنو بكر عند ذلك أنه سيمنعهم من ولاية البيت كما منع الآخرين فانحازوا عنه وأجمعوا لحربه وتناجزوا وكثر القتل ثم صالحوه على أن يحكموا من أشراف العرب وتنافروا إلى يعمر بن عوف بن كعب بن عمرو بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة فقضى لقصي عليهم فولي قصي البيت وقر بمكة وجمع قريشاً من منازلهم بين كنانة إليها وقطعها أرباعأ بينهم‏.‏ فأنزل كل بطن منهم بمنزله الذي صبحهم به الإسلام وسمي بذلك مجمعاً قال الشاعر‏:‏ قصي لعمري كان يدعى مجمعاً به جمع الله القبائل من فهر فكان أول من أصاب من بني لؤي بن غالب ملكأ أطاع له به قومه فصار له لواء الحرب وحجابة البيت وتيمنت قريش برأيه فصرفوا مشورتهم إليه في قليل أمورهم وكثيرها فاتخذوا دار الندوة إزاء الكعبة في مشاوراتهم وجعل بابها إلى المسجد فكانت مجتمع الملاء من قريش في مشاوراتهم ومعاقدهم ثم تصدى لإطعام الحاج وسقايته لما رأى أنهم ضيف الله وزوار بيته‏.‏ وفرض على قريش خراجاً يؤدونه إليه زيادة على ذلك كانوا يردفونه به فحاز شرفهم كله‏.‏ وكانت الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء له‏.‏ ولما أسن قصي وكان بكره عبد الدار وكان ضعيفاً وكان أخوه عبد مناف شرف عليه في حياة أبيه فأوصى قصي لعبد الدار بما كان له من الحجابة واللواء والندوة والرفادة والسقاية يجبر له بذلك ما نقصه من شرف عبد مناف‏.‏ وكان أمره في قومه كالدين المتبع ولا يعدل عنه‏.‏ ثم هلك وقام بأمره في قومه بنوه من بعده وأقاموا على ذلك مدة وسلطان مكة لهم وأمر قريش جميعاً‏.‏ ثم نفس بنو عبد مناف على بني عبد الدار ما بأيديهم ونازعوهم فافترق أمر قريش وصاروا في مظاهرة بني قصي بعضهم على بعض فرقتين‏.‏ وكان بطون قريش قد إجتمعت لعهدها ذلك إثني عشر بطناً‏:‏ بنو الحرث بن فهر وبنو محارب بن لؤي وبنو عدي بن كعب وبنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب وبنو جمح بن عمرو بن هصيص وبنو تيم بن مرة وبنو مخزوم بن يقظة بن مرة وبنو زهرة بن كلاب وبنو أسد بن عبد العزى بن قصي وبنو عبد الدار وبنو عبد مناف بن قصي‏.‏ فأجمع بنو عبد مناف إنتزاع ما بأيدي عبد الدار مما جعل لهم قصي وقام بأمرهم عبد شمس أسن ولده واجتمع له من قريش بنو أسد بن عبد العزى وبنو زهرة وبنو تيم وبنو الحرث‏.‏ واعتزل بنو عامر وبنو المحارب الفريقين وصار الباقي من بطون قريش مع بني عبد الدار وهم بنو سهم وبنو جمح وبنو عدي وبنو مخزوم‏.‏ ثم عقد كل من الفريقين على أحلافه عقداً مؤكداً وأحضر بنو عبد مناف وحلف قومهم عند الكعبة جفنة مملوءة طيباً غمسوا فيها أيديهم تأكيدأ للحلف‏.‏ فسمي حلف المطيبين‏.‏ وأجمعوا للحرب وسووا بين القبائل وأن تبعث بعضها إلى بعض‏.‏ فبعث بنو عبد الدار لبني أسد وبنو جمح لبني زهرة وبنو مخزوم لبني تيم وبنو عدي لبني الحرث‏.‏ ثم تداعوا للصلح على أن يسلموا لبني عبد مناف السقاية والرفادة ويختص بنو عبد الدار بالحجابة واللواء فرضي الفريقان وتحاجز الناس‏.‏ وقال الطبري‏:‏ قيل ورثها من أبيه ثم بقام بأمر بني عبد مناف هاشم ليساره وقراره بمكة وتقلب أخيه عبد شمس في التجارة إلى الشام‏.‏ فأحسن هاشم ما شاء في إطعام الحاج وإكرام وفدهم‏.‏ ويقال‏:‏ إنه أول من أطعم الثريد ه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 12:39

الذي كان يطعم فهو ثريد قريش الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام‏.‏ والثريد لهذا العهد ثريد الخبز بعد أن يطبخ في المقلاوة والتنور‏.‏ وليس من طعام العرب إلا أن عندهم طعاماً يسمونه البازين يتناوله الثريد لغة وهو ثريد الخبز بعد أن يطبخ في الماء عجيناً رطباً إلى أن يتم نضجه ثم يدلكونه بالمغرفة حتى تتلاحم أجزاؤه وتتلازج‏.‏ وما أدري هل كان ذلك الطعام كذلك أولاً إلا أن لفظ الثريد يتناوله لغة‏.‏ ويقال‏:‏ إن هاشم بن عبد المطلب أول من سن الرحلتين في الشتاء والصيف للعرب ذكره بن إسحق وهو غير صحيح لأن الرحلتين من عوائد العرب في كل جيل لمراعي إبلهم ومصالحها لأن معاشهم فيها‏.‏ وهذا معنى العرب وحقيقتهم أنه الجيل الذي معاشهم في كسب الإبل والقيام عليها في ارتياد المرعى وانتجاع المياه والنتاج والتوليد وغير ذلك من مصالحها والفرار بها من أذى البرد عند التوليد إلى القفار ودفئها وطلب التلول في المصيف للحبوب وبرد الهواء‏.‏ وتكونت على ذلك طباعهم فلا بد لهم منها‏.‏ ظعنوا أو أقاموا وهو معنى العروبية‏.‏ وشعارها أن هاشماً لما هلك وكان مهلكه بغزة من أرض الشام تخلف عبد المطلب صغيراً بيثرب فأقام بأمره من بعده ابنه المطلب وكان ذا شرف وفضل وكانت قريش تسميه الفضل لسماحته وكان هاشم قدم يثرب فتزوج في بني عدي‏.‏ وكانت قبله عند أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبا بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك سيد الأوس لعهده فولدت عمرو بن أحيحة وكانت لشرفها تشترط أمرها بيدها في عقد النكاح فولدت عبد المطلب فسمته شيبة وتركه هاشم عندها حتى كان غلامأ‏.‏ وهلك هاشم فخرج إليه أخوه المطلب فأسلمته إليه بعد تعسف واغتباط به فاحتمله ودخل مكة فردفه على بعيره فقالت قريش هذا عبد ابتاعه المطلب فسمي شيبة عبد المطلب من يومئذ‏.‏ ثم إن المطلب هلك بردمان من اليمن فقام بأمر بني هاشم بعده عبد المطلب بن هاشم وأقام الرفادة والسقاية للحاج على أحسن ما كان قومه يقيمونه بمكة من قبله وكانت له وفادة على ملوك اليمن من حمير والحبشة وقد قدمنا خبره مع ابن ذي يزن ومع ابرهة‏.‏ ولما أراد حفر زمزم‏:‏ للرؤيا التي رآها اعترضته قريش دون ذلك ثم حالوا بينه وبين ما أراد منها فنذر لئن ولد له عشرة من الولد ثم يبلغوا معه حتى يمنعوه لينحرن أحدهم قرباناً لله عند الكعبة فلما كملوا عشرة ضرب عليهم القداح عند هبل الصنم العظيم الذي كان في جوف الكعبة على البئر التي كانوا ينحرون فيها هدايا الكعبة فخرجت القداح على ابنه عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم وتحير في شأنه ومنعه قومه من ذلك‏.‏ وأشار بعضهم وهو المغيرة بن عبد الله بن مخزوم بسؤال العرافة التي كانت لهم بالمدينة على ذلك‏.‏ فألفوها بخيبر وسألوها فقالت قربوه وعشراً من الإبل وأجيلوا القداح فإن خرجت على الإبل فذلك وإلا فزيدوا في الإبل حتى تخرج عليها القداح وانحروها حينئذ فهي الفدية عنه‏.‏ وقد رضي إلهكم ففعلوا وبلغت الإبل مائة‏.‏ فنحرها عبد المطلب وكانت من كرامات الله به‏.‏ وعليه قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أنا ابن الذبيحين يعني عبد الله أباه وإسماعيل بن إبراهيم جده اللذين قربا للذبح ثم فديا بذبح الأنعام‏.‏ ثم أن عبد المطلب زوج ابنه عبد الله بآمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فدخل بها وحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثه عبد المطلب يمتار لهم تمراً فمات هنالك فلما أبطأ عليهم خبره بعث في أثره‏.‏ وقال الطبري عن الواقدي‏:‏ الصحيح إنه أقبل من الشام في حي لقريش فنزل بالمدينة ومرض بها ومات‏.‏ ثم أقام عبد المطلب في رياسة قريش بمكة والكون يصغي لملك العرب والعالم يتمخض بفصال النبوة إلى أن وضح نور الله من أفقهم وسرى خبر السماء إلى بيوتهم واختلفت الملائكة إلى أحيائهم وخرجت الخلافة في انصبائهم وصارت العزة لمضر ولسائر العرب بهم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وعاش عبد المطلب مائة وأربعين سنة وهو الذي احتفر زمزم‏.‏ قال السهيلي‏:‏ ولما حفر عبد المطلب زمزم استخرج منه تمثالي غزالين من ذهب وأسيافاً‏.‏ كذلك كان ساسان ملك الفرس أهداها إلى الكعبة وقيل سابور‏.‏ ودفنها الحرث بن مضاض في زمزم لما خرج بجرهم من مكة‏.‏ فاستخرجها عبد المطلب وضرب الغزالين حلية للكعبة فهو أول من ذهب حلية الكعبة بها وضرب من تلك الأسياف باب حديد وجعله للكعبة‏.‏ ويقال‏:‏ إن أول من كسى الكعبة واتخذ لها غلقاً تبع إلى أن جعل لها عبد المطلب هذا الباب‏.‏ ثم اتخذ عبد المطلب حوضاً لزمزم يسقي منه وحسده قومه على ذلك وكانوا يخربونه بالليل فلما غمه ذلك رأى في النوم قائلاً يقول‏:‏ قل لا أحلها لمغتسل وهي لشارب حل وبل فإذا قلتها فقد كفيتهم فكان بعد إذا أرادها أحد بمكروه رمى بداء في جسده ولما عملوا بذلك تناهوا عنه‏.‏ وقال السهيلي‏:‏ أول من كسا البيت المسوح والخصف والأنطاع تبع الحميري‏.‏ ويروى أنه لما كساها انتقض البيت فزال ذلك عنه وفعل ذلك حين كساه الخصف فلما كساه الملاء والوصائل قبله وسكن‏.‏ وممن ذكر هذا الخبر قاسم بن ثابت في كتاب الدلائل‏.‏ وقال ابن إسحق أول من كسا الديباج الحجاج‏.‏ وقال الزبير بن بكار بن عبد الله بن الزبير أول من كساها ذلك‏.‏ وذكر جماعة منهم الدارقطني إن نتيلة بنت جناب أم العباس بن عبد المطلب كانت أضلت العباس صغيرأ فنذرت إن وجدته أن تكسو الكعبة وكانت من بيت مملكة فوفت بنذرها‏.‏ هذه أخبار قريش وملكهم بمكة‏.‏ وكانت ثقيف جيرانهم بالطائف يساجلونهم في مذاهب العروبية وينازعونهم في الشرف وكانوا من أوفر قبائل هوازن لأن ثقيفاً هو قسي بن منبه بن بكر بن هوازن‏.‏ وكانت الطائف قبلهم لعدوان الذين كان فيهم حكيم العرب عامر بن الظرب بن عمرو بن عباد بن يشكر بن بكر بن عدوان‏.‏ وكثر عددهم حتى قاربوا سبعين ألفاً‏.‏ ثم بغى بعضهم على بعض فهلكوا وقل عددهم‏.‏ وكان قسي بن منبه صهرأ لعامر بن الظرب وكان بنوه بينهم‏.‏ فلما قل عدد عدوان تغلب عليهم ثقيف وأخرجوهم من الطائف وملكوه إلى أن صبحهم الإسلام به على ما نذكره والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين والبقاء لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‏.‏ تم الجزء الثاني من تاريخ ابن خلدون حسب ترتيب المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم أمر النبوة والهجرة أمر النبوة والهجرة في هذه الطبقة الثالثة وما كان من اجتماع العرب على الإسلام بعد الإباية والحرب لما استقر أمر قريش بمكة على ما استقر وافترقت قبائل مضر في أدنى مدن الشام والعراق وما دونهما من الحجاز فكانوا ظعوناً وأحياء‏.‏ وكان جميعهم بمسغبة وفي جهد من العيش بحرب بلادهم وحرب فارس والروم على تلول العراق والشام وأربابهما ينزلون حاميتهم بثغورهما ويجهزون كتائبهم بتخومهما ويولون على العرب من رجالاتهم وبيوت العصائب منهم من يسومهم القهر ويحملهم على الإنقياد حتى يؤتوا جباية السلطان الأعظم وإتاوة ملك العرب ويؤدوا ما عليهم من الدماء والطوائل ويسترهموا ابناءهم على السلم وكف العادية‏.‏ ومن انتجاع الأرباب وميرة الأقوات والعساكر من وراء ذلك توقع بمن منع الخراج وتستأصل من يروم الفساد‏.‏ وكان أمر مضر راجعاً في ذلك إلى ملوك كندة بني حجر آكل المرار منذ ولاه عليهم تبع حسان كما ذكرناه‏.‏ ولم يكن في العرب ملك إلا في آل المنذر بالحيرة للفرس وفي آل جهينة بالشام للروم وفي بني حجر هؤلاء على مضر والحجاز‏.‏ وكانت قبائل مضر مع ذلك بل وسائر العرب أهل بغي وإلحاد وقطع للأرحام وتنافس في الردى وإعراض عن ذكر الله‏.‏ فكانت عبادتهم الأوثان والحجرة وأكلهم العقارب والخنافس والحيات والجعلان وأشرف طعامهم أوبار الإبل إذا أمروها في الحرارة في الدم‏.‏ وأعظم عزهم وفادةً على آل المنذر وآل جهينة وبني جعفر ونجعة من ملوكهم‏.‏ وإنما كان تنافسهم الموءودة والسائبة والوصيلة والحامي‏.‏ فلما تأذن الله بظهورهم وآشرأبت إلى الشرف هوادي أيامهم وتم أمر الله في إعلاء أمرهم وهبت ريح دولتهم وملة الله فيهم تبدت تباشير الصباح من أمرهم وأونس الخير والرشد في خلالهم ويبدل الله بالطيب الخبيث من أحوالهم وشرهم‏.‏ واستبدلوا بالذل عزا وبالمآثم متاباً وبالشر خيرأ‏.‏ ثم بالضلالة هدئ وبالمسغبة شبعاً ورياً وإيالة وملكاً‏.‏ وإذا أراد الله أمرأ يسر أسبابه‏:‏ فكان لهم من العز والظهور قبل المبعث ما كان‏.‏ وأوقع بنو شيبان وسائر بكر بن وائل وعبس بن غطفان بطيء وهم يومئذ ولاة العرب بالحيرة وأميرها منهم قبيصة بن إياس ومعه الباهوت صاحب مسلحة كسرى‏.‏ فأوقعوا بهم الوقعة المشهورة بذي قار والتحمت عساكر الفرس وأخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفد حاجب بن زرارة من بني تميم على كسرى في طلب الإنتجاع والميرة بقومه في أباب العراق‏.‏ فطلب الأساورة منه الرهن على عادتهم فأعطاهم قوسه واستكبر عن استرهان ولده توقعوا منه عجزاً عما سواها وانتقلت خلال الخير من العجم ورجالات فارس فصارت أغلب في العرب حتى كان الواحد منهم هم بخلاله وشرفه وغلب الشر والسفسفة على أهل دول العجم وانظر فيما كتب عمر إلى أبي عبيدة بن المثنى حين وجهه إلى حرب فارس‏:‏ إنك تقدم على أرض المكر والخديعة والخيانة والحيرة تقدم على أقوام قد جرأوا على الشر فعلموه وتناسوا الخير فجهلوه فانظر كيف تكون اه‏.‏ وتنافست العرب في الخلال وتنازعوا في المجد والشرف حسبما هو مذكور في أيامهم وأخبارهم‏.‏ وكان حظ قريش من ذلك أوفر على نسبة حظهم من مبعثه وعلى ما كانوا ينتحلونه من هدى آبائهم‏.‏ وينظر ما وقع في حلف الفضول حيث اجتمع بنو هاشم وبنو المطلب وبنو أسد بن عبد العزى وبنو زهرة وبنو تميم فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا من ظلمهم حتى ترد عليه مظلمته وسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول‏.‏ وفي الصحيح عن طلحة‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو دعي به في الإسلام لأجبت‏.‏ ثم ألقى الله في قلوبهم التماس الدين وإنكار ما عليهم قومهم من عبادة الأوثان حتى لقد اجتمع منهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وعثمان بن الحويرث بن أسد وزيد بن عمرو بن نفيل من بني عدي بن كعب عم عمر بن الخطاب وعبيد الله بن جحش من بني أسد بن خزيمة وتلاوموا في عبادة الأحجار والأوثان وتواصوا بالنفر في البلدان بالتماس الحنيفية‏:‏ دين إبراهيم نبيهم‏.‏ فأما ورقة فاستحكم في النصرانية وابتغى من أهلها الكتب حتى علم من أهل الكتاب‏.‏ وأما عبيد الله بن جحش فأقام على ما هو عليه حتى جاء الإسلام فأسلم وهاجر إلى الحبشة فتنصر وهلك نصرانياً‏:‏ وكان يمر بالمهاجرين بأرض الحبشة فيقول‏:‏ فقحنا وصأصأتم أي أبصرنا وأنتم تلتمسون البصر‏.‏ مثلما يقال في الجرو إذا فتح عينيه فقح وإذا أراد ولم يقدر صأصأ‏.‏ وأما عثمان بن الحويرث فقدم على ملك الروم قيصر فتنصر وحسنت منزلته عنده وأما زيد بن عمر فما هم أن يدخل في دين ولا اتبع كتاباً‏.‏ واعتزل الأوثان والذبائح والميتة والدم ونهى عن قتل الموءودة وقال‏:‏ أعبد رب إبراهيم‏.‏ وصرح بعيب آلهتهم وكان يقول‏:‏ اللهم لو أني أعلم أي الوجوه أحب إليك لعبدتك ولكن لا أعلم ثم يسجد على راحته‏.‏ وقال ابنه سعيد وابن عمه عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر الله لزيد بن عمرو قال‏:‏ نعم‏!‏ إنه يبعث أمة واحدة‏.‏ ثم تحدث الكهان والحزاة قبل النبوة وإنها كائنة في العرب وأن ملكهم سيظهر‏.‏ وتحدث أهل الكتاب من اليهود والنصارى بما في التوراة والإنجيل من بعث محمد وأمته وظهرت كرامة الله بقريش ومكة في أصحاب الغيل أرهاصاً بين يدي مبعثه‏.‏ ثم ذهب ملك الحبشة من اليمن على يد ابن ذي يزن من بقية التبابعة‏.‏ ووفد عليه عبد المطلب يهنيه عند استرجاعه ملك قومه من أيدي الحبشة فبشره ابن ذي يزن بظهور نبي من العرب وأنه من ولده في قصة معروفة‏.‏ وتحين الأمر لنفسه كثير من رؤساء العرب يظنه فيه ونفروا إلى الرهبان والأحبار من أهل الكتاب يسألونهم ببلدتهم عن ذلك مثل أمية بن أبي الصلت الشقي وما وقع له في سفره إلى الشام مع أبي سفيان بن حرب وسؤاله الرهبان ومفاوضته أبا سفيان فيما وقف عليه من ذلك يظن أن الأمر له أو لأشرف قريش من بنى عبد مناف حتى تبين لهما خلاف ذلك في قصة معروفة‏.‏ ثم رجمت الشياطين عن استماع خبر السماء في أمره وأصغى الكون لاستماع أنبائه‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 19:53

المولد الكريم وبدء التوحيد
ثم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول لأربعين سنة من ملك كسرى أنوشروان وقيل لثماني وأربعين وثمانمائة واثنين وثمانين لذي القرنين‏.‏ وكان عبد الله أبوه غائباً بالشام وانصرف فهلك بالمدينة وولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مهلكه بأشهر قلائل وقيل غير ذلك‏.‏ فكفله جده عبد المطلب بن هاشم وكفالة الله من ورائه‏.‏ والتمس له الرضعاء واسترضع في بني سعد أبي عبد من هوازن ثم في بني نصر بن سعد أرضعته منهم حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحرث بن شحنة بن رزاح بن ناظرة بن خصفة بن قيس وكان ظئره منهم الحارث بن عبد العزى وقد مر ذكرهما في بني عامر بن صعصعة‏.‏ وكان أهله يتوسمون فيه علامات الخير والكرامات من الله ولما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شق الملكين بطنه واستخراج العلقة السوداء من قلبه وغسلهم حشاه وقلبه بالثلج ما كان‏.‏ وذلك لرابعة من مولده وهو خلف البيوت يرعى الغنم فرجع إلى البيت ممتقع اللون‏.‏ وظهرت حليمة على شأنه فخافت أن يكون أصابه شيء من اللمم فرجعته إلى أمه‏.‏ واسترابت آمنة برجعها إياه بعد حرصها على كفالته فأخبرتها الخبر فقالت‏:‏ كلا والله لست أخشى عليه‏.‏ وذكرت من دلائل كرامة الله له وبه كثيراً وأزارته أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة أخوال جده عبد المطلب من بني عدي بن النجار بالمدينة وكانوا أخوالاً لها وهلك عبد المطلب لثمان سنين من ولادته وعهد به إلى ابنه أبي طالب فأحسن ولايته وكفالته وكان شأنه في رضاعه وشبابه ومرباه وأحواله عجباً‏.‏ وتولى حفظه وكلاءته من مفارقة أحوال الجاهلية وعصمته من التلبس بشيء منها حتى لقد ثبت أنه مر بعرس مع شباب قريش فلما دخل على القوم أصابه غشي النوم فما أفاق حتى طلعت الشمس وافترقوا‏.‏ ووقع له ذلك أكثر من مرة‏.‏ وحمل الحجارة مع عمه العباس لبنيان الكعبة وهما صبيان فأشار عليه العباس بحملها في إزاره فوضعه على عاتقه وحمل الحجارة فيه وانكشف فلما حملها على عاتقه سقط مغشياً عليه ثم عاد فسقط فاشتمل إزاره وحمل الحجارة كما كان يحملها‏.‏ وكانت بركاته تظهر بقومه وأهل بيته ورضعائه في شؤونهم كلها‏.‏ وحمله عمه أبو طالب إلى الشام وهو إبن ثلاث عشرة سنة وقيل ابن سبع عشرة سنة فمروا ببحيرا الراهب عند بصرى فعاين الغمامة تظلله والشجر تسجد له فدعا القوم وأخبرهم بنبوته وبكثير من شأنه في قصة مشهورة‏.‏ ثم خرج ثانية إلى الشام تاجراً بمال خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى مع غلامها ميسرة ومروا بنسطور الراهب فرأى ملكين يظلانه من الشمس فأخبر ميسرة بشأنه فأخبر بذلك خديجة فعرضت نفسها عليه‏.‏ وجاء أبو طالب فخطبها إلى أبيها فزوجه وحضر الملاء من قريش وقام أبو طالب خطيباً فقال‏:‏ الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضيء معد وعنصر مضر وجعل لنا بيتأ محجوجاً وحرماً آمناً وجعلنا أمناء بيته وسواس حرمه وجعلنا الحكام على الناس‏.‏ وإن ابن أخي محمد بن عبد لله من قد علمتم قرابته وهو لا يوزن بأحد إلا رجح به‏.‏ فإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل‏.‏ وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها من الصداق ما عاجله وآجله من مالي كذا وكذا وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل‏.‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ابن خمس وعشرين سنة وذلك بعد الفجار بخمس عشرة سنة‏.‏ وشهد بنيان الكعبة لخمس وثلاثين سنة من مولده حين أجمع كل قريش على هدمها وبنائها‏.‏ ولما انتهوا إلى الحجر تنازعوا أيهم يضعه وتداعوا للقتال‏.‏ وتحالف بنو عبد الدار على الموت ثم اجتمعوا وتشاوروا‏.‏ وقال أبو أمية حكموا أول من دخل من باب المسجد فتراضوا على ذلك‏.‏ ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ هذا الأمين وبذلك كانوا يسمونه فتراضوا به وحكموه‏.‏ فبسط ثوباً ووضع فيه الحجر وأعطى قريشاً طرف الثوب فرفعوه حتى أدنوه من مكانه ووضعه عليه السلام بيده وكانوا أربعة‏:‏ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى وأبو حذيفة بن المغيرة بن عمر بن مخزوم وقيس بن عدي السهمي‏.‏ ثم استمروا على أكمل الزكاء والطهارة في أخلاقه‏.‏ وكان يعرف بالأمين‏.‏ وظهرت كرامة الله فيه وكان إذا أبعد في الخلاء لا يمر بحجر ولا شجر إلا ويسلم عليه‏.‏ بدء الوحي ثم بدأ بالرؤيا الصالحة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح‏.‏ ثم تحدث الناس بشأن ظهوره ونبوته ثم حببت إليه العبادة والخلوة بها فكان يتزود للانفراد حتى جاء الوحي بحراء لأربعين سنة من مولده وقيل لثلاث وأربعين‏.‏ وهي حالة يغيب فيها عن جلسائه وهو كائن معهم فأحياناً يتمثل له الملك رجلاً فيكلمه ويعي


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 19:53

قوله وأحيانأ يلقى عليه القول ويصيبه أحوال الغيبة عن الحاضرين من الغط والعرق وتصيبه كما ورد في الصحيح من أخباره قال‏:‏ وهو أشد علي فيفصم عتي وقد وعيت ما قال‏.‏ وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول‏.‏ فأصابته تلك الحالة بغار حراء وألقى عليه‏:‏ ‏"‏ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ‏"‏‏.‏ وأخبر بذلك كما وقع في الصحيح وآمنت به خديجة وصدقته وحفظت عليه الشأن‏.‏ ثم خوطب في الصلاة وأراه جبريل طهرها‏.‏ ثم صلى به وأراه سائر أفعالها‏.‏ ثم كان شأن الإسراء من مكة إلى بيت المقدس من الأرض إلى السماء السابعة وإلى سدرة المنتهى وأوحى إليه ما أوحى‏.‏ ثم آمن به علي ابن عمه أبي الطالب وكان في كفالته من أزمة أصابت قريشاً وكفل العباس جعفراً أخاه‏.‏ فجعفر أسن عيال أبي طالب فأدركه الإسلام وهو في كفالته فآمن وكان يصلي معه في الشعاب مختفياً من أبيه حتى إذا ظهر عليهما أبو طالب دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ لا أستطيع فراق ديني ودين آبائي‏!‏ ولكن لا يخلص إليك شيء تكره ما بقيت‏.‏ وقال لعلي‏:‏ الزمه‏!‏ فإنه لا يدعو إلا الخير‏.‏ فكان أول من أسلم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى ثم أبو بكر وعلي بن أبي طالب كما ذكرنا وزيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلال بن حمامة مولى أبي بكر ثم عمر بن عنبسة السلمي وخالد بن سعيد بن العاص بن أمية‏.‏ ثم أسلم بعد ذلك قوم من قريش اختارهم الله لصحابته من سائر قومهم وشهد لكثير منهم بالجنة‏.‏ وكان أبو بكر محبباً سهلأ وكانت رجالات قريش تألفه فأسلم على يده من بني أمية عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ومن عشيرة بني عمرو بن كعب بن سعد بن تيم طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو ومن بني زهرة بن قصي سعد بن أبي وقاص واسمه مالك بن ومن بني أسد بن عبد العزى الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد وهو ابن صفية عمة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ثم أسلم من بني الحرث بن فهر أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحرث‏.‏ ومن بني مخزوم ابن يقظة بن مرة بن كعب أبو سلمة عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم‏.‏ ومن بني جمح ابن عمر هصيص بن كعب عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح وأخوه قدامة‏.‏ ومن بني عدي سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد الله بن قرط بن رياح بن عدي وزوجته فاطمة أخت عمر بن الخطاب بن نفيل‏.‏ وأخوه زيد هو الذي رفض الأوثان في الجاهلية ودان بالتوحيد وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه يبعث يوم القيامة أمة وحده‏.‏ ثم أسلم عمير أخو سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحرث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة حليف بني زهرة كان يرعى غنم عقبة بن أبي معيط وكان سبب إسلامه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلب من غنمه شاةً حائلأ فعدت‏.‏ ثم أسلم جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب وامرأته أسماء بنت عميس بنت النعمان بن كعب بن ملك بن قحافة الخثعمي والسائب بن عثمان بن مظعون وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس واسمه مهشم وعامر بن فهيرة أزدي وفهيرة أمه مولاه أبي بكر‏.‏ وأفد بن عبد الله بن عبد مناف تميمي من حلفاء بني عدي‏.‏ وعمار بن ياسر عنسي من مذجح مولى لبني مخزوم وصهيب بن سنان من بني النمر بن قاسط حليف لبني جدعان‏.‏ ودخل الناس في الدين أرسالاً وفشا الإسلام وهم ينتجعون به ويذهبون إلى الشعاب فيصلون‏.‏ ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصدع لأمره ويدعو إلى دينه بعد ثلاث سنين من مبدأ الوحي فصعد على الصفا ونادى‏:‏ يا صباحاه‏!‏ فاجتمعت إليه قريش‏.‏ فقال‏:‏ لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدقونني قالوا‏:‏ بلي قال‏:‏ فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد‏.‏ ثم نزل قوله ‏"‏ وأنذر عشيرتك الأقربين[/url] ‏"‏‏.‏ وتردد إليه الوحي النذارة فجمع بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون على طعام صنعه لهم علي بن أبي طالب بأمره ودعاهم إلى الإسلام ورغبهم وحذرهم وسمعوا كلامه وافترقوا‏.‏ ثم إن قريشاً حين صدع وسب الآلهة وعابها نكروا ذلك منه ونابذوه واجمعوا على عداوته فقام أبو طالب دونه محامياً ومانعاً ومشت إليه رجال قريش يدعونه إلى النصفة‏:‏ عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس وأبو البختري بن هشام بن الحرب بن أسد بن عبد العزى والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى والوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأبو جهل عمرو بن هشام بن المغيرة ابن أخي الوليد والعاص بن وائل بن هشام بن سعد بن سهم ونبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة‏.‏ فكلموا أبا طالب وعادوه فردهم رداً جميلاً‏.‏ ثم عادوا إليه وسألوه النصفة فدعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته بمحضرهم وعرضوا عليه قولهم فتلا عليهم القرآن وأيأسهم من نفسه وقال لأبي طالب‏:‏ يا عماه لا أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه‏.‏ واستعبر وظن أن أبا طالب بدا له فيه مجاف فرق له أبو طالب


عدل سابقا من قبل محمد منسى في الخميس 8 مايو 2008 - 19:57 عدل 2 مرات
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 19:54

وقال‏:‏ يا ابن أخي‏!‏ قل ما أحببت فو الله لا أسلمك أبداً‏.‏ هجرة الحبشة ثم افترق أمر قريش وتعاهد بنو هاشم وبنو المطلب مع أبي طالب على القيام دون النبي صلى الله عليه وسلم ووثب كل قبيلة على من أسلم منهم يعذبونهم ويفتنونهم واشتد عليهم العذاب فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى أرض الحبشة فراراً بدينهم وكان قريش يتعاهدونها بالتجارة فيحمدونها‏.‏ فخرج عثمان بن عفان وامرأته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة مراغماً لأبيه وامرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو بن عامر بن لؤي والزبير بن العوام ومصعب بن عمير بن عبد شمس وأبو سبرة بن أبي هاشم بن عبد العزى العامري من بني عامر بن لؤي وسهيل بن بيضاء من بني الحرث بن فهر وعبد الله بن مسعود وعامر بن ربيعة العنزي حليف بني عدي وهو من عنز بن وائل ليس من عنزة وامرأته ليلى بنت أبي خيثمة‏.‏ فهؤلاء الأحد عشر رجلاً كانوا أول من هاجر إلى أرض الحبشة وتتابع المسلمون من بعد ذلك‏.‏ ولحق بهم جعفر بن أبي طالب وغيره من المسلمين‏.‏ وخرجت قريش في آثار الأولين إلى البحر فلم يدركوهم وقدموا إلى أرض الحبشة فكانوا بها وتتابع المسلمون في اللحاق بهم‏.‏ يقال‏:‏ إن المهاجرين إلى أرض الحبشة بلغوا ثلاثة وثمانين رجلا‏.‏ فلما رأت قريش النبي صلى الله عليه وسلم قد امتنع بعمه وعشيرته وأنهم لا يسلمونه طفقوا يرمونه عند الناس ممن يفد على مكة بالسحر والكهونة والجنون والشعر يرومون بذلك صدهم عن الدخول في دينه‏.‏ ثم انتدب جماعة منهم لمجاهرته صلى الله عليه وسلم بالعداوة والأذى منهم عمه أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب أحد المستهزئين وابن عمه أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وعقبة بن أبي معيط أحد المستهزئين وأبو سفيان من المستهزئين والحكم بن أبي العاص بن أمية من المستهزئين أيضاً‏.‏ والنضر بن الحرث من بني عبد الدار والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى من المستهزئين وابنه زمعة وأبو البختري العاص بن هشام والأسود بن عبد يغوث وأبو جهل بن هشام وأخوهما العاص وعمهما الوليد وابن عمهم قيس بن الفاكه بن المغيرة وزهير بن أبي أمية بن المغيرة والعاص بن وائل السهمي وابنا عمه نبيه ومنبه ابنا الحجاج وأمية وأبي ابنا خلف بن جمح‏.‏ وأقاموا يستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويتعرضون له بالاستهزاء والإذاية حتى لقد كان بعضهم ينال منه بيده‏.‏ وبلغ عمه حمزة يومأ أن أبا جهل بن هشام تعرض له يوما بمثل ذلك وكان قوي الشكيمة‏.‏ فلم يلبث أن جاء إلى المسجد وأبو جهل في نادي قريش حتى وقف على رأسه وضربه وشجه وقال له‏:‏ تشتم محمداً وأنا على دينه وثار رجال بني مخزوم إليه فصدهم أبو جهل وقال‏:‏ دعوه فإني سببت ابن أخيه سباً قبيحاً‏.‏ ومضى حمزة على إسلامه وعلمت قريش أن جانب المسلمين قد اعتز بحمزة فكفوا بعض الشر بمكانه فيهم‏.‏ ثم اجتمعوا وبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة إلى النجاشي ليسلم إليهم من هاجر إلى أرضه من المسلمين فنكر النجاشي رسالتهما وردهما مقبوحين‏.‏ ثم أسلم عمر بن الخطاب وكان سببه إسلامه أنه بلغه أن أخته فاطمة أسلمت مع زوجها سعيد ابن عمه زيد وان خباب بن الأرت عندهما يعلمهما القرآن فجاء إليهما منكرأ وضرب أخته فشجها فلما رأت الدم قالت‏:‏ قد أسلمنا وتابعنا محمداً فافعل ما بدا لك‏!‏ وخرج إليه خباب من بعض زوايا البيت فذكره ووعظه وحضرته الانابة فقال له‏:‏ اقرأ علي من هذا القرآن‏!‏ فقرأ من سورة طه وأدركته الخشية فقال له‏:‏ كيف تصنعون إذا أردتم الإسلام‏.‏ فقالوا له‏:‏ وأروه الطهور ثم سأل عن مكان النبي صلى الله عليه وسلم فدل عليه فطرقهم في مكانهم وخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ مالك يا ابن الخطاب فقال‏:‏ يا رسول الله‏!‏ جئت مسلماً‏!‏ ثم تشهد شهادة الحق ودعاهم إلى الصلاة عند الكعبة فخرجوا وصلوا هنالك واعتز المسلمون بإسلامه‏.‏ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه‏:‏ اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين يعنيه أو أبا جهل‏.‏ فلما رأت قريش فشو الإسلام وظهوره أهمهم ذلك فاجتمعوا وتعاهدوا على بني هاشم وبني المطلب الا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم وكتبوا بذلك صحيفة وضعوها في الكعبة‏.‏ وانحاز بنو هاشم وبنو المطلب كلهم كافرهم ومؤمنهم فصاروا في شعب أبي طالب محصورين متجنبين حاشا أبي لهب فإنه كان مع قريش على قومهم‏.‏ فبقوا كذلك ثلاث سنين لا يصل إليهم شيء ممن أرادوا صلتهم إلا سراً ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل على شأنه من الدعاء إلى الله والوحي عليه متتابع إلى أن قام في نقض الصحيفة رجال من قريش كان أحسنهم في ذلك أثراً هشام بن عمرو بن الحرث من بني حسن بن عامر بن لؤي لقي زهير بن أبي أمية بن المغيرة وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب فعيره بإسلامه أخواله إلى ما هم فيه فأجاب إلى نقض الصحيفة‏.‏ ثم مضى إلى مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وذكر رحم هاشم والمطلب ثم إلى أبي البختري بن هشام وزمعة بن الأسود فأجابوا كلهم وقاموا في نقض الصحيفة‏.‏ وقد بلغهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصحيفة أكلت الأرضة كتابتها كلها حاشا أسماء الله‏.‏ فقاموا بأجمعهم فوجدوها كما قال فخروا ونقض حكمها‏.‏ ثم أجمع أبو بكر الهجرة وخرج لذلك فلقيه ابن الدغينة فرده‏.‏ ثم اتصل بالمهاجرين في أرض الحبشة خبر كاذب


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 19:54

بأن قريشاً قد أسلموا فرجع قوم منهم إلى مكة‏:‏ منهم عثمان بن عفان وزوجته وأبو حذيفة وامرأته وعبد الله بن عتبة بن غزوان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف ومصعب بن عمير وأخوه والمقداد بن عمر وعبد الله بن مسعود وأبو سلمة بن عبد الأسد وامرأته أم المؤمنين وسلمة بن هشام بن المغيرة وعمار بن ياسر وبنو مظعون‏:‏ عبد الله وقدامة وعثمان وابنه السائب وخنيس بن حذافة وهشام بن العاص وعامر بن ربيعة وامرأته وعبد الله بن مخرمة من بني عامر بن لؤي وعبد الله بن سهل بن السكران بن عمرو وسعد بن خولة وأبو عبيدة بن الجراح وسهيل بن بيضاء وعمرو بن أبي سرح فوجدوا المسلمين بمكة على ما كانوا عليه مع قريش من الصبر على أذاهم ودخلوا إلى مكة بعضهم مختفياً وبعضهم بالجوار وأقاموا إلى أن كانت الهجرة إلى المدينة بعد أن مات بعضهم بمكة‏.‏ الأذى والاستهزاء ثم هلك أبو طالب وخديجة وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين فعظمت المصيبة وأقدم عليه سفهاء قريش بالإذاية والاستهزاء وإلقاء القاذورات في مصلاه فخرج إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام والنصرة والمعونة‏.‏ وجلس إلى عبد ياليل بن عمر بن عمير وأخويه مسعود وحبيب وهم يومئذ سادات ثقيف وأشرافهم وكلمهم فأساءوا الرد ويئس منهم فأوصاهم بالكتمان فلم يقبلوا وأغروا به سفهاءهم فاتبعوه حتى ألجأوه إلى حائط عتبة وشيبة ابني ربيعة فأوى إلى ظله حتى اطمأن ثم رفع طرفه إلى السماء يدعو‏:‏ اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين‏.‏ أنت رب المستضعفين أنت ربي إلى من تكلني‏!‏ إلى بغيض يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري‏.‏ إن لم يكن بها علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي‏.‏ أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك‏.‏ ولما انصرف من الطائف إلى مكة بات بنخلة وقام يصلي من جوف الليل فمر به نفر من الجن سمعوا القرآن ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة في جوار المطعم بن عدي بن نوفل بعد أن عرض ذلك على غيره من رؤساء قريش فاعتذروا بما قبله منهم‏.‏ ثم قدم عليه الطفيل بن عمرو الدوسي فأسلم ودعا قومه فأسلم بعضهم ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله له علامة للهداية فجعل لوجهه نوراً ثم دعا له فنقله إلى سوطه وكان يعرف بذي النور‏.‏ الإسراء قال ابن حزم‏:‏ ثم كان الاسراء إلى بيت المقدس ثم إلى السماوات ولقي من لقي من الأنبياء ورأى جنة المأوى وسدرة المنتهى في السماء السادسة وفرضت الصلاة في تلك الليلة‏.‏ وعند الطبري‏:‏ الاسراء وفرض الصلاة كان أول الوحي‏.‏ ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على وفود العرب في الموسم يأتيهم في منازلهم ليعرض عليهم الإسلام ويدعوهم إلى نصرة ويتلو عليهم القرآن‏.‏ وقريش مع ذلك يتعرضون لهم بالمقابح إن يقبلوا منهم وأكثرهم في ذلك أبو لهب‏.‏ وكان من الذين عرض عليهم في الموسم بنو عامر بن صعصعة بن مضر وبنو شيبان وبنو حنيفة من ربيعة وكندة من قحطان وكلب من قضاعة وغيرهم من قبائل العرب‏.‏ فكان منهم من يحسن الاستماع والعذر ومنهم من يعرض ويصرح بالإذاية ومنهم من يشترط الملك الذي ليس هو من سبيله‏.‏ فيرد صلى الله عليه وسلم الأمر إلى الله ولم يكن فيهم أقبح رداً من بني حنيفة وقد ذخر الله الخير في ذلك كله للأنصار‏.‏ فقدم سويد بن الصامت أخو بني عمرو بن عوف بن الأوس فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فلم يبعد ولم يجب وانصرف إلى المدينة فقتل في بعض حروبهم وذلك قبل بعاث‏.‏ ثم قدم بمكة أبو الحيسر أنس بن رافع في فتية من قومه من بني عبد الأشهل يطلبون الحلف فدعاهم


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 19:55

رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فقال إياس بن معاذ منهم وكان شاباً حدثأ‏:‏ هذا والله خير مما جئنا له‏!‏ فانتهره أبو الحيسر فسكت‏.‏ ثم انصرفوا إلى بلادهم ولم يتم لهم الحلف ومات إياس فيقال انه مات مسلماً‏.‏ ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر من الخزرج وهم‏:‏ أبو أمامة أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار وعوف بن الحرث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم وهو ابن عفراء ورافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زيد بن مالك بن غضبة بن جشم بن الخزرج وطبقة بن عامر بن حيدرة بن عمر بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن مراد بن يزيد بن جشم وعقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن خزام بن كعب بن غنم بن سلمة وجابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان بن سلمة بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وكان من صنع الله لهم أن اليهود جيرانهم كانوا يقولون‏:‏ إن نبياً يبعث وقد أظل زمانه فقال بعضهم لبعض‏:‏ هذا والله النبي الذي تحدثكم به اليهود فلا يسبقونا إليه‏.‏ فآمنوا وأسلموا وقالوا إنا قد قدمنا بينهم حروباً فننصرف وندعوهم إلى ما دعوتنا إليه‏!‏ فعسى الله أن يجمع كلمتهم بك فلا يكون أحد أعز منك فانصرفوا إلى المدينة ودعوا إلى الإسلام حتى فشا فيهم‏.‏ ولم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ العقبة الأولى حتى إذا كان من العام القابل قدم مكة من الأنصار اثنا عشر رجلا‏:‏ منهم خمسة من الستة الذي ذكرنا وهم من عدي وجابر بن عبد الله فإنه لم يحضرها‏.‏ وسبعة من غيرهم وهم‏:‏ معاذ بن الحرث أخو عوف بن الحرث المذكور وقيل‏:‏ إنه ابن عفراء وذكوان ابن عبد قيس بن خالدة وخالد بن مخلد بن عامر بن زريق وعبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهد بن ثعلبة بن صرمة بن أصرم بن عمرو بن عبادة بن عصيبة من بني حبيب والعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف هؤلاء عشرة من الخزرج‏.‏ ومن الأوس‏:‏ أبو الهيثم مالك بن التيهان وهو من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحرث بن الخزرج بن عمر بن ملك بن أوس وعويم بن ساعدة من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بن حارثة فبايع هؤلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقبة على بيعة النساء وذلك قبل أن يفرض الحرب على الطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أن لا يشركوا بالله شيئاً ولا يسرقوا ولا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم ولا يفتروا الكذب‏.‏ فلما حان انصرافهم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم ابن مكتوم ومصعب بن عمير يدعوهم إلى الإسلام ويعلم من أسلم منهم القرآن والشرائع‏.‏ فنزل بالمدينة علم أسعد بن زرارة وكان مصعب يؤمهم وأسلم على يديه خلق كثير من الأنصار‏.‏ وكان سعد بن معاذ وأسعد بن زرارة ابنا الخالة فجاء سعد بن معاذ وأسيد بن الحصين إلى سعد بن زرارة وكان جارأ لبني عبد الأشهل فأنكرا عليه فهداهما الله إلى الإسلام وأسلم بإسلامهما جميع بني عبد الأشهل في يوم واحد الرجال والنساء‏.‏ ولم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها المسلمون رجال ونساء حاشا بني أمية بن زيد وخطمة ووائل وواقف‏:‏ بطون من الأوس وكانوا في عوالي المدينة فأسلم منهم وكان قوم سيدهم أبو قيس صيفي بن الأسلت الشاعر فوقف بهم عن الإسلام حتى كانت الخندق فأسلموا كلهم‏.‏ العقبة الثانية ثم رجع مصعب المذكور بن عمير إلى مكة وخرج معه إلى الموسم جماعة ممن أسلم من الأنصار للقاء النبي صلى الله عليه وسلم في جملة قوم منهم لم يسلموا بعد‏.‏ فوافوا مكة وواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق ووافوا ليلة ميعادهم إلى العقبة متسللين من رحالهم سراً عمن حضر من كفار قومهم وحضر معهم عبد الله بن حزام بن عمرو أبو جابر وأسلم تلك الليلة‏.‏ فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يمنعوه ما يمنعون وحضر العباس بن عبد المطلب وكان على دين قومه بعد‏.‏ وإنما توثق للنبي صلى الله عليه وسلم وكان للبراء بن معرور في تلك الأيام المقام المحمود في الإخلاص والتوثق لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أول من بايع‏.‏ وكانت عدة الذين بايعوا تلك الليلة ثلاثاً وسبعين رجلاً وامرأتين‏.‏ واختار منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم‏:‏ تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس‏.‏ وقال لهم‏:‏ انتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم وأنا كفيل على قومي‏.‏ فمن الخزرج من أهل العقبة الأولى أسعد بن زرارة ورافع بن مالك


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 19:55

وعبادة بن الصامت‏.‏ ومن غيرهم سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرىء القيس بن مالك وثعلبة بن كعب بن الخزرج وعبد الله بن رواحة بن امرىء القيس والبراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة وعبد الله بن عمرو بن حزام أبو جابر وسعد بن عبادة بن ديلم بن حارثة بن لودان بن عبد ود بن يزيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة وثلاثة من الأوس وهم أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل وسعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن الأوس ورفاعة بن عبد المنذر بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس‏.‏ فدعا قوم أبو الهيثم بن التيهان مكان رفاعة هذا والله أعلم‏.‏ ونمي الخبر إلى قريش فغدت الخلة منهم على الأنصار في رحالهم فعاتبوهم فأنكروا ذلك وحلفوا لهم‏.‏ وقال عبد الله بن أبي بن سلول‏:‏ ما كان قومي ليتفقوا على مثل هذا وأنا لا أعلمه‏!‏ فانصرفوا عنه وتفرق الناس من منى وعلمت قريش الخبر فخرجوا في طلبهم‏.‏ فأدركوا سعد بن عبادة فجاءوا به إلى مكة يضربونه ويجرونه بشعره حتى نادى بجبير بن مطعم والحرث بن أمية وكان يجيرهما ببلده فخلصاه مما كان فيه‏.‏ وقد كانت قريش قبل ذلك سمعوا صائحاً يصيح ليلاً على جبل أبي قبيس‏:‏ فإن يسلم السعدان يصبح محمد بمكة لا يخشى خلاف مخالف فقال أبو سفيان‏:‏ السعدان سعد بكر وسعد هذيم‏.‏ فلما كان في الليلة القابلة سمعوه يقول‏:‏ أيا سعد‏:‏ سعد الأوس كن أنت ناصراً ويا سعد سعد الخزرجي الغضارف أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا على الله في الفردوس منية عارف فإن ثواب الله للطالب الهدى جنان من الفردوس ذات رفارف فقال والله هذان‏:‏ سعد بن عبادة وسعد بن معاذ‏.‏ ولما فشا الإسلام بالمدينة وطفق أهلها يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة تعاقدت على أن يفتنوا المسلمين عن دينهم فأصابهم من ذلك جهد شديد‏.‏ ثم نزل قوله تعالى‏:‏ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله‏.‏ فلما تمت بيعة الأنصار على ما وصفناه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ممن هو بمكة من المسلمين بالهجرة إلى المدينة فخرجوا أرسالاً وأول من خرج أبو سلمة بن عبد الأسد ونزل في قبا ثم هاجر عامر بن ربيعة حليف بني عدي بامرأته ليلى بنت أبي خيثمة بن غانم‏.‏ ثم هاجر جميع بني جحش من بني أسد بن خزيمة ونزلوا بقبا على عكاشة بن محصن وجماعة من بني أسد حلفاء بني أمية كانت فيهم زينب بنت جحش أم المؤمنين وأختاها حمنة وأم حبيبة‏.‏ ثم هاجر عمر بن الخطاب وعباس بن أبي ربيعة في عشرين راكباً فنزلوا في العوالي في بني أمية بن زيد‏.‏ وكان يصلي لهم سالم مولى أبي حذيفة‏.‏ وجاء أبو جهل بن هشام فخادع عياش بن أبي ربيعة ورده إلى مكة فحبسوه حتى تخلص بعد حين‏.‏ ورجع وهاجر مع عمر أخوه زيد وسعيد ابن عمه زيد وصهره على بنته حفصة أم المؤمنين جحش بن حذافة السهمي وجماعة من حلفاء بني عدي نزلوا بقبا على رفاعة بن عبد المنذر من بني عوف بن عمرو‏.‏ ثم هاجر طلحة بن عبيد الله فنزل هو وصهيب بن سنان على حبيب بن أساف في بني الحرث بن الخزرج بالسلم وقيل بل نزل طلحة على أسعد بن زرارة‏.‏ ثم هاجر حمزة بن عبد المطلب ومعه زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحليفه أبو مرثد كناز بن حصن الغنوي فنزلوا في بني عمرو بن عوف بقبا على كلثوم بن الهدم ونزل جماعة من بني المطلب بن عبد مناف فيهم مسطح بن أثاثة ومعه خباب بن الأرت مولى عتبة بن غزوان في بني المسجلان بقبا‏.‏ ونزل عبد الرحمن بن عوف في رجال من المهاجرين على سعد بن الربيع في بني الحرث بن الخزرج‏.‏ ونزل الزبير بن العوام وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى على المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح في دار بني جحجبا ونزل مصعب بن عمير على سعد بن معاذ في بني عبد الأشهل‏.‏ ونزل أبو حذيفة بن عتبة ومولاه سالم وعتبة بن غزوان المازني على عباد بن بشر من بني عبد الأشهل‏.‏ ولم يكن سالم عتيق أبي حذيفة وإنما اعتقته امرأة من الأوس كانت زوجاً لأبي حذيفة اسمها بثينة بنت معاذ فتبناه ونسب إليه‏.‏ ونزل عثمان بن عفان في بني النجار على أوس أخي حسان بن ثابت‏.‏ ولم يبق أحد من المسلمين بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبو بكر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما فإنهما أقاما بأمره وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر أن يؤذن له في الهجرة‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 19:58

الهجرة
ولما علمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صار له شيعة وأنصار من غيرهم وأنه مجمع على اللحاق بهم وأن أصحابه من المهاجرين سبقوه إليهم تشاوروا ما يصنعون في أمره‏.‏ واجتمعت لذلك مشيختهم في دار الندوة‏:‏ عتبة وشيبة وأبو سفيان من بني أمية طعيمة بن عدي وجبير بن مطعم والحارث بن عامر من بني نوفل والنضر بن الحارث من بني عبد الدار وأبو جهل من بني مخزوم ونبيه ومنبه ابنا الحجاج من بني سهم أمية بن خلف من بني جمح ومعهم من لا يعد من قريش فتشاوروا في حبسة وإخراجه عنهم‏.‏ ثم اتفقوا على أن يتخيروا من كل قبيلة منهم فتى شاباً جلدأ فيقتلونه جميعاً فيتفرق دمه في القبائل ولا يقدر بنو عبد مناف على حرب جميعهم‏.‏ واستعدوا لذلك من ليلتهم وجاء الوحي بذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فلما رأى أرصدهم على باب منزله أمر علي بن أبي طالب أن ينام في فراشه ويتوشح ببرده‏.‏ ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فطمس الله تعالى على أبصارهم ووضع على رؤوسهم تراباً وأقاموا طول ليلهم‏.‏ فلما أصبحوا خرج إليهم علي فعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نجا وتواعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق واستأجر عبد الله بن أريقط الدولي من بني بكر بن عبد مناف ليدل بهما إلى المدينة وينكب عن طريق العظمى وكان كافرا وحليفاً للعاص بن وائل وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من خوخة في ظهر دار أبي بكر ليلاً وأتيا الغار الذي في جبل ثور بأسفل مكة فدخلا فيه‏.‏ وكان عبد الله بن أبي بكر يأتيهما بالأخبار وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر وراعي غنمه يريح غنمه عليهما ليلاً فيأخذا حاجتهما من لبنها واسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام‏.‏ ونقض عامر بالغنم إثر عبد الله ولما فقدته قريش اتبعوه ومعهم القائف فقاف الأثر حتى وقف عند الغار وقال‏:‏ هنا انقطع الأثر وإذا بنسج العنكبوت على فم الغار فاطمأنوا إلى ذلك ورجعوا وجعلوا مائة ناقة لمن ردهما عليهم‏.‏ ثم أتاهما عبد الله بن أريقط بعد ثلاث براحلتيهما فركبا‏.‏ وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة واتتهما أسماء بسفرة لهما وشقت نطاقها وربطت السفرة فسميت ذات النطاقين‏.‏ وحمل أبو بكر جميع ماله نحو ستة آلاف درهم ومروا بسراقة بن مالك بن جعشم فاتبعهم ليردهم‏.‏ ولما رأوه دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت قوائم فرسه في الأرض فنادى بالأمان وأن يقفوا له‏.‏ فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب له كتابأ فكتبه أبو بكر بأمره وسلك الدليل من أسفل مكة على الساحل أسفل من عسفان وأمج وأجاز قديدأ إلى العرج ثم إلى قبا من عوالي المدينة‏.‏ ووردوها قريباً من الزوال يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول وخرج الأنصار يتلقونه وقد كانوا ونزل عليه السلام بقبا على سعد بن خيثمة وقيل على كلثوم الهدم‏.‏ ونزل أبو بكر بالسخ في بني الحرث بن خزرج على حبيب بن أسد وقيل على خارجة بن زيد‏.‏ ولحق بهم علي رضي الله عنه من مكة بعد أن رد الودائع للناس التي كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزل معه بقبا‏.‏ وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم هنالك أياما ثم نهض لما أمر الله وأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد هنالك‏.‏ ورغب إليه رجال بني سليم أن يقيم عندهم وتبادروا إلى خطام ناقته اغتناماً لبركته‏.‏ فقال عليه السلام‏:‏ خلوا سبيلها فإنها مأمورة‏.‏ ثم مشى والأنصار حواليه إلى أن مر بدار بني بياضة فتبادر إليه رجالهم يبتدرون خطام الناقة‏.‏ فقال‏:‏ دعوها فإنها مأمورة‏.‏ ثم مر بدار بني ساعدة فتلقاه رجال وفيهم سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو ودعوه كذلك وقال لهم مثل ما قال للآخرين‏.‏ ثم إلى دار بني حارثة بن الخزرج فتلقاه سعد بن الربيع وخارجة بن زيد وعبد الله بن رواحة‏.‏ ثم مر ببني عدي بن النجار أخوال عبد المطلب ففعلوا وقال لهم مثل ذلك‏.‏ إلى أن أتى دار بني مالك بن النجار فبركت ناقته على باب مسجده اليوم وهو يومئذ لغلامين منهم في حجر معاذ بن عفراء اسمهما سهل وسهيل وفيه خرب ونخل وقبور للمشركين ومربد‏.‏ ولما بركت الناقة بقي على ظهرها ولم ينزل فقامت ومشت غير بعيد ولم يثنها‏.‏ ثم التفتت خلفها ورجعت إلى مكانها الأول فبركت واستقرت ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها‏.‏ وحمل أبو أيوب رحله إلى داره فنزل عليه وسأل عن المربد وأراد أن يتخذه مسجدا فاشتراه من بني النجار بعد أن وهبوه له فأبى من قبوله‏.‏ ثم أمر بالقبور فنبشت وبالنخل فقطعت وبنى المسجد باللبن وجعل عضادتيه الحجارة وسواريه جذوع النخل وسقفه الجريد وعمل فيه المسلمون حسبة لله عز وجل‏.‏ ثم وادع اليهود وكتب بينه وبينهم كتاب صلح وموادعة شرط فيه لهم وعليهم‏.‏ ثم مات أسعد بن زرارة وكان نقيباً لبني النجار فطلبوا إقامة نقيب مكانه‏.‏ فقال أنا نقيبكم ولم يخص بها منهم أحد دون أحد فكانت من مناقبهم‏.‏ ولما رجع عبد الله بن أريقط إلى مكة أخبر عبد الله بن أبي بكر بمكانه فخرج ومعه عائشة أخته وأمهما أم رومان ومعهم طلحة بن عبيد الله فقدموا المدينة وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر وبنى بها في منزل أبي بكر بالسنح‏.‏ وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع إلى نباتة وزوجته سودة بنت زمعة فحملهما إليه من مكة‏.‏ وبلغ الخبر بموت أبي أحيحة والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل من مشيخة قريش‏.‏ ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار فآخى بين جعفر بن أبي طالب وهو بالحبشة ومعاذ بن جبل وبين أبي بكر الصديق وخارجة بن زيد وبين عمر بن الخطاب وعثمان بن مالك من بني سهم وبين أبي عبيدة بن الجراح وسعد بن معاذ وبين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع وبين الزبير بن العوام وسلمة بن سلامة بن وفش وبين طلحة بن عبيد الله وكعب بن مالك وبين عثمان بن عفان وأوس بن ثابت أخي حسان وبين سعيد بن زيد وأبي بن كعب وبين مصعب بن عمير وأبي أيوب وبين أبي حذيفة بن عتبة وعباد بن بشر بن وقش من بني عبد الأشهل‏.‏ وبين عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان العنسي حليف بني عبد الأشهل وقيل بل ثابت بن قيس بن الشماس وبين أبي ذر الغفاري والمنذر بن عمرو من بني ساعدة وبين حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزى وعويم بن ساعدة من بني عمرو بن عوف وبين سلمان الفارسي وأبي الدرداء وعمير بن بلتعة من بني الحرث بن الخزرج و‏.


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 19:58

وبين بلال بن حمامة وأبي رويحة الخثعمي‏.‏ ثم فرضت الزكاة ويقال وزيد في صلاة الحاضر ركعتين فصارت أربعاً بعد أن كانت ركعتين سفراً وحضراً‏.‏ ثم أسلم عبد الله بن سلام وكفر جمهور اليهود وظهر قوم من الأوس والخزرج منافقون يظهرون الإسلام مراعاة لقومهم من الأنصار ويصرون الكفر‏.‏ وكان رئيسهم‏:‏ من الخزرج عبد الله بن أبي بن سلول والجد بن قيس ومن الأوس الحرث بن سهيل بن الصامت وعباد بن حنيف ومربع بن قيظي وأخوه أوس من أهل مسجد الضرار‏.‏ وكان قرم من اليهود أيضأ تعوذوا بالإسلام وهم يبطنون الكفر منهم‏:‏ سعد بن خنيس وزيد بن اللطيت ورافع بن خزيمة ورفاعة بن زيد بن التابوت وكنانة ن حيورتا‏.‏ الغزوات غزوة الابواء ولما كان شهر صفر بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة خرج في مائتين من أصحابه يريد قريشاً وبني ضمرة واستعمل على المدينة سعد بن عبادة فبلغ ودان والابواء ولم يلقهم‏.‏ واعترضه مخشي بن عمرو سيد بني ضمرة بن عبد مناة بن كنانة وسأله موادعة قومه فعقد له ورجع إلى المدينة ولم يلق حرباً‏.‏ وهي أول غزاة غزاها بنفسه وتسمى بالابواء وبودان المكانان اللذان انتهى إليهما وهما متقاربان بنحو ستة أميال‏.‏ وكان صاحب اللواء فيها حمزة بن عبد المطلب‏.‏ ثم بلغه أن عيراً لقريش نحو ألفين وخمسمائة فيها أمية بن خلف ومائة رجل من قريش ذاهبة إلى مكة فخرج في ربيع الآخر لاعتراضها واستعمل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون‏.‏ وقال الطبري‏:‏ سعد بن معاذ فانتهى إلى بواط ولم يلقهم ورجع إلى المدينة‏.‏ غزوة العشيرة ثم خرج في جمادى الأولى غازيأ قريشاً واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد فسلك عن جانب من الطريق إلى أن لقي الطريق بصخيرات اليمام إلى العشيرة من بطن ينبع فأقام هنالك بقية جمادى الأولى وليلة من جمادى الثانية ووادع بني مدلج‏.‏ ثم رجع إلى المدينة ولم يلق حربأ‏.‏ غزوة بدر الأولى وأقام بعد العشيرة نحو عشر ليال ثم أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة فخرج في طلبه حتى بلغ ناحية بدر وفاته كرز فرجع إلى المدينة‏.‏ البعوث وفي هذه الغزوات كلها غزا بنفسه وبعث فيما بينها بعوثاً نذكرها وفيها‏:‏ بعث حمزة بن عبد المطلب بعد الابواء بعثه في ثلاثين راكباً من المهاجرين إلى سيف البحر فلقي أبا جهل في ثلثمائة ومنها بعث عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب في ستين راكبأ وثمانين من المهاجرين فبلغ ثنية المرار ولقي بها جمعاً عظيماً من قريش كان عليهم عكرمة بن أبجهل وقيل مكرز بن حفص بن الأحنف ولم يكن بينهم قتال‏.‏ وكان مع الكفار يومئذ من المسلمين المقداد بن عمرو وعتبة بن غزوان خرجا مع الكفار ليجدا السبيل إلى اللحاق بالنبي صلى الله عليه وسلم فهربا إلى المسلمين وجاءا معهم‏.‏ وكان بعث حمزة وعبيدة متقاربين واختلف أيهما كان قبل إلا أنهما أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وقال الطبري‏:‏ ان بعث حمزة كان قبل ودان في شوال لسبعة أشهر من الهجرة ومنها بعث سعد بن أبي وقاص في ثمانية رهط من المهاجرين لطلب كرز بن جابر حين أغار على سرح المدينة فبلغ المرار ورجع‏.‏ ومنها بعث عبد الله بن جحش إثر مرجعه من يبدر الأولى في شهر رجب بعثه بثمانية من المهاجرين وهم‏:‏ أبو حذيفة بن عتبة وعكاشة بن محصن بن أسد بن خزيمة وعتبة بن غزوان بن مازن بن منصور وسعد بن أبي وقاص وعامر بن ربيعة العنزي حليف بني عدي ووافد بن عبد الله بن زيد مناة بن تميم وخالد بن البكير بن سعد بن ليث وسهيل بن مضاض بن فهر بن مالك‏.‏ وكتب له كتاباً وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير بومين ولا يكره أحداً من أصحابه فلما قرأ الكتاب بعد يومين وجد فيه أن تمضي حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف وترصد بها قريشاً وتعلم لنا من أخبارهم‏.‏ فأخبر أصحابه وقال‏:‏ حتى ننزل نخلة بين مكة والطائف ومن أحب الشهادة فلينهض ولا أستكره أحداً‏.‏ فمضوا كلهم وأضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان في بعض الطريق بعيراً لهما كانا يتعقبانه فتخلفا في طلبه ونفر الباقون إلى


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 19:59

نخلة‏.‏ فمرت بهم عير لقريش تحمل تجارة فيها عمرو بن الحضرمي وعثمان بن عبد الله بن المغيرة وأخوه نوفل والحكم بن كيسان مولاهم وذلك آخر يوم من رجب‏.‏ فتشاور المسلمون وتجرح بعضهم الشهر الحرام ثم اتفقوا واغتنموا الفرصة فيهم‏.‏ ‏.‏ فرمى واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي فقتله وأسروا عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وأفلت نوفل وقدموا بالعير والأسيرين وقد أخرجوا الخمس فعزلوه‏.‏ فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم فعلهم ذلك في الشهر الحرام فسقط في أيديهم ثم أنزل الله تعالى‏:‏ ‏"‏ .يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏"‏ الآية إلى قوله ‏"‏ حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعو[/url] ‏"‏ فسري عنهم وقبض النبي صلى الله عليه وسلم الخمس وقسم الغنيمة وحكي‏:‏ وقبل الفداء في الأسيرين وردهم الحكم بن كيسان منهما‏.‏ ورجع سعد وعتبة سالمين إلى المدينة‏.‏ وهذه أول غنيمة غنمت في الإسلام وأول غنيمة خمست في الإسلام‏.‏ وقتل عمرو بن الحضرمي هو الذي هاج وقعة بدر الثانية‏.‏ ثم صرفت القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة على رأس سبعة عشر شهراً من مقدمه المدينة‏.‏ خطب بذلك على المنبر وسمعه بعض الأنصار فقام فصلى ركعتين إلى الكعبة قاله ابن حزم‏.‏ وقيل على رأس ثمانية عشر شهراً وقيل ستة عشر ولم يقل غير ذلك‏.‏ غزوة بدر الثانية العظمى والكبرى فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى رمضان في السنة الثانية ثم بلغه أن عيراً لقريش فيها أموال عظيمة مقبلة من الشام إلى مكة معها ثلاثون أو أربعون رجلاً من قريش عميدهم أبو سفيان ومعه عمرو بن العاص ومخرمة بن نوفل فندب عليه السلام المسلمين إلى هذه العير وأمر من كان ظهره حاضراً بالخروج‏.‏ ولم يحتفل في الحشد لأنه لم يظن قتالاً واتصل خروجه بأبي سفيان فاستأجر ضمضم بن عمار الغفاري وبعثه إلى أهل مكة يستنصرهم لعيرهم فنفروا وأرعبوا إلا يسيرأ منهم‏:‏ أبو لهب‏.‏ وخرج صلى الله عليه وسلم لثمان خلون من رمضان واستخلف على الصلاة عمرو بن أم مكتوم ورد أبا لبابة من الروحاء واستعمله على المدينة‏.‏ ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير ودفع إلى علي راية وإلى رجل من الأنصار أخرى‏.‏ يقال كانتا سوداوين‏.‏ وكان مع أصحابه صلى الله عليه وسلم يومئذ سبعون بعيراً يعتقبونها فقط‏.‏ وجعل على الساقة بقيس بن أبي صعصعة من بني النجار‏.‏ وراية الأنصار يومئذ مع سعد بن معاذ فسلكوا نقب المدينة مع سعد بن معاذ إلى ذي الحليفة ثم انتهوا إلى صخيرات تمام ثم إلى بئر الروحاء‏.‏ ثم رجعوا ذات اليمين عن الطريق إلى الصفراء‏.‏ وبعث عليه السلام قبلها بسبس بن عمرو الجهني حليف بني ساعدة وعدي بن أبي الزغباء الجهني حليف بني النجار إلى بدر يتجسسون أخبار أبي سفيان وغيره‏.‏ ثم تنكب عن الصفراء يميناً وخرج على وادي دقران فبلغة خروج قريش ونفيرهم فاستشار أصحابه‏.‏ فتكلم المهاجرون وأحسنوا وهو يريد ما يقوله الأنصار وفهموا ذلك‏.‏ فتكلم سعد بن معاذ وكان فيما قال‏:‏ لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك فسر بنا يا رسول الله على بركة الله فسر بذلك وقال‏:‏ سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين‏.‏ ثم ارتحلوا من دقران إلى قريب من بدر وبعث علياً والزبير وسعداً في نفر يلتمسون الخبر فأصابوا غلامين لقريش فأتوا بهما وهو عليه الصلاة والسلام قائم يصلي وقالوا‏:‏ نحن سقاة قريش‏!‏ فكذبوهما كراهيةً في الخبر ورجاء أن يكونا من العير للغنيمة وقلة المؤنة فجعلوا يضربونهما فيقولان‏:‏ نحن من العير‏.‏ فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكر عليهم وقال للغلامين‏:‏ أخبراني أين قريش‏.‏ فأخبراه أنهم وراء الكثيب وإنهم ينحرون يوماً عشراً من الإبل ويوماً تسعاً‏.‏ فقال عليه السلام‏:‏ القوم بين التسعمائة والألف‏.‏ وقد كان بسبس وعدي الجهنيان مضيا يتجسسان الأخبار حتى نزلا بدراً وأناخا قرب الماء واستقيا في شن لهما ومجدي بن عمرو سيد جهينة بقربهما‏.‏ فسمع عدي جاريةً من جواري الحي


عدل سابقا من قبل محمد منسى في الخميس 8 مايو 2008 - 20:02 عدل 1 مرات
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 20:00

تقول لصاحبتها‏:‏ العير تأتي غداً أو بعد غد فاعمل لهم واقضيك الذي لك‏.‏ وجاءت إلى مجدي بن عمرو فصدقها‏.‏ فرجع بسسس وعدي بالخبر وجاء أبو سفيان بعدهما يتجسس الخبر‏.‏ فقال لمجدي هل أحسست أحداً‏.‏ فقال‏:‏ راكبين أناخا فيما يلي هذا التل فاستقيا الماء ونهضا‏.‏ فأتى أبو سفيان مناخهما وفتت من أبعار رواحلهما فقال‏:‏ هذه والله علائف يثرب فرجع سريعاً وقد حفر وتنكب بالعير إلى طريق الساحل فنجا وأوصى إلى قريش بأنا قد نجونا بالعير فارجعوا‏!‏ فقال أبو جهل‏:‏ والله لا نرجع حتى نرد ماء بدر ونقيم به ثلاثأ وتهابنا العرب أبداً‏.‏ ورجع الأخنس بن شريق بجميع بني زهرة وكان حليفهم ومطاعاً فيهم وقال‏:‏ إنما خرجتم تمنعون أموالكم وقد نجت فرجعوا‏.‏ وكان بنو عدي لم ينفروا مع القوم فلم يشهد بدراً من قريش عدوي ولا زهري‏.‏ وسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً إلى ماء بدر وثبطهم عنه مطر نزل وبله مما يليهم وأصاب المسلمين دهس الوادي وأعانهم على السير‏.‏ فنزل عليه السلام على أدنى ماء من مياه بدر إلى المدينة فقال له الحباب بن المنذر بن عمرو بن الجموح‏:‏ آلله أنزلك بهذا المنزل فلا نتحول عنك أم قصدت الحرب والمكيدة فقال عليه السلام‏:‏ لا بل هو الرأي والحرب‏!‏ فقال يا رسول الله‏:‏ ليس هذا بمنزل وإنما تأتي أدنى ماء من القوم فننزله ونبني عليه حوضأ فنملؤه ونغور القلب كلها فنكون قد منعناهم الماء‏.‏ فاستحسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بنوا له عريشاً يكون فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتيه من ربه النصر يريهم مصارع القوم واحداً واحداً‏.‏ ولما نزل قريش مما يليهم بعثوا عمير بن وهب الجمحي يجذر لهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا ثلثماثة وبضعة عشر رجلا فيهم فارسان‏:‏ الزبير والمقداد‏.‏ فجذرهم وانصرف وخبرهم الخبر‏.‏ ورام حكيم بن حزام وعتبة بن ربيعة أن يرجعا بقريش ولا يكون الحرب فأبى أبو جهل وساعده المشركون وتواقفت الفئتان‏.‏ وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف بيده ورجع إلى العريش ومعه أبو بكر وحده وطفق يدعو ويلح وأبو بكر يقاوله ويقول في دعائه‏:‏ ‏"‏ اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض اللهم أنجز لي ما وعدتني ‏"‏‏.‏ وسعد بن معاذ وقوم معه من الأنصار على باب العريش يحمونه وأخفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انتبه فقال‏:‏ أبشر يا أبا بكر فقد أتى نصر الله‏.‏ ثم خرج يحرض الناس ورمى في وجوه القوم بحفنة من حصى وهو يقول‏:‏ شاهت الوجوه‏.‏ ثم تزاحفوا فخرج عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد يطلبون البراز فخرج إليهم عبيدة بن الحرث وحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب‏.‏ فقتل حمزة وعلي شيبة والوليد وضرب عتبة عبيدة فقطع رجله فمات‏.‏ وجاء حمزة وعلي إلى عتبة فقتلاه‏.‏ وقد كان برز إليهم عوف ومعوذ إبنا عفراء وعبد الله بني رواحة من الأنصار فأبوا إلا قومهم‏.‏ وجال القوم جولة فهزم المشركون وقتل منهم يومئذ سبعون رجلاً‏.‏ فمن مشاهيرهم‏:‏ عتبة وشيبة إبنا ربيعة والوليد بن عتبة وحنظلة بن سفيان بن حرب وإبنا سعيد بن العاص عبيدة والعاص والحرث بن عامر بن نوفل وإبن عمه طعيمة بن عدي وزمعة بن الأسود وإبنه الحرث وأخوه عقيل بن الأسود وابن عمه أبو البحتري بن هشام ونوفل بن خويلد بن أسد وأبو جهل بن هشام‏.‏ اشترك فيه معاذ ومعوذ إبنا عفراء وجده عبد الله بن مسعود وبه رمق فحز رأسه وأخوة العاص بن هشام وابن عمهما مسعود بن أمية وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة وابن عمه أبو قيس بن الفاكه ونبيه ومنبه ابنا الحجاج والعاص والحراث ابنا منبه وأمية بن خلف وابنه علي وعمير بن عثمان عم طلحة‏.‏ وأسر العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث بن عبد المطلب والسائب بن عبد العزيز من بني المطلب وعمرو بن أبي سفيان بن حرب وأبو العاص بن الربيع وخالد بن أسيد بن أبي العيص وعدي بن الخيار من بني نوفل‏.‏ وعثمان بن عبد شمس ابن عم عتبة بن غزوان وأبو عزيز أخو مصعب بن عمير وخالد بن هشام بن المغيرة وابن عمه رفاعة بن أبي رفاعة وأمية بن أبي خذيفة بن المغيرة والوليد بن الوليد أخو خالد وعبد الله وعمرو ابنا أبي بن خلف وسهيل بن عمرو في آخرين مذكورين في كتب السير‏.‏ واستشهد من المسلمين‏:‏ من المهاجرين‏:‏ عبيدة بن الحارث بن المطلب عمير بن أبي وقاص وذو الشمالين عبد عمرو بن نضلة الخزاعي حليف بني زهرة وصفوان بن بيضاء من بني الحرث بن فهر ومهجع مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصابه سهم فقتله‏.‏ وعاقل


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 20:00

بن البكير الليثي حليف بني عدي من الأنصار‏.‏ ثم من الأوس سعد بن خيثمة ومبشر بن عبد المنذر‏.‏ ومن الخزرج يزيد بن الحارث بن الخزرج وعمير بن الحمام بن بني سلمة سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحض على الجهاد ويرغب في الجنة وفي يده ثمرات يأكلهن‏.‏ فقال‏:‏ بخ بخ أما بيني وبين الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ثم رمى بهن وقاتل حتى قتل‏.‏ ورافع بن المعلى من بني حبيب بن عبد حارثة وحارثة بن سراقة من بني النجار وعوف ومعوذ ابنا عفراء‏.‏ ثم انجلت قريش الحرب وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى المشركين فسحبوا إلى القليب وطم عليهم التراب‏.‏ وجعل على النفل عبد الله بن كعب بن عمرو بن مقدول بن عمر ابن غنم بن مازن بن النجار‏.‏ ثم انصرف إلى المدينة فلما نزل الصفراء قسم الغنائم كما أمرى الله وضرب عنق النضر بن كلدة من بني عبد الدار‏.‏ ثم نزل عرق الظبية فضرب عنق عقبة ابن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية وكان في الاسارى ومر إلى المدينة فدخلها لثمان بقين من رمضان‏.‏ غزوة الكرز وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه إلى المدينة إجتماع غطفان فخرج يريد بني سليم بعد سبع ليال من منصرفه واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري أو ابن أم مكتوم‏.‏ فبلغ ماء يقال له الكرز وأقام عليه ثلاثة أيام ثم انصرف ولم يلق حرباً‏.‏ وقيل أنه أصاب من نعمهم ورجع بالغنيمة وإنه بعث غالب بن عبد الله الليثي في سرية فنالوا منهم وانصرفوا بالغنيمة‏.‏ وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحجة وفدى رسول صلى الله عليه وسلم في أكثر أسارى بدر‏.‏ غزوة السويق ثم إن أبا سفيان لما انصرف من بدر نذر أن يغزو المدينة فخرج في مائتي راكب حتى أتى بني النضير ليلاً فتوارى عنه حيي بن أخطب ولقيه سلام بن مشكم وقراه وأعلمة بخبر الناس‏.‏ ثم رجع ومر باطراف المدينة فحرق نخلاً وقتل رجلين في حرث لهما‏.‏ فنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون واستعمل على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر وبلغ الكرز وفاته أبو سفيان والمشركون وقد طرحوا سويقا من أزوادهم ليتحففوا فأخذها المسلمون‏.‏ فسميت لذلك غزوة السويق وكانت في ذي الحجة بعد بدر بشهرين‏.‏ ذي أمر ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر المحرم غازيا غطفان واستعمل على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه فأقام بنجد صفر وانصرف ولم يلق حربا‏.‏ نجران‏:‏ ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر ربيع الأول يريد قريشاً واستخلف ابن أم مكتوم فبلغ نجران معدناً في الحجاز ولم يلق حرباً‏.‏ وأقام هناك إلى جمادى الثانية من السنة الثالثة وانصرف إلى المدينة‏.‏ قتل كعب بن الاشرف وكان كعب بن الاشرف رجلا من طيء وأمه من يهود بني النضير‏.‏ ولما أصيب أصحاب بدر وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة مبشرين إلى المدينة جعل يقول‏:‏ ويلكم أحق هذا وهؤلاء أشراف العرب وملوك الناس وإن كان محمد أصاب هؤلاء فبطن الأرض خير من ظهرها‏.‏ ثم قدم مكة ونزل على المطلب بن أبي وداعة السهمي وعنده عاتكة بنت أشيد بن أبي العيص بن أمية‏.‏ فجعل يحرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينشد الأشعار ويبكي على أصحاب القليب‏.‏ ثم رجع إلى المدينة فشبب بعاتكة ثم شبب بنساء المسلمين‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقتل كعب بن الأشرف فانتدب لذلك محمد بن مسلمة وملكان بن سلامة بن وقش وأبو نائلة من بني عبد الأشهل أخو كعب من الرضاعة وعباد بن بشر بن وقش بن بشر بن معاذ وأبو عبس بن جبر من بني حارثة‏.‏ وتقدم إليه ملكان بن سلامة وأظهر له انحرافاً عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أذن منه وشكا إليه ضيق الحال‏.‏ ورام أن يبيعه وأصحابه طعاماً ويرهنون سلاحهم‏.‏ فأجاب إلى ذلك ورجع إلى أصحابه‏.‏ فخرجوا وشيعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الفرقد في ليله قمراء وأتوا كعباً فخرج إليهم من حصنه ومشوا غير بعيد ثم وضعوا عليه سيوفهم‏.‏ ووضع محمد بن مسلمة معولاً كان معه في ثنته فقتله‏.‏ وصاح عدو الله صيحة شديدة انذعر لها أهل الحصون التي حواليه وأوقدوا النيران ونجا القوم وقد جرح منهم الحرث بن أوس ببعض سيوفهم فنزفه الدم وتأخر‏.‏ ثم وافاهم بجرة العريض آخر الليل وأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي وأخبروه وتفل على جرع الحرث فبرىء‏.‏ وأذن للمسلمين في قتل اليهود لما بلغه أنهم خافوا من هذه الفعلة وأسلم حينئذ حويصة بن مسعود وقد كان أسلم قبله أخوه محيصة بسبب قتل بعضهم‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 20:02

غزوة بني قينقاع
وكان بنو قينقاع لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر وقف بسوق بني قينقاع في بعض الأيام فوعظهم وذكرهم ما يعرفون من أمره في كتابهم وحذرهم ما أصاب قريشاً من البطشة فأساءوا الرد وقالوا‏:‏ لا يغرنك أنك لقيت قوماً لا يعرفون الحرب فأصبحت منهم‏!‏ والله لئن حاربتنا لتعلمن أنا نحن الناس‏.‏ فانزل الله تعالى‏:‏ ‏"‏ وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء ‏"‏‏.‏ وقيل بل قتل مسلم يهوديًا بسوقهم في حق فثاروا على المسلمين ونقضوا العهد ونزلت الآية‏.‏ فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعمل على المدينة بشير بن عبد المنذر وقيل أبا لبابة وكانوا في طرف المدينة في سبعمائة مقاتل منهم ثلاثمائة دارع‏.‏ ولم يكن لهم زرع ولا نخل إنما كانوا تجاراً وصاغة يعملون بأموالهم وهم قوم عبد الله بن سلام‏.‏ فحصرهم عليه السلام خمس عشرة ليلة لا يكلم أحداً منهم حتى نزلوا على حكمة فكتفهم ليقتلوا فشفع فيهم عبد الله بن أًبَي بن سلول وألح في الرغنة حتى حقن له رسول الله صلى الله عليه وسلم دماءهم‏.‏ ثم أمر بإجلائهم وأخذ ما كان لهم من سلاح وضياع‏.‏ وأمر عَبادة بن الصامت فمضى بهم إلى ظاهر ديارهم ولحقوا بخيبر‏.‏ وأخذ رسول الله الخمس من الغنائم وهو أول خمس أخذه ثم انصرف إلى المدينة وحضر الأضحى فصلى بالناس في الصحراء وذبح بيده شاتين ويقال أنهما أول أضحيته صلى الله عليه وسلم‏.‏ سريه زيد بن حارثة إلى قرده وكانت قريش من بعد بدر قد تخوَفوا من اعتراض المسلمين عِيرَهم في طريق الشام فصاروا يسلكون طريق العراق‏.‏ وخرج منهم تجار فيهم أبو سفيان بن حرب وصفوان بن أمية واستجاروا بفرات بن حيان بن بكر بن وائل فخرج بهم في الشتاء وسلك بهم على طريق العراق‏.‏ وانتهى خبر العير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وما فيها من المال وآنية الفضة فبعث زيد بن حيان العِجْليّ أسيراً فتعوذ بالإسلام وأسلم‏.‏ وكان خمس هذه الغنيمة عشرين ألفأ‏.‏ قتل ابي الحقيق كان سلام بن أبي الحُقَيْقِ هذا من يهود خيبر وكنيته أبو رافع‏.‏ وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويُحَزًبُ عليهم الأحزاب مثلاً وقريباً من كعب بنِ الأشرف‏.‏ وكان الأوس والخزرج يتصاولان تصاول الفحلين في طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والذَبّ عنه والنيل من أعدائه لا يفعل أحد القبيلتين شيئاً إلا فعل الآخرون مثله‏.‏ وكان الأوس قد قتلوا كعب بن الأشرف‏.‏ كما ذكرناه فاستأذن الخزرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل ابن أبي الحقيق نظير ابن الأشرف في الكفر والعداوة‏.‏ فأذن لهم فخرج إليهم من الخزرج ثم من بني سلمة ثمانية نفر منهم‏:‏ عبد الله بن عقيل ومُسْعر بن سِنان وأبو قَتَادةَ والحرث بن رَبَعي الخزاعي من حلفائهم في آخرين‏.‏ وأمر عليهم عبد الله بن عقيل ونهاهم أن يقتلوا وليداً أو إمرأة وخرجوا في منتصف جمادى الآخرة من سنة ثلاث فقدموا خيبر وأتوا دار ابن أبي الحقيق في علية له بعد أن انصرف عنه عميرة ونام وقد أغلقوا الأبواب بعد أن أتموا كلما عليهم ونادوه ليعرفوا مكانه بصوته‏.‏ ثم تعاوروه بسيوفهم حتى قتلوه وخرجوا من القصر وأقاموا ظاهرة حتى قام الناعي على سور القصر فاستيقنوا موته وذهبوا إلى رسول صلى الله عليه وسلم بالخبر‏.‏ وكان أحدهم قد سقط من دَرَج العلِّيه فأصابه كسر في ساقه فمسح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرئت‏.‏ غزوة أحد وكانت قريش بعد واقعة بدر قد توامروا وطلبوا من أصحاب العير أن يعينوهم بالمال ليتجهزوا به لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعانوهم وخرجت قريش بأحابيشها وحلفائها‏.‏ وذلك في شوال من سنة ثلاث واحتملوا الظعن إلتماساً للحفيظة وأن لا يَفِروا وأقبلوا حتى نزلوا ذا الحُلَيْفَةِ قرب أُحُد ببطن السَبْخَةِ مقابل المدينة على شفير واد هناك‏.‏ وذلك في رابع شوال وكانوا في ثلاثة آلاف‏:‏ منهم سبعمائة دارع ومائتا فرس وقائدهم أبو سفيان ومعهم خمس عشرة إمرأة بالدفوف يبكين قتلى بدر‏.‏ وأشار صلى الله عليه وسلم على أصحابه بأن يتحصنوا بالمدينة ولا يخرجوا وإن جاءوا قاتلوهم على أفواه الأزِقَّةِ وافق ذلك على رأي عبد الله بن أُبي بن سلول وألحّ قوم من فضلاء المسلمين ممن أكرمه الله بالشهادة فلبس لامته وخرج‏.‏ وقدم أولئك الذين ألحوا عليه وقالوا‏:‏ يا رسول الله إن شئت فاقعد فقال‏:‏ ما ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى يقاتل‏.‏ وخرج في ألف من أصحابه واستعمل ابن أم مكتوم على الصلاة ببقية المسلمين بالمدينة‏.‏ فلما صار بين المدينة وأُحُدٍ انخذل عنه عبد الله بن أُبَيّ في ثلث الناس مغاضباً لمخالفة رأيه في المقام‏.‏ وسلك رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم حَرةَ بني حارثة ومرّ بين الحوائط وأبو خَيْثَمَة من بني حارثة يدلّ به حتى نزل الشِعْبَ من أحد مستنداً إلى الجبل‏.‏ وقد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع المسلمين وتهيَّأ للقتال في سبعمائة فيهم خمسون فارساً وخمسون رامياً‏.‏ وأمٌرَ على الرماة عبد اللّه بن جبير من بني عمرو بن عَوْف والأوس أخو خُوات ورتبهم خلف الجيش ينضحون بالنبل لئلا يأتوا المسلمين من خلفهم‏.‏ ودفع اللواء إلى مُصْعَبَ بن عُمَيْر من بني عبد الدار وأجاز يومئذ


عدل سابقا من قبل محمد منسى في الخميس 8 مايو 2008 - 20:06 عدل 1 مرات
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 20:03

سَمُرَة بن جُنْدُبَ الفزاري ورافع بن خديج من بني حارثة في الرماة وكسِنَّاهُما خمسة عشر عامأ‏.‏ وردّ أسامة بن زيد وعبد اللّه بن عمر بن الخطاب‏.‏ ومن بني مالك بن النجار زيد بن ثابت وعمرو بن حرام ومن بني حارثة البَرّاء بن عازب وأسيد بن ظهير‏.‏ ورد عِرابَةَ بن أوس وزيد بن أرقم وأبا سعيد الخدْرِيّ وسن جميعهم يومئذ أربعة عشر عاماً‏.‏ وجعلت قريش على ميمنة الخيل خالد بن الوليد وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل‏.‏ وأعطى عليه السلام سيفه إلى أبي دجانة سماك بن خَرْشَةَ من بني ساعِدة وكان شجاعاً بطلاً يختال عند الحرب‏.‏ وكان مع قريش ذلك اليوم والد حنظلة غسيل الملائكة أبو عامر عبد الله عمرو بن صيفي بن مالك بن النعمان من ضُبَيْعَةَ وكان في الجاهلية قد ترهب وتنسك‏.‏ فلما جاء الإسلام غلب عليه الشقاء وفر إلى مكة في رجال من الأوس وشهد أُحُدَ مع الكفار‏.‏ وكان يعد قريش في انحراف الأوس إليه لِمَا أنه سيدهم فلم يصدق ظنه‏.‏ ولما ناداهم وعرفوه قالوا‏:‏ لا أنعم الله لك علينا يا فاسق‏!‏ فقاتل المسلمين قتالاً شديداً وأبلى يومئذ حمزةُ وطلحة وشيبةُ وأبو دجَانَة والنضر بن أنس بلاءً شديداً‏.‏ وأصيب جماعة من الأنصار مقبلين غير مدبرين واشتد القتال وانهزم قريش أولا فخلت الرماة عن مراكزهم‏.‏ وكرّ المشركون كرة وقد فقدوا متابعة الرماة فانكشف المسلمون واستشهد منهم من أكرمه الله ووصل العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وقاتل مصعب بن عُمَيْر صاحب اللواء دونه حتى قتل وجرح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه وكسرت رباعيتُة اليمنى السفلى بحجر وهشمت البيضة في رأسه‏.‏ يقال إن الذي تولى ذلك عتبةُ بن أبي وقَّاص وعمرو بن قُمَيْئَةَ اللَيثي‏.‏ وشد حنظلة الغسيل على أبي سفيان ليقتله فاعترضه شداد بن الأسود الليثي من شعوب فقتله وكان جُنُباً‏.‏ فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة غسلته‏.‏ وأكبت الحجارة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سقط من بعض حفر هنالك فأخذ علي بيده واحتضنه طلحة حتى قام‏.‏ ومصّ الدم من جرحه مالك بن سنان الخدري والد أبي سعِيد ونشبت حَلْقَتان من حَلَقِ المِغْفَر في وجهه صلى الله عليه وسلم فانتزعهما أبو عبيدة بن الجَراح وعضَ عليهما فندرت ثنايتاه فصار أهتم‏.‏ ولحق المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرّ دونه نفر من المسلمين فقتلوا كلهم‏.‏ وكان آخرهم عمار بن يزيد بن السكن‏.‏ ثم قاتل طلحة حتى أجْهَضَ المشركين وأبو دجانة يقي النبي صلى الله عليه وسلم بظهرة وتقع فيه النبل فلا يترك‏.‏ واصيبت عين قتادة بن النعمان من بني ظفر فرجع وهو على وجنته فردها عليه السلام بيده فصحت وكانت أحسن وانتهى النضرُ بن أنس إِلى جماعة من الصحابة وقد دهشوا وقالوا‏:‏ قتل رسول الله صلى الله عليه وسلمِ‏.‏ فقال‏:‏ فما تصنعون في الحياة بعده‏!‏ قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم استقبل الناس وقاتل حتى قتل ووجد به سبعون ضربة‏.‏ وجرح يومئذ عبد الرحمن بن عوف عشرين جِرَاحَةً بعضها في رجله فعرج منها وقتل حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم قتله وحشي مولى جُبَيْرٍ بن مطعِم بن عدي وكان قد جاء له على ذلك بعتقه فرآه سبَّاع بن عبد العُزى فرماه بحربته من حيث لا يشعر فقتله‏.‏ ونادى الشيطان‏.‏ ألا إن محمداً قد قتل لأن عمرو بن قُمَيْئَة كان قد قتل مصعب بن عمير يظن أنه النبي صلى الله عليه وسلم وضربته أم عمارة نسيبة بنت كعب من بني مازِنَ ضربات فتوفي منها بدِرْعَيْه وخشع المسلمون لما أصابه ووهنوا لصريخ الشيطان‏.‏ ثم إن كعب بن مالك الشاعر من بني سلمة عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى بأعلى صوته يبشر الناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له انصت‏:‏ فاجتمع عليه المسلمون ونهضوا معه نحو الشعب فيهم أبو بكر وعُمَرُ والزُبَيْرُ والحرث بن الصَفة الأنصاري وغيرهم‏.‏ وأدركه أُبَيُ بن خلف في الشعب فتناول صلى الله عليه وسلم الحربة من الحرث بن الصمة وطعنه بها في عنقه‏.‏ فكر أُبَيُ


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 20:03

مُنهزماً وقال له المشركون‏:‏ ما بك من بأس‏!‏ فقال‏:‏ والله لو بصق علي لقتلني وكان صلى الله عليه وسلم قد توعده بالقتل فمات عدوّ الله بسرف مرجعهم إلى مكة‏.‏ ثم جاء علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء فغسل وجهه ونهض فاستوى على صخرة من الجبل وحانت الصلاة فصلى بهم قعوداً‏.‏ وغفر الله للمنهزمين من المسلمين ونزل‏:‏ ‏"‏ إن الذين تَوَلوا منكم يوم التقى الجمعانَ إنما استزلهم ‏"‏ الأية‏.‏ وكان منهم عثمان بن عفان وعثمان بن أبي عقبة الأنصاري واستشهد في ذلك اليوم حمزة كما ذكرنا وعبد الله بن جحش ومصعب بن عمير خمسة وستين معظمهم من الأنصار‏.‏ وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفنوا بدمائهم وثيابهم في مضاجعهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم‏.‏ وقتل من المشركين إثنان وعشرون منهم الوليد بن العاص بن هشام وأبو أمية بن أبي حُذَيْفَةَ بن المُغِيرَةَ وهشام بن أبي حذيفة بن المغيرة وأبو عزة عمرو بن عبد الله بن جمح‏.‏ وكان أُسِر َيوم بدر فمن عليه وأطلقه بلا فداء على أن لا يعين عليه فنقض العهد وأسر يوم أُحُد وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقه صَبْراً‏.‏ وأُبَي بن خَلَف قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده‏.‏ وصعد أبو سفيان الجبل حتى أطل على رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه ونادى بأعلى صوته‏:‏ الحرب سجال‏!‏ يوم أُحُد بيوم بدر أعل هبل‏.‏ وانصرف وهو يقول‏:‏ موعدكم العام القابل‏.‏ فقال عليه السلام‏:‏ قولوا له هو بيننا وبينكم‏.‏ ثم صار المشركون إلى مكة ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة وكانت هند وصواحبتها قد جدّ عنه وبقرن عن كبده فلاكتها ولم تُسِغْها‏.‏ ويقال أنه لما رأى ذلك في حمزة قال‏:‏ لئن أظفرني الله بقريش لأمثلنّ بثلاثين منهم‏.‏ ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة‏.‏ ويقال‏:‏ أنه قال لعليّ‏:‏ لا يصيب المشركون منا مثلها حتى يفتح الله علينا‏.‏ غزوة حمراء الاسد ولما كان يوم أُحُد سادس عشر شوال وهو صبيحة يوم أُحد أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج لطلب العدوّ وأن لا يخرج إلا من حضر معه بالأمس‏.‏ وفسح لجابر بن عبد الله ممن سواهم فخرج وخرجوا على ما بهم من الجهد والجراح‏.‏ وصار عليه السلام متجلَداً مرهباً للعدوّ وانتهى إلى حمراء الأسد على ثمانية أميال من المدينة وقام بها ثلاثاً ومر به هناك معبد بن أبي معبد الخزاعي سائراً إلى مكة‏.‏ ولقي أبا سفيان وكفار قريش بالروحاء فاخبرهم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم وكانوا يرومون الرجوع إلى المدينة ففت ذلك في أعضادهم وعادوا إلى مكة‏.‏ بعث الرجيع ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفر متم الثلاثة من الهجرة نفر من عَضَل والقارَةِ بني الهُونِ بن خُزَيْمَةَ إخوة بني أسَد‏.‏ فذكروا أن فيهم إسلاماً ورغبوا أن يبعث فيهم من يُفَقهُهُمْ في الدين‏.‏ فبعث معهم ستة رجال من أصحابه‏:‏ مَرْثِد بن أبي مَرْثِد الغَنَمِي وخالد بن البكير اللَيْثي وعاصِم بن ثابت بن أبيٍ الأفْلَح من بني عمرو بن عوف وحبيب بن عدِيّ من بني جَحْجَبا بن كَلْفَة وزَيْد بن الدُثنة بن بَياضَة بن عامر وعبد الله بن طارق حليف بني ظَفَر‏.‏ وأمرَ عليهم مرثداً منهم‏.‏ ونهضوا مع القوم حتىِ إذا كانوا بالرجيع وهو ماء لِهُذَيْل قريباً منِ عَسْفان غدروا بهم واستصرخوا هُذَيْلأ فغَشَوهم في رحالهم ففزعوا إلى القتال فأمنوهم وقالوا‏:‏ إنا نريد نصيب بكم فداء من أهل مكة‏.‏ فامتنع مرثد وخالد وعاصم من أمنهم وقاتلوا حتى قتلوا ورموا رأْس عاصم بسيوفهم ليبيعوه من سلافة بنت سعل بن شهيد وكانت نذرت أن تشرب فيه الخمر لما قتل ابنيها من بني عبد الدار يوم أُحُد فأرسل الله الدَبْر فَحَمتْ عاصماً منهم فتركوه إلى الليل فجاء إليه السيل فاحتمله‏.‏ وأما الآخرون فأسروهم وخرجوا بهم إلى مكة ولما كانوا بمر الظهران انتزع ابن طارق يده من القرآن وأخذ سيفه فرموه بالحجارة فمات وجاءوا بِخُبَيْبِ وزيد إلى مكة فباعوهما إلى قريش فقتلوهما صبراً‏.‏ غزوة بئر معونة وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفر هذا ملاعب الأسِنَة أبو براء عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم ولم يبعد وقال‏:‏ يا محمد‏!‏ لو بعثت رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد يدعوهم إلى أمرك ورجوتَ أن يستجييوا لك‏!‏ فقال‏:‏ أني أخاف عليهم‏.‏ فقال أبو براء‏:‏ أنا لهم جار‏!‏ فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو من بني ساعدَةَ في أربعين من المسلمين وقيل في سبعين‏.‏ منهم الحرث بن الصِمَّةِ وحرام بن مَلْحان خال أنس وعامر بن فُهَيْرِه ونافع بن بُدَيْل بن ورقاء فنزلوا بئر معونة بين أرض بني عامر وحرّة بني سُلَيْم وبعثوا حرام بن ملحان بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطُّفَيْل فقتله ولم ينظر في كتابه‏.‏ واستعدى عليهم بني عامر فأبوا لجوار أبي براء إياهم فاستعدى بني سليم فنهضت منهم عَصِية ورعَل وذَكْوان وقتلوهم عن آخرهم‏.‏ وكان سرحهم إلى جانب منهم ومعهم المُنذِر بن أُحَيْحَةَ من بني الجلاح وعمرو بن أمية الضِمْرِي فنظرا إلى الطير تحوم على العسكر فأسرعا إلى أصحابهما فوجداهم في مضاجعهم‏.‏ فأما المنذر بن أحيحة فقاتل حتى قتل وأما


عدل سابقا من قبل محمد منسى في الخميس 8 مايو 2008 - 20:05 عدل 1 مرات
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 20:04

عمرو بن أمية فجزّ عامر بن الطفيل ناصيته حين علم أنه من مُضَرَ لرقبة كانت عن أمه وذلك لعشرة بقين من صفر وكانت مع الرجيع في شهر واحد‏.‏ ولما رجع عمرو بن أمية لقي في طريقه رجلين من بني كلاب أو بني سُلَيْم فنزلا معه في ظلّ كان فيه معهما عهد من النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم به عمرو فانتسبا له في بني عامر أو سُلَيْم فعدا عليهما لما ناما وقتلهما‏.‏ وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال لقد قتلت قتيلين لأدينهما‏.‏ غزوة بني النضير ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير مستعيناً بهم في ديّة هذين القتيلين فأجابوا وقعد عليه السلام مع أبي بكر وعمر وعليّ ونفر من أصحابه من جدرانهم وأراد بني النُضَيْر رجلاً منهم على الصعود إلى ظهر البيت ليلقي على النبي صلى الله عليه وسلم صخرة فانتدب لذلك عمرو بن جِحاش بن كَعْب منهم وأوحى الله بذلك إلى نبيه فقام ولم يشعر أحداً من أصحابه‏.‏ فاستبطأوه واتبعوه إلى المدينة فأخبرهم عن وحي الله بما أراد به يهود وأمر من أصحابه بالتهيؤ لحربه‏.‏ واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ونهض في شهر ربيع الأول أول السنة الرابعة من الهجرة فتحصنوا منه بالحضون فحاصرهم ست ليال وأمر بقطع النخل وإحراقها‏.‏ ودسّ إليهم عبد اللّه بن أبيّ والمنافقون إِنا معكم قتلتم أو أخرجتم ففر وهم بذلك ثم خذلوهم كرهاً وأسلموهم‏.‏ وسأل عبد الله من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكف عن دمائهم ويُجْليهِمْ بما حملت الإبل من أموالهم إِلا السلاح واحتمل إلى خيبر من أكابرهم حيي بن أخطب وابن أبي الحقيق فدانت لهم خيبر ومنهم من سار إلى الشام وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أموالهم بين المهاجرين الأولين خاصة وأعطى منها أبا دَجانَةَ وسهل بن حنيف كانا فقيرين‏.‏ وأسلم من بني النُضَيْر ِيامين بن غمَيْر بن جِحاش وسعيد بن وهب فأحرزا أموالهما بأسلامهما‏.‏ وفي هذه الغزاة‏.‏ نزلت سورة الحشر‏.‏ غزوة ذات الرقاع وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بني النُضَيُرِ إلى جمادى من السنة الرابعة ثم غزا نجداً يريد بني مُحارِبَ وبني ثَعْلَبَة من غَطَفَان‏.‏ واستعمل على المدينة أبا ذر الغِفَاريَ وقيل عُثْمانَ بن عَفٌان ونهض حتى نزل نجداً فلقي بها جمعأ من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب إِلا أنهم خاف بعضهم بعضاً حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين صلاة الخوف فسميت ذات الرقاع لأن أقدامهم نقبت وكانوا يلقون عليها الخرق‏.‏ وقال الواقدي‏:‏ لأن الجبل الذي نزلوا به كان به سواد وبياض وحمرة رِقاعاً فسمي بذلك وزعم أنها كانت في المِحْرَنِ‏.‏ غزوة بدر الصغرى - الموعد كان أبو سفيان نادى يوم أحد كما قدمناه بموعد بدر من قابل وأجابوه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فلما كان في شعبان من هذه السنة الرابعة خرج لميعاده واستعمل على المدينة عبد الله بن أبي بن سلول ونزل في بدر‏.‏ فأقام هناك ثمان ليال وخرج أبو سفيان في أهل مكَّة حتى نزل الظهْرَانَ وعَسْفانَ‏.‏ ثم بدا له في الرجوع واعتذر بأن العام عام جدب‏.‏ غزوة دومة الجندل خرج إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول من السنة الخامسة وخلَف على سباع بن عرفطة الغِفارِي‏.‏ وقد كان بلغه أن جمعاً تجمعوا بها فغزاهم ثم انصرفوا من طريقه قبل أن يبلغ دَوْمَةَ الجَنْدَل ولم يلقَ حرباً‏.‏ وفيها وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم حِصْن يرعى بأراضي المدينة لأن بلاده كانت أجدبت وكانت هذه قد أخصبت بسحابة وقعت فأذن له في رعيها‏.‏ غزوة الخندق كانت في شوال في السنة الخامسة والصحيح أنها في الرابعة‏.‏ كان ابن عمر يقول‏:‏ ردني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم أُحُدٍ وأنا ابن أربع عشرة سنة ثم أجازني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فليس بينهما إلا سنة واحدة وهو الصحيح فهي قبل دومة الجندل بلا شك‏.‏ وكان سببها أن نفراً من اليهود منهم سَلام بن أبي الحقيق وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وسلام بن مُشْكِم وحييّ بن أخطب من بني النضير وهو ابن قيس وأبو عَمَارة من بني وائل لما انجلى بنو النضير إلى خيبر خرجوا إلى مكة يحزبون الأحزاب ويحرضون على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرغبون من اشرأب إلى ذلك فأجابهم أهل مكة إلى ذلك قم مضوا إلى غطفان وخرج بهم عيَيْنَةُ بن حصن أشجع وخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تبعهم من كنانة وغيرهم‏.‏ ولما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بحفر الخندق على المدينة وعمل فيه بيده والمسلمون معه ويقال‏:‏ إِن سلمان أشار به‏.‏ ثم أقبلت الأحزاب نزلوا بظاهر المدينة بجانب أحُد‏.‏ وخرج عليه السلام في ثلاثة آلاف من المسلمين وقيل في تسعمائة فقط وهو راجل بلا شك وخلف على المدينة ابن أم مكتوم فنزل بسطح سلع والخندق بينه وبين القوم وأمر بالنساء والذراري فجعلوا في الأطآم وكان بنو قريظة موادعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم حَيي وأغراهم فنقضوا العهد ومالوا مع الأحزاب وبلغ أمرهم إلى النبي


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 20:04

صلى الله عليه وسلم‏.‏ فبعث سعد بن معاذ وسعد بن عَبادة وخَوان بن جبير وعبد الله بن رُواحَةَ يستخبرون الأمر فوجدوهم مكاشفين بالغدر والنيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم فشاتمهم سعد بن معاذ وكانوا أحلافه وانصرفوا‏.‏ وكان صلى الله عليه وسلم قد أمرهم إن وجدوا الغدر حقاً أن يخبروه تعريضاً لئلا يفتّوا في أعضاد الناس‏.‏ فلما جاءوا إليه قالوا يا رسول الله عضل والغارة يريدون غدرهم بأصحاب الرجيع فعظم الأمر وأحيط بالمسلمين من كل جهة‏.‏ وهم بالفشل بنو حارثة وبنو سلمة معتذرين بأن بيوتهم عورة خارج المدينة ثم ثبتهم الله‏.‏ ودام الحصار على المسلمين قريبأ من شهر ولم تكن حرب‏.‏ ثم رجع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى عُيَيْنَةَ بن حصين والحرث بن عوف أن يرجعا ولهما ثلثا ثمار المدينة‏.‏ وشاور في ذلك سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فأبيا وقالا‏:‏ يا رسول اللّه‏!‏ أشيء أمرك اللّه به فلا بد منه أم شيء تحبه فنصنعه لك أم شيء تصنعه لنا‏.‏ فقال‏:‏ بل أصنعه لكم‏!‏ إني رأيت أن العرب رمتكم عن قوس واحدة‏.‏ فقال سعد بن معاذ‏:‏ قد كنا معهم على الشرك والأوثان ولا يطمعون منا بثمرة إلا شراءً وبيعاً فحين أكرمنا الله بالإسلام وأعزّنا بك نعطيهم أموالنا‏!‏ واللّه لا نعطيهم إلا السيف‏.‏ فطاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وتمادى الأمر وظهر فوارس من قريش إلى الخندق فيهم عكرمة بن أبي جهل وعمرو بن عبد ودّ من بني عمرو بن لؤيّ وضرار بن الخطاب من بني محارب‏.‏ فلما رأوا الخندق قالوا‏:‏ هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها‏.‏ ثم اقتحموا من مكان ضيق حتى جالت خيلهم بين الخندق وسلع ودعوا إلى البراز‏.‏ وقتل علي بن أبي طالب عمرو بن عبد ود ورجعوا إلى قومهم من حيث دخلوا‏.‏ ورمي في بعض تلك الأيام سعد بن معاذ بسهم‏:‏ فقطع عنه الأكحل يقال رماه حُبان بن قيس بن العرقة وقيل أبو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم‏.‏ ويروى أنه لما أصيب جعل يدعو‏:‏ اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئأ فابقني لها فلا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وأخرجوه‏.‏ وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها شهادة لي ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة‏.‏ ثم اشتدت الحال وأتى نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف بن ثَعْلَبَةَ بن قُنْفُذ بن هِلال بن خلاوَةَ بن أشجع بن رَيْتِ بن غطفان فقال‏:‏ يا رسول اللّه‏!‏ إِني أسلمت ولم يعلم قومي فمرني بما تشاء‏.‏ فقال‏:‏ إنما أنت رجل واحد فَتَنْخَدِلْ عنا إِن استطعت فإن الحرب خدعة‏.‏ فخرج نعيم فأتى بني قريظة وكان صديقهم في الجاهلية فنقم لهم في قريش وغطفان وإنهم إِن لم يكن الظفر لحقوا ببلادهم وتركوكم ولا تقدرون على التحول عن بلدكم ولا طاقة لكم بمحمد وأصحابه فاستوثقوا منهم برهن أبنائهم حتى يصابروا معكم‏.‏ ثم أتى أبا سفيان وقريشاً فقال لهم‏:‏ إن اليهود قد ندموا وراسلوا محمداً في المواعدة على أن يسترهنوا أبناءكم ويدفعوهم إِليه‏.‏ ثم أتى غطفان وقال لهم مثلما قال لقريش‏.‏ فأرسل أبو سفيان وغطفان إلى بني قُرَيْظَةَ في ليلة سبت إِنا لسنا بدار مقاه فأعدوا للقتال‏.‏ فاعتذر اليهود بالسبت وقالوا‏:‏ مع ذلك لا نقاتل حتى تعطونا رهناً فصدق القوم خبر نعيم ورعوا إليهم بالإباية من الرهن والحث على الخروج فصدق أيضاً بنو قريظة خبر نعيم وأبوا من القتال‏.‏ وأرسل الله على قريش وغطفان ريحاً عظيمة أكفأت قدورهم وآنيتهم وقلعت أبنيتهم وخيامهم‏.‏ وبعث عليه السلام حُذَيْفَةَ بن اليَمان عيناً فأتاه بخبر رحيلهم وأصبح وقد ذهب الأحزاب ورجع إلى المدينة‏.‏ غزوة بني قريظة ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أتاه جبريل بالنهوض إلى بني قريظة وذلك بعد صلاة الظهر من ذلك اليوم فأمر المسلمين أن لا يصلي أحد العصر إلا في بني قريظة‏.‏ وخرج وأعطى الراية علي بن أبي طالب‏.‏ واستخلف ابن أم مكتوم وحاصرهم صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين ليلة‏.‏ وعرض عليهم سيدهم كعب بن أسد إِحدى ثلاث‏:‏ إِما الإسلام وإما تبييت النبي صلى الله


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تاريخ ابن خلدون - صفحة 9 Empty رد: تاريخ ابن خلدون

مُساهمة من طرف محمد منسى الخميس 8 مايو 2008 - 20:04

عليه وسلم ليلة السبت ليكون الناس آمنين منهم وإِما قتل الذراري والنساء ثم الإستمانة‏.‏ فأبوا كل ذلك وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم أبا لُبابَةَ بن عبد المنذر بن عمرو بن عوف بما كانوا حلفاء الأوس فأرسله واجتمع إليه الرجال والنساء والصبيان فقالوا‏:‏ يا أبا لبابة ترى لنا أن ننزل على حكم محمد قال نعم‏!‏ وأشار بيده في حلقه إنه الذبح‏.‏ ثم رجع فندم وعلم أنه أذنب فانطلق على وجهه ولم يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وربط نفسه إلى عمود في المسجد ينتظر توبة الله عليه عاهد الله أن لا يدخل أرض بني قريظة مكاناً خان فيه ربه ونبيه‏.‏ وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ لو أتاني لاستغفرن له فأما بعد ما فعل فما أنا بالذي أطلقه حتى يتوب الله عليه فنزلت توبته‏.‏ فتولى عليه السلام إطلاقه بيده بعد أن قام مرتبطاً بالجذع ست ليال لا يحل إلا للصلاة‏.‏ ثم نزل بنو قريظة على حكم النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم بعضهم ليلة نزولهم وهم نفر أربعة من هُذَيْل إخوة قريظة والنضَيْر‏.‏ وفرَّ منهم عمرو بن سعد القُرَظِي ولم يكن دخل معهم في نقض العهد فلم يعلم أين وقع‏.‏ ولما نزل بنو قريظة على حكمه صلى الله عليه وسلم طلب الأوس أن يفعل فيهم فعل بالخزرج في بني النضير‏.‏ فقال لهم‏:‏ ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم قالوا بلى‏!‏ قال فذلك إلى سعد بن معاذ وكان جريحاً منذ يوم الخندق‏.‏ وقد أنزله رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيمة في المسجد ليعوده من قريب فأتى به على حمار فلما أقبل على المجلس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم‏:‏ قوموا إلى سيدكم‏!‏ ثم قالوا‏:‏ يا سعد‏!‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاَك حكم مواليك‏.‏ فقال سعد‏:‏ عليكم بذلك عهد الله وميثاقه‏.‏ قالوا نعم‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ قال‏:‏ فإني أحكم فيهم أن يقتل الرجال وتسبى الذراري والنساء وتقسم الأموال‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة‏.‏ ثم أنه أمر بهم فأخرجوا إلى سوق المدينة وخندق لهم بها خنادق وضربت أعناقهم فيها وهم بين الستمائة والسبعمائة رجل‏.‏ وقتلت فيهم امرأة واحدة بنانة امرأة الحَكَم القُرَظِيّ وكانت طرحت على خِلال بن سُويد بن الصامِت رحى من فوق الحائط فقتله‏.‏ وأمر عليه السلام بقتل من أثبت منهم‏.‏ ووهب لثابت بن قيس بن الشماس ولد الزبير بن ياطا فاستحيا منهم عبد الرحمن بن الزبير كانت له صحبة‏.‏ وبعد أن كان ثابت استوهب من النبي صلى الله عليه وسلم الزبير وأهله وماله فوهبه ذلك فمر الزبير عليه يده وأبى إِلاَّ القتل مع قومه اغتباطاً بهم قبحه الله‏.‏ ووهب عليه السلام لأمّ المنذر بنت قيس من بني النجار رِفَاعَةَ بن سَمَوأل القُرَظِيّ فأسلم رفاعة وله صحبة‏.‏ وقسم صلى الله عليه وسلم أموال بني قريظة فأسهم للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهماً‏.‏ وكانت خيل المسلمين يومئذ ستة وثلاثين فارساً‏.‏ ووقع في سهم النبي صلى الله عليه وسلم من سُبِيِّهِم ريحانة بنت عمرو بن خِناقَةَ من بني عمرو بن قُرَيْظَةَ فلم تزل في ملكه حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان فتح بني قريظة آخر ذي القعدة من السنة الرابعة‏.‏ ولما تم أمرهم أجيبت دعوة سعد بن معاذ فانفجر عرقه ومات فكان مِمَّن استشهد يوم الخندق في سبعة آخرين من الأنصار وأصيبت من المشركين يوم الخندق أربعة من قريش فيهم عمرو بن عبد ود وابنه حَسْل ونوفل بن عبد اللهّ بن مًرَيْرَة‏.‏ ولم تغز كفار قريش المسلمين منذ يوم الخندق‏.‏ ثم خرج رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم في جمادى الأولى من السنة الخامسة لستة أشهر من فتح بني قريظة فقصد بني لَحْيَان يطالب بثأر عاصم بن ثابت وخُبَيْب بن عَديّ وأهل الرجيع وذلك إِثر رجوعه من دومة الجندل فسلك على طريق الشام أولأ ثم أخذ ذات اليسار إلى صخيرات اليمام ثم رجع إلى طريق مكة وأجد السير حتى نزل منازل لبْنى بين أمج وعسفان فوجدهم قد حفروا وامتنعوا بالجبال‏.‏ وفاتتهم الغِرة فيهم فخرج في مائتي راكب إلى المدينة‏.‏


((  إن لم يكن شعري كعهدي به


فحسنك الشعر الذي أهوي   ))


م . منسي
محمد منسى
محمد منسى

عضومميز
عضومميز


المشاركات المشاركات : 3296

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 9 من اصل 20 الصفحة السابقة  1 ... 6 ... 8, 9, 10 ... 14 ... 20  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى